< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/10/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض، القول المختار في مقتضی القاعدة، الأدلة علی المختار، قاعدة التعريض، كلمات الفقهاء و اللغويين من الفريقين في معنی التعريض

کنا فی صدد ذکر تعاریف اللغوییین و الأعلام فی قاعدة ‌التعریض أو المعاریض. في الآیة الکریمة التي سبق «و لتعرفنهم فی لحن القول» یقرر القرآن الکریم أن هناک دلالة‌ تسمی اللحن و هي دلالة خفية و من ثم إختص في معرفته سبحانه و ماشابه ذلك و أيضا قوله تعالی «وماجناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء» فسوغ التعريض للمعتدة للعدة البائن للزواج من دون التصريح لأن التصريح لايجوز ففسره الفقهاء بانها الدلالة الخفية.

في المبسوط للشيخ الطوسي في بحث العدة في الجزء الرابع في صفحة 217 في أقسام العدة، جعل الشيخ التعريض في قبال التصريح و عرف التصريح بأنه لايحتمل إلا النكاح و مثل للتعريض بقول الرجل أنت جميلة وأمثال هذه التعابير، بأنها تعريض بالنكاح و الزواج، فيقول هناك الشيخ الطوسي: التعريض بالمعتدة البائن جائز و التصريح حرام، أما المعتدة بالعدة الرجعية فيحرم حتی التعريض، حتی التعريض البعيد جدا، حرام، لأنها زوجة. لكن في عدة الوفاة أو عدة البائن أو العدد البائنة الأخرى التعريض جائز دون التصريح.

النبي صلی الله علیه و آله عرض بنكاح أم سلمة في عدتها الوفاة و هذه الرواية معروفة حيث قال: إذا حللت فإذاً ... يعني علی يميني، هذا تعريض و ليس تصريحا. أو في تعبير آخر «لاتفوتينا بنفسك» هذا أيضا تعريض.

في التذكرة للعلامة الحلي أيضا الطبعة القديمة المجلد الثاني الحجرية الصفحة 500، عرف التصريح «بأنه الخطاب بما لايحتمل إلا النكاح» التعريض في كلمات الفقهاء يعني الدلالة التي تجوز و لاتجوز و لو لم تكن دلالة في ضمن الخطاب و الحوار كيف يرتب الشارع عليه الأثر في القرآن و الروايات بإتفاق الفقهاء، فإذاً التعريض من الدلالة مع أنها خفية أخفی من الكناية و هي من ضمن نظام الدلالة فإذاً من ينكر أن التعريض من الدلالة لايعيش نظام اللغة ونظام الحوار المقصود هذا المطلب. عرف العلامة الحلي التعريض بأنها الإتيان بلفظ يحتمل النكاح و غيره، مثل أنت جميلة و رب راغب في نكاحك. و الإبهام في الأول في النكاح و الإبهام في الثاني في الخاطب.

في جامع المقاصد للكركي المجلد الثاني الصفحة 47 أيضا في بحث العدد يفرق بين التعريض والكناية لاالتصريح فقط. قال: أن الكناية ذكر الشيء يعني المراد الجدي بغير لفظ موضوع له، تذكر لكن بلفظ غير موضوع له، ككثرة الرماد كناية عن الكرم فإذاً الكناية فيها ذكر الشيء بلفظ غير موضوع له فصار كناية و لم يكن مجازا لأنه لايستعمله علی صعيد التفهيم. المجاز نفس الإستعمال في غير موضوع له أما الكناية تستعمل في موضوع له لكن علی صعيد التفهيم، تريد أن تفهمه شيئاً آخر، كنی يعني أخفی، أخفی المدلول التفهيمي تحت المدلول الإستعمالي المغاير له. المهم أن الكناية ذكر للشيء بلفظ آخر، بينما التعريض ذكر شيء يدلل به علی شيء لم يذكره،كقول المحتاج لصاحب المال: «جئت لأسلّم عليك» فيها تعريض بحسب قرائن الحال فإنه يلوّح منه المراد، فلم يستخدم لفظا في لفظ لاعلي صعيد المفاد التفهيمي و لاعلی صعيدد المفاد الاستعمالي و لاالمفاد التصوري و لاالجدي القريب. فلاحظ أن التعريض فيه إستار من الخفاء موجود و يشير إليه لكن من بعيد، لذلك أخفی خفاءا من الكناية مع أن الكناية يقسمونها الكناية الخفية و الجلية مع ذلك التعريض أخفی من الكناية الخفية ويلوّح بالشيء. هذا كلام جامع المقاصد و تدقيق لطيف جعل التعريض من عالم الدلالة. عالم التعريض ليس التلاعب بل فيه مناسبات قرائنية حالية بعيدة و لاترتبط بنفس الكلام بل فيه إشعارات تلوح من بعيد للمدلول التعريضي. إذاً التعريض باب يختلف عن الكناية وأخفی من الكناية من نظام الدلالة و الحوار.

لماذا يقول الفقهاء أن التعريض بذات العدة الرجعية حرام؟ كيف يصير حراما في صورة و جائزا في صورة؟ هذا حكم موجود في القرآن الكريم في باب التعامل، عبر عنه الفقهاء و الروايات بالخطاب. هذا خطاب أخفی من الكناية و خارج عن باب الكناية و سموه خطابا و حرام و من الكبائر التعريض بأخفی الدرجات لزوجة شخص آخر و تلوح لها العياذ بالله و لو من بعيد جدا حرام و من الكبائر. لماذا؟ إذا ليس من الكلام و من الخطاب لماذا حرام؟ إذاً من ضمن الكلام.. لها نظام و لها قوانين و مقررات. باب الإشارة و التلويح و أقسام من الخطابات الخفية الجارية من الكنايات. غاية الامر قليل من الكتب البلاغية توسعت فيها و قليل من الكتب الأصولية توسعت فيها لكن هي موجودة. إلی الآن لم تكتشف كل علوم اللغة و قواعدها ونواميسها. ليس هذا الموجود كل شيء و إذا كان كل شيء لم يوجد بعد سيبويه كسائي أو بعد كسائي فراء أو بعد فراء أخفش و هلم جرا. اللغة تكتشف شيئا بعد شيء. سياتي حتی في باب الحدود التعريض بالقذف التعذير فيه ليس فيه حد القذف لكن فيه التعذير إذاً واضح فيه أنه درجة من الخطاب لكن درجة خفية فالتعريض نوع من الدلالة. سواء بأي لغة من لغات البشر.

إذا واحد يقول أنا حصرت نفسي في الكنايات أو المجاز أو الإستعمال الحقيقي فأنت خرجت نفسك عن الخطاب الموجود في نظام اللغة نظام اللغة فيه الدرجات و الطبقات.

في زبدة البيان للأردبيلي في ذيل الآية « ما عرضتم به...» قال: إن التعريض هو التلويح و الإبهام عن المقصود بما لم يوضع له حقيقة و لامجازا في قبال الكناية. يعني الخفاء فيه جدا في قبال الكناية فإنها من دون الوضع سواء أن يكون هناك تلازم بين الحقيقة و المجاز. فالكناية تكون دلالة أخفی من المجاز لكنها دلالة قريبة أما الايهام والتلويح و الإشارة دوما هي دلالة يتعمد المتكلم أن يخفيها و فقط يلتفت إليها ذوي الحس الفطن، لذلك القرآن الكريم و الروايات فيها تخاطب لكن مع ذوي الفطنة اكثر مع غير ذوي الفطنة و هلم جرا.

في جامع المدارك للسيد أحمد الخوانساري رحمه الله في مبحث العدد المجلد الرابع الصفحة 280 قال: التعريض لعلّه الإيماء بالمقصود بما لم يوضع له حقيقة و لامجازا، يعني غير الكناية لأن ضابطة الكناية أنها تحتمل المجاز. طبعا فيه فرق بين الكناية والمجاز لأن المجاز استعمال في غير موضوع له لكن الكناية لايستعمل في غير موضوع له، يمكن أن يستعمل في موضوع له بحسب المفاد التصوري لكن المفاد التفهيمي يختلف أو يمكن. طبيعة الكناية طريق استعمالية مذبذبة -كما أصر علی ذلك علماء البلاغة- بين الإستعمال المجازي و الحقيقي فيه نوع من الدلالة علی المعنی المكنی به أخفي من المجاز.

النووي في المجموع و هو من الشافعية من الكتب المهمة عند الشافعية ،كتاب فقهي في قبال المغني من الكتب المهمة عند الحنابلة و المبسوط من الكتب المهمة عند الحنفية، في المجموع للنووي مثّل للتعريض بإبهام الطرف إشارة بالأصبع و الكشاف للزمخشري عرف التعريض بأن يذكر المتكلم شيئا يدل علی شيء لم يذكره من دون تلازم بخلاف الكناية التي فيه تلازم و إلا لو كان تلازما في البين يقول الزمخشري كان مذكورا في الكلام، لذلك الطرف الآخر لايقدر أن يلزم المتكلم بما لوح به لأنها ليس فيها تلازم ففيها مخرج.

السرخسي من الحنفية في المبسوط يعني فقه المذاهب الأربعة في هذه الآية الكريمة الجزء الثلاثين الصفحة 211 قال: إن التعريض يغني عن الكذب يعني فيه مجال للعروب عن الكذب بتوسط التعريض. يعني مثلا ظالم يقول إنك لم تكن في كذا فتقول: نعم لم أكن. لكن ليس هذا مراده الجدي بل المراد الجدي لايصبه علی المراد التصوري و لا المراد الاستعمالي و المراد التفهيمي و لاالمراد الجدي الأول و إنما يصب المراد الجدي علی المعنی المعرض به الذي لاتلازم له مع المدلول التفهيمي و لاالمدلول الجدي الأول. لم أكن يعني لم أكن كما تقول أنت أو كما تريد. فلاحظ التعريض أخفی من التورية. يغني عن الكذب.

يفترض بأن المدلول الجدي ليس علی طبق الدلالات المعهودة و حيث أن المدلول الجدي ليس علی طبق الدلالات المعهودة هذا ليس بكذب موضوعا بل هو من باب التعريض. هذا بحث بنيوي و لغوي، كيف تفرق بين باب الكذب وباب المعاريض؟ تلوح لكن هذا المخاطب لايفتهم الإشارة و هو يأخذ الوصول إلی المراد الجدي للمتكلم الطريق المعهود من التصريح والكناية والمجاز فيخطئ عن مراد المتكلم فبالتالي يخفی المتكلم مراده. سامع قد يتوهم أن المتكلم كذب لكن المتكلم لم يكذب لأن مراده الجدي شيء آخر لأن المراد الجدي ركبه علی المعنی المخفي و هناك تناسب في البين لكن لايلتفت اليه السامع و المخاطب.

في الروايات عن أهل البيت أن اسرار القرآن موجودة حتی في نص الخطاب لكن لايلتفت اليه إلا كل بحسب درجته. تعبير هناك آخر متكرر في الروايات. و لانخوض فيه

المهم فيقول السرخسي في المبسوط أن المعاريض تغني عن الكذب، إذا استعمل استعمالا تعريضيا يخرج من الكذب هو نوع من الاستعمال و الدلالة للكلام والتخاطب. و يذكر هو كيفيات كثيرة في كتابه.

الراوندي في فقه القرآن في ذيل هذه الآية: ذكر الشيء ليدل علی شيء لم يذكره. فيه الدلالة لكن دلالة خفية بدون التلازم.

الطريحي في مجمع البحرين عرف التعريض بالإيماء و هذا طبعا من باب المثال و إلا كل دلالة خفية يسمی التعريض سواء إيماء و إشارة و الإقتضاء والتلويح و هذه العناوين بينها الفوارق حتی المظفر في أصول الفقه تعرض بالفوارق بين الثلاث. في كنز الدقائق أنه إيهام المقصود. يعني تجعلها مخبوتة و لاتجعلها واضحة هي نوع و درجة من الدلالة.

إذاً قضية الجمع التبرعي أنه جدا خفي هذا ليس طبعا في الجمع الخفي ما دامت هناك مناسبةما مع الدلالة لايخرج عن نظام التحاور. إذاً الدلالات التي لها مناسبات و إضائة خفية لاتقدر تنكر أنها من مدلولات الكلام. أما الان تعين أي منهم بحث آخر. لكن لاتقول انها ليس من الدلالة. كل الاضائات حسب كلام الفقهاء و اللغويين من الفريقين من ضمن الدلالات، نعم لايصار اليه بعد كذا وكذا لكن موجودة وضمن الدلالات لاتقول هذا من تلاعب الكلام و هلوسة بل مادام مناسبة ما موجود هي من ضمن المحتملات الموجودة شبيه العلم الإجمالي الذي أطرافه محصورة.

هذه نكتة مهمة و نواصل بقية التعريف من كلمات الفريقين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo