< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/10/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:باب التعارض، الاقوال في مقتضی القاعدة، القول الثالث و الرابع

ذكری هدم قبور أئمة البقيع صلوات الله عليهم

اليوم ذكری هدم قبور البقيع و هي ثلمة عظيمة في الدين لايضاهيها شيء و هذه القبور المقدسة كما يقول الشيخ جعفر الكاشف الغطاء هي مشاعر شعره الله للعبادة و الزيارة و مشعر ديني أعظم من الكعبة و هدم هذه القبور يعظم حتی هدم الكعبة العياذ بالله و هذا اليوم يوم عظيم جدا ولازال هذا الألم قائم علی حاله حتی يغير الله أيدي المؤمنين لعمارة ذاك الأرض المقدس العظيم.

عند فقهاء الامامية إن الجهاد في الدفاع عن عمارة أو بناء قبور مراقد الأئمة أهل البيت عليهم السلام أعظم من الجهاد في الدفاع عن نواميس الأعراض و نواميس الدماء والأموال و ما شابه ذلك و هذه ثلمة مازالت قائمة و عسی الله أن يقوي المؤمنين لعمارة هذا المشهد العظيم و تعطيله نوع من استمرار ظاهرة فعل الجاهلين وأعداء الدين. المهم ذكری أليمة جدا و لابد أن تحيی بمظاهر كثيرة حتی يتم الله تعالي هؤلاء الملاعين ليرفعوا يدهم عن مثل هذا الجناية العظيمة علی الدين.

القول الثالث و الرابع في مقتضی القاعدة في التعارض

وصلنا الأمس إلی هذه النقطة وهي الأقوال في مقتضی القاعدة في التعارض و وصلنا إلی القول الثالث و هو التخيير. هناك من ذهب إلی القول بالتخيير و مر أن هناك سنخا من التخيير الاصولي و سنخا من التخيير الفقهي، فالتخيير الأصولي يعني البناء علی الحجية الفعلية لأحد الخبرين والتخيير الفقهي في مفاد الخبرين. في قبال القائل التخيير القائل بالترجيح وهذان التخيير و الترجيح يمكن تفسيرهما بعدة تفاسير.

تفاسير ثلاثة للتخيير و الترجيح

تفسير الترجيح و التخيير إذا كان تخييرا أصوليا بمعنی أن يكون الطرف الذي لايتم إختياره -الخبر أو الامارة- أو ترجيحها، تلك الأمارة إما ساقطة عن الحجية يعني نفس القول الأول بالتساقط، غاية الامر في هذا القول الثالث و و الرابع خصوص الخبر الذي لم يتم اختياره او ترجيحه ساقط. هذا أحد تفسيرات الترجيح و التخيير بأن غير الراجح أو غير المختار يسقط.

التفسير الثاني: نفس تفسير القول الثاني و هو التوقف بأن يقال الخبر المرجوح أو الخبر الذي لم يتم إختياره ليس ساقطا عن الحجية بل هو مجمد، فهو باق علی المراتب من الحجية الشأنية والإنشائية والفعلية لكنه ليس منجزا. هذا تفسير آخر للتخيير والترجيح. وبعبارة أخری -هذه نكتة مهمة جدا- الترجيح والتخيير يمكن تفسيرهما علی أسس القول الأول و هو قول الناييني ويمكن تفسيرهما علی القول الثاني وهو أن التعارض لايوجب التساقط بل إنما يجمد فالتخيير هنا في القول الثاني ( و هو التجميد يعني التمانع في مرتبة المنجزية) تخيير في المنجزية يعني يجعل أحدهما منجزا و الآخر غير منجز والترجيح في مقام التنجيز جعل الراجح منجزا و المرجوح غير منجز.

هذه نكتة صناعية مهمة نفيسة أن نلتفت إلی أن التخيير و الترجيح يفسران بتفسيرين متباينين. علی وفق أسس القول الأول أو القول الثاني لذلك مر بنا أمس أن القول الأول والثاني في الحقيقة مفترق الطريق إلی بقية الأقوال يعني بقية الأقوال تعطف علی القول الثاني الذي اختاره المشهور يعني هذه الأقوال الثالث و الرابع و الخامس في ضمن القول بالتوقف. فإذاً التخيير علی القول بالتوقف حقيقته تختلف عن القول بالتساقط و الترجيح علی القول بالتوقف حقيقته تختلف عن الترجيح علی القول بالتساقط وهذا الإختلاف ليس فقط في التخيير والترجيح علی مقتضئ القاعدة بل حتی في الترجيح و التخيير بمقتضی الأدلة العلاجية. فيمكن أن يفسر الترجيح و التخيير بضميمة الأدلة العلاجة بتفسيرين، التفسير بأن الذي لم يتم اختياره ساقط أو مجمد علی القول الثاني و كذلك الترجيح بمقتضی الأدلة العلاجية يمكن تفسيره بالتفسير الأول أن المرجوح ساقط و عادم شرائط حجيته ويمكن تفسيره بتفسير أن المرجوح غير ساقط بل مجمد فهذه. نكتةجوهرية مهمة أن التخيير له حقيقتان علی مبنيين والترجيح له حقيقتان.

كيف الأصوليون قالوا إن التخيير الفقهي يختلف حقيقتا و سنخا عن التخيير الأصولي و سنبينه. هذا ليس ما نحن فيه لكن شبيه له هكذا هنا التخيير علی وفق القول الأول يعني إسقاط الآخر الذي لم يتم اختياره أما التخيير علی القول الثاني يعني التوقف يعني تجميد ما لم يتم إختياره و هو فعليته موجودة وانشائيته موجودة لكن بنحو مجمد.

فماذا يصنع التخيير؟ يكمل المنجزية فقط علی القول الثاني أو ماذا يصنع الترجيح يكمل المنجزية علی القول الثاني، بخلاف القول الأول. هذه نكتة مهمة وجوهرية لازم أن نلتفت اليه.

هناك تفسير ثالث للتخيير و الترجيح: و لو هذا التفسير الثالث أقرب للثاني لكنه يباينه و أبعد من الأول.

التفسير الثالث للتخيير والترجيح أن يفسر الترجيح بمعنی الجمع بين الراجح و المرجوح بعطف المرجوح علی الراجح و تأويل المرجوح علی مفاد الراجح و التخيير أيضا هكذا يعني تأويل الغير المختار علی المختار بأن تأول الذي لاتختاره علی الذي تختاره.

خلاصة التفسير الثالث أنه جمع تأويلي بتأويل الثاني علی الأول و التصرف في الثاني علی الأول في دلالة الثاني. طبعا هذا غير التفسير الثاني لأن في التفسير الثاني أن المرجوح أو غير المختار يجمد و لايأول أما علی التفسير الثالث يفعل بكلاالأمارتين و كلاالظهورين غاية الأمر تأول و تعطف هذا المرجوح علی الراجح و تجعل الراجح قرينة علی مفاده. فإذاً هناك ثلاث تفاسير صناعية للتخيير والترجيح. و لايبعد أن يدعی أن القدما مشهور الطائفة لهم التفسير الثالث للتخيير و الترجيح و هو متقارب للتفسير الثاني و مباين جدا مع التفسير الأول و التفسير الأول للتخيير و الترجيح هو مبني علی مبنی الناييني و تلاميذه والسيد الخويي و تلاميذه لأن الأصل عندهم التساقط و التخيير و الترجيح ينقض أحد الساقطين يجعلها غير الساقط. فبالتالي إذاً نكتة مهمة ثلاث تفاسير للترجيح و التخيير سواء جعل التخيير والترجيح علی مقتضی القاعدة أو جعلا بمقتضي الأدلة العلاجية.

التخيير و الترجيح الاصوليان و الفقهيان و أنماط الترجيح و التخيير الأصوليين.

ماذا عن التخيير الفقهي و التخيير الأصولي؟ لو أردنا أن نقرب بينهما و بين هذه التفاسير الثلاثة أين يقع التخيير الأصولي و التخيير الفقهي؟ يعني هذه التفاسير الثلاثة يمكن أن يقال هي التفاسير الثلاثة للتخيير الأصولي إذاً ماذا عن التخيير الفقهي؟ قبل أن نشرح هذا المطلب نضيف أن الترجيح يمكن أن يقال فيه الترجيح الأصولي و الترجيح الفقهي. التخيير الأصولي يعني في أصل الحجية و التخيير الفقهي يعني في العمل بالحكم علی طبق هذا أو هذا.مثل خصال الكفارة والترجيح الفقهي مثل التزاحم بين الراجح و المرجوح. فيمكن تصويره.

سؤال آخر: لكي يعرف المنظومة من الأقوال و المنظومة من الإصطلاحات الصناعية و مهم في الاستنباط أن يكون الباحث يغظ و النوم الفكري خطأ.

التخيير الاصولي أو الترجيح الأصولي علی وتيرة واحدة أو لا علی الأنماط؟ علی أنماط. لأنه بين الحجتين. التخيير الأصولي علی أنماط. لابد أن نلتفت اليه. و الترجيح الأصولي أيضا علی أنماط. أن الترجيح الأصولي أو التخيير علی ثلاثة أنماط: النمط الاولي الترجيح الصدوري في الصدور و النمط الثاني في الترجيح و التخيير في الدلالة و النمط الثالث في التخيير و الترجيح الأصوليين في جهة الصدور. لأن الحجية متقومة بالصدور والدلالة و جهة الصدور، إذاً التخيير و الترجيح الأصولي علی أنماط، الطريق أو جهة الصدور أو الدلالة كما أن التخيير و الترجيح الفقهي كذلك.

مضافا إلی ذلك، التخيير الأصولي أو الترجيح الأصولي في الدلالة تقريبا معنی هو نوع جمع دلالي و ليس تخييرا أو ترجيحا للمعنی الثاني بل بالمعنی الثالث. مرت بنا ثلاثة معاني للتخيير و الترجيح بمعنی إسقاط احدهما أو بمعنی تجميد أحدهما و التفعيل بالآخر أو بمعنی الجمع. التخيير و الترجيح الأصولي في الدلالة بالدقة هو نوع من الجمع و التفعيل لكليهما و أنك تعطف المرجوح و غير المختار علی الراجح و المختار. هذه التفسيرات جدا نخاع و عمود فقري لمباحث التعارض. لازم ان تعرف لب الاقوال.

اليوم في الختام أجدد تذكير نفسي و الأخوة لهذه الحادثة العظيمة لتخريب قبور البقيع التي هي مشعر إلهي عظيم و لو أردت أن أنقل كلمات علماء الإمامية بل حتی علماء العامة عدا هؤلاء الوهابية الملاعين أن هذه المراقد العظيمة هي مشاعر أعظم من الكعبة في كلمات الجمهور لكن المجال لايسع. حري أن يحقق واحد في كلمات علماء الامامية و العامة في عظمة هذه المراقد لكي تكون رؤية فقهية.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo