< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/08/02

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: باب التعارض والتعادل والتراجيح، التمهيدات، ضوابط تعريف التعارض

كنا في هذه النقطة و هي تعريف أو تعاريف التعارض بما يتضمن ضوابط التعارض، طبعا المقصود من التعارض هو التنافي المستقر و ليس المقصود منه التعارض البدوي الذي فيه توفيق عرفي. فمر بنا أنه تارة يقسم التعارض بلحاظ باب الدلالة؛ هل هو بحسب الجمع العرفي أو بحسب فهم الشخص المستنبط أو بحسب روّاد عالم الدلالة و النقاد الأدبيين و ما شابه ذلك أو بحسب واقع نظام علوم اللغة؟ فهذه أربعة احتمالات و التمييز بينها يحتاج إلی بصيرة صناعية. لأن هذا المبحث بعينه يثار في بنيان الظهور و حجية الظهور، أي ظهور؟ الظهور العرفي أو الظهور الشخصي عند الاستنباط أو الظهور بحسب الرواد و نقاد الأدب أو الظهور بحسب واقع قواعد علوم اللغة؟

هذا بحسب الدلالة و القانون الأصولي و أيضا فيه تقسيم بحسب الثبوب يعني بحسب الحكم الفقهي و القانون الفقهي. هذا التقسيم الذي مر بنا كان بحسب الحكم الأصولي.

قبل أن نخوض في الأقسام، أمس تعرضنا إلی النقطتين المستقلتين التمهديّتين و دعونا نذكر أمثالا لهذه الأقسام الأربعة، لأن هذه الأقسام الأربعة شغل شاغل للمجتهد و التمييز بينها صعب. هناك مبحث يذكر في الإجزاء في مباحث الألفاظ لتوضيح هذه التقسيم الرباعي. في مبحث الإجزاء أيضا هناك أربعة اقسام، إجزاء إمتثال الأمر الواقعي، يسقط الأمر و لايبقی مجال لإعادة الإمتثال. هذا هو القسم الأول، هل إمتثال الأمر الواقعي يسد إمتثال الامر الواقعي أم لا؟ يسقط الامر فيسد باب الامتثال ام لا؟ و محل الإبتلاء في الفقه.

القسم الثاني الذي بحثوا عنه هو إجزاء الامر الإضطراري الواقعي الناقص عن الأمر الواقعي الكامل. (خيرة الكتب في مباحث الألفاظ كتاب أجود التقريرات بقلم السيد الخويي تقرير مباحث الميرزا الناييني و قبل سبعين أو ثمانين سنة كانت البرصة في النجف الأشرف، حسب كلام أساتذتنا النجفيين والعمالقة و يقولون: برصة البحث في مباحث الالفاظ كتاب أجود التقريرات بقلم السيد الخويي تقريرات الناييني و حاشية السيد الخويي عليه أيضا عظيمة يعني أنه يختصر نصف الطريق للإجتهاد و قسم الحجج البرصة كانت في النجف الاشرف بقلم الشيخ محمد علي الكاظمي الخراساني و كان من أوائل تلاميذ الميرزا الناييني بحسب الزمان في كتاب فوائد الأصول و الآغاضياءالدين العراقي علق في الحجج علی فوائد الأصول و هذان البحثان جدا يثقلان الملكة العلمية و يرسلانها إلی مراهقة ملكة الاجتهاد. معروف عند النجفيين سابقا هكذا كانوا يوصون و مع مباحثة كتاب البيع تتم دورة ممتازة مبحث الإجزاء هناك في كتاب أجود التقريرات، الناييني في مبحث الاجزاء بحثه)

القسم الثاني في الاجزاء، يبحثونه في ما إذا إمتثل المكلف بإضطرار ناقص هل يجزي عن الإمتثال عن الامر الواقعي الكامل و التام الاولي أو لا؟ و القسم الثالث من الإجزاء هو امتثال الحكم الظاهري عن الأمر الواقعي هل يجزي أم لا؟ يعني إذا لم يطابق الواقع، هل يجزي عن الواقع؟ أما إذا طابق هو ليس ظاهريا بل أصاب الواقع و كان من القسم الأول. هذا البحث في القسم الثالث. القسم الأول محل الابتلاء كثيرا و القسم الثاني محل الابتلاء أكثر و الثالث أكثر و أكثر. يبحثون في الأبواب العديدة و مهم جدا.

القسم الرابع: هل يجري امتثال الحكم التخيلي عن الواقع؟ الحكم التخيلي مثل ما إذا إجتهد المجتهد و وصل إلی النتيجة و بعد فترة تبدل رأيه و فتواه، فالفتوی السابقة كان تخيليا، هل يجري عن الواقع أم لا؟ أو المقلد قلد مرجعا حسبانا منها أن مرجعه كان أعلما و بعده ثبت أن مرجعه ليس كذلك أو نفس المجتهد إذا تغير فتواه و تبين أن فتواه السابقة تخيلية هل يجزي لمقلديه عن الواقع أم لا؟ هذه أربعة اقسام.

هنا الفقهاء و الأصوليون في باب الإجتهاد و التقليد و باب الاجزاء واجهوا غموضا و هو أنه كيف يميز بين القسم الثالث و القسم الرابع؟ هل كل تبدل الفتوی هو حكم تخيلي أو كيف نميز الحكم التخيلي عن الحكم الواقعي لأن الحكم الظاهري -مشهور الفقهاء و هو الصحيح إلا ما خصص- أن الحكم الظاهري مجزئ عن الواقع حتی لو كشف عن الخلاف، خلافا للناييني و السيد الخويي و الرايج الآن و كان الرائج إلی زمن الشيخ الأنصاري و هو الصحيح حتی إلی زمن صاحب الكفاية إجمالا، أن مشهور الإمامية قائلون بالاجزاء إلا ما خص بالدليل عكس تبدل الإجتهاد و التقليد.

ذكروه في باب الإجزاء و باب الإجتهاد و التقليد -بعد باب التعارض ندخل في باب الإجتهاد و التقليد الأصولي و نتعرض اليه إجمالا- و وقعوا في حيث و بيس، كيف نميز الحكم الظاهري عن الحكم التخيلي؟ تبدل الإجتهاد من المجتهد هو من الحكم التخيلي السابق أو حكم ظاهري إلی حكم ظاهري آخر؟ البعض قالوا: كل تبدل يعني الحكم التخيلي و هذا إشتباه بعض الأعلام و جماعة من الفقهاء و الأصوليين، بل يمكن تبدل الحكم الظاهري إلی الحكم الظاهري الآخر. كيف؟ سنذكره إجمالا. هذا ليس فقط للمجتهد و من دليل إلی دليل بل حتی لمقلد قلد واحدا علی أساس بينة و خبرة و بعده تبين أن الخبرة خبرويته أضعف من شخص آخر خبرويته أقوی دال علی أعلمية شخص آخر أو ظن أن هذا الأعلم هو الأعلم المطلق و طلع أنه أعلم في بعض الأبواب و في بعض الأبواب الأخرى ذلك أعلم الثاني و شرائط التقليد ما كانت تامة. كل تبدل التقليد بسبب الحكم التخيلي؟ ليس بضروري بل يمكن تخيل واجدية الشرائط للسابق ثم يلتفت إلی أنه ليس واجدا للشرائط بعده يقلد واحدا آخر واجدا للشرائط و قد يمكن أن يكون تقليده كان صحيحا و طبق الموازين و يتبدل إلی التقليد الآخر.

المقصود أنه هناك جدل علمي بين الأعلام في تمييز القسم الثالث عن القسم الرابع، متی يكون تخيليا و متی يكون ظاهريا؟ المهم، ما هو التمييز بين الحكم الظاهري و التخيلي؟ لانه هو الحكم الظاهري و لو لم يصب الواقع و لو ينكشف خلافه و ليس بضروري أن يكون كل ظاهري انكشف خلافه تخيليا.

الظاهري إذا كان علی الموازين فهو ظاهري، فهو واقعي في ظاهريته و إن لم يصب الواقع و إن كشف خلافه و ما طابق الواقع. هذا ناموس و من أسرار علم الأصول . الظاهري هو الحكم الذي علی الموازين و إن اخطأ الواقع. عند العلامة الحلي عبارة في كتابه الأصولي و هذه العبارة صارت ناموسة في علم الأصول للعلماء من بعده، يعبر هكذا: ظنية الطريق لاينافي واقعية الحكم. هذا يعني هذا المطلب.

كيف هو واقعي؟ يعني الشارع جعل الأحكام الظاهرية غير الأحكام الفقهية الواقعية، فهذا واقعية الظاهري يعني التشريع صدر من الشارع فالظاهري له الواقعية و إن اخطأ الواقع. الظاهري له واقعية و إن اخطا الواقع، يعي تشريع الشارع له واقعي و إن اخطأ الواقع الآخر مثلا في بحث الصلاة أخطا الواقع، لكن تشريع حجية الظهور واقعي و ليس فيه خطأ.

نعم، قد يكون تشريع الظاهري ظاهري و يترامی الظاهريان، مثلا واحد يستنبط حجية الخبر الحسن و بعد مدة مديدة تبين أن حجية الخبر الحسن ليس بصحيحة و فقط الخبر الموثق و الصحيح حجة، هذا يسمونه ترامي الحكم الظاهري، يعني الدليل الذي قام علی الحكم الظاهري -و هو حجية الخبر الحسن- ظاهري و ليس واقعيا. يمكن وهذا يسمونه ترامي الظاهري.

تعبير السيد الخويي في رد شبهة ابن قبة بأن العمل بالأحكام الظاهري عمل بالظن، يقول السيد الخويي: الظنون و إن ترامت، ترامت طوليا و ليست تنتهي إلی الظن بل نهايةً تنتهي إلی القطع فالعمل بالظن ليس عملا بالظن بل عمل بالقطع. هذا دليل علی أن السيد الخويي هنا إلتفت إلی مجموعية و منظومية الأدلة ومر بنا هذا البحث أن الأدلة ليست مستقلة عن بعضها البعض و كلها مجموعية و منظومية.

الظاهري، واقعية الظاهري و ضابطة واقعية الظاهري هي أن يكون طبق الموازين و إن أخطأ الواقع هذا بحث عجيب و غريب. هذه النكتة من العلامة الحلي عجيبة و جدا فيها فوائد مهمة في باب الإجتهاد و التقليد و غيره حتی في يوميات استنباط المجتهد.

إذاً، الظاهري ماهي ضابطة واقعيته ؟ يكون علی الموازين، لماذا نقول واقعية الظاهري؟ في مقابل الظاهرية التخيلي يعني تخيل المجتهد أن يكون ظاهرا، مثلا ما فحص حق الفحص، لاسمح الله عجل في الفتوی لضيق الوقت. و ضيق الوقت لايبرر عدم الفحص، فعلی هذا، الإستنباط ليس علی الموازين. مثلا لمشاغل كثيرة. إغتنم خمسا قبل خمس. لازم علي المجتهد قبل التصدي يبني بنيانا كاملة.

هذه وصية لاميرالمؤنين صلوات الله عليه: تعلموا قبل أن تسودوا. الفحص شرط و التتبع شرط مهم لصحة ضوابط الموازين في الإستنباط.

كيف نميز الحكم الظاهري عن الحكم التخيلي؟ الحكم الظاهري علی الموازين و الحكم التخيلي ليس علی الموازين بل تخيل أن الموازين تامة و التفت إلی أن عنده تقصيار و إشتباهاً، ففيه فرق بين الحكم التخيلي و بين الحكم الظاهري. مثل وهم الفقيه و وهم المستنبط يكون تخيليا. هذا بحوث فيها غوص كثير. هذا يؤثر في أبواب القضا و الأبواب الأخرى هذا البحث غدا نبين كيف صلته بما نحن فيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo