< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/07/10

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبیهات الإستصحاب، تعارض الإستصحابین

الوجه الذي اعتمده الشیخ الأنصاري رحمه الله في سببیة المخالفة الإلتزامیة للتعارض

کان الکلام في الوجه الذي اعتمده الشیخ الأنصاري و الناییني في كون المخالفة الإلتزامية سببا لمعارضة الأصول المحرزة بالعرض طبعا في مورد إمكانية المخالفة العملية و إن لم يكن إجراء الأصول العملیة تستلزم المخالفة العملية كما في مثال إستصحابي النجاسة في طرفي العلم الإجمالي، فالشيخ الأنصاري رحمه الله إعتمد على أنه في خصوص أدلة الإستصحاب ذكر ذيلٌ و هو ( لكن أنقضه بيقين آخر) ففي موارد المخالفة الإلتزامية العلم بالنقض موجود فبالتالي هنا يصبح قصور في شمول أدلة الإستصحاب لموارد المخالفة الإلتزامية مثل موارد إستصحاب النجاسة في كلا الطرفين، فمن ثم لاتكون أدلة الإستصحاب جارية.

ربما للشيخ في أماكن أخرى تقريب آخر لإما لمطلق الأصول العملية او الأصول المحرزة الذي أخذ فیها عدم العلم و هو أنه لما یحصل العلم بالخلاف کأنما نعلم بانتفاء موضوع الأصول المحرزة او العملیة. هذا محصل الوجه الذي اعتمد علیه الشیخ الأنصاري و لکن نعاود ونذکر أن مبنی الشیخ لیس علی أن المخالفة الإلتزامیة مطلقا توجب التعارض بالعرض و إن یؤمن بالتفکیک بین المتلازمات الواقعیة بین موارد الأصول العملیة و ذکر ذلک في تنبیهات القطع لکن أنما یتبنی الشیخ علی أن المخالفة الإلتزامیة توجب التعارض في مورد تکون المخالفة‌ العملیة ‌منجزة و إن کانت تنجیز المخالفة‌ العملیة في المورد لاصلة لها بالإستصحاب أو الأصول المحرزة لأنها موافقة للتنجیز لکنها مخالفة للواقع إلتزاما، کلا الإنائین نجسان مع علمه بأن أحدهما طاهر فهذا تعبد بالأصول المحرزة المخالفة للواقع في مورد تنجیز المخالفة العملیة مع أن الأصول العملیة المحرزة هنا موافقة لتنجیز المخالفة العملیة و لیست منافیة لها مع أن ذلک منافیة للموافقة الإلتزامیة فلاتجري الأصول العملیة بهذا التقریب الذي ذکره الشیخ الأنصاري و هو أن الذیل و الغایة (لکن انقضه بیقین آخر)

أشکل علی الشیخ بعدة ملاحظات:

أولها: هذا التقریب الذي تذکره لایفترق في موارد وجود المخالفة العملیة أو عدم وجود المخالفة العملیة بل لمجرد المخالفة ‌الإلتزامیة ‌و إن لم یکن في البین مخالفة عملیة أیضا یصدق أن عندنا یقینا آخر ناقضاً (لکن أنقضه بیقین آخر) فلم فرق الشیخ و الحال أنه نفس الشیخ کالمشهور لایبني علی أن المخالفة الإلتزامیة مطلقا في مورد عدم امکانیة المخالفة العملیة، توجب التعارض و لایلتزمون بأنها توجب التعارض فهذا نقض علی الشیخ أو بعضهم نقض علی الشیخ بأن هذا لیس مخصوصا بالأصول المحرزة بل حتی في غیر الأصول المحرزة أیضا یکون قید «حتی تعلم» مثلًا في الأصول التنزیلیة روي « کل شيء لک حلال حتی تعلم أنه حرام» فلماذا خصص الشیخ بالأصول المحرزة؟ بل قد یقال هذا التقریب یجري حتی في الأصول العملیة مطلقا « ما لایعلمون» فإذا علم إنتفی الموضوع فهذا نقض آخر علی الشیخ.

إشکال آخر ذکروه مؤاخذة علی مبنی الشیخ و هو « لکن انقضه بیقین آخر» هذا الیقین الآخر الذي ینقض الیقین السابق لیس یقینا إجمالیا بل هو الیقین في المورد المطابق للیقین السابق، یعني في الطرف «الف» کنت علی یقین بنجاسته فالحکم أنه تستصحب النجاسة حتی تعلم بنقیض نجاسة إناء ألف و هذا یقین تفصیلی و لیس یقینا إجمالیا و الیقین الإجمالی لیس موضوع الإستصحاب کي یکون ناقضا. الیقینان السابقان یقین تفصیلي بــ‌ـ «ألف» و یقین تفصیلي بـــ «باء»، عندنا إناء ألف و عندنا إناء باء فکیف الیقین الإجمالي یکون ناقضا للیقین التفصیلي؟ لذلک الشک لازال باقیا وجدانا فهذا التقریب من الشیخ فیه مؤاخذة من هذه الجهة.

الوجه الذي اعتمد علیه المیرزا الناییني

لذلک المیرزا الناییني تقریبا عدل عن هذا الإستدلال (ربما کان في فترة علیه ثم عدل عنه) إلی وجه آخر و هو أن الإحراز التعبدي فی هذا الإناء بالنجاسة و في ذاک الإناء بالنجاسة، الإحراز التعبدي بتوسط خصوص الأصول المحرزة مناقض للعلم الوجدانی التکویني و لو اجمالیا یعني لایمکن أن یتعبد الشارع بالعلم التعبدي المناقض -ولو إجمالا- مع العلم الوجداني. هذا کلام المیرزا الناییني یعني عندنا علم إجمالی تکویني وجداني بأن أحدهما طاهر، فکیف یجتمع مع علم تعبدي تفصیلي بنجاسة إناء ألف و علم تفصیلي تعبدي بنجاسة إناء باء، علمین تعبدیین متناقضین مع العلم الإجمالي، مجموعهما یناقض العلم الإجمالي التکویني و لایمکن أن یتناقض العلم التعبدي مع العلم الوجداني التکویني الإجمالي.

المؤاخذات علیه

هذا التقریب الذي ذکره المیرزا الناییني و عدل عن تقریب الشیخ الأنصاري الیه، أیضا نقض علیه بنقوض، بأنه ماذا خصص المخالفة الإلتزامیة بمورد إمکانیة المخالفة العملیة؟ و الحال في غیر هذا المورد أیضا یجري هذا الإشکال و الحال أنه لایلتزم به أحد في الفقه، بنص من الشارع حتی في موارد الأصول المحرزة في غیر المخالفة الإلتزامیة المقرونة بالمخالفة العملیة. فلو کان هذا الوجه تاما لکان یمنع حتی من جریان الأصول العملیة المحرزة في موارد المخالفة الإلتزامیة الغیر المقرونة بالمخالفة العملیة و لیس أحد یلتزم بها و أنتم أیضا لاتلتزمون بها.

اشکال آخر: أن هذه فکرة العلم التعبدي، تجري في عموم التعبد الظاهري، مجموع التعبد الظاهري علی خلاف العلم الوجداني الإجمالي و فیه تناقض و تنافی في التعبد الظاهري في مطلق الأصول العملیة لاخصوص الأصول المحرزة مثل الأصول التنزیلیة و الوظیفیة. التعبد الظاهري في الأصول العملیة مجموعه، إفترض برائة و برائة او طهارة و طهارة او غیرها، فیما لم یلزم المخالفة العملیة. نفس الکلام کیف مجموع التعبد الظاهري و الحکم الظاهري یتناقض مع العلم الوجداني و الإجمالي المخالف لذلک.

هذا ذکروه في بحث الجمع بین الحکم الظاهری و الواقعی و بحوث مفصلة هناک فهذا نقض ثاني علی المیرزا النائیني.

الجواب الحلي علی کلام المیرزا الناییني ذکروه: أن مجموع التعبد العلمي او العلم التعبدي، هذا المجموع غیر متعبد به، عندنا تعبد تفصیلي بنجاسة هذا الإناء و أیضًا لدینا تعبد تفصیلي بنجاسة ذاک الإناء، لکن ما عندنا علم تعبدي بنجاسة‌ مجموعهما، یعني تعبد منفرد و وحداني بل کل تعبدٍ مستقلٌ عن الآخر و لها دولة مستقلة. فما عندنا تعبد مجموعي کي یقول المیرزا النایینی عندنا تعبد مجموعي یناقض العلم الوجداني التکویني بطهارة أحد الإنائین. بل عندنا تعبد و تعبد.

هذا الإشکال یراد به من قبل المستشکلین علی المیرزا النائیني، أنه اذا کانت ضابطة التعارض هی المخالفة‌ العملیة القطعیة فهو متفق علیها لکن مبنی المیرزا الناییني هو و لو لم یکن یستلزم المخالفة العملیة‌ القطعیة الموجودة لکن تستلزم المخالفة ‌الإلتزامیة لأن إستصحاب النجاسة في هذا الإناء و إستصحاب النجاسة في ذاک الإناء لایستلزم المخالفة العملیة‌ القطعیة لحکم تکلیفی إلزامی، فان لم یستلزم المخالفة ‌العملیة القطعیة فلماذا یکون هناک تعارض بین مجموع التعبدین؟ و الفرض أن المجموع لیس تعبدا ثالثا بل هو تعبد تفصیلي بنجاسة هذا و تعبد تفصیلي مستقل بنجاسة ذاک. و الفرض أن المخالفة ‌العملیة ‌لیس موجودا.

بعبارة أخری: لیس عندنا تعبد ثالث کي یکون مناقضا ذاتا للعلم الوجداني التکویني التفصیلي، فالتناقض من أین یجیء؟ ترید تتشبث بالمخالفة ‌القطعیة العملیة هذا بحث آخر و الفرض أن حیثیة الصورة لاتستلزم المخالفة العملیة و أن کلا الإستصحابین منجزان فدعوی التناقض من أین یجیء؟ هذا محل تامل و کلام.

تعبد تفصیلي بهذا الإناء موجود و أیضًا تعبد تفصیلي بذاک الإناء موجود، اَمّا مجموع التعبد فلیس عندنا، فضمّ الألف بالباء بحیث ینافي العلم الإجمالی من أین یجیء؟ و التنافی من أین یجیء؟ في العمل لیس تنافیا و لیس عندنا تعبد مجموعي بل کل تعبد علی حدة. و الفرض أن المخالفة الإلتزامیة في نفسها غیر ملزمة و لو هی أحد الاقوال.

غور أکثر في معنی المخالفة الإلتزامیة

بحث المخالفة‌ الإلتزامیة و المخالفة العملیة، بحثه الشیخ الأنصاري في تنبیهات القطع.

الحکم التکلیفی یلزم بالعمل «یا أیّها الذین آمنوا أقیموا الصلوة» «کتب علیکم الصیام» «کتب علیکم القتال و هو کره لکم» هذا أمر تکویني بالأرکان و فرائض الدین، هل هذا الأمر بالصلوة او بالصوم او بالخمس او غیرها هل علاوة علی الأمر بالعمل و هل وراءه الزام من الشارع بأن نلتزم بأن الصلوة واجبة أم لا؟ هذا بحث في المخالفة ‌الإلتزامیة.

الإعتقاد بأن الصلوة واجبة، هذا ضروري الدین، الإعتقاد بوجوب الصوم و وجوب الجهاد من ضرویات الدین، لکن الإلتزام غیر الإعتقاد وغیر العمل بل شيء ثالث وسط.

هل معنی الإلتزام هو أن ألتزم في حین ما آتي بالصلوة، الإلتزام بالصلوة بمعنی الإنیة و القصدیة والتعبدیة، نعم العبادات متقوم بالنیة لکن ماذا عن غیر العبادات؟ ثم فی هذه العبادات هل الإلتزام بمعنی القصد العبادي؟ لا، هذا لیس محل الکلام و الإعتقاد هکذا لیس محل الکلام.

فیه ما هو محل الکلام في الموافقة الإلتزامیة و ماهو؟ أنا أعید تذکیر الإخوان بالأقوال في المخالفة ‌الإلتزامیة، حتی یتضح إشکال المستشکل علی المیرزا الناییني. المیرزا الناییني قال: هذه المخالفة الإلتزامیة تستلزم المعارضة و إن لم تستلزم العمل بالأصول المحرزة المخالفة العملیة ‌القطعیة. فما هي هذه المخالفة ‌الالتزامیة التي یتشبث بها المیرزا الناییني و قبله الشیخ الأنصاري؟ الإلتزام بالموافقة الإلتزامیة هل بکون بمعنی الإعتقاد؟ لا، بل کل الضروریات یعني مثل وجوب الصلوة، عقیدة و لیس العمل فقط و الإعتقاد بوجوب الصلوة أعظم من العمل بالصلوة. لو عمل بالصلوة و لم یعتقد بوجوب الصلوة ما قبل الصلوة منه. ولو صام شهر رمضان الفریضة ولم یعتقد بوجوب الصوم ما قبل الصوم منه، فالعقیدة أعظم من العمل. علی خلاف الإلمانیین، مشکلة الإلمانیین هي هذه في العقیدة بأحکام الدین. علی أیة‌ حال، فاذا أرید من الإلتزام، بالعقیدة فهذا مسلم و العقیدة لازم و لیس محل الکلام و إن کان المراد بها نفس العمل فالمخالفة ‌العملیة ‌مفروغ عنها عقلا و نقلا و وحیا. فما هو الإلتزام کفعل و ما هو العقیدة ‌و ما هو العمل البدني الجارحي؟

قالوا: الإلتزام المراد به هو الفعل النفساني الجانحي المتعلق بفرد فرد من أفراد الوجوب. هذا احتمال ثالث و صورة ثالثة غیر الإعتقاد و غیر العمل. مثلًا في الصلوة یقال إبن علی الأکثر. إبن علی الأکثر غیر العمل بالأکثر بل هو شيء آخر و فعل جانحی و جزئی. أو مثلا «لاتنقض» فعل جانحي نفساني و أیضا «إمض ما کان علی ماکان» أیضا «کل شیء‌ لک طاهر او حلال» عني إبن علی الطهارة . ما قال هو طاهر بل قال لک طاهر و لک حلال یعني إبن علی الحلیة و الطهارة.

هذا الإحتمال الثالث الذی یکون أقرب، ما فیه دلیل علی الإلتزام به بهذا المعنی. مثلا وجوب النفقة علی الزوج، أعتقد وجوب النفقة شرعا کعقیدة بحث آخر و کعمل، نعم أما حین ما تعمل به، إبن علی وجوبه إذا لاأبنی علی وجوبه هل المعصیة حصلت؟ أعتقد بالوجوب و لیست إلمانیة و لیس زواجا مدنیا و أعمل بالوجوب، لکن بعضهم یقول إذا قیل بوجوب الموافقة الإلتزامیة صارت وجوبه عبادیة وإذًا کل الأعمال عبادیات.

هذا المباحث من تنبیهات القطع و أکرره باعتبار أن حیثیة البحث في التعارض تتاثر، لذلک البعض قال: هل هذا البناء قصد عبادي؟ هذا إحتمال رابع و غیر البناء التوصلي المحض

الإحتمال الخامس في الموافقة الإلتزامیة والمخالفة الإلتزامیة، قالوا: هذا مثل حرمة التشریع و في مقابلها موافقة ‌التشریع، شبیهة بفعل الفقیة لکن یمکن یمارسها حتی غیر الفقیه، یعني یشرع حراما، مثلا إذا أتی بالجلسة ‌الإستراحة علی أنها واجب و نیته بأنها واجبة ‌تشریع و هذه التشریع غیر العقیدة و غیر العمل و قریب بالبناء.

المهم الکلام یدور حول الإحتمالات الأخیرة في الإلتزام.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo