< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/06/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: تنبیهات الاستصحاب، تعارض الاستصحابین

الصور الثلاث لتعارض الإستصحابین

کان الکلام فی تعارض الإستصحابین و أن له صور ثلاث:

الصورة الاولی هی التزاحم و هی بالدقة لیس التنافی بین الإستصحابین بقدر ما هو التنافی بین الحکمین الفقهیین الذین هما موردا الإستصحاب.

الصورة الثانیة هی تعارض الإستصحابین السببی و المسببی و مر أنها فی الحقیقة ورود و مر مثاله بأن استصحاب طهارة الماء مقدمة علی استصحاب نجاسة الثوب او استصحاب بقاء الحدث ورودا باعتبار أن إستصحاب طهارة الماء یتصرف تلازما شرعیا و وجدانیا فی موضوع استصحاب نجاسة الثوب او بقاء الحدث، و مر ان الورود هو فی الحقیقة نسبة بین مورد الاستصحابین الحکم الفقهی و لیس نسبة بین نفس الاستصحابین و بالتالی ففی موارد الورود تتوسع ضابطة الورود حتی فی تقدم اصل عملی علی دلیل اجتهادی لفظی لان هنا الرتبیة لیست ناشئة من نفس الحجج فی نفسها بل انما ناشئة من المورد الفقهی الذی تجری فیه الحجج و حیث ان مورد الفقهی جعل طهارة ‌الماء رافعا لنجاسة ‌الثوب او الحدث الموجود عند الطرف الآخر من ثم الاستصحاب ایضا مقدم او قل الاستصحاب مقدم علی الدلیل الاجتهادی لانه لیس تقدیم دلیل علی دلیل بل انما تقدیم مورد حجة علی مورد آخر فالعلاقة بین الاحکام الفقهیة فیما بین انفسها فیمکن ان یقدم الاستصحاب علی العمومات اللفظیة بهذا اللحاظ و لحاظ الوورد.

الاقسام الأربعة للتنافی بین الدلیلین، (‌التعارض غیر المستقر او المستقر بالذات و بالعرض او اشتباه الحجة باللاحجة)

طبعا المفروض فی مقسم تعارض الاستصحابین فیما نحن نفترضه من الصور الثلاث، هو التعارض بالعرض لا التعارض بالذات و هذا امر لازم ان نلتفت الیه.

ما هو الفرق بین التعارض بالعرض و التعارض بالذات؟ التعارض بالذات یعنی کلا المتعارضین یتنافیان فی مورد و شیء واحد نظیر «الشابان المحصنان اذا زنیا یجلدان و یرجمان» بینما النص الآخر یقول «ان الشابین المحصنین اذا زنیا یرجمان فقط و لایجلدان». هذا تعارض بالذات فی نفس الموضوع و نفس المحمول، هذا الحد الثابت علی المحصن الشاب کالشیخ و الشیخة هو الرجم و الجلد او انه الرجم فقط خلاف کبیر موجود بین الاصحاب، هذا یسمونه التعارض بالذات لان کلا الدلیلین وردا فی مورد واحد متطابقا مع بعضهم البعض و الاصول العملیة ایضا هکذا و الاصول العملیة اذا تعارض فیما بین بعضها البعض سواء فی الرتبة الواحدة او الرتبة المختلفة تارة التعارض بینهما بالذات یعنی فی نفس مورد واحد و موضوع واحد و محمول واحد احدهما ینفی و الآخر یثبت، هذا اصطلاحا تعارض بالذات یعنی ذات مفادهما مطابقتا متعارض و متناف، فی مقابل التعارض بالعرض و هو یعنی نفس المفاد المطابقی للدلیلین سواء فی الرتبة الواحدة او فی الرتب المتعددة و هو یعنی انهما مطابقتا لیس بینهما تناف اصلا لکن بالعرض بسبب وجود علم اجمالی معین فی تلازم معین هذا یسبب التعارض بالسبب مثل ان عندنا علم اجمالی بان احد الانائین نجس فلایمکن ان یجری اصالة الطهارة فی کلا الطرفین لان عندنا علم بان احد الاصلین غیر حجة و هذا غیر مطابق.

هذه صورة ثانیة تعارض یعبر عنه التعارض بالعرض یعنی بسب العلم الاجمالی یتعارضان، نذکر مثالا آخر بالعکس، مثلا کلا الانائین نجسان و علمت بان احدهما طهر، اجری استصحاب النجاسة هنا و استصحاب النجاسة هناک -التعارض هنا موجود او لا، اختلاف بین الاعلام و سیاتی- المهم لمن یبنی علی التعارض بینهما یبنی علی التعارض بالعرض لاالتعارض بالذات. المسألة خلافیة، النایینی و الشیخ الانصاری یبنیان علی التعارض بینهما و غیرهما من الاعلام مثل السید الخویی یبنی علی عدم التعارض بینهما، اذن کل من یبنی علی التعارض لایعبر عنه التعارض بالذات بل یعبر عنه بالتعارض بالعرض بسبب العلم الاجمالی

اذن، التعارض بالعرض هو التنافی بین الدلیلین فی رتبة واحدة او فی رتبتین لا فی مفادهما المطابقی بل بسبب العلم الاجمالی و یعبرون عنه بالتعارض بالعرض.

الان هذه الصور الثلاث التی مرت بنا فی تعارض الاستصحابین بالدقة هم تعارض بالعرض و لیسو تعارضا بالذات. التعارض بالذات یوجب التناقض و الضوابط التی یذکرها الاعلام فی هذه الصور الثلاث هی فی التعارض بالعرض اما التعارض بالذات فهو تناقض یعنی افترض الاستصحاب یقتضی بطلان الصلوة و الفراغ یقتضی صحة الصلوة. التعارض بالذات متناقض و یسبب التناقض و علاجه بحث آخر فکلام الاعلام فی التعارض بالعرض یعنی بسبب العلم الاجمالی مع ان المفاد المطابقی بینهما لیس متنافیا بخلاف التعارض بالذات وهو التناقض سواء کان الدلیین فی رتبة واحدة او فی رتبتین.

هذا التقسیم تعارض بالعرض و بالذات یجری فی الادلة الاجتهادیة فیما بینها او فی الادلة الاجتهادیة مع الاصول العملیة او فی الاصول العملیة فیما بینها مع اختلاف الرتبة او وحدة الرتبة

قبل ان نواصل، یکون نکتة و نشیر الیها و هی أن هذا التعارض بالذات او التعارض بالعرض مقسمه التعارض فی قبال هذا المقسم و التعارض اشتباه الحجة بلاحجة -سندخل قریبا فی هذه المباحث فی مبحث التعارض نهایة علم الاصول- اذن التعارض اما بالذات او باالعرض و هو فی قبال اشتباه الحجة باللاحجة.

ما الفرق بین اشتباه الحجة بلاحجة و بین القسمین فی التعارض؟ التعارض ایضا فیه الحجة و اللاحجة و لیس کلاهما حجة. لماذا جعلوا هذا قسما ثالثا؟ یقولون: لان فی التعارض کلا من الدلیلین لولا التعارض شرائط الحجیة متوفرة فیه و هذه نکتة مهمة جدا فی التعارض کل من الدلیلین فی نفسه متوفر و واجد لشرائط الحجیة بحیث لو لم یکن التعارض یصیران حجتین، هذا فی التعارض سواء فی التعارض بالذات او بالعرض حتی فی التکاذب. انما حکمنا بان احدهما حجة و الآخر لاحجة بسبب بالتعارض، لکن لولا التعارض لما حکمنا بان احدهما حجة و الآخر لاحجة فصحیح فی مورد التعاض حجة و لاحجة لکن بسبب التعارض و لولا التعارض یکون کل منهما حجة اقتضائیا و واجدا لشرائط الحجیة ففی مورد التعارض الحجیة الاقتضائیة موجودة ‌الا ان التعارض مانعة عن وصول الحجیة الاقتضائیة الی الحجیة الفعلیة هذا فی التعارض سواء ‌بالذات او بالعرض.

اما فی اشتباه الحجة بلاحجة بغض النظر عن الاشتباه احد الخبرین نعلم انه نسبته خطأ لکن أیا منهما لانعلم. هذا السند فی التهذیب نسخها فیها الاشتباه و الخطأ و احدهما فی نفسه مزیف و فی نفسه لیس واجدا للشرائط بغض النظر عن الاشبتاه الحاصل بینه و بین الآخر. احدهما فی نفسه غیر واجد الشرائط و الاخر فی نفسه واجد الشرایط فأصلا احدهما فی نفسه غیر واجد للحجیة الاقتضائیة و الآخر واجد فاذن فی موارد الاشتباه الحجة بلاحجة لیس کلا الطرفین حجة اقتضائیة بل احدهما حجة اقتضائیة و الآخر صورة مموهة. اذن فیه فرق بین موارد اشتباه الحجة و اللاحجة و بین التعارض.

اذن عندنا ثلاث انواع، إما التعارض او اشتباه الحجة بللاحجة ثم التعارض یقسم الی التعارض بالذات و بالعرض فالمقصود هذه الاقسام الثلاثة علاج الحیرة فیها تختلف عن بعضها البعض. و انما قسموا و باینوا بین هذه الاقسام لان العلاج یختلف و الضوابط تختلف فاذن فیه فرق بین التعارض و اشتباه الحجة بلاحجة و ایضا بین التعارض بالذات و التعارض بالعرض.

مثلا التزاحم تعارض بالعرض لکن لیس تناقضا و لها علاج. کثیر من الثقافات البشریة و المدارس البشریة تظن ان التزاحم فی الشریعة او فی الدین هو التناقض و التکاذب و اشتباه الحجة بلاحجة . انظر هم یخلطون و دوما لابد للباحث ان یعی بالمعنی و لایکون اسیرا للفظ و المعنی یجب ان یضبطها، إن الانسان الذی یکون حبیس اللفظ و الصوت لیس بفقیه و مجتهد. قد یلبس معنی معنی آخر و الانسان یکتشف معنی اللب. المقصود ان کثیرا من القانونیین یخلطون بین التعارض بالعرض و بالذات و الحال انه بینهم اختلاف و هذا بحث حساس و مهم و لیس عبط الحدیث.

و هنا تقسیم آخر و هو ان التعارض بالذات او بالعرض فیه تعارض مستقر کما سیاتی و هذا التعارض المستقر اما بالذات او بالعرض و فیه تعارض غیر مستقر و هذا قسم رابع و نجعله الاول.

التعارض غیر المستقر، التعارض المستقر بالذات و االتعارض المستقر بالعرض و اشتباه الحجة بلاحجة و هذه اربعة اقسام ذکرها الاعلام فالتعارض المقسم الذی فیه ثلاثة اقسام -تعارض غیر مستقر و المستقر و هو اما باذات او بالعرض- هذا التعارض الذی یکون هو المقسم للثلاثة، تعریفه مطلق التدافع او التنافی بین الادلة مع ان هذه الابحاث ستاتی فی التعارض لکن هنا لابد ان یلتفت الباحث بین الاصول العملیة و الادلة الاجتهادیة و لیس خاصا بالتعارض بین الاخبار فالتعارض بالمعنی الاعم و المقسم لثلاثة اقسام یعنی التنافی و التدافع، اذن التزاحم ایضا هو التدافع لکن لیس هو التعارض المستقر بل هو تعارض بالمعنی العام و ایضا التزاحم فیه اقسام و بحثوها فی مباحث الالفاظ.

کانت جملة من القدماء یظنون ان التزاحم هو التعارض بالمعنی الاخص هذا خطأ طبعا او قسم کثیر من المتاخری هذا العصر یعتبرون ان جملة من اقسام التعارض المستقر الحقیقی الی اخر المطاف مع ان نفس هذا التعارض المستقر عند القدماء لیس التعارض الی نهایة المطاف یرجعون التزاحم الی نمط معین و بحثه یجیء فالمقصود اذن التعارض الذی هو المقسم یعنی مطلق التدافع و التنافی و هذا التنافی کیف یعالج هذا بحث آخر.

هنا الشیخ الطوسی رحمه الله فی اول التهذیب یقول: ان البعض لایقدر ان یکیف بین التنافی بین الأدلة بالسرعة و ترددت فعله حتی فی العقیدة. فالمقصود مطلق التنافی یکون مقسما للتعارض بالمعنی الاعم و اشتباه الحجة بللاحجة اذن ضبط تعیین اقسام التنافی فی غایة الأهمیة و الصناعة و المهارة الاصولیة فثبت العرش ثم انقش.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo