< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الأصول

40/05/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الرکن الثانی للاستصحاب

الرکن الآخر فی ارکان الاستصحاب عبارة عن وحدة الموضوع او لزوم احراز بقاء الموضوع، الرکن السابق کان الشک و الرکن الثانی هو لزوم احراز بقاء الموضوع یعنی لابد من احراز بقاء الموضوع کی یجری الاستصحاب کما ان الاستصحاب متقوم بالشک و متقوم بالیقین -کما سیاتی- متقوم بشیء ثالث و هو بقاء موضوع الاستصحاب او موضوع المستصحب و هذا رکن ثالث -و ان نذکره ثانیا- فلابد من احراز بقاء الموضوع.

التعابیر المختلفة عن الرکن الثانی و النسبة بینها

هذا الشرط او هذا الرکن ذکر فی کلمات الاعلام بتعابیر مختلفة: البعض عبر عنه بلزوم احراز بقاء الموضوع و بعض عبر عنه بلزوم احراز الموضوع الخارجی و بعض عبر بلزوم اتحاد المتیقن و المشکوک و بعض عبر عنه بلزوم اتحاد القضیة المتیقنة مع القضیة المشکوکة و بعض عبر عنه بوحدة الموضوع یعنی تقریبا خمسة تعابیر رائجة بین الاعلام فی التعبیر عن هذا الرکن. طبعا هذه التعابیر اذا ندقق فیها دقیا او حرفیا یمکن القول بان بینها عموم و خصوص من وجه باعتبار انا قد نحرز فی مورد اتحاد القضیة المتیقنة و المشکوکة لکن لانحرز بقاء الموضوع الخارجی فبالتالی بین هذه التعبیرات اختلاف.

هذه التعبیرات لاجل تحدید موضوع الاستصحاب و بین هذه التعبیرات موضوعیا ایضا یختلف بضوابط موضوعیة و هی بضابطة موضوعیة لها، ضبط هذا البحث فی الحقیقة لیس بحث عابر و بحث صناعی بدیع و لطیف و فی الحقیقة یعنی یکشف عن اهمیة البحث فی الموضوع سواء علی صعید الشبهة الحکمیة او علی صعید الشبهة الموضوعیة اهمیة‌ بحث الموضوع و لاحظ هنا موضوعنا بالدقة موضوع لقاعدة اصولیة و لیس البحث فی موضوع حکم فقهی، رغم هذه لکن البحث فی الموضوع مهم. مرارا و کرارا نقلنا الاخوة عن الاعلام الکبار ان البحث فی الموضوع عموما فی المسائل العلمیة و المسائل الفقهیة البحث فی الموضوع بالغ الاهمیة جدا و مهم.

تنبیه: فی تحدید الموضوع و اهمیتها و التمثیل بالمثالین

لاباس ان یکون هنا تنبیه فی البین: ان تحدید الموضوع للاحکام سواء القواعد الاصولیة او الاحکام الشرعیة‌ للمسائل و القواعد الفقهیة تحدید الموضوع بالاستنباط من الفقیه بقالب و اطار هذا التحدید لایکون مطردا و جامعا و مانعا بالضرورة، فی موارد عدیدة الاعلام حددوا الموضوعات فی المسائل الفقهیة و الاصولیة لکنها یری انهم لایتقیدون بهذا القالب الذی ذکروه و ارتکازهم العلمی مبنی علی ضابطة اخری و هذه الضابطة تمثل مقدارا من الضابطة یعنی تضبط ستین بالمأة او سبعین بالمأة او ثمانین بالماة مثلا.

اما بقیة ‌الموارد الضبط شیء آخر مثل ما نقلناه مرارا فی بحث وجوب النفقة للزوجة، هل موضوعها التمکین؟ و الحال انه اذا وجب علیها الحج لتذهب و ان لم تمکن تستحق النفقة او کانت مریضة او موارد عدیدة ‌و هی لاتمکن لکنها تستحق النفقة فبالتالی یدل ان هذا الموضوع لوجوب النفقة لیس بالدقة هو التمکین. فهل هو النشوز او عدم النشوز او هو شیء آخر ذکر فی هذه المسئلة عدة موضوعات. اذن تحریر الموضوع شیء مهم.

مثال آخر: وجوب حجة الاسلام و الحج، هذه الحجة‌ الاسلا م و حج البیت، الاستطاعة فیها‌ قید فی الحکم لکن قید من ای نمط؟ متاخری الاعصار عندهم ان هذا القید دخیل فی اصل الملاک و اصل المشروعیة و الحال ان هذه الضابطة نفس متاخری الاعصار فی بعض الفروع الفقهیة و بعض الموارد لایلتزمون بها و یحکمون بان اختلال الاستطاعة لایخل بحجة الاسلام. ان القدماء عندهم جلة‌ من الموارد هکذا لکن فی بعض الموارد متفق علیه حتی عند متاخری الاعصار، علی هذا ان کانت الاستطاعة‌ قید شرعی و دخیلة فی الملاک کیف یمکن ان یکون ملاک الحجة الاسلام موجودا و الاستطاعة لایکون بموجودا.

لذا هذا الموضوع الشرعی قید فی التنجیز کما هو الصحیح و بنینا علیه او هو قید فی اصل الفعلیة‌و المشروعیة ؟ المقصود ان تحریر الموضوع لیس بشیء سهل. شیء مهم جدا.

رجوع الی البحث، الاقوال فی تحدید موضوع الاستصحاب

هذا البحث هکذا : ان احد ارکان الاستصحاب لزوم احراز بقاء الموضوع ، ای موضوع؟ بای ضابطة؟ بین الاعلام فیه اختلاف.

لاباس نذکر الاقوال و الاحتمالات فی ضابطة موضوع الاستصحاب.

البعض قال: ان الضابطة فی موضوع الاستصحاب هو الموضوع العرفی.

البعض قال: الضابطة‌ هو الموضوع الدقی.

البعض قال: الضابطة‌ فی الموضوع هو موضوع دلیل الاولی لنفس الحکم الذی یراد استصحابه، موضوع الدلیل الخاص علی الحکم الذی یراد استصحابه.

فهذه ثلاث احتمالات، الاحتمال الاول: موضوع عرفی و الاحتمال الثانی: موضوع دقی و الاحتمال الثالث موضوع الدلیل الخاص و فیه احتمال رابع و هو المختار و سنبیه.

الفرق بین الموضوع العرفی و الدقی و موضوع الدلیل الخاص

ما الفرق بین الموضوع العرفی و موضوع الدلیل؟ طبعا الدلیل لیس دلیل الاستصحاب بل الدلیل الخاص علی نفس الحکم الاولی المشکوک بقاءه، یعنی کل حکم مشکوک یراد استصحابه هذا الحکم له دلیل خاص من الادلة فی الابواب مثلا فی باب المیاه، یقال: «الماء ‌اذا تغیر بصفات النجاسة تنجس» فالدلیل اخذ التغیر، اذا زال هذا التغیر من نفسه بدون المزیل فی الماء القلیل او الماء الکر بدون ان یتصل بالکر الآخر -مثلا الان المیاه الذی یصفوها من الصرف الصحی فی الدول و کثیر من الدول الاروبی هذه المیاه کلها متغیر بغیر المغیر و کلها تزول عنها عناصر التغییر و لایتصل بالکر الطاهر- بدون المطهر هل تطهر ام لا؟

فهنا زال التغیر، هل التغیر ماخوذ حدوثا و بقاءا فی النجاسة او فقط حدوثا؟ حیثیة تعلیلیة او تقییدیة؟ موضوع الدلیل «الماء اذا تغیر نجس» فموضوع الدلیل اخذ فیه التغیر، فاذا اردنا ان نستصحب یکون مشکلا، التغیر زال فلانستطیع ان نستصحب النجاسة للماء المتغیر، هذا اذا کان ضابطة موضوع الاستصحاب موضوع الدلیل الخاص.

اما اذا کان ضابطة موضوع الاستصحاب الموضوع العرفی یعنی العرف بغض النظر عن الادلة فالارتکاز القانونی عند العرف اذا لاحظ حکم التنجس و النجاسة‌ علی الماء المتغیر و ولو زال التغیر یقول الومضوع هو نفسه و الموضوع باق عرفا و هو نفس الموضوع الذی حکم علیه بالتنجس. فاذا کان نفسه -علی ایة‌حال- یجری الاستصحاب «لاتنقض الیقین بالشک» علی الموضوع العرفی.

الموضوع الدقی: یدعی اصحاب هذا القول ان العرف لایحکم فی المصادیق و التطبیق بل العرف یرجع الیه فی تحدید الظهور و فهم الدلیل لا فی تطبیق الدلیل.

طبعا ان هذا المبحث مبحث جدلی کبیر این مواطن الرجوع الی العرف فی باب الاستنباط و قراعة النص الدینی؟ هذا المبحث من مباحث التدقیق فی الموضوع، الموضوع علی صعید التنظیر و الشبهة الحکمیة او علی صعید الشبهة الموضوعیة هل یرجع الی العرف ام لا؟ هل الصدق العرفی او الدقی او التکوینی؟ نفس هذا المبحث بانه متی یرجع الی العرف و متی لایرجع من شئون مباحث التدقیق فی الموضوع، الموضوع التنظیری او الموضوع فی الشبهة الموضوعیة.

فاذن هناک موضوع عرفی و موضوع یعبر الاصولیون عنه بالموضوع الدلیلی و یقصدون منه الدلیل الخاص و موضوع دقی بالدقة العقلیة و یعض یسمونه موضوعا عقلیا.

فیه سؤال اثیر من قبل اصحاب هذه الاقوال الثلاثة اثیرت علی القائلین بالموضوع العرفی بانه لم نحکم العرف؟ و ما شأن العرف؟ و لامشرع العرف و لااقتراحات المخول للعرف باالتصرف بها فی الشریعة و الشرع و هذا مبحث حساس، ماهی العلاقة بین الاعراف العقلائیة او السیرة العقلائیة و استنباط الاحکام و الشرع و تقنین الشارع؟ مسئلة جدلیة مهمة. -شبیه مسئلة العلاقة بین العلم و الدین. العلم یعنی حدود ادراکات البشر للعلوم التکوینی- فالبعض استشکل بان العرف لیس له صلاحیة ان یخول.

بیان تحدید موضوع الاستصحاب من جهة اخری

قبل تمحیص الجهات فی الاقوال الثلاثة، اذن دققوا هنا فی هذا البحث او تحدید موضوع الاستصحاب و ارکان الاستصحاب منها لزوم وحدة الموضوع او بقاء الموضوع او بقاء الموضوع خارجا او وحدة القضیة المتیقنة و المشکوکة او اتحاد المتیقن و المشکوک طبعا التعبیر بوحدة القضیة المتیقنة و المشکوکة یعنی قضیتان، تتحد القضایا فی الاساس اولا فی الموضوع قبل المحمول -ثبت العرش ثم انقش- وحدة الموضوع شیء اساسی فی وحدة القضایا، فهنا قبل الدخول فی هذا و قبل ان نکمله فی مابعد ان شاء الله فیه نکتة ‌بدیعة. صناعیة البحث هنا فی موضوع الاستصحاب او البحث هنا فی موضوع الحکم الشرعی المستصحب؟ شیئان صار. موضوع الاستصحاب هو الیقین و الشک و النقد و هلم جرا، هذا موضوع الاستصحاب اما موضوع الحکم الشرعی و الحکم الفقهی مثل تغیر الماء و هکذا. اذن البحث هنا فی الحکم الشرعی المستصحب او بحثنا فی نفس موضوع الاستصحاب؟ و بعبارة ‌اخری هل البحث فی موضوع الحکم الاصولی و الاستصحاب -حجیة الاستصحاب حکم اصولی- او البحث فی موضوع الحکم الفقهی و هو تنجس الماء؟ البحث فی ای موضوع؟ حینئذ بعض یقول الموضوع العرفی و بعض یقول موضوع الدلیل و موضوع الدلیل یعنی موضوع الحکم الفقهی و بعض یقول الدقی یعنی ایضا موضوع الحکم الفقهی لکن تطبیقه بالدقة العقلیة و اذا یقول الموضوع العرفی ربما یمیل الی موضوع الحکم الاصولی لا موضوع الحکم الفقهی الذی یقول بالموضوع العرفی. المهم هذا مجمل البحث. بدیع البحث فی هذا المجال بای شیء؟‌ تشابک الحیثیة الاصولیة مع الحیثیة الفقهیة.

فیه نقطة اخری ماذکرته و نذکره غدا قبل الخوض فی الاقوال و هی اهم من الاقوال: نکتة ان الاستصحاب مکمل للادلة، عندنا دلیل للحکم الفقهی و الاستصحاب حکم اصولی مکمل لظهور الادلة : مکمل یعنی ماذا؟ هذا قبل الدخول فی الاقوال نخوض فیه کیف تتشابک المسئلة الاصولیة مع المسئلة الفقهیة؟

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo