< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/11/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - خطورة قاعدة البدعة - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كنا في هذا المبحث من حرمة السب أو مجموعة الأحكام الشرعية والأفعال التي فيها احترام الطرف الآخر إنسان أو مسلم أو مؤمن وهل جرا ومر بنا أن الفقهاء استثنوا قاعدة منظومة هذه الأحكام - الأحكام الاحترامية - حيث استثنوا أن أهل الريب والريبة والبدع والفسق والفجور هذه الثلاث طوائف أو الثلاث شرائح هؤلاء لا تثبت لهم الاحترام، هذه القاعدة الآن التي نخوض فيها طبعاً اجمال بحث حرمة السب تم الحديث عن رواياتها وجهاتها وإن شاء الله تعالى بعد أن نفرغ من قاعدة عدم حرمة أهل الريب والبدع والفسق والفجور سيأتي البحث إن شاء الله عن حرمة الغيبة وإن كان الشيخ الأنصاري لم يأت بحرمة لغيبة في المكاسب مباشرة بعد حرمة السب وإنما هو راعى الحروف الأبجدية ولكن الأصلح مراعاة التقارب في وجوه المسائل افضل من المراعاة للحروف الأبجدية لنها مبحث متقارب مشرتك حري أن نطرحه ثم بعد ذلك الهجر والهجاء، فالمهم أنَّ هذه المجموعة المفروض أن تعرض لها بشكل متقارب فإن ذلك يكون أفضل.

فالمهم نرجع إلى قاعدة عدم حرمة أهل الريبة والبدع والفسوق لما ورد فيهم من الحديث النبوي الذي روي بعدة طرق وهذا ليس من البعيد أن هذا الحديث مروي حتى عند الطرف الآخر، والرايات عددية وليست فقط هذا الحديث النبوي حل أهل البدع والريبة وسنقرؤها إن شاء الله تعالى وهي لها نفس المضمون وليس فقط الحديث النبوي وإنما توجد عدة أحاديث شريفة في ذلك.

هذه القاعدة وهي عدم احترام هذه الشرائح الثلاث من هم أهل البدع، ونفس هذا هو موضوع هذه القاعدة، وأصلاً بحث البدعة هو قاعدة فقهية، وهذا وهذه قاعدة موضوع لقاعدة وهذا هو ترامي القواعد، فمن هم أهل البدع، ونحن لا نريد أن ندخل في قاعدة البدع ولكن اجمالاً كتحرير موضوع شيء مفصلي في قاعدة البدعة هو ما مرَّ بنا أمس، لأنَّ قاعدة البدعة كموضوع الآن لقاعدة عدم احترام أهل الريب والبدع فإن قاعدة البدعة هي في الأصل في مقابل المشروعية، هذه البدعة التي هي عدم المشروعية أو اللا مشروعية في مقابل المشروعية فالمشروعية تدور مدار ماذا، وهذا ما مر بنا أمس، وطبعا المشروعية درجات وأنواع وهذا بحث طويل عريض لسنا في صدد الخوض فيه ولكن كشيء مفصلي في قاعدة البدعة في مقابل المشروعية، فإنه قد يقال البدعة في مقابل السنَّة طبعاً بما فيها السنة الالهية والسنة النبوية وسنة المعصمين يعني السنة بالمعنى العام، فيقال البدعة في مقابل السنَّة.

أياً ما كان البدعة وهي اللا المشروعية هي ماذا وبالتالي المشروعية تدور مدار ماذا؟ وهذا ما تقم عندنا أمس، وكان هناك تركيز على غفلة يغفل عنها حتى الكبار، وهي غفلة عجيبة ،وواقعا ًالبحث ممتع وصناعي طويل ولكن لا نريد الخوض فيها، فيه قاعدة السنة أو البدعة أو المشروعية هي قاعدة فقهية حساسة جداً وحتى في علم الكلام يتطرقون إليها لأنها فيا بعد كلامي ولكننا لسنا في هذا الصدد ولكن فيها نقطة مركزية نريد أن ننبه عليها، وإلا ما مر بنا أمس أنَّ المشروعية غير خاصة بالدليل والنص الخاص وإنما هي تشمل طبقات الدليل العام ولو كان عاماً بعيداً، ولعل الكثير من اهل الاستدلال يستوحش من الدليل العام البعيد ولكن بعده أو قربه لا ربط له وإنما المهم أنَّ هذا المورد يندرج فيه فإذا اندرج فيه فانتهى الأمر، وهذا بحث طويل عريض لا نريد الخوض فيه ولكن اجمالاً هذه نكتة مهمة وهي أن المشروعية والرخصة ليست رهينة ومحبوسة على الدليل الخاص ولا على طبقة خاصة من العام وإنما أي طبقة أو درجة من العام يستند إليها في حكم مسألة معينة فحينئذٍ تتقرر المشروعية، الآن طبعاً شخص يقول إن هذا المعنى العام سوف يثبت أما الخصوصية فلا تثبت، ولكن نقول إن الخصوصية تثبت أو لا تثبت فهذا أمر آخر ولكن الطبيعة تثبت، ومرَّ بنا أمس أن المشروعية أصل ابتداؤها وجودها نشأتها في العام وليس في الخاص أما الخاص فهو فرع يتغذى في المشروعية من العام لا العكس وكلما كان اعام أبعد وأوسع تكون المشروعية فيه أبعد أصالة تكون المشروعية فيه أكثر أصالة وأساسية لا العكس وهذا عكس ما نتوهم.

ويوجد تساؤلان في مقابل هذا: -

السؤال الأول: - إذا كان مخزون المشروعية وأساس المشروعية هو العموم وطبقات العموم وكلما كان أكثر فوقانياً كان أكثر مشروعية فإذاً كيف يقولون الخاص يقدم على العام وهو أقوى دليلا ًمن العام؟

السؤال الثاني: - وهو أنه في المسائل المستحدثة حيث قال الامام عليه السلام ( أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ) يعني الرواة الذين لهم فهم وبصيرة تطبيق يعني أنهم فقهاء وغلا فليسوا رواة محضين في المسال المستحدثة أصحاب النص الخاص ماذا يفعلون؟

والجواب عن السؤال الثاني:- إنه واضح أنه لو كانت المشروعية مرهونة وأسيرة ومحبوسة ومقيدة ومنحصرة بالص الخاص فإذا كيف يمكن أن نصوّر خلود الشريعة ومواكبتها لكل بيئة جديدة زمانية ومكانية - زمكانية -، فإن هناك ثابت ومتغير فإنَّ المتغير بخصوصه لا توجد فيه نصوص خاصة كعقد التأمين لا يوجد فيه نص خاص وكذلك الاستصناع وكذلك تلقيح الحيامن والبورصة لا يوجد فيها نص خاص وهلم جرا إلى ما شاء الله من عناوين البيئة العصرية الحديثة سيما أنَّ هذه العناوين ألفاظها ليست موجودة في النصوص الخاصة، فلو بني على ان المشروعية ي الدين مرتبطة بالنص الخاص لكانت الشريعة لا تواكب تطور الزمن أبداً، ولما أمكن تغطية المسائل المستحدثة، والآن ليست مسائل مستحدثة وإنما أصبحت هناك أبواب مستحدثة، كفقه الطب وفقه المرور وفقه الادارة وغير ذلك فهذه أبواب قانونية عديدة كيف يتم تغطيتها؟ إنه لا يكون إلا بالعمومات، أما لو كنا أسيري النص الخاص فلا يتم تغطية ذلك، إذا الريع وامتداد الدين الأصل فيه العمومات، وبتعبير الكثير من كبار المحققين يقولون إن العمومات هي منبع خلود الشريعة ومواكبة الشرع لكل المستجدات، فالعموم هو الأصل لا العكس، بل الصوص الخاصة الفقهاء الفحول يرفعون اليد عن خصوصيتها يقرأونها قراءة عام فيجعلون الخاص عاماً فيستثنون الخاص كدليل عام يغطي ويشمل البيئات المستجدة، فحول الفقهاء يصنعون هكذا وكفحول المفسرين كأن آية معينة نزلت في قضية معينة ولكنه يقرأها من باب العموم وحتى ألفاظها الخاصة يقرأها ويتدبر فيها ويحللها إلى معاني عامة، خذ الغايات واترك المبادئ، باب الكناية في اللغة في كل اللغات وليس فقط اللغة العربية هو باب كبير مثل قاعدة الجري والتطبيق في الآيات واليت هي في الأصل تأسيس من ائمة اهل البيت عليه السلام، وكما يقولون عليهم السلام ولو ان الآية نزلت في شخص ختمت ب او انتهت به إذاً لتعطل القرآن نسخ وإنما الآية تجري كالليل والنهار والشمس والقمر، يعني أنَّ هذا مورد، فإذاً جملة من الفقهاء الفحول بالعكس الخصوصات يقرأونها قراءة عامة وهذه هي الحذلقة الفقهية والمداقة الصناعية الفقهية وهو أن يقرأ الخاص عاماً وجهة العموم في الخصوص، هذا هو جواب السؤال الثاني، وهذا يعزز ما مرَّ بنا وهو أنَّ أصل المشروعية أصلها العموم وليس الخصوص وإلا لم يكن لشريعة مواكبة وشمول وتغطي.

أما السؤال الأول: - وهو أنَّ الخاص يقدم على العام إذا كان المشروعية أصلها العام فكيف يقدم الخاص على العام؟ هذه نكتة مهمة يجب أن نلتفت إليها وهي أنه أصلاً حقيقة الخاص ما هي؟ وقبل أن ندخل في هذا الجواب دعونا نذكر جواباً معروفاً ذكره الأعلام وهو أن الخاص إنما يقدم على العام اثباتاً يعني من جهة الدلالة الخاص أقوى دلالة اثباتاً واستطراقاً وظهوراً لا ثبوتاً، وما الفرق بين الأقوى اثباتاً وليس أقوى ثبوتاً؟ نعم إنَّ هذا ليس من الضروري، فثبوتاً يعني واقع التشريع والوح المحفوظ في التشريع وطبقاته ونحن كنا في هذا الصدد، وهو أنَّ المشروعية والمشروعية هي أمر واقعي وجهة الاثبات هي احراز للمشروعية وليست هي المشروعية فواقع متن المشروعية مرتبط بالثبوت وليس مرتبطاً بالاثبات وإنما الاثبات هو احراز للمشروعية فإذاً هذا ليس نقضاً على ما تقدم، فنحن أخذنا أنَّ المشروعية كثبوت مرهونة بالعوم وليس بالخاص، أما الخاص فهو أقوى ظهوراً واثباتاً واحرازا وليس أقوى ثبوتاً وتشريعاً، هذا جواب.

وهناك جواب ثانٍ مقارب لهذا الجواب ولكن ببيان صناعي آخر: - وهو أنه أصل حقيقة الخاص ما هو؟، وهذا مبحث مهم ونحن لا نريد التوسع في قاعدة البدعة ولكن نقول هذا ونختم به ذلك ونذهب إلى قاعدتنا الأصلية وهي قاعدة عدم حرمة هل الريب والبدع أهل الفسق والفجور ولكن هذا مبحث حساس، فلاحظ مبحث الشعائر الحسينية والشعائر الدينية هو مبحث حسس مرتبط بقاعدة البدعة والمشروعية فإذا لم يلم الباحث بهذا البحث فسوف يترجل في مبحث الشعائر الحسينية وحتى الكبار يكونون في غفلات فتلاحظ أن يوجد تدافع حتى في الفتوى الواحدة، وكذلك بحث التشهد في الأذان والاقامة وفي داخل الصلاة والسيد الحكيم ويوافقه السيد الخوئي بجزم في شرح العروة أنَّ الشهادة الثالثة في الأذان والاقامة باتت شعيرة الايمان وفيها شبهة الوجوب بالنسبة إلى الأذان والاقامة، هذا هو كلام السيد الحكيم في المستمسك ووافقه عليه السيد الخوئي في شرح العروة وربما الكثير من الجهابذة أيام فتنة الكاظمية حول الشهادة الثالثة قبل سبعين سنة في الأذان والاقامة حيث أصر عليها علماء النجف علماء قم قبال الفتنة التي حصلت في الكاظمية فيذكر السيد الحكيم في المستمسك أنَّ الشهادة الثالثة في الأذان والاقامة فيها شبة وجوب من باب الشعائر شعيرة الايمان، وهذا قريب من ألفاظ السيد في المستمسك، وهذا المبحث لا نريد الدخول فيه والسيد الخوئي أيضاً قرر كلام السيد الحكيم أيضاً وبصم عليه بالصحة وكذلك الكثير من الجهابذة في ذلك الوقت، والكلام لس في هذا وإنما الكلام هو في أنَّ القاعدة البدعية في مقابل السنَّة أو في مقابل الشرعية هي قاعدة صناعية خطيرة وحساسة، وربما البعض يقول إنَّ الشهادة الثالثة كجزء مستحب من الصلاة هي بدعة ولكنه لا يلتفت إلى أنه قد افتى بالجزئية المستحبة فحول القدماء وهل فحول القدماء يخالفون الضرورة فإن البدعة هي مقابل الضرورة ومقابل اللا دليل ؟!! أما إذا كانت هناك أدلة اجتهادية مختلفة نظرية هل تقول إنَّ هذه بدعة، فلو كان الأمر كذلك فيجب أن يكون كل المجتهدين إذا اختلفوا أن يحكم هذا بضلالة ذاك وهذا يحكم ببدعة ذاك ويفتح جبهات تشنج المجتهدين مع بعضهم البعض باختلاف الفتاوى، فهذا باب خطير فإذا لم نعِ معنى البدعية فذها امر خطير، فالوهابية استباحوا دماء المسلمين وغير ذلك بسبب المشكلة في هذه المسألة وقد قتلوا المؤذن في المدينة المنورة وفي مكة حيث قالوا لماذا يقول قبل الأذان ﴿ إن الله وملائكته يصلون على النبي يا ايها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ﴾ حيث قاموا بذبح المؤذن لأنهم قالوا إن هذه ضلالة وهذا مبتدع، والحال أنَّ هذه الآية الكريمة هي من العمومات وأن المؤذن يأتي بهذا من باب الذكر والذكر قبل الأذان هو مستحب قبل الأذان وفي الأذان وبعد الأذان يعني أن هذ محث صناعي لم يتقنوه فلاحظ ما جروا على المسلمين، فمبحث قاعدة البدعة والسنة أو البدعة والشرعية ليس مبحثاً سهلاً، فليس كل اختلاف بين المجتهدين لا يدعوا إلى الاختلاف وأنه مثلاً لا تصلوا خلفهم وغير ذلك فإن كل هذه الأمور هي هرطقات خاطئة جاهلية، بل كل المجتهدين من علماء الامامية متفقون على أن الفقهاء على ان اختلاف الامام والمأموم في الاجتهاد والتقليد لا يبطل الصلاة إلا إذا وصلت إلى الأركان كأصل الركوع وصل السجود وأصل الطهور - الوضوء - وإلا لابد أن يكون إمام الجماعة أن يقلد نفس ما يقلده المأموم فها لم يقل فيه احد وحتى لو اختلفوا في أجزاء الصلاة في الجزئية والشرطية فإن هذا لا يضر بصرة الجماعة وإنما الخلل إذا صار الاختلاف بين الامام والمأموم في الأركان كأصل السجود أو مثلاً أن الامام يبني على أنه متوضئ ولكني علم أنه ناسي الوضوء فهنا لا يجوز الصلاة خلفه أو أنه يعتقد أنه اتى بثلاث ركعات ولكني أعلم أنه أتى بأربع ركعات فهنا أسلّم ولا أتابعه، ففي الأركان إذا كان هناك اختلاف بين الامام والمأموم فهنا يوجد اتفاق بين كل الفقهاء على عدم جواز إئتمام المأموم بالإمام أما إذا كان الاختلاف ليس في الأركان وإنما كان الاختلاف في الأجزاء او الشرائط غير الركنية فلم يقل احد ببطلان صلاة الجماعة أبداً، فهذه التشنجات هي نتيجة الغفلة وعدم الالتفات إلى مبحث البدعية، ولكن أين مبحث البدعية ومبحث السنة اين، فاختلاف الفتاوى في الاجتهاد والتقليد لا يعني أن المجتهد إذا خالف مجتهداً آخر أن يحكم عليه بالبدعة والحكم عليه بالضلالة فإن هذا غير صحيح، أصلاً نفس هذا الحكم بالبدعة غير صحيح وأنا اتعجب من بعض الأجلة أن يستشكل بأن الشهادة الثالثة في الأذان بهذه الصورة هي بدعة والحال أن فحول الفقهاء سبعون فقيها في النجف الشرف تقريباً أيام زمان قبل سبعة عقود أو ما يقاربها وضحوا معنى البدعية ومعنى السنَّة فإذا لم يتلفت الباحث إلى هذه القاعدة فهذا خطير فإن فيها تضليل وفيها تفسيق وفيها تشنجات فهي قاعدة خطيرة جداً ومهمة - وهي قاعدة البدعة والسنة - بينما أصلاً من معالم فقه أهل البيت عليهم السلام وعلماء الامامية وهي مدرسة التخطئة لا التصويب والتخطئة يعني ماذا؟ يعني لا تقل إنَّ رأي المجتهد إنه وحي منزل وضرورة دينية وإنما عليك الصبر فإن الضرورة يحكمها الامام المعصوم فقط، والسيد الخوئي قال لو كان الأعلم يبقى جواز تقليده ابتداءً لكانت فتاواه مثل الضرورة فكأنه يصير معصوم آخر، وهذا أيضاً حتى كلام أستاذه الميرزا النائيني في كتابه الحكومة الاسلامية وهو كتاب تببيه الأمة وتنزيه الملة فلا تجعل فتوى المجتهد ضرورة وقدسية ضرورة فإنَّ هذا غلو في الاجتهاد والفقاهة والمرجعية، فكما أنَّ الغلو باطل في الامامة فكيف بك في المرجعية أو في الفقيه فالغلو باطل في كل مكان فإن الغلو إذا كان باطلاً في النبي فيكون أشد بطلاناً في المرجع، طبعاً المرجع له قدسية واحترام ولكن دون المعصوم عليه السلام ولكن لا تجعله في مصاف المعصوم، وهذا ما يقول به السيد الخوئي وكل علمائنا فلا إفراط وتفريط، لا أنه يأتي شخص ويتهجم على العلماء ويكفرهم ويفسقهم فذه غلو من طرف آخر ومنهم من يجعل افلقيه والمرجع معصوماً وهذا أيضاً غير صحيح بل يجب وضع كل شيء في مكانه، فليس من الصحيح جعل الفقيه والمرجع في مصاف المعصوم كما أنَّ الأئمة لا يصح ان نجعلهم في مصاف النبي، ﴿ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ﴾ يعني وكما يقول الكبار المراتب في الدين أس وناموس في الدين فلا تحاول أن تلعب في المراتب فإن هذا خطأ، والقضية ليست تزلُّف وتملُّق وغير ذلك وإنما هي دين وفيها مراتب، مثلاً أنا أريد أن أتزلف إلى أمير المؤمنين عليه السلام فأجعله نبياً ولكن هذا خطأ وليس تقرباً لأمير المؤمنين عليه السلام وإن كان أمير المؤمنين عليه السلام أعظم من بقية الأنبياء عليهم السلام وهذا بنص القرآن الكريم، ولكن كونه اعظم من الانبياء شيء وبين كونه ليس نبياً وبعد سيد الأنبياء صلى الله عيه وآله وسلم هو شيء آخر، فالأمور لها نواميس في الدين فلا إفراط ولا تفريط وإنما تواصي بالحق فيلزم أن يكون هناك تواصي بالحقن منهم من يكفر العلماء ويستهين بهم لأجل خطأ اجتهادي، فهل لأجل خطأ اجتهادي أنت تريد أن تكفّرهم ولفما هذا الافراط والتحامل فإنَّ هذا جهاز ديني مهم، فلا هذا ولا ذاك بل النمرقة الوسطى والطريقة الوسطى فإنها هي السراط المستقيم حيث تجعل كل شيء في محله، فلا أحد من علماء الامامية يدعي أن فتاوى المرجع هي ضرورة، كلا بل هذه فتوى وتلك فتوى وطبعاً الأئمة عليهم السلام نفسهم هم يفتحون الموازين والفتاوى، ولذلك هناك شعار علمي وناموس علمي في مذهب الامامي وهو التخطئة في غير المعصوم ومعنى التخطئة هي أنَّ آراء المجتهدين تحتمل الصحة وتحتمل الخطأ أما أن تقول إنها وحي منزل فهذا لا معنى له، ولذلك يصر الكبار ككاشف اللثام قال إنَّ تطبيق هذه القاعدة أمر خطير فقد تطبق بدواعي التنافس أو الحسد باسم ذلك فيقول إنه بداعي كونه من أهل الريبة أو الفسق وأنه باهتوهم أقول إنَّ هذا الشخص بدعي واستبيح غيبته وبهتانه وكلن هذا شطط بعيد وليس بصحصح، بل الضروريات هي ثوابت وهي خطوط حمراء لا فتاوى الفقهاء هي خطوط حمراء، ومعنى التخطئة أنا ليست خطوط حمراء، نعم لها اعتبار شعي وقدسية ولكن لا تقل هي ضرورات وإنما الضرورات ه من شأن الوحي والمعصومين وليس من شأن الفقهاء نعم من شأن الفقهاء هي اكتشاف الضرورات لا أن فتاواهم ضرورات، ولذلك اختلف علماء الامامية مع علماء الجمهور بأن أولئك مصوّبة وأن كل ما يفتي به الفقيه هو عين الواقع ولا يخطئ الواقع كتحريم المتعة هو عين الواقع ( متعتان كانتا في عهد رسول اله وأنا أنهى عنها وأعاقب عليهما )، ولكن هذا ليس بصحيح، لكن نحن لا يوجد عندنا تصويب وإنما يوجد اجتهادات، فيقولون قد اجتهد ولكن نحن نقول قد يكون اجتهد وأخطأ فهنا يجب الرد عليه، أما أنهم يقولون إنَّ المجتهد دائماً رأيه صائب ويقع في عين الواقع فهذا غير صحيح، وهذا يجرّ إلى مصائب كثيرة، وسيأتي في مبحث الأصول مبحث التخطئة والتصويب، فإنَّ من المعالم المهمة للاجتهاد عند علماء الامامية هو التخطئة في مقابل التصويب، والتخطئة يعني إذا اختلفت معك في الرأي فهذا لا يدعو إلى التكفير والتفجير والقتل والتفسير بمجرد الاختلاف معك في الرأي فإن هذا نوع من الافراط والغلو.

فعلى كلٍّ إن مبحث قاعدة البدعة ونفس قاعدة عدم احترام أهل الريب والبدعة والفجور هي نفسها خطرة كما ذكر الكثير من كبار الفقهاء فهي خطرة في تطبيقها وضبطها مصداقاً ومحمولاً فإن لها درجات، لأن أصل قاعدة الاحترام التي مرت بنا وهي منظومة الأفعال الاحترام الواجبة تجاه المسلم أو تجاه المؤمن أو غيرهما هذه تخرج منها هذه القاعدة، فهذه القاعدة يلزم أن تضبطها فيه خطرة موضوعاً ومحمولاً فعليك أن تضبطها بقواعد فقهية أخرى وأخرى وإلا تصير تشنجات وغير ذلك سيما لو دخل فيما عموم العوام فإنه سوف تحصل مشكلة هنا، وهذا مبحث حساس يجب التروّي فيه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo