< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/11/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - درجات الأخوة والولاء - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

كان الكلام أنَّ هذه الأحكام النابعة من الاحترام هي على طبقات ثلاث، ونحن عمداً نقرر كلمات الأكابر ونستخلص منها هذه المنظومة فأنها تنفع في مباحث كثيرة، ودائما كما يقولون إنَّ ما وراء الفتاوى وما وراء الاستدلال، وما وراءه يعني المنشأ الذي اعتمد عليه الفقهاء فذاك يكون بمثابة الخيمة الحاكمة على المباحث والأسس المهيمنة على المباحث، فكما مرَّ بنا أنه من مجموع كلمات الأعلام يستفاد أنَّ هناك ثلاث طبقات من الأحكام نابعة من الاحترام والحرمة - الحرمة بمعنى الاحترام وليس بمعنى النهي-، فطبقة هي النواهي الزجرية، وهذه الطبقة كما مرَّ عامة لعموم الناس فضلاً عن عموم المسلمين فضلاً عن عموم المؤمنين فهي عامة إلا أن يكون الانسان أو المسلم أو المؤمن هو يسقط هذا الاحترام والحرمة بعناوين طارئة، فإجمال كلمات الأعلام في هذا الباب في هذه المجموعة الأولى في الطبقة الأولى هي هكذا، والأفضل للباحث أن يتحرى تفصيلاً، مثلاً حرمة النميم وحرمة الغيبة وحرمة النميمة وغير ذلك يعني يتقصدها بالتفصيل، لأنه حتى في الطبقة ألوى توجد مستثنيات، ولع المشهر في حرمة الغيبة أنه يوجد فيها قيد المؤمن، يعني تستثنى من هذه الطبقة ولكن كلامنا الآن بشكل مجموعي إجمالي أما التفصيل فيأتي عند استعراض الروايات في المسائل العديدة.

أما المجموعة الثانية وهي الوجوبات الوجودية، فإنَّ الوجوبات الوجودية ظاهر كلمات الأعلام أنها لا تثبت لعموم الانسان أو لعموم حتى ظاهر الاسلام بل هي لعموم الاسلام الواقعي أو المؤمن، كما مر ليس هذا سبر تفصيلي في كل درجات الوجوبات الوجودية وإنما اجمالاً الآن يوجد مورد يستثنى فهذا بحث آخر، هذه هي الطبقة الثانية، يعني المستضعف عند مشهور الأعلام هو مسلم واقعي أما المنافق فهو مسلم ظاهري وليس مسلماً واقعياً، فيوجد فرق بين المسلم الظاهري والمسلم الواقعي.

الطبقة الثالثة وهي الأحكام النابعة أو التي هويتها الولاء والمودة، والولاء والمودة أفعال ووظائف في الأصل هي قلبية وتنعكس على بعد الظاهرة الاجتماعية والسياسية والدينية، يعني ليست تعاملاً من باب فردي وإنما هي تعامل من باب هوية دينية وهوية اجتماعية وهوية سياسية، ومن الجيد الالتفات إلى هذا وهو أنَّ الطبقة الثالثة مرتبطة بالهوية الاجتماعية ومرتبة بالهوية السياسية وممزوجة بالهوية الدينية، تلك الطبقة الثالثة أيضاً بنحو التسالم عند جملة الأعلام هذ الطبقة الثالثة هي مرتبطة بالإيمان وقائمة على الايمان وليس يكفي فيها حتى الاسلام الواقعي حتى المستضعف بل لابد من واقع الايمان وأيضاً الايمان بأوصاف كالعدالة وغير ذلك، فإجمالاً هذه طبقات ثلاث، والآن سنقرأ الآيات والروايات في هذا الجانب، وصاحب الحدائق عنده عبارة سنقرؤها يؤسسها وحتى السيد الخميني وغيرهما ممن أتى بعد صاحب الحدائق من الأعلام يؤسسون هذه القاعدة، وهي قاعدة ذكرها صاحب الجواهر ( لا أخوَّة لمن وجبت البراءة منه )، هذا بلحاظ المجموعة الثالثة، فهم أصلاً لا يطلقون الأخوّة إلا على الطبقة الثالثة وإنما أنا أطلقتها بلحاظ اللغة فأنا حينما وسعت الاطلاق فهذا بلحاظ اللغة وبلحاظ الاستعمال المعاصر وإلا في الاصطلاح الفقهي عند الفقهاء الأخوة لا تطلق إلا على الايمان، وأيضاً صاحب الجواهر عنده هذا التعبير ( من ثبتت أخوّته فلا يعم من وجب التبري عنه )، يعني عموم ولاية الأخوّة لا تعم من وجبت التبري عنه، مثل هذه القاعدة ذكرها صاحب الجواهر، وطبعاً هذه القاعدة نفسها قررها صاحب الحدائق في الحقيقة وحتى أن صاحب الجواهر يذكر صاحب الحدائق، فالمهم أن هذه قاعدة أسسها الأعلام في الطبقة الثالثة الأحكام الناشئة من الولاية والمودة.

ونقرأ بعض الآيات والروايات التي تركز على هذا المطلب، وهذا الكلام كلعه في الضوابط العامة أما الضوابط التفصيلية في كل فعلٍ فعل من الطبقة الأولى والثانية والثالثة بلا شك يجب مراجعة الأدلة الخاصة لها، أما الآن فككلامنا في القواعد العامة، ولكن يجب أن لا نخطل، وأمس مرَّ بنا في زيارات ائمة أهل البيت عليهم السلام، وواقعاً الزيارات كم هي معجزة، فملاً زرارة أعظم به وأكرم ولكن لا تأتي في ذهنه ولا في ذهن أبان بن تغلب مع عظم هؤلاء ولكن الآن القانون العصري يثبت أنَّ التقسيم وصل بنا إلى أحد عشر قسماً تقريباً وهذا ليس استقراءً كاملاً في زيارة عاشوراء في زيارة الجامعة أحد عشر قسماً من ولي ناصر وعدو ومحارب ومسالم ومبغض ومحادد ومشاقق وهذا موجود في الآيات الكريمة أيضاً، فالمقصود أنه يوجد في الآيات والروايات أحد عشر صنفاً، وواقعاً هذا التصنيف القانون معجز، الآن حتى في القانون الحديث يركون إليه فهذا أي ذهن بشري يصل إليه سابقاً قبل ألف وأربعمائة سنة وأي راوٍ وأي واحدٍ غيره، ولذلك كما صح قول الشيخ المفيد وغيره قامة الروايات لا تتقزّم بقامة الرواة العدول بل مضمونها مضمون فوق عقولهم لا أنها تتقزّم بفلترة الرواة حتى ولو كان الرواة فقهاء، ولماذا؟ لأنه شيء فوق ماي تصورون وما يتحملون ( ربَّ حامل فقه وليس بفقيه، وربَّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ) وهلم جرا، فالأمر عظيم، فالمقصود لننظر إلى هذه التقسيمات الموجودة الآن ففقط في العصر الحديث يبين مدى اعجاز هذا النظام التقنيني مع نبذ العنصرية والقومية والفاشية وهلم جرا، فتعرف أن زيارة عاشوراء تبذ هذه العرقيات والعصبيات الخاطئة وإنما تتكلم على كرامة الانسان أو تسافل الانسان، فلاحظ أن هذا تقنين عابر للقرون عابر للعقول لا يستطيع أحد أن يلتفت إليه، الآن تهتف البشرية لا عنصرية لا قومية لا بعثية أو غير ذلك، لا يقولوا إن هؤلاء غرباء كلا بل لا يوجد غرباء لأن الانسانية شيء واحد فلا يوجد رغباء ودخلاء، فذاك الشعب إذا كان ينادي ويطالب فيطالب له ويسانده شعب آخر فإنَّ الانسانية والبشرية طبيعة واحدة وإنسانية واحد أما هذه الفروقات العصبية لا قيمة لها، وإنما البشر طبيعة كالجسد واحد أما العصبيات فقد أكل عليها الدهر وشرب، وهي مقدمة لمشروع صاحب العصر والزمان، فإن مشروع صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه هو هذا فهو لنبذ العنصريات والجاهليات والعرقيات والبعثيات وهلم جرا.

ومن العجيب أن الآيات تجمع في هذا المجال ﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي ﴾ فهو لم يقل الكفار ولم يقل الضالين مثلاً ولم يقل الملحدين وإنما قال عدوي، فلماذا اخذ عنوان العدو، وكذلك الحال في زيارة عاشوراء؟ إنَّ العداوة ترتبط ببعد آخر غير بعد الهوية الدينية وغير ذلك، فسبحان الله هذا تشريع معجز، ﴿ لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ﴾ فمن يوطئ العداوة شيء ولو كان مؤمنا، فهو ينتحل الايمان ولكنه يبطّن العداوة فهذه الآية الركيمة تشمله، وربما تجد كافراً ولكنه مسالم ناصح فهذا لا يصدق عله أنه عدو، فلاحظ هنا أنه أخذ عنوان آخر ﴿ لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء ﴾ ونفس هذا الكلام موجود في زيارة عاشوراء وزيارة الجامعة وهذا مر بنا وهذا يدل على مدى الاعجاز وهو أنه كيف أنَّ زيارة عاشوراء مطابقة لأصل أصول القرآن الكريم وزيارة الجامعة مطابقة لأصل أصول فوق الفكر البشري وفوق العقل البشرين وايضاً قوله عزّ وجل ﴿ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ﴾، فحادد ليس لها ربط بكونه مؤمناً أو مسلماً أو كافراً وإنما المحاددة هي شيء آخر وليس صرف الهوية الدينية، فهذه العناوين التي يذكرها القرآن الكريم أساسًاً غير العناوين الأخرى، وحتى الزيارات نعرف مدى عظمة تشريع الزيارات الموجودة تقسيم وتصنيف وإن شاء الله المشايخ يجدولونها في ضمن قائمة تقرأ بسرعة.

وأيضاً ﴿ لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حادَّ الله ورسوله ﴾، وتلك الآية الكريم في سورة الحشر ﴿ ذلك بأنهم شاق الله ورسوله ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين .... ﴾، فلاحظ هنا المشاققة ولو أنه ينتحل الايمان ولكنه عنود، فلاحظ أن إبليس ابتلي بالعناد فإن العناد كفره أزيد من كفر الهوية، فالعناد مشكل، وأنجى نجاة للإنسان أن لا يعاند ربه ولا خلفائه، والعناد مقابل التسليم والتسليم هو النجاة، ﴿ إلا من أتى الله بقلب سليم ﴾ فسيلم يعني التسليم، وهو أنَّ الانسان لا يعادي ولا يتمرّد، كذلك قوله تعالى في سورة الانفال ﴿ وإذ يوحى ربك إلى الملائكة إني معكم ..... فاضربوا فوق ولأعناق واضربوا منهم كل بنان ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ﴾، فهي ليست قصة كفر وإنما قصة المشاققة فإن المشاققة يه عنوان آخر والمحاددة هي عنوان أخر أيضاً وكذلك العداوة فإنَّ هذه أمور أخرى، وطبعاً العدو ليس من الضروري عندك معه حرب عسكرية وإنما عنده معك حرب ناعمة وهلم جرا، وأيضاً لاحظ في قوله تعالى في سورة الحشر ﴿ ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ﴾، فهنا شدة العقاب لأجل المشاققة، فالمقصود أن العناوين التي أخذها القرآن الكريم تختلفن مثلاً عنوان معتدين غير عنوان العداوة، عنوان معتدين موجود، ومعتدي هو يختلف عن الكافر بل هو أعم من المسلم والكافر، والعدو غير المعتدي، العدو يكيد ويمكر أما المعتدي فهو متجاوز طامح، فالمعتدي غير المعادي، فهما مطلبان فإنَّ عدو معادي شيء وأما معتدي شيء آخر، ﴿ فلا عدوان إلا على الظالمين ﴾، فإن العدوان غير العداوة، قوال تعالى ﴿ لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة أولئك هم المعتدون ﴾، لاحظ أن القرآن في استخدام الحرب الساخنة هو مع المعتدين ولس مع الكافر من حيث هو كافر، والمذهب الوحيد في المذاهب الاسلامية على الاطلاق عنده أن الأسير لا يقتل لكفره بعد وضع الحرب وزارها بضرورة مذهب الاثنا عشرية، وهذه الضرورة ليست موجودة عند مذهب اسلامي من المذاهب الأخرى، لأنه قد بعض المذاهب تذهب إلى أنَّ الأسير بعد وضع الحرب أوزارها لا يقتل ولكنه اجتهاد ظنّي عنده وليس بلغ عندهم حدّ الضرورة، وإما الذهب الوحيد عند المذاهب الاسلامية وهذا معجزة لمذهب أهل البيت عليهم السلام وهو أنه المذهب الوحيد عندنا بنحو الضرورة الأسير الكافر بعد وضع الحرب أوزارها لا يجوز قتله إذا لم يكن معتدياً، وهذا معجز، وهذا القانون الآن تركع له البشرية من تفوّقه على العنصرية وعلى العصبية أو حتى أنه يتجاوز الهوية الدينية فهو يأخذ بعد السيرة الاجتماعية وقد ذكرناه في كتاب عدالة الصحابة، وهم إنما لم يقولوا بضرورة هذا الحكم مع أنه نص في الق، الكريم في سروة محمد وفي سورة الأحزاب وعدة سورة من القرآن فهم خالفوها لجل ابتاع الثاني لأنه أراد قتل بني هاشم فأرادوا أن يبرروا رغبته هذه، لأنه في بدر قتل من كل بطون قريش إلا بني هاشم، لأنَّ بنو هاشم كلهم كانوا مسلمين ولكن أُتي بهم إرغاماً، وهذه القضية ذكرناها مفصلاً في كتاب عدالة الصحابة، فأصل تشريع قتل الأسير تنبع من بحثها هن وإلا العباس وعقيل كانا مسلمين وأخبرهم بأنهما مسلمان ولكن أتي بهما عنوة، وكان يحرس عقيل والعباس جبرئيل وهذا موجود في الروايات عند الفريقين.

فإنَّ من معجزات التقنين الانساني في مذهب أئمة أهل البيت الاثنا عشرية أنَّ الأسير الكافر لا يقتل لهويته الدينية، وهذا يدل على أنَّ الجهاد الابتدائي قول صارخ، فهذا الحكم الضروري وهو ليس اجتهادياً ولا تقل لي المشهور والتسالم وإنما هو ضرورة في مذهب الامامية الاثنا عشرية هذا الحكم يبين أن فلسفة اجهاد الابتدائي ليس أسلمة العقائد وإنما أسلمة الأنظمة فيجب أن تكون الأنظمة عادلة مسلمة يطبق فيها النظام العادل الاسلامي وليست قضية الهوية العقائدية.

فعلى كلٍّ هذا بحث طويل ذكرنا استيعابه في كتاب عدالة الصحابة، خلافاً لما ادعي بما يسمّى بالفتوحات، فلاحظ أنَّ هذه المباحث كيف تؤثر على بحوث وقوانين وأبواب عديدة في هذا البحث هو وجود طبقات ثلاث من الأحكام.

نذهب إلى بقية لسان الأدلة: -

وقد قرأنا من سروة الحجرات، وطبعاً أصل أنَّ القرآن الكريم يفصّل بين مراتب الانسان في حين يقول القرآن الكريم ﴿ ولقد كرمنا بني آدم ﴾ يعني من حيث هو لم يسقط احترامه، أيضاً القرآن الكريم يفرّق ﴿ قالت الأعراب آمنا قل لن تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم ﴾ فهنا القرآن الكريم يفرّق، بالنسبة إلى المنافقين مع أنهم محكوم بإسلامهم القرآن ماذا قال عنهم ﴿ ولا تصل على أحدٍ منهم مات ابداً ولا تقم على قبره لأنهم كفروا بالله ورسوله ﴾، وما معنى هذه الآية الكريمة التي اعترض ذاك الذي هو دائماً يتطاول في الاعتراض فهذه الآية ما هو معناها؟ هذه الآية الكريمة استفاد منها القدماء أن تجهيز الميت ليس للإسلام الظاهري وإنما لا يتقرر على الاسلام الظاهري بل إما على الاسلام الواقعي أو على الايمان ولو المستضعف ولا تشمل المنافق، والمقصود بالكفر في الآية الكريمة هو كفر الايمان وإلا فالمنافقون هم مسلمون ولكن حكم القرآن الكريم بإسلامهم الظاهري.

أما في الروايات:- فمثلاً موثقة اسحاق بن عمّار ( كلّ من لم يحب على الدين ولم يبغض على الدين فلا دين له ) هذه يحب هي من وظائف الطبقة الثالثة وليس من وظائف الطبقة الأولى ولا الثانية، فهذه وظائف قلبية، وقد مرَّ بنا الآن أنَّ القانون الغربي أو غيره يريد أن يخلط بين الأقسام الثلاثة هذا شعاراً وإلا فهم عملاً لا يلتزمون بهذا الشيء فهم يخلطون بين هذه الأقسام الثلاثة والطبقات مع أنهم يدّعون التعددية في الفكر والرأي ولكن إذا كان توجد تعددية في الرأي فكيف تريدون أن تلغوا هنا خطئ وهنا لا نخطئ فما المانع من ذلك؟، وايضاً توجد رواية أخرى في رسالة الامام الصادق لأصحابه قال ( أحبوا بالله من وصف صفتكم وابغضوا في الله من خالفكم ) فالطبقة الثالثة لا يتوهم أحد أنها ثباتة لموضوع الطبقة الثانية او لموضوع الطبقة الأولى فإن هذا خطأ، ( وابذلوا مودتكم ونصيحتكم لمن وصف صفتكم ولا تبذلوها لمن رغب عن صفتكم ) لأن هذا يصير بعد هوية وبعد مسار ومنهاج فأنت تروج لأيّ راية؟!! فإذاً الطبقة الثالثة تصب في الراية، بخلاف الطبقة الثانية والطبقة الأولى تعايش فردي مدني دنيوي وما شاكله، وأيضاً في كتاب ثواب الأعمال للصدوق ( من أحبّنا وأبغض عدونا في الله من غير تِرةٍ ) وهذا مرتبط بالطقة الثالثة، ( من أحبنا وابغض عدونا في الله من غير ترة وترها إياه في شيء من أمر الدنيا )، فإنَّ العداوة لأجل أمور الدنيا هذه ليست عداوة نبيلة، الآن الانسان يكون مظلوما فهذا بحث آخر، فإنَّ العداوة لأدجل أمر دنيوي شيء والعداوة لأجل أمر ديني شيء آخر، ( من أحبنا وبغض عدونا من غير ترة وترها إياه في شيء من أمر الدنيا )، فالمنشأ الأول والأساس إذا صار هو الدنيا فهذا عداوة في الدنيا أو عداوة وحبة في الدنيا فهذا بحث آخر، فإذا كان المنشأ الأول الأصلي هو أمر مادي دنيوي فهذا أمر آخر، ( من غير ترة وترها إياه في شيء من أمر الدنيا ثم مات على ذلك فلقى اليه وعليه من الذنوب مثل زبد البحر غفرها الله له )، فالمقصود أنَّ الولاء في الطبقة الثالثة منشأه الهوية الدينية وليس ( إنما هي الدنيا عليها تتصافون وتتباغضون ) فإنَّ هذا شيء آخر، فالطبقة الثالثة ليس موضوعها الدنيا والمعاش ولا بعد حقوق الناس وإنما بعد حقوق الله تعالى والهوية الدينية.

فلاحظ أنه في الطقة الاجتماعية حتى في الطبقة الأولى والثاني لا يأخذ طابع اصطفاف وتكتل، وإما هو طابع منتشر نسيجي أما في الطبقة الثالثة تتخذ طابع تكتلي وطابع راية وهوية ومسار ومنهاج - ما شئت فعبّر -، وهذا لا يمكن أن يكون جانبه دنيوي، فكيف بمؤمن يوقع بأخيه المؤمن لأجل كرسي وهلم جرا، إذاً هو ى أنانية نفسه وليس يرى المنهاج والهوية والراية، وقد رأينا أعلام كبار واقعاً كانت لديهم كذا وكذا ولكن لأجل المذهب قد ضحوا، فمع أنَّ الحق معهم ولكن مع ذلك لأجل أن لا يحصل كذا تراهم كيف يؤثرون راية الايمان على أنانية الأنا، وهذه قضية عظيمة، فهي سهلة ولكنها عظيمة، فهو آثر كل الامكانيات الموجودة عنده في ليلة وضحاها لأجل المذهب وغاية المذهب، وهذا شيء عظيم.

وهناك روايات أخرى أيضاً وهي ما ورد في أبواب جهاد النفس الباب السبعون، وهذا الباب سيأتي البحث فيه فيما بعد، ولكن من باب الألفاظ وهذا أحد العناوين التي لا بأس بذكره ( السفه الطيش والوقاحة والجهالة والخفة والفضاضة وقلة الأدب ورداءة القول )، وقد قرأنا الروايات في ذلك، وقد مرَّ بنا أنَّ هذا من حقوق الله وليس فقط من حقوق الناس، فإنَّ الفضاضة وقلة الأدب والوقاحة هي بنفسها حرام بغضّ النظر عن الطرف، وكذلك الفحش أيضاً عرّف بالقبيح الشنيع من قولٍ أو فعلٍ أو شديد القبح وتجاوز الحد.

وإن شاء الله تعالى سندخل غداً في أبواب الروايات، وهي موجودة في أبواب جهاد النفس، وقسم منها موجود في أبواب أحكام العشرة من كتاب الحج، وهي لعلها مائة وستين باب يذكرها صاحب السوائل في نظام الأخلاق الاجتماعية، فأبواب أحكام العشرة يعني نظام الأخلاق الاجتماعية ومصدره هو أبواب أحكام العشرة الموجودة أوّل كتاب الحج من كتاب الوسائل، وكذلك ذكرها صاحب البحار في أول كتاب الحج، وكذلك النوري في مستدركه ذكرها في أول كتاب الحج، ولو يجمع هذا كله فسوف يعطيك هيكلة ومنظومة ونظام الأخلاق الاجتماعية والذي هو محل بحثنا، فهو مائة خمسين أو مائة وستين باباً جمعها صاحب الوسائل في أول كتاب الحج، أضف إليه أبواب جهاد النفس، ففي أبواب جهاد النفس أيضاً هناك علم الاخلاق الاجتماعي وأيضاً يوجد علم الأخلاق الفردي الروحي والرياضة الروحية وهذا بحث آخر، فعندنا علم الأخلاق الاجتماعي وعلم الاخلاق السياسي، وهذا جمعه صاحب الوسائل في أبواب أحكام العشرة وفي أبواب جهاد نفس، وطبعاً توجد أبواب كثيرة أخرى متناثرة ولكن عمدة التمركز هو في هذين المكانين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo