< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/10/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة التاسعة ( حرمة السب ) - المكاسب المحرمة.

مرَّ بنا أنَّ حرمة السب وأخوات هذه الحرمة كحرمة الغيبة والنميمة والهمز واللمز والهجاء والهجر وغيرها إلى أن تصل إلى حرمة القذف فهي حرمات عديدة هي في الحقيقة كما مرَّ ترجع إلى نظام تعامل فيه رعاية حرمة الطرف الآخر وليس حكماً واحداً ولا فعلاً واحداً بل هو كما يقال نظام حرمة التعامل، ومرَّ بنا أنَّ هذا نظام حرمة التعامل فيه ثلاثة أبعاد بعد المحمول والحرمة وبعد الموضوع فمن هو الموضوع فهل هو الانسان أو المسلم أو المؤمن والبعد الثالث هو بعد العمل في نفسه، فيوجد في البين ثلاثة أضلاع في القضية الشرعية على أقل تقدير هذه الثلاثة أضلاع لها درجات، أولاً الحرمة والاحترام له درجات بحسب أبواب الفقه وليس درجة واحدة وهذا مسلّم، مثلاً الآن حرمة الكذب - ولو أن هذا ليس بحثنا إلا من جهة معينة من بعض الصور - فإن الكذب ليس درجة حرمته واحدة وإنما حسب الاثار الفاسدة للكذب والكثير من المحرمات أو الواجبات هي ذات طابع درجات وطبقات وليس طابع ودرج وطبقة واحدة والحرمة والاحترام هنا أيضاً كذلك، وهذه نكتة مهمة أساسية أكد عليها الكثير من الأعلام، نأتي إلى الفعل نفسه كالغيبة أو الاستهزاء تارة يكون شديداً وتارة يكون قليلاً وتارة يكون همزاً أو لمزاً فهو أيضاً درجات، فتارة يكون تعريضا قريبا وتارة يكون تعريضاً بعيداً وتارة يكون تصريحاً وهلم جرا، فإذاً حتى الفعل درجات، نأتي إذاً للشخص المسبوب أيضاً أو الذي يقع في شأنه الايذاء أو غير ذلك فإما أن كيون هو إنسان عدي أو مؤمن أو مسلم أو متقي أو ورع فإي1ضاً الانسان له درجات في الحرمة وهذا مرَّ بنا، إذاً المسألة تحاط بجهات وحيثيات عديدة، وسنقرأ جملة مهمة من كلمات الأعلام وأن هذه المجموعة من الأحكام ابتلائية في البيئة الاجتماعية ومن المهم الاطلاع على خصوصياتها وزواياها الكثيرة وهي محل لغط كثير وسيما هي فيها كبائر وغير ذلك فالحريّ بسط الحديث عن زواياها الكثيرة، وسيما إذا صارت صراعات سياسية واجتماعية وفكرية وعشائرية وبيوتاتية فلابد من بسط الحديث في زواياها شيئاً ما كي تعرف موازين الحرمة وتعرف الاستثناءات وما شابه ذلك، وقاعد فقهية ستمر بنا أشار إليها الفقهاء في خضم المجموعة، وهذه القواعد الفقهية مهمة جداً في الفقه السياسي والاجتماعي والأسري، تنقيح هذه القواعد لعله أهم من أصل حرمة السب وأهم من أصل حرمة الغيبة وحرمة الهمز واللمز لأنَّ هذه القواعد عبارة عن قواعد منظّمة لهذه الأحكام، فهذه القواعد لها اهمية كبيرة جداً وسننقل كلمات الأعلام في هذه القواعد، لذا كرابطة في هذه الأضلاع والجهات الثلاثة نستطيع أن نقول هكذا في كلمات الأعلام أنه توجد ضابطة قانونية في علم القانون بغض النظر عن كوه وضعياً أو شرعياً أنه بمقدار الوظيفة هناك حقوق أو بمقدار المسؤولية التي يتحملها الفرد تثبت له صلاحيات، وهذه قاعدة عقلائية عقلية موجودة وهي قاعدة جداً عجيبة وهي موجود كلغة قانونية ف القانون الوضعي أو القانون الشرعي، فبقدر التزام الانسان بمسؤوليات معينة تثبت له استحقاقات أو قل تثبت له صلاحيات أو قل تثبت له حرمة وحقوق وما شابه ذلك، بمقدار ما يتخلى الانسان عن الالتزامات وعن المسؤوليات تنخفض حقوقه واستحقاقاته وحرمته واحترامه، وهذه القاعدة هي برهان للإمامة أيضاً لأنَّ الأمة عليهم السلام أشد الناس التزاماً وأشد الناس رعايةً لمسؤوليات الدين فبالتالي تكون صلاحياتهم مطلقة وهذا برهان قانوني فطري عقلائي يثبت إمامة أهل البيت عليهم السلام، وهو قانون أنَّ الاستحقاق بقدر المسؤولية، فكم هو مقدار التزامك بالمسؤولية يثبت لك استحقاق ويثبت لك صلاحية فبقدر ما تعطى من صلاحية تثبت عليك مسؤولية، وفي حديث من احاديث المعراج أن الله عزّ وجل أخبر سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم أنه سيعطي علياً عليه السلام مقاماً لم يعطه لأحد من اصفيائه لا من النبيين ولا من غيرهم وهو مقام إمرة المؤمنين، ولكن الله عزّ وجل اشترط بأنه سوف يبتليه بابتلاء لم يبتله أحداً من الأصفياء، فإنَّ مقدار هذه الصلاحية العظيمة هي بمقدار المسؤولية العظيمة التي تقع على كاهل علي بن أبي طالب عليه السلام، وهذا قانون عقلائي عقلي فطري أنه بمقدار الالتزام وثقل المسؤولية تعطى الصلاحية وبمقدار سعة الصلاحية تعطى المسؤولية أكثر، مثل ما يعبر الحدث النبوي ( أشد الناس ابتلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل )[1] ، فهو بهذا السبب وهذا واضح، فأقصد أنَّ هذا مبحث جيد ينفع في أبواب كثيرة وهذه قاعدة مطوية وهي قانونية فقهية عقلائية عقلية وحيانية يقررها الوحي أيضاً هذه القاعدة هنا مطّردة فيما نحن فيه، وهذا بحث مهم جداً في بحث الغيبة وفي بحث حرمة الدم وفي بحث حرمة العرض وفي بحث حرمة المال، وطبعاً السبّ واللمز والهمز والغيبة كلها تدخل في العرض، هذه الحرمة للشخص هي بقدر ما هو يصعّد من ملاكات التزامه تشتد الحرمة، فلو مكان إنساناً عادياً فهذا له حرمة ولكن حينما يصير مسلماً فسوف يلتزم أكثر فتصير له حرمة أخرى، وهذا ليس قصة عنصرية وإنما أداء فعل الانسان نفسه وهي ليست مرتبطة بقومية ولا بعنصرية ولا بنسب ولا بغير ذلك وإنما التزام عمل الانسان، فإذا صار مؤمناً فالمؤمن باعتبار أن التزامه أكثر ومسؤوليته أكثر تكون حرمته أكثر وغذا صار تقياً تصير حرمته أكثر وهكذا، فكلما يتصاعد ضريب المسؤولية والالتزام في الانسان تزداد حرمته ولكما هذا الضريب أو تراكم المسؤولية يقل في الانسان مثلا متجاهر بالفسق أو مثلاً لا يلتزم بالإيمان أو لا يلتزم بالإسلام وإنما يلتزم بإطلاق العنان فهو إنسان ولكنه يلتزم بإطلاق العنان في الغرائز الشهوات فلاحظ أنه كلما يهبط الالتزام والمسؤولية يهبط الاحترام وكلما يزداد فيزداد الاحترام، فما نحن فيه من مجموعة أحكام مندرج في هذه القاعدة، وفعلاً يشير الأعلام إلى هذا المطلب، فإذاً هذا البحث من مجموعة الأحكام في الأفعال هذا البحث يندرج في هذه الضابطة كلما ازداد الاحترام ازدادت الحرمة فيجب الالتفات إلى هذا الجانب.

فأصل هذه المنظومة في هذه الأحكام يجب الالتفات إليها، بعد ذلك سنخوض في القواعد والروايات، ونقرأ الكلمات ثم نقرا الروايات فلعله أفضل، وطبعاً بادئ ذي بدء نعود إلى الخريطة التي كنا فيها فإنَّ الأعلام ذكروا جملة من المحرمات قريبة من حرمة السب ترجع إلى الحرمة الشخصية للفرد في التعامل وما شابه ذلك كالغيبة والهجر والهجاء والقذف والنميمة والبهتان والكذب وهي على درجات كما مرَّ بنا، وهي أيضاً مذكورة في الروايات من الباب سبعون إلى الباب الرابع والسبعون من أبواب جهاد النفس وسنتعرض إليها إن شاء الله تعالى مضافاً إلى آية سورة الحجرات التي مرت بنا، وذكر الأعلام أيضاً شيئاً مما يخصّ الحرمة والاحترام في بحث البغاة، ولماذا؟ لأن الباغي تخلى عن التزامات معينة فإن الباغي هو من بغيه على فئة أخرى من المسلمين فبغيه هذا يسلبه درجة من الحرمة وأي درجة هي؟ إنه سلبه مقداراً وليس سلباً بقول لمطلق، وقد مرَّ بنا أمس أنه حتى سلب الحرمة فهو يسلبه بعض الطبقات والدرجات لا كل الدرجات، فلاحظ أن هذ قاعدة مطردة لما مرَّ بنا وهذا شرح لقاعدة المطوية وهو أنَّ الحرمة والاحترام هي بقدر المسؤولية والالتزام فلو أنقصت هنا فسوف ينقص بمقداره من الطرف الآخر، ولذلك في البغاة وهذا من التشريعات العظيمة ليسد الأوصياء في حرب الجمل وحرب صفين أنه قال إنَّ الحرمة المسلوبة عنهم هي بمقدار وتبقى بقية الحرامات الأخرى بمقدار، فلاحظ أنَّ أصل المبحث في أحكام البغاة يرجع إلى نفس هذه القاعدة المطّردة، أما كلامنا الآن فهو في تعامل المؤمنين معاً، فهذه نكتة مهمة، فهذا التفصيل في البغاة هو لأجل نفس النكت ونفس القاعدة.

وأيضا ذكر الفقهاء كالشهيد الأول في القواعد في بحث حرمة الغيبة وهذه ليست مختصة بالغيبة بل في مطلق الحرمات، فقال إنها درجات فتوجد غيبة ظاهرة وتوجد غيبة خفية وغيبة أخفى، ولو لم يشر الفقهاء إلى هذا لكنا في غفلة عنه، فتوجد غيبة خفية توجد غيبة أخفى يعني بالتعريض الخفي مثلاً فإنها نوع من الغيبة، وعدّ الشهيد الأول الاشارة والتعريض منه ( ومن الأخفى أن يذم نفسه بترك طرائق لينبّه على عورات غيره )[2] ، فالشهيد الأول قال أنَّ الانسان إذا كان يذم نفسه ولكن غرضه أنه يكشف عورات غيره فهذه غيبة، وكذلك الحال في الهز واللمز والسب فإنَّ هذا سب خفي، ونقصد أنه في الموارد التي يقصد ويحصل هذا الكشف الشهيد الأول يدرجها في هذه الموارد فهي درجات، وطبعاً هذا البحث يلزم ان ننقحه فهل هذه الحرمة وهذه الأحكام في هذه الأبواب هل هي حق الناس أو هي حق الله أو هما معاً وبأيّ درجة فإنَّ هذا مبحث مهم جداً، وقد مرَّ بنا اثارته أمس من دون تنقيحه والتدقيق، مثلاً حرمة المثلة ومرتبطة ببدن المخلوق، لأنَّ بدن المخلوق هو حق الله وليس حق المخلوق ولذلك جملة من الفقهاء هنا قالوا إنه حتى أصحاب البدع والانحرافات والضلالات أو من تسوغ غيبته أو الظالمين أو غيرهم فتارة انت تنتقص خلقته فإنَّ خلقته هي فعل الله وليست فعله فهذه ترتبط بحق الله وليس بحث الانسان أما أنه قد يسوغ لجهة معينة فهذا بحث آخر، ولكن حتى الظالم وحتى عديم الحرمة تارة انت تنتقص ما فيه من حق الله فهذا لا يسوغ بسبب ظلمة وجوره، تارة أنت تنتقص ما فيه من حف نفسه فذها بحث آخر فإذا لم يراع حرمة نفسه فسوف تنتهك حرمة نفسه، فيلزم أن نميز بين ذلك، مثلاً بعض أعمال الجور فإنَّ البعض يظن أن الفجور حرمة حقية، ولكن هذا غير صحيح فإنها ليست حرمة حقية وإنما هي في الأصل حرمة حق الله عزّ وجل وليس له ربط بالطرف الآخر ولو كان ساقطاً فليس قصة أنه ساقط وإنما هذا الفجور حرمته هي حرمة حق الله ومعروف أنه توجد غفلة عد العوام في ذلك، والحال أنها مرتبطة بحق الله وليست مرتبطة بحق الطرف الآخر فارتكاب الفجور لا يسوغه كون الطر فالآخر متهتكاً، فإنه حتى لو كان متهتكاً ولو كان غير ذلك فإنَّ حرمة الفجور هي حق الله لأجل طهارة وعفّة نفس الشخص لا أنها من تلك الجهة، هذه جهة أخرى مهمة لابد أن نلتفت إليها.

وستأتينا رواية هارون بن الجهم، وهي تدل على أنَّ هذه الأحكام إذا كانت احتراماً وحرمةً فهي من حقق الناس، وهذا البحث الذي ذكرناه وهي أنَّ درجات الحرمة ترتبط بمدى التزام الشخص هذا كله تقريب كون الحرمة هي حق الناس وليس فيه تعرض لحق الله ولكن حق الله لابد من الالتفات إليه، فما مر بنا من درجات وغير ذلك كله مرتبط بحق الناس، أما بلحاظ حق الله فهذا المبحث يبقى على عمومه، وبعبارة أخرى إنَّ الدليل الدال على الحرمة إذا كانت الحرمة من حق الله فلا يفرط بطبقات واصناف الفرد الذي يتعامل مع الانسان لأنَّ المفروض أن هذا حق الله، فهو طبقة واحدة وشيئاً واحداً وحتى لوكان طبقات فبالتالي هو حق الله، فلا يفرّق بين أصناف الفرد، فإذاً هناك ما هو من حق الناس وله درجات وطبقات وهناك ما هو حق الله، مثلاً حرمة الكذب وحرمة القذف ليست فقط حق الناس وإنما هي حق الله فإن الله تعالى يريد أن يعفّف الانسان عن أن يكذب، فالكذب إذا تعلق بالآخرين ففيه جنبتان من الحرمة حق الله وهي حرة الكذب وحق الناس وهو أنه لماذا تكذب على الاخرين فحرمة الذب يكون فيها حقّان وليس حقاً واحداً، والهجر وهو الفحش والذباء فيه حرمتان وقان وليس حقاً واحداً بتسالم الفقهاء، ( حرم الله الجنَّة على كل بذئ اللسان ) أي الفحّاش فحتى لو كانت جالساً مع الظالمين فإن الفحش والبذاءة في بنفسها حرام، فهذا الانسان قد يكون مستحقها فمن جهة حق الناس فنعم ولكن أنت كلسان فلا ، ولعل هذه أحد الاشارات في كلام أمير المؤمنين عليه السلام ( إني أكره لكم أن تكونوا سبّابين )، وطبعاً ليس بقول مطلق بل في موارد حت الله تعالى استخدم السب مع العصاة، فالمقصود أنه يوجد استثناء ولكن إجمالاً هذا المطلب يلزم أن نلتفت إليه وهو أنه دوماً هذه المجموعة من الأحكام يجب التمييز بين حق الله وحق الناس وأين هي مساحة حق الله وأين هي مساحة حق الناس، وهذا هو التعقيد في المسائل، أين هي حيثية حق الله واين هي حيثية حق الناس فإن هذا بحث مهم جداً، الآن هناك جملة من الروايات في هذا الباب دالة على ذلك، لأن عض الأعلام في جملة من هذه الأحكام أنكروا أن يكون هذا حق الناس وإنما هو فقط حق الله، وهذا خلاف المشهور، فإنَّ المشهور قالوا إنَّ هذا حق الله وحق الناس فهنا توجد حيثيتان، فجملة من الأعلام الآن لأجل القدسية والتقدس أو غيره قالوا إنَّ هذا حق الله يعني أنكروا أنه في هذه الأحكام حيثية حق الناس، مثل المقدس الأردبيلي فإنه في جملة من الأحكام قال إنَّ هذا حق الله ويجب الورع به في كل مكان، وهذا ليس بصحيح فإنه لس فقط توجد حيثية حق الله وإنما توجد حيثية حق الناس أيضاً.

إذاً في الأدلة حينما نريد أن نستنطقها يجب أن نستكشف أنه هل هناك حيثيتان أو حيثية واحدة، ومن الشواهد والروايات رواية هارون بن الجهم وسنتعرض إلى سندها ومصدرها بشكل كامل فيما بعد عد حسم النتائج ولكن نشير إليها الآن إشارة أولية، وهناك رواية عديدة سنقرؤها، فرواية علي بن الجهم وهي عن الصادق عليه السلام قال:- ( إذا جاهر الفسق بفسقه فلا حرمة له ولا غيبة )[3] ، فهذه الكلمات مفادها واضح في أنَّ حرمة الغيبة حرم حقية ولم يقتصر عليه السلام على الغيبة وإنما قال ( لا حرمة له ولا غيبة له )، يعني أنَّ بقية الحرمات الناشئة من الاحترام ويفقدها الفاسق، طبعاً بقرائن وأدلة أخرى أنه يفقد درجات من الحرمة لا كلّها، يعني لا أنه يفقد حرمة دمه وماله وعرضه، كلا بل يبقى هذا محفوظاً.

فالمقصود أنَّ هذا الحديث يبيّن أنه في حرمة الغيبة وهذه الأفعال من أخوات الغيبة فيها جنبة وحيثية حق الناس وليست فقط حق الله، وأنَّ هذه المجموعة من الأفعال كلّها راجع إلى الحرمة والاحترام في حيثية حق الناس طبعاً وليس في حيثية حق الله، وهذه نكتة مهمة جداً، فهذا الحديث كأنما يستفاد منه جملة من الأصول التقنينية أو القواعد الفقهية في هذه المجموعة.

وأيضاً من الأحاديث النبوية والظاهر أنه مرسل ولكن نقله مشهور في الكتب الحديثية والفقهية ( من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له ) فهذا يدل على أنَّ الغيبة مرتبطة بمدى حفظ الانسان لشخصية نفسه - المروّة -، فإذا كانت حرمة الغيبة ناشئة من الاحترام فإذاً هذا ليس في خوص الغيبة، ولذلك مرَّ بنا أنَّ الأعلام الذي ذكروه في حرمة السب جملة منه ذكروه في حرمة الغيبة وجملة منه ذكروه في حرمة الهمز فهذا بحث مشترك عن الحرمة والاحترام، نعم توجد خصوصيات مختلفة بلا ريب، ولكن توجد جملة من الأدلة والقواعد والتشريع المشترك بين كلّ هذه المجموعة النابع من الحرمة الاحترام وأنَّ المروّة كذا.

وأيضا توجد رواية أخرى في هذا الخضم دالة على أنَّ هذه الأحكام فيها حرمة حق الناس:- وهي ما ورد في قرب الاسناد، ولعله في الصفحة الثانية والثمانون منه، وسنراجع مصادر سند الرواية فيما بعد إن شاء الله تعالى، قال عليه السلام:- ( ثلاثة ليس لهم حرمة صاحب هوىً مبتدع )[4] وستأتي قاعدة في أهل البدع والريبة والريب فإنه لا تصان لهم جملة من الحرمات، وكيف هي وبأي درجة فهذا بحث آخر، فهي من أحد القواعد الفقهية التي عنوها الفقهاء في هذا المبحث، وهي قاعدة محل ابتلاء، وهي قاعدة ذات حدّين، وسيأتي التعرض لها في نهاية المطاف، هذه القاعدة تتداعى إلى حتى قضية الفقه الاجتماعي والفقه السياسي وتعايش المكونات وغير ذلك، فيه قاعدة حساسة، ( ثلاثة ليس لهم حرمة صاحب هوىً مبتدع والامام الجائر والفاسق المعلن بالفسق )[5] ، فإذاً أصحاب البدع والظلمة والفاسق المعلن بالفسق هؤلاء الثلاثة لا يراعون الحرمات، فهؤلاء ثلاثة طوائف لم يراعوا الاحترام فلا تصان لهم الحرمات لكن بدرجات، وستأتي تتمة الكلام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo