< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/07/22

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة الثامنة من النوع الرابع ( الرشوة ) - المكاسب المحرمة.

كنا في صدد استعراض ما نستدركه على صاحب الوسائل من روايات لم يوردها مما ترتبط بالرشوة، فالرواية الأولى التي ذكرناها هي خطبة لأمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة في توصية النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأمير المؤمنين عليه السلام عن آخر الزمان أو عموماً- يعني في الأزمان اللاحقة -، ( يا علي إنَّ القوم سيفتنون بعدي بأموالهم .... ويستحلون حرامه بالشبهات الكاذبة والأهواء الساهية فيستحلون الخمر بالنبيذ ويستحلون السحت بالهدية )[1] ، ولماذا عبّر النبي صلى الله عليه واله وسلم بهذا التعبير حيث عبر عن السحت بالهدية أو أنَّ الطريق الذي يحتالون عن السحت بتوسط الهدية؟، فلاحظ أنَّ نفس المضمون في الرواية مضمون شامخ جداً فقهي يعني مشتمل على أصول التشريع فلا تحتاج إلى أن تبحث عن سنده مع أنّ خطب نهج البلاغة ذكرت أساندها من قبل جملة من الباحثين في كتبهم، ولكن بغض النظر عن أن نفتش في هذه الخطبة الشريفة وسندها مع أنَّ السيد الرضي ذكر في مقدمة كتابة ما يفيد أنَّ في زمانه ليس بالنسبة إليه هو هو بالنسبة إلى زمانه كل هذه الخطب وكل هذه الحكم مشهورة عندهم بطرق وهذا مذكور في بداية كلام الشريف الرضي في نهج البلاغة، مع أن الكثير من الإعلام استخرجوا أسانيد عديدة لها، ولكل نهج البلاغة عموماً، فهناك كتاب من الأعلام أو المحققين ربما تصل إلى عشرة كتب وكل كتاب يتكون من كم جزء ممن كتب في أسانيد كل خطبة من نهج البلاغة، أما أنها لم تجمع في كتاب واحد هذا بحث آخر ولكن هناك جملة من المحققين شكر الله سعيهم جمعوا في كتب عديدة بعضها موسوعات وبعضها مجلد واحد وبعضها مجلدات جمعوا فيها أسانيد كل خطبة من خطب نهج البلاغة لكي تكونوا على تنبه من البحث، لأنَّ بعض الأجلة كأنما هو غافل عن وجود مثل هذه المصادر، والحال هذه المصادر كتبت ودونت من كبار، علاوة على ذلك نفس شهادة الشريف الرضي في بداية كلامه بأن هذه خطب مشهورة يعني كلها هي من غرر خطب المشهورة، ليس فقط المشهورة وإنما هي خلاصة المشهورة، هي والحكم التي ذكرها، وهذا وجه ثاني، وهناك وجه ثالث وهو أن مضمون هذه الخطبة او الخطب الموجودة هو مضمون باهر علمي، يعني لا يأتي من غير المعصوم كما وضحنا من مواد عديدة، فعلى كلٍ هذا المقطع من الخطبة الشريفة أيضاً واضح في أنه مشتمل على التشريع وليس من ذهنية فقيه أو عالم، نلاحظ هنا الدقة في هذا التعبير النبوي الذي يحكيه أمير المؤمنين عن سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم يقول ( ويستحلون السحت بالهدية ) ، وكيف يستحلون السحت بالهدية، فأصلاً معنى السحت ما هو؟ كما مر بنا في بداية الحديث عن الرشوة، وكيف يستبدل بالهدية، ولماذا يستبدل بالهدية لا بغيرها؟ وهنا توجد نكتة هنا صناعية شامخة جداً، وهي أنَّ السحت كما مر لا يختص بالرشوة، وقد مرّ بنا روايات كثيرة أوردها صاحب الوسائل مثل أجر الزانية والفجور سحت والغلول الذي يأخذ خيانةً من بيت المال سحت وثمن الكلب سحت وثمن الخمر سحت، فالسحت أنواع كثيرة، فما هو تعريف السحت؟، إذن السحت ليس خصوص الرشوة وإنما الرشوة أحد أنواعه، وحتى أنه توجد روايات صحيحة مرت بنا أنَّ الرشوة من السحت، ولا يختص السحت بالرشوة، لذا البحث أعم، كيف يستحل السحت بالرشوة؟ مرّ بنا تعريف أنَّ السحت ليس هو الغصب وإنما يختلف عن الغصب، فالغصب يسمى سحتاً، السحت هو العوض في معاوضة أبطلها الشارع، فهذا العوض الذي يؤخذ في معاوضة فاسدة باطلة عند الشارع يسميه الشارع سحتا، فأنت أيها المتعاوض مع طرف آخر في معارضة يرفضها الشارع مثل المعاوضة على الزنا أو بيع الخمر أو بيع النبيذ أو بيع الكلب مثلاً فهذه معارضة لا يرفضها الشارع لكن المالكين متراضيين فهي ليست غصباً، فلا تأكل مال الغير أو ( لا يحل مال امرئ إلا بطيبة نفسه ) فهذه لا يمكن أن تستدل بها لأنَّ المالك عنده طيبة نفس، فحرمة مالكية ليست موجودة بيه لأنه راضٍ، وإنما تأتي من الحرمة من الحرمة الشرعية، فيسميه الشارع سحتٌ، يعني يقول الشارع أنتم وإن رضيتم بهذا بينكم أيها المتعاقدان لكني أنا الشارع أمنعكما عن التداول لذلك يكون سحتاً، على هذا التقريب والتقرير للسحت وقدد مرَّ بنا في بداية بحث الرشوة أصل قاعدة السحت هي قاعدة فقهية مستقلة أكبر من مسألة الرشوة، فهي قاعدة مستقلة مهمة، وسيأتي وذكرنا افتراقها عن بحث الرشوة لها ارتباط حتى في أول مبحث البيع أو العقود الأخرى – قاعدة السحت -، كما أنه تودد لدينا قاعد أخرى وهي قاعدة الغلول، فهذه قاعدة أخرى غير مرتبطة بالرناط حتى في ا كتبهم شوة، قد تنطبق وتصادق مع الرشوة ولكنها غير الرشوة وإنما هي قاعدة عامة، فقاعدة السحت مقتضاها أنَّ كل عقد لم يمضه الشارع وضعاً ترتيب الأثر عليه حرام تكليفاً وسحتاً، هذه النكتة مهمة جداً، لأنّ المشهور عند متأخري الأعصار أن بعض العقود الباطلة حرام تكليفاً وليس كل العقود الباطلة حرام تكليفاً، فالربا حرام تكليفاً ووضعاً ومغلَّظاً، والقمار حرام تكليفاً ووضعاً ومغلظاً وهلم جرا، وأما بيع الغرر مثلاً فهو حرام ووضعاً وليس تكليفاً، أو أيّ عقد لم يستوفِ الشرائط هو حرام وضعاً يعني أنه فاسد وباطل، لكن حرمة شرعية يحتاج إلى دليل، وبيع الميتة حرام تكليفاً ووضعاً، وبيع الخمر حرام تكليفاً ووضعاً وهو حرام تكليفاً بشدة، وبيع الخنزير حرام تكليفاً بشدة ووضعاً، أما بيع النجس أو العذرة حرام وضعاً وليس تكليفاً، هكذا بنى متأخري الأعصار وهو أنَّ بعض العقود الباطلة وضعاً حرام وضعاً وفاسدة وضعاً ليست حرام تكليفاً ولكن بعضها الآخر تجتمع فيها الحرمتان، وبناء على متأخري الأعصار يكون البيع الغرري حرام وضعاً وليس تكليفاً، فهو تكلفاً ليس مثل عقد الربا، أو مثل القمار، إذا رتب المتعاقدان عليه الأثر ماذا يصبح؟ قال متأخري الأعصار إنه يكون من أكل مال الغير غصباً ، لأنه لم ينتقل الى الطرف الآخر، فهو حرام من جهة أنَّه تصرف في مال الغير من دون أذن منه.

ويشكل عليه: - بأنَّ إذا كان هذا من جهة الاذن فهذا آذن؟ فبعضهم قال إنَّ هذا الإذن مقيد بصحة، والعقد الربوي ليس بصحيح فأذن ينتفي هذا الإذن، ولكن بعض المتعاقدين حتى مع علمه بالفساد الشرعي مع ذلك يقول أنا آذن فماذا تقولون؟ قالوا لا ما يصح له التصرف أيضاً لأنه لم يملكه، ننعم ولكنه مأذون من قبل المالك فماذا تقولون؟، هنا توجد عقدة سيأتي في بحث البيع بمشيئة الله تعالى فيها حيص وبيص عند الأعلام، هنا الشارع يقول ليس لك أن ترتب أثر أيها المتعاقد على عقدٍ باطل وضعاً فيه منع تكليفي شرعي هو سحت يعتبر عنه الشارع حتى لو كان المالك أذِن، وقد مرَّ بنا هذا البحث، فالشارع يمنع، ففي الربا نستطيع أن نقول هناك ثلاث حرمات، حرمة عقد الربا أي نفس انشاء عقد الربا حرام تكليفاً، والربا باطل وضعاً وهذه حرمة وضعيه أخرى، ( وحرّم الربا ) حرمه تكليفاً ووضعاً، وتوجد حرمة ثالثة في الربا هي أنه إذا أردت أن ترتب الأثر عليه بحيث تتملك وتتعاطى بالعوض الربوي الذي أخذته من الربا فحتى لو كان المالك آذن ولكن يعتبره الشارع سحتاً، ففي الربا أو القمار أو بيع الميتة أو ما شاكله تصير ثلاث فيف بوي الذي ا تتملليفاً ها غير الرشوةحرمات، حرمة في الأنشاء وحرمة وضعية في بطلان العقد حرمة تكليفية أخرى في ترتيب الأثر فهو سحت، فقاعدة واللطيف أنَّ حرمة السحت تعني أنها حرمة تكليفية وضعية معاً، كما مرّ بنا ذكرت أن أحد الأعلام بنى في بحوث المسائل المستحدثة أو الربا أو البنوك أنَّ يذهب إلى طريق بديل حتى في الربويات كلّها وهو تراضي المتعاقدين، وهذا غفلة تماماً عن أن الحرمة الربوية ليست حرمة ناشئة من عدم إذن المالك بالمال وإنما الحرمة الربوية هي حق الله وليس من باب حق الناس، أما الغصب حرمته حق الله وحق الناس، أما السحت فهو متمحض في حق الله، حتى لو لم يكن حرمة مالكية - غصب - ، وهذا ذكرناه ليس في المعاملات، وإنما حتى في الفقه السياسي، وإلا إذا صار في المعاملات نستبدل النظام المعاملي الشرعي بنظام معاملي مدني علماني فهذا لا يحلل المسيرة والمسار، فالعقد الاجتماعي أو التوافق الاجتماعي لا يحلل العقود التي منع الشارع عنها، لأن حرمتها ليست مختصة بحق الناس ي تقول أذن الناس تعامل الناس وتطايب الناس ولكن الشارع يقول إنه هذا ليس طبياً وإنما هو خبث وخَبَث ، أي حق الله، كذلك في الفقه السياسي جملة من الأعلام عندما كتبوا عن نظام الحكم والحكومة قالوا نحن نحتاج أن نثبت شرعية نظام الحكم عن طريق الشارع وإنما نستطيع أن نستبدل الشرعية من الشارع الله ورسوله والأمة وإنما نأخذ الشرعية من جهة توافقات الناس مع بعضها مع بعض، وهذه شبيهة لنظرية العقد الاجتماعي، فحينئذٍ لا يصير ظلم وجور، وإنما شرعية نابعة من التوافقات، هذا في الفقه السياسي وهو شبيه الفقه المعاملي، وأقصد النكتة الصناعية والغفلة القاتلة هي واحدة، فقالوا إنَّ الشعب هو مصدر الشرعية والسلطة، وهذه هي الغفلة فإنه لا يمكن، فإن الشارع قال إن ما تتراضون به أنتم هو جور ولا أمضيه، ولا أمضيه عني أني أمنعه وأتصدى له بالصدّ عنه، كيف الحال بالربا كذلك أي ولاية خارجة عن ﴿إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا و الذين يقيمون الصلوة ويؤتون الزكوة وهم راكعون﴾[2] ، فأي وليجة، ووليجة يعني التوافقات الخارجة عن ذلك، فأي وليجة تلج فيها من توافقان من دون الله ورسوله وولي رسوله كل تلك الولائج لا عبرة لها ﴿ولم يتخذوا من دون الله ورسوله وليجة﴾ ، فلا يمكن بينكم أن تتعاقدوا لا تعاقد مالي ولا تعاقد سياسي أو اجتماعي إلا أنا ربّ الأرباب الله تعالى أمضي لكم التعاقدات، فالبيعة والبيع واحد لكن البيعة في الجوانب السياسية البيع في الجوانب المالية، فبيعةٌ وبيع من دون تعاقد يمضيه الشارع في جانب المعاملة يسميه الشارع سحتاً، وفي جانب العقود له تسمية خاصة ( كل بيعةٍ ليست لله ولرسوله فهي بيعة ضلالة وغيٍّ وجور وظلم )، يعني ليس فقط لا يمضيها الشارع إنما يمنع عنها ويصد عنها، ففي المنطق الشرعي الشعب أبداً ليس مصدر السلطات ولا الشرعيات ولا الصلاحيات، وإنما الدين هو المصدر، نعم الشارع أعطى فسحة للشعب أن يكون رقيباً على السلطة فحينئذٍ صلاحيته هذه تكون من الشارع وهذا صحيح﴿، المؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون على المنكر﴾هذا صحيح تحت ظل وخميه الله ورسوله، لا أنه مستقل فكونه مستقلاً ليس بصحيح.

إذاً السحت أو بيعة الضلالة الشرع يمنع عنها وأنه ليس هناك توافقات عسكرية أو سياسية أو اجتماعية أو دولية أو ميثاق دوليـ بل يجب أن ينطبق الميثاق من الله ورسوله، ﴿ومن يطع الله والرسول فأولئك﴾[3] ... ، يوجد تعبير لطيف في الروايات ليس هناك الا دولتان دولة الحق دولة الله ورسوله ودولة إبليس وليس هناك دولة أخرى، فإما أبيض أو أسود ولا يوجد وسط ثالث، فهذا الوسط ثالث ليس بموجود ماذا يعني؟ يعني أنَّ الحرمة التي سترتكبونها أنتم في النظام السياسي ليست هي حرمة حق الناس لكي تقول إنَّ حق الناس يمكن أن نتلافاه بتراضي الناس، وإنما هي حرمة ناشئة من حق الله وحق الرسول وهذه لا يمكن تلافها، كذلك الكلام في المعاملات والموارد الأخرى.

إذن في هذه العقود سواء كانت عقوداً مالية أو فردية أو سياسية أو اجتماعية أو مالية سياسية أو سياسية بحتة وفي القضاء ايضاً كذلك، ففي القضاء يعني ربما السيد الخوئي وغيره من الاعلام وقد طرح هذا البحث في القضاء وهو أنه هل قاضي التحكيم على القاعدة صحيح بتوافق اجتماعي، يعني توافق من قبل المتخاصمين؟ قال بعض الأعلام نعم نستطيع أن نصوّر أن القضاء أيضاً كذلك ، أما إذا القاضي منصوباً فلا يكون إلا بإذن الله ورسوله والأئمة عليهم السلام، أما قاضي التحكيم فهو قاضٍ وضعي مدني توافقي، بعضهم قال لمَ لا يكون جائزاً غاية الأمر يقضي بحكم الله؟!!، لا حضوا القضاء توجد عدة شؤون وعدة جهات، فالموازين التي يقضي بها القاضي لا بد أن تكون بحكم الله ورسوله، أما تنصيب القاضي وصلاحية القاضي فهذا غير نفس عملية القضاء، الأدلة الشرعية تقول إنَّ تنصيب القاضي ومنصب القاضي يجب أن يكون بإذن من الله تعالى، القضاء كعمل وعمل علمي وسلطوي فنفس العمل يجب أن يأتي بموازين من الله ورسوله والأئمة، تصيب القاضي أيضاً يجب أن يكون من صلاحية الله ورسوله والأئمة، لا يكفي أنَّ القاضي متراضان عليه، افترض أن القاضي كان فاسقاً فهذا لم ينصبه الأئمة لكن بتراضي من الخصمين يعرف الأحكام الشرعية فهنا لا يجوز له القضاء من باب القاضي بالتحكيم، كلا، فإن القاضي بالتحكيم على القاعدة ليس بصحيح إلا أن يأذن من له الصلاحية وهو الله ورسوله والأئمة، لأنَّ السلطة والقضائية فإن القضاء سلطة وقدرة فيجب أن تنبع من الله ورسوله والأئمة ولا تصح بالتوافق الاجتماعي بالتعاقد، فلا يصح أن يقال أن قاضي التحكيم يتم في التعاقد الاجتماعي فإن هذا لا يمكن - نظرية جان جاكروسو - بل لا بد أن تأتي الصلاحية من الله ورسوله والأئمة.

إذن هذا البحث صناعياً هو نكتة واحدة، وقبل أن نلخص المطلب دعونا نذكر هذه النكتة ثم نلخص المطلب:- لاحظوا أنَّ السفيه مثلاً أو المفلَّس حجر عليه الشارع حتى لو عقد بيعاً صحيحاً على الموازين الشرعية ولكن الشارع سلب صلاحيته السفيه أو الحجر أو المفلس أو المجنون أو الصبي، فهو قد يقدم على معاملة تامة في الشرائط ولكن هذا لا يكفي في صحة المعاملة لأن الولاية على العقد سلبها الشارع منه، فكون الفعل موزناً لا يكفي وإنما يجب أن تكون هناك شرائط في الفاعل من قبل الشارع، فلاحظ كيف يتدخل الشارع حتى في صلاحيات الفاعل مع الناس مسلطون على أموالهم، ولكن الله مسلط عليهم.

وملخص البحث في كل هذه الموارد في العقود المالية وفي العقود السياسية والعقود القضائية وغير ذلك هو أنه لا يمكن أن تكتسب الشرعية من توافقات الناس أو الشعب أو الأمة أبداً، بل الشرعية مصدرها الوحيد من الله ورسوله والأئمة، نعم هم يعطون دوراً للأمة في أن تنتخب وهذا صحيح وموجود وأنها تراقب وهذا صحيح، وتكون هي سيد المراقبين فهذا صحيح، ولكن على شرط أن تنتهج الأمة نهج الله ورسوله والأئمة لا بما تترضى هي به ولو خالف الموازين الشرعية، كلا، لأنَّ أفعال الناس هي حق الله قبل أن تكون حق الناس، وحق الله مقدم على حق الناس، وهذا أصل تشريعي في كل وظائفه لا يصح الغفلة عنه في الفقه السياسي وفي الفقه المعاملي وفي الفقه الأسري وفي فقه القضاء، وفي كل الأبواب نكتة السحت لا ننساها وهي نكتة واحدة، يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم إنَّ ( علامة آخر الزمان ...... ويستحلون السحت بالهدية )، والهدية يعني في التوافقات المالكية الشعبية، وهذا غير صحيح، فإنَّ الشيء الذي منع عنه الشارع لا يمكن أن تلتف عليه، فحكم الجور منع عنه الشراع فأنت لا تستطيع أن تلتف عليه، وقضاء الجور منع عنه الشارع لا تستطيع أن تلتف عليه وإنما الشارع هو الذي يحدد، فمثلاً نحن نجعل المرأة قاضية ولو أنَّ الشارع لم ينصبها ولكن غير لا يصح وليس لك ذلك وإن كان بتوافقات من الشعب، لأنه إذا اشترط الرجولة فقد انتهى فقد انتهى الأمر ولابد أن يكون القاضي رجلاً، وهل جرا.

هنا لاحظوا كيف أنَّ هذا التعبير في الحديث النبوي الموجود في نهج البلاغة وكيف أنه شامخ حيث يقول ( يستحلون السحت بالهدية ) يعني وإن لم يكن هناك رضىً من الله يكن هناك رضا مالكياً من الملّاك - حق الناس - فهنا لا يصح لك أن تستحل حرمة الله بذريعة إذن حق الناس، فلاحظ أن النكتة واحدة وليست فقط هي موجودة في المال وإنما هي موجودة في القضاء وفي الفقه السياسي وفي الفقه الأسري وفي فقه عقد النكاح، فما جعله الشارع ممنوعاً وحقاً لله ليس لك أن تستبدله بتوافقات الناس والشعب، فهنا توجد نكتة واحدة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo