< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/07/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة الثامنة من النوع الرابع ( الرشوة ) - المكاسب المحرمة.

كنا في صحيحة عمار بن مروان وهذه الصحيحة عمدة في روايات الباب وبقية الروايات المعتبرة التي ستأتي لسانها مقرب، فلذا الامعان في دلالة هذه الرواية أمر هام جداً، وبحمد الله تم استخراج عدة نكات في دلالة هذه الرواية، ولكن بقيت بعض النقاط في دلالتها.

كما مرَّ أنَّ قاعدة السحت تشير إلى حق الله تعالى في نظام التعامل لمالي، السحت يعني بالتالي الحرمة التي هي حق الله لا ترتبط بحق الناس، ( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) فتراضٍ هو حق الناس أما كونها تارة وليست ربا فهي حق الله فيجتمع في المعاملة حقوق، ( أحل الله البيع ) وليس أحل الناس فهذا حق الله ، ( وحرم الربا ) هذا حق الله، أما ( تجارة عن تراض )[1] فـ( عن تراضٍ ) هو حق الناس، فأخذ حق الناس مدّ النظر والاعتبار، فالمعاملة فيها عدة حقوق أو قل عدة ولايات ولاية الله وولاية الناس - حق الناس -، فالسحت كما مرّ بنا يشير إلى الحرمة من جهة حق الله وهذا التفكيك في مباحث المعاملات مهم جداً، ولعله مر بنا في الأصول لماذا نحاول التركيز على هذا التفكيك أكثر؟ لأنه مهم في بحث الرشوة وبذل المال ومهم في مباحث كثيرة ستأتي فلا بأس أن نوضح هذه النقطة ثم نواصل دلالة الرواية.

المعروف أنَّ غضّ النظر - وهذا المثال ذكرناه في بحث النكاح - في كلمات الأعلام يعتبونه حرمة تكليفية إلهية - يعني حق الله - ومن ثم حملوا الروايا المحرمة والروايات المحللة كلها على حق الله فهي محللة من جهة حق الله ومرحمة من جهة حق الله، بينما الأدلة تشير إلى أنه حتى في حرمة النظر إلى الاجنبية أو الاجنبية للأجنبي ليس فقط حق الله وإنما حق الناس موجود في البين، وما الثمرة؟ الثمرة واضحة، فإنه إذا أتت أدلة محللة أو محرمة فنلاحظ هل هي محللة من جهة حق الناس أو هي محللة أو محرمة من جهة حق الله أو من جهة حق الناس، وسبحان الله تعالى هذه من مقامات الصديقة فاطمة عليها السلام في وصيتها لأمير المؤمنين عليه السلام ( قد أذنت لك أن تغسل جسمي ) مع أن الزوج من باب حق الله يحل له أن يغسل زوجته بل أولى الناس، وإن كان الامام الصادق عليه السلام يقول إنَّ عرف الناس لا يقبل بذلك في ذلك الزمان فإنهم في ذلك الزمان تأخذهم الغيرة العشائرية، فعندهم فحينما تموت المرأة عندهم انقطعت عن الزوج وانفصلت عنه فلا يقبلون بأن يغسل الزوج زوجته لأنه يصير عندهم أجنبي ولذلك في الكثير من الروايات يسألون الامام الصادق عليه السلام هل غسل أمير المؤمنين فاطمة عليهما السلام؟، فهنا مع أن الحلية موجودة حق الناس للمرأة إذا كانت المرأة متزوجة فهو للزوج أما فاطمة عليها السلام هنا قالت لعلي ( قد أذنت لك أن تغسل ) - هذا مضمون كلامها ولكمة أذنت موجودة -، على أي حال ففي باب نظر الأجنبي للأجنبية هل الحكم هنا من باب حق الناس أو فقط حق الله كما استظهر أكثر المشهور فإنه هل توجد ثمرة لهذا؟ الثمرة هي أنه مثلاً جاءت روايات محللة للنظر إلى عورة المرأة غير العفيفة غير المتحجبة سواء كانت العورة شعرها أو غير ذلك لأنها تقول إنها كعورة حيوان وهذه الرواية صحيحة أعلائية، فهذا التحليل هل هو تحليل حق الله أو هو حق الناس؟، وما هو فرق؟ إنه يوجد فرق كبير، فالتفكيك بين حق الله وحق الناس مهم في الأحكام، المنع عن الربا هو حق الله وليس من باب حق الناس ، فلا تقل إن هؤلاء المترابيان متراضيان فلا بأس في ذلك، ولكن نقول إنَّ هذا غير صحيح فهما يتراضيان في حق نفسهما وليس في حق الله أما حق الله لا يعتبر فيه أنهما راضيان أو غير راضيين فإنَّ هذا لا اعتبا له فلو كان من حق الناس فنعم هذا يرتبط بتراضيهما أو عدم تراضيهما أما لو كان من حق الله فلا اعتبار لتراضيهما او عدم تراضيهما، الآن في حد القذف أو حد السرقة يجتمع حقان حق الله وحق الناس، أو القصاص أيضاً يسمى حداً في الروايات، فالقصاص الذي يسمى حداً في الروايات هو حق محض للناس، أو الارتداد فهو حق محض لله تعالى، أما حدّ الشرقة وحد القذف هو حق الناس وحق الله، واللطيف في حدّ السرقة وحق القذف حسب ما دلت عليه الأدلة حق الله مترتب ومتأخر عن حق الناس، يعني إذا عفى من له الحق فلا يجب حينئذٍ اقامة هذا الحد، ننعم يعزّر فهنا يصير حق الله في هذا القذف هو التعزير فقط بما يراه الحاكم وليس الحد.

فلاحظ هنا أنه يوجد ترابط وتقارن حق الله وحق الناس تارةً في العرض وتارةً في الطول، وهذه نكتة يلزم الالتفات إليها، نعم في باب النكاح في نظر الأجنبي للأجنبية ورد أنَّ النظرة الأولى هي حق الناس وليس حق الله أما النظرة الثانية هي حق الله، والثانية ليس المقصود منها النظرة رقم اثنين فقط وإنما المقصود منها التي فيها تركيز، لأنَّ تكرار النظرة تلقائياً يصير تركيز و ملئ العين من النظر فهذا هو حق الله، وقد أشار النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وصيته لأمير المؤمنين عليه السلام ( النظر الأولى لك والنظرة الثانية عليه )، و( لك ) يعني حق الناس، هذه النظرة الأولى التي هي حق الناس إذا كانت متعففة والناظر يعلم أنه في معرض أن تقع عيه عليها وهي محترمة مؤمنة ولكنها غافلة وافترض أن حجابها قد وقع عنها أو كانت مختلية في مكان وتعتقد أنه لا أحد يدخل عليها وهو مكان عام أو غير ذلك فهنا يجب على الانسان تجنب حتى النظرة الأولى، لأنَّ المفروض أنها محترمة عفيفة مؤمنة فلا يجوز له ذلك، سواء كان المكشوف شعراً أو غير ذلك، أما إذا كانت المرأة متهتكة وهذا المكلف يعلم انه يمر في هذه الممر الذي هو مكان عام مثلاً كممر حجاج منى أو غير ذلك فهنا النظرة الأولى العابرة من دون تركيز واستمرار هي لك لأنها لا تراعي الحجاب أما النظرة الثاني فلا تجوز ولو كانت لنصرانية أو يهودية أو كافرة أو مسلمة متهتكة غير متعففة، ولذلك قال الله تعالى ( ذلك أطهر لكم )، ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم )، فعلى كلٍّ أنا لا أريد الدخول في أمثلة كثيرة وإنما نقول يجب إنه في الأبواب المختلفة يجب أن نميز بين حق الله وحق الناس منها في المعاملات، فحكم الماهية المعاملية في نفسها هذا مرتبط بحق الله أما شرطية الإذن وطيب النفس من المتعاقدين هذا حق الناس، وفي النكاح أيضاً فصل بين حق اله وحق الناس كخيار الفسخ وغير ذلك، فإنه إذا كان يرجع إلى حق الله فلا يوجد خيار فسخ، أما إذا كان يرجع إلى حق الناس فيوجد خيار فسخ، ولا نريد الدخول في تفاصيله، فالمهم أن هذا التفصيل والتفكيك بين حق الناس وحق الله مؤثر في موارد عديدة فيلزم أن نلتفت إليه، وهنا أيضاً الحست ما هو ؟ السحت بالدقة هو مرتبط بحق الله، يعني أنَّ الحرمة المتعلقة بالمال الآتية من مخالفة حق الله هنا تسمى سحتاً وإلا لو كانت من جهة مخالفة حق الناس لسمي غصباً ولم يسم سحتاً، فيوجد فرق وتباين بين السحت والغصب، وهذا قد مرّ بنا ولكن هنا زيادة توضيح، حينئذٍ إذاً صور ( فأما الرشا في الحكم فهو الحكم بالله )، هو مر بهذا اللحاظ،

تبقى هذه النقطة في دلالة هذه الرواية دعونا نحررها ثم ننتقل إلى بقية الروايات:- إنَّ هذا المقدار الذي استخلصناه في هذه الرواية المهمة التي ركز عليها الأعلام في المكاسب المحرمة وفي باب القضاء وفي أبواب عديدة، هذه الرواية تحرم الرشوة فهل هي تحرم الهدية أيضاً أو لا؟، مرّ بنا أنَّ أغلب الآيات تحرّم الهدية لأنَّ ( وتدلوا بها إلى الحكام ) سواء كان الادلاء عبر مشارطة رشوة أو عبر هدية، وكذلك ( لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ) لا فرق فيها بين الهدية والرشوة، وكذلك ( ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) أعم من كونه بهدية أو بغير الهدية، فالأدلة السابقة من الروايات عنوانها أعم من الرشوة ولكن إذا كانت لباطل أما إذا كانت لحق فلا تشمله، هنا هه الرواية التي تحرم الرشوة هل تحرم الهدية أيضاً؟ لو كنا نحن وقالب اللفظ فهي لا تحرم الهدية وإنما تحرم الرشوة، ومر أنَّ الرشوة ه للباطل ما لرشوة للحق فهي تحرمها للآخذ فيها إذا كان العمل لا يؤخذ عليه أجرة وإنما كان مجانياً أما الرواية بهذا المقدار فلا تشمل الهدية، نعم يمكن كما قال الشيخ الأنصاري وكثير من الأعلام من المحمول نلتفت إلى سعة الموضوع وأنه ليس خاصاً بالرشوة، وكيف ذلك؟ إنه في المحمول في هذه الرواية ( أما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله ) أو بمثابة الكفر بالله فلماذا صار كفراً ولم يبق سحتاً؟ إنَّ هذا مرَّ بنا، وحتاً يعني حرام تكليفي ووضعي من جهة مخالفة حق الله، فلماذا لم يبق سحتاً وإنما صار كفراً؟؟ مرَّ بنا ذلك لأنه يرتبط بالولاية فهذا نوع من تغيير مسار نظام الولاية ونظام الحكم والسلطة القضائية فبدلاً من أن تكون حكومة عادلة فهذا القاضي يبصم الحكومة ولو في بعض موارد ادارتها بالجور وغير ذك فهذا يرتبط بالعقيدة والولاية، هذا المناط في المحمول واضح أنه ليس مختصاً بالرشوة وإنما هو بتأثير المال فشمل حتى الهدية أو البذل أو أي شيء آخر، فهو يشمل لتأثير المال فيشمل حتى الهدية، كما قرر ذلك الأعلام، يعني محمولاً هذه الرواية تشمل الهدية بمناسبات الحكم والموضوع كما عبر الشيخ الأنصاري وهذا صحيح.

ولكن توجد نكتة استنتاجية مهمة يجب أن نقول بها: - غاية هذا التقريب متين لا بأس به بلحاظ هذه الرواية والروايات التي ستأتي التي أخذت في الموضوع عنوان الرشوة تشمل الهدية غاية الأمر إذا كانت الهدية للباطل، يعني لإزالة الحق أو اقامة الباطل أما إذا كان لإقامة حق أو ازالة باطل ولو كان هو وظيفة القاضي او وظيفة الوالي أو غيرهما فهنا لماذا يكون كفراً بالله فإن هذا ليس تغييرً للنظام؟!! نعم عنوان الرشوة شامل بلحاظ الآخذ وهذا مرّ بنا، لأنه واجب عليه أما الهدية فهي ليست من باب أن هذا يأخذ أجرة وإنما هي هدية، صحيح أنَّ الداعي لها هو الاستمالة ولكنها استمالة لاستنقاذ الحق وهو الآن لا يشارط وإنما يقدم بواجبه بنحو المجان ولكنه يأخذ هدية وهي نوع من التحبب والتلطيف فهذا التقريب من الدلالة لا يشمل الهدية إذا كان لاستنقاذ الحق حتى على الآخذ، ولا أريد أن أقول إنَّ الأدلة كذلك فإنها قد تدل على الحرمة ولكن هذا الدليل لا يشمل الهدية.

نلخص النتائج حتى لا يصير نسيان لها: - إنَّ مقدار ما دل عليه هذا اللسان هو حرمة مطلق الرشوة للباطل لأنه سحت، فلاحظ أنَّ السحت محمول يحدد الموضوع مع أنَّ الموضوع متقدماً على المحمول وهو الذي يوجد المحمول بوجود الموضوع وهذا صحيح ولكن مناسبات المحمول أيضاً تفذلك وتقولب وتسبك الموضوع وهذه نكتة صناعية لطيفة، فالمحصّل أنَّ الرشوة للباطل كسحت هذه الرشوة سواء كانت في القضاء أو في الوالي أو في المفتي أو في السلطة الدينية أو في الوقف إذا كانت للباطل فهي رشوة سحت، فإذاً كانت الرشوة في القضاء فتصير كفراً واشد حرمة، هذه هي النتيجة الثانية، أما النتيجة الثالثة هي أن الرشوة إذا كانت للحق بلحاظ السحت إذا كان واجباً تبرعياً على الوالي أو القاضي يشملها السحت وإن لم تكن محرمة على المعطي ولكنها محرمة على الآخذ، وهناك صورة أخرى وهي أن الهدية للباطل ملحقة بقرينة المحمول، وأما الرشوة فضلاً عن الهدية إذا كانت للحق وكان ليس واجباً على العامل أن يأتي بها فصحيحة، بل الهدية حتى فيما هو واجب على العامل جائزة على المعطي والآخذ، أما أنه مكروه فهذا بحث آخر ولكن ليست حراماً، فالمحصل من الآيات وهذا السان من الروايات الذي سيتكرر أنَّ الرشوة مراتب حرمة شديدة وحرمة متوسطة وتتخفف فقد لا تكون حراماً وإن كانت مكروهة أما الهدية فهي أخف مراتباً منها.

ولا بأس أن نذكر هذه النكتة: - وهي أنَّ المراد من انه للحق أو للباطل في الهدية أو في الرشوة هو الموازين الظاهرية لا متن الواقع، واتفاقاً استفتاني جملة من القضاة تقريباً سنة ألفين وثلاثة أو ألفين أو ألفين أربعة أو خمسة في جملة من الأسئلة حوالي أربعين سؤال معقدة جداً وقد عملت عليا كثيراً ومن ضمن هذه الأسئلة هو أن المحامي هل عمله جائز أو لا؟ نعم هو جائز ما لم يعلم أنه باطل ولا يشترط في أنه لا بد أن يعلم أنه حق، ثم ما لم يعلم أنه باطل ليس مقيد بالحق الواقعي وإنما الحق الظاهري، وحتى لو وصل بمتابعة القضية قضائياً وعلم بأنها باطل فهنا يلزم أن يرفع يده، أو يحولها تحويلاً ليس لغمط حق المظلوم، افترض أن الظالم هو الذي وكّله ولكن ( أنصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقالوا:- يا رسول الله فهمنا نصره وهو مظلوماً أما فكيف ننصره وهو ظالم؟)، فعليك أن تحاول معه حتى يرجع إلى الحق فإنَّ هذا جائز وليس غشاً، إنما الغش أن تسلبه حقه، أما أن تخدعه كي يرجع من غيّه إلى الحق فهذا ليس غشاً وإنما هو نصيحة، وهذا لطيف أنه في الروايات أن الغش والنصح له معنى آخر.

فالمقصود أنه في المحاماة المحامي الضابطة في هي أنه يمشي على الموازين عنده بينة أو استصحاب أو غير ذلك فيبني عليه بل حتى يبني على الظاهر - أصالة الصحة - فما أن يأتي ميزان يرى فيه أنَّ الحق مع الطرف الآخر فإما أن يرفع يده عن ذلك أو يرعوي به وجيب عليه أن يأتي بتوليفة بحيث تقنعه يعني تلائم بين الطرفين يعني يجعل كلا الطرفين رابحين في البين من دون ضرر في البين، فعلى كل هذا مبحث طويل في القضاء لا نريد الخول فيه لكن اجمالاً نقول هذا المطلب في بحث الشبهة والشك في أنَّ المعطي للحق او للباطل الأصل الأولي فيها من هذا القبيل فإنَّ المدار على الموازين الظاهرين إلا أن يعلم الواقع فيكون هو المدار، هذا تمام الكلام في دلالة هذه الرواية والتي أمثالها روايات عديدة.

نقرأ بقية الروايات: -

فالرواية الأخرى هي موثقة سماعة: - وهي تقريباً موثقة وإن كان يوجد كلام في البطائني، والجاموراني فهذا مجهول أو لم يوثق، أما الذي قبله فهو برقي، ولكن توجد قرائن على أنَّ هذه الرواية قريبة للاعتبار، قال:- ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- السحت أنواع كثيرة ) يعني حق حرمة الله وهذا مرّ بنا، ( السحت أنواع كثيرة منها ككسب الحجام إذا شارط وأجر الزانية وثمن الخمر أما الرشا في الحكم فهو الكفر بالله العظيم )[2] ، وطبعاً مرَّ بنا أن اجارة الحجّام في نفسها باطلة وحرام أو أنها مكروهة، أما أجر الزانية فهو حرام، ونفس تقريب دلالة موجود فيها.

ونفس موثقة سماعة أيضاً رواها الشيخ الكليني بمقدار زيادة ألفاظ وجمل ( وسألته عن الغلول، فقال:- الغلول كل شيء غُلَّ من الامام وأكل مال اليتيم وشبب )[3] ، والغلول كما مرَّ بنا هو المال المأخوذ خفية.

ولا بأس أن نتمم هذه النقطة أجمالاً التي تعرضا إليها سابقاً ولم نتممها: - وهو أنه متى تقتضي قاعدة الغلول حرمة الرشوة؟ بعض أنواع الرشوة - لا كلها - للمسؤولين الحكوميين ليس فقط سحت وإنما هي غلول، لأن هذا المال الذي يعطى من قبل المعطي إلى المسؤول الحكومي إذا كان هذا المال تستحقه خزائن الدولة وإن كان المعطي هو غير الدولة أما الدولة هو أن يذهب المسؤول الحكومي لعقد صفقة تجارية أو صناعية أو زراعية أو استثمارية ما شئت فعبر فهو يذهب لعقد صفقة فيعطونه عمولة وهذا بحثه سيأتي مفصلاً في تنبيهات بحث الرشوة ، ولكن إجمالاً في بعض الموارد من العمولة التي يعطيها الطرف الآخر سواء كان الطرف الآخر دولة أو قطاع خاص أو أي شيء آخر هذه العمولة التي يتقاضاها المسؤول الحكومي بعضها هي من حق بيت المال - يعني لابد أن ترجع إلى بيت المال وليس إلى هذا المسؤول الحكومي - فأخذها خفية بعنوان الرشوة من قبل المسؤول الحكومي هو كما يكون سحتاً كذلك قد يكون غلولاً، ومتى يكون سحتاً؟ يلزم أن نرجع إلى نفس المعطي فإن لم يكن المعطي يستحق العطاء واستحقه بيت المال هنا يصير غلولاً، فإما أن تصير الرشوة سحت أو غلول.

والخلاصة التي سيأتي تفصيلها فيما بعد الغلول يصلح أن يكون دليلاً لحرمة الرشوة فيما إذا كانت الرشوة ليس من استحقاق المعطي وإنما من استحقاق بيت المال فتكون غلولاً، لأنَّ الغلول هو أخذ شيء من المال العام خفية وخيانة، فقاعدة الغلول هي غير السحت، وسيأتي توضيحها أكثر.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo