< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/06/23

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة الثامنة من النوع الرابع ( الرشوة ) - المكاسب المحرمة.

لازلنا مع كلام الشيخ الطوسي في المبسوط يقول السيخ الطوسي ( والقاضي بين المسلمين والعامل عليهم يحرم على كل واحد منهم الرشوة )[1] ، وحينما يقول العامل لا يخص الشيخ الطوسي بالوزير أو الوالي وإنما العامل هو كل مسؤول في القطاع العام يبعر عنه بالعامل، فيقول ( يحرم على كل واحد منهم الرشوة لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لعن الله الراشي والمرتشي في الحكم"هنا تصريح من الشيخ الطوسي بأنَّ الحكم لا يشمل القضاء فقط وإنما يشمل الحكم التنفيذي السياسي وهذا لأجل مبحث صلاحية الفقيه عندما جعله الامام الصادق والأئمة عليهم السلام حاكماً هل يخص الفتوى والقضاء أو يعم الولاية في الحكم، فهنا الشيخ الطوسي يصرّح بأنَّ الحكم أعم ، يعني يستدل برواية نبوية فيها عوان الحكم أعم من السلطة التنفيذية والسلطة القضائية وهذا هو الصحيح وعليه شواهد كثيرة أخرى، ( وهو حرام على المرتشي بكل حال وأما الراشي وهو المعطي فإن كان قد رشاه على تغيير حكم أو ايقافه فهو حرام )[2] ، وتقريباً نستطيع أن نقول مشهور القدماء أو أكثرهم والطبقة اللاحقة من المتأخرين يعني طبقتين أو ثلاث من الفقهاء الشهر عندهم من جهة المعطي إنما تكون الرشوة حرام إذا كانت على أمر باطل أما إذا كانت على استحقاق فليست بحرام على المعطي فإنَّ أكثرهم بنى على هذا، أما أن شخص يناقش هذا المبنى عندهم فنعم هو محل نقاش عندهم وسيأتي هذا، ولكن نفصد من جهة نسبة القوال فنعم هو مشهور عند المتقدمين والطبقة اللاحقة من المتقدمين، فإنَّ المتقدمين تنتهي طبتهم إل ابن إدريس أما ما بعد ابن إدريس إلى الشهيد الثاني فهي طبقة المتأخرين وما بعد الشهيد الثاني هم متأخري المتأخرين، فالمتقدمين والمتأخرين ولعل متأخري المتأخرين أكثرهم على أنَّ المعطي للرشوة إذا كان في مورد حق واستحقاق فليس بحرام، وبعضهم يقيدها بالضرورة، وبعضهم لا يقيدها بذلك، والسيد الخوئي يشير ويقول لو كان الاستدلال بالآية الكريمة وهو ﴿لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من اموال الناس بالباطل﴾[3] ، فإذا كان استدلال على حرمة الرشوة بالآية الكريمة فهي حرمتها في الموضوع الباطل، وأما في مورد الحق فلا هذا حسب الآية الكريمة أما حسب الأدلة الأخرى فهذا بحث آخر، وهنا اعترف السيد الخوئي أن الروايات يمكن أن يدعى فيها الاطلاق ولكن الآية دلالتها ضيقة أي في مورد الباطل فقط، فالمهم أنَّ مبنى مشهور المتقدمين والمتأخرين هو على أن المعطي الراشي إنما يحرم عليه في مورد ما لو كانت الغاية باطلة من اقامة باطل أو ازالة حقن ( فإن كان قد رشاه على تغيير حكم أو ايقافه فهو حرام وإن كان لإجرائه على واجبه لم يحرم عليه أن يرشوه كذلك لأنه يستنقذ ماله فيحل ذلك له ويحرم على آخذه لأنه يأخذ الرزق من بيت المال )[4] ، فإنَّ تمويله كما مرّ بنا هو من بيت المال وليس من المراجعين أو القطاع الخاص، فلا يجوز له أن يأخذ منهم في حق أو باطل.

والسيد الخوئي يشير إلى اعتراض على المشهور في منهج الاستدلال: - وهو أنه لماذا حملوا الأجرة على الواجبات، فإنَّ بحثنا هو في الرشوة وليس في الأجرة؟

وهذا الاعتراض في محله بناءً على تفسير الأجرة على الواجبات بالوجوه الأخرى:- فإنه بناء على التفسير الذي مر أمس وهو أنَّ الأجرة على الواجبات يعني التمويل من القطاع الخاص فهذا الاعتراض يكون في محله فهنا يصير نوعاً من الترادف حتى القريب من اللغوي بين الرشوة وبين الأجرة على الواجبات، فإنَّ المراد من الأجرة على الواجبات هنا هي الأجرة من القطاع الخاص، ( ويحرم على آخذه لأنه يأخذ الرزق من بيت المال )[5] وأمس مرّ بنا احتمال تفسير الرزق بأنواع عديدة وليس خصوص العيلولة والضمان الاجتماعي أو التمليك المحدود وإنما يشمل حتى الأجرة، ( وإن لم يكن له رزق قال لهما لست اقضي بينكما حتى تجعلا لي رزقاً عليه حلّ ذلك حينئذٍ عند قوم وعندنا لا يجوز بحال كما مر فأما الهدية فإن لم يكن بمهاداتها ......)[6] ، ثم بعد ذلك قال وهو يفصّل في الهدية فهو يلحق الهدية إذا كانت لغرض باطل فهو يلحقها محمولاً بحرمة الرشوة لا موضوعاً، ( وروى أو حميد الساعدي قال:- استعمل النبي صلى الله عليه وآله رجلاً من بني الأسد يقال له أبو البنية[ أبو الأبنية ] على صدقة فلما قدم قال هذا لكم وهذا أهدي لي ... )[7] ، وهنا توجد نكتة معاملة لطيفة يشرحها النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشرحها هنا:- ( فقال النبي على المنبر: - ما بال العامل نبعثه على أعمالنا يقول هذا لكم وهذا أهدي لي فهلا جلس في بيت ابيه أو بيت أمه ينظر يهدى له او لا ؟! )، إذاً هذه الهدية المراد بها الشخصية الحقوقية وليس الشخصية الحقيقية وإذا أريد بها الشخصية الحقوقية فهي لبيت المال ولس للشخص فإذا أخذها كانت غلولاً أي خيانة لبيت المال ( هدايا العمال غلول )[8] ، أي هدايا المسؤولين هي غلول يعني لا تجعلها لنفسك إنما هي لبيت المال، ولا سيما إذا كانت خطيرة فإذا كانت خطيرة فواضح أنها تهدى للشخصية الحقوقية وليست الشخصية الحقيقية، وهذا البحث مر بنا في بيع ما لا منفعة فيه فإن عامل المضاربة تارة ينشئ البيع لنفسه وتارة ينشئه لغير أو الذي يتاجر بأموال الصبي أو الذي يتاجر بأموال بيت المال كما لو عقد صفقة مع طرف أجنبي على معاملة معينة للدولة وهم يعطونه عمولة كهدية على هذه المعاملة وهي هدية كيرة فهم لا يعطونها بما زيد بن أرقم أو بما هو مسؤول في هذه المناقصة فإذاً هذا تمليك للمنصب وليس تمليكاً له، وإلا لو لم تكن عنده مسؤولية وكان الساً في البيت كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الذي يعطيه هذه الهدية؟!!، وهذا ليس من قبيل الداعي وإنما هو من قبيل التقييد يعني تعطيه بهذه الصفة، وبعضهم قال إن المنصب هو حيثية تعليلية أي هو داعي، والحال ان هذا غير صحيح فإن الاعطاء هو بلحاظ منصبة لا بداعي منصبة فهو بهذه الحيثية، ولذلك لو صدر قرار بأن يعزل هذا الشخص عن صلاحية الشراء للصفقة فاصلاً لا يعطنه شيئاً، فإذاً واضح أنَّ هذا التقييد ليس بنحو الداعي، ولذلك هذه الهدايا التي يتقاضاها المسؤولين مشكلة، وشبيه هذا الآن عامل مضاربة ذمته ورأس ماله قليل ولا توجد عنده قدرة أن يتعامل بالملايين ولكن لأنّ صاحب رأس المال أعطاه الملايين فهو يستطيع أن يتعامل بالملايين، فهو حينما يتعامل بالملايين يعني هل هو بما هو ذمته الشخصية أو بلحاظ مال أصحاب الأموال؟ إنه تلقائياً تقع المعاملة لأصحاب الأموال، وهذا مرّ بنا وقد تعرضنا إلى بحث المضاربة وتعرضنا إلى الاتجار بمال اليتيم أو بالمال غير المخمس وغير المزكّى فهذه البحوث مرت بنا وهي أن ذمته العرفية هذا المضارب كشخصية حقيقية ليس لها قدرة ملايين الدولارات أما شخصيته الحقوقية فهي لها هذه القدرة وشخصيته الحقوقية ليست له وإنما للنظام ولذلك تكون غلولا وكأنهما سرقها من بيت المال، قال صلى الله عليه وآله وسلم ( فهلّا جليس في بيت ابيه أو بيت أمّه ينظر يهدى له أم لا ؟، والذي نفسي بيده لا يأخذ أحد منها شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته إن كان بعيراً له رواء أو بقرة لها خوار أو شاة لها تنعم، ثم رفع يدية حتى رأينا عقب إبطيه وقال:- اللهم هل بلّغت اللهم هل بلّغت )[9] ، فالمقصود أن نفس ما ورد عن النبي هو أنَّ هدايا العمّال غلول، ( فإن قيل أليس قد قال النبي لو دهيت إلى ذراع لأجبت ولو أهدي إلي كراع لقبلت؟! قلنا الفصل بينه وبين امته أنه معصوم عن تغيير حكم بهدية وهذا معدوم في غيره )، ثم الشيخ الطوسي يفصل في الهدية وأنها لغرض أو لغير غرض فإن كانت لغرض تلحق بالرشوة، ( هذا كله إذا كان الحاكم في موضع ولايته )، يعني يتعاطى منع الطرف الآخر من موقعية من منصبة إما إذا كانت يتعاطى مع الطرف الآخر ليس من موقعية منصبه كما لو لم يعلم ذلك الطرف أنَّ هذا ليس له منصب وإنما يعطيه هدية ليس فهنا ليس لها صلة بشخصيته الحقوقية وإنما لها ربط بشخصيته الحقيقية، يقول ( هذا كله إذا كان في موضع ولايته فأما إن حصل في غير موضع ولايته فأهدي له هدية فمستحب له أن لا يقبلها وقال بعضهم يحرم عليه فكل موضع قلنا لا يحرم عليه قبولها فلا كلام وكل موضع قلنا يحم عليه فإن خالف وقبل فما الذي يصنع فإن كان عامل صدقات قال قوم يجب عليه ردها وقال قوم يجب عليه أن يتصدق عليهم بها وهو الأحوط )، يعني يرجعها لأنها غير صحيحة ، ( أما هدية القاضي قال قوم يضعها في بيت المال )، لأنها هدية للمنصب وليست له، فقال قوم يضعها فيما إذا كانت خطيرة أم اليسيرة فهذا بحث آخر، لأنَّ الهدية الخطيرة واضح أنها للمنصب، ( قال قوم يضعها في بين المال ليصرف في المصالح وقال آخرون يردها على أصحابها وهو الأحوط عندنا )، وابن البراج في المهذَّب وافق الشيخ الطوسي، يعني أنه عمَّم الرشوة للسلطة القضائية والسلطة التنفيذية مطلقاً ولم يخصّ حرمة الرشوة بالسلطة القضائية، وكذلك ابن إدريس عمّم الحرمة، والمحقق الحلي في النافع ظاهره تخصيصها بالحاكم ورلكن ربما يراد أعم من الحاكم القضائي والسياسي ولكن عنوانه الحاكم، وذكر في الشرائع قال في تحريم الرشوة ( إنَّ القضاء من باب الأمر المعروف وهل يجوز أن يبذل مالاً بيد القضاء؟ قيل لا لأنه كالرشوة )[10] ، وأيضاً قال في الشرائع ( الرشوة حرام على آخذها والدافع لها إن توصل بها إلى الحكم له بالباطل ولو كان إلى الحق لم يأثم ويجب إلى المرتشي اعادة الرشوة إلى صاحبها ولو تلتف ضمنها )، والعلامة الحلي إجمالاً لم يحدد ولو أنه ذكر نفس تفصيل الشرائع وفي جملة من كتب العلامة نفس المطلب، أما الهدية فقد فصّل فيها نفس تفصيل الشيخ الطوسي، وفي تلخيص المرام ذكر نفس التفصيل والقاعد ذكر نفس التفصيل تقريباً، هذه مجمل الأقوال.

وتتمة لجهات البحث والأقوال قبل الدخول في الأدلة لحسم المسألة السيد الخوئي عرّف الرشوة ولا بأس باستنباطٍ ذوقي من كلمات اللغويين والفقهاء:- فهو قال الرشوة كلغة كموضوع هي مطلق ما لا يتعارف بذل الأجرة بإزائه، فما لا يتعارف بذل الأجرة بإزائه هذا يسمى رشوة في العرف، وكأنما السيد الخوئي لا يقبل الفرق بين الرشوة والهدية وحتى الشهيد الثاني فإنه لم يقبل هذا الفارق الموضوعي بين الرشوة والهدية وأن الرشوة فيها تشارط أما الهدية فليس فيها تشارط فإن المعروف لغة هو هكذا، ولكن الشهيد الثاني في المالك وأيضاً السيد الخوئي عندهم أن هذا الفارق ليس أصلياً بين الرشوة والهدية الحرام - أو الهدية الحلال -، وإما يقولان إنَّ الفارق في الحقيقة هو أن الرشوة هي في مورد لا يخذ عليه الأجرة، نظير الأمور المجانية فإنَّ الأمور التي طبيعتها مجانية إذا أخذ الآخذ المال عليه فهذه رشوة يعني لإمالته ومصانعته للتأثير عليه، إذا لغة يبني السيد الخوئي على أنَّ الرشوة غير مختصة بإبطال الحق أو احقاق الباطل، يعني ليست منحصرة بالغاية الباطلة وإنما تشمل حتى الغاية الحقة في ورد لا يتقاضى الأجرة عليه مثل القضاء، فإن مبنى السيد الخوئي لأدلة ستأتي أنَّ القضاء مجاني، يعني لا يمكن يصح أخذ أجرة من القطاع الخاص عليه، وإما هي خدمة مجانية، وكلام السيد الخوئي لطيف بغض النظر عن انه تام أو ليس بتام وإنما هو كذوق، فهو يقول إن الخدمات اللازم على القاع العام توفيرها مجاناً للناس للقطاع أخذ الأجرة عليها رشوة، لأنَّ هذا وظيفة أولية هو أنَّ القطاع العام والسلطة والحكومة تبذله مجاناً وهذا لا يختص بالحكومة وإنما حتى الأوقاف وحتى الوقفية الخاصة فهذا مبذول مجاناً مثلاً الجلوس في المسجد هو مجاناً ولكن هذا الجالس من المجلس تعطيه هدية حتى يقوم من مكانه فهنا يقول إنَّ هذه رشوة، لأنَّ طبيعة هذا المكان مجاني فأخذ جعل معين عليه أو شيء آخر يسمّى رشوة، فهو يركز على حيثية معينة لابد منها في تحقق الرشوة ليست المشارطة وعد المشارطة كما هو معروف لغةً بل هو بذل المال مشارطة أو غير مشارطة في مورد عمل أو شيء لا يتقاضى عليه الأجرة وإنما المفروض فيه أن يكون مجانياً، منه ّغاً الخدمات اللازم توفيرها من النظام إلى عموم الناس والقطاع الخاص مثل الخدمة القضائية فإن الفصل القضائي هذه خدمة لازمة على الدولة أن تهيئها للناس، ومثل الافتاء فإنَّ الافتاء لا يسوغ للفقيه أو بالتالي في السلطة التشريعية لا يجوز له أن يتقاضى أجرة على عمله، لأنَّ الافتاء وفّره الشارع للناس مجاناً، فإذاً لغةً يذهب السيد الخوئي إلى أنَّ الرشوة عامة بلحاظ هذه الحيثية حيثية المجانية، وتقريباً الشهيد الثاني في المسالك يبني على هذا المبنى، فالمهم أنَّ هذا في بحث الرشوة فإنَّ الرشوة عنوانها غير الغلول لغة ولا منافاة أنها تتصادق مع بعضها البعض ولكن حيثية الرشوة غير حيثية الغلول، حيثية الغلول هي الخيانة في المال العام أما الرشوة فهي تقاضي المال - مشارطة أو غير مشارطة - على عمل مجاني، لأنه في الأصل أن يبذل مجاناً سواء كنت متولياً لوقف خيري وحتى الخاص فإنَّ المفروض أنك تبذله مجاناً، أما أنك تتقاضى عليه فهذه رشوة، أما أنها حرام أو لا فهذا بحث آخر ولكن هذه رشوة، فالرشوة عنده هذه الحيثية موجودة فيها في اختلاف المعنى، إلى هنا استعرضنا الأقوال.

وقبل أن ندخل في الروايات والأدلة دعونا نشقق المسالة حت نضبط البحث في استظهار الأدلة والروايات وتريب والأدلة والنتائج كخلاصة بعد ذلك:- إنَّ المحصّل من تعبير البحث في المسألة أن هذه المسالة عنوانها العام بحثه الفقهاء صراحة ليس خصوص الرشوة وإنما بحث الفقهاء كما مرّ بنا في استعمال المال للتأثير سواء كان تأثيراً بحق على غير النظم الأوّلي للمال، سمي رشوة وسمي غلولاً وسمي سحتاً، فهم أيضاً أقحموا السحت وأقحموا الغلول في المقام مع أنَّ العنوان هو الرشوة، وكذلك أقحموا شيئاً رابعاً وهو الأجرة على الأعمال اللازمة الواجبة مع أنها ليست رشوة ولا غلول ولا هدية، فهل يصح للقاضي أن يأخذ أجرة، فلاحظ أنَّ هذه أربعة عناوين أقحمها الفقهاء في هذ القاعدة، ولذلك يعترض السيد الخوئي وقبله الكثير من الأعلام قال بأن حرمة الرشوة في جملة من صورها تشتمل عليها عناوين متعددة في الحرمة، وبعبارة أخرى هل الرشوة هي حرمتها لذاتها أو لأنها ينطبق عليها ضوابط محرّمه أخرى عامة؟، وهذه نكتة مهمة، فهل حرمة الرشوة في الأدلة هي لذات الرشوة أو حرمة الرشوة لأنه إبطال حق واقامة باطل أو ماذا؟، وهذا بحث يجب أن نلاحظه وهو أنه هل حرمة الشروة نفسية ذاتية أو لأنها تنطبق عليها عناوين محرمة فهي مصداق لعناوين محرمة فبالتالي تلك العناوين قد لا تلازم الرشوة وإنما يصير فيها تفصيل؟، إنَّ هذا بحث يلزم أن ينقّح في الأدلة، وحتى أنَّ الأعلام بحثوا هنا أنَّ الارتزاق من بيت المال ما هي ضابطته والأجرة على الواجبات ما هي ضابطتها والسحت ما هي ضابطته أو الهدية ما هي ضابطته؟ بالتالي هذا التعامل المالي لا سيما مع القطاع العام للدولة سواء الدولة بسلطاتها الثلاث أو حتى السلط الدينية لأنها أيضاً قطاع عام وهذا يدل على أنَّ الفقهاء ارتكازهم أنَّ المرجعية والفقهاء هي نوع من القطاع العام، ولذلك الفقيه يمارس القضاء الشرعي والافتاء الشرعي اعترفوا به رسمياً أو يعترفوا به، لأنه سلطة تشريعية ودولة اجتماعية دولة ظل لا تعرف الحدود ولا الجغرافياً.

فإذاً المسألة في الحقيقة ليست خصوص الرشوة وإن كانت هي العمدة، ولكن بالدقة البحث في المقام في عموم قاعدة استعمال المال للتأثير عن في غير قواته المقررة المقنن الصحيحة، فنجمع بين هذه العناوين الأربعة أو الخمسة، فمورد البحث هو هذا، فإذاً البحث ليس في خصوص الرشوة وإن كانت الرشوة فيها، وإن شاء الله تعالى سنبدأ بالآيات والروايات وسوف نقولب النتائج.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo