< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/06/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة الثامنة من النوع الرابع ( الرشوة ) - المكاسب المحرمة.

كنّا في بحث حرمة الرشوة وما يتبعها أو يماثلها من أفعال أخرى، وملخصها استخدام المال كعملية ابتزاز أو ضغط أو ما شابه ذلك سواء كان من المعطي أو من الآخذ.

ولا بأس أن نذكر نقطة توضيحية لغوية جيدة:- وهي أنَّ المال في حركته في المجتمع له مسار ونظام خاص معين مقرر عقلائياً أو شرعياً هذا المال إذا كانت حركته اختلفت أو انحرفت فسوف يسبب تداعيات، فبدلاً من أن يكون مساهما في نظم المجتمع سوف يسبب في اضطرابات في النظام الاجتماعي أو الفردي أو الأسري أو السياسي، فالمال له طبيعة ومسارات ومحطات معينة سواء في القانون العقلائي أو القانون الشرعي، لذلك مثلاً الربا والقمار والتمويه واتحايل غدد سرطانية في الاقتصاد منع عنها الشارع لأنها بالدقة ليست مسار صحيح وبغض النظر عن الملفات الاقتصادية الأخرى الموجودة التي يعالجها تشريع الاسلام وهي من السرطانيات وأذعنت بها البشرية في هذا العصر والكلام مع المتخصصين مع احترامنا لجملة من المثقفين او الخريجين أو المتخصصين الذين ليس لهم إلمام بعالم الاقتصاد أو المتابعة لعالم الاقتصاد لا يعلمون ماذا يحدث من معاجز عظمة تشريع الاسلام وتسيع القرآن الكريم، فالمقصود أنَّ المتابعة الخبرية في الحقول العلمية العصرية بصراحة ليست موجودة لا عن الأكاديميين ولا في الوسط الحوزوي إلى ذاك الحد والحال أنَّ هذه المتابعة مفيدة جداً ومثمرة وهي براهين عصرية لعظمة تشريع الاسلام والقرآن والتشريع المحمدي ولكن للأسف لا توجد متابعة فضلاً عن الطرف الآخر لأنه قد يخفي ذلك لأن الإعلام ليس بيدهم ولكن توجد نخب نجوم في العالم ليست مسلّمة في مجال الاقتصاد كثيراً ما تنادي بأعلى صوتها بمعجزة التشريع النبوي في هذا المجال، ولكن للأسف لا توجد لها متابعة، وهذا حق ضائع لدين الاسلام ولسيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم، ولكنها حقيقة موجودة والكل غافل عنها، أما الأنظمة الأخرى الأجنبية لا يروق لها تبليغ ونشر عظمة الاسلام فشيء طبيعي أنهم لا ينشرونه، فواقعاً هناك معاجز الآن لتشريع الدين ولكن لا من متابع وهذا يحتاج إلى متابعة.

فالمال له مسار معين، كفي أن الدم يجري في الشرايين والأوردة فحينما يصير مكان فيه ضيق واختناق يسبب جلطة فهذا المال طبيعته له سبولة حركة فهو دوره مثلاً بين الزراعة وبين الصناعة وبين السوق وبين المصرف وبين الضريبة ومحطات كثيرة يسير المال فيها، وهذا مثل الأبواب الفقهية الموجودة عندنا فإن البيع شكل والاجارة شكل والخمس شكل هذه محطات للمال يسير فيها المال وهذا المسير يحرص الشارع على أن تكون هذه المحطات سرطانية تحبس المال أو تفجّره أو أن يذهب المال في الأرض البوار خلاف الذهاب إلى الأرض الصالحة، لذلك الشارع وضع يده على غدد سرطانية في الانتفاع بالمال فيها، بل هذه الغدد تسمم المال وتسمم الحركة منها باب الرشوة، باب الرشوة نظام الرشوة أو ما يشبه الرشوة وملحقاتها هذا يسبب أن مسير المال يستخدم في المسير الموضوع له فيسبب ابتزاز ويسبب إما تلف للأموال أو جور من الآخذ وابتزاز، يصير تضخم مالي وتكدس من غير وجه صحيح، فيكون أكلاً للمال بالباطل، وسيأتي أول الأدلة التي استدل بها الفقهاء على الرشوة هي قضية ﴿لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل﴾[1] ، وكذلك الروايات، وستأتي الروايات قبل هذه الآية وبعدها هي في سياق الرشوة، يعني أصل نزول هذه الآية هو في بحث الرشوة، وهذا نوع من اصلاح النظام الاجتماعي والحكومي وبالتالي الأنظمة سواء القطاع العام أو القطاع الخاص وأنه لا يساء الاستفادة من المال لا من المعطي ولا من الآخذ ولا منهما معاً، فأصل البحث هو هذا، لذلك هذا مبحث لا ننضر إلية بلغة منجمدة وإنما هو مبحث حي وحساس في كل مجتمعات البشر في العصر الراهن وفي القديم وفي الوقت الآتي فهو شيء سيّال.

ولازلنا نتابع الروايات التي تسلط الضوء على الموضوع وقد وصلنا إلى رواية الأصبغ بن نباتة ( أيما والٍ احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه وإن أخذ هدية كان غلولاً وإن أخذ رشوة فهو مشرك )[2] ، وهذا يبين دور المسؤولين الآخذين للرشوة سواء كان والٍ في القطاع العام أو والٍ في القطاع الخاص مثل الأوقاف أو غيرها الخيريات، ولماذا عبر عنها غلول ولم يعبر عنها بأنها حست أو الرشوة؟ هناك نكتة لغوية وموضوعية وحمول، لذلك مرّ بنا في باب الرشوة أنه يوجد عندنا رشوة وعندنا غلول وعندنا سحت وعندنا هدية أربع أو خمسة عناوين وصلة بعضها مع بعض أما الآن فنذكر فقط اثارة اجمالية وسيأتي تفصيلها، فلاحظ أنه مرّ بنا أمس أنَّ الهدية ليس فيها تشارط، ( وإن أخذ رشوة فهو مشرك )، يعني حرمته أشد، أما الغلول هو الأخذ من بيت المال فلماذا عبر هنا بأن الهدية هي سرقة من بيت المال والحال أنَّ الذي أعطاها له هو شخص آخر ولم تؤخذ من الخزينة الوطنية فلماذا عبر عنها بالغلول؟ هذه نكتة ستأتي، وسيأتي الكثير من الروايات السائل يسأل عن الذين عندهم نزاهة أو ليس عندهم نزاهة إذا أرادوا أن يظهروا موقفاً نزيهاً أي هدية يتلقاها رئيس أو وزير بصفة وزير أو رئيس بصفته رئيس هو إذا كان نزيها لا يعتبرها ملكه وإنما يودعها في بيت المال والسبب كما سيأتي أن هذا هل هو ملك لشخصيته الحقيقية زيد بن أرقم أو لشخصيته الحقوقية أي لوزارته فإذا كانت لوزارته فهي لبيت المال، فهذه الرواية حينما تبين أنه غلول يعني أن هذا ملك لبيت المال وليس ملكاً له، وسيأتي البحث في المحمول إثارة لغوية.

وأيضاً صحيحة عمّار بن موسى قال:- ( كل شيء غُلّ من الامام فهو سحت ) والسحت مال دني والسحت له عدة تعاريف، يقول الامام عليه السلام ( والسحت أنواع كثيرة )[3] ، فلاحظ أنَّ السحت مصطلح لغوي عقلائي شرعي لقسم من الأموال اكتسبت أو أخذت إما من مكاسب حرام أو من تكسب مكروه أو تكسب شبهة، السحت يعني هو مال ممحوق وسيأتي أن للحست عدة معاني لغة، وهذا أيضاً ملف من ملفات المال في الشريعة وهو الأموال التي هي سحت لماذا جعلها الشارع سحت إما أموال مشبوهة أو مكتسبة بكسب حرام أو مكتسبة بكسب مكروه وإن كان حلالاً ولكنه مكروه، مثل ما تقول مالٌ منفوس أي فيه نفس سيء فهو أدنى دجات السحت، وسبحان الله تمحق عنه البركة، ( كل شيء غُلَّ من الامام فهو سحت )، فلذلك هذا السحت الحلال المكروه لكي يطيب فإنَّ له مطهّرات، مثل المال غير المخمس لا بركة فيه فحينما يخمّس تحصل فيه البركة، ( كل شيء غلّ من الامام فهو سحت والسحت أنواع كثيرة منها ما اصيب من أعمال الولاة الظلمة )[4] ، مع أنَّ هدايا السلطان جائزة، وسيأتي أنه حينما تتعامل معهم فهذا يصير سحتاً كأجرة عمل معهم على جورهم أو باطلهم فهي في هذا المورد، ( ومنه أجور القضاة )، وهل أجور القضاة الذين هم عندن ولاة الجور أو غيرهم؟ سيأتي الكلام عن ذلك، ( وأجور الفواجر )، وفي ذيل البحث سيأتي أنَّ الشيخ الأنصاري وبقية الأعلام عقدوا بحثاً في أن الرشوة حرام فإذا انسد باب الرشوة فما هي البدائل المعالجة عند الشرع فهل يعطي أجرة للقضاة أو زرق أو ماذا؟ سيأتي البحث في أجور القضاة أو الولاة كبدائل معالجة من الشارع عن مرض الرشوة، ( ومنها أجور القضاة وأجور الفواجر وثمن الخمر والنبيذ المسكر والربا بعد البينة وأما الرشى في الأحكام في القضاء يا عمار فهو الكفر بالله العظيم )[5] ، وهذه الرواية صحيحة، وقد ذكرت أن الرشوة في القضاء هو كفر يعني انهيار كامل وكأنما مجتمع كافر ونظام كافر، يعني إذا كانت السلطة القضائية ابتزت فهنا صار نظام المجتمع والنظام العام السياسي جائر وحينما يصير نظاماً جائراً يصير كفراً، فاستعمال المال للضغط على السلطة القضائية هو مسير غير مسير الدين وغير مسير العدل وهو أخطر شيء، لذلك أمر المؤمنين عليه السلام يوصي مالك الأشتر بوصايا ضرورية لاستقلال القضاء وعدم رضوخه تحت ضغط المال ولا ضغط ارهاب طرف آخر، وسبحان اليوم كنت اقرأ عهد مالك الأشتر في هذا المقطع يقول إذا لم تؤمن للقاضة حماية فبالتالي سوف يضغط عليهم ويتأثرون إما تحت اغراء المال أو ارهاب أحد الأطراف، فأنت يجب أن تؤمن لهم أمناً مالياً حتى يصير جريئاً في احقاق الحق والعدل وألا لم يؤمن الصلاح والاصلاح، هذا هو كلام أمير المؤمنين في عهده لمالك الشتر حول السلطة القضائية، فلاحظ الآن تكرار كلام أهل البيت عليهم السلام وهم يشيرون إلى ما في القرآن الكريم ( يريدوا أن يتحاكموا إلى الطاغوت )، أنَّ السلطة القضائية لها دور كبير في أن تجعل النظام نظام عدل ودين واسلام أو أنَّ النظام هو نظام جور وكفر وطغيان، فإنَّ الاسلام هو العدل والدين، وأما الجور والطغيان لا يلتزم بأيّ مبدأ ولذلك سمي كفراً، وهذا إن دل على شيء ليس فقط نقرأ بحث حرمة الرشوة وإنما الشارع عنده استقلال السلطة القضائية هو أخطر شيء، فهو حرّم الرشوة ولو أنَّ حرمة الرشوة لها تداعيات مختلفة في الاقتصاد ولكن أحد أسبابها المهمة هو الحفاظ على استقلالية السلطة القضائية فإنَّ لها ضرر كبير، فأيها المسلمون وايها المؤمنون تحريم الرشوة هو من الكبائر ولكن يوجد أكبر من حرمة الرشوة وهو عدم استقلال السلطة القضائية، سواء كان في النظام الرسمي أو حتى في نظام النسي الطائفي فالقاضي كفقهاء يجب أن لا يبتز في قضاء ما في فيصلته لأنه ليس من الضروري أن نعيش الدولة الرسمية وإنما النسيج الاجتماعي أو ما نسميها دولة عرفية مجتمعية لا أقل في طاق الطائفة فبالتالي هذه السلطة القضائية في هذه الدولة العرفية أو الدولة الرسمية استقلال السلطة القضائية مهم جداً وعدم التزام السلطة القضائية أمر مهم جداً.

وبعبارة أخرى إنَّ كان هناك أهمية لدارسة حرمة الرشوة فما هو أهم من هذا يشير إليه السرع في الآيات والروايات هو أنكن اسعوا إلى حماية السلطة القضائية من الابتزاز، أولاً أن يكون هم نزيهون ثم لا تؤثر عليهم عوامل أخرى، فهذه المسألة كأنها مسألة مقدمة لتشييد القضاء العادل في مجتمع المؤمنين فهل نترك هذه المقدمة الأهم ونتمسك بذي المقدمة، فلاحظ أنَّ دراسة خلفيات الفقه أو ما وراء الفقه أمر مهم جداً، فلابد من قراءة ما وراء الفقه للسيد محمد الصدر أو المظفر أو السيد محمد كلنتر أو غيرهم من الأعلام وأن هذه المسألة ما هو الذي وراءها فهذا أمر مهم، وطبعاً السيد الخميني حساسيته على الفقه السياسي هو من هذا الجانب فهو يقول إنَّ بعض الأحكام غايتها هو ذاك فلماذا تركز على المقدمة فإن التركيز على هذه المقدمة لا معنى له بل عليك أن تركز على الاثنين معاً، وهذا تصريح الامام عليه السلام ( وأما الرشا في الأحكام .... )، وسيأتي استعراض الآيات الواردة في هذا البحث واستعراض الروايات أيضاً، يعني كأنما انطلق الشارع في تشريع حرمة الرشوة أحد الأسباب الكبرى هو أهمية نزاهة القضاء واستقلاليته عند الشراع وأهمية بناء المجتمع الصالح هذا هو الأهم أما هذا الحكم فهو دونه في الأهمية وإنما شرّعه الشارع مقدمة واعداداً ولا يصح للإنسان أن يترك الأهم ويتمسك بالقل رتبة بل عليه أن يراعي كلا الأمرين ( وأما الرشا في الأحكام يا عمّار فهو الكفر العظيم )، وهل المراد بالحّكام هم القضاة فقط أو حتى السلطة التنفيذية؟ الصحيح حتى السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، وإن كان ينسبق الذهن إلى خصوص القضاة ولكن ليس خصوص القضاة ( انظروا إلى رجل منكم )، يعني ليس من العامة وليس مخلطاً بين ولاية أهل البيت وعدم التبري فإنَّ هذا ليس منكم، وإنما قال الامام عليه السلام ( انظروا إلى رجل منكم روى حديثنا وعرف أحكامنا ونظر في حلالنا حرامنا فاجعلوه حاكماً فإني جعلته عليكم حاكما )[6] ، فالمقصود ليس خصوص القضاء وإنما الفتيا والقضاء والسلطة التنفيذية، فالرشوة للحكام هنا ليس خصوص القضاة، نعم القضاء أخطر شيء وإنما يشمل كل مسؤوليات القطاع العام سيما من ذوي المسؤوليات الكبيرة.

نذكر بقية التعاريف اللغوية وسنستعرض الأقوال شيئاً فشيئاً إلى أن نصل إلى نهايتها، وطبعاً حتى أنه توجد روايات عديدة ( هدايا العمال غلول )، في القطاع العام يعي اناه ليست ملكاً لهم وإنما هي إلى بيت المال ، وفي روايات أخرى انها سحت.

والآن نذكر أقوال الأعلام:- المشهور عند علماء الامامية حرمة الرشوة في خصوص القضاء من جهة المعطي عليه يحرم عليه، ولكن غير المشهور وعليه جماعة كثيرة قالوا إنَّ الحرمة لا تختص بباب القضاء وإنما الحرمة للرشوة تعم كل الولاة أو قل المسؤولين في القطاع العام سواء كانت سلطة قضائية أو سلطة تشريعية أو سلطة تنفيذية، وإن كان تعبير الولاة يعطي طابع السلطة التنفيذية فهنا لا فرق، فهنا يوجد قول ثانٍ في تعميم حرمة الرشوة إلى غير القضاة أيضاً، وهذا القول قائله ليس بقليل وسيأتي إجمالاً، ومن التزم بالقول الثاني السيد الكلبايكاني ، أما السيد الخوئي فلم يلتزم به في فتاواه لكنه التزم بالحرمة على الآخذ في القول الثاني - يعني غير القاضي من المسؤولين الحكوميين - حيث قال إنَّ الآخذ يحرم عليه الأخذ للرشوة أما المعطي إذا كان عطاؤه لأجل أن يستوفي حقه فالمعطي لا يحرم عليه أما الآخذ فيحرم عليه، فهو فصّل في ذلك حيث قال إن ككان الآخذ ملزم بهذا العمل الذي يطالبه به المعطي فحرام عليه أن يأخذ منه أما إذا لم يكن المسؤول ملزماً أني قوم بهذه الخدمة إلى هذا المراجع وإنما يقوم بها من نفسه يجهد بها من نفسه وإلا لو كانت المعاملة تجي على الوظائف فوف تتعطل المعاملة ولكن لأجل أن صاحب المعاملة اصر عليه وذاك يقوم بجهد منه لتمشيتها فهنا يقول السيد الخوئي إذا كان الآخذ يقوم بجهد من نفسه غير مسؤول عنه وواجب عليه فهنا يجوز له الأخذ، فالسد الخوئي يفصّل في حكم الآخذ، أما القاضي الرشوة له حرام مطلقاً سواء إلى احقاق الحق أو ابطال الباطل أو لإبطال الحق، فأخذ القاضي الرشوة حرام، الرشوة مرت بنا وهي ليست الهدية فالرشوة يعني أنه يعطيه مالاً لكي يحكم له فهذا حرام حتى لو كان لأجل احقاق الحق، فالرشوة التي فيها تعاوض وتقابل هي حرام مطلقاً في القضاء، هذا مشهور علماء الامامية التزموا به، أما بعضهم النادر جداً قالوا إذا كان لإحقاق وابطال باطل فليس بحرام، إلا فالأكثر قالوا بحرمة الرشوة مطلقا، ولا نستعجل في تفاصيل الأقوال إنما نسير فيها قليلاً قليلاً لأنها تؤثر في الاستظهار واستنباط.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo