< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/06/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة الثامنة من النوع الرابع ( الرشوة ) - المكاسب المحرمة.

الكلام في حرمة الرشوة كما مرّ يعني عنوان المسألة استخدام المال بعضهم قال عن عنوان الموضوع في هذه المسألة في اللغة القانونية الحديثة الآن هو استخدام المال لابتزاز الحقوق - وهذه عبارة لا بأس بها - ، يعني هذا عنوان عام سواء بتوسط نظام القضاء أو بتوسط نظام آخر، لا بأس استخدام التعابير الحديثة فإنها ضرورية لمعايشة المسألة في البيئة المعاصرة، فالرشوة هي استخدام المال كوسيلة ضغط، فأصل فكرة المال في نظم العقلاء هو وسيط تبادلي في قيمة الأعواض، ففي الأصل المال هو وسيط عادل يعني يعادل بين قيمة هذا الشيء وذاك، فدوره ارساء العدالة، فالمال والنقد دوره في الأصل هو ارساء العدالة هكذا يعرفون المال فإذا استخدم المال كوسيلة ضغط معينة أو ابتزاز معي فهذا المال يخرج عن كونه وسيطاً عادلاً لذلك سيأتي من ادلة هذه المسألة أدلة السحت، فلاحظ ربط تعريف الموضوع فإن تنقيح تعريف الموضوع مهم جداً حتى في استنطاق الأدلة، والسحت عبارة عن المال الذي يبذل أو يجتنى في موارد تعتبر دنيئة من الدنيء أخذ المال هناك فهي نوع من استخدام المال في تلك الموارد فمنظومة البحث من اللطيف الالتفات إليها سيما المسائل الأم فتارة المسألة جزئية فهذا بحث آخر، أما المسائل الأم النظرة الفوقية لها شيء مهم فإنه يعطيك تصور عن أدلة المسألة فلاحظ الآن خريطة المسألة ولا بأس ان نعطي الفهرست لها، فالشيخ الأنصاري وغيره من جهة بحثوا في أدلة الرشوة ومن جهة بحثوا في المصدر المالي للقضاة، ومن الطيف أن نقرأ المسألة قراءة سياسة تشريعية، يعني ما هي فلسفة التشريع فيها فإنَّ هذه مهمة جداً لأنها تعطي صورة جدية عن المسألة وموضوعها وأدلتها فالشيخ الانصاري غير أنه بحث أدلة الرشوة والرشوة من الراشي الذي يريد أن يضغط بتوسط المال فهو بحث عن المضغوط عليه وهم الحكّام أو الولاة أو المسؤولين أو الموظفين سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخصا بحث أن تمويل هؤلاء ومعاشهم الشهري من اين، فلاحظ أن حلقة ترتبط بحلقة اخرى وإلا لماذا بحثنها الشيخ الانصاري؟ إنه بحثها مع أنه مبحث قضائي فإن هذا يدل على أنها حلقت مرتبط بعضها ببعض وهو أنَّ المال يستخدم كضغط، ولا بأس أن نخرج في التعريف العصري لهذه البحاث نلاحظ مثلاً أو القوانين البشرية الوضعية تؤكد وطبعاً روايات الوحي تؤكد وتشدد أكثر على أنَّ السلطة لقضائية يجب أن تكون مستقلة ليست خاضعة لضغوط طراف ولو حتى المال، فالمال في الرشوة أو الابتزاز أن الابتزاز في الحقيقة ستخدم كوسيلة ضغط، وإذا استقرأنا هذه البحوث لا نجد السلطة القضائية فقط وإنما حتى السلطة التنفيذية إذا كانت السلطة التنفيذية تبتز بالمال، فإنَّ الكثير من مناقصات وزارة الدولة تذهب إلى هذا المقاول أو ذاك أو في التعاون مع دول أخرى إذا أصبح المال كهدايا أو كعمولة أو شيء آخر وسيلة للضغط بالتالي دور تلك الوزارات لن يكون سوياً على الموازين وليس خاضعاً للمصلحة العامة وإنما خاضع للمصالح الخاصة للمسؤولين، ففي الحقيقة هذا البحث له فلسفة تشريعية وسياسة تشريعية مهمة يجب أن نلتفت إليها وليس بحثاً سهلاً وإنما هو بحث مهم وضمن هذه المنظومة وضمن هذه الدائرة بقراءة عصرية.

التعريف الآخر للرشوة: - هي الجعل على الحكم البال هذا قد مرّ بنا، كما قرأنا ابن الثير، وأحد التعاريف التي قيلت ( هي أنها العمولة التي يأخذها المسؤولون في الصفقات المعقودة للدولة )، فهذه العمولة التي يأخذها المسؤول هي رشوة، وأيضاً الهدايا التي يأخذونها منن المراجعين للدوائر من عامة الناس هي من الرشوة موضوعاً، وبعضهم عبّر في الرشوة بأنها ( الجعل على مطلق الباطل ) ولكن جعل، وجعل يعني توجد مشارطة بعبارة أخرى، بخلاف الفرق الموضوعي بين الهدية أو الجعل أو أ الجعل ما هو، يعني يوجد كلام عند الأعلام هل الرشوة تشمل الجعل والهدية أو الرشوة هي الجعل أما الهدية فهي بحكم الرشوة، فالرشوة هل فيها مشارطة أو بشكل عام سواء كانت مع المشارطة أو من دونها وهذا أيضا بحث موضوعي وقع بين الأعلام، بعضهم قال نعم هو الجعل ولو لم يقصد به المقابلة، ولكن إذا لم يقصد به المقابلة صار هدية.

وأيضاً من كلمات الفقهاء الهدي التي هي بحكم الرشوة حكماً لا موضوعاً، فإنَّ البعض قال الهدية ليست مندرجة في الرشوة ولكنها ملحقة بالرشوة حكماً، وباي وجه؟ الهدية التي هي ما بحكم الرشوة وهي ملحقة بها حكماً وهي ما أُعطي مجاناً ليكون داعياً على الحكم، لأنَّ الداعي لا يعد عوضا فيوجد اختلاف ين الاعلام في أن الهدية هل تندرج في الرشوة أو لا، ولكن ربما الكثير قال إنَّ الهدية إن لم تكن مندرجة في الرشوة موضوعاً فهي بحكم الرشوة قطعاً أو وضوحاً، بالتالي الهدية بالرغم منها لا توجد فيها مشارطة يعني ليس فيها إلزام وإنما فيها استمالة هذه الاستمالة هي ايضاً فساد وهي نوع من الضغط المالي الناعم، فإنه يوجد ضغط غير ناعم يعين إلزام ويوجد ضغط ناعم، ومن باب المثال استقلال السلطة القضائية هل هي مستقلة حتى مقابل الضغط الشديد أو حتى مقابل حتى الاستمالة الناعمة؟ إنه يوجد كلام هنا، فحينما تقول القوانين الدستورية لابد أن تكون الانتخابات نزيهة فهل لا بد أن تكون نزيهة عن الضغط البات أو حتى الضغط الناعم، وهذا موجود في بحوث الدول في القانون، فحينما يلو استقلال أو نزاهة في أي درجة هو؟ توجد درجة حتى عن الضغط الناعم وتوجد درجة في الضغط الشديد وهذا كله محل بحث وهذا يل على أن النزاهة التي تتطلب في الحكم والحاكم حينما مذهب الامامية يقولون إنَّ الامامة كذا وكذا وهذا أحد التفاسير العصرية لأمير المؤمنين المكررة وهي لكل الأئمة عليهم السلام ولكنها بالخصوص لأمير المؤمنين عليه السلام أنه ( لا تأخذه في الله لومة لائم )، يعني حتى الضغط الناعم والضغط النفسي والكثير من البشر يستجيب للضغط النفسي إلا المعصوم وإلا غالب البشر يستجيبون، فحينما يصير ضغط نفسي إعلامي أو غيره فسوف نستجيب، وهذه من أوراق الضغط أيضاً، مع أنهم لمم يبحثوا هنا في الضغط، والآن مرّ علينا مر ضغط المال وليس في ضغط غير المال وهذا يصير ضغط ناعم بالمعنى الأعم، فإذاً الشيخ الأنصاري إذاً بحث في المسألة أنَّ الهدية ما حكمها فهل أدلة التحريم شاملة لها أو لا إذا استخدمت وسية ضغط سيما إذا كانت هدية يسيل لها اللعاب، فصحيح أنه لا توجد مشارطة ولكن هل تحرم أو لا، مثلاً في الربا الهدية لا يوجد منع فيها ولكن الشرط فيه منع، فلاحظ أنَّ الأبواب يختلف بعضها عن البعض، فإنَّ استخدام الهدية هناك لا يسبب الحرمة وإنما المشارطة توجب الحرمة إنما جاء الربا من الشرط أما في باب الرشوة فهو أعم سواء كانت توجد مشارطة أو لا، هذه درجات الضغط تختلف من باب إلى باب آخر، فإذاً بحث الشيخ الأنصاري هذا الأمر.

وهناك بحث آخر بحثه الأعلام موضوعاً في هذه المسألة: - وهو أنه هل يشمل حرمة الرشوة كل ترغيب، فتارة يدعوه دعوة للطعام أو يعطيه احترامات من نوع معين أو غير ذلك فهل كل وسيلة ترغيب هي رشوة أو ماذا؟ فلاحظ كيف تختلف درجات العنوان والآليات فهذه كلها يمكن أثارتها في البحث، فهل يشمل كل ترغيب وكل نوع من آليات الترغيب حتى غير المشارطة او لا لذلك بحثوا في المحاباة مثلا يعقد له عقد محاباة يني يفتح له فرضة استثمار لم يكن يستطيع أن يقدر عليها لولا هو فتخصيه فيه محاباة او قيمة العقد الاستثماري مغرية فهذا ايضاً محاباة فلا توجد مشارطة ولا هدية مال ولكنها منفعة محاباتية فهذا نوع من الترغيب سواء كان لأجل أن يبتز حق ويأخذه باطلاً او ربما لإحقاق حق، بالتالي هذا نوع من العوامل والأدوات المالية وما شابهها، فإذاً توجد صور عديدة في المسألة، والبعض فرّق موضوعاً بين الرشوة والهدية موضوعاً وليس حكماً ففي الحكم هي واحدة حيث قال إنَّ الرشوة تبل في مقابلة يعني يوجد ارتكاز مبادل بين الراشي والمرتشي أنه تود فيها مشارطة لأجل فعل معين وحكم معين بينما في الهدية هي رشوة خفية فلا يشترط فيها إنما هي لأجل الترغيب، وشبيه هذا البحث ذكروه في الربا حيث قالوا يوجد عندنا ربا جلي وربا خفي، والربا الخفي لا يأتي ويشترط عليك زيادة صريحة على القرض وإما يدور من جانب آخر من موارد أخرى نتيجتها هي الزيادة ولكن بطريق ملتف، وهذا يعبر عنه بالربا غير الجلي، والربا غير الجلي في باب الربا لم يحرّمه الشارع إلا في قوالب خاصة، أما كل ربا غير جلي فلا يوجد دليل على تحريمه، وإنما يوجد عندنا تحريم الجلي وتحريم الربا غير الجلي في موارد خاصة عينه الشارع، وهذه نكتة مهمة لطيفة في باب المعاملات وهي أنَّ المعاملة المعنية تارة تأتي بها وتوجدها بماهيتها بكل واضح تارة لا توجد الماهية وإنما توجد ماهية معاملية أخرى تؤدي مؤدى هذه المعاملة وهي نوع من الالتفاف والتحايل فحكم هذ المعاملة البدلية التي هي غطاء للمعاملة المحرمة الأولى ما هو؟، وهذا دائماً يبحث في باب المعاملات، فهنا يقال إنّ الهدية صورة وماهية هي ليست رشوة ولكنها تؤدي مؤداها أو قل هي نوع من الرشوة الخفية الخفيفة وليست من الرشوة الشديدة الموجودة في التشارط أو الجعل الذي يتقيد به الراشي، فإذاً بذل الميل والاستمالة هو درجة من درجات الرشوة الخفيفة، وحتى الشيخ الأنصاري يقول إنَّ الظاهر حرمتها نها إما موضوعاً رشوة أو بحكمها لتنقيح المناط، يعني أنَّ الأدلة الواردة في الرشوة عرفاً مناطها يسعها وإم لم يكن عوانها سع لغةً.

أما بالنسبة إلى الأقوال قبل أن ندخل في الأدلة فطبعاً توجد روايات نستعرضها الآن لا لأجل الاستدلال على الحكم بل لأجل معرفة الموضوع ولا زلنا في بحث معرفة الموضوع، فنحن نستعرض بعض الروايات قبل الأقوال، توجد رواية سيأتي البحث فيها من جهة دلالتها على المحمول ولكن الآن ليس كلامنا في المحمول والحكم في المسألة والدليل عليها وإنما كلامنا الآن ينصب في الموضوع ف، تنقيح الموضوع مهم، وهي رواية يوسف بن جابر، وهذه الرواية موجودة في أبواب ما يكتسب به الباب الخامس لأنه يوجد بابان عمدةً بالباب الخامس من أبواب ما يكتسب به حشد صاحب الوسائل الروايات هناك ويوجد باب وفيه رواية واحدة، فالمهم الرواية عن الامام الصادق عليه السلام:- ( لعن رسول الله صلى الله عليه وآله سلم من نظر إلى فرج امرأة لا تحل له ورجلاً خان في امرأته ورجلاً احتاج الناس إليه لفقهه فسألهم الرشوة )[1] ، فهنا استعملت الرشوة حتى في هذا المورد والذي هو ليس من باب القضاء، إلا أن يقال إنَّ الفقيه هو بلحاظ أنه محل تصدي لفصل الخصومات فاستعمل بهذا اللحاظ وهذا ممكن احتماله لأنه هذا نوع من الاستعمال للرشوة، وأيضاً في رواية الأصبغ بن نباتة عن أمير المؤمنين عليه السلام:- ( قال أيما والٍ احتجب عن حوائج الناس احتجب الله عنه يوم القيامة وعن حوائجه وإن أخذ هدية كان غلولاً )[2] ، وفي أبواب الثامن من أبواب صفات القاضي أيضاً بقية روايات الرشوة في ثلاث أبواب، وهذه الرواية يوجد فيها زاوية أخرى من موضوع البحث، ( إنَّ أخذ رشوة فهو مشرك )، فلاحظ الفرق بين الهدية والرشوة فالرشوة مشارطة أما الهدية فهي رشوة خفية من دون مشارطة، وهذه زاوية أخرى من البحث فتارةً نفس الوالي فإنَّ الوالي لا يشترط أن يكون قاضياً وإنما هو حاكم فأخذ الحاكم ومشارطة الحاكم مع الرعية بأن يبتز منهم أموال من غير الطريق المقرر هو ابتزاز، فلاحظ أنه تارة الراشي هو يريد أن يبتز القاضي أو السلطة القضائية او السلطة التنفيذية أو تولية الوقف وتارة هذا المسؤول سواء كان في القطاع العام أو القطاع الخاص هو الذي يضغط على المراجع ويبتزه، فالضغط أو الإلجاء متصور إما من طرف المعطي أو من طرف الآخذ وهذه زاوية اخرى في البحث، أما تعريف الغلول فهو ما يؤخذ خُفيةً من بيت المال أو من المال العام يسمى غلولاً، وهو غير السرقة لأنه في المال المحجوز في مكان محصّن، فالغلل إذاً أخذ من المال العام بخفية، فإن أخذه بخفاء يسمونه غلولاً، ( وإن أخذ هدية كان غلولاً ) يعني مال مأخوذ من المال العام هذا يفتح زاوية أخرى في موضوع البحث في الرشوة والفساد المالي أن تقاضي أي مسؤول سواء كان في السلطة القضائية أو السلطة التنفيذية أو في القطاع اعام أو في الطاع الخاص إذا اخذ مقابل مسؤولياته وابتز موقعيته للمراجعين فإنَّ أخذ هذا المال هذا المال ليس خاص وإنما هو مال عام ولكن هو يأخذه بتستر فلذلك يسمى غلولاً، فلاحظ من كطرف المعطي رشوة ومن كطرف الآخذ غلول، فلاحظ الفساد المالي الآن الذي تطرحه هذه الروايات مأخوذ من زوايا عديدة كمنظومة حلقة مرتبطة مع بعضها البعض، وسيأتي الحست أيضاً فلاحظ أنه يوجد عندنا عنوان السحت وعنوان الرشوة، نفس الأعلام ذكروه في المقام عنوان الرشوة وعنوان الغلول ولذلك تعريفه مهم أنه من البحث المهمة في تنقيح الموضوع وبحث السحت ثلاث عناوين وبحث الهدية لغرض الاستمالة فهذه ثلاث عناوين أقحمها الأعلام في موضوع البحث وهي من زوايا عديدة مرتبطة بهذا الفساد، وتتمة هذه الرواية هو ( وإن أخذ رشوة فهو مشرك )، فلاحظ أنَّ الامام عليه السلام نفسه في الرواية باين عنواناً بين الغلول والرشوة، فإنَّ الرشوة فيها مشارطة أما الغلول ليس فيه مشارطة ولكن بالتالي أخذ هدية فكان غلولاً فإنَّ الأخذ بالنسبة إليه يعتبر غلولاً ، فأخذ العمولة المالية يدخل في عناوين مختلفة إما ضغط من المعطي أو أخذ من الآخذ، هذا مجمل الموضوع، ولازلنا في تعريف الموضوع وله تتمة قبل أن نلج في الأقوال وزوايا الأدلة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo