< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/06/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - حرمة حلق اللحية - المكاسب المحرمة.

بالنسبة للآيات مرّ بنا ﴿ولآمرنهم فيلغيرن خلق الله﴾ ، وهذه قاعدة كما مرَّ هي أنَّ الأصل هو عدم جواز تغيير خلقة وجسم وجسد الانسان، حتى أنه استدل بها أبواب عديدة مرت بنا أمس منها باب آخر وهو باب الاستنساخ أو تغيير أشكال الخلقة فأيضاً الكلام هو الكلام، وسبحان الله علمياً أثبت أنَّ الطريق الطبيعي للتنسيل يختلف سلامة وكمالاً عن الطريق الصناعي للتنسيل منهم سوي الخلقة منهم غير سوي الخلقة، وهذا يصب في نفس هذا المطلب، فالاستدلال بهذه الآية صغروياً في المقام كيف يتم؟ إنه يتم بناءً على أنَّ إنبات اللحية مكا في روايات عديدة سنقرؤها حكمة هذه الظاهرة التكوينية التي أوجدها الله عزّ وجل فلذلك كلي يكون له عزّة ووقار ورجولة تميزه عن نعومة الأنثى وفي ذلك روايات عديدة، فهذه الروايات تبين أنَّ إنبات اللحية في الرجل ظاهر تكوينية من ضمن مراسم خلقة الله وهوية الذكورية في قبال الهوية الانثوية وبالتالي فهذه من قوام الخلقة أو من درجات الخلقة، فحينئذٍ يكون حلق اللحية من تغيير الخلقة وخلاف ما أراد الله تعالى، فإنه لم يرد من الرجل أن يكون أمرد كالمرأة أو كالصبي وإنما أراده أن يكون ملتحياً فتقريب الاستدلال بهذه الآية الكريمة هو بهذا اللحاظ معتضدة هذه الصورة بالروايات التي ستأتي حول اللحية، وسنقرأ بعض هذه الروايات.

ولعل البعض استشكل وقال: - إنَّ شعر العانة هو من طبيعة الخلقة فلماذا يزال شعر العانة والابطين؟

الجواب: - هنا الشارع كشف على أنَّ هذا النوع هو كمال للخلقة وليس تغييراً للخلقة، وقص الأظافر هو كمال للخلقة وليس تغييراً للخلقة كما في بعض طقوس الديانات الوثنية يبقون الظفر لأنهم يقولون غنه من الخلقة أو شعر العانة عند السيخ من الهندوس كذلك، فهذه كلّها باطلة، بل من الفطرة الحنيفية أخذ هذه الأمور وهو كما للفطرة وفعلاً هو نظافة وطهارة بخلاف اللحية.

في أبواب آداب الحمام في كتاب الطهارة وستأتي الروايات الدالة على تطبيق الصغرة لهذه الآيات التي مرت بنا أمس، في الباب الثالث والستون من أبواب آداب الحمام وقد عنونه صاحب الوسائل ( استحباب تخفيف اللحية وتدويرها والأخذ من العارضين وتبطين اللحية )[1] وتبطين اللحية هي ما نزل تحت فهو نوع من تبطين اللحية:-

الرواية الأولى: - وهي رواية صحيحة وفيها إرسال خفيف، النضر بن سويد عن بعض أصحابه عن أبي أيوب الخزاز، وحينما يقول عن بعض أصحابه يعني مشايخه في الرواية وهذا يعتبرونه خارج عن الارسال، وقد مرت بنا أمس كلمة من النجاشي عن ابن الوليد فهو يستثني الارسال إلى أحمد بن محمد بن يحيى إذا ذكر عن بعض أصحابنا وسبب ذلك أنه يروي كثيراً عن الضعفاء فلا يعتمد عليه في الارسال، فالإرسال هو هذا النمط ومما ينبه على ابن الوليد ومشهور الرواية أنَّ مجرد الارسال عن بعض أصحابنا لا يخل بالسند - بالصدور - هذه عبارة ذكرها النجاشي في ترجمة محمد بن أحمد بن يحيى ما ينقله عن كتاب النوادر له عن ابن الوليد - لذلك هذا لا يعتبرونه ارسال حقيقي فهو صورةً ارسال ولكنه مسند، فالمهم الرواية عن أبي ايوب الخزاز عن محمد بن مسلم قال:- ( رأيت أبا جعفر الحجام يأخذ من لحيته فقال دوّرها )[2] ، وقد يقول قائل:- إنَّ هذا فعل للمعصوم وهو أعم من الاستحباب والوجوب، ولكن نقول:- إنه بلا شك إنَّ هذا فعل راجح فهم لم يقل حفها أو خذها وإنما يعدّلها ويكمّلها.

الرواية الثانية: - وسندها موثق إلى عبد اله بن مسكان عن حسن الزيات - وفي بالي أنَّ الحسن الزيات حاله حسن -، قال: - ( رأيت أبا جعفر عليه السلام قد خفف لحيته )[3] ، وهذه أيضاً يدل على جواز تخفيف اللحية خلافاً لسيرة الوهابية أو سيرة من لا يجوزون الأخذ من اللحية، وبالتالي يدل على الرجحان، نعم الابقاء يدل على أنه فيه رجحان أما أنها تدل على الالزام فلا.

الرواية الثالثة: - وأيضاً فيها إرسال لأنه يوجد فيها تعبير ( عن بعض أصحابه ) فإنَّ سهل بن زياد يرويها عن بعض اصحابه، والأمر في سهل سهل عن بعض أصحابه عن الدهقان، وهذا الدهقان مبهم ، عن درست ودرست حاله جيد، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( مرّ بالنبي رجل طويل اللحية فقال ما كان على هذا لو هيأ من لحيته فبلغ ذلك الرجل فهيأ بلحيته بين اللحيتين ثم دخل على النبي فلما رآه قال هكذا فافعلوا )[4] وهي بهذا القدار أيضاً تدل على الرجحان والاستحباب أما الحرمة فلا، نعم أن جودة اللحية هو سنَّة شرعية فهي تدل على هذا المقدار، فهي سنة ثابتة وقد مرتب بنا ثلاث روايات على ذلك ولكن دلالتها اللزوم فهو بحث آخر.

الرواية الرابعة: - وظاهراً لا بأس بها فإنه لا وجد في السند من يتوقف فيه، فهي عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سدير الصيرفي - وهو جيد - عن وهشام بن مثنى - وهو ببالي أنه جيد وحسن الحال- قال: - ( رأيت أبا جعفر عليه السلام يأخذ عارضيه ويبطّن لحيتيه )، فأيضاً هذا لا يدل على أكثر من الرجحان وأنه سنة راجحة أكيدة إبقاء اللحية وتهيئتها وتعديلها.

الرواية الخامسة:- ينقلها ابن إدريس عن جامع الزني، والسيد الخوئي يستشل بأن سند ابن إدريس إلى جامع البزنطي غير معروف ولكن هذا الاشكال ليس في محله فإن جامع البزنطي من الكتب المشهورة مثل الكتب الربعة في ذلك الزمان وما بعد ابن إدريس بقرن تقريباً فإن المحقق الحلي يعتبره من المصادر والطرق إليه كثيرة، فالاستشكال في طريق ابن إدريس إلى الكتب التي استطرف منها في المستطرفات كمصادر ليس في محله لأن منها كتب مشهورة لا أنه استطرف من كتب نادرة وصلت إليه بأخبار الآحاد، وهذه نكتة يلزم الالتفات إليها، وبحث كثرة الطرق للكتب المشهورة هي قاعدة رجالية أشار إليها المجلسي والوحيد البهبهاني والميرزا القمي في القوانين، وإن لم يتعرض السيد الخوئي لها مفصلاً مع أنَّ السيد الخوئي بنى على ذلك في مصادر الرجال ولم يبن عليه في مصادر الحديث وهذه مفارقة، فالمهم أن هذه الرواية في جامع البزنطي والبزنطي من أصحاب الاجماع، فهو يقول ( وسألته ) يعني الرضا عليه السلام:- ( وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يأخذ من حيته؟ قال:- أما من عارضيه فلا بأس وأما من مقدمها فلا )[5] ، وهذه الرواة رواياها الحميري أيضاً في قرب الاسناد عن عبد الله بن الحسن عن علي بن جعفر عن أخيه مثله، فالرواية مروية عن الرضا وأيضاً مروية عن الكاظم عليهما السلام بنفس المضمون، ونفس متن الرواية موجود في كتاب علي بن جعفر عن الامام موسى بن جعفر قال ( أما من مقدمه فلا يأخذ )، فإذا الرواية مستفيضة سنداً فإنه لها ثلاث طرق وتارة مروية عن الامام الكاظم عليه السلام وفيها نهي ومنع عن الأخذ من مقدمها لا حفّها، فإذاً النهي نهي تحريمي أما الأخذ من عارضيه فهو بمعنى التخفيف نعم غاية الأمر ( أما من مقدمها فلا يأخذ ) سيأتي أنَّ اطلاقه مقيد بما زاد على القبضة فإنَّ ما زاد على القبضة أخذه جائز، فإجمالاً هذه الرواية الشريفة من ثلاث طرق وهي دالة على الحرمة ودلالتها تام، فإذاً هذه الرواية دالة على أنَّ ما مرّ من سنَّة درجة منه إلزامية ودرجة منه ندبية يعين اصل الاستئصال لا يجوز نعم الأخذ منها بمعنى التكميل هو سنة راجحة وليست إلزامية.

الباب الخامس والستون وهو استحباب قص ما زاد على قبضة من اللحية: -

الرواية الأولى: - وهي صحيحة السند عن أبي جمزة عمّن أخبره - ففيها إرسال خفيف - عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( ما زاد على القبضة ففي النار يعني اللحية )، وهذه ليست بمعنى الحرمة وإنما الكراهة، فالفقهاء هنا لم يلتزموا بالحرمة ولو أن الوهابية يلتزمون بالحرمة، ولماذا لا نلتزم بالحرمة؟ إنَّ تعبير ( في النار ) قد يقال إنه إذا لم يراع الانسان من جهة النظافة والنجاسة فهذا يؤدي إلى التفريط بأحكام أخرى لا أنه هو حرام، لأنَّ اللسان الذي حدّد به النبي صلى الله عليه وآله قال ( ما على فلان لو هيأ ) لسانه هو لسان آداب وليس لسان حرمة، نعم هل يصلح لأصل الاستئصال أو لا يصلح فهذا بمعنى الجواز وعدم الجواز.

الرواية الثانية: - وهي مصححة، وليس فيها من يتوقف فيه غلا الشاء والوشاء ايضاً هو جيد والمعلى بن خنيس هو جليل أيضاً خلافاً لمن يطعن فيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( ما زاد عن اللحية عن القبضة فهو في النار )، وهذا يدل على جواز الأخذ، في قبال تلك الرواية التي قالت ( أما مقدمه فلا تأخذ ).

الرواية الثالثة: - وفيها إرسال والمرسل يونس بن عبد الرحمن وعلي بن اسحاق الذي هو قبل يونس لا يحضرني حاله ولكن بقية السند لا بأس بها: - ( في قدر اللحية فقال:- تقبض بيدك على اللحية وتجز ما فضل )، فهي في صدد سنة تقصير اللحية وعدم اطالتها، وطبعاً قبضة كما ذكروا في تفسيرها عدة من الأعلام بأن تمسك عند الذقن فما زاد على القبضة يستحب حلقه.

الرواية الرابعة: - وفيها الدهقان كما مر وهو مجهول الحال، وألان لم نميز طبقته وإلا بقية السند لا بأس بهم عن عبد الأعلى مولى آل سام عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( يعتبر عقل الرجل في ثلاث في طول لحيته وفي نقش خاتمه وفي كنيته )[6] ، ولكن هذا ليس بمعنى الاطالة الزائدة على القبضة.

ومحصّل هذا الباب:- هو جواز تقصير اللحية عما زاد عن القبضة، وتوجد عندنا روايات عكس ذلك ( من سعادة المرء خفّة لحيته ).

الباب السادس والستون: - فهذا الباب عنونه صاحب السوائل ( استحباب الأخذ من الشارب وحدّ ذلك )، وسيأتي أن الأخذ يشمل حتى الحف والحلق، ( فلا يأخذ من مقدمه ) يعني لا يستطيع أن يحف:-

الرواية الأولى: - وهي صحيحة السند: - ( سألته عن قص الشارب أمن السنَّة؟ قال:- ننعم ) فهو سنة راجحة.

الرواية الثانية: - موثقة السكوني: - ( قال سول الله صلى الله عليه وآله سولم:- من السنَّة أن تأخذ من الشارب حتى يبلغ الاطار )[7] ، والاطار هو الحدّ الفاصل بين الشرب والشفة، أما تطويل الشرب فهو سنَّة ملل أخرى ويمارسها فلان وفلان.

الرواية الثالثة: - وبهذا الاسناد – يعني السكوني – قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: - ( لا يطوّلنَّ أحدكم شاربه فإن الشيطان يتخذه مخبأً يستتر به ).[8]

الرواية الرابعة:- وهي موثقة إلى ابن فضّال - يعني ابن فضال الأب - عمّن ذكره، فهنا يوجد ارسال فإن ابن فضّال يروي عن أصحاب الصادق عليه السلام لأنه في البداية صار فطحياً، يعني آمن بإمامة عبد الله الأفطح يعني ابن فضال الأب أدرك الامام الكاظم عليه السلام فلذلك يروي عن أصحاب الصادق عليه السلام، وتبيصم الرواية بالطبقات يسهل على الانسان التمييز بين المشتركات والطرق مثلاً الكلين هو آخر طقة في الغيبة الصغرى وابن قولويه الأب معاصر له وابن بابويه الأب أيضاً معاصر له والنائب الرابع كذلك فهؤلاء كلهم طبقة واحدة وهي آخر طبقة في الغيبة الصغرى وبعدهم تأتي الطبقة الأولى في الغيبة الكبرى، ابن عقدة آخر معاصر للكليني وهو آخر الطبقة، فتبصيم الرواة بالطبقات يسهّل على الانسان تمييز الأسانيد والطرق والروايات، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( ذكرنا الأخذ من الشارب فقال:- نُشرَةٌ وهو من السنَّة )[9] ، ونشرة ربما ذكرت خمسة عشر شيء من النشرة والنشرة مقابل انقباض الروح أو الكآبة أو الهم والغم فالنشرة هي من الانبساط وهذه من معالجات العين أو السحر أو المس فإنَّ الروح إذا لم تنتشر فهي تكتئب وتكتئب وتنفجر وتنهار وللك النشرة ضرورية وهذه مرتبطة بالنفس النازلة فإنَّ النفس النازلة إذا لم تريحها فسوف تتمرد أو تتنمَّر، وقد ورد في ذلك أمور كثيرة مثلاً الاستحمام من لنشرة والسفر من النشرة والمحادثة من النشرة والطيب من النشرة والنظر إلى الوجه السحن من النشرة والنظر إلى الماء من النشرة والنظر إلى الخضرة من النشرة، فخمسة عشر أو أكثر ذكرت في ذلك، وهذا سرّ من علم النفس لذلك احد المعالجات الضرورية لمن يصيبه سحر أو مس أو عين هو ذلك لأنَّ الشياطين يتغلبون على الانسان من هذه الجهة فهذه النفس النازلة يمسكون بها الشياطين فيجعلونها تنهار، أما إذا انتشرت وهذا يساعد على عود الحالة الصحية الروحية مرة أخرى لها، ولذلك ورد التأكيد على النشرة من الحوار والزيارة وغير ذلك هي من النشرة خلاف السجين الذي سجن في السجن الانفرادي، فالنشرة هي دواء روحية مهم مرتبط بالبدن والنفس، يعني في مقابل الانقباض، مثلاً النشرة الاخبارية يعني بسطها في مقابل الانقباض، ( فقال:- نشرة وهو من السنَّة )، أي الأخذ من الشارب هو نشرة.

الرواية الخامسة: - وفيها ارسال خفيف عن عبد الله بن عثمان - وهو لا يحضرني حاله وهو من أصحاب الامام الصادق عليه السلام، قال: - ( أنه رأى أبا عبد الله أحفى ضاربه حتى ألصقة بالعسيب )[10] ، والعسيب هو منبت الشعر، يعني مثل الحلق، والعسيب هي نفس البصلة التي ينبت منها الشعر.

الرواية السادسة: - وهي موثقة السكوني والتي هي نفسها عن جعفر بن محمد، واسم السكوني هو اسماعي بن مسلم أما الذي يروي عنه هو النوفلي وهو الحسين بن يزيد، عن جعر بن محمد عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى الله عليه وآله قال: - ( لا يطولن أحدكم شربه ولا شعر إبطيه ولا عانته فإن الشيطان يتخذها مخبأً يستتر بها )، فهذه تدل على الكراهة ليس فقط كراهة نظافة وإنما وحتى أنه يوجب الاضطراب الروحي للإنسان حسب الروايات.

الرواية السابعة: - وهي مرسلة حيث ذرها الطبرسي في مكارم الأخلاق مرسلة قال: - ( كان شريعة إبراهيم التوحيد والاخلاص .... زاد في الحنيفية الختان وقص الشارب ونتف الإبط وتقليم الأظفار وحلق العانة وأمره ببناء البيت للحج والناس )، وهذه الرواية هنا ناقصة، لأنه يوجد فيها تعبير ( وإعفاء اللحى )، وهذه الرواية لها أسانيد متعددة وسيأتي متنها، يعني أنَّ إعفاء اللحية من الحنيفية ولكن هنا بنحو اللزوم كيف أن الختان هو بنحو اللزوم هنا اعفاء اللحية هو بنحو اللزوم فإذاً هذا ليس كله ندبي وغنما يجتمع الندبي مع اللزوم.

الرواية الثامنة: - وهي مرسلة وقد رواها الطبرسي في مكارم الأخلاق عن الصادق عليه السلام قال: - ( قال الله عزَّ جل لإبراهيم تطهر فأخذ شاربه ثم قال تطهر فنتف إبطيه، ثم قال تطهّر فقلّم أظفاره ثم قال تطهر فحلق عانته ثم قال تطهر فاختتن ).

الباب السابع والستون: - وقد عنونه صاحب الوسائل بـ( باب عدم جواز حلق اللحية واستحباب توفيرها قدر قبضة أو نحوها )، مثل العقوق حرام ولكن البر مستحب للأبوين، يعني أنَّ البر للأبوين له درجات وأنزل درجة منه لزومي، فتوفير اللحية مستحب ولكن استئصالها حرام، وطبعاً الرواية التي هي تامة سنداً ودلالة مرت بنا هي رواية جامع البزنطي والتي هي نفس رواية علي بن جعفر، أما روايات هذا الباب:-

الرواية الاولى:- مرسلة الصدوق، والصدوق في الفقيه حينما يرسل رواية ويسندها بنحو الجزم للمعصوم يعني أن السند عند الصدوق تام أما أنه تام عند غيره أو فلا فهذا بحث آخر ولكنه عنده تام، وهذا شوهد بالتتبع وقورن في الكثير من الروايات التي يسند فيها الصدوق إلى المعصوم بنحو الجزم، فهو تارة يقول روي عن الصادق وتارة يقول قال الصادق أو الباقر أو النبي صلى الله عليه وآله فهذا يدل على أنه يرى صحة السند عنده فلذلك يسنده بنحو الجزم، سيما أنه ناقد في الأخبار وحاسب عند علماء الحديث فهو حينما يسند الحديث وهو رئيس المحدّثين فبلا شك هذه مسؤولية، فهذه إذاً في وسط المحدّثين الأمر تام ولا يعتبر ارسال ولا يعتبر تجزّم من عنده، وهذا المقدار قبله الكثير، وهو أنَّ الموارد التي اسند فيها الصدوق إلى أحد المعصومين أجمالاً المشهور يعتبر أنَّ هذه الرواية معتبرة ولو لم يذكر الصدوق سندها، لا سيما إذا كان يُعمَل بها فهنا تنضم قرائن على الوثوق بالصدور، هذا هو المشهور، وسيأتي أنَّ مضمون هذه الرواية مستفيض، قال:- ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- حفّوا الشوارب واعفوا أمر اللحى ولا تشبّهوا باليهود )[11] ، وهذه الرواية لها نكات في الدلالة مهمة نؤجلها إلى غدٍ إن شاء الله تعالى، وهي مستفيضة وسوف نلاحظ كيف تكون دلالتها على اللزوم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo