< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/06/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - حرمة حلق اللحية - المكاسب المحرمة.

كنا في مسألة حرمة حلق اللحية وظاهراً من حيث الأقوال استوفينا الكلام لنبدأ بالروايات الواردة على الحرمة وتمسك الأعلام ليس فقط بالروايات بل تمسكوا بالآيات الكريمة، وإحدى الآيات هي ﴿ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغرنّ خلق الله﴾[1] ، فواضح فيها دعوة إبليس وأنها خلاف دعوة الدين الحنيف، فالمهم هذا المحصل في ذيل الآية فكل هذه مصاديق ﴿فليغيرن خلق الله﴾ كان تغيير الخلقة الالهية هي من مشروع إبليس اللعين وهي خلاف المشروع الإلهي وهذا ليس بنحو ندبي أو كراهتي وإنما حظر منعي من تشريع الله، وإذا ضممنا الآية الأخرى إلى هذه الآية فهي توضح هذا المطلب ﴿فأقم وجهك لليدين حنيفاً فطرة الله التي فكر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم﴾ [2] ، وطبعاً هذه الآية الأخرى مفادها نفس مفاد الآية الأولى يعني تغيير خلق الله هو تغيير للجين أو أن التغيير للدين يستلزمه التغيير لخلق الله وهو ن ويجد انطباق وانسجام بين الدين الحنيف وبين كل منظومة كل خلقة الله عزّ وجل فيوجد انطبقا وانسجام وتلاؤم بينهما، وسيما البشر في هذين العقيد أو الثلاثة الأخيرين كأنما عواصف أحداث تبرهن عظمة تشريع الله عزّ وجل وحتى هذا الفيروس الذي هو منتشر أكثر التقارير العلمي يعزوها إلى أكل الحرام في الصين، فهنا يعرف أن تحريم الشرائع الالهية إذا فعل خلافه فسوف يصنع كارثة بشرية، فهذه معاجز للتشريع السماوي، مثل قضية الاقتصاد كحرمة الربا وحرمة التمويه والتحايل والقمار وغيرها يقولون هذا التحريم تعبدي أو هذا التحريم لمن هو يؤمن بالغيب ويؤمن بالآخرة ولكنهم رأوا إلى الآن أنه يغير نظام البشر أو غير ذلك من التحولات لمن يتابع هذا الملف، وقية الزوجية في الغرب والشرق وانقراض النسل، فالمقصود أحداث لو رصدها الباحث خلال ثلاثين سنة أو عشرين سنة يرى معاجز تبرهن إعجاز وعظمة تشريع القرآن وتشريع السماء، والعجيب منا أننا ننهزم في الطرق القرآني ونتماهى والعياذ بالله مع العلمانية والمدنية وهذا عجيب فهذه معاجز يستكشفونها والحال نحن نتراجع وهذا هو الأعجب، وهو أن الخطاب القرآني نعتبره وكأنه عار وأن نلج الساحة الدولية بخطاب قرآني وهذا اعجب وأنكر، فمقصودي أنَّ هذه الآيات واقهاً هي معجزة، فلاحظ أن بحث الأسرة وبحث احكام الأسرة الذي فرّط يه الطرح المدني والعلماني وهذا ليس جانب قوة في الغرب وإنما هو نفايات الغرب والعلمانية أما جانب التقدم الصناعي والاداري مرّ بنا أنَّ هذا شيء والأحكام التي تخالف أحكام السماء شيء آخر، فإنَّ هذه لا ربط لها بالصناعة والزراعة وغير ذلك فإن هذا علم آخر لا ربط له، نعم خذ صناعة الغرب وادارتهم والأمور التي تقموا بها لا الأمور التي تأخروا فهيا وهم فيها إلى الانزلاق سحيق إلى الهاوية فهذا ليس محل اكتساب واتّباع، فنحن إذا لم نستطيع أن نميز على مستوى التنظير فهذه مشكلة كبيرة، فهذه الآية الكريمة ليست فقط قاعدة فقهية وإنما هي هوية تشريع الاسلام كله، ﴿فأقم وجهك للدين حنيفا﴾ كأنما نستطيع أن نقول هو ديباجة كل الفقه الشرعي وليس الدستور فقطن وقد مرت بنا هذه المقارنة مراراً وهي أن الدستور الذي يكتب في الدول لا يمثل كل الفقه الشرعي وإنما بعض أبواب الفقه الشرعي تجمعها يصير دستوراً دولياً، أبواب الفقه تقنينها وتريعها هو اوسع، مثلاً الدساتير لا تتعرض إلى سلوكك الفردي ما هو أو سلوكك الروحي ما هو أو سلوكك الغذائي الخاص ما هو وإنما توجد خطوط عامة في القضايا المعيشية في الدساتير الوضعية البشرية بينما التشريعي الفقهي يشمل كل هذه المجالات ولا ربط له بهذه القضايا وإنما يتدخل في كل التفاصيل وهذه نكتة معروفة وهي اننها يعندنا الفقه الشرعي أبوابه أوسع بكثير فضلاً عن بقية علوم الدين كعلم الكلام وعلم الأخلاق وعلم التفسير وغيرها، فعلومه اوسع بكثير من الدساتير، الدساتير هي بعض أبواب الفقه وليس كل الفقه، الدساتير كما هو معروف في لغة القانون لبّ لبابها الديباجة، والديباجة في علم القانون تمثل هوية الدستور، في ابواب الفقه بعض القواعد أو بعض الأسس في ابواب الفقه هي ليست قواعد فقهية لباب أو بابين أو كثير من الأبواب وإنما بعض الأسس الفقهية هي هوية للفقه وليست قاعدة مهيمنة فقط وإنما هي تعطي هوية للفقه، الآن هذه البحوث قد كثيراً من الأبحاث الفقهية لم تثرها جملة من المدارس، والمدارس حتى ضمن علماء الامامية ولكن هذا بحث آخر ولكن من باب المثال ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، فلا تستطيع أن تقول إنَّ هذه قاعدة فقهية وإنما هي هوية تدوّن كل أبواب الفقه عندنا، فهذه ليست قاعدة فقط وغنما هي اس القواعد، كيف أن القواعد حكامة على المسائل أيضاً توجد قواعد حاكمة على القواعد وقد تسمى باصطلاح القانون ديباجة مثلاً، فالمهم أنَّ هاتين الآيتين الكريمتين ليستا قاعدتين فقهيتين فحسب بل هما من أمهات القواعد يعني هما حاكمتان على هذه القواعد، وهما ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) فتغيير الخلقة غير جائز، والآية الأخرى ﴿فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق اله ذلك الدين القيم﴾ ، هذه الآية الثانية مفادها مطابق للآية الأولى وهو أن التبديل لخلقة الله غير جائز، علاوة على ذلك هذه الآية الثانية تبين أنَّ نظام الدين متطابق تماماً مع كل نظام الخلقة، وإذا أتي بشيء غير الدين فهذا يسبب اختلال في نفس نظام الخلقة، وأصلا هاتان الآيتان الكريمتان تدلان على أنَّ المعاصي منع الله منها لأنها تغير خلقة الله، فالزنا لماذا حرمه الله ؟ لأنه يسبب تغيير في خلقة الله، أو اللواط أو السحاق أو الفاحشة أو حتى الغيبة والكذب فكل هذه تغير نظام الخلقة، ولذلك عندنا أنَّ المعصية الواحدة تكدّر البحار وتمنع بركات السماء والأرض نحن لا نشعر بها والعلوم الفيزيائية والتجريبية الآن لم تكتشفه ولكنه موجود فإن المعاصي تسبب حرمان البشر وكل الدورة الطبيعية من هواء وجماد وحيوان وبنات الانسان والروح كل هذه يسمونها دورة طبيعية والتي يسمونها ايكولوجية هذه الدورة الطبيعية معصية من المعاصي تسبب فيها خللاً، ولذلك عدنا في الروايات طاعة معينة لله أبرك على الأرض من مطر أربعين يوماً، نعم ولكن أنت لا تعلم كيف يكون تأثيرها، فنفس طاعات الانسان أبرك على بلاده ومدينته وحيه من كذا وكذا، فليست القضايا المادية فقط هي مؤثرة في الدورة الطبيعية وإنما القضايا غير المرئية التي ربط بها الشارع الواجبات والمحرمات هي مؤثرة أيضاً على الروح وعلى أمور أخرى، ولا نريد أن يقول أحد أنه يوجد عندنا تعصب وتطرف وتحامل على العلمانية والغربية ولكنه واقع الآن لو ذهب الانسان يعيش الجانب الروحي عندهم ليس الغرب فقط وإنما العلمانية سواء كنت في الشرق أو الغرف فإذاً عاش الانسان عندهم الجانب الروحي يراه متوحش فضيع، فواقعاً الأمر هو هذا، فهم لا يشعرون أنهم في حالة نكد روحي وصعوبة روحية ومخاطر روحية عيبة غريبة، ولا نريد أن نستعرض الأمراض الروحية من كأبة وانتحار ومن عقد وغير ذلك وهذا شيء طبيعي، لأنَّ هذه المحرمات والطاعات لا تفكر أن السعادة موجودو فقط في الجانب المرئي من المادة وإنما الجانب غير المرئي مهم جداً، فلا نتساهل فيه نعم صحيح أن الانسان لا يفرط في الجانب المادي الدنيوي ولكن هذا الجانب غير المرئي له تأثير مهم جداً، فالمهم أن هاتين الآيتين هما من أمهات القواعد الفقهية وهما من قواعد القواعد ومرتبة حتى بكلّ الدين.

وإذا تقرر هذ المطلب توجد آية ثالثة في ظل هاتين الآتين وقد ذكرت في الروايات وهي في سورة النحل وهي ﴿ثم أوحينا إليك أن اتبع ملو إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين﴾[3] طبعاً النبي أشرف من النبي إبراهيم فكيف يأمره الله باتباع إبراهيم؟! إنه ليس اتباع لإبراهيم وإنما اتباع لملة إبراهيم وملة إبراهيم هي من ووحي الله وليست من إبراهيم، مثل التعبير القرآني الآخر ( فبهداهم اقتده ) فهداهم هو فعل الله تعالى وليس فعلهم وإنما هم منفعلون بذلك، الاقتداء بفعل الله وليس بالأنبياء فهذا الفعل منسوب إلى الله ولي إلى الانبياء، فهذا اتباع ملة إبراهيم هي أيضاً مرتبطة، وطبعاً في سورة البقرة في تفسير إلى حدّ ما بشكل موجز تبين سورة البقرة كما نبَّه إلى ذلك أهل البيت هي أنَّ ملّة إبراهيم أصلها هي ولاية الله وولاية خاتم الرسل وولاية آل خاتم الرسل وهذا صريح سورة البقرة التي غفل عنها كل المفسرين عدى روايات أهل البيت وللأسف وليس ملة إبراهيم كما يمر أنها مقتصرة عل تقليم الاظافر وختان الذكر وإزالة شعر الابطين والعانة وغير ذلك ولو أن هذه مهمة ولكن أين أصل ملة ابرامي واين ذا فإن أصل ملة إبراهيم هي ولاية الله وولاية الرسول الخاتم وولاية آل الخاتم وهذا ما قد صرحت به صورة البقرة ولكن للأسف هذا التصريح في سطح الدلالة مغفول عنه فالابتعاد عن تنبيهات وتعليمات أهل البيت لما في القرآن الكريم من حقائق حتى في منصة الظاهر، إذاً ملة إبراهيم التي يتبعها النبي الخاتم يعني تجذير لولاية الله وولاية محمد وولاية آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، فهذه الحنيفية التي هي نظام الدين ﴿فأقم وجهك للدين حنيفاً﴾ هي نفسها الحنيفية هي نظام الدين، ﴿فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم﴾ ، فتبديل وتغيير الخلقة نفس الكلام، فهذه القاعدة الفقهية إذاً هي من هذه الآيات الكريمة إجمالاً استفاد منها الفقهاء أنَّ البشر ليس مالكاً للتصرف في خلقته وبدن وحتى الروح فإنها خلقة من خلق الله والجانب الروحي أشد خطورة وثمناً من الجانب البدني، فإنَّ المراد من خلقة الله ليس خصوص البدن فلا نضيق الدلالة فإنَّ المراد من خلقة الله ليس خصص البدن وإنما البدن والروح بل الروح اثمن من البدن، فليس للإنسان أن يتخذ طقوساً بوذية أو هندوسية أو غير ذلك أو رياضات روحية صينية أو غير ذلك، مثل ما مرّ بنا في البحاث السابقة أن الطقوس الروحية إذا لم تكن رحمانية فهي تلقائياً تكون شيطانية، فخلقة الله يعني حتى الروح لها فطرة ولها خلقة لا يمكن تغييرها فنحن لسنا مخولون في أن نعبث في فطرة الروح أو فطرة البدن كيف نشاء، بل نتبع في ذلك مالك الملوك وهو المالك الأصلي وهو الدين، فإنَّ الروح لها نظام والبدن له نظام معين، من تلك الأسس والنظام أن لا يفرط الانسان في تنمية البدن على حساب تنمية الروح وهذا الجانب الذي أخفقت فيه العلمانية أو حتى التطور التكنولوجي، وإن كان ليس بمعنى التفريط في الجانب البدني ولكن ليس الجانب البدني بأهم بكثير كما عندهم على الجانب الروحي فإنَّ الجانب الروحي أهم من الجانب البدني، وهذه الموازنة نحن نفسنا المسلمون بل حتى المؤمنون لا نراعيها فضلاً عن أولئك، فالمهم أنَّ نظام خلقة الروح ونظام خلقة البدن لسنا مالكون له بلا لابد أن نتيع فيه نظام الدين، فهذه القاعدة استفاد منها الفقهاء في جملة من الأبواب كما مرّ بنا، ونحن الآن نذكر جدول قائمة مسائل من دون الدخول في تلك المسائل مثلا تغيير الجنس فهل يوز للإنسان أن يبدل جنس بدنة من ذكر إلى أنثى مثلاً؟ كلا لا يجوز ذلك، كما أن السلك الأخلاقي في الانسان فهل يجوز للرجل أن يبدل سلوكه إلى أنوثي أو العكس؟ كلا لا يجوز ذلك، إذاً تمسك الفقهاء أن التأنث للذكر حرام والتذكر والذكورية للإناث حرام سلوكاً روحياً أو بدنياً أو حتى في اللباس فكله مأخوذ من هذه القاعدة، فهو لا يجوز لا أنه من باب تبدل الموضوع كما توهمه بعض الأعلام بأن يغير جنسية البدن، نعم فيبحث حرمة التشبه استعرضنا بعض الشيء، هذه من الموارد التي يتمسك بها، إجمالاً افترض في القضايا الطبية هل يجوز للإنسان أن يتصرف في أعضاءه الرئيسة كأن يهدي كلته لشخص وهو حي فإن المشهور لا يجوزن هذا الشي، السيد الكلبايكاني طبق المشهور أيضاً لا يجوز وكذلك السيد الخوئي أيضاً لا يجوّز ذلك في الأعضاء الرئيسية.

فعلى كلَّ هذ الموارد ايضاً تمسكوا بها وأنه تغيير لخلق الله، بل اعتبروا باباً ثالثاً انه من تغيير خلقة الله وأنه غير جائز وهو العبث بجثة الميت وإن كان كافراً كالمثلة وإن كان جثمان المؤمن أشد حرمة من المسلم في الأدلة وجثمان المسلم المستضعف أشد حرمة من الكافر وإن كان جثمان الكافر بقول مطلق ليس ملكاً للكافر فيحرم أيضاً ولكن حرمة المؤمن ميتاً كحرمته حياًن فإن جثمانه أشد حرمة، فهذا باب ثالث أيضاً تمسك به الفقهاء، أما القضية الطبية كيف تسوّغ أو لا مثل قلع الرحم أو قلع المبيض أو اخصاء الانسان نفسه فإنَّ هذا لا يجوز لأن هذا البدن ليس ملكك، نعم بعض الصوفية يخصون أنفسهم والحال أن هذا ليس نجاحاً إنما النجاح هو الاقتحام ولكن تحصّن نفسك لا أن تخصي نفسك فإنَّ هذا ليس نجاحاً، أو أنَّ الانسان يعمي عينه ثم يقول أنا عفيف النظر ؟!! فإن هذه ليست عفة نظر إنما عفة النظر هو أنَّ عينك موجودة وأنت تعفّها، فمن هذا القبيل إذاً التصرفات في البدن أو الروح في جملة من الأبواب تمسك الفقهاء بهذه القاعدة، حينئذٍ إذا استتمت هذه القاعدة إجمالاً بأي درجة تغيير أيضاً التغيير له درجات فيوجد تغيير بير في خلقة الروح أو خلقة البدن فهذا بلا شك يكون أشد حرمةً، لأنَّ نفس التغيير مرّ بنا ضابطة فقهية صناعية وهي أنَّ الفعل الذي يحكم بحكم شرعيي وجوب أو حرمة إذا كان هذا الفعل طبيعته ذو درجات متفاوتة شدة وضعفاً فتلقائياً ملاك الحكم يختلف شدة وضعفاً، الكذب حرام هذا صحيح، ولكن بعض الكذب يسبب الفتنة الاجتماعية، وبعض الكذب يكون بدرجة أخرى، فالكذب حرمته ليست بدرجة واحدة وإنما هي درجات وهلم جرا، ومنه التغيير والتبديل فإنَّ التغيير درجات وليس درج واحدة، الخلقة ايضاً هي درجان فإن خلقة الروح اعظم من خلقة البدن، وعلى تعبير السيد الخوئي الأعضاء الرئيسية في الانسان أعظم من الأعضاء غير الرئيسية، فإن الأعضاء الرئيسية قوام حياة الانسان بها أما الأعضاء غير الرئيسية أقل وحتى ديتها تختلفن هذه درجات في الموضوع سواء من جهة الخلقة أو من جهة التغيير والتبديل وهذا شيء واضح لذلك التغيير أو التبديل إذا صار بشكل قليل جزئي فهذا نحن ونفس القاعدة تلقائياً قد تتخفف درجة تغيير والتبديل إلى أن يصبح كالكراهة، ما مر بنا مثل طاعة الوالدين أو بر الولدين وهذا البحث مرّ بنا وكذلك صلة الرحم فالصلة تارة تكون بدعوتهم وغير ذلك فهذه درجة مستحة أما الصلة في مقابل القطيعة فهذه واجبة، وكذلك عقوق الوالدين فالعقوق تارة يكون بدرجة قول ( أف ) ويوجد عقوق شديد فطبيعة الأحكام بحب الدرجات تختلف هكذا الحال في هذه القاعدة التي هي تغيير الخلقة أو تبديلها ولذلك بعض النقوض التي يوردها بعض الأعلام على هذه القاعدة هي في غير محللها لأنَّ درجات التغيير والتبديل مختلفة وكذل درجات الحفاظ على هذه الفطرة أيضاً هي مختلفة، ولذلك ورد في الروايات ونحن في صدد بيان المفاد الكلي لهذه القاعدة حتى بعد ذلك نطبقه على مورد البحث وهو حلق اللحية، إنَّ درجات المحافظة على الفطرة ورد في الروايات أنَّ كل ما يصب في مروءة المرء فهذا يحافظ على الفطرة ولكن هذا له درجات مستحبة لذلك ورد في الروايات التي ستاتي من درجات الفطرة حلق العانة وازالة شعر الابطين وتقليم الاظافر والختان ولاحظ أن الختان إلزامي وهلم جرا، فورد الكثير مثلاً السواك من الفطرة يعني توجد درجات كماليات ندبية وتوجد درجات إلزامية فهذا ليس نقضاً على القاعدة وإنما القاعدة طبيعتها أنها ذات درجات.

فإجمالاً هذه القاعدة تمسك بها الفقهاء قديماً وحديثاً في بحوث في البواب للأحكام الالزامية فلا يظن ظان أن هذه الآيات بهذه القاعدة هي فلسفة تشريع وليست قواعد يستدل بها، كلا بل هي من أسس التشريع يستدل بها وهي أسس القواعد غاية الأمر أنها ذات درجات من حيث الموضوع فإنه ذو جزأين فهو ذات درجات فتصل إلى الكراهة والاستحباب وتتد إلى تصير من الكبائر، هذه القاعدة إذا تمت اطاراً واجمالاً ونحن الآن مجرد ذكرناها فهرسياً وربما تأتي في أبحاث لاحقة، طبعاً نتيجة هذه القاعدة الشيخ الطوسي اتدل على هذه النتيجة باستدلال آخر عقلي لهذه القاعدة حيث استدل بقاعدة الملك حيث يقول بأن الله تعالى خالقنا فهو المالك ولا يجوز التصرف في ملك المالك إلا بإذنه، وهذا معروف عنه، وهي هذه القاعدة التي أبطل بها الشيخ الطوسي حتى الأصول العملية، وهذا استدلال لنفس القاعدة ببيانٍ عقلي، وهذا داعم لكون مفادها إلزامي إجمالاً.

فإذاً الإطار العام لهذه الآية الكريمة بهذا المقدار قد استتم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo