< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/05/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السابعة من النوع الرابع ( حكم حفظ كتب الضلال ) - المكاسب المحرمة.

في هذه المسألة التي يؤكد صاحب الحدائق أنها غير منصوصة بالخصوص ويعترف العلام أنها غير منصوصة بالخصوص وإنما هي مستنبطة، النص الخاص ورد ولكن لك النص لم يعتمده الكل كدلالة خاصة ولكن على كل هي مسألة كلية وبالأحرى هي شبيه القاعدة، فهذه المسألة بعد توسعة السيد اليزدي والميرزا علي الايرواني تبقى قاعدة وهي قاعدة نشر الضلال أو ترويج الضلال يعني يحرم ترويج الضلال أو نشر الضلال سواء كان على مستوى عقائدي أو على مستوى أخلاقي أو على مستوى عقائدي فكري أو على مستوى التزام عملي قانوني، مثل قضية الأحوال الشخصية من أحكام الأسرة وغير ذلك فبقدر ما يتسع التسمك بالأحكام الشرعية هو أمر لازم أما الأحكام غير الشرعية فهي تعتبر باطل وضلال، فهذه المسألة حقيقة كما مرّ بنا مرراً أن أكثر مسائل المكاسب المحرمة مرتبطة بالفقه السياسي، وهذه نكتة شممناها من بحث ملكية الدولة قبل ثلاثين سنة وتقريباً سنة ألف وأربعمائة وعشرة، اسمها هي المكاسب المحرمة ولكن هي بالأحرى هي باب يبحث فيه عن الوظائف السياسية العامة سواء للوالي أو للفقيه أو للفاضل ولإمام الجماعة لأي مرتبة من مراتب المؤمنين يعني القدرة على تحمل المسؤولية لذلك بحوث المكاسب المحرمة اسمها مكاسب محرمة ولكن فيها بحوث كثيرة منها هذا البحث وهو أنه يحرم ترويج الضلالة أو الباطل والذي هو في الطرف الآخر يعني يجب تركيز وترسيخ إقامة الدين في مقابل الباطل، وكل من فسح له المجال يجب عليه ذلك عيناً وفوراً، فإذاً هذه قاعدة وليست قاعدة نقرأها والأدلة التي تمسك بها الأعلام ولذلك يعجبني مثل هذه المسائل أن الباحث يستعرض سلسلة كلمات الفقهاء فيلاحظ ارتكازاتهم البنى التي يعتمدون عليها فغن هذه مواطن ثمينة دسمة لجهود علماء الامامية فيجب على الباحث أن يفهمها، فلو قال أين مصادر الفقه السياسي فهذه هي المصادر، الكثير يتساءل أن علماء الامامية أن تنظيرهم في القضايا السياسية أو الاجتماعية أو في القضايا الأمنية العسكرية؟ إنها موجودة في المكاسب المحرمة، صحيح أنها موجود في باب القضاء وغيره ولكن إنصافاً هذا الباب هو دسم جداً، وسيأتي إن شاء الله تعالى في نهاية المكاسب المحرمة أن بحث ملكية الدولة الذي هو من البحوث المعقدة جداً استخرجت أنا كل بحثه من المكاسب المحرمة، استخرجته من مسائل ثمانية في المكاسب المحرمة وأن الدولة تملك أو لا تملك أو أنه مجهول المالك أو غير ذلك فمقصودي أنه حينما نقول المكاسب المحرمة لا يتصور أن مراجع الشيخ الانصاري لا تراجع حواشي الأسود على مكاسب الشيخ الانصاري فقط وإنما تراجع كل الدروات الفقيه التي عنوت بالمكاسب المحرمة من المفيد والمرتضى والمبسوط وهلم جرا، فبحث كتب الضلال نفس الشيخ المفيد عنونها في المقنعة، مثل قضية بيع السلاح وهي قاعدة أخرى مرت بنا، فتلك مرتبطة بالقوة العسكرية والأمنية ولكن هذه مرتبطة بالقوة الفكرية والاعلام وهي أنه يحرم ترويج ونشر الضلال والباطل، وإلا في قبال أنه يجب أن اقامة الدين وترسيخ الهوية الدينية، فأصل المسألة ما هو وفرضها؟ مرّ بنا أنَّ الشيخ الأنصاري قله من الأعلام استدلوا بقاعدة قطع مادة الفساد وقد مرت بنا الأدلة على هذه القاعدة، فلاحظ أنَّ هذه قاعدة فوقانية تتولد منها قاعدة حرمة نشر الضلال.

بقيت تساؤلات واثارات في قاعدة قطع مادة الفساد: - وهي أنها ما الفرق بينها بوين قاعدة المصالح المرسلة عن العامة أو سدّ الذرائع؟

وهذا سؤال علمي مثمر، هذا السؤال العلم أيضا طرح باعتبار أن علماء الامامية لا يعتمدون قاعدة المصالح المرسلة وسد الذرائع فهذا السؤال مطروح عليهم وهو أنكن تتبنون قاعدة قطع مادة الفساد ولا تتبنون قاعدة المصالح المرسلة وسدّ الذرائع، ونفس هذا التساؤل طرح حول أنه كيف يلتزم علماء الامامية بقاعدة التزاحم ولا يلتزمون بقاعدة المصالح المرسلة وسدّ الذرائع فما الفرق بينهما؟ وا الفرق بني هاتين القاعدتين اللتين ينكرهما علماء الامامية مع قاعدة مقدمة الواجب واجب ومقدمة الحرام حرام فما الفرق الصناعي بينهما؟، وحتى قاعدة النهي في العبادة يقتضي الفساد او النهي في المعاملة يقتضي الفساد والفساد الذي هو حكم استنباطي يعين الملازمات الخمسة التي ذكرها علماء الامامية ما الفرق بينها بوين قاعدة سدّ الذرائع وقاعدة المصالح المرسلة أليس هما شيئاً واحداً أو ماذا؟ توجد فتوى التزم بها علماء الامامية في عصرنا الحاضر أما قديماً فلا يوجد عندنا تتبع في خصوص هذا المثال ولعله عنونت عند القدماء وهي مسألة تشيح الجثث الطبي لتعلم الأطباء فإنَّ التصرف في جثمان الميت حرام سيما المؤمن بل حتى المسلم بل مطلق الانسان حتى الكافر لأن حرمة المثلة ولو بالكلب العقور، لأنَّ جسم الكلب ليس للكلب وإنما فعل الله تعالى، فإنَّ الكلب شيء وجسمه شيء آخر ونفس الكلام في الكافر وهو أنه فعل الله تعالى بدن الكافر وليس أفعاله فإنَّ أفعال الكافر هي أفعال الكافر أما بدن الكافر فليس هو أفعال الكافر، فالتشريح هو حرام أنه مثلة، بينما جل الأعلام في العصر الأخير أفتوا بجواز التشريح لغرض التعلم الأقل حرمة فالأقل جثامين ذاك الطرف ثم بعد ذلك يأتي بعده حسب شدة وقوة الحرمة، فما الفقر بين هذا وبين المصالح المرسلة وسد الذرائع فكيف التزمتم بهذه الفتى سيما أنَّ هذا ليس تزاحماً أو مقدمة واجب، فهذا الطالب المتخصص في الطب الآن هو لا يقيم عملية جراحية كي ينقذ بها إنسان كلا وإنما بعد عشر سنين أو اثنا عشر سنة حتى يتمكن من تعلم الطب ويقوم بإنقاذ حياة المرضى أما الآن فلا توجد عنده هذه القدرة فاي تزاحم هذا فهذا لا يمكن أدراجه في مقدم الواجب أما لو كان الواجب فعلي الآن فمقدمته تكون سائغة وإن كانت مقدمته حرام وذلك من باب التزاحم فن الواجب إذا كان أهم فهو يتقدم على المقدمة الحرام مثل التوصل في الدار الغصبية لإنقاذ الغريق فإن انقاذ الغريق أهم من رعاية مال الغير وسيما هذا التصرف في مال الغير هو صرف يسير، ففي هذا المثال لا يمكن ادراجه في مقدمة الواجب والتزاحم بين الواجب وحكم المقدمة وإنما هو بعد عشر سنين يستطيع انقاذ المرضى فهذا من باب المصالح المرسلة وسد الذرائع وليس من باب مقدمة الواجب فإذاً أنتم يا علماء الامامية تفتون بهذه القاعدة، فأنتم تنكرونها لفظاً ولكن تفتون بها عملاً؟ هذه تساؤلات موجودة، وما هو سدّ الذرائع؟ عرّفت عندهم بتعريفات ولا نريد الخول في هذه القاعدة وإنما فقط اشارة فهرسية اجمالية كي نميز بينها وبين قاعدة قطع مادة الفساد والقواعد التي التزم بها علمائنا، فسدّ الذرائع في الأصل استعملت عند المالكية والحنبلية، يعين هاتين القاعدتين يتشدد بها أكثر الحنابلة والمالية في الجملة الشرطية والعجيب أنَّ الحنفية لا يلتزمون بها بهذا الشكل والحال أنهم هم مدرسة الرأي، فسدّ الذرائع في الأصل هي أنه يعني الذريعة هي الوسيلة والجسر والطريق سد الطريق على التوصل إلى الحق يعني كأنما مقدمة الحرام حرام، ولا أريد أن أقول هي فإنه يوجد فق صناعي دقيق ولكن سدّ الذرائع في الأصل هي المنع في المقدمة أو الطريق أو الجسر بالحرام فلا يكون ذريعة، ولكن هذه سدّ الذرائع توسعوا فيها إلى أن أصبحت ليس فقط في المحرمات وإنما حتى في الواجبات، يعني الواجبات إذا كان يفي طريق معين إلى تركها والتفريط بها فتمنع تلك الأفعال التي تسبب المخالفة والترك للواجبات، فعمموا قاعدة سد الذرائع إلى الواجبات، ذريعة على ارتكاب الحرام فسد هذه الذريعة سواء كانت المعصية هي ارتكاب حرام أو معصية ترك الواجب فهو أيضاً معصية، فهي منع الطريق الذي يؤدي إلى مخالفة الشرع سواء كان ارتكاب حرام أو ترك الواجب.

وما هي المصالح المرسلة؟ المصالح المرسلة يعني ظاهر أصل تنظيرها عندهم هو أنه توجد مصالح فبالتالي يلزم بأمور تقيم تلك المصالح وكأنما هي مثل مقدمة الواجب، فسد الذرائع هي في مقدمة الحرام في بدء تنظيرها والمصالح المرسلة في مقدمة الواجب هذا في بدء التنظير عندهم، ثم بعد ذلك صار تحولات في هاتين القاعدتين هو أن سد الذرائع كما مرّ بنا أنها عممت للواجب والحرام، أما المصالح المرسلة هي حسب ما انتهت إليه تنظيراتهم إذا عممت سدّ الذرائع في كل من الواجب والحرام يصير هو نفس القاعدة وحتى أن بعضهم قال إنَّ سدّ الذرائع والمصالح المرسلة هي وجهي لقاعدة واحدة، ففي البداءة كان هذا واجب وذاك حرام ولكن حينما عممت سدّ الذرائع تلقائياً صار وجهان لعملة واحدة وتعبيرين عن قاعدة واحدة لها تطبيقان في الواجبات والمحرمات، هكذا عند بعضهم، ولكن الذي استقرت عليه تنظيراتهم الآن أن المراد بالمصالح المرسلة مع نها تعم الواجب والحرام وكذلك سد الذرائع تعم الواجب والحرام فإن الفرق بين القاعدتين هو أعمق وهو أن المصالح المرسلة هي الموارد التي لم يأمر بها الشارع وإنما هي مصلحة عقلائية، فهي لم يتعبد بها الشارع شبيه في باب السياسة وعالم السياسة يقول إن هذه فيها مصلحة فأنا لا اقول فهيا حكم شرعي موجود ولكن هذه مصلحة يحكم بها العقلاء يعني أنَّ المصالح المرسلة هي قالب لم يرد فيه تعبد بالخصوص، يقولون وصفت بانها مرسلة يعني أطلق الأمر فيها من قبل الشرع فهو لم يأمر بها بالخصوص وغنما أرسلها إلى عقول العقلاء، أما سد الذرائع إنما هي قاعدة تجري في موارد ما نص الشارع على حرمته أو نص الشارع بوجوبه ولكن الوسيلة إليه يلزم بها الانسان، فالمصالح المرسلة هي المصالح التي يدركها العقلاء ويحكمون بها ولم يحكم بعنوانها الشارع كمنطقة الفراغ مثلاً، فالمصالح المرسلة هي منطقة الفراغ فغن يحكم بها العقلاء ولم يتعبد الشارع بها بالخصوص، أما سد الذرائع فهناك العناوين والحدود والأوامر بالخصوص التي أمر بها الشارع أو نهى عنها، إذاً على ضوء هذا الفرق بين القاعدتين صحيح أن كل منهما يعم الوجوب والحرام ولكنهما ليسا قاعدة واحدة وإنما موردهما يختلف وبالتالي مؤداهما يختلف، هذا إجمال ما ذكروه من اقوال من تاريخ القاعدتين عندهم.

وما هو فرق هذا عما نحن فيه؟ ذكرت هذا المثال عن الشيخ محمد حسين كاف الغطاء فهو يقول إن نهي عمر بن الخطاب عن المتعة لم يكن هذا النهي بادعاء عمر أنه هو نبي ويشرّع أو أنه هو الله ويشرّع وإنما هو نهي وحرمة سياسية تدبيرية، فالشيخ مجمد حسين كاشف الغطاء يتعجب إلى أنه لماذا جمهور العامة يصيرون على حرمة المتعة والحال أن عمر نفسه يعترف ويقول ( متعتان كانتا على عهد رسول الله ) يعني يقول هي ليست حرمة تشريعية وإنما هي حرمة سياسية، هذه نكت مهمة يثيرها السيخ محمد حسين كاشف الغاء، وطبعاً الكثير من فقهائنا أشاروا إلى هذا المطلب، يعني قد يحتمل أنَّ النبي صلى اله عليه وآله وسلم كما يروون هم ذلك وهو أنَّ النبي أمر بها ثم نهى عنها ثم امر بها ثم نهى عنها ثم أمر بها ثم نهى عنها ثم أمر بها ثم نهى عنها ثم أمر بها وهذا موجود عندهم، يعين هناك مؤاخذة من علماء الامامية على علماء الجمهور علماء العامة وهو أنهم لا يفرقون بين الحكم السياسي وبين الحكم القضائي وبين الحكم الفتوائي فإنَّ هذه ثلاثة أبواب، يوجد عندنا في الروايات أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم حرّم لحكم الخيل والبغال في خيبر ولكن الامام يبين أنَّ هذا التحريم ولائي من النبي صلى الله عليه وآله، يعني هو سياسي وليس فتوائياً، وما هو الفرق بين الحرمة السياسية والحكومية وبين الحرمة الفتوائية أو الحرمة القضائية؟ الفرق هو أنَّ الحرمة السياسية هو أنه لنكات معينة أو لظرف معين يرى السائس أن المنع هنا لابد منه ولكن هذا لا يعني أن هذه الحرمة موجودة في أصل الشارع وفي اللوح المحفوظ أن هذه الحرمة باقية غلى يوم القيامة، وإنما للتدبير السياسي هنا منع، أما ما هي موازين التدبير السياسي؟ لا بأس لعلنا نتعرض إليها إجمالاً، ولكن هناك فرق بين سنخ الحرمة السياسية والحرمة الفقهية الآن مثلاً الميرزا محمد حسن المجد الشيرازي أفتى بحرمة التبغ فهذه ليست حرمة شرعية فتوائية ولا حرمة قضائية لأنه لا يوجد نزاع وإنما هي حرمة سياسية ولائية بحيث كل المؤمنين في إيران امتنعوا عن اتبغ حتى يقال إنه حتى زوجة الملك كسرت الغليون، ومن اين أفتى الميرزا محمد حسن بهذه الفتوى؟ لأنه رأى استعمار البريطانيين أنهم أرادوا أن يستولوا على ثروات إيران باسم شركات التبغ وباسم اتفاقية كذا وغير ذلك فكان مصير البلد مهدد فلكي ينجلي هؤلاء الأجانب عن أرض التشيع وأرض الايمان أفتى بهذه الفتوى، فهذه الحرمة هي حرمة شرعية بالمعنى الأعم ولكنها ليست حرمة فتوائية ثابتة وإنما هي حرمة ولائية سياسية، وسبحان الله صار تأثير فتواه بشكل عجيب حيث قطع الدابر وإن كان بعد وفاة الميرزا الشيرازي دخلوا من النافذة بعد أن خرجوا من الباب، فالمقصود أنَّ سنخ الحرمة السياسية أو الوجوب السياسي هو شرعي بالمعنى الأعم ولكنه يختلف عن الحكم القضائي والفتوائي، وهذا باب مهم لأنه توجد عندنا احكام شرعية على ثلاث أنواع، وهذا بحث مهم جداًن علماء م في مؤاخذتهم على علماء الجمهور أن تحريم رسول اله للبغال والحمير ليس تحريماً فتوائياً ولا قضائياً وإنما هو تحريم سياسي ولذلك يأمر به وينهى عنه ويأمر به وينهى عنه، فهو من هذا الباب، والكثير من معنى النسخ الذي يذكر في روايات أهل البيت عيهم السلام فأمير المؤمنين عليه السلام يقول لعل الراوي سمع الأمر من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسمع النهي أو سمع النهي ولم يسمع الأمر، فهذا النسخ كثيراً ما يكون في باب الحكم السياسي، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وآلة وسلم جملة من الأحكام السياسية غير الأحكام السياسية المرتبطة بالدولة وإنما حتى مرتبطة بالأفراد ولكن بعدها سياسي، يجرب على أي شخص أن ينفتح على الأجانب مثلاً فصحيح هذا مرتبط بوظائف الأفراد ولكنها مرتبطة بالبعد السياسي، فهناك جملة من الأحكام سواء كانت فردية أو غير فردية ولكن بعدها سياسي وليس ببعدها قضائي ولا قهي دائم، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء يقول بإصرار على أن نفس عمر يقول ( وأنا أنهى عنهما ) في قبال المهاجرين والأنصار، يعني هو في صدد نهي مؤقت لمفسدة هو ارتآها، وهذا بلا قياس مثل ما حرم الامام الصادق عليه السلام المتعة على شخصية أبان بن تغلب وشخص آخر في المدينة المنورة فقال لهما انا أحرمهما عليكما، فهذا ليس حكماً فتوائياً فلماذا هم حكموا بأنه حكم فتوائي ثابت فإنَّ هذا خطا وهذا يدل على انه لا يوجد عندهم تمييز بين الأحكام، وهذا البحث شيق ومهم ولذيذ فإجمالاً يوجد عندنا ثلاثة ابواب باب الحكم السايس وباب الحكم القضائي وباب الحكم الفتوائي الشرعي، وموازين باب الحكم السياسي تختلف عن موازين باب الحكم القضائي، وموازين الحكم القضائي هي ( إنما اقضي ببينكم بالبينات والايمان ) والقسامة وهلم جرا، أما موازين الحكم السياسي فهي موازين أخرى كالمصلحة، هنا مؤاخذة علماء الامامية وهي قاعدة المصالح المرسلة وقاعدة سدّ الذرائع التي عند علماء العامة هما قاعدتان إن تمتا فهما في الحكم السياسي، فلماذا تخطون هذه الموازين بباب الحكم الفتوائي، فإنَّ موازين الحكم الفتوائي افترض مثل القواعد الفقهية المعروفة ( من أتلف مال الغير فهو له ضامن ) و( من حاز ملك )، و( من أحيا أرضاً فهي له ) أو ( أوفوا بالعقود ) و( المؤمنون عند شروطهم )، فتوجد موازين في باب الفتيا وتوجد موازين في باب الحكم السياسي فلماذا نخلط بين هذه القواعد، هذه هي عمدة مؤاخذة علماء الامامية على قاعدة المصالح المرسلة وسدّ الذرائع، وهذه المكلة مستمرة ليس فقط في مسألة المتعة غيرها وإنما أعم فهم جعلوا هذه القواعد التي هي في باب الحكم السياسي فجعلوها موازين وقاعد في الحكم الفتوائي التشريعي الثابت المشترك وهذا خطأ، فإنَّ هذه القواعد لو تمت فهي في باب الحكم السياسي وليس في باب الحكم الفتوائي التشريعي المستمر هذه مؤاخذة مهمة، وهذه مؤاخذة سجّلت على العامة، ما هو الفرق بينها وبين التزاحم ومقدمة الواجب فإنه أيضاً صار خلطاً بين مقدمة الواجب والتشريع الثابت وبين التزاحم والتشريع الثابت، وهذه بحوث حساسة وهي نخاع الفقه، وهي صناعات نخاعية في أبواب الفقه سنواصلها إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo