< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/05/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السابعة من النوع الرابع ( حكم حفظ كتب الضلال ) - المكاسب المحرمة.

هذه القاعدة التي مرت بنا أمس واستدل بها الشيخ الأنصاري والأعلام في حرمة ترويج الضلال والاضلال، ومرَّ بنا أنَّ السيد اليزدي والميرزا محمد تقي والميرزا علي الايرواني هؤلاء الأعلام قالوا إن المفروض أن يكون عنوان البحث ليس حفظ تب الضلال وإنما المفروض أن يصير عنوان البحث حرمة ترويج الضلال والاضلال ونشره، أو وجوب ممانعة مادة الضلال فأصل موضع البحث هو هذا وإلا ليس خصوص حفظ كتب الضلال فالبحث عام وليس خاصاً، افترض مصانع لصنع الخمر أو مصانع لصنع آلات الموسيقى ومن هذا القبيل أو مراكز تدريس السحر وموجود في الغرب ذلك حيث توجد كليات لأجل ذلك فهذه مراكز فساد في الأرض ومن هذا القبيل مراكز كهانة فإنه توجد عندهم مراكز معينة وطقوس وعبادة الشيطان ومن هذا القبيل فبالحث عام وليس في خصوص حفظ كتب الضلال بل هو أعم، وأول دليل استدل به الشيخ لهذا المبحث هو حكم العقل بلزوم قطع مادة الفساد وما هي هذه القاعدة؟ مر بنا الترديد أمس أنها هل هي قاعدة فتوائية أو هي قاعدة في قواعد وموازين الحكم السياسي الاداري التنفيذي يعني الملزم بها الحاكم السياسي أي من يتصدى وليس ملزم به الفرد المكلف أو من موازين القضاء؟ وهذه نكتة مهمة يلزم أن يلتفت إليها الباحث وهي أن بعض الأحكام هي من وضائف الحاكم السائس وليست وظائف الفرد، كما ذكر الفقهاء أنَّ الردع العملي للفساد والمنكر بدرجات قوية فيها ربما دماء أو غير ذلك هي من شؤون الحاكم وليس من شؤون الرعية فبعض الوظائف هي من هذا القبيل فيا ترى قطع مادة الفساد من أي باب هي؟، وكان توجد اثارة تسؤل وهي أن قاعدة سدّ الذرائع والمصالح المرسلة هل لها ربط بباب التزاحم أو لا، وعدة اثارات، وقبل أن نواصل اجابة التساؤلات التي مرت بنا أمس، وقبل أن ندخل فيها نذكر حملة من كلمات الأعلام الذين تمسكوا بهذه القاعدة في الأبواب حتى يستأنس الباحث في ذلك، من كلمات الأعلام في شرح قاعدة لا ضرر قالوا بأنَّ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم للأنصار بقلع نخلة سمرة بن جندب هو أمر قاعدة قطع مادة الفساد، وهو نوع من النهي عن المنكر الذي يزاوله الحاكم السياسي لأن سمرة بن جندب لا ينصاع إلى الموازين فقد تتداعى الأمور فلكي لا تتداعى الأمور فهنا قطعاً لمادة الفساد من اقتتال وحصول دم أو شيء آخر أمر النبي صلى الله عليه وآله ولم قلع نخلة جندب مع أنه لها استحقاق في الأرض - يعني استحقاق حق وليس ملكاً - لذلك احد البحوث التي بحثها الأعلام في قاعدة لا ضرر هذا أمره صلى الله عليه وآله بقطع الشجرة غطاءه وتفسير هل هو بقاعدة لا ضرر أو أن هناك قواعد أخرى تدخل في البين فجملة من الأعلام قالوا لابد أن تضم في البين قاعدة قطع مادة الفساد، فلاحظ أن نفس أدلة لا ضرر تكون دليلاً عل هذه القاعدة وهي قطع مادة الفساد، وهناك موضع آخر ذكه الأعلام وهو في المتنازعين المتخاصمين أي متخاصمين يأتيان إلى دار القضاء لو لم يرضنا على أمر ولم يتوافقا على شيء لا قضية اقامة بينة ولا يمين، يعني لا يقبلون بفص الخصومة فلا المنكر يرضى باليمين ولا المدّعي يرضى بالبينة أو بموازين القضاء فيبقى النزاع بينهما لأنها لا يلتزمان بهذه الموازين فماذا يصنع الحاكم الشرعي، فلو لم يرضيا على أمر ولا يريد الخصمان أن يلتزما بشيء فهنا لا يبعد سقوط حرمة مالهما بمقدار يجدع به الفساد وينحل به الاشكال لأن تداعيات النزاع قد تؤدي إلى ما هو أفسد، ( وينحل به الاشكال والإعضال وربما يكون ذلك من الحسبيات لانجراره إلى الفساد والنزاع في الأزمنة المتأخرة فلابد من المحافظة على ما هو الأوفق ) فهنا لاحظ كأنما آخر الدواء الكي أو قاعدة القرعة أو شيء آخر فإن قاعدة قطع مادة الفساد أن هذه الموازين لا تحل النزاعات لعدم استجابت الأطراف فهنا يتخذ الحاكم اجراءً لمنع ما هو أفسد، وهذا مورد آخر للقاعدة.

وهناك مورد آخر للقاعدة ذكروه أو ذكره السيد الخميني حيث قال:- إنَّ قاعدة قطع مادة الفساد ليست من الأحكام الأولية وإنما هي من الأحكام الثانوية، ولكن يقول هي ليست من الأحكام الثانوية للفتوى وإنما هي من الأحكام الثانوية للحاكم السياسي، فهي ليست قاعدة يستنبط منها الفقيه مثل قاعدة ( من أتلف مال الغير فهو له ضامن ) فإنَّ هذه قاعدة فقهية يستنبط منها الفقيه احكاماً او قاعدة إنما الأعمال بالنيات أو أي قاعدة فقهية أخرى، فهو يقول عن هذه القاعدة ليست فقهية استنباطية في الفتوى وإنما هي قاعدة موازين باب الحكم السياسي وليست حتى من موازين باب القضاء مثلا البينة أو اليمين أو القسامة أو الاقرار فهذه القاعدة ليست من موازين الفصل القضائي وإنما هي ميزان لباب الحكم السياسي وهذه نكتة مهمة سبق وان اشرنا إليها ربما في العام الماضي وهي أن البحوث الأخيرة عند علماء الامامية في العصر الأخير الخمسين سنة الأخيرة أو القرن الأخير عندما فتح فقهاء الامامية البحث عن الفقه السياسي وجد هؤلاء المعاصرون الأعلام أن جملة من الأحكام التي نُظّرت في الفقه أنها أحكام فتوائية هي ليست فتوائية وإنما هي أحكام شرعية سياسية وليس حكم فتوائي ثابت، وما هو فرق الحكم السياسي عن الحكم الفتوائي ؟ إنَّ هذا بحث طويل عريض حساس لا نريد الدخول فيه وقد ذكره الأعلام الأصوليون شيئاً ما في باب القضاء ذكروه بمناسبة في بحث الأصول في بحث التعارض عند شرحهم لرواة عمر بن حنظلة وهو بحث حساس، فالمهم هنا حوالة على ذاك البحث وهو أنه هناك فرق في سنخ الحكم السياسي والحكم الحكم الفتوائي، وضوابط وآليات وقواعد الحكم السياسي تختلف عن الحكم الفتوائي، فهناك مؤاخذة من المعاصرين لمن تقدمهم اجمالاً أن بعض الحكام التي عنونوها بعنوان حكم فتوائي هي ليست حكماً فتوائياً ولا قواعد فقهية فتوائية وإنما يه قواعد للتدبير السياسي، وطبعاً راي السيد الخميني في لا ضرر أيضاً هكذا فأصلا لا ضرر لا صلة لها بباب الفتوى أبداً، فلا يستند بها للفتوى وإنما هي ميزان وضابطة لشيء آخر، مثلاً الآن اليمين هو ضابطة في الحكم القضائي وليس في الحكم الفتوائي ولا معنى لأن نستدل بها في الحكم الفتوائي، فرأيه هو هكذا فهو تبنى هذا، وأنا رأيت قبله احد الأعلام تبنى نفس هذا الرأي في لا ضرر والسيد الخميني تأثر به، فعلى على هذا الضوء أصلاً قاعدة لا ضرر ليست قاعدة فتوائية لا يصح للفقيه أن يستند إليها في الفتوى وإنما هي مرتبطة محضاً بالباب السياسي بباب الجهاد أو بباب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو باب الحدود أي ليس بعنوان حكم فتوائي ثابت وإنما بعنوان حكم تدبيري، فالمهم نحن نثير هذه الأمثلة حتى يصير الأمر واضحا لنا وهو أنَّ بعض الأعلام مثل السيد الخميني يرى أنَّ قاعدة قطع مادة الفساد هي ليست قاعدة فقهية فتوائية وإنما هي قاعدة مرتبطة بباب الحكم السياسي، فهي مرتبطة بالتدبير.

ومن باب الشيء بالشيء يذكر لتوضيح المطلب لا بأس أن نذكر هذا:- وهو أنَّ الفقهاء قالوا إنَّ المرجعية الشيعية سواء كانت مرجعية عليا أو مرجعة وسطى أو مرجعية دنيا أي المرجعية الواجدة للشرائط عموماً هي ليست فقط تزاول الفتوى - وهذا البحث ذكروه في باب الاجتهاد والتقليد - وإنما نفس التصدي لمشاكل المجتمع ومسؤوليات المجتمع وإن لم يكن بهيكلية دولة فهذا نوع من الولاية السياسية يعني نفس المرجعية هي دويلة أو محافظة عابرة للدود لا ترتبط بحدود وقومية وإنما وطنها راية علي بن أي طالب وهذا بحث لطيف ذكره الأعلام في بحث الاجتهاد والتقليد وهو أنَّ نفس المرجعية هي دويلة فيها قضاء وغير ذلك كل بحسب مساحته محافظات وأقاليم، لذلك البعض يشبه المرجعية العليا مع المرجعيات الأخرى أو مرجعيتين عليين أو مرجعيات عليا يشبهها بدول عظمي وأقاليم ومحافظات وهلم جرا وهذا تصوير لطيف، ولماذا ذكرنا هذا البحث؟ ذكرناه لأجل بيان هذا المطلب وهو أنه لقطع مادة الفساد حتى تحتاج إليها المرجع وإن لم يكن رئيس دولة، الآن كتابات غربية من أربعين او خمسين سنة أو أكثر حول فتوى التنباك ترى هذا الشيء وهو أنَّ المرجعية هي نوع من الدويلة ولكنها دولة شرعية لا ربط لها بالانتخابات وبالشعب وهلم جرا، فهذا راي في قاعدة مقطع مادة الفساد وهو أنها قاعدة في باب الحكم السياسي وهي مرتبطة بالتدبير وليست مرتبطة بالحكم الفتوائي، هذا رأي.

والبعض قال:- إنَّ قاعدة قطع مادة الفساد هي نوع من القاعدة الفقهية الفوقية التي يستخرج منها قواعد أو أحكام أخرى، وهذا يحتاج إلى توضيح لأنَّ هذا ذكروه في بحث الضمان وبحث القسامة في اللوث، الآن من باب المثال ( أقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان )، ( إنَّ الله يأمر بالعدل ) فهذه إن الله يأمركم بالعدل ) قاعدة فقهية ولكن هذه قاعدة فقهية ليس من قبيل القواعد الفقهية المعروفة فإن كل منظومة الأحكام الشرعية هي عدل فما معنى ( إنَّ الله يأمر بالعدل )؟ يقولون هي من قبيل حكمة التشريع ولكن ليست حكمة التشريع المعهودة في أذهاننا التي لا صلة لها بالتشريع، أخيراً بعض حكم التشريع يعتبرونها أصولاً تشريعية فوقية، يعني يرجع إليها في الموازين، فلاحظ مثلاً المحقق الحلي في الشرائع حينما يريد أن يرجح روايات على بعضها البعض أو يرجح الوجوه الاستدلالية بعضها على البعض أو يرجح التمسك بتوفيق بين قواعد فقهية مع بعضها البعض يقول ( إنَّ هذا أشبه بأصول المذهب وقواعده ) لا يقصد من ذلك أصول الفقه وإنما التشريعات الفوقية التي هي شبيه التشريعات الدستورية توجب الترجيح، وبعبارة أخرى إنه في مقام الاستنباط أو الفتيا أو مقام القضاء أو مقام الحكم السياسي إذا تزاحمت عند الفقيه قاعدتان أو حكمان أو تعارضتا في مقام الفتوى أو في مقام القضاء أو في مقام الحكم السياسي هنا يرجح الفقيه القاعدة التي هي تقطع مادة الفساد بخلاف القاعدة الأخرى، إذاً قطع ماد الفساد هي قاعدة ترجيحية أو قاعدة توفيقية للتعارض، وهذا رأي آخر في قاعدة قطع مادة الفساد وأنها ليست قاعدة مختصة بالحكم السياسي ولا بالحكم القضائي ولا بباب الحكم الفتوائي وإنما تعم الأبواب الثلاثة ولنها قاعدة موفقة مولّفة مرجحة، هذا هو أحد الآراء التي تبناها الأعلام، والبعض من الأعلام قال من مصاديق قاعدة قطع مادة الفساد يعني من المصاديق المتيقنة التي تسالم عليها الكل وحتى الذين شكوا في هذه القاعدة كالسيد الخوئي حيث لم يقبلها ولكنه استثنى من هذه القاعدة مورد الفساد العظيم، فإنه في موارد الفساد العظيم هذه القاعدة مسلمة وقبل بها السيد الخوئي مثل الهرج والمرج والفوضى في المجتمع، من أعظم القضايا التي يتوخاها الشرع هي شيوع الفوضى والهرج والمرج حتى أن الشرع يعتبرها حرب لله ولرسوله، أصل المحارب ويعتبر محارباً بتسبيبه الاخلال بالأمن العام والفوضى والهرج والمرج، زعزعة الأمن العام هذا من أكبر الفساد فلا يجوز لأحد أن يستخدمه كمادّة ضغط لأنه قلق فها المقدار يسلّم به السيد الخوئي، يعني إذا استلزم الهرج والمرج أو اشاعة باطل خطير كما لو كانت تنتشر الشيوعية، كما في حكم السيد الحكيم حيث خاف على هوية بلد حيث قال الشيوعية كفر وإلحاد، فمع أنه ليست بيده دولة وإنما هذه هوية خطرة حيث تتحول من هويد دينية إلى هوية علمانية فهذه قضية خطة بل هي أخطر شيء، هذا المورد أيضاً سلّم به السيد الخوئي، فإنَّ الهوية الدينية لو تذهب ولو بكلمة فهذا خطر فهنا بلا شك يسلمون بهذه القاعدة وهذا المقدار سلم به السيد الخوئي وتلاميذ والذي هو موارد أمن البلاد والعباد أو موارد الهوية الدينية ولو كان الخطر بنسبة مئوية معينة، هذه موارد متيقنة لهذه القاعدة.

وما هو دليل هذه القاعدة؟

الدليل الأول:- دليل هذه القاعدة حسب كلام الشيخ الانصاري هو العقل، ومرَّ بنا أنَّ السيد الخوئي لا يسلّم أن العقل يحكم بهذه القاعدة بقول مطلق إلا بهذا المقدار الذي مر بنا وهو زعزعة الأمن العام والمخاطرة بالأعراض والدماء والأموال أو تبديل هوية الدين ولو نسبياً وليس كل الدين كأن ينتشر في البلاد طابع لا ديني معين، هذا المقدار سلّم به السيد الخوئي أما الزائد على ذلك لم يسلم به، ولكن الصحيح كما ذكر غير واحد من الأعلام هو أنه إذا شخص الفساد فلا شك في شمولها له، إنما الكلام في أنه ما هي الآليات وما هي الأدوات فهذا فيه كلام وأنه كيف يتم قطع مادة الفساد ومن الذي يتصدى لقطع مادة الفساد وبأيّ آلية فنعم هذا يوجد فيه كلام، أما أصل القاعدة اجمالاً فلا كلام فيها، مضافاً إلى ما مرّ بنا وهو أنَّ نفس قاعدة لا ضرر تدل عليها، ليس قاعدة لا ضرر فقط كما ذكر بعض الأعلام وإنما كل ابواب الحدود والتعزيرات والعقوبات هي أمران من الفساد وكذلك باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أمان من الفساد، الفساد الذي يشخصه الشارع.

الدليل الثاني: - الروايات، كرواية وهي معتبرة المفضل بن عمر الواردة في النقوض، وهي عدّة روايات مضمونها هكذا، ( قال:- كنت أبي عبد الله عليه السلام فألقي بين يديه الدراهم فألقى إلي درهماً منها وقال أيش هذا؟ فقلت: - ستّوق، فقال: - وما الستّوق؟ فقلت: - طبقتين فضة وطبقة من نحاس وطبقة من فضة، فقال: - اكسر هذا فإنه لا يحل بيعه ولا إنفاقه )[1] ، وتوجد رواية أخرى عن الكاظم عليه السلام قال له إنَّ فيه فساداً، فلاحظ هنا قطع مادة الفساد، أو الفساد من خلال الاخلال بالنظم العام لأن هذا صرف، فهذه الرواية أيضاً استفيد منها هذا المطلب.

وأيضاً صحيحة عبد الملك بن اعين وقد مرت بنا في باب التنجيم قال: - ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحاجة فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر لست ولم أذهب فيها وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي:- تقضي؟ قلت: - نعم، قال: - أحرق كتبك )[2] ، لأنها صارت كتب ضلال لأنك انقطعت عن التوكل إلى الله إلى هذا الشيء وقد استدل الشيخ بنفسه بهذه الرواية.

فإذاً توجد عدَّة أدلة في هذا المورد سواء كانت أدلة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو باب الحدود والتعزيرات أو قاعدة لا ضرر فإن جملة من الروايات التي يمكن أن ستدل بها على هذه القاعدة.

بقي أن نتخلص نكتة فيها:- وهي أنَّ قطع مادة الفساد بالتالي إذا كانت مورد تكليف الانسان في أمواله فبلا شك هو ملزم بذلك، شيء تحت حيطته وحيازته كن يكون كتاباً للسحر أو كتاب لشيء آخر أو كتب فيها تلبيسات وخدع ضد الهوية الدينية أو أمور أخرى فهذه مادة الفساد التي تكون تحت سيطرة الانسان فهنا يجب عليه أن يعدمها ولا يحتفظ بها لأنها تصير معرض الفساد، أو أنها توجب العدوى كالإخلال بالأمن الصحي العام أو من هذا القبيل، فكل الموارد إذا كانت تحت حيازة الانسان فواضح أنه مخاطب، فإذاً تطبيق القاعدة هنا صحيح واستدلال الشيخ الأنصاري صحيح، فإنَّ الإضلال هو أعظم فإنَّ الفساد لعقائدي أعظم من الفساد الأخلاقي والفساد الأخلاقي أعظم من الفساد العملي، فهنا لا إشكال في تطبيق هذه القاعدة بهذا المقدار، أما إذا كان الفساد بيد شخص آخر كما لو كان الشخص الآخر بيده آلات موسيقية أو آلات قمارية فلو أراد الانسان أن يقتحم لقطع مادة الفساد فهنا لا يصح تطبيق هذه القاعدة لا أنَّ القاعدة لا تطبّق أصلاً وإنما لا تطبق القاعدة هنا بسذاجة، ولماذا؟ لأنه يوجد عندنا باب تصرف الشرع باب قوانين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو بحث خصومة فأنا أريد أن أقطع مادة الفساد فأتدخل فهذا ليس بصحيح وإنما القاضي هو اذي يقطع مادة الفساد، وحتى القاضي الذي يريد أن يقطع مادة الفساد في الخصومة فهو يقطعها بموازين.

فالحاصل:- أنَّ هذا الاشكال من السيد الخوئي هو أنه لو كان قطع مادة الفساد واجب مطلقاً بلغ ما بلغ فإنه يلزم لوازم لا يمكن الالتزام، فجوابه هو أنَّ الشارع حدد آليات في الأبواب وفي الموارد لقطع مادة الفساد لا أنَّ الباب مفتوح على مصراعيه، هذا جواب إشكال السيد الخوئي والأعلام الذين استشكلوا على هذه القاعدة، نعم لو كانت مورد يد الانسان وحوزة الانسان فهذه هي وظيفته ولا يوجد تحجير من الشارع ضمن آليات معينة وإنما يلزم على الانسان أن يقطع مادة الفساد التي تحت يده بحث لا يستلزم الدخول في حقوق الآخرين، أما البقيّة فهي حسب ضوابط الأبواب المقررة.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo