< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/05/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السادسة من النوع الرابع ( التنجيم ) - المكاسب المحرمة.

وصلنا إلى هذه الرواية في الباب الرابع والعشرون من أبواب ما يكتسب به، وقد وصنا إلى الرواية التاسعة:- وهي بإسناد الصدوق أيضاً عن أبي جعفر عن آبائه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:- (أنه نهى عن عدة خصال منها النظر في النجوم )[1] وهذا كأنما يدل على حرمة تعلم النجوم أو حرمة العمل العلمي بالنجوم الاستنباط للوقائع المستقبلية، ولكن كما مرّ بنا مقابل الروايات العديدة تحمل هذه الكراهة أو الحرمة على ما لو بت أو عقد الايمان عليه، ويوجد أحد المؤمنين كان يفعل كشفاً إلى وضعيته الصحية وهو مسلّم أن النتائج إذا خرجت بأنها سرطان لا سمح الله فهو مسلّم بذلك، وهذا خطأ، فأولاً حتى لو كانت الأسباب المادية هي كذلك ولكن الله تعالى اقوى من السرطان وغيره، أصلاً نفس تسلميك بالسرطان الدموي هذا شرك خف لا يلتفت إليه الانسان، فالسرطان في الدم ثم ماذا، أنت تسلّم أن لكل مخلوق أن بيده الضر فهذا فيه شرك خفي بل الله قادر وراء كل ذلك، فلا يحزن الانسان ولماذا يقلق ولكن هذا يحتاج إلى قلب قوي ويقين بالله قوي وأنه محيط بكل شيء وقادر على كل شيء وقبل كل شيء بل هو خلق كل شيء، إذاً امتد يقين الانسان إلى ذلك فسوف يهون عليه أي مخلوق آخر سواء كان المخلوق هو مرض أو أي شيء آخر، فكما مرّ بنا أنَّ الرواية محمولة على هذا الشيء، فلاحظ أن هذا الحكم الذي هو في باب النجوم هو تربية عقائدية بامتياز، لأنَّ كل برمجتك أنت لا تبرمجها على الأسباب المادية فقط بل عليك أن تفعل كل ما عليك ثم قل بعد كل هذ الأسباب يوجد الله تعالى، وفي الروايات موجود أنَّ أعظم من كل هذه الأشياء هو الله عزّ وجل، فمقصودي أنَّ هذه النفس الضعيفة الهشة كي تربطها بالله تعالى تفهّمها بأن الله تعالى بيده كل شيء، وهذا موجود في تعابير القرآن الكريم وكذلك موجود في الروايات إذا صليت فتثمل أنَّ الله تعالى كالأسد الضاري هكذا عليك أن تخاف منه، يعني الانسان إذا رأى أسداً ضارياً كم يكون مقدار خوفه، وإذا أردنا أن ندخل باباً عرفانياً معنوياً أنه في تلك اللحظة إن لم يكن خوف الله أقوى في قلبه من خوف الأسد الضاري فهو مشرك خفي ولكن هذا كلام تنظيري ولكن عملياً من الذي يوفق إلى عبور هذا الامتحان ولكن هذا بحث آخر فهو في اللسان شيء سهل ولكن في العمل هو شيء آخر وهذا يسمونه قوة التوكل لا انك تقصر في السباب وإنما أنت قم بمسؤولية توفير الأسباب ولكن إذا استنفذت طاقاتك أو فكرك أو قوة فقل عندي سبب وهو مسبَّب الأسباب فهنا سوف يقوى توكلك، فأصل فلسفة هذه المسألة تحريماً غير ذلك هو لأجل تربية هذا البعد العقائدي لنمط عيني في نفس الانسان وليس فقط هو فكرة، ونحن كثيراً ما نخلط بين نفسنا وعقلنا، العقل شامخ مشيد أما نفسنا كل أنفسنا هي هشة وتحتاج إلى التربية قليلاً قليلا، والخطأ أن كل واحد منّا يظن أنَّ صفات نفسه أنها هي صفات عقله وهذا خطأ فإن النفس هشة إلى درجة كبيرة والدليل إذا أوقع الانسان نفسه في الامتحان فسوف يرى كم هي ضعيفة، وإلا صدق في الروايات وحتى في الكتب النبوية السابقة أنه يشبه العقل بالرجل والنفس بالمرأة فذات الانسان عند اثنين رجل وامرأة وهذا موجود حتى في الكتاب السماوية السابقة وهذا ليس تشبيه فلاسفة أو عرفاء، وواقعاً الأمر هكذا فإن النفس غير العقل.

فإذاً الرواية محمولة على هذا.

الرواية العاشرة: - وهي رواية الطبرسي في الاحتجاج عن هشام بن الحكم، والطبرسي في بداية كتاب الاحتجاج قال أنا حينما لا أنقل الاسانيد فأنا أنقل روايات مشهورة عند الأصحاب في زمنه وزمن القرن السادس، وبالدقة لا أعلم متى توفي ولكنه في القرن السادس وبالتالي ليس من البعيد أنَّ معاصر لابن إدريس وفي زمانهم المصادر متوفرة بكثرة، وللأسف كما ذكرت مراراً لو يقوم العاملين على تصحيح طباعة كتب الحديث يقومون بهذه الخطة فهو شيء عظيم وهو أن يستخرجوا متون الاحتجان ولو بلحاظ بعض مقاطع الرواية وليس كل متنها يستخرجونها من مصادر أخرى مسندة، مثل الرواية، مثلا رواية الطبرسي في الاحتجاج عن الناحية المقدسة ( أما الحوادث الواقعة فارجعوا بها إلى رواة حديثنا ) لفترة قرون الأعلام يقولون عليها أنها مرسلة الاحتجاج ولكن بعد التتبع في الآونة الأخيرة وذكرت في كتابنا دعوى السفارة الجزء الأول أني وجدت أنَّ هذه الرواية مسندة صحيحة في غيبة الشيخ الطوسي، فلو أن روايات الطبرسي تستخرج سيما التوقيعات فإنَّ التوقيعات التي ذكرها الطبرسي في الاحتجاج ويسند إليها صاحب الوسائل الكثير منها مسندة في غيبة الطوسي أو كمال الدين للصدوق أو غيبة النعماني، أول شيء غيبة الطوسي ثم اكمال الدين ثم النعماني ثم صاول الكافي الجزء الأول التوقيعات التي رواها الطبرسي، فقضية استدراك الأسانيد عملية شاقة ومهمة ويحرى أن يؤسس مركز في الحوزة العلمية لأجل ذلك وهذا غير استدراك المتون ومستدرك النوري استدرك المتون ولم يستدرك الأسانيد، أما استدراك اسانيد الوسائل شيء آخر أو حتى ليس الوسائل فقط وإنما استدراك أسانيد الاحتجاج للطبرسي، وكذلك استدراك أسانيد العياشي والسيد الخوئي يقول إنَّ تفسير العياشي كان كله مسند ولكن أحد النسّاخ قال إنَّ نسخه من دون أسانيد يكون أخف، فهذا الأخف انتشر وذاك الأثقل اندثر، فهذه نكات يلزم الالتفات إليه، وهذا نوع من بحوث علم الحديث والتضلّع في علم الحديث، أحمد بن علي بن أبي طالب الطبرسي، بينما صاحب مجمع البيان اسمه أمين الدين الفضل، أحمد بن علي بن ابي الطالب الطبرسي في الاحتجاج عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله في حديث:- ( أن زنديقاً قال له ما تقول في علم النجوم؟ قال:- إنَّه علم قلّت منافعه وكثرت مضاره )، طبعاً هذا هو العلم الموجود بين أيدي الناس وليس الموجود عند الأنبياء، وهذا لطيف وهو أنَّ توصيف العلم بحسب بيئة ليست هي أوصاف للعلم بحسب بيئة أخرى، وهذه نكتة مهمة جداً في عالم لسان الوحي ولسان لروايات، فمثلاً توجد عندنا روايات ذامة لعلم الكلام بصورة شديدة ولكن بعد ذلك تأتي روايات تقول إنَّ هذا الذم لمن يكون غير قوي والحال نحن نظن أنَّ الذم مطلق، توجد روايات ذامة للفلسفة وهذا صحيح والتصوف لأنه يوجد فيها انحرافات كثيرة لا أنَّ أصل لغة القلب مذمومة وإلا كيف استعملها القرآن الكريم واستعملتها الروايات، إنَّ هذا خطأ واشتباه، قد استخدم الله لغة العقل، أصل لغة العقل ولغة الذوق ( ذق )، ( كل نفس ذائقة الموت )، ( قل إن كنتم ... فتمنوا ) هذه ليست فكراً وإنما هو ليس فكراً وإنما قلب ومشاعر، فلاحظ أنَّ هذه لغة عرفان، أو أنه ( لا صلاة .... حتى يعانق الصلاة ) فهنا يعني فيها لذة فإذا لم تكن فيها لذة فلنعرف أنها لا شيء، ولا أقول هي هباء بالمرّة ولكنها فاكهة جميلة داخلها خواء، نعم هي فيها قسط من الجمال ولكن داخلها خواء، أما أنك لا تستطيع ان تعرفها فإذا رأيت أثر الصلاة أو لذتها موجود فيها وهج اللذة كمن يأكل طعاماً لذيذاً تبقى لذته في فمه، وكذلك لو زار زيارة تبقى لذتها في قلبه فإن بقيت لذتها فهذا جيد وتوجد في ذلك روايات، فأصلاً هذه اللغة التي يستخدمها الشارع هي ليست لغة فكر وإنما هي لغة مشاعر أي هي لغة عرفان، فذم العرفان أو ذم التصوف أو ذم غيرهما ليس ذماً مطلقاً وإما أصلاً بناء الشارع على هكذا، ولا أقول إنَّ التصوّف وغيره لا يذم، وإنما أقصد اللغة وأصل العلم فإنَّ أصل العلم شيء ومستوى العلم عند جماعة ذمة شيء آخر، وهذا الانسان يرى في نفس الروايات أو نفس الوحي أو اصطلاحات الوحي أو سنن الوحي أو اسلوب الوحي هو هذا، ( قال:- هو علم قلّت منافعة كثرت مضاره ) وستأتي روايات أو مرّت عن الامام الصادق عليه السلام يمدحه وأنه من علم الأنبياء، غذاً هو عليه السلام في صدد ذمه بلحاظ مستوى معين وبيئة معينة وليس مطلقاً وهذه نكات يلزم أن نلتفت إليها، وأنا ذكرت في بحث التفسير ذكرت أننا نستطيع أن نجلب الآيات التي استخدمت لغة العرفان ولغة المشاعر ولغة القلب ولغة الذوق وهي كثيرة، واللطيف أنه توجد عندنا روايات أنت تريد أن تعرف الآن أنت مصيرك يوم القيامة بحسب الوقت الحالي أما أنه قد يصير بداء ولو لمستقبل ما بقي من عمرك فهذا أمر آخر، أما الآن ما هي النتائج التي دونت في عالم القيامة تجاههم تود طريقة موجودة في القرآن الكريم ولا يحتاج الميرزا علي القاضي والشيخ بهجت وإنما القرآن الكريم بين ذلك ( قل إنَّ كنتم .... فتمنوا الموت إن كنتم صادقين )، لا أنه لا تتمنى في فكرك فإنَّ الفكر يتمنى، فإن الانسان إذا أصابه شيء تراه يدعو وهذا يدل على أنه يحاف من الموت، ننعم الخوف بمعنى الحذر فهذا موجود حتى عند الأنبياء ولكن المقصود هو الخوف بمعنى الاضطراب، أما الاضطراب بمعنى الحذر فهذا لا بأس به، يعني يكون يقظاً كالذي يتلفت في الحروب وأمير المؤمنين عليه السلام كان يتلفت في الحروب كالغراب ولكنه هذا ليس ذعراً وإنما هي يقظة فهذا الاضطراب ليس مذموماً إنما هو اضطراب تكاد ( بلغت القلوب الحناجر )، طبعا إذا زج بك القدر في معمعة فعليك أن تكون حذراًن ( فتمنوا ) ليس فكراً وإنما عملاً فهذا اسلوب عرفاني استعمله القرآن ولا يحتاج إلى مرشد ومربي وإنما أنت ربِّ نفسك، ( بل الانسان على نفسه بصيرة )، وهذه وصية عرفانية أخرى في القرآن الكريم، يعني لو كان الانسان يعمل بتعاليم أهل البيت عليهم السلام فسوف يعمل بنفس المدرسة العرفانية التي يحددها القرآن الكريم، فهو يربي نفسه بنفسه لا أنه لا يسترشد الآخرين وإنما عمدةً أنت دائماً مع نفسك فتستطيع أن ترشد وتربي نفسك ( بل الانسان على نفسه بصيرة )، فالمقصود أنَّ هذا الأسلوب موجود في كلام أهل البيت عليهم السلام فهو يذمون الشيء ولكن لا يذمونه مطلقاً وإنما يذمونه بحسب المستوى العلمي الموجود عند جماعة أو بيئة، وهذا نوع من الجمع بين الروايات حسب الأساليب فإنَّ أسلوب الوحي هو هذا، لذلك البعض يقول للامام عليه السلام أنت نهيتنا عن الكلام ولكن رخصت لفلان وأمرته بكذا فكيف تامره بكذا والحال أنك نهيتنا عنه وكأن الامام ينحاز ويبعِّض ويجعل نوعاً من الفرقة، فقال له الامام عليه السلام إن ذاك قوي أما أنت فقد خفت عليك ألّا تقدر، ( إنَّ زنديقاً قال له ما تقول في علم النجوم، قال:- هو علم قلت منافعة ... )، وقد يكون هذا علم مذموم في هذه الفترة لهذا الشخص وإنما بعد فترة فلو تطور بعد فترة فسوف يصير العلم بالنسبة له جيد، وهذا ليس في العلم فقط وإنما في المسألة أو في معلومة او باب علم معين لعل الآن هو مضر له مثل الأكل لو تناولته الآن فسوف يكون مضراً لك أما بعد فترة فلو تناولته فسوق يكون جيداً لك، فالمسألة بهذا اللحاظ فبحسب اختلاف الحالات، ( قال:- هو علم قلت منافعه وكثرت مضاره لا يدفع به المقدور ) وهنا يبين الامام عليه السلام أنَّ المضار هو من هذ الجهة وهو أنه لا تعتقد أنه يتوسط علم النجوم تدفع القدر، فقد ترى الآن ساعة سعد ولكن قد تتحول إلى بلاء، فإذاً آن الأوان يقلب الله عزّ وجل مواضع النجوم وهذا موجود في الروايات، أو آن الأوان في نفس الآن يبدل الأمر، ( إنَّ الله على كل شيء قدير )، ( وكثرت مضارّه )، فإنَّ النجوم تابعة للقدر الإلهي لا أنَّ القدر الإلهي تابع للنجوم، القدر والقضاء والإلهي مخلوق محيط بالنجوم، ( وكثرت مضاره لا يدفع به المقدور ولا يتقى به المحذور إن خبّر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء )، إذا كان قد قضي فحتى لو حول أن يغير أي تغيير، فمادام القضاء موجوداً فسوف لا يستطيع أن يغيره، ( وإن خبّر هو بخير لم يستطع المنجّم تعجيله وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه )، وهذا ليس في النجوم فقط وإنما يعم الكاهن والساحر، وليس فقط المنجم والكاهن والساحر وإنما الطبيب أيضاً هكذا، فتارةً تسمع الطبيب يقول إنَّ هذا المريض لا دواء له ولكن فجأة تراه قد شفي، أو الطبيب يقول لك إنَّ هذا المريض سوف يموت بعد ثلاثة أيام ولكن بعد فترة تراه يتعافى ويعيش ثلاثين سنة، فكل الأسباب بيد الله تعالى، فالطبّ بيد الله والعالم بالخبرات الاقتصادية هو الله تعالى، مثلاً لو كان الاقتصاد فالاً فالله تعالى يجعله ناجحا أو كان الاقتصاد ناجحاً فالله تعالى يجعله فاشلاً ، فصحيح أنكم أعملوا بالأسباب ولكن لا تغترّوا بها وبأنفسكم وإنما اعلموا أنَّ من ورائكم مخطط هو الدولة الحقيقية، لا أنكم تتواكلون وتتكاسلون وإنما اعملوا في قمة النشاط فإنَّ هذا يؤهلنا لمطر فيض الله تعالى، أحرث الأرض أي حرّكها حت إذا جاء المطر فسوف ينبت الزرع ولكن لمصدر الحقيقي الأصلي هو الله تعالى نعم هذه الأمور إنما نهيئها لكي تكون موضعاً لفيض الله تعالى، أما إذا كان الانسان كسلاناً عاجزاً متشائماً فالله تعالى لا يفيض عليه الفيض، فتوجد شرائط نفسانية للرزق وللنجاح وللفتح وتوجد شرائط بدنية، مثلا صاحب النية الصالحة مرزوق هذا موجود في الروايات، وصاحب نية السوء يحجب عنه الرزق وهذا موجود في الروايات، فتوجد أمور كثيرة فإن مجيء الفيض الالهي له شرائط عديدة وتلك هي الأساس وليس الأسباب المادية فقط، في الآية الركيمة أنه قد تكره أنت المرأة ولكن يجعل الله فيه خيراً كثيراً، فلا تغرك الكراهة للمرأة فإنَّ الكثير ممن حدث عندهم الطلاق فإنه بمجرد ام كره المرأة فهو يعتقد أنها ليس نافعة له ولكنه هو لا يعلم أنَّ هذه المرأة التي يكرهها قد يكون ذلك بسبب سوء خلق عنده قد يجعل الله فيها خيراً كثيراً وهذا موجود في القرآن الكريم ( ويجعل الله فيه خيراً كثراً )، أو أنَّ المرأة قد تنجذب إليها من جهات معينة ولكن قد لا يجعل الله فيها خيراً كثيراً، هذا من باب المثال والعكس أيضاً هكذا، وطبعاً الآية ليست في خصوص المرأة وإنما في خصوص الزوج والذي هو أعم الرجل والمرأة كما لو كرهت المرأة الرجل ولكن هذا الذي تكرهه قد يجعل الله فهي خيراً كثيراً، هذه كلها الاسباب، ( ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم ) ولماذا؟ يذكر الله عزَّ وجل أن نتائج المؤمنة غير نتائج الكافرة، فأنتم تلاحظون النتائج الآنية ولكن الله تعالى يطلعكم على النتائج النهائية، وهذه نكات مهمة، فإذاً القضية ليست محصورة بالتنجيم أو السحر أو الكهانة بل كل أسباب المخلوقات أسباب مادية أو معنوية كلها حتى الأسباب المعنوية لا تغرنَّك سواء كانت أسباب خير أو شر، يوجد عندنا من المعاجز العلمية في زيارة أمين المؤمنين عليه السلام ( إن أعطيتني نعمه فاعطني شكراً يدمغه ) لأن النعمة ينخدع بها الانسان لأن النعمة هي الله تعالى وليس هي، ( وإن ابتليتني ببلاء فأعطني صبراً يدمغه )، فهذه كلها لتوحيد الأسباب بأنها بيد الله تعالى ولست بيد المخلوقات، حتى الخير كمخلوق ليس بيده الخير وغنما من اوجد الخير هو الخير، وحتى البلاء ليس هو البلاء وإنما المسبب للقضاء والقدر هو الباري تعالى، فإن أرادك بضرّ فلا ينفعك أحد وإن أرادك بخير فلا رادّ لفضله، فهذه الآيات الواردة في هذه الأمور قراءتها في تعقيبات الصلاة مهم جداً لكل الحاجات، لأنَّ هذا توحيد في الأسباب، ( إن خبَّر المنجم بالبلاء لم ينجه التحرز من القضاء وإن خبَّر هو بخير لم يستطع تعجيله وإن حدث به سوء لم يمكنه صرفه )، من أحد أنواع التوكل هو إيكال السبب والأسباب، ( والله خير وكيل )، يعني أوكل إليه وأسند الأسباب إليه، وهذا عمق التوحيد ، فالتوكل درجات، ( وإن حدّث به سوء لم يمكنه صرفه والمنجم يضاد الله في علم بزعمهم )[2] لأنه يجعل الأسباب هي كل شيء، والحال أنَّ الأمر بالعكس فإنَّ الله تعالى هو كل شيء، ليس المنجم فقط وإنما الطبيب أيضاً هكذا، ليس الطبيب فقط وإنما المحلل الاستراتيجي أيضاً هكذا كالمستشارين الأمنيين أو العسكريين أو الاقتصاديين أو الزراعيين أيضاً هكذا فأنت إذا اوكلتها إلى الأسباب فهذا خطأ، فإذاً بحثنا في علم النجوم بالدقة هو ليس علم النجوم فقط وإنما في علم العلوم فلا تغتر أيها العالم بعلمك فإنَّ الله تعالى عنده قدرات وراء هذا العلم، فإذاً هذا ليس فقط هو بحث علم النجوم وإنما هو في الحقيقة حكم علم العلوم كل العلوم، نفس المبحث غاية الأمر نعم علم النجوم هو أكثر جلاءً في هذا المبحث وإلا فهو يشمل كل العلوم.

يبقى علينا دَين: - وهو أنه في بحث السحر لماذا حرّم السحر حتى تعلّمه وممارسته بينما علم النجوم قد حرّم بهذا القيد، فما الفرق بينهما؟ إنه يوجد فرق فقهي عقائدي، فالمهم أنَّ هذا البحث هو بهذه السعة ويجب ملاحظة قواعد هذا البحث.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo