< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/05/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السادسة من النوع الرابع ( التنجيم ) - المكاسب المحرمة.

مرَّ بنا الرواية الأولى أنَّ مؤداها الفقهي أنَّ المنجّم ليس له أن يجزم وإذا جزم بالإخبار فهذا كذب بما نبهت عليه الروايات، نعم يقول بمقتضى كذا يوجد اقتضاء كذا والله العالم بالأمور فهذا اخبار يتحاشى فيه عن الكذب.

الرواية الثانية: - يرويها الكليني أيضاً عن أحمد بن محمد وعن علي بن محمد جميعاً عن علي بن الحسن بن فضّال التيمي عن محمد بن الخطاب الواسطي، وإذا كان هذا نفسه محمد بن السحين بن الخطاب فهو جليل ولكن محمد بن الخطاب الآن لا يحضرني، عن يونس بن عبد الرحمن عن أحمد بن عمر الحلبي وهو من أصحاب الاجماع عن حمّاد الأزدي والآن لا يحضرني حاله عن هشام الخفاف وهشام الخفاف ليس كثير الرواية وقد يكون مهملاً في الرجال، قال: - ( قال لي أبو عبد الله عليه السلام:- كيف بصرك بالنجوم؟ قال:- قلت ما خلّفت بالعراق ابصر بالنجوم مني، قال:- كيف روان الفلك عندكم... إلى أن قال:- ما بال العسكرين يلتقيان في هذا حاسب وفي هذا حاسب .... )[1] ، وهذا يدل على أن البشر من قديم الأيام يراعون التنبؤات المستقبلية يراعونها في المواقف العسكرية والسياسية وإلى يومنا هذا، بل حتى في الدول التي يقال إنها متقدمة وأنها الدول الأولى في العالم عندهم وزارات وجامعات في العلوم الغريبة ويعتبرونها علوماً سرية يعني لا يعتمدون فقط على العلوم السياسية والاجتماعية والاحصائية والاستقرائية وهلم جرا وإنما هذا جناح وجانب وهناك جانب آخر وهو هذا، والجيد من المثقفين يلتفتون إلى هذا وأنهم لا يعتمدون فقط على الأرقام المادية وإنما هم ايضاً يحاسبون محاسبات كثيرة وعندهم وزارات رسمية في العلوم الغريبة، يعني هم يراعون الجوانب الغيبية الماورائية، وكانت الدول هكذا كما في نمرود وفرعون وغيرهم ولازالت إلى الآن حتى أن الكثير من الرؤساء أصلاً يمشي مع منجّم يرافقه في حلّه وترحاله وهي الآن ذكرت في مذكرات حياته، وأنا أقول هذا المطلب ليس من بعد سياسي وإنما من بعد عقائدي وهو أنه ايها المثقفون لا تنكرون الماورائيات، الآن نفس هذه الدول هم يقولون بالماورائيات ولكن ربنا يستغفلونكم، فعلى أي حال هكذا كلام الامام الصادق عليه السلام وأنه في كل عكر منجّم ( ويلتقيان في هذا المعسكر حاسب وفي هذا المعسكر حاسب فيحسب هذا لصاحبه بالظفر ويحسب هذا لصاحبه بالظفر ثم يلتقيان فيهزم أحدهما الآخر فأين كانت النجوم؟ قال:- قلت لا والله ما كنت أعلم ذلك، قال:- فقال صدقت فإنَّ أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق ) ، وربما قوله عليه السلام ( مواليد الخلق ) ليس مواليد البشر فقط وإنما مواليد الجن والبشر والنبات وغير ذلك، والآن علماء البيولوجي حتى عندهم سنين ولادة الحيوانات والبكتيريا وغير ذلك فكلها تؤثر، فالمقصود إذاً يريد الامام عليه السلام أن يشير إلى أنَّ علم النجوم لا يستقصي حقائقه إلا الوحي أما علم البشر فلا يستطيع أن يحيط به فهو علم حق ولككنهم لا يستطيعون أن يستقصونه، وهذا ليس في علم النجوم فقط وإنما علم الفيزياء كذلك وغير ذلك، وأحد أهالي المعنى والعهدة عليه يقول إنه حسب الروايات أنَّ الأنبياء أو الأوصياء والآيات أن الانبياء والأوصياء السابقين كان عندهم تطور صناعي لا أنه معجزة وإنما بنفس جهودهم فيوجد عندهم تطور صناعي يفوق البشر لأنهم كتموه، فتارة كمعجزة جبرائيل وميكائيل واسرافيل وعزرائيل فهذا بحث آخر، وإنما نفس جهد ذلك النبي من بعده البشري وجهد ذلك الامام عندهم جهد صناعي متطور على البشر ولكنهم كتموه إلا لربما عن الخواص، نقل حسب ما أسند إلى الروايات اشياء مدهشة لا نريد ذكرها ولكنه أسندها إليهم يعني الأنبياء والأوصياء غير العلوم الوحياني جهودهم هي كذلك وهذا هو المؤمل فيهم، كيف أنَّ البشر فعل ذلك كأينشتاين وغيره فهم نخبة البشر ألا يصيرون إلى تصنيع أكثر من البشر حاشاهم وإنما حتماً يستطيعون ذلك، ولو من دون تزويد الوحي لأنهم نابغ البشر وأذكياءهم فوصلوا إلى أشياء كثيرة ولكنهم كتموها لرؤيتهم عدم أهلية البشر لهذه الصناعات، فعلى كلٍّ هذه نكتة مهمة يلزم الالتفات إليها، ولكنهم صولوا الله عليهم ليسوا حريصي المادة، وإذا أذن لهم يفشون ذلك، يعين حسب ما وقف عليه هو من الروايات أمور مدهشة جداً في وزارة الصناعة النبوية وزارة الصناعة للأوصياء في البعد البشري، ونحن بناءنا أن البشر فقط هم يفهمون ذلك أما الأنبياء عليهم السلام فهم مقدسون ولكن ليس لهم شأن بالصناعة والادارة وحاشاهم ذلك.

ومن باب الشيء بالشيء يذكر من باب البعد العقائدي أذكر دائماً هذا المطلب:- هو أنه موجود في تاريخ الفريقين أن أئمة أهل البيت عليهم السلام من دون إعجاز ومن دون علم لدنّي ومن دون ملائكة كان في متناول أيديهم ببعد تفوقهم الاداري والقيادي أن ينالوا النصر حتى العسكري والسياسي ولكن الله تعالى لا يأذن لهم، لأنَّ الله تعالى لا يريد شيئاً كالعمل القسري لرقي البشر وإنما يريد البشر هو بنفسه يختار ذلك - أمر بين أمرين - وقد ذكرت شواهد هذا في بحوث كثيرة في تاريخ المسلمين، كل معصوم يتفوق ادارته من بعده البشري لا من بعده الوحياني فهو من بعده البشري المعصوم عنده قدرة على تحقيق النصر - لا الفتح وإنما غير الفتح - ولكن الله تعالى لم يأذن لهم والشواهد موجودة في تاريخ كل غمام ولكن الله لا يأذن لهم فهم متفوقون على أهل زمانهم ولكن الله لم يأذن لهم أن يعلموا البشرية دروساً لا تتحملها البشرية وإنما التعليم بالتدريج، فهذه نكات عقائدية يلزم أن نلتفت إليها، هو قالها عليه السلام ( قال: صدقت إنَّ أصل الحساب حق ولكن لا يعلم ذلك إلا من علم مواليد الخلق كلهم ).[2]

الرواية الثالثة:- وهي عين مؤدى الرواية السابقة، وهو أنَّ المنجم إذا أخبر فيجب أن لا يخبر بنجو الجزم فهنا يخرج من الكذب ويخبر حتى يكون من الشرك الخفي، وهي عن الكليني عن محمد بن يحيى عن سلمة بن الخطاب وعن عدة من أصحابنا وعن سهل جميعاً عن علي بن حسن، وعلي بن حسّان ضعّفه الغضائري والنجاشي وحملا عليه حملة شديدة ولكن الأقوى عندنا حسن حاله، لأنَّ هذا علي بن حسان عنده ميل معرفي وهم يستهدفون أهل المعارف الخفية، وهو تلميذ عمّه عبد الرحمن بن كثير هم مدرسة من مدارس المعارف، وهو غير جابر بن يزيد الجعفي أو غيره، فهذه نفسها مدرسة عبد الرحمن بن كثير ابن أخيه علي بن حسان، وهل هو تلميذه الوحيد أو عنده تلاميذ خاصّين فهذا أمر آخر، وقد استهدف، فكلَّ من الأستاذ والتلميذ ويوجد عندنا بحث حولهما وحسن حالهما، عن علي بن حسان عن علي بن عطية، والظاهر أنه جيد، عن المعلى بن خنيس ، فالرواية معتبرة من حيث الطريق أما المضمون فاعتباره أعظم من اعتبار الطريق لأنَّ مبنانا هو نفس مبنى المفيد والمرتضى والقدماء والمحقق الحلي وكل القدماء، وهو أنَّ المدار يكون على المضمون قبل أن يكون على الطريق، قال:- ( سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النجوم أحق هي؟ قال فقال:- نعم )، فإذا هي ليس باطلة كالسحر وغيره، وهذه ( أحق هي؟ ) هذا ورد في السحر حيث قيل ( السحر حق ؟ فقال: - حق ) فإنَّ الحق لا يعني أنه حلال، وهذا مثل ( العين حق؟ فقال: - حق )، ولكن هذا لا يعني أنه فعل راجح، فـ ( حق ) يعني أنه له تأثير حقيقي، فإنَّ هذا استعمال ورد في الروايات وسيأتينا في السحر وفي العين، وحق يعني أنَّ تأثيره ليس خرافة، فلعل البعض يقول إنَّ السحر والعين والجن هذا كله خيالات، كلا بل كونه باطلاً شيء وكونه موجود تكوينياً شيء آخر، ( أحق هي ؟ ) يعني يوجد له بعد تكويني، ولكن هنا ليس هذا فقط وإنما علاوة على ذلك هو أنَّ النجوم من علوم الأنبياء عليهم السلام، ( قال: أحق هي؟ فقال:- نعم إنَّ الله بعث ..... )، وسنقرأ روايات أخرى بعد هذا الباب ونذكر خلاصة الروايات المذكورة في البحار وقد أخذت منها الخلاصة نقروها وفي تلك الروايات الامام الكاظم عليه السلام يستشهد بعدة آيات من القرآن الكريم أنَّ علم النجوم حقٌّ فيقول ما كان الله يستشهد بها في القرآن إلا إذا كانت حقيقة، ولم أجد من تنبَّه إلى هذه الآيات إلا موسى بن جعفر عليه السلام، ( قال:- سألت أبا عبد الله عن النجوم أحق هي؟ قال:- نعم إنَّ الله بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل ).

وقد يقول قائل: - إنَّ هذه خرافة، فهل يبعث الله المشتري في صورة رجل؟

فجوابه: - أولاً إنَّ القرآن الكريم يثبت للأرض شعور وشهادة يوم القيامة وغير ذلك، وتوجد روايات مستفيضة عندنا أنَّ الأرض تتكلم مع الأئمة عليهم السلام، بل هي تتكلم مع إبليس وجبرائيل وميكائيل وهذا موجود في روايات الفريقين وليست رواية أو اثنين أو ثلاث وإنما هي حقائق، ( قلنا للسماء والأرض ائتيا طوعاً .. ).

فيقولون: - إنَّ هذا لسان الحال وليس لسان المقال، أو ( إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض فأبين أن يحملنها ،اشفقن منها وحملها الانسان ) فيقولون إنَّ هذا لسان الحال وليس لسان المقال، أو ( وإن من شيء إلا يسبح بحمد ربه ) أو ( وقالوا لجلودهم لم شهدتهم علينا قالوا انطقنا الله الذ أنطق كل شيء )،

ولكن نقول: - هل كل هذا لسان حال؟!! فهذا لم يصِر لسان الحال وإنما صار لعبة، وكذلك ( وشاهد مشهود )، فمقصودي أنه يوجد بحث وهو أنَّ الانسان تارةً يؤمن بكلّ المنظومة الموجودة في القرآن الكريم وأنَّ كل شيء له شعور غاية الأمر كما في العلماء الروح الجدد من علماء الغرب يذكرون أنَّ كل جسم جامد له روح ولكنها صامته، فهم يقولون بهذه النظرية حتى علماء من القرن الحديث، فعلى كلٍّ هذه شواهد موجودة إذا كان لكل شيء روح ، وحتى بقاع الأرض توجد عندنا روايات كثيرة عندما يصلي عليها المؤمن تتفاخر على بعضها البعض وتزهو أما أنك لا تتعقلها فهذا شيء آخر، وإلا فالبعد الماورائي الذي لا تراه ولا تعلم به فهذا بحث آخر، فإذاً هذا قابل للتصور فالمشتري كرةٌ من النجوم وبالتالي لها روح قابلة للتمثل، لا أنَّ جسمه يأتي وإنما بعده الروحي هو الذي يأتي، وإلا كيف تتكلم الأرض مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الدينا في روايات المسلمين تمثلت لرسول الله في المعراج، فما هي الدنيا فهل هي كوكب الأرض او ماذا؟، أو أنها تمثلت لأمير المؤمنين عليه السلام، فهذا بعد روحي ما ورائي نحن لا نراه فهذه ليست خرافة ولا اسرائيليات وإنما ذهننا مشوش، ( فقال:- نعم إنَّ الله بعث المشتري إلى الأرض في صورة رجل فأخذ رجلاً من العجم فعلّمه ... ثم أخذ رجلاً من الهند فعلّمه )، فهذا يدل على أنَّ أصل تعليم علم النجوم منشأه البعد الوحياني من السماء، وتوجد روايات أخرى تدل على أنه نبي من الأنبياء علّمه، ولا منافاة بين المصدرين، كما أن بعض أنواع السحر بنص القرآن ليس من البشر ولا من الجن وإنما من ملكين وهذا بنص القرآن الكريم، فلا تستطيع أن تقول إن هذه اسرائيليات، ( وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت ).[3]

الرواية الرابعة: - وعن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح والسند إلى ها تام ومعتبر، عمّن أخبره، وهنا يوجد ارسال خفيف، وسيما حينما قال ( عمّن أخبره ) يعني واحد أخبره، فجميل لم يفصح عنه لابن أبي عمير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:- ( سئل عن النجوم، قال:- لا يعلمها إلا أهل بيتٍ من العرب وأهل بيتٍ من الهند )[4] ، ومؤدّى هذه الرواية الفقهي وما قبلها هو أنَّ البشر لا يستطيع أن يحيط بكلِّ علم النجوم، فلا يصح أن يبتّوا بها.

الرواية الخامسة: - وهنا يقول وقد تقدم في حديث القاسم بن عبد الرحمن، يعني السند أرجعه إلى باب آخر:- ( أنَّ النبي صلى الله عيه وآله نهى عن خصال منها مهر البغي ومنها النظر في النجوم )[5] ، وحسب مجموع الروايات أن النظر في النجوم حتى النهي الكراهتي أو التحريمي يسجل على من يعتقد أنها هي السبب المطلق للحوادث وهذا مكروه بل هو الحرام والكهانة، بل نفي الاعتقاد بالله تعالى، فيحمل النهي على هذا وإلا نفس النظر فقد مدح لا أنه حرام، ولعل صاحب الوسائل يتمسك بهذه الرواية لتحريم علم النجوم ولكنها لا تصمد أمام الروايات الأخرى الدالة على جواز بل على رجحانه إن لم يؤد إلى الكهانة وإلى عدم التوكل، ولعلّ هذه هي الرواية الوحيدة التي فيها نهي النظر في النجوم، والنظر في النجوم ليس تعلم النجوم وإنما استنباط أحكام النجوم، سواء حمل على استنباط أحكام النجوم أو احكام النجوم هذه هي الرواية الوحيدة التي فيها هذا المطلب، وسند الرواة لا بأس بمتابعته وهي في الباب الخامس ونحن في الباب الرابع والعشرون من نفس أبواب ما يكتسب به فليرتجع ذك الباب، ومع ذلك ذكرنا أنَّ الدلالة لها معارضة بروايات عديدة دالة على الجواز بل على الرجحان فيحمل النهي سواء كراهتي أو تحريمي على فرض اعتبار الرواية من كل جهاتها فيما إذا أدى إلى اعتقادات باطلة أو الجزم البتّي بعلم النجوم كما مر.

فعلى كلٍّ حتى لو تم سند هذه الرواية والدلالة من جهاتها المتعددة لا تصمد هذه الرواية الوحيدة أما روايات كثيرة دالة على جواز تعلّم النجوم وأنه من علم الأنبياء وأنَّ النظر بالعكس فيه أثر توحيدي لآثار قدرة الله، نعم يحمل على ما تقدّم، وهو أنَّ يعزي الأسباب إليها وأنَّ الله تعالى ليس قدرة البداء وتغيير الأمور وهلم جرا أو يبتَّ فيها مما يؤدي إلى الكهانة فهو محمول على هذا جمعاً بينها وبين الروايات المستفيضة، فهذه الرواية وحيدة التي فيها هذه الدلالة وهي النهي عن علم النجوم.

وهي مثل الرواية التي مرت بنا لأخ زرارة هو عبد الملك بن أعين حيث قال أنا أتعلم النجوم فقال له الامام عليه السلام لا مانع من ذلك، فقال له إنها قيدتني فقال له الامام عليه السلام إذا كنت تبتُّ بها فاحرق كتبك، وهذه الرواية مرت بنا وهي معتبرة السند، وهذه الرواية فيها تفصيل فيكون هذا التفصيل حاكم على النهي المطلق وأمثالها من الروايات الأخرى.

الرواية السادسة: - بإسناد الصدوق عن محمد بن الحسن - استاذه - عن الصفار عن العباس بن معروف عن ابن فضال عن طريف بن آصف - وكلهم جيدون - عن أبي الحصين - وهو لا يحضرني حاله فدواد بن الحصين جيد أما أبو الحصين فحاله مجهول، أما إذا كان داود بن الحصين هو ابو الحصين فهو موثق ولعله هو هذا فهذه الرواة معتبرة ، قال: - ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول:- سئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن الساعة فقال عند ايمانٍ بالجوم وتكذيبٍ بالقدر )[6] ، يعني إذا أصبح البت بالنجوم وأنها هي محوّل الحال، وهذه المعادلة النبوية جامعة لكل الروايات وهو أنه إذا صار الايمان والاتكاء على النجوم في مقابل قدرة الله على تبديل القضاء القدر فذها كفر، و( تكذيب بالقدر ) يعني القدر الإلهي فإنه يمكن أن يمحو الله ما يشاء ويثبت في أي آن فحينما يُكذَّب بالقدر لا يؤمن بقدرة الله ويؤمن بالساب بالمادية فإذا اشتد هذا الاعتقاد يصير كفراً اقله كفر خفي حرمة عقائدية أو حرمة فقيه إذا لم يصل إلى الكراهة كما مرّ بنا مراراً الجمع بين الروايات يدل على هذه المراتب التي فصّلها الأعلام، فإذاً هذه الرواية جامعة مانعة.

الرواية السابعة: - وهي عن الصدوق أيضاً عن الصفّار عن حسن بن علي الكوفي - الوشاء أو غيره - عن اسحاق بن إبراهيم ، وقد راجعت اسحاق بن ابراهيم ولو أنه مشترك في الأسانيد وأمره صعب فهو مشترك بين الثقة وعدم الثقة واصعب شيء في يوميات الفقه أن تميز المشتركات فاحد الجهود المضنية في علم الرجال هو تمييز المشتركان، فعلى كلٍّ هنا حسب القرائن هو اسحاق بن إبراهيم الثقة لا المجهول أو المهمل، عن نصر بن قابوس ، وهذا قد راجعت فيمكن أن يستحسن حاله بلحاظ من يروي عنه ولم يطعن عليه، قال:- ( سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول المنجم معلون )[7] ، وهذه أيضاً من نفس الروايات الدالة على أنَّ علم التنجيم أو العمل بالتنجيم فيه حرمة مثلاً، ( المنجم ملعون والكاهن ملعون والساحر ملعون والمغنية معلون ومن آواها ملعون وآكل كسبها ملعون، قال:- وقال المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار )، فهذه الرواية يظهر منها الحرمة العقائدية الفقهية وليست عقائدية أصلية، بدليل أنه جمع بقية الحرمات التي هي ليست حرمة تخرج عن الملة أو الدين والمذهب، فنفس هذا التعبير ( المنجّم كالكاهن ) يعني دون الكاهن، و( الكاهن كالساحر ) يعني الكاهن دون الساحر، هذا عند الفقهاء وهو صحيح وهو أنه دائماً المشبه به في علم البلاغة أقوى من المشبه، فزيد مشبه و( كالأسد ) مشبه به، فالأسد جلي في الشجاعة فيكون على القاعدة الأولية وهي أنَّ المشبه أضعف من المشبه به، وهذا البحث البلاغي يستفيد منه الفقهاء في المقام فيقولون حينما يعبر المعصوم ويقول ( المنجم كالكاهن والكاهن كالساحر والساحر كالكافر والكافر في النار )[8] ، فإذاً هم ليسوا في درجة واحدة من الحرمة الفقهية، فإن الكافر خارج عن الملّة، أما الساحر فافترض أنَّ حد الساحر هو القتل كما هو المتسالم أو المشهور ولكن لا يعني ذلك انه مرتد وأمواله تقسم وغير ذلك وهذه نكتة مهمة ولماذا؟ لأنه ليس بدرجة الكفر، فلو قال ( الساحر كافر ) فنعم، أما حينما قال ( والساحر كالكافر ) يعني لا يحكم عليه بالكفر وإنما هو كفر خفي أو شيء آخر، أما أنه كفر جلي اصطلاحي فلا.

وهنا توجد نكتة صناعية فقهية من الضروري الالتفات إليها وهي ليست مرتبطة بهذا البحث: - وهي ليست مرتبطة بنفس تعبير ( والمنجّم كالكاهن ) فقط وإنما هي مرتبطة بكل أبواب الفقه، وهي قاعدة فقهية، وهي أنه ما الفرق بين باب التنزيل وبين باب الجعل؟ سوف نقف عند النقطة غداً.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo