< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/05/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السادسة من النوع الرابع ( التنجيم ) - المكاسب المحرمة.

بالنسبة إلى الرؤية كما مرّ بنا إذاً هي ليست حجة يهوّل عليها وفي حين أنها ليست حجة يعوّل عليها إلا أنه فيها فائدة الارشاد، نظير الدليل الارشادي فإن الدليل الارشادي والأمر الارشادي هو في نفسه ليس منجّز ولا معذّر ولا حجة ولا طريق معتبر يصدق وإنما المهم أو المدار على المرشد إليه، فإنَّ المرشد إليه إن كان مطابقاً للتاب أو سنة العصومين أو بديهة عقلية فطرية يؤخذ به وإلا فلا، ولكن هذه الفائدة هي فائدة وهي أنَّ الارشاد أو الاشارة أو الايماء أو التنبيه يخرج الانسان من الجهل المركّب من الغفلة ولذلك سميت دلالة تنبيه يعين من جهل مركب إلى تصور وها التصور يحتاج إلى تصديق من دليل وراء ذلك، فإذاً خلاصة البحث في الرؤية هي هكذا.

ولا بأس أن نذكر هذه الفائدة:- فالرؤية منها صادقة ومنها كاذبة، حتى الرؤية الصادقة كقناة رؤية وتلقي الرائي في المنام للرؤية هذا ليس بحجة ولا يعوّل عليه ولكن المرئي إذا كان مطابقاً للكتاب والسنة والعقل والبديهة فهنا يؤخذ به لا من باب أنَّ الرؤية في نفسها يعوّل عليها حتى الصادقة منها، لأن قواتنا لا تعبر وحيا ولا حتى بمنزلة الخبر الظين الواد المعتبر فإنه لا دليل عليها وإنما ننظر إلى المرئي نفسه فإن كان مطابقاً للكتاب والسنة فنأخذ، فلو قالوا له تصدق ولكن الصدقة عامة سواء شاهد رؤيا أو لم يشاهد الرؤيا وهي مستحبة يومياً وفي كل ساعة فشرعية الصدقة لم تأت من الرؤية غاية الأمر أن هذه منبهة فأنت قد يحيطك بلاء لا سمح الله فتتصدق فهنا لا مانع من ذلك، فهنا أنت اتبعت الكتاب والسنة المحكمات في الأدلة لا أنك اتبعت الرؤية، فإنَّ الرؤية مجرد أنها تزيل عنك الغفلة إلى مصداق صغروي ليس إلا وهذا معناه لا أنه تعويل على الرؤية، هذا في الرؤية الصادقة فضلاً عن غير الصادقة.

وكفائدة نذكرها لا باس بها وقد أشارت إليها الروايات: - وهي أنَّ العلامة الطباطبائي وأيضاً توجد عندنا في الروايات أنَّ الرؤية إما أن تكون صادقة أو هي حديث النفس أو أضغاث أحلام، فالصادقة يعني المرتبطة بلح القضاء والقدر الإلهي المستقبلي أما حديث النفس فهذه ليست مرتبطة بالقضاء والقدر وليست كاشفة عن المستقبل ولكن ما هي فائدتها؟ إنَّ فائدتها تصورية، ومر بنا ان الروايات الضعيفة اقل ما فيها أنها تفيد التصون السيد محمد الروحاني والميرزا جواد التبريزي يلتزمان بأن الروايات الضعيفة في منتهى الضعف أقل ما فيها أنها توجد لديك تصور احتمالي في الاستظهار ويا له من قيمة عظيمة، فهو ليس تصديقاً ولكن نفس التصور له قيمة، وهذا شبيه أن يراجع الفقيه أقوال الفقهاء، فإنَّ الفقهاء ليسوا معصومين ولا أنَّ قولهم حجة في حق مجتهد آخر وإنما مراجعتهم لقوال الفقها هو أنَّ قول هذا الفقيه وحتى الفيلسوف فلماذا يراجع الفيلسوف أقوال الفلاسفة فإن الفلاسفة في حق بعضهم البعض لا يؤمنون بعصمة بعضهم البعض أو إمامتهم فلماذا يراجعون أقوالهم أو المتكلم لماذا يراجع أقوال المتكلمين، ولماذا يراجع المفسر أقوال المفسّرون والحال أنه لا يعتقدون عصمة بعضهم البعض وحجية قول بعضهم البعض، إنَّ ذلك الفحص هو لأجل الارشاد والتصور، فلاحظ المرشد إليه ولاحظ مستند قوله من كتاب وسنة وعقل وفطرة فخذ به وإلا فلا ، ولكن ( أعقل الناس من جمع عقول الناس إلى عقله )، مشورة استشارية علمية، والاستشارية العلمية ليس المشير قوله حجة وإنما المشار إليه في نفه هل واجد للموازين أو لا فإن كان واجداً للموازين فنعم، والانسان نفسه لا يمكنه أن يحيط بالموازين إلا أن يستعين بحواسيب وعقول فإن عقول البشر مثل الحواسيب ومثل اللاقطات الكثيرة فإذا كان هكذا الحال في أقوال العلماء فكيف بك بالروايات التي هي أعظم منها فربما هي صادرة من العرش، فلذلك عدم الاكتراث بالروايات الضعيفة هذا يغير وجوه كثيرة أخرى كتحصيل التواتر وتحصيل الاستفاضة فهذا بحث آخر أكثر وأكثر أو الوثوق بالصدور، فحتى لو افترضنا ان الرايات ضعيفة تمحّضت في الضعف ولكن مع ذلك أنت كفقيه أو مفسّر أو متكلم ملزم بمراجعتها، لا تعويلاً على السند الضعيف وإنما تعويلاً المضمون فلعل المضمون يشير إلى آية من القرآن الكريم فلا تستبد بعقلك وبنتاج جهود البشر بل عليك أن تأتي إلى الروايات الضعيفة فإنَّ أفقها واسع وقد تكون صدرت من الوحي، بغض النظر عن كونها لم يثبت لحد الآن أنها وحيانية ولكن المضمون قد يشير إلى آية كريم في القرآن وقد تشير إلى سنة قطعية أخرى أنت لم تلتفت إليها، ولذلك هذا إلزام صناعي يعين من عنده تحرج وتدين في الاستنباط بموازين شرعية فهو ملزم أن يراجع الروايات الضعيفة، لا أنه يعوّل على ضعف الرواية وتعويل على السند الضعيف وإنما تعويل على المرشد إليه في الرواية، مثل الرؤيا فإنَّ التعويل على المرشد إليه وليس على نفسه فلعل المرشد إليه هو آية كريمة فأنت لا تستبد بفحصك لا تستبد أنت باستفاضة فأنت لا تحيط بكل شيء، فكما أنك تستعين بأقوال الفقهاء كذلك تستعين بالصدور الاحتمال لأئمة أهل البيت فإنَّ ذاك أعظم لأنَّ الفقه وحياني، فلو قيل أنت تعتمد على الروايات الضعيفة فنحن نقول لماذا انت تعتمد على أقوال العلماء فأنت حينئذٍ مقلِّد، كلا فإنَّ هذا ليس بصحيح فأنت لست مقلداً وإنما نظرك إلى المرشد إليه ونفس الحال في الروايات الضعيفة، فكفى غفلة عن هذا التراث العظيم لروايات أهل البيت علهم السلام، صناعات موجودة، إنسداديون جهابذة أسود يعتبرون كل تراث الحديث معتبر حتى صدوره فإنَّ الوحيد البهبهاني ليس صغيراً وكذلك العلامة بحر العلوم والميرزا القمي والشيخ الانصاري المحقق العراقي والمئات من الانسداديين من القرن الثاني عشر إلى الآن يعتبرون كل التراث حجة، ونحن لا نعتبر أنَّ كل التراث حجة، فهم يعتبرن كل التراث حجة ولكن لا يعولون على الصدور، لا يهمهم الصدور وإنما المهم عندهم هو المضمون وعندهم موازين وقواعد فإن القواعد والموازين هي المهمة وهي أصول التشريع الدستوري هي المهمة أصو التشريع الدستوري هي المهمة طابق الدستور أو لا ولو كانت الرواية صحيحة السند لو كانت غير مطابقة لأصول التشريع يقولون أصلاً لا نعتني بها لأنَّ الحجية عندهم هي حجية فقاهتية دستورية وليست الحجية حجية محدثين الذي يعول على السند أولاً وآخراً وهو حقيقة تعويل على حجية الراوي حجية الإخباري، وهي حجة ولكنها حجة نازلة أما حجية الفقهي أعظم.

فإذاً هذا باب الارشاد هو تصور فطري يرشد إلى ما هو تصديق في الكتاب والسنة، وباب التصديق وهلم جرا.

ونذكر هذه الفائدة تكميلاً للبحث: - وهو أنَّ حديث النفس ما فائدته وأضغاث الأحلام ما فائدته، العلامة الطباطبائي ينقل عن الكبار وهذا صحيح، فحديث النفس أنت تريد أن ترى أعمالك اليوم لا سمح الله بيضاء أو سيئة أو فيها غش، هي هذه التي نراها في الرؤى عبارة عن مرآة يومية لمحاسبة أعمالك، وهذه نكتة لطيفة ﴿اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا﴾[1] وهذا أمر جيد ، صحيح أنه ليس حجة وليس تصديق ولكن هذا ينبهك بأنك ما فعلت في الصباح أو في الليل أو المساء، فهذا ما المانع فيه فإنه منبه مثل الواعظ فإن الواعظ كلامه ليس بحجة ولكن له فائدة، إذا كانت نفس خطابا القرآن الكريم ﴿ادع إلى سبيل ربك بالحكمة﴾[2] ، فالحكمة برهان تصديق، و ﴿والموعظةالحسنة﴾ فالموعظة ليست برهاناً، ولماذا يأتي القرآن بها ؟ لأنَّ الارشاد التنبيه مهم، لأنه يبعد الانسان عن الغفلة إلى التذكر، والتذكر هو أن يلاحظ نفس المرشَد إليه في دليل آخر موجود وهذا شيء له فائدة، وهو مثل للزوم وقد ذكرت هذا مراراً وهو أنَّ السيد أبو الحسن الأصفهاني مانع من مرجعية بعض العلماء، يعني صارت اصطكاكات وليس صار فيتو لأنه قال إنَّ هذا لا يراجع أقوال العلماء وإنما يعتمد على الصناعة فقط والحال أنه يلزم أن يراجع أقوال العلماء فإنَّ أقوال العلماء هي عبارة عن احتمالات متعددة في تفسير الروايات، وإذا لم يراجع فكأنما يستبد برأيه، يستبد بنتاج قدرته الذهنية النازلة، فعندهم الذي لا يراجع كلام المشهور في السائل الفقهية والعقائدية كذلك فهذا اجتهاده فيه خلل وتصديه فيه خلل،، لأنَّ من اهم شرائط الاجتهاد هو الفحص، فهل أنت يوجد عندك علم بقضية تصديقية ؟ كلا يوجد عندك علم ولكن أنت تحتمل فإذا كنت تحتمل فكف تبت قبل أن تسد الاحتمال، فلزوم الفحص هو هذا، وإلا إذا كان عندك دليل معتبر لماذا تفحص عن المعارض أو المخصص، فأنت لا يوجد عندك علم تصديقي بوجود مخصص ولكنك تفحص لأنه من الواضح أنَّ الفحص ملزم ولو بدرجة الاحتمال ونفس الفحص هو ملزم صناعي كما مر في الروايات الضعيفة أو غيرها، فإذاً هذه فائدة اخرى لحديث النفس، أما أضغاث الأحلام ما هي فائدتها؟ ايضا فيها فائدة لأنها تدل على أنَّ الانسان أعماله مسانخة لأي نمط، لأنَّ شياطين الجن هم أنماط، فقسم منهم شهوانيين وقسم منهم غضبيين وهلم جرا، وهذا بحث في المعارف أو في علم الأخلاق لا نريد الغوص فيه أكثر وهذا المقدار كافٍ، فالمهم أنَّ الرؤية لها فائدة تصورية وليست تصديقية حجة، لا هي حجة ظنية فضلاً عن أن تكون حجة قطعية أو يقينية وإنما هي مرشدة فالمعوّل على ما يطابق الكتاب والسنة والدلة القطعية أو الأدلة المعتبرة، هذا ملخص الكلام في الرؤية وعمداً أطلنا فيها لأنَّ شبهات الفرق الضالة وغيرهم وبين افراط وتفريط، وطبعاً أصل خلقة الله موجود في الروايات تعرض لها الشيخ الأنصاري ستأتي، أصل خلقة الله للنوم والمنام والرؤية لماذا ؟ لكي يبين الله عز وجل حكمة تكوينية بالغة وهي أنه يبين انه توجد عوالم أخرى غير مرئية لها أحكام تكوينية أخرى والمعاد يثبت بهذا الطريق، وفي ذلك روايات موجودة ( خلق الله الرؤيا والأحلام ليتعرف الناس على عالم القيامة وعوالم أخرى عوالم البرزخ فيلتفتون )، حتى أنَّ العلوم الحديثة الآن تعتبر هذه المنامات والرؤى تعتبر أنَّ الانسان ليس جسداً فقط وإنما هو روح قبل أن يكون جسداً، فهي أحد أدلة اثبات الروح أحد أدلة اثبات العلم الآخر فلا الرب الشعواء للرؤيا هي مادية افراطية ولا التعويل على الرؤية هو خاطئاً باعتبار أنَّ الرؤية بالنسبة لغير العصوم ليس بحجة وإنما أمر وسطي فيه وهو ما مرّ بنا الآن، فإذاً هذه الرواية عن الامام الصادق عليه السلام، فالآن فهمنا كم هي الموازين الموجودة في الرواية فالسائل فيها يقول:- ( قال أبو عبد الله عليه السلام:- قوم يقولون النجوم أصح من الرؤية ) [3] فهو أثبت لها نوع من الصحة ولو بتفاضل ( وذلك كان صحيحاً حين ..... )، فهنا لاحظ أنَّ الامام عليه السلام قيد علم النجوم وعلم الرؤيا لأن علم الرؤيا ايضاً مرتبط بالقضاء والقدر المستقبلي كثيراً ما أو ما سجّل والنجوم هكذا وكليهما بحث في هذا الجانب وأحدهما أصح من الآخر ولكن الصحة فيهما نسبية وليست تعويلاً وإنما كتصوّر، فلاحظ أنه حتى التصور يوجد صحيح وخطأ بهذا المعنى، فهذا كأنما هو بيان من الامام عليه السلام أنه كيف يعوّل على النجوم ويعتقد به مع أنه صغروياً لا يحط به المنجم.

الرواية العاشرة:- وهي رواية نقلها الشيخ الطوسي في الخلاف والشهيد الأول في الذكرى والعلامة في التذكرة والمحقق في المعتبر عن زيد بن خالد، ولعل الرواية عامية، قال:- ( صلى بنا النبي صلى الله علي وآله صلاة الصبح في الحديبية في أثر سماء كانت من الليل فلما انصرف الناس قال هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا:- الله ورسوله أعلم، )[4] [5] ، فلاحظوا أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي ويوحى إليه وهناك روايات تدل على هذا الشيء مستفيضة، وأن الصلاة نجوى لذيذة بين المصلي وربه ولكننا لا نقيم الصلاة التي بهذه الرتبة، يعني هل يصل المصلي إلى حالة النجوى ويشعر بالنجوى مع الله فهذه صلاة عالية المضمون، فإذاً اتشعر أنه يناجي ربه ومن يناجي فإذا وصل الاتصال إلى هذه الدرجة فهذه هي صلاة الذروة وهنيئا لمن يستشعر بها، فالصلاة ليس هي حصار وإنما الصلاة عبارة عن فتح محادثة بين العبد وبين الله تعالى متعادلة الطرفين، وتوجد روايات كثيرة تدل على هذا المطلب، يعني أثناء الصلاة هناك وحي بين الله وبين رسوله وغنما الصلاة بيئة للمناجاة، فهي لأجل فتح خط المناجاة بين الله وعبده هذه هي حقيقة الصلاة ( وأقم الصلاة لذكري ) أي بهذا اللحاظ، ( قالوا:- الله ورسوله أعلم، قال:- إنَّ ربكم يقول:- من عبادي مؤمن بي وكافر بالكواكب )، فإذاً لا يعوّل على الكواكب ولا يعتبر لها جزء من التسبيب، ( وكافر بي ومؤمن بالكواكب، فمن قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي وكافر بالكواكب )، ومن باب العلامات فهذا بحث آخر، ( وإن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي ومؤمن بالكواكب )[6] ، وهذا كما مرّ بنا ليس في النجوم وإنما في كل الأسباب أما منظومة عالم المخلوقات وإنما النجوم ليست إلا كمثال، وبها انتهينا من الباب الرابع عشر.

الباب الخامس عشر فيه الرواية الثالثة من هذا الباب:- وهو من أبواب آداب السفر وهي فيها صله بعلم النجوم، وبإسناده عن ابن أبي عمير أنه قال، وهنا ظاهر الرواية يعني نفس ابن أبي عمير هو يرويها الصدوق ولكن في المحاسن للبرقي بسناده إلى ابن ابي عمير عن عمر بن أذينة عن سفيان بن عمر فأصل القضية هو سفيان بن عمر وليس ابن أبي عمير وهو الصحيح لذلك الحديث يقابل بالحديث يفسر بالحديث وتتتبع الأحاديث أمر مهم كي يكشف الباحث السقط في الاسانيد او السقط في متون الروايات وهذا امر مهم جداً، أنه قال:- ( كنت أنظر في النجوم وأعفها وأعرف الطالع فيدخلني من ذلك شيء فشكوت ذلك إلى موسى بن جعفر عليه السلام فقال:- إذا وقع في نفسك شيء فتصدق على أوّل مسكين ثم أضيف فإنَّ الله يفع عنك ) [7] ، وهذا تعليم لعدم الانحباس بالنجوم والكواكب وأنَّ الأدب الشرعي والتعبد الشرعي والزيّ الديني للسير اليومي في أعمال الانسان أن يتوكل على الله، فإنَّ الصدقة تدفع البلاء المبرم فيصير توكلاً، أنَّ لله الابرام وله البداء وله كلّ شيء وله كل الأسباب وهذا معنى عدم التعويل عليها، فإذا عوّل عليها الانسان فهو نوع من الاستنقاص من قدرة الله تعالى، فمن هذه الرواية التفت جملة من الفقهاء إلى أنَّ كل روايات استحباب الصدقة والدعاء كأدب توحيدي ينافي التعويل الحصري على علم النجوم أو أي علمٍ آخر، حتى أي علم آخر كعلم الطب، فلو قال إنَّ هذا الشخص فيه سرطان ولا محالة يموت فصحيح أنَّ أسبابه هي هكذا ولكن لماذا تقطع الرجاء من الدعاء ومن التوسّل، إنَّ قطعك للرجاء بالله تعالى هو القنوط أو اليأس وهذا كفر بقدرة الله وكأنما هذه الأسباب هي المؤثرة وكأن يد الله تعالى مغلولة والعياذ بالله.

فإذاً هذا ليس في النجوم فقط وإنما هذا النوع من الشرك موجود في موارد عديدة في الطب وفي الفيزياء وفي الحرب العسكرية، فمثلاً يقولون إنَّ هذا منهج يومي ونحن لا نستطيع، والحال أنه كيف لا تستطيعون بل عليك ان تعمل ما عليك والتوكل على الله تعالى، فإذا توجد علوم عديدة وليس في علم النجوم فقط فلو اعتمدت انت على الأسباب فقط وقلت إنَّ الله لا يستطيع ذلك فهذا كفر، ( إنَّ فيها قوماً جبارين ..... اذهب أنت وربك فقاتلا )، ( قال اثنان من الذين يخافون الله ادخلوا عليهم الباب فإن دخلتموه فإنكم غالبون )، فالمقصود أنَّ قدرة الله إذا حصرت بكل منظومة الأسباب الخلقية والطبيعية فهذا شرك، كأن يقول هذه السنة هي سنة جفاف أو كذا، صحيح ولكن مع ذلك توكل على الله تعالى فإنه قد تتقلب الأمور، وهذا ليس خاصاً بالنجوم وإنما كل العلوم لو اغتر بها الانسان عمّا ورائها مما هو القادر الحي القيوم ومسبّب الأسباب، فكلَّ هذا شرك خفي أو قد يصل إلى الكفر الجلي أو المتوسط، فهذا مثال وليس خاصاً بالنجوم، فإذاً نفس أبواب الدعاء وأبواب الصدقة تبين الجانب الكراهتي في الكفر الخفي عند الانسان، فأنت تكل على الله حتى تكون متفائل دائماً لا أنَّ التفاؤل هو فقط خير وبركة وإنما التفاؤل هو إيمان بالله تعالى، فإذا هذا ليس خاصاً ببحث النجوم.

نذهب الآن إلى أبواب ما يكتسب به الباب الرابع والعشرون:- يعني الباب الأصلي الذي عقده صاحب الوسائل هو ( باب عدم جواز تعلّم النجوم ) حسب استظهار صاحب الوسائل، ولكن هذا ليس في محله فإنَّ التعلم لا شيء فيه، كما مرّ بنا فتوى المشهور ليس أنَّ علم النجوم كعلم السحر حرمة ذاتية نعم علم السحر حرمته ذاتية وعلم الكهانة حرمته ذاتية أما علم النجوم لم يذهب إليه المشهور أنَّ حرمته ذاتية، وربما ذهب القليل إلى ذلك ولكن الصحيح أنَّ تعلُّم النجوم ليست حرمته ذاتية ولا الاستنباط في علم النجوم واستخراج النتائج حرمته ذاتية أيضاً كما تقدمت الروايات وسيأتي فإنَّ هذه لم يلتزموا بها، وإنما التعويل عليه وجعل أزمة الأمور بها هذا قد يصير كفراً جلياً أو قد يكون كفراً وسطياً أو قد يصير كفراً خفياً كراهة حرمة فقيه أو حرمة عقائدية مثل ما ذكرت لكم أن بعض العلوم فيها غث وسمين كذلك علم النجوم البشري المتوارث الآن فيه غثّ وسمين أيضاً مثل علم الفلسفة المتوارث هي نتاج بشري فيه عثّ وسمين ولكن لا أحد يقول بحرمته الذاتية وإنما تود حرمة لمن يسيب له ضلال ولا يستطيع أن يميز الغثّ من السمين أو يحبس نفسه عن الوحي من الكتاب والسنة فهذه العلوم ليست حرمتها ذاتية وإنما حرمتها عرضية أو من جوانب.

الرواية الأولى في هذا الباب:- وهي معتبرة الاسناد إلى الحسن بن أسباط، وهذا الحسن بن اسباط حينما تتبعته يمكن تحسين حالة عن عبد الرحمن بن سيابة، وهو أيضاً كذلك وإن لم يوثق فالرواية قابلة للاعتبار، قال:- ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- إنَّ الناس يقولون إن النجوم لا يحل النظر فيها وهي تعجبني فإن كانت تضر بديني فلا حاجة لي بشيء يضر بديني ) وهنا يتكلم الراوي حتى في الاستنباط من النجوم وليس على تعلم النجوم فقط والاستنباط يعني استخراج ما سيحدث في الأيام القادمة وفي المستقبل، ( فلا حاجة لي في شيء يضر بديني وإن كانت لا تضر بديني فوالله إني لأشتهيها وأشتهي النظر فيها، فقال:- ليس كما يقولون لا تضر في دينك، ثم قال:- إنكم تنظرون في شيء منها كثيره لا يدرك وقليله لا ينتفع به )[8] ، يعني لا تجزم فإن هذا خطأ ولا يجوز، وهذا حكم آخر من زوايا البحث في علم النجوم فإخبار المنجّم يلزم أن يكون على النحو الظني أو التقديري أو الاقتضائي، وإذا كان بتّي ناجز فهذا كذب نه لا يحيط بالأسباب، وهذا حكم فقيه آخر متعلّق بعلم النجوم.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo