< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/04/24

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السادسة من النوع الرابع ( التنجيم ) - المكاسب المحرمة.

كنا نقرأ الروايات الواردة في النجيم وبدأنا بالباب الربع والعشرون فيما يكتسب به، وطبعاً لا ينحصر الأمر بالباب الربع والعشرين مما يكتسب به، ولعل الصلح بدلاً من أن نبدأ بالباب الرابع والعشرون مما يكتس به دعونا نذهب إلى كتاب الحج آداب السفر، ففي كتاب الحج آداب السفر هناك باب عقده صاحب الوسائل حول علم التنجيم ايضاً باعتبار أنه يكره السفر والقمر في العقرب وما شابه ذلك فمن ثم عقد الباب الرابع والعشرون في أبواب مما يكتسب به أما في أبواب آداب السفر فآداب السفر ليس مختصاً بسفر الحج وإنما بمناسبة سفر الحج عقد صاحب الوسائل عقد بحثاً في كل السفر، وإلا فهو نفسه باب مستقل وهذه نكتة مهمة في فهرست الوسائل لكي يسيطر الباحث على فهرست الوسائل لكي يكون مسيطراً وضليعاً فيها لأنه في مناسبات معينة صاحب السوائل لم يفرز لأبواب مستقلة باباً مستقلاً وإنما أدرجها في أبواب أخرى مع أنها مستقلة لمناسبة أو تلخيصاً للفهرست ما شئت فعبّر، الآن مثلاً أبواب الدعاء قد جعلها صاحب الوسائل في كتب الصلاة مع أن الدعاء هو عبادة مستقلة بنفسها، نعم هو يسري في الصلاة وغير الصلاة، لكن صاحب الوسائل جعله في باب الصلاة، فإذا أراد الباحث أن يبحث حول عبادة الدعاء مطلق الدعاء أين يجده في السوائل؟ إنه يجده في ابواب الصلاة مع أن الدعاء لا ينحبس في الصلاة وإنما الدعاء هو بحث مفصّل وكل بحثه اورده صاحب الوسائل في الصلاة، أيضاً مثلاً إذا تلاحظ قراءة القرآن فإنَّ قراءة القرآن هي عبادة مستقلة لم يعقد لها صاحب الوسائل باباً مستقلاً وإنما أوردها في باب الصلاة بمناسبة قراءة القرآن في الصلاة، وكأن صاحب الوسائل وجد أن - وهذه فائدة منهجية في كتاب الوسائل يلزم الالتفات إليها - وهو صاحب السوائل كأنه وجد أن ابواب القراءة في الصلاة تختلف أحكاماً شؤوناً عن أبواب مطلق قراءة القرآن فعزل المجموعتين من الأبواب، ومن حقه أن يفعل ذلك، ولكن أدرجهما كليهما في كتاب الصلاة، فلو أراد الباحث أن يلاحظ علوم القرآن في الوسائل أين هي أو أحكام القرآن في السوائل أين هي فقسم منها في كتاب الصلاة أبواب قراءة القرآن وقسم منها في كان آخر، فلاحظ البصيرة في الفهرست تجعل الباحث محققاً في الاستدلال وفي المواد وأما إذا لم تكن عنده بصيرة فسوف لا يعلم، سواء في علوم التفسير بأن أراد أن يصير مفسراً كبيراً أو في علم الفقه أو آيات الأحكام وهلم جرا، أو في بحوث العرفان كأن يريد أني صير عرفانياً قوياً معنوي قوي فهذه المصادر يجب أن يعلم اين هي وأين هي بحوث الروح والمعنويات في الوسائل، رحمة الله عليه الشيخ أوصى بأن تطبع أبواب جهاد النفس مستقلاً وهذا جيد، ولكن هذا ليس كل الأبواب المعنوية في الوسائل الروحية وإنما هناك أبواب في كتب أخرى ربما يلتفت الباحث إليها أين هي حتى تصير عنده دورة بحث منظومية موسعة، أول بحث يحتاجه الفقيه هو أن يعرف كيف هي الموسوعة الموجودة في الروايات، فهناك قسم آخر من بحوث القرآن في الوسائل ويه قواعد تفسيرية هي موجودة في أبواب القضاء في أبواب صافت القاضي، فهناك جملة من الأبواب أصلاً هي مرتبطة بقواعد علم التفسير ووهي روايات بالمئات وايضاً صاحب الوسائل عنونها باعتبار أنَّ مستند القاضي والمفتي هو القرآن لذلك ذكر هذه القواعد، فلاحظ حول بحث القرآن أنت لابد أن تذهب إلى عدة أبواب تسبرها في السوائل حتى تلتفت وكذلك المستدرك في نفس الموازاة والمحاذاة وكذلك الدورة الفقهية الموجودة في البحار، مثلاً أبواب المساكن في الوسائل، ما هي أبواب المساكن؟ وأنا أتوقف عند هذا المطلب لماذا؟، المرحوم الشيخ حسين الحلي معروف عنه حيث ينقل عنه الخواص أنه كان حافظاً لفهرست أبواب الوسائل كلها، وهو حافظ لها يعين انه يلتفت أن الفهرست أين هو بل ينقل عنه أكثر وهو أن كل باب من أبواب السوائل الالزامية يعرف عدد الروايات التي فيه، فالمقصود أنَّ هذا المبحث يبني علمية الفقه والمجتهد، وهو علم الحديث في الحقيقة فإنَّ هذا شأن من شؤون الحديث، وهو مرتبط بصناعة الاستنباط الاجتهاد، وهو أنه كيف تعرف أبواب الوسائل، مثلاً أبواب المساكن أين تجدها؟ قسم من أبواب المسكن عقد له صاحب الوسائل باباً في كتاب الصلاة، والحال أن أحكام المسكن غير خاصة بتاب الصلاة ولكن صاحب الوسائل بمناسبة المكان في الصلاة ضم إلى ذلك أبواب أخرى يسمونها أبواب المسكن وأحكام المسكن، مثلاً أبواب الطب في الوسائل اين هي موجودة وكذلك في البحار؟ إنها في باب الطعمة والأشربة فبمناسبة الأطعمة والأشربة المحللة والمحرّمة وغير ذلك ذكر صاحب السوائل خواص الأغذية، وهو من أعظم البحوث في الطب، وهو أعظم علم على الاطلاق حتى أنه أعظم من طب الأعشاب وطب الجراحة، لأنَّ هذه وقاية قبل العلاج، ونفس الشيء موجود في البحار، ثم ذكر صاحب الوسائل أحكام المسكن الأخرى في باب المشتركات، وهي بحوث عمرانية في الوسائل، فلاحظ أن ملكة الاستنباط إذا كان الفقيه أو المجتهد على يقظة علمية من منظومة فهرست الوسائل فسوف يلتفت إلى المصادر أين هي فيستخرجها، فعلى كلٍّ هذه نكات مهمة، يعني حتى لو فتح دورة مختصة التبويب لمدة اسبوعين أو شهر نقرأ فيها فهرست الوسائل فقط ونبين المناسبات فكلها مرتبطة بنكات صناعية في الاستنباط والاجتهاد.

بحوث الفتيا في الوسائل أين توجد والفتوى والمفتي وأين ذكرها الفقهاء أيضاً؟ إنهم ذكروها في كتاب القضاء كما ذكروها أيضاً في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيلزم أن تكون مطلعا على كلا الكتابين، وتفحص هنا وتفحص هناك، ولا يكفي مراجعة باب واحداً، كلا لا يمكن أن تدّعي أن هذه هي كل الروايات بل الروايات أكثر وأكثر، فعليك أن تلتفت وتتعرف على مناسبات الأبواب فإنَّ هذه قضية مهمة جداً، وأنه كيف تستخرج الروايات، هذه فائدة معترضة.

مثلا بحوث عقائدية فقهية أن الايمان شرط صحة العابدات أين بحثها صاحب الوسائل، فهل بحثها في الصلاة أو في الحج؟ إنه بحثها في مقدّمات العبادات، ومعنى بحث مقدمات العبادات هي شروط كلّية عامة كلية في بحث الايمان والاسلام والكفر وربطه بالعبادات، في نفس هذه الأبحاث تلاحظ بحوث معارف، وقد ذكرنا مراراً هذه الفائدة وهي أن الكثير يعتقد أنَّ الكتب الأربعة هي كتب ورائية حديثية في فقه الفروع، وهذا اشتباه، فإنَّ الكتب الأربع فضلاً عن غيرها فيها بحوث فقه الفروع وفيها بحوث قواعد التفسير وفيها بحوث أخرى وقد حصلت مداولة علمية مع عدة من الجهات أنَّ الكتب الأربعة فيها كامل عقائد الشيعة، الكتب الأربعة تستمل على منظومة أخلاقية معنوية عرفانية لعلم الاخلاق وعلم العرفان الوحياني وليس البشري، فكلها موجودة في الكتب الأربعة لكن كيف تخرجها وأين تقف عليها؟، فهنا الفراسة والفطنة العلمية وإلا فهي ليست مختصة بفقه الفروع، هذه نكات كثيرة يجب أن يلتفت الباحث إليها وإلا سوف يصير البحث مبتوراً.

بحث الخلود في النار توجد روايات في الوسائل وفلسفة الخلود في النار أو الخلود في الجنة ذكرها صاحب الوسائل في أبواب مقدمات العبادات ولا أقول إنَّ صاحب السوائل ملتفت أو غير ملتفت، فهو ارتكازاً ملتفت ولكن هل هو ملتفت تفصيلاً فهذا بحث آخر، فالمقصود أنك ترى باباً واحداً ولكن فهي ابواباً عديدة التفت إلى ذلك صاحب الوسائل والشيخ الطوسي في تذهيبه أو لم يلتفتا إلى ذلك فأنت يجب أن تلتفت غلى ذلك، مثلاً في كتاب الحج ذكر صاحب الوسائل أبواب آداب العشرة والحال أن ابواب آداب العشرة هو باب مستقل فهو يدور حول النسيج الاجتماعي على الصعيد الأسري أو المجتمع أو على صعيد شعوب مع بعضها البعض، فكله بحث في العلاقات وهو علوم الاجتماع وطبعاً أحد أبوابه هو باب العشرة الموجود في الوسائل وفي البحار وفي المستدرك وبينهم عموم وخصوص من وجه، يعني لا يوجد تكرار وإنما يوجد تكرار قليل بين هذه المصادر، فهناك أبواب تسمَّى آداب العشرة، حتى أن الفقهاء في بحوث نشوز الزوج أو الزوجة والعشرة بالمعروف بينهم استعانوا بجملة من أحكام الروايات الواردة في ابواب العشرة، وتتمة لأبواب العشرة موجودة في باب النكاح وأنه كيف هي العشرة بين الزوجين أو بين الأولاد، هذه علوم الاجتماع اين تجدها؟ إنك تجدها هنا، فهذا التبويب أصلاً نفس تبويب كتاب الوسائل هو علم بنفسه، فهو علم منهجي في المواد والاستدلال يرفد أي باحث في العلوم الدينية، السيطرة والاحاطة والفطنة واليقظة بأبواب الوسائل الاجمالية والتفصيلية نفسه علم عظيم، وهو برزخي بين علم الحديث بين علم الحديث والعلوم الدينية ويحتاج إلى تضلع في علم الاخلاق أو العرفان أو الكلام أو الفقه أو علوم التفسير حتى تلتفت إلى أنه كيف أن هذا الفهرست له ربط بكل هذا وهذه نكات مهمة جداً، وهو أنه كيف الوصول إلى المصادر والروايات، وهذه قدرة تابعة ملكة وقدرة المستنبط والمجتهد في علم من العلوم الدينية وهذه نكتة مهمة.

وكما مرّ بنا في بداية المكاسب المحرمة فإنَّ المكاسب المحرمة اسمها مكاسب محرمة وإلا فهي بالدقة حتى فقه الدولة موجود فيها وكذلك فيها فقه الاقتصاد، جانب كثير من فقه الدولة موجود فها وكذلك فقه الاقتاد وفقه التجارة.

نرجع إلى أبواب آداب السفر إلى الحج وغيره، ومن حق صاحب الوسائل ذكر ذلك، الباب الرابع عشر وقد عنونه صاحب الوسائل ( باب تحريم العمل بعلم النجوم ألا ما يهتدى به في برٍّ أو بحر)، فهو قال العمل بعلم النجوم وأيّ عمل هذا فهل هو الاستنباط واستكشاف الحوادث عبر علم النجوم فهل هذا هو المراد -، وقد قلنا إنَّ البحث في المسألة زوايا أربع أو خمس - أو المراد من العمل علم النجوم يعني أنَّ المنجم يعطي نتيجة هو يعمل بها جزئياً تطبيقاً أو من يرجع إليه يعني أنه يبني على نتائج علم النجوم، فإن قال له فيه خير بنى عليه وإن قالوا له فيه شر أو نحوسة يتجنبه فهذا يسمّونه عمل بنتيجة علم النجوم وهو غير أصل الاستنباط، فمراد صاحب الوسائل هو الثاني وهو تحريم العمل بعلم النجوم وتعلّمه هذا حسب ففتوى صاحب الوسائل ( إلا ما يهتدى به في برّ أو بحر )، يعني كأنما يريد أن يقول إنَّ علم النجوم كل أبوابه حلال إلا باباً أو بابين وهما اللذان فيهما اكتشاف القضاء والقدر والحوادث فهذين البابين حرام، أما تعلم بقية أبواب علم النجوم لفا إشكال فيه حسب كلام صاحب الوسائل، أما الروايات فهي:-

الرواية الأولى: - وهي معتبرة سنداً، وهي بإسناد الشيخ الصدوق في المشيخة والفقيه غلى عبد الملك بن اعين الخ الأكبر لزرارة، قال: - ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- إني قد ابتليت بهذا العلم فأريد الحجة فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت الطالع الشر جلست ولم أذهب فهيا وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة، فقال لي:- تقضي؟ قلت: - نعم، قال: - أحرق كتبك ) [1] ، هذه في قبال ما يأتي بالروايات وهي أن تستمد بالدعاء من الله أو تدفع الشر بالصدقة، فلاحظ هنا عليه السلام لم ينهَ عبد الملك بن أعين ويقل له إنه أولاً تعلمك لعلم النجوم حرام في نفسه وإنما علق الحرمة، الآن ( احرق كتبك ) هي امر تكليفي أو هي ارشاد او كناية عن الحرمة الأخرى وهي أنه كيف تجزم وتبني على نتائج النجوم وكأنما لا توجد عندك قوة فوق ذلك وهو الله تعالى فلا تكن أنت أسيراً وخاضعاً ومنقاداً إلى هذا النظام فقط وهو علم النجوم ولم تكن منقاداً إلى نظام الله تعالى، فإذاً نفس علم النجوم لم يحرّمه الامام عليه السلام ولم ينهر أو يزجر أو يردع عبد الملك بن أعين حينما قال له إني متمرّس في علم النجوم وإنما علّقه على قيد معيّن، فمن الواضح أنَّ الحرمة هي حرمة معلقة على البتِّ فإنَّ مفاد الرواية مطابق لهذا، وإلا فبقية الشؤون لا مشكلة فيها فإنه قال ( إذا رأيت الطالع ذهبت في الحاجة ) فالإمام عليه السلام لم يقل له لماذا تعلمته ولماذا تستنتج واستنتاجك هو خطأ أو صحيح أو أنه باطل أو صدق وإنما كل هذا أعرض عنه الامام عليه السلام وإنما خصص الحرمة فقط بأنه ( أتقضي ؟ ) أي هل تحكم وتبرمج كل عملك وفكرك عليه؟ فقال له: - نعم، فهنا قال له ( احرق كتبك )، فهنا كأنما تخصيص الحرم بهذه الجهة وهذه الزاوية، فإذا بلغ العمل بالنجوم بها المستوى فهنا يحرم لا أصل النظر والاستنتاج، أما بقية الزوايا لم يتعرض الامام إليها ولم يتعرض ولم يزجر الراوي عنه ولا الاستنتاج وإنما خصص فقط حينما تصل به النتيجة إلى البتّ، حتى البرمجة ( قال لي:- تقضي؟ ) يعني لم يبت وإنما راعى وإنما مع ترجيه من الله تعالى فهذه الرواية مفهوم منها أنَّ الحرمة مخصوصة بهذا المورد وهو كأنه ينقطع إلى منظومة النجوم لا لنظام الله عزَّ وجل، فإذاً هذه الرواية تلد على الحلية إجمالاً في كل تلك الزوايا الأخرى وإنما يوجد كورد واحد فقط هو الحرام، فأصل تعلم علم النجوم ليس بحرام حتى الباب الذي فيه الحوادث خلافاً لصاحب الوسائل، وإنما فقط خصص الحرمة بأن يعمل الانسان بشكل بتّي لها ويصير اسيراً لها.

الرواية الثانية: - وهي صحيحة أيضاً، وهي بإسناد الصدوق لمحمد بن قيس - وهو من أصحاب الباقر - عن أبي جعفر عله السلام قال: - ( كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول:- لا نأخذ بقول عرّاف ولا قائف ولا لصّ لا أقبل شهادة ماس إلا على نفسه )، ما هو العراف ما هو فرقه عن الكاهن والمنجم وما هو فرقه عن صاحب الجفر ما هو فقه عن صاحب الرمل؟ في الظاهر أنَّ هذا جزء من الموضوع مشترك عندهم وهو الكشف عن المغيبات سواء المستقبلية أو الراهنة أو الماضية، مثلاً حدثت سرقة معينة قبل مدّة فأين هي أيها العرّاف أو المنجم أو الرمّال؟ فالمسألة واحدة ولكن الطرق تختلف فبعضها محرّم وبعضها محلل، فما هو الفرق بين العرّاف، وأيضاً القائف نفس الشيء فإن القائف هو الذي ينظر في القيافة والقيافة هي النظر في سيماء الوجه وهذا علم آخر، فما هو الفرق بين هذه العلوم. القائف يعتمد على السيماء وطبعاً هل علم القيافة حرام؟ كلا، فالإمام عليه السلام قال ( لا نأخذ ) يعني لا يكون حجة، ولم يقل إنه من ذهب إلى عرّافاً أو استمع إلى عراف أو سأل عراف أو سأل قائف فإذن ذلك حرام وإنما قال هو ليس حجة ولا يعتمد عليه، فلا يعتمد عليه لا أنه تسأله وتسمع منه ولو بعنوان احتمال هو حرام، بل إذا بنيت عليه فهذا غير صحيح شرعاً، يعني أنك تبني على ما ليس بحجة، والعرّاف اختلافه عن الكاهن مرّ بنا وهو أنَّ الكاهن يقوم برياضات ليتواصل مع الشياطين والجن، وهو غير الساحر، وما الفرق بين الكاهن والساحر؟، الكاهن دور الرياضات هو أنه لا يعقد ولا يكتب ولا يقوم بمواد وأدوات كالساحر وإنما دور الكاهن هو فقط عملية الرياض والارتياض للتواصل للارتباط الروحي مع الجن والشياطين، أو قل مع الأرواح الشريرة وإن كانت الأرواح الشريرة أعم من الجن والشياطين، هذا هو الكاهن، أما العرّاف في الحقيقة بعض البشر عندهم روحهم لها خواص فكل روح هي عندها خواص ولكن من يكتشف خواصه فهذا أمر آخر فإن الله تعالى أعطى كل روح خوص معينة وسر معين ولكن كيف تكتشفه فهذا بحث آخر ( الناس معادن كمعادن الذهب والفضة )[2] ، فهذا حديث نبوي وحديث معصومي، فل معدن له خاصة فهذا المعدن يصلح كشريحة وهذا المعدن يصلح مواد نووية مثلاً، وهكذا الأرواح فبعض الرواح لها خاصية شفافة تنفتح على عوالم غير مرئية، يقال عن الشيخ بهجت رحمة الله عليه أنه منذ صغره كان يرى أموراً معينة، وكذلك غيره من الأعلام، فإذا حافظ هذا الانسان على هذه الخاصية في روحه أو يقويها ولو من دون رياضات وإنما يقويها بمناعات فسوف تبقى عنده هذه القوة، أو مثلاً من يموت وليس كل من يموت وإنما من يجرب تجربة الموت ويرجع فسوف تتفعّل عنده طاقات وقدرات في روحه تلقائياً، وليس كل من جرّب الموت وإنما البعض يذهب ويعود وهو لا يتفعّل عنده شيء، ولكن يوجد الكثير من يجرّب الموت فإنه تتفعل عنده بعض الطاقات الروحية، وليس هذا فقط وإنما أذكر لكم تجارب لا بأس بها.

فالسبب في أخذ العرّاف في الرواية هو أنَّ العرّاف عنده عرفة فهو عارف ولكن ليس عارفاً بالاصطلاح العرفاني وإنما توجد عنده معرفة غير معروفة عند الآخرين، وأذكر لكم هذه النكتة التجريبية وهي معروفة عند أهلها فإنَّ الذي يصاب بالمسّ أو المسحور أو الذي يصاب بالجن أو الشياطين ولكنه يتعافى أو يوقّى أو تذهب منه فهذا قد ابتلي بلاءً شديداً فهذا الانسان بعد هذه المرحلة سوف تتفعل عنده طاقات روحية تلقائية فيعرف اللغة وتنشط عنده وهو يستطيع أن ينمّيها، يعني نفس هذا الابتلاء هو ابتلاء ولكنه يفعّل بعض القوى في الانسان، لا أنَّ الانسان يزجَّ نفسه في هذا، كلا.

فخلاصة تعريف العرّاف - لأنا نريد ان نعرف معناه اللغوي – هو هذا، فهناك فرق بين الكاهن وبين العرّاف فالعرّاف هو عنده قدرة روحية، وهل يعتمد عليه؟ الكثير يقول إنَّ هذا عنده خاصية عجيبة ولا يقول شيئاً إلا وكان صحيحاً، ولكن نقول إنَّ هذا ليس بحجة فإنه ليس نبياً ولا هو معصوماً فقد يصير عنده خلط فاحذر منه، فليس بمجرد أن ترى عنده قدرات روحية تقول إنَّ هذا وحي منزل، فالتفت إلى ذلك، فإنَّ هذا ليس بحجة، هذه هي النكتة الأولى في هذه الرواية، والقيافة هكذا.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo