< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/04/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السادسة من النوع الرابع ( التنجيم ) - المكاسب المحرمة.

مرَّ بنا أنه قبل أن ندخل في الأقوال والروايات والأدلة والتفاصيل في علم التنجيم باعتبار أن الأعلام قسموا موضوع المسألة إلى أقسام وحكموا عليها بأحكام وهي ليست من نمط واحد وإنما يظهر كلامهم في هذ المقدمة التي مرت بنا أمس ونحن نعاود التذكير بها، وهي أنَّ طبيعة الحكم الشرعي في العقائد أنه متعلق بأعمال القلب المعرفة والاذعان، حكم شرعي مثل فريضة الايمان بالله وفريضة الايمان بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم أو الايمان بالأئمة عليهم السلام أو الايمان بالمعاد طبيعته أنه حكم شعي مرتبط بأعمال ويرجع بالتالي إلى دائرة الاعتقادات، ويكون بالتالي تترتب عليه الاسلام أو الايمان وهلم جرا، هذا هو الغالب في الحكم الشرعي العقائدي، ولكن نجد دائرة مستثناة أنَّ حكماً شرعياً مرتبطاً بأعمال القلب لكن الفقهاء والأصوليون يدرجونه في الحكم الفقهي الفرعي وليس حكماً أصولياً، والمقصود من أصول وفروع يعني حكم عقائدي أما الفروع يعني هو مرتبط بعمل البدن مع أنه ليس عمل البدن وإنما هو عمل القلب ولكن يعدّه الفقهاء والأصوليون من قبيل الأعمال الفرعية، وقد ذكروا هذه الضابطة في علم الكلام وذكروها ايضا بالذات الأصوليون، وقد ذكت لكم المصادر، إذا كان الدليل الظني فالدليل الظني في منهج أصول الفقه ومنهج الكلام الدليل الظني لا يبني هوية العقيدة وإنما هو فرع من الفروع، فهو لا يكون كيان إيمان أو كيان إسلام أو تمذهب وإنما يبقى حكما فرعياً، ولذلك الفقهاء فيما يفتون به ليس من حق الفقهاء ولا من مقلدي الفقهاء أن يمذهبوا الناس بسبب اختلاف الفروع لديهم فإنَّ هذا لا يعطيهم الصلاحية، لأنه دليل ظني يخطئ يصيب فهو يبقى فرعي، وهذه ضابطة ذكروها، فإذاً مع كونه عملاً قلبياً ومعرفة وعقد القلب ولكن بما أنَّ دليله ظني فحكمه حكم الحكم الفرعي الفقهي، وآثاره غاية الأمر أنه يوجب الفسق لا أنه يوجب الخروج من الايمان أو الخروج من الاسلام، وهذه الضابطة التي نذكرها ليست مختصة بعلماء الامامية وإنما كل مذاهب المسلمين عليها، وقد ذكرت لكم دعاة الوحدة والتقريب فإنه عضهم غفلوا أو ليس لهم وعي بهذا الأمر أن فضيلتهم لم تساعدهم على هذا المطلب وغلا فهاذ شيء متفق عليه في المذاهب والنحل والفرق، فمع كونه عمل قلبي ولكن بما أنَّ دليله ظني فحكمه حكم الفروع، هذه المعادلة التي مرت بنا في هذا الجانب.

أما المعادلة الأخرى فيه فهي أنَّ كل حكم شرعي يتعلق بعمل البدن أو النفس النازلة كالحسد أو سوء الظن وغيرهما - فكل حكم شرعي يتعلق بعمل البدن - هذا طبيعته أنه حكم شرعي فقهي فرعي، وهو من اختصاص علم الفقه، فغالباً الأمر هكذا إلا مورد معين ودائرة صغيرة تخرج عنه مع أنها عمل ولكنها تخرج من فقه الفروع إلى العقائد، فهي عكس الأول، وأين ذكروها؟ هذا الذي مرّ بنا مراراً وربما تحصل غفلة عند الكثير من أهل الفضل بلحاظه، فحينما يقال أركان فروع الدين عشرة، فأركان الفروع ليست هي فروع، وأركان الفرع مثل وجوب الصلاة، فوجوب الصلاة هو حكم شرعي متعلق بالعمل ولكن هذا الحكم ليس من الفروع، فرغم أنه متعلق بالعمل ولكنه ليس حكماً فقيهاً، فنفكك بين الصلاة كعمل وبين وجوب الصلاة، فالوجوب هو حكم شرعي متعلق بعمل ولكنه ليس من الفروع وإنما هو من اصول العقيدة ومن الدين، وجوب لاحج ووجوب الخمس ووجوب الزكاة ووجوب الصوم ووجوب الأمر بالمعروف ووجوب النهي عن المنكر، أما ما نسمعه من حرية وغير ذلك فهذا ليس بموجود، وهذا بنظام طبعاً لا أنَّ الأمر بالمعروف هو انفلات وليس انفلاتاً وإنما هو منظم، في حين ترى قوانين الأمم المتحدة أنت ترى إنسان تتكلم معه يقولون لك أنت تتلاعب بالنسبة للشريعة ولو قلت له لماذا هذا الأمر، المؤمنون بعضهم أجانب عن بعض، وهذا غير صحيح، أما أنَّ الأمم المتحدة تصدر عليه قرار فهذا شيء آخر، ولكن هذا دين وليس اجتهاداً وإنما هو من ضرورة الدين مع أنه مرتبط بالعمل، فإذاً أركان الفروع ليست فروعاًن الصلاة فرع لا أنَّ وجوب الصلاة فرعاً، لم يفتِ أحد من فقهاء المسلمين عدى الشذّاذ من الوهابية أنه إذا ترك الصلاة فقد خرج من الاسلام وإذا ترك الصلاة كعمل فسوف يكفر، كلا وإنما هي فرع ومن تركه يحكم بفسقه، أو ترك الصوم أو ترك غيره، فإنَّ ترك العمل لا يوجب الخروج عن الدين ولا الايمان وإنما يفسق أو يخطئ أو غير ذلك ولكن وجوب الصلاة ليس من الفروع مع أنه متعلق بالعمل ولكنه من الأصول، فهذا استثناء، فهو حكم شرعي متعلق بعمل ولكن استثني من الفروع وهو أركان الفروع، وهذا مرّ بنا أمس، أما الآن فنزيد ما ذكره الأعلام، فإذاً صارت الضابطة الأولى واضحة.

وهذه الضابطة الأولى ربما ذكرناها في بحث الصلاة شيئاً ما ونذكرها مرّة أخرى في تفصيل أكثر لأنه صراحة يقع فيها خلط حتى من قبل الكبار، لأنَّ هذا المبحث لا هو فقهي محض ولا هو كلامي محض وإنما بين الأمرين، فالباحث يجمع مواده وعناصره من أبوب كثيرة وأبواب كثيرة نقّحها الأعلام، هذا الذي مرّ بنا أنَّ العقائد من الأصول وغير ذلك عند الفقهاء بالدقة سيما بلورة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء فإنها بديعة وتابعه عليها الشيخ محمد رضا المظفر ولكن هذه البلورة لم يذكرها السيد الخوئي أو أنها ليست مذكورة في المستمسك أو كتب أخرى، ولكن اشيخ محمد حسين كاف الغطاء ألفت إليها، وهي موجودة في ارتكاز الفقهاء ولكن الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء بلورها بشكلِ نظمٍ اصطلاحي، وأنا شخصياً ولا أقول أنَّ الواقع ما هو ولكني وجدتها عند الشيخ محمد حسن كاشف الغطاء، فهو يقول إنَّ هذا الذي هو أصول الدين يقول إنَّ هذه العقائد هي من أسس الدين وأصول الدين وضروريات الدين وقطعيات الدين مراتب وليس كلها مرتبة واحدة، وهي نفس ما مرَّ بنا وهي أنَّ كل حكم شرعي تعلق بعمل القلب فهو من العقائد أي من الأصول، والمقصود هنا الأصول بالمعنى العام يعني القعائد ولكن كما يقول كاشف الغطاء ونعم ما يقول إنه يوجد فرق بين أسس الدين وبين أصول الدين، في كلمات الكثير من الفقهاء العلام المعاصرين وأقصد في المائة سنة أو مائتي سنة قد يقول إنَّ المعاد رتبته مثل رتبة التوحيد والنبوة، وهذا غير صحيح كما ذكر كاشف الغطاء، وكلامه صحيح بحسب ارتكاز الفقهاء وبديهياتهم، وإنما المعاد لا يساوي التوحيد والنبوة ولا الامامة أيضاً، والشيخ محمد رضا المظفر قبل بشكلٍ كامل هذا التقسيم الذي ذكره كاشف الغطاء في كتابه أصل الشيعة وأصولها، فهو في كتابه كان يرّد على كاتب مصري لم يلتفت إلى هذه البحوث، فهو يقول يوجد عندنا أسس الدين وعندنا أصول الدين، وما هو فرق أسس الدين عن أصول الدين والحال أن أسس الدين هي من أصول الدين بالمعنى العام فلماذا باينت يا شيخ ممد حسين كاشف الغطاء بين أسس الدين وأصول الدين؟ يقول:- إنَّ أسس الدين قد تسالم الفقهاء والمسلمون على أنه هو الشيء الذي تدخل به إلى الاسلام، المفتاح الذي تدخل به إلى الاسلام لم يذكر أحد ولا يستطيع أن يذكر أحد أنَّ المعاد لازم، كلا وإنما الشهادتين وهم التوحيد والنبوة، ولذلك لا تقل إنَّ الذي لم يقرّ في بداية دخوله في الاسلام أنه ليس بمسلم، كلا بل هو مسلم، نعم لابد ألا ينكر المعاد فهذا بحث آخر، فإذاً يوجد فرق بين أساس الدين وبين أصول الدين، فالأساس هو الذي تدخل به حظيرة الدين، أما أن نساوي بين المعاد وبين اسس الدين كما ارتكب ذلك الكثير من الفقهاء فهذا شيء فيه غفلة، فهم ارتكازهم هكذا وهو أن الدخول إلى الاسلام لا يحتاج إلى الاعتقاد المعاد، فكيف أنت تساوي بين المعاد والنبوة، أبداً وإنما المعاد هو ذيل من ذيول النبوة، كذلك للدخول في الدين الواقعي وهو الايمان - أما هذا فهو الدين الظاهري وهو الشهادتين - وللأسف أنه الكثير من الباحثين لا يميز بين الفرق بين الايمان الظاهري والايمان الواقعي والحال أنه يوجد ظاهري وواقعي، الواقعي يعني لابد أن يعتقد بالشهادة الثالثة، فالشهادة الثالثة أساس الدين بمعنى الايمان مع الشهادتين، فالشاهدات الثلاث معاً هي أساس الدين بمعنى الايمان، ولو قلت أليس الايمان هو دين؟ قلت إن الايمان هو دين، قال الله تعالى ( قالت الأعراب آمنّا قل لن تؤمنوا ولكن قولوا اسلمنا )، فنفس الباري تعالى جعل الدين له دورين اسلام ظاهري واسلام واقعي وهو الايمان،﴿بل قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم ﴾ [1] فصفة الايمان هي ناموس القرآن الكريم غير صفة ظاهر الاسلام، فالمقصود هو هذا، ولو قلت أنت إنه لا يوجد اسلام وإيمان، فنقول كلا بل يوجد إسلام ويوجد إيمان فإنَّ الدين لونين، فالمهم أنَّ الاسلام والايمان مطلبان وليس مطلباً واحداً، وهذا قد بينه الوحي والقرآن، فيوجد عندنا إسلام ظاهري ويوجد عندنا إسلام واقعي والاسلام الواقعي هو الايمان، الاسلام الواقعي الذي به يثاب، وهذا يقول به ليس مذهب أهل البيت فقط بل به كل مذاهب المسلمين حتى الوهابية حيث قالوا إنما نثاب في الآخرة على الايمان وليس على ظاهر الاسلام يعني الدين الوقعي وليس الدين الظاهرين، ومن العجيب أنهم ينكرون هذه الأمور الضرورية؟!!، ولكن دعاة التقريب يقولون بالوحدة والتقريب ولكنهم يخالفون كل المذاهب الاسلامية في هذا الشيء، وهذا شيءٌ عجيب، وإنما هم أصلاً يثيرون نزاعاً، ولا أقول كلّهم ولكن جملة منهم لا يعون هذه القضية، وإلا فالشيخ محمد حسين كاشف الغطاء كان يدعو إلى التقريب والشيخ عبد الكريم الزنجاني والسيد البروجردي وغيرهم من الكبار كذلك.

فإذا توجد عندنا أسس الدين، فالدين الظاهري هي الشهادتين وأما الدين الواقعي هي الشهادات الثلاث، وقد ذكر في الروايات أن أتشهد في الصلاة هو لتجديد الايمان والاسلام وليس فقط الاسلام، يعني الشهادة الثالثة موجودة، فالتشهد عنواناً هو تشهد إسلام أو هو تشهد إيمان؟ إنَّ التشهد حقيقة شرعية واحدة في كل الأبواب، وأنت تقول لم تذكر الشهادة الثالثة ولكن نقول ( أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير ) ؟!! وقد نُصَّ في روايات كثيرة أنَّ الاكتفاء بالشهادتين أدنى وليس خيراً، فأدنى ما في التشهد هو الشهادتين، وهذا ما ذكر في كتاب الصلاة من الوسائل.

فإذاً عندنا أساس الدين الظاهري، وعندنا أساس الدين الواقعي وهو الايمان وهو الشهادة الثالثة، أما المعاد فهو جزماً ليس من أساس الايمان ولا من أساس الاسلام، نعم هو من أصول الدين ولكن أنت ليس مطالباً بقوله فلو لم تقول ( وأشهد أنَّ الساعة حق والبعث حق والقبر حق والقيامة حق ) لا تؤمن، كلا وإنما بمجرد أن تتشهد الشهادات الثلاث فسوف تؤمن، نعم بعد أساس الاسلام وأساس الايمان وحينما تدخل في الاسلام وتدخل في الايمان يجب ألا تنكر أصول الايمان، فإذا أنكرت المعاد فسوف تخرج من الايمان والدين والاسلام، ووجوب الصلاة إذا أنكرته فسوف تخرج من الدين، وقد تقدم الفرق بين وجوب الصلاة وبين نفس الصلاة كعمل، فإن هناك فرقاً بين وجوب الصلاة وبين الصلاة كعمل كما مر، ووجوب الصوم ووجوب الحج ووجوب التولي لله ورسوله ووجوب التبري من أعداء الله وأعداء رسوله وأولياء الله سواء كان تولياً سياسياً أو تولّياً اقتصادياً أو غير ذلك، أما أنه توجد تقية فهذا بحث آخر أو التعايش السلمي فهذا بحث آخر وهذا لا ينفيه القرآن الكريم، فعلى كلٍّ هذه الأمور لا أقل تكون لقلقة لسان وتنظيراً لا ننكرها.

إذاً أسس الاسلام أو الايمان هي المفتاح الذي تدخل به، فإنَّ التشهد الذي تدخل به والذي هو حقيقة واحدة في كل أبواب الاسلام وأبواب الايمان، لا أنَّ التشهد شيئان وحقائق متعددة في باب الصلاة وفي باب الأذان وفي باب وفي باب الوصية وباب التعقيبات أو باب تلقين الميت أو غير ذلك وإنما هو حقيقة واحدة، فالمهم يوجد عندنا أساس الاسلام وعندنا أساس الايمان وعندنا، ثم بعد ذلك عندنا أصول دين الاسلام وأصول دين الايمان، ثم بعد ذلك الرجعة، واللطيف في الرواية عن الامام الرضا يقلو ليس فقط يقرّ بالرجعة وإنما إذا أقر بالرجعة وأيقن بها فهو من شيعتنا، ( مؤمن بكم وبإيابكم )، فالرجعة من أصول الايمان يعني ضرورة من ضروريات الايمان.

فإذاً يوجد عندنا أسس الاسلام ويوجد عندنا أسس الايمان وعندنا أصول الاسلام وعندنا أصول الايمان، ولا تقل يوجد إن الاسلام وايمان واحد وإلا فسوف نكفر بالآية الكريمة فإنها فككت بينهما حيث قالت: - ( قالت الأعراب آمنا قل لن تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان في قلوبكم )[2] فهي فككت بين الاسلام والايمان فإنَّ الاسلام وشيء والايمان شيء آخر، الاسلام ظاهري وأما الايمان فهو دين واقعي.

فإذا ليس المعاد في مصافِّ الامامة - ولا تقل لي الصلاة -، فالنبأ العظيم ليس هو المعاد وإنما النبأ العظيم هو علي بن أبي طالب عليه السلام بعد الله عزّ وجل رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا هو نظام الدين، فلا تقل الصلاة كالإمامة، بل المعاد ليس كالإمامة، القيامة بحجمها ليست كالإمامة، الجنة والنار بعظمتها ليست كالإمامة، الله تعالى فوق الجنة ورسول الله صلى الله عليه وآله فوق الجنة، أيضاً وصي رسول الله فوق الجنة والنار، ثم تأتي بعد ذلك المعاد الجنة والنار ثم يأتي بعد ذلك الصلاة فهي عقبة من عقبات الصراط وهي أول عقبة من عقبات الصراط، إنهم لم يقولوا إذا قلت ( أشهد أنَّ الصلاة واجبة ) تدخل في الايمان، وإنما إذا قلت ( أشهد علياً ولي الله ) تدخل في الايمان، فالخارطة واضحة، فلماذا هم تائهون في طريقٍ ثانٍ، فلاحظ هذه هي خارطة الأصول والفروع الواضحة، فإذاً توجد عندنا أسس الاسلام وأسس الايمان وأصول الاسلام وأصول الايمان، يعني على تقسيمين مزدوجين فيوجد عندنا أسس ويوجد عندنا أصول، ويوجد عندنا قسم ثالث كما يقول السيد محمد حسين كاشف الغطاء، وهو ليس كلامه فقط وإنما يجمع بديهيات الفقه الامامي وحتى المذاهب الأخرى، وهو ليس خاصاً بمذهب أهل البيت فقط، فالقسم الثالث بعد الأسس والأصول تأتي الضروريات، فوجوب الصلاة هو من الضروريات وليس من الأسس وليس من الأصول، والمعاد والقيامة والجنة والنار وغير ذلك صارت من أصول الدين، وإنما الأسس هي الله ومحمد وعلي، فلاحظ كم هو الفاصل، وهذا ليس اجتهاداً وإنما هذه بديهيات في القرآن الكريم وفي الروايات وعند كل مذاهب المسلمين، فهم لم يقولوا بأنَّ وجوب الصلاة هو من أسس الدين، حتى الخوارج لم يقولوا بأن الصلاة هي من أسس الدين أو أصول الدين، وهذه خارطة اتفقت عليها كل مذاهب المسلمين وليس مذهب اهل البيت فقطن فالضروريات كوجوب الصلاة ووجوب الحج، نعم الضروريات يعني مثل وجوب الصلاة يود كلام أن منكرها مرتد أو لا ولكن الشهور شهرة عظيمة لا أقل الضروريات العالية جداً منكرها يخرج عن الدين، وهو الصحيح، أما أنَّ الضروريات هي طبقات فهذا بحث آخر صحيح، هذا هو القسم الثالث، وهذا متفق عليه بين مذاهب المسلمين فضلاً عن مذهب أهل البيت عليهم السلام، وعليه فسوف تصير الخارطة واضحة.

نأتي إلى القسم الربع الذي ذكره الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء والمظفر وغيرهما من الأعلام ولكن هما بلوراه وإلا فهو موجود عند الفقهاء والمتكلمين، فالقسم الرابع هو القطعيات في العقائد، فهو ليس ضرورياً ولكنه قطعي، وما هو حكمه؟ لا نريد الدخول فيه الآن وقد ذكره الفقهاء في بحث الطهارة في بحث الاسلام والكفر، فذكروا الاسلام في المطهرات وذكروا الكفر في النجاسات، وهذه القطعيات قالوا هي على قسمين، فتوجد قطعيات من ضواحي الضروريات، وتوجد قطعيات بعيدة نظرية مقابل المبدّهة، وحكمها يختلف، ثم بعد ذلك تأتي الظنّيات، والظنّيات في المعارف تصير فروعاً حسب كلام الشيخ الأنصاري وغيره، فهذه طبقات يجب ألا نخلط بينها، فلاحظ هذا التقسيم أنَّ الفقهاء راعوه في مسألة التنجيم، أمّا كيف؟ فسوف نبينه، فكل المقدمة الطويلة التي ذكرناها أمس واليوم هي لأجل الوصول إلى هذه النقطة، وهي أنه في مسألة التنجيم الحرمة فيه على أقسام، فتوجد حرمة عقائدية، وتوجد حرمة فقهية، ولا تقل لي إنَّ الأحكام خمسة من حرمة ووجوب واباحة واستحباب وغير ذلك، وإنما الحرمة على أقسام، فتوجد حرمة عقائدية وتوجد حرمة فقهية، وهذه نكتة مهمة يلزم الالتفات إليها، فهنا قسّم الفقهاء مسألة التنجيم فبعض الأقسام والصور في التنجيم حرمتها عقائدية يعني تترتب عليها آثار عقائدية، وبعضها حرمته فقهية تترتب عليه آثار فقهية، وهذه النكتة هي كلّ بيت القصيد، وطبعاً ذي المقدمة ليس بخطورة المقدّمة، فإنَّ المقدمة عظيمة شريفة جداً وأهم من مسألة التنجيم ولكن مسألة التنجيم أصبحت ذريعة للخوض في هذا المبحث الشريف، والذي لم يتقنه فسوف يتخبط، فإذا لم نراجع كتاب الطهارة وكتاب النجاسة وكلمات الأعلام في بحث الانسداد وغيره فسوف يحصل لدينا خلط.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo