< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/04/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: - المسألة السادسة من النوع الرابع ( السحر ) - المكاسب المحرمة.

هذه المسألة اللاحقة التي ذكرها الشيخ الأنصاري وهي مسألة التنجيم، وقبل أن ندخل فيها نلاحظ أن مسألة التنجيم كمسألة التصوير والتماثيل التي مرت، يعني جمة من الأحكام الفقهية تشريعها في الأصل وفي الأساس لبعد عقائدي، يعني جانب عقائدي، مثل الصلاة، فإنَّ الصلاة كعمل من الفرائض، أما وجوب الصلاة الكلي أو الاعتقاد بوجوب الصلاة ليس من الفروع وإنما هو من العقيدة وليس من الفروع، وهذا مرّ بنا سابقاً، وهو بحث حساس وهو تمييز الأصول عن الفروع، فهو من العقائد ومن ضروريات الدين، الذي من الفروع هو هذا العمل الخارجي للصلاة، أو قل مثلاً الوجوب الجزئي، أما الوجب الكلي للصلاة فهذه مباحث إذا لم يدقق فيها الانسان لا يستقيم البحث العلمي أصلاً، فوجوب الصلاة الكلي ليس من الفروع وإنما هو من العقائد، فالأصوليون أيضاً ذكروا أنَّ الموافقة الالتزامية سنخاً تختلف عن الموافقة العملية، الموافقة العملية أو المعصية العملية هي من الفروع أما الموافقة الالتزامية فهي من العقائد، وطبعاً الموافقة الالتزامية لها معنيين أو أكثر، فإنَّ الموافقة الالتزامي ذكر لها الفقهاء والأصوليون لها معاني أبرزها معنيين المعنى الأول المعنى العقائدي، المعنى العقائدي للموافقة الالتزامية ليس من الفروع وإنما هو من أصول الدين، يعني من العقائد من الدين، وهنا استعمال أصول الدين بمعنى العقائد، الضروريات سيما الضروريات البديهية جداً والبينة حكمها مثل حكم الأصول، لذلك يقولون إن أركان فروع الدين ولم يقولون فروع الدين، فيلزم أن يدقق الباحث في ذلك، فهم قالوا أركان فروع الدين فهي أركان لفروع الدين والأركان هي غير فروع الدين وإنما هي ركن لفروع الدين وهي من اصول الدين والعقائد، أصل وجوب الصلاة ركن أما هذه الصلاة الخارجية التي يأتي بها الانسان عملاً ليست من أركان الفروع وإنما هي فرع من الفروع، وقد خلط الوهابية أو غيرهم بين هذين المطلبين، وهذا خطأ، فإنَّ أركان الفرع شيء ونفس الفروع شيء آخر، المخالفة في الفروع توجب المعصية ولا توجب الكفر بخلاف العقيدة، فلذلك وجوب الحج ربما الآن يوجد فقير لا يستطع طول عمره الحج فلا يجب عليه الحج، ولكن الاعتقاد بالوجوب الكلي للحج لمن استطاع هو من العقائد ومن أركان الفروع، يعني التنظير الكلي كتنظير كلي، فتارة أنا لا أمارس النهي عن المعروف والنهي عن المنكر وكنت مقصراً في هذا الجانب ولكن لا أنكر وجوبة، أما أني تارة أنظّر وأقول الحريات التي يكفلها القانون الدولي تمنعني من أن أتدخّل في أمور وأن هذا ليس بواجب عليَّ بل هو غير جائز أنه فحتى باللسان لا أفعل ذلك، فتنظيراً عليَّ أن أنكرها كعنوان الليبرالية أو الحرية أو غير ذلك، فهذا الترك يسمونه إنكاراً للوجوب وهو أخطر من التقصير، ويوجد الكثير من المسلمين يقول أنا أصلّي ولكن لا يعتقد بالوجوب وإنما يصلي لأنه جوّ روحاني فيه زخم معنوي، فهذا نفس الشيء، فإنَّ هذا مخالفته للجهة العقائدية للصلاة أخطر من نفس مخالفته للصلاة، يعني الفاسق العملي في العمل أهون شراً من الفاسق عقيدةً، فإنَّ هذا فسق ومروق عقائدي لأنَّ الوجوب الكلي للصلاة أو الحج أو الصوم أو التولي أو التبري التي هي عشرة أصلاً لا يعتقد بالتبري، فهو لا يمارس التبري دعة لا يمارس التبري ولكنه ينكر أعداء الدين فيقول الدين ليس له اعداء وأهل البيت عليهم السلام ليس لهم أعداء فهذا إنكار، فأصل الانكار هذا بحث آخر، فيوجد تص في القرآن الكريم ( يؤذون الله ورسوله ) و( لعنهم الله ) وهلم جرا، و( قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى )، أما الذي يحاربهم ويعاديهم كيف يكون؟، فأصل وجوب التولي ووجوب التبري أمرٌ فأنا لا أمارسه في الخارج عصياناً أو تقية فهذا شيء آخر أما تنظيراً أقول لا توجد براءة ولا يوجد تولي فهذا أخطر وهو فسق عقائدي، الفسق العقائدي يرجع إلى إنكار الضرري، وهلم جرا في الصوم وفي الجهاد، كأن يقول لا يوجد جهاد في الاسلام حتى جهاد الدعوة الجهاد الابتدائي وطبعاً الجهاد الابتدائي الذي يصوره العامة وإنما الجهاد الابتدائي في مذهب أهل البيت عليه السلام يعني نصرة المستضعفين والمظلومين، ولو أنَّ هذه وظيفة المعصوم ولكنه يقول إنَّ هذا ليس بموجود، ولو أن الأمم المتحدة هي الآن رافعة راية لذلك فأيّ شعب مستضعف أو مظلوم لها حق التدخل أو أنه فقط الاسلام يتدخل ؟، فعلى أيَّ حال ما معنى الجهاد الابتدائي فهل هو أسلمة العقائد أو أسلمة الأنظمة كما هو الصحيح، وهذا قد ذكرناه في كتاب عدالة الصحابة، وليس لأجل فتاوى نظرية عند علماء الامامية وغنما لضروريات بديهية في كتاب الجهاد عند أئمة أهل البيت عليهم السلام تدل على أنَّ فلسفة الجهاد الابتدائي ليس اجبار العقائد وإنما إجبار اصلاح الانظمة وهذا بحث طويل يجدونه في كتاب عدالة الصحابة، فالمقصود أنا نذكر أن مسؤوليات الاسم ومن مسؤوليات الامام المعصوم أنه يملأها قسطاً وعدلاً، فلو قال شخص إنَّ الاسلام لا ينظر هذا الوجوب فهذا إنكار للوجوب وليس إنكاراً للفروع هو لا يسوغ، ولا يقبل حتى لو أتى بالصلاة والصوم والزكاة والخمس طيلة عمره ولكنه لا يعتقد وجوبها فهي لا تقبل منه فإنَّ العقيدة غير العمل، فإنه من دون صحة العقيدة لا يقبل العمل، لذلك أجمع الفقهاء كلهم على أنَّ الكافر لا تصح منه الصلاة لا أنها لا تقبل منه، الايمان كذلك شرط في صحة الأعمال، فالكافر لا تصح منه الصلاة لا أنها لا تقبل فقط وغنما لا تصح كذلك الايمان، فالإيمان له جنبة عقائدية، فإذا لم تكن تعتقد بوجوب الصلاة ولكنك تؤديها فهذا لا يكفي، وحينما لا تعتقد بوجوب الصوم ولكنك تصوم فالصوم اصلاً لا يصح منكن وهلم جرا، إذاً أركان الفروع هي عقائدية، ولكن الفروع هي فروع وجنبة عملية، فيجب أن لا نخلط بين الأمرين، وطبعاً هذا البحث ما هي صلته بالتنجيم والتصوير وغير ذلك؟ هو أنَّ بعض الأحكام الفقهية في الفروع، طبعاً وجوب الصلاة ليس حكماً فقهياً فرعياً وإنما الوجوب الجزئي للصلاة هو حكم فقهي فرعي، الصلاة اداؤها عملاً خارجاً هو حكم فقهي فرعي أما الوجوب الكلي فهو داخل في العقائد وليس داخلاً في الفقه، لذلك لاحظوا أنَّ الفقهاء في بداية الرسالة العملية يقولون ليس من صلاحيات المجتهد والفقيه أن يتكلم في الضروريات، لأنَّ الضروريات هي من العقائد وليست من الفتاوى وهي ليست مكاناً للتقليد، فهذه أمور يجب أن لا نخلط بيننها وتحتاج إلى ممارسة وذكرنا مراراً أن الفقهاء بحثوها ببحث ممزوج بحوث كلامية في مبحث الطهارة، فإنَّ من المطهرات الاسلام، فهناك بحثوه بحثاً مفصّلاً، وأيضاً بحثوه في النجاسات، فإنَّ الكفر سبب للنجاسة، فهم في كلا البابين بحثوا بحثاً مفصلاً فهم فرزوا وفصّلوا بهذه الحيثيات، وقد مرّ بنا أنَّ الشهيد الثاني في كتابه حقاق الايمان بلور هذا بشكل جيد، وكذلك المجلسي في البحار وغيرهما، فبعض الأحكام الفقهية مثل التنجيم ومثل حرمة التماثيل ومثل حرمة السحر وحرمة الشعبذة هذه صحيح انها أحكام فقهية ولكن بالدقة لها أساس عقائدي، يعني الشارع قام بتشريع هذه الأحكام كسياج وحصن للعقيدة كي لا يصيبها خلل أو تزلزل، هذا هو الربط بين علم الكلام والفقه، فجملة من الأحكام هي هكذا، فنفس الصلاة أنه لماذا شرع الشارع الصلاة كعمل؟ ذلك لأجل الجانب العقائدي، وهذا موجود في الروايات وهو أنك تظل معتقداً وخاضعاً قلباً وعقلاً وفكراً لله تعالى، فهي لذكر الله، ( وأقم الصلاة لذكري )، فهذا جانب عقائدي، فالعبادات طراً الجانب الفروعي منها - أي الجانب العملي منها - غايتها الجنة العقائدية، أما غير العبادات من أبواب الفروع، ولا نخلط بين الفروع في العبادات والعقائد في العبادات وقد مرّ بنا أنَّ الوجوب الكلي كمن العقاد وليس من الفروع، وهذا نوع من الصلة بين علم الكلام والعقيدة والفقه، فهذه أحد الصلات، كذلك الحال في حرمة السحر سيأتي فله بعد عقائدي، أصل الجانب العملي منها كتحريم له بعد عقائدي أو حرمة الشعبذة أو حتى تولي السلطان الجائر، فالدخول في النظام غير الشرعي إذا لم يكن بداعي التغلغل لنصرة مورع الايمان بل لإسعاف كيان الجور والطغيان هذه الدخول تحريمه له بعد عقائدي وليس فقط عملي فردي وهو أنك خرجت من ولاية ولي الله إلى ولاية عدوه، فنلاحظ إذاً جملة من الأحكام الفقهية لها بعد عقائدي وهي شرّعها اله تعالى كتعقيم وصيانة ومقدمة للحفاظ على جانب عقائدي.

ولماذا هذه المقدمة التوضيحية في بحث التنجيم؟

لأنَّ بحث التنجيم حرمته كما مرّ بنا الاشارة إليه أنَّ التنجيم كعمل فيه زوايا ومساحات منه حرام مسلّم، وفيه زوايا ومساحات حليته مسلّمة، وتوجد مساحات منه مختلف فيها بين الفقهاء وأنها هل هي حرام أو مكروه أو حلال، فإجمالاً التنجيم مساحات منه حلال بالاتفاق، ومساحات منه حرام بالاتفاق، ومساحات منه مختلف فيها، هذا التنجيم الذي فيه مساحات حرم بالاتفاق سنتعرض له، حرمة التنجيم في المساحات المتفق عليها لا في المساحات المختلف عليها، فإنَّ حرمة التنجيم في المساحات المختلف عليها هي ذات بعد عقائدي، فأصل حرمتها ذات بعد عقائدي، وباتفاق الفقهاء التحريم فيها بسبب البعد العقائدي، وهذه المساحة المتسالم عليها في حرمة التنجيم وأنها ذات بعد عقائدي هي ذات مراتب، مرتبة منها يوجب الكفر والخروج عن الاسلام، ومرتبة منها يوجب الخروج عن الايمان، ومرتبة منها لا يوجب الكفر الاصطلاحي - يعني الخروج عن الاسلام - ولا الخروج عن الايمان وإنما يوجب الفسق يعني الكفر الخفي، فهذه المساحة المتسالم عليها من حرمة التنجيم ثلاث مراتب، الساحر عقوبته وحدّه القتل ولماذا يقتل فهل هذا تأديباً وتعيراً أو لكونه كافراً لارتداده؟ إنه يوجد اختلاف في ذلك، وهذا سيأتي بحثه ولكن له شبه بالمقام من هذه الجهات كي يتضح البحث في المقام وهو أنَّ حرمة التنجيم ذات مراتب، فالساحر حدّه القتل فهل هذا لأجل كفره أ لفسقه، مثل الآن حد الزنا المحصن الحد ولكن ليس لأجل كون كافراً وإنما هو فسق عملي فهذا التل يون عقوبة له اما الساحر فهل هو هكذا؟، المرتد أيضاً يقتل لأجل الكفر أي جانب البعد، أما زنا المحصن قتله لأجل الفسق العملي، فالساحر هل عقوبته هي عقوبة تأديبية كالزنا أو هو كالكفر؟ إنه يوجد كلام في ذلك، وهل السحر مراتب أو لا؟ سيأتي بحث ذلك، والمهم أنَّ السحر ذو مراتب في الحرمة حسب كلمات الأعلام التي ستأتي، وهنا في التنجيم أيضاً توجد مراتب للحرمة.

ونذكر مثالاً آخر لأجل فرز الحيثيات والمراتب، فإنَّ البحث ليس بمرتبة واحدة وليس بصورة واحدة وإنما هو ذو أقسام، وقد اختلف الفقهاء في تفسير أنَّ سابّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو سابّ العترة عليهم السلام بما فيهم فاطمة عليها السلام وكذلك سبّ الله تعالى يقتل، فهل قتله لأجل أنه حدّ تأديبي فهو فسق كالزنا، أو قتله لأجل كفره؟ الفقهاء في ذلك، فلاحظ أن نفس السب هو ذو مراتب والبعض يخرّجه من باب الفسق والبعض يخرّجه من باب الكفر، والسيد الخوئي يقول إنه ليس من باب الكفر سيما الذي انزلق في عاداته السيئة أنه على لسانه يسبّ الله والرسول فقال السيد الخوئي إنَّ هذا ليس ارتداداً ولا كفر ولكن حكمه القتل من باب التأديب لا من باب الكفر، ولكن السيد الكلبايكاني يبني على أنه من باب الكفر، وإذا كان من باب الكفر تبين عنه زوجته ويصير مرتداً وتقسّم أمواله وغير ذلك، ولكن السيد الخوئي يقول إنه ليس من باب المرتد، فلاحظ أنَّ أحكام الحرمة في موارد ذات مراتب، فمرتبة الكفر ومرتبة الفسق العملي يلزم أن يلاحظها الباحث، والتنجيم تقريباً يوجد تسالم من الفقهاء في منطقة المساحة الحرمة من التنجيم أنه ذو مراتب ومرتبة منه كفر وخروج عن الاسلام ، وعلم الهيأة غير التنجيم، وإنما هو يعرف الدوائر وحركة الكواكب وقياس المسافات والطلوع والغروب وهلم جرا وهي أبواب متعددة، والشيخ البهائي عند كتاب تشريح الأفكار وهو بمثابة كتاب المعالم يعني يُدرَّس في مرحلة السطوح وأنا شخصياً درسته لا يستطيع أن يسيطر عليه أو يتذوّقه ويوجد كتاب آخر من علم الهيأة ايضاً درسناه مرتين وهو بمنزلة كتاب الكفاية، فعلى أية حال علم الهيأة يختلف عن علم التنجيم، فإذاً ما هو التنجيم ؟ علم الهيأة بالقياس إلى النجيم، مثل المنطق والفلسفة، ومثل الأصول والفقه، فعلم أصول الفقه غير الفقه، وإنما علم الفقه هو تطبيق لقواعد أصول الفقه، التطبيق إلمام بالمواد، فهذا هو علم الفقه وفرقه عن علم أصول الفقه، ومثل الفلسفة وفرقها عن علم المنطق، أو ما هو فرق علم الكلام عن علم المنطق، الفلسفة أو علم الكلام أو حتى العرفان فرقه عن المنطق هو أنَّ المنطق منهجية ولكن كتطبيق للمنهجية كمواد لنتائج تصير عرفان وكلام وهلم جرا، فإذاً يوجد فرق بين علم المنطق وعلم الفلسفة، هكذا بالدقة الفرق بين علم الهيأة وعلم التنجيم، علم الهيأة هو تنظيرات كلية ومعادلات رياضية هندسية للفضاء تحتاج إلى ممارسة أما علم التنجيم يذهب وتصنع جدولاً تسمى الزيجات، وفيه حسابات ونتائج، وطبعاً الآن بدأنا ندخل في علم التنجيم أو علم النجوم، علم النجوم فيه زيجات وجاول وأن تعرف أشكال مجموعات الكواكب، وهذا ليس من علم الهيأة وإن كان يتطرق إلى علم الهيأة، ولو أنَّ فيه طرفاً من علم الهيأة ولكن بالدّقة هو من علم النجوم، الجوزاء السرطان والجدي وغير ذلك وكم شكل عندنا من مجموعات النجوم التي هي المجرات التي نشاهدها، وطبعاً هم يقولون يوجد عندنا خمسين شكلاً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo