< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/04/03

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المسألة الرابعة من النوع الرابع ( تصوير ذوات الأرواح ) - المكاسب المحرمة.

كنا في أبواب أحكام المساكن في كتاب الصلاة ، وهذه الرواية معتبرة عندنا فإنَّ الأمر كما قال الشيخ البهائي في سهل، يعني وإن كان متساهل ولكن هو في نفسه ليس كذا، غاية الأمر إذا حصل مؤشر على خلل في السند أو طبقات صورة السند أو المتن فعلى الباحث أن يتثبتن واصل معنى الضعيف إذا قيل في راوي أنه ضعيف وجدنا شواهد كثيرة عند بن الغضائري أو عند النجاشي وإن شاء الله في الجزء الرابع من الرجال سوف نذكر شواهد كثيرة دالة على أنَّ الضعيف عند القدماء النجاشي والطوسي وغيرهما ليس بمعنى الكذوب، وهذا المطلب قد أشار إليه المحقق البحراني الشيخ سليمان بن أحمد المحروزي الذي يعبر عنه الوحيد البهبهاني بالمحقق في الرجال، لأنه هو الذي فتح باب الاجتهاد في الرجال بعدما أغلق في بعض الطرق، فهو أعاد فتح باب الاجتهاد في جملة من أبواب حساسة، فمن ثم لقب بالمحقق البحراني، وأصرّ على هذا المطلب أيضاً الوحيد البهبهاني أنَّ معنى الضعيف في اصطلاح القدماء هو هذا، وهو اصطلاح ليس بالسهل، وإنما هو خطير، وهو موجود في موارد كثيرة من الرواة، فمعنى الضعيف ليس الكذوب أو غير صادق اللهجة وإنما الضعيف يعني ليس ضبطٌ أو قل ثقةٌ في علمه ، وفرق بين أن يكون الشخص ليس ثقة في علمه وبين كونه ليس ثقة في لهجته ولسانه لأنه هنا صفة عملية، فالضعيف يرمى به الراوي الذي لا يمحّص مضامين الحديث، وهو الذي لا يكون عنده دقة نظر هذا هو المراد من الضعيف، وعلى ضوء هذا المبنى فالضعيف ليس فسقٌ كما يتخيل وإنما يقصد من الضعيف يعني ضعف علمي فيه، فهذه نكتة مهمة، وهذا أمر يجبر ، فإنه إذا كانت من جهة علمية يجبر فيلاحظ المتن فإن كان متشابهاً أو متطابقاً أو متشاهد مع متون روائية أخرى في هذه المسألة وفي هذا الباب فهذا قابل للجبر، يعني حتى عند السيد الخوئي وكلهم هو قابل للجبر، يعني حتى لو بنى السيد الخوئي أن الضعف ليس فسق عملي وإنما هو ضعفٌ علمي فبلا شك هو يقول بالجبر، لأنَّ أصالة الضبط أصل عقلائي تستعاض بقرائن أخرى، وهذه ثمرة مهمة رجالية عصماء مصيرية، وهي زلزال في علم الرجال أصرَّ عليها الوحيد البهبهاني في فوائده، أستاذ كاشف الغطاء والعلامة بحر العلوم وأستاذ الكثير من طبقات العلماء وحتى صاحب الجواهر وغيره، فلاحظ أنه اصطلاح واحد كم يؤثر على مسيرة علم الرجال، كلمة واحدة ، فالاصطلاح إذا حقق ودقق فيه كم له من ثمرات، دع عنك الآن مئات مئات الرواة أن تحيط بتراجمهم نفس هذه كلمة ضعيف ما هي بعض النظر القواعد الفقهية وغير ذلك وإنما هذه كلمة الضعيف واحدة ما هو معناها، ومادمنا نذكر فوائد رجالية لا بأس أن نذكر هذه النكتة وهي أن نفس النجاشي كي يفهم الباحث اصطلاحات النجاشي ومنهج النجاشي في رجال النجاشي مهم جداً ، مثلاً يقول ( ثقة ثقة ) فلماذا يقول هكذا فهل هذا تأكيد؟ في مورد معين لاحظنا انه يقصد من هذا أنه ثقة في لسانه وثقة في علمه وهو يصرح بذلك في موارد متعددة، فهنا نفهم اصطلاح ثقة ثقة عند النجاشي فالوثوق عند النجاشي شعبتين نفس مطالسة كتاب لكاتب من العلماء سوف يعرف اصطلاحاته سيما لعلم من العلوم، تفسير الأصول ومعرفة اصطلاحات العلم أو معرفة اصطلاحات نفس الكاتب ومنهجه أمر مهم، مثلاً محمد بن علي الصيرفي أبو سمينة لو راجع الباحث ترجمة النجاشي له افترض أنه يراه يطعن فيه، ولكن نفس النجاشي في موارد أخرى يجعله من شيوخ الاجازة الكبار، فكيف يصير هذا؟!! وقليلاً قليلاً التفتنا إلى أنَّ النجاشي له منهج خاص فليس مقصوده أنه يطرح هذا الراوي وإنما يبحث في زوايا في شخصية الراوي، وبعبارة أخرى وجدنا أنَّ النجاشي في عصره شبيه النجاشي في عصرنا وهو الأغا بزرك الطهراني، فأنت لا تستطيع أن تلم بالرأي المتكامل من كل الجهات بمراجعتك لترجمة الراوي عنده في موضع واحد فإنك لا تقف على مراده النهائي أو رأيه النهائي، بل راجع نفس هذا الراوي في موارد أخرى تجد أنَّ النجاشي يجعله في مكان آخر، فنفس فهم اصطلاح النجاشي مهم جداً وفعم منهجه حتى نعرف ما يقول، ونأتي لكم بمثال آخر وهو أن النجاشي في محمد بن جعفر بن المؤدب بن بطة القمي في ترجمة النجاشي يأخذ ويعطي وأنت سوف لا تعرف أنه يريد أن يوثقه أو يطعن فيه أو ماذا يفعل، وحتى السيد الخوئي تردد فيما يريد النجاشي وما تأثير ابن بطة؟ ابن بطة عشرات الطرق للكتب إلى الشيخ الطوسي يقع في طريقها والسيد الخوئي ضعّف طرق تلك الكتب بسبب ابن بطة يعني مئات من روايات تلك الكتب لا يعتمد عليها السيد الخوئي بسبب ابن بطة، محمد بن جعفر المؤدب الأديب ابن بطة كبير المنزلة وافر العلم والفضيلة والنجاشي من جهة يرفعه ومن جهة أخرى يحط منه، مع أن حطه منه ليس طعناً كما بنى عليه السيد الخوئي، ولكن في ترجمة أخرى وف بحث آخر النجاشي يجعل ابن بطة نظير محمد بن همام ونظير زعماء قم الكبار، يعني النجاشي يعترف أن ابن بطة من الزعماء العلميين الدينيين في قم، فهو يجعله في مصاف رؤساء كبار، ومقصودي أني لا أريد الدخول في خصوص ابن بطة وإن كان ذلك مهم جداً، فهو يدخل في طرق عدة من الكتب التي وصلت إلى الشيخ الطوسي وفيها مئات الروايات وكل هذه الكتب ضعفها السيد الخوئي، وهذا بحث خطر ، وهذه سمونها محطات رجالية خطرة اصطلاح الضعيف اصطلاح النجاشي ما هو صحيح أنه اصطلاح ولكنه يثمر المئات من الروايات انت تصحها أو تضعفها.، فلذلك الأمر ليس بهيّن وإنما هو مهم، وأيضاً نذكر مثال آخر ومحطات أخرى في علم الرجال وذه لا هي قواعد ولا هي قواعد فردية وإنما هي محطات برزخية بين القواعد الرجالية وبين يوميات آحاد مفردات الرواة، ولكن هذه المحطات خطرة مثل محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أبو المفضّل الشيباني، فهو يقع في طرق الشيخ الطوسي لعشرات الكتب، وقد بنى السيد الخوئي على ضعفه وبالتالي ضعف الكتاب التي يقع في سندها، مع أنَّ هذا المبنى مخدوش من جهات، ولكن نحن نبيّن الخلل الرجالي من هذه الجهة الذي يمكن أن يؤاخذ عليه السيد الخوئي، وهو من جهة تمحيص هذه الشخصية. هذه فائدة رجالية

ومثل سهل بن زياد، فالتفتوا إلى أنَّ تمحيص كلمة ( ضعيف ) والتدقيق والتمحيص فيها المئات من الرواة ينجون من مقصلة الإعدام، والمقصود ليس الرواة وإنما الروايات.

عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( قال أمير المؤمنين بعثني رسول الله في هدم القبور وكسر الصور )[1] ، وهذه الرواية سبق وأن مرت الاشارة فيها إلى أنَّ هذه الرواية وردت حتى عند العامة وبعضها الموجود فيها هو تعبير ( بعثني إلى المدينة المنورة ..... كذا )، ولها طرق متعددة عندنا وعندهم، والوهابية تمسكوا بها على أنَّ القبور تهدم ولا تعمّر تمسكاً بمثل هذه الرواية، وعندنا نواهٍ نبوية أخرى عن تعمير القبور وغير ذلك والصور، وأصل هذه القضية صحيحة ولكن معناها ما هو؟ أصلها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم في بداية الاسلام آباء المسلمين في الصدر الأول كفار مشركون فتعمير قبورهم يعني تعمير الملل والنحل الأخرى وزيارة هذه القبور، كذلك فالنبي صلى الله عليه وآله نهى عن تعمير قبورهم، أي قبور المشركين والوثنيين، ونهى عن زيارة قبور المشركين والوثنيين، حتى أنَّ المسلمين قالوا:- يا رسول الله أنت نهيتنا عن أن نزور القبور كيف تزور قبر والدتك آمنة فحينئذٍ بيّن لهم أن امي آمنة أحياها الله عزّ وجل وآمنت بي ثم رجعت كذلك أبي وعمّي جدّي، وهذه روايات موجودة عندنا وعندهم، وهذا البيان من النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وإلا فآمنة هي من الأصفياء وإنما لكي يفهم النبي استثناء هؤلاء فإنَّ هؤلاء مؤمنين وأصفياء مغمورين ولكن في الظاهر كأنما هم مشركون عند الناس، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كي يبيّن لهم أنهم آمنوا به ذكر هذا، وهذا واجب وفريضة على آمنة وعلى عبد الله وعلى عبد المطلب أن يجددوا الاقرار بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع أنهم مصطفين، كل الأنبياء في المعراج جددوا الاقرار بالنبي صلى الله عليه وآله وفي عروج النبي صلى الله عليه وآله، ولا نريد الدخول في هذه التفاصيل كثيراً، فالمقصود أنَّ تفسير لماذا آباء النبي أحياهم الله عزّ وجل أو عم النبي أبو طالب أحيي وجدد العهد بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم فهو بهذا المعنى، لا أنهم لم يكونوا مسلمين.

فإذاً نهي النبي عن زيارة القبور في صدر الاسلام أو تعميرها لأنها قبور مشركين وثنين لا يعمرون ولا يزارون، مثل لا تقف على قبره ابداً، فالمشرك لا تقف على قبره فإن هذا لا يجوز لذلك أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال في أواخر أو في النصف الثاني من المدينة المنورة من عهد الاسلام ( ألا أني نهيتكم عن القبور أن تزوروها ألا فزوروها ) لأنها استجدت بعد ذلك كلها قبور مسلمين وشهداء، فبالتالي مصنع الموت كمصنع الحياة، يعني ثلاثة وعشرين سنة أو خمسة عشر سنة أو ثمانية عشر سنة من الاسلام وكلسنة فيها أموات فصارت مقابر للمسلمين وليست مقابر للمشركين وقد علل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنها تذكر للآخر أو أنها تذكر بالموت، فواضح أنَّ نهيه عن زيارتها أو تعميرها بلحاظ كونها قبور مشركين وهي لا تعمّر ولا تزار، بينما قبور المسلمين تزار وتجدد وتعمّر، فأقصد أنَّ هذا اشتباه في فهم النص النبوي عند العامة، وطبعاً ليس كلهم وإنما عند السلفية أو الوهابية وإلا الكثير من الشافعية او المالكية او الحنبلية او حتى الحنفية الذين عندهم نوع من التصوف العرفان التفتوا إلى هذه المسألة بسبب ربكات اهل البيت عليهم السلام وحتى أنهم التفتوا إلى روايات دليهم قريبة على هذا المعنى.

وطبعاً هذا الحديث الشريف ومثاله هو الذي سبب أنَّ جملة من الأعلام منهم السيد الخميني حتى السيد اليزدي مال إلى تقوية ذلك أن التحريم الوارد في التماثيل الصور هو بلحاظ الاصنام والوثنية، ولكن كما مر بنا أنه نعم أن أحد المناشئ هو هذا ولكنه ليس هو المنشأ الوحيد، وإنما الصحيح هو أنَّ النهي هو أنه تشبّه بفعل الخالق أيضاً.

الرواية الثامنة:- وهي موثقة السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام، فلاحظ البيئة التاريخية يقولون كما أن للآية سبب نزول، وسبب النزول مؤثر في ظهور ومفاد الآية الكريمة كذلك الحال في سبب صدور الرواية، فسبب صدور الرواية جملة من الأعلام يشبهونه بسبب نزول الآية، يعني هذه قرينة حالية محتفة بمفاد الرواية يجب الالتفات إلى معناه، وهذه نكتة يلزم الالتفات إليها وهي القرائن المحتفة بالرواية كالقرائن الحالية لمفاد الرواية واتفاقا هناك دأب كثير من أئمة أهل البيت عليهم السلام حول القرائن التي هي سبب صدور الرواية ، مثلاً يقولون ( لأنَّ كذا وكذا ) فتصير قرينة حالية لمفاد الرواية، وهو أمر مهم جداً، ولذلك يعبّر عن هذا المطلب بالدراسة التاريخية للظرف التاريخي لصدور الرواية، ولا نريد أن نقول إنَّ الأحكام تاريخانية كما يقول الحداثويين العلمانيين، ولكن بلا شك أنَّ البيئة التاريخية وغيرها مثل سبب صدور الرواية يجب أن يلتفت إليه الباحث، وهذا الجانب كان يعتني به السيد البروجردي كثيراً، وهو انصافاً مؤثر في الاستنباط الاستظهار.

الرواية التاسعة: - موثقة السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام: - ( قال أمير المؤمنين عليه السلام:- بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة فقال لا تدع صورة إلا محوتها )[2] فهي صور الأوثان، ويمكن أن يصير أعم حتى الصور التي يه غير أوثان وإنما تذكر بالوثنية والجن.

ومن باب الشي بالشيء يذكر:- أنه توجد عندنا روايات عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت أنَّ كل أصنام الذين كانت يعبدها الوثنيين والتي لا زالت في أماكن أخرى الوثن عندما يأتي هؤلاء العابدون لذلك الوثن فذلك الصنم أو الوثن يكون مثل المكان والمطار والمهبط للجن لإبليس والأبالسة، حتى أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يكتفِ بكسر الأصنام التي كان يعبدها قريش وإنما امر علياً عدة مرات في عدة مواضع خطرة في مكة والمدينة المنورة بأن يذهب إلى قتل الأبالسة الذين كانوا يديرون محطة ذلك الوثن، وفاطمة عليه السلام البضعة الطاهرة في خطبتها تشير إلى هذا المطلب، وكذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم يشير إلى ذلك وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام في جملة من الأحاديث يشير إلى ذلك، أصلاً الوثنية عبارة عن عبدة الشياطين والجن من حيث لا يشعر الوثنيين لذلك توجد آية قرآنية تبين هذه الحقيقة وهي أنَّ كل المشركين هم يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون، وهذا مطلب مؤثر في بحثنا كقرينة حالية، مثلاً في الروايات الأمم السابقة ولا زالت المذاهب الوثنية ومدارسهم على مدار سنين يقولن نحن لا نرتبط بالجن وإنما نرتبط بالملائكة الموكلين الكبار ملك الرياح وملك المطر وملك الولادة فصل الفكرة نبوية صحيحة فكل هذه الأقسام موكل بها ملك كبير وتحته ملائكة، فهم يمارسون طقوساً معينة روم أن يرتبطوا بذلك الملك ويسمونه إلهاً، المشركون ليسوا ملحدون وغنما يؤمنون بالله وإنما يقولون هذه الآلهة تقربنا إلى الله زلفى ولكن من حيث لم يأذن الله عزّ وجل، والقرآن يذكر ذلك - فهناك فرق بين المشرك والملحد - فهم يمارسون طقوساً معينة ليرتبطوا بملك المطر أو ملك البحر وملك النهر ومن هذا القبيل، يعني توجد غيبية غير مرئية مرتبطة بالطبائع المختلفة في حياتنا، وهذا صحيح وليس خطأ ولكن لماذا يخطئهم القرآن الكريم؟ يقول أنتم ارتباطكم من حيث لا تشعرون ليس بالملائكة وإنما ارتباطكم بالأبالسة وهم يدلسون عليكم هذا الأمر فلذلك يخاطب الله عزّ وجل الملائكة يوم القيامة ( أهؤلاء إياكم يعبدون قاولوا سبحانك أنت ولينا من دونهم وإن كنا عن عبادتهم لغافلون بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم يؤمنون )، فهي عبادة الجن وعبادة الشياطين، وكل هذه الفائدة الكلامية في الملل والنحل تنفعنا في البحث أن من أحد حكم النهي عن التصوير والصور أنه مأوى الشياطين والأبالسة فهو مغناطيس خاص فنفس الصورة المجسمة هي مغناطيس خاص لورود الشياطين والجن، فهي بيئة خصبة لهم تجذبهم أما أنه ما هو الترابط الفيزيائي فهذا بحث آخر، فالروايات حينما تنهى وحتى هذه الرواية حيث أمره بمحو كل صورة ليس من البعيد حتى التماثيل التي لا تعبد في المدينة لأن النبي يريدها بيئة هبوط الوحي والملائكة وهذه الأشياء تمانع بهذا اللحاظ، وهذا ليس ببعيد وليست خاصة الأصنام وإنما حتى غير الأصنام، فأصل الرواية ليس خاصة بالأصنام، وتوجد رواية في الكافي في الجزء الأول تبين نفس النكتة وهي أنه تأخر الوحي على النبي صلى الله عليه وآله في عدة أيام فشكى الصحابة فقالوا يا رسول الله لماذا تأخر الوحي، فقال:- لماذا لا يتأخر عني الوحي وأنتم لا تغسلون براجمكم، يعني أبدانكم واصابعكم فيها نتن، فالبراجم هي ما بين الأصابع فإنَّ فيها نتن، فهذا النتن يمانع نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وآله، فلاحظ كم هي البيئة الاجتماعية مؤثرة، هذه قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مؤثر، فإذاً قضية التصوير والصور مؤثرة، ( قال:- بعثني رسول الله إلى المدينة فقال لا تدع صورة إلا محوتها ولا قبراً إلا سويته ولا كلباً إلا قتلته )[3] ، فهذه لها فلسفة تشريع، ونحن لماذا نتكلم عن فلسفة التشريع وكل ما ذكرناه من شواهد اسباب نزول الروايات يقول شخص ما هو ربطها بالبحث الفقهي فإن هذا ليس بحثاً فقهيا فإن بعض معاصري السيد البروجردي سجلوا مؤاخذة علمية على السيد البروجردي، وهي أنه يبحث لنا في قرائن وشواهد ليس صناعة فقهية ولا أصولية، ولذلك قيل عنه أنه ليس صناعياً ولكن هذه المؤاخذة على السيد البروجردي من هذه الزاوية ليست في محلها، لأنه حينما يجمع هذه القرائن وفلسفة التشريع هي عبارة عن أسباب نزول مثل أسباب نزول الآية الكريمة فعليك أن تحيط بالبيئة وفلسفة التشريع حتى لا تقول هي منصرفة، مثل الرأي الذي ذهب إله السيد اليزدي أو جزم به السيد الخوئي من أنَّ أصل النهي عن الصور هو للأصنام أيام المشركين، نعم الآن في الهند فهذا يشمله، أما عندنا فلا يوجد عندنا ادمان وعدوى لعبادة الأوثان فهذا النهي ليس بوارد في حقنا وإنما هو منصرف، ومن أين منشأ الانصراف؟ البحث عن أسباب النزول أو أسباب الصدور، فهذه القرائن صحيح أنها ليست قالب قاعدة وصناعة ولكنها مؤثرة على دعوى العموم أو دعوى الانصراف أو دعوى ملاك الحكم، لأنَّ ملاك الحكم مؤثر وهو ما يعبر عنه الأصوليون بمناسبات الحكم والموضوع، فهذه القرائن صحيح أنها ليست ضابطة قواعدية ولكنها قرائن حالية مؤثرة، وهذا قد ذكرناه في العام الماضي أو ذكرناه في باب الصلاة، حيث ذكرنا أنَّ حكمة التشريع وإن كانت ليست قالباً صناعياً يعوّل عليه في المعادلة الفقهية إلا أنَّ من أحد فوائد التعرف على علل وحكم التشريع أن يعرف أنَّ هذا العموم منصرف أو غير منصرف، مثلاً قرينة استعمالية مجازية في البين او ليس هناك استعمال حقيقي وليس مجازي مثلا ًأو غير ذلك، لذلك أنت الآن افترض أنَّ السيد الخوئي من أول فقهه إلى آخره قليلاً ما يأتي بأسباب الصدور، ولكن حينما يصير البحث قرآنيا تراه يدخل في هذا البحث، أما إذا كان البحث روائياً فقليلاً ما يأتي به، عكس السيد البروجردي وتلاميذه فإنَّ كتبهم الفقهية الاستدلالية هي كتاب فقهي أو مثلاً أو كتاب ثقافي أو كتاب تاريخي، فهم يركزون على هذه الناحية، وأنا لا أقول إنَّ هذه الناحية هي ميزان صناعي، ولكنها نكتة مهمة، فإنَّ أسباب النزول أو أسباب الصدور هي قرائن حالية تؤثر في الظهور. هذه لفتة إلى منهجة السيد البروجردي في الفقه، وهي نكتة لا بأس بها وقد استعنا بها في المقام.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo