< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/03/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : المسألة الرابعة من النوع الرابع ( تصوير ذوات الأرواح ) - المكاسب المحرمة

مسألة تصوير ذوات الأرواح أو المجسمات:- بعض من المعاصرين كالسيد الخميني أنه لا يذهب إلى حرمة التصوير ولا المجسمات لذوات الأرواح ويحمل الأدلة على أنَّ تحريمها محمول على الصدر الأول في الاسلام حيث كانت الوثنية متغلغلة، وتعلمون أنَّ قلع الماضي من الأفكار ومن القلوب ومن العادات، يعني سواء كان عقائدياً أو اخلاقياً إذا كان المجتمع مدمن فقلعه ليس بسهولة فهو يحمل هذه النواهي على ذلك، وهذا الكلام أيضاً احتمله بعض الأعلام قبل السيد الخميني وذكروه ولكنه خلاف المشهور شهرة عظيمة حمل هذا التحريم في الصدر الأول لقرب العهد وهذا التحريم نوع معالجة تربوية تشريعية دينية للانقطاع عن الماضي المريض من عبادة الأوثان، أما بعد تعافي الاسلام فلا، وعلى كلام السيد يكون التحريم لازال موجوداً في الهند الآن، لأنَّ ذلك الماضي المريض لا يزال متغلغلاً عندهم، وكذلك في أمريكا الجنوبية وأميركا الشمالية بالنسبة إلى السكان الأصليين أي الهنود حسب التقارير المنتشرة لا زالت الوثنية موجودة عندهم أو في بعض بلدان افريقيا، فإذاً عنده الحكم بلحاظ الأقوام الوثنين إذا أسلموا لكي يتعافوا عن ذلك المرض القديم وهلم جرا، فحكمة أو علة الحكم تدور هذا المدار، هذا قول.

ولكن هذا القول لا نعتمده كما يتبين من الأدلة، لاحظوا أنه بغض النظر عن هذا وقبل أن نستمر ونقرأ الروايات في الأبواب أن استعراض فتاوى الأعلام المختلفة بعد الوقوف عند كل قول وتمعن النظر والمعنى فيه هو بمثابة فذلكة استظهار الآن هل صحيحة أو غير صحيحة أو بعض زواياها صحيحة أو بعض زواياها خاطئة أياً ما كان أهمية الأقوال وتتبعها التدبر في الأقوال أهميته تكمن في هذا الجانب وهو جانب أنها بمثابة استظهارات ونوع من الاستنباطات من هذه الروايات، فأهمية الأقوال تكمن في هذا الجانب بغض النظر عن كونها صحيحة أو ليست بصحيحة ولكنها نوع من تحريك الذهن وانه كيف يستظهر من لسان الأدلة، وهذه نكتة مهمة في التدقيق في جرد قائمة الأقوال.

ولا بأس أن نذكر بعض الجهات حتى حينما نخوض في الروايات نكون على ذكر منها: -

المشهور كما حرموا مطلق المجسمات ذوات الأرواح والتصوير ومر أنه يوجد فرق فإن التصوير يعني النقش على السطح إما سطح الثوب أو سطح الجدار أو سطح الخبة فالتصوير هو نقش على سطح، وهناك تصوير يطلق أيضاً على التجسيم، فهذا تصوير ايضاً ولكنه تصوير مجسمات، وسيأتي لغةً هل هو شامل لكيهما كما هو الصحيح أو دعوى أنه خاص بالنقش دون التجسيم، وهذه جهة يلزم أن نلتفت إليها في البحث، لأنه دائماً قبل ان تذهب غلى الروايات فائدة استعراض الأقوال هو أنك تعرف الجهات في المسألة ماهي وما هي زوايا النزاع في المسألة وكيفية النتائج وقالبها عند الأعلام ما هو، فأنت ترى أن هناك صراع في القوال العلمية ونزاعات وحينما تذهب إلى الرواية تكون مستيقظاً ومتنبهاً أنَّ مواد العلاج مع أي طرف وكيف الروايات تعالج بميزان، هذه منهجية وثمرة مراجعة الأقوال بتدبر بتمعن قبل الرجوع إلى الروايات، وطبعاً هذه المراجعة فيها آفات فالبعض يرجح مراجعة الروايات أولاً قم مراجعة الأقوال، وبالعض يرى مراجعة الأقوال ثم مراجعة الروايات، والصحيح والأفضل أن يجري كلا العمليتين ، يعني أولاً ننظر نظرة بدوية عفوية إلى الروايات لأنها قد تكن الأقوال هي نوع من التلوين لصفحة الذهن وأنت حينما تواجه الرواية من دون تلوين قد تستظهر نكات خفيت على كثيرين، لأن العفوية في استرسال الذهن تنطبع عندك تبادرات جديدة قد لم يلتفت إليها السابقون، لذلك مراجعة الروايات أولاً له هذه الخاصية، ثم يراجع الأقوال بدقة ثم يعاود الرجوع إلى الروايات، لأن النزاعات بين الأقوال توجب يقظة عند الانسان في التركيز والتحليق والحذلقة في نكات الدلالات للروايات، وهذه منهجية يجب أن لا ننساها.

نعم توجد جهة أخرى نذكرها في الأقوال:- وهي أنَّ مشهور القدماء، ومراراً مرّ بنا التنبيه على هذا المطلب وهو أنَّ الانسان حينما يطلق المشهور في علم افلقه اصطلاحاً يعني كل طبقات الفقهاء، أما أن يقول مشهور المعاصرين فهذا شيء آخر، أو يقول مشهرو المتأخرين فهذا شيء آخر أيضاً، أو يقول مشهور متأخري المتأخرين فهذا شيء آخر، لأن الفقهاء طبقات فإذا كان مقصوده أنه مشهور في طبقة دون طبقة أخرى يجب أن يفصح عن اصطلاحه، ولا يقول المشهور، فإنَّ المشهور بقول مطلق يعني جميع طبقات الفقهاء، ولو قال إني اقصد المعاصرين فنقول له عليك أن تقيد كلامك فلماذا توجب تغريراً فكرياً، فإنَّ هذا خطر، بل يجب أن تقول مشهور المعاصرين الأحياء مثلاً، ومعنى المعاصرين يعني قرناً كاملاً، فهذه الأمور يلزم على الباحث أن يتقيد في التعبير العلمي فيها، وإلا فسوف ينخدع ويُغَش علمياً، فيجب على الانسان أن يدقق في التعبير، لأنك تستعرض شبيه الانتخابات أكثرية أقوال الفقهاء كيف هي فإنَّ طابع المشهور له خاصية صناعية وله مؤدى علمي معين، فيلزم الالتفات إلى ذلك، وقد ذكرت لكم في الاتمام عند الكاظم والعسكريين والرضا عليهم السلام لم يلتزم به الوحيد البهبهاني وصاحب الرياض، فيقول صحيح أنَّ صحيحة علي بن مهزيار دالة عليه ولكن المشهور لم يقل بذلك، والحال أنه لم يطّلع من القدماء إلا على اثنين هما علي بن بابويه والسيد المرتضى أو ابن الجنيد، بينما من القدماء كثر من التزم بهذا، فعدم الاطلاع يجعل عنده هاجساً يحجب مثلاً فيظن أن ابن بابويه والسيد المرتضى شواذ، فالمهم أنَّ قضية سبر الأقوال هذه قضية يجب أن يراعيها الانسان ولا يتهاون فيها، فكل من هؤلاء الأعلام طود من الجهد العلمي يجب أن يراعى ويلتفت إليه.

مثلاً الآن الاتمام في كربلاء يقول إنه عند المشهور هو اثنا عشر قدم أو عشرين ذراعاً، ولو قلت ماذا تقصد من المشهور فهل هذا هو مشهور طبقات الشيعة؟ كلا ليس هو مشهور طبقات الشيعة وإنما مشهور طبقات الشيعة إلى ما بعد ذلك وإنما كل كربلاء، كذلك النجف الأشرف عند مشهور القدماء زيادة على الاتمام في كذا وكذا الشيخ الطوسي بجزم عنده تخيير للمسافر في كلّ النجف مع أنه لا يلتزم بذلك في الكاظمية وسامراء والامام الرضا عليه السلام ولكن في النجف يحكم بذلك، وكذلك البقية كالشيخ المفيد وفي كتاب آخر لابن قولويه يحكمون بالتخيير في كل النجف، فالمقصود أنَّ هذه الخصوصيات يجب أن يلتفت إليها لأنها عامل نفسي شئت أم أبيت، وهي عامل فكري مؤثر شئت أم أبيت، فسبر الأقوال نكتة مهمة، فلا نفرّط في سبر الأقوال.

وهناك جهة أخرى عند مشهور القدماء: - وهي أنه عندهم أن اقتناء المجسمة حرام ابقاؤها حرام، بينما المتأخرين عندهم مكروه، وسبب الكراهة هل ذكر في الروايات أو لا وهذه نكتة مهمة.

وتوجد نكتة لطيفة: - وهي أنَّ الأحكام المرتبطة بالكراهة وبالاقتناء متشاهدة مع حرمة التصوير من جهة دائرة الموضوع يلزم الالتفات إليها، وهذه جهة أخرى يلزم أن نراعيها.

وهناك جهات أخرى سنذكرها في طي البحث ونبدأ بقراءة الروايات.

ولا يخفى أنه من الأحكام أنَّ الغرفة التي فيها تصاوير حتى الصور الفوتوغرافية لذي روح سيأتي أنه مكروه الصلاة فيها، وأشد كراهة إذا كانت أمام المصلي وتقل الكراهة إذا ازلت العينين، وسيأتي هذا البحث كله، وقد علل في الروايات أنه ليس بسبب ما يدعيه بعض الأعلام مثل السيد الخميني وهي الوثنية وإنما بسبب الشياطين والجن، وسيأتي ( نحن معاشر الملائكة لا ندخل بيتاً ..... )، وفي بعض الروايات الوارد ( حجرة )، وفي بعضها الوارد ( داراً )، فحتى الدار كل الدار مع أنَّ التصوير موجود في غرفة منها يؤثر على كل الدار ويؤثر أكثر على الغرفة التي فيها يعني درجات من الكراهة، فعلى كلٍّ هذه أحكام أخرى في الصلاة، وحتى في الاستعمال ليس في الصلاة فقطن فحتى البيت الذي فيه كذا لا ندخل فيه نحن معاشر الملائكة، والبيت الذي لا تدخله الملائكة سوف تقل البركة فيه ويزيد فيه البلاء وغير ذلك، فهذه أحكام موجودة سواء كان في الصلاة أو في غير الصلاة كاقتنائها أو غير ذلك، فإذاً هذه جملة من الأحكام في هذا البحث وليس فقط حرمة التصوير ولكنها متشاهدة لبعضا البعض.

والآن دعونا نقرأ روايات الباب الأصلي وبعض اثاراتها، ولو أني أحبذ أن نقرأ الأبواب المكروهة قبل الباب الأصلي، وما هو ربطها بالبحث فإنها احكام اخرى لفعال أخرى ظ إنها متشاهدة قرينة على بحثنا في التصوير لذا الأفضال أن نبدأ بأبواب المكروهات: -

في كتاب الصلاة أبواب مكان المصلي الباب الثاني والثلاثون، عنوان الباب ( باب كراهة استقبال المصلي التماثيل )،وهذا ليس التصوير ولكن لماذا أعطى هذا العنوان أولاً؟ لأنها قرائن على الروايات الواردة في حرمة التصوير، الموضوع هو التصوري والتماثيل ما هو، وطبعاً في سورة الانبياء الآية 52 خطاب النبي أبراهيم عليه السلام لقومه ( ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ) فالتماثيل أطلقها على المجسّمات يعني الأصنام، فصاحب الوسائل قال:- ( باب كراهة استقبال المصلي التماثيل والصور إلا أن تغطى أو تغير )[1] ، ولماذا نقرأ باب الكراهة؟ لأن باب الكراهة فيها قرائن على تحديد موضوع التصوير في الحكم الالزامي، هذا تشاهد الأبواب في قرائن الموضوع، مع أنها أحكام مختلفة ومسائل مختلفة ولن بينها تناسق والأعلام قد الفتوا إلى ذلك، أيضاً في هذه الروايات سيأتي ما يدفع السيد الخميني وقبله من الأحكام الذين قالوا باحتمال حمة التصوير لأجل الوثنية والحال أنه لا ربط له بالوثنية وإنما لجهات أخرى، نعم أحد حِكَمها الوثنية ولكنها ليست مختصة بالوثنية، أصلاً التصوير هو مأوى الشياطين والجن، تذهب البركة وغير ذلك حتى أن تسبب تشويش المصلي رادار الأمواج فلا تنزل عليه الرحمة لأن الرحمة بتوسط الملائكة والملائكة تنفر نفوراً كما تنفر من البيت الذي فيه الكلب، فلاحظ أنَّ هذا حكم مكروه ثم ماذا؟ الآن أزمة يعاني منها الغرب بسبب اقتناءهم الكلب في البيت، فهذا الكلب يسبب أمراض روحية وظلمة روحية، فهل عبثاً أنه يرد إنا معاشر الملاكة لا ندخل بيتاً فيه كلب ولا بول ولا تصوير صور أو تمثيل، فهذا يؤثر حتى على الجانب الروحي في الانسان، ( حسبوا أن لن تكون فتنة فعموا وصمّوا ثم عموا وصموا )، منذ سنة ألفين ميلادية أعلنت الأمم المتحدة إلى الآن فلسفة تشريع الأحكام، فلاحظ كيف تشريعات الاسلام أبدية خالدة معجزة، نعم عندهم أرق روحي والعياذ بالله يتخلون من الأسرة الانانية ويلتصقون بالأسرة الحيوانية مع الكلب، فالبشر يريد أن يعاند تشريع الله تعالى، فيفتح عليهم اكتئاب والانهيار والانتحار وهلم جرا، فعلى أيَّ حال ذكر صاحب الوسائل ( باب كراهة استقبال المصلي التماثيل والصور إلا ان تغطى أو تغير أو تكون بعينٍ واحدة وجواز كونها خلفه وإلى جانبه وتحت رجليه )، هذا الجواز هو تقليل الكراهة لا رفع الكراهة، وحتى قلع العيني أقل كرامة من قلع عين واحدة، قلع عين واحدة أشد كراهة أو جود عينين، فهذه العينين ما هو دورهما فهما مغناطيس في جذب الجن، ففي عالم السحر وعالم الشعبذة وعالم الشياطين هذا له ربط وثيق جداً لا نريد الدخول فيه، من أحد طرق الارتباط الكهانة والشيطنة والشعبذة تركيز الانسان الناظر لاحي بعيني الصورة وهذا أحد الطرق، فهذا الباب فيه روايات:-

الرواية الأولى: - صحيحة محمد بن مسلم قال: - ( قلت لأبي جعفر عليه السلام:- أصلي والتماثيل قدامي وأنا أنظر إليها، قال:- لا اطرح عليها ثباً ولا بأس بها إن كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك وإن كانت في القبلة فالق عليها ثوباً وصلِّ )[2] ، وسيأتي أنَّ هذا تخفيف للكراهة لا رفع لأصل الكراهة، سواء الكراهة بلحاظ الصلاة أو الكراهة بلحاظ المسكن، فهذا تخفيف بقرينة ما سيأتي من روايات، وهنا حتى لأجل تعبير ( لا بأس ) يعني وضعي فهي لا تبطل الصلاة.

الرواية الثانية: - صحيحة الحلبي، والمقصود أننا نلتفت إل الاستعمالات، لأن همنا الآن هو الالتفات إلى استعمال عنوان التماثيل وعنوان الصور، وجهة الحكمة في الأحكام فيها حتى تكون قرينة على الباب الأصلي الذي سنذهب إليه وهو ابواب التجارة، ( قال:- قال أبو عبد الله عليه السلام:- ربما قمت فأصلي وبين يدي الوسادة فيها تماثيل طير )، فلاحظ هنا أنَّ المراد من التماثيل هنا ليس المراد بها المجسّمة وإنما تستعمل التماثيل في نفس السطح كالثوب، وهذا الذي ذكره الشيخ جواد التبريزي والسيد الروحاني أنه حتى الروايات في أبواب أخرى أو الضعيفة تعطيك المعنى الاستعمالي في الروايات، ( ربما قمت فأصلي وبين يدي الوسادة فيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوباً )[3] ، وهذه الرواية تبين أيضاً أنَّ اقتناء التماثيل كصور ليس محرماً، وإلا كيف يرتكبه الامام عليه السلام، وهذه الرواية صحيحة السند، فاقتناء التماثيل كصور - كسطحٍ - لا حرمة فيه، أما المجسمات فهذا بحث آخر، وهذا نص في ذلك، خلافاً لدعوى القدماء في الحرمة، لأنَّ الامام عليه السلام هنا فعل ذلك، ولكن كيف ارتكب الامام عليه السلام هذه الكراهة فهذا بحث آخر فإنه لحِكَمٍ طبعاً، ولكنه بالتالي ليس بحرام، وحتى الرواية الأولى وهي صحيحة محمد بن مسلم ولو أنها لمحمد بن مسلم ولكن الامام لم ينهه عن اقتناء التماثيل، فإذاً بيعها شراؤها لا بأس به، وسيأتي بحث هذا، فكيف يصير فيها إشكال فبالتالي اقتناؤها ليس بحرام.

الرواية الثالثة: - وهي مصححة سعد بن اسماعيل الأشعري قال: - ( سألت أبا الحسن الرضا عن المصلي والبساط يكون عليه تماثيل أيقوم عليه فيصلي أم لا؟ فقال: - فقال والله أني لأكره ) [4] مع أنه في الرواية السابقة قال ( لا بأس ) ولا بأس يعني تخفيف الكراهة، الجمع بمعنى تخفيف الكراهة، فالرواية ( وعن رجل دخل على رجلٍ وعنده بساط عليه تماثيل، فقال:- أتجد هنا مثالاً، فقال:- لا تجلس عليه ولا تصلِّ عليه ) من باب الكراهة، فـ( لا تصل ) ليس بطلان الصلاة وإنما الكراهة في الصلاة، وكذلك ( لا تجليس عليه ) مطلقاً فيه جهة كراهة.

الرواية الرابعة: - صحيحة محمد بن مسلم قال: - ( سألت أحدهما عن التماثيل في البيت فقال لا بأس إذا كانت عن يمينك أو عن شمالك ومن خلفك أو تحت رجلك وإن كانت في القبلة فألق عليها ثوباً ).[5]

وهذا الباب يبين شدة الكراهة وإلا أصل الكراهة موجود كما في الرواية السابقة وهي رواية الرضا عليه السلام.

الرواية الخامسة: - صحيحة علي بن جعفر عن أبي الحسن عليه السلام قال: - ( سألته عن الدار والحجرة فيها التماثيل أيصلى فيها؟ قال:- لا تصل فيها وفيها شيء يستقبلك إلا ألا تجد بداً فتقطع رؤوسها وإلا فلا تصلِّ فيها )[6] ، فلاحظ كم هو التأثير وكذلك الكلب يؤثر في كل الدار، وهنا في الرواية تخفيف الكراهة بقطع الرؤوس، والعينين أكثر تركيزاً، والرأس بالمرتبة اللاحقة أكثر من البدن في التأثير.

الرواية السادسة: - صحيح ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: - ( في التمثال يكون في البساط فتقع عينك عليه وأنت تصلي؟ قال: - إن كان بعين واحدة فلا بأس وإن كان له عينان فلا )[7] ، وهذا تخفيف في الكراهة، وعالم الكهانة كل هذه النكات معروفة فيها،

الرواية السابعة: - صحيحة محمد بن مسلم: - ( قال:- لا بأس بأن تصلي في التماثيل التي جعلتها تحتك )، فواضح أنَّ التي تحتك هي ليست مجسمة فهنا استعلمت التماثيل في النقش.

الرواية الثامنة: - صحيحة أبي بصير المرادي: - ( أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الوسائد تكون في البيت عن يمينه وعن شماله، فقال:- لا بأس به ما لم يكن تجاه القبلة وإن كان شيئاً منها بين يديك مما يلي القبلة فغطِّهِ وصلِّ ، قال:- وسئل عن التماثيل تكون في البساط لها عينان وأنت تصلي فقال إن كان لها عين واحدة فلا بأس وإن كان لها عيناه وأنت تصلي فلا ).[8]

الرواية التاسعة: - مرسلة الصدوق قال: - وقال الصادق عليه السلام: - ( لا بأس بالصلاة وانت تنظر إلى التصاوير إذا كانت بعين واحدة ).[9]

الرواية العاشرة:- محسّنة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر قال:- ( سألته عن مسجد يكون فيه تصاوير وتماثيل ) والمراد بالمسجد ليس ما هو موجود في ذهننا الآن وإنما الغرفة التي تختص بالصلاة أو الموضع من الغرفة الذي يختص بالصلاة وفيه محراب لأنه يستحب ان يجعل في البيت غرفة فيها محراب للصلاة، فهنا المسجد أعم أو هو محلّ السجود فغنه ايضاً يستعمل في الروايات لأجله، ( سألته عن مسجد يكون فيه تصاوير وتماثيل يصلى فيه؟ قال:- تكير رؤوس التماثيل وتلطّخ رؤوس التصاوير ويصلى فيه ولا بأس، قال وسالته عن الخاتم يكون فيه نقش تماثيل سبع أو طير أيصلى فيه؟ قال:- لا بأس )[10] ، وتكسر رؤوس التماثيل يعني أنَّ هذه التماثيل مجسّمة، أو حتى المنقوشة أيضاً يقال تكسر يعني كأنما أزلتها بهذا المعنى، فهو تعبير كنائي.

وقد ذكرت لكم أنَّ هذه الروايات نستفيد منها معرفة استعمال التصوير والتمثيل، كما نستفيد منها نكتة أخرى وهي أنَّ جهة الحكم ليس قضية الوثنية كما ادّعي، وإنما هي أسباب أخرى للكراهة.

الرواية الحادية عشر: - وهي صحيحة محمد بن مسلم، وهي نفس ما تقدم ولا يوجد فيها شيء جديد.

الرواية الثانية عشر: - صحيحة علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام قال: - ( سألته عن البيت فيه صورة سمكة أو طير أو شبهها يعبث بها أهل البيت هل تصلح الصلاة فيه؟ قال:- لا حتى يقطع رأسه منه ويفسد، وإن كان قد صلى فليست عليه اعادة )[11] ، وقد قالوا إن هذه دلت على التصوير المجسّم، كما أنَّ الكراهة هنا شديدة، وأيضاً استدل بهذا الحديث على أنَّ الاقتناء ليس بحرام، لأنها ظاهرة في أنَّ هذه التصاوير المجسمة، فكيف ذهب القدماء إلى أن الاقتناء مرم؟!!

طبعاً هنا الامام عليه السلام حينما قال ( لا، حتى يقطع رأسه ) هذا لأجل الصلاة، لا أنَّ القطع واجب، فإنَّ البعض استدل على أنه القطع واجب فيحرم شراؤها ويحرم اقتناؤها، بل بالعكس الامام عليه السلام لم يردع عن ذلك، وإنما ذكر ذلك من جهة الصلاة في تلك الغرفة لا في أصل الاقتناء، فهو قال ( لا ) يعني لا يصلى فيها، لا أنه لا يقتنى ولا يبقى عليه، وإنما مقصوده أنه لا يصلى حتى يقطع رأسها منها ويفسد، فكلام الامام عليه السلام في الصلاة لا في الاقتناء، وإنما الاقتناء مفروغ عن جوازه وإلا لنبّه الامام عليه السلام عليه، وهذا خلاف ما ادّعاه القدماء.

الرواية الثالثة عشر: - أنه لا بأس الصلاة والتصاوير تنظر إليها إذا كانت بعينٍ واحدة، ( أنه سأله عن البيت يكون على بابه ستراً فيه تماثيل أيصلى في ذلك البيت؟ قال:- لا ، وسألته عن البيوت تكون فيها التماثيل أيصلى فيها؟ قال:- لا )[12] ، وسنواصل الباب اللاحق إن شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo