< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/03/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:النوع الرابع ( ما يحرم الاكتساب به لكونه عملاً محرماً )، حرمة التشبيب بالمرأة المؤمنة - المكاسب المحرمة.

كان الكلام في المسألة الثالثة من أنواع الفعل المحرم الذي لا يجوز التعاوض عليه وهو التشبيب أو التغزل أو الغزل بالمرأة المؤمنة المحترمة المعينة، والآن القيد في الموضوع، كما مرّ بنا المشهور أخذ عدم قيود وهي أن تكون امرأة يعني لا غير المرأة مع أنَّ البعض عمّم للصبي أو الغلام، لأنَّ بعض الأدلة تعم، ثم قال المؤمنة مع أن بعض الأدلة تعم الكافرة، ثم قال المحتمة رغم أنَّ الأدلة تعم حتى المتهتكة، وقال المعينة ولكن بعض الأدلة تعم حتى غير المعينة، فهذه القيود الأربع في الموضوع التي ذكرها المشهور هي من باب لا نعبر بأنها قدر متيقن وإنما من باب المورد الذي تعدد الأدلة العديدة على الدلالة على الحرمة فيه، فهي من هذا الباب، وإلا فبض الأدلة لو تمت وأغلبها تام لدينا فهي تامة ولو دلالة ك منها في الجملة وهذا يكفي في المقام، فهذه الأدلة بالتالي بعضها لا يضيَّق بالأربع قيود كما سيأتي، والأدلة التي مرت بنا والدالة على الحرمة في المقام لا نعيدها ووصلنا إلى هذا الدليل الذي اعتمد عليه الشيخ الأنصاري وهو اللهو الباطل، عندنا قاعدة في الماليات ( لا تأكلوا أموالكم بالباطل )، وعندنا قاعدة في التكاليف أي في المعاملات التي هي الوضعية لا تأكلوا أموالكم بالباطل، الآن وضعي أو تكليفي ليس في المعاملات فإن المعاملة في نفسها عنوان وماهية وضعية، بيع حكم مثلاً معنى قانون بيع اجارة طلاق ايقاعات هذه الماهيات هي معاني وضعية في الأساس، وبحث الصحيح والأعم الذي بحثه الأصوليون في العبادات أو الماهيات نفس مبحث الماهيات أن الجامع فهيا الصحيح او الجامع فيها الأعم نفس هذا المبحث هو حكم وضعي، الصلاة وإن كانت عملاً تكليفياً ولكن ماهية الصلاة وهوية الصلاة أمر وضعي، ولذلك يقال جزئية الجزء وشرطية الشرط هذه معاني وضعية تتركب وتؤلف الكل، فـ ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) ناظرة إلى المعنى الوضعي والتكليفي ولين ولكن في الأمور الوضعية - في الموضوع - أما النهي عن اللهو الباطل ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) وغيرها من الآيات ( لاهية قلوبهم ) أو الآيات الأخرى الذامة أو التي تقرع بشدة وتنذر بالوعيد بالعذاب عليها، فأيّ لهوٍ هذا؟!، فهو فيه وعيد بعذاب جهنهم فهل يصير مكروه أو مباح؟! إنَّ هذا لا يمكن، وهذه قاعدة مهمة مرت بنا في الجلسة السابقة يعني نفس مبحث اللهو سيأتي مفصلاً في الغناء ولا يختص بالغناء والموسيقى، وربما جملة كثيرة من الأعلام بنوا على أنَّ اللهو المحرّم هو الغناء والموسيقى والرقص، كلا فإنَّ اللهو المحرم كما سيأتي هي قاعدة في المحرمات مستقلة بنفسها عامة تشمل أحد أنواعها وأحد اصنافها الغناء والموسيقى والرقص وإلا فهي اعم وهذا العموم لم يلتزم به المشهور به شهرة عظيمة بأن مطلق اللهو حرام وأن الوعيد الذي جاء في الروايات والآيات هو له وإنما هو في خصوص دارة المجوني منه، ومرّ بنا بحث المجون، طبعاً من معاني المجون فالبعض أيضاً فسّر المجون بالفتنة الشهوية والافتتان الشهوي والخفة الشهوية، استخفه يعني أحدث فيه خفّة ( استخف قومه فأطاعوه )، الاستخفاف يعني ايجاد الخفة، هذا التفسير للمجون هو كنوع هذا صحيح أما أن المجون منحصر فيه فلا، والظاهر أنه في اللغة الدارجة أنَّ المجون يستخدم في هذا المورد أي نوع الخفة والشهوات الشهوية الجنسية، ولكن الصحيح أنه في اللغة والاصطلاح والأدلة لا يراد من المجون خصوص هذا النوع وإن شمله وإنما هو أعم يشمل كل لهوٍ كالتفرج على مباريات الألعاب، وهذا عجيب، ففي أوربا حدث ولا حرج فإنه يصير حتى قتل بسببه، فبعد المباريات تجيش الجيوش وإلا سوف يتقاتلون، سيما إذا كان بين بلدين وهذا عجيب، مع أنَّ اللعب مثل شخص كبير يقول لطفلٍ صغير قم عن كومة التراب التي أمام المنزل والطفل قد بنى فيها بيتا من التراب فالطفل يقول كيف أهدم بيتي والحال أنه صنعه من تراب، فهذا لعب ولكن الطفل يعتبره جد، والحال أنه لعب وليس جد وإن كان اللعب له فائدة ولكن أساسه لعب، فالمقصود أن اللعب إذا ليس فيه جد كيف ترتب عليه أموراً جدية، هذا يسمونه خفة عقل ، فهم لا يقولون إن الطفل مجون وإنما يقولون هو غير بالغ وغير رشيد، فاللهو المجوني يسبب هذا الأمر أي يسبب السفه فهو يسبب سترة على العقل، فهو يستر العقل، مثلاً تصير عنده بغضاء كلاعبي شطرنج تصير بينهم بغضاء، فهذه البغضاء التي حصلت في القلب منشأها غير عقلي وإنما بسب اللعب، إذاً اللهو المجوني هكذا، فمن الضروري في البحث الفقهي تذوق العناوين لغة وعرفاً وفقهاً، فهذا مفيد في ابحاث الفقه كي يحدد الاسنان دائرة الأدلة ويحدد دائرة موضوعات المسائل، فإذاً هذه خطوات مهمة في الفقه وكذلك في القانون، فإذاً اللهو المجوني هو بهذا المعنى عند المشهور.

الآن بغض النظر عن الأدلة التي ستأتي في الغناء والموسيقى الكلام في مدّعى المشهور، فالباحث عليه أن يستوضحه ثم يحقق الأدلة، فإذن هذه قاعدة عامة سواء في المكاسب المحرمة أو غيرها أنَّ اللهو المجوني حرام وهو الذي دلت عليه الآيات والروايات لا مطلق اللهو.

ونذكر فائدة معنوية قبل مواصلة البحث:- وهي ان القرآن الكريم يعبّر عن الدينا باللعب ( إنما الحيوة الدنيا لعب ولهو )، طبعاً الدنيا التي تتخذ منبعاً للأعمال الصالحة للأخرى ليست دنيا بل كأنها آخرة وهي محمودة ولست لعباً ولا لهوا ولكن النظر إلى الدينا كمقر فهذه دنيا لعب ولهو وسفه عند نظرة الوحي أما إذا جيرت الدينا إلى مقاصد أخروية تصير جداً، بل هي أكبر جد، لذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم في القصة المعروفة عندما مّر على مجنون فقال أصحابه إنَّ هذا مجنون، فقال:- هذا ليس بمجنون وإنما هو مبتلى إنما المجنون هو الذي ينظر إلى الدنيا بأنها مقر، فهذا هو المجنون الذي لا رشد ولا عقل له، أما الذي ينظر إلى الدنيا كممر فهذا جِدٌّ، فلاحظ أنَّ الرشد واللعب واللهو درجات وليس درجة واحدة، هذه فائدة اخلاقية ومعنوية وكلامية وكذلك فائدة فقهية، وهي أنَّ العب والرشد درجات، الرشد درجات وعدم الرد والسفه درجات وليس درجة واحدة، وهذا يفتح أبواب في الأبحاث الفقهية.

فإذاً هذه القاعدة وهي أنَّ اللهو المجوني هو سفهي وغير رشد وهو حرام ويتوعد عليه بالعقوبة وغير ذلك هذا متى يتحقق بالنسبة إلى المصاديق التي نحن فيها التشبب أو التغزل بالمرأة أو الصبي؟ إنه إذا أوجب فتنة وتحريك الشهوة عند السامع أو المخاطب أو حتى عند المتكلم نفسه يصير مجوناً، فإذاً في بعض حالات الغول يكون هناك مجون بحيث يولّد الارادة على الحرام لدى الطرف الآخر، فإن الغزل يزج بالمتكلم أو السامع نحو المجون فبلا شك يصير هذا لهو مجوني ومن آليات الحرام فيصير حراماً، بين مجن وجنن تقارب في الاشتقاق غير المعهود وإنما الاشتقاقات الأخرى، مجون وجنون، فإذاً في بعض الموارد يصير التغزل والتشبه مجوناً، فإذاً هذا الدليل تامة في الجملة.

وأيضاً الآن سيستعرض الشيخ جملة من الأدلة التي وردت في باب مقدمات النكاح، وأبواب مقدمات النكاح بحث الفقهاء فيها في العلاقات العامة أو الخاصة بين الجنسين الذكر والأنثى مع عدم وجود علاقة الزوجية أو مع عدم وجود العلاقة الزوجية، كان كل التركيز والنظر في المقدمات مع عدم وجود العلاقة الزوجية ما هي العلاقة بين الجنسين الذكر والأنثى أجنبيين أو أرحام، العلاقة في النزر، العلاقة في اللمس، العلاقة في التفاكه، العلاقة في الحوار وهلم جرا، فالإلمام بالفقه أمر مهم، لأنه يعطي عارضة لدى الباحث في الفقه ومن أسباب العارضة الفقهية هو الإلمام بفهرست ابواب الفقهن لا أنَّ الانسان يحفظ أصواتها أو ألفاظها فقط، وإنما يحفظ معاني الأبواب وفصول الأبواب، من مسألة يحاول يربط بين هذا الباب وذاك الباب وبين هذه المسالة وتلك، فهذه تولد لدى الانسان عارضة فقهية، يعني حتى تصفح فهرست كتب الفقه مثمر جداًن وطبعاً هذه المنهجية ليست خاصة في الفقه، وإنما حتى في علم الكلام وعلم التفسير وفي غيرها من العلوم فإن السيطرة على الفهرست تولد عارضة علمية لدى الباحث في ذلك العلم ومعانيه، ففي بعض ابواب مقدمات النكاح بحث الفقهاء عن العلاقة بين الجنسين الذكر والانثى مطلق العلاقة سواء كانا أرحاماً أو غير أرحام زوجين أو غير زوجين، ومن الأبحاث التي بحث فيها الفقهاء هناك قاعدة، وهي متصيّدة، يعني قاعدة موحدة موجودة أخرى وردت في موارد أخرى لقوالب أخرى لأحكام أخرى هؤلاء الفقهاء تصيدوا معنىً وتشريعاً وراء تلك التشريعات ونظروا إلى أنَّ ذلك التشريع المستور دلّل عليه بأدلة مستفيضة، فلاحظ أنَّ هذا مبحث مستفيض صاده الفقهاء من وراء اللفظ ووراء المعنى فهو معنى المعاني، الآن ستأتي الأدلة التي استفاد منها الفقهاء هذه القاعدة والتي هي قاعدة حرمة الفتنة والافتتان الشهوي الجنسي، أما أنه بأي درجة فهذا ما سيأتي بحثه، ولكن هذه القاعدة هي متصيدة وعنوان متصيدة هو عنوان فيه كنز من الصناعة، وهو أنه هناك قواعد شرعية غير منصوص عليها في اللفظ ولكن تلك القواعد يعتبرها الفقهاء متواترة أو مستفيضة، وليكن أنها غير منصوصة ولكن الفقيه بفهمه وبعلمه يصطادها، فإذاً يوجد عندنا تواتر استنباطي لا يدركه إلى الفقيه او المتكلم او المفسر أو الباحث في علم الأخلاق والمعارف، يعني لا يدركه إلا العالم المتفهم المتفقه.

إذا ًتوجد عندنا منظومة من القواعد النظرية المتواترة ولكنها متواترة نظرياً، ونظرياً يعني يحتاج إلى نظر حتى يوصل إلى التواتر، وهل التواتر الذي هو قطع ويقين يصير نظرياً؟!! نعم يصير نظرياً فإنَّ غير العالم لا يستطيع أن يصل إليها، وهذا بحث نفيس وقد تسالم عليه علماء الأولين والآخرين، وهذه القواعد المتصيدة ليست في الفقه فقط وغنما حتى في علم الكلام وفي علم الأخلاق، التصيّد يعني استنباط نظري يصل إلى التواتر، وهذا هو الذي يسجل كمؤاخذة على منهج من يتعامل فقط بكل مبعثر مع الأدلة والروايات وليس بشكل منظومي، فقد يحصل تواتر نظري متصيد، ولنسمّه تواتراً متصيد، فهو ليس تواترا لفظياً ولا معنوياً قريباً وإنما هو معنوي غامض وقد يصير متصيد مستفيض، المتصيد يعني لا يلتفت إليه لا في اللفظ ولا في المعنى القريب، وغنما في المعنى البعيد ولكن بموازين وقد يكون وثوقاً ولا يشترط أن يكون بدرجة الاستفاضة أو التواتر، وإنما هو أنزل من الاستفاضة وأنزل من التواتر، فهو وثوق ولكنه نظري، ونظري يعني أنه في النظرة الأولى لا تشعر بالوثوق وتراكم قرائن ولكن ثاقب النزر يلتفت إلى القرائن ويصل إلى الوثوق، لذلك يذكر الانسداديون كصاحب الجواهر والوحيد البهبهاني أنَّ اطمئنان الفقيه حجة، فهم يقولون إنَّ الظن الاطمئناني للفقيه حجة لأنه متصيد من الأدلة، فهذه نكتة مهمة، فإنَّ القاعدة المتصيدة عبارة مجملة صناعية عن التواتر المتصيد وعن الاستفاضة المتصيدة وعن الوثوق المتصيد، فلا ينحصر التواتر بالتواتر اللفظي والتواتر المعنوي، وإنما يوجد توتر معنى المعنى ومعنى معنى المعنى، فإنَّ معنى القاعدة المتصيدة هو هذا، وكم للفقهاء من قواعد متصيدة في الأبواب يعين لا يلتفت إليها في الوهلة الأولى ولا الثانية وإنما تحتاج إلى إمعان نظر استدلالي صناعي، هذا هو الفرق بين المنهج الاخباري والمنهج الأصولي أنَّ الفقهاء الأصوليين وحتى المحققين الاخباريين يغوصون في المعاني حتى يصطادوا المعاني ومعاني المعاني، بينما غيرهم يقولون إنَّ هذا استحسان والحال أنَّه ليس استحساناً وإنما هي قوالب معنوية تتركب، يقولون إنَّ هذا اللفظ غير موجود وهذا النص غير موجود، ولكن هذا منشأ ورويّة اخبارية قشرية، فالقواعد المتصيدة شيء مهم.

ونذكر مثال صغير ثم نرجع إلى بحثنا الفقهي: - والمثال هو هذه الرواية وهي ليست موجودة في المصادر الحديثية وهي: - ( فاطمة حجة علينا ونحن حجج الله على الخلق )، وهي منسوبة إلى الامام الحين العسكري، والسيد طيبي من تلاميذ الآخوند وهو من علماء أصفهان عنده تفسير اسمه ( مطيّب البيان ) من أين جاء بهذه الرواية؟ الله أعلم، فإنه لا مصدر لها، وصار حيص وبيص بين العلماء في حقها، فأنت لا تستطيع أن تسميها رواية، لأن الرواية لابد لها من مصدر فهذه لا يمكن أن نسميها رواية لأنها لا مصدر روائي لها وإن نسبها إلى الامام الحين العسكري عليه السلام، ولكن بالتدبر رأينا أنَّ هذا المضمون متصيد من طوائف متواترة واردة في فاطمة عليها السلام، ففي الجزء الأول من كتابه توجد طائفتان أو ثلاث طوائف متواترة، وفي الجزء الثالث وصل بنا الحدّ ربما إلى أربعين طائف أو أربعين دليل مختلف ورد في فاطمة عليها السلام ما وراء المعنى هو هذا وهو أنَّ فاطمة حجة علينا ونحن حجج الله على الخلق، فلاحظ أنَّ نفس المعنى لا تستطيع أن تصيده وتقول إنَّ نفس هذا اللفظ ليس بموجود، حتى أنَّ بعض الأعلام الكبار جداً أوّل ما صدر الجزء الأول من هذا الكتاب قال كيف هو يبني على هذا المطلب؟!! ثم جاء ثلة من أساتذة الكفاية والمكاسب فقالوا له إنَّ العالم الفلاني اعترض عليك هكذا؟ فقال لهم: - لماذا لم تلفتوا نظر هذا العالم إلى هذا الجانب، فأنا اعتمدت على طائفتين متواترتين تصيّدت منهما هذه القاعدة، ولم اعتمد على مصدر، فيسمونا القاعدة المتصدية، وهذا منهج مهم.

فصحيح أننا ندخل في مسألة التغزل بالمرأة ولكن علينا أن نلتفت إلى أنَّ منهج الأعلام كيف هو، لنربي في أنفسنا الملكة الصناعية في الاستدلال، فهذا هو المهم، فعليك أن تبني في صحاري قطع سكنية علمية لم يبنها الآخرون، وإلا فأنت إذا رمّمت ما بنوه فلم تفعل شيئاً، بل عليك الذهاب إلى صحاري جديدة وتبني فيها مدناً جديدةً بنفس المنهجية التي تعلمناها من الأعلام.

فإذاً هي قاعدة متصيدة، وما هو معنى اصطلاح هذه القاعدة المتصيدة؟ إنه تواتر متصيّد، وهو تواتر اجتهاد لا يدركه إلا المجتهد، وطبعاً هذه العبارة ذكرها الفقهاء حيث قالوا إنَّ بعض الضروريات الفقيه لا يدركها إلا الفقهاء أما عموم المؤمنين فلا يدركونها، فكيف تصير ضرورة ولكن لا يدركها إلا الخواص؟ لأنَّ قدرة الدرك للضرورة ضرورة، ولا يزعزع من ضرورية الضرورية كون المدرك لها فئة خاصة، وليس من الضروري أنه إذا كان الأمر ضرورياً أن يفهمه الكل، فهذه ضرورة للخواص، كما أن بعض الضروريات لا يدركها إلا أوحدي الفقهاء، لأنَّ المدار في الضرورة وجود الأدلة المتراكمة وقد وقف عليها فتكون حجة عليه وإن لم تكن على غيرة، وهذا قد ذكره الفقهاء في باب منكر الضروري، فراجعوا الكلمات، وهو نفس بحث القاعدة المتصيّدة، الضرورة الخاصة أي التي يدركها الخواص، والسيد المرتضى في الشافي حينما يبحث على الأدلة القائمة على ولاية أمير المؤمنين عليه السلام هي أدلة يقينية، فيستشكل عليه الطرف الآخر ويقول كيف تكون يقينية والحال أنَّ بقية المسلمين لا يدركونها؟! فقال له: - إنه لا ينافي يقينيتها عدم إدراك بقية المسلمين لها نتيجة مشاغبات فكرية ونتيجة السقيفة فإنه سبَّب ستاراً وتشويشاً ولكنه ضرورة ويقين، فهي قاعدة متصيّدة، هذا هو معنى القاعدة المتصيدة، وهل هذا دليل جديد فلماذا يعبّر الفقهاء بالقاعدة المتصيدة؟!، فإذاً سئلنا فعلينا أن نعرف ما هو المنهج الصناعي لمعنى القاعدة المتصيدة، وهذه مقدمة للدخول في دليل حرمة التشبيب وحرمة الفتنة الجنسية والافتتان، فهذه القاعدة ليست منصوصة وإنما تصيدها الفقهاء من عدّة مسائل ورد فيها النص.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo