< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: النوع الرابع ( ما يحرم الاكتساب به لكونه عملاً محرماً )، تشبه الرجال بالنساء وبالعكس- المكاسب المحرمة.

كنا في حكم الخنثى في هذه المسألة، وطبعاً المراد كما ذكر الأعلام في أبواب عديدة حينما يتعرضون إلى أحكام الرجال وأحكام النساء، ثم يتعرضون إلى أحكام الخنثى، والمراد هو الخنثى المشكل، أما الخنثى الواضح يعني التي استوضحها الشرع بأمارات معينة فتلك حكمها حكم ما ألحقت به وليس يحتمل فيها أنها جنس ثالث، القولان المختلفان في الخنثى إنما هنا في الخنثى المشكل لا في الخنثى الواضح، ففي الخنثى المشكل الكلام فيها أنها جنس ثالث او لا ف كانت جنساً ثالثاً فلا تحكم بأحكام الصنفين، وإن كانت لا محالة هي من أحدهما حينئذٍ يأتي العلم الاجمالي بأن تحتاج أن يحتاج في العامل معها للعلم الاجمالي، والبعض استشهد على أنها ليست جنساً ثالثاً وربما هو المشهور شهرة عظيمة استشهد بالإرث أنَّ الخنثى المشكل توّرث نصف سهم الرجل ونصف سهم الانثى مما يدل على أنه نوع احتياط لأنها لا تعدون عن كونها أما رجل أو أنثى فلذلك ورثت نصفي السهمين.

ويوجد بحث آخر وهو متصل ببحث الخنثى وأيضاً يتصل بعموم البحث:- وهي قضية تغيير الجنس الذكوري إلى أنثوي أو تغيير الجنس الانثوي إلى ذكوري، وتارة يبحث في هذه المسألة باعتبار أنه نوع من التشبه، وأخرى يبحث في هذه المسألة بلحاظ غير الخنثى وإنما هلوسةً والعياذ بالله، فإنَّ الوارد في الروايات بخلاف ما يدعى من قبل الامم المتحدة أو الغرب وما شابه ذلك، أصلاً نفس هذا الحكم وهو حرمة تشبه الرجال بالنساء يعني ماذا؟، لأنَّ هذا ليس مطابقاً للفطرة، هذا التشريع إذا أردنا فلسفته وسيما في هذه الأيام التي نعاصر فيه تشريعات من قبل الامم المتحدة تخالف الاسلام ويشنع حينئذٍ بمن يتمسك بتشريعات الدين بأنه أصولي أو متشدد أو غير عصري ومن هذا القبيل، فمن المهم أمام مثل هذه المساجلة في مجالات وأبواب تشريعية عديدة أن يلتفت الانسان إلى فلسفة التشريع الديني، والمقصود من فلسفة التشريع الديني أنَّ دين الله لا يصاب بالعقول هذا صحيح وأنَّ ملاكات حكم الشارع لا تدرك وهذا صحيح أيضاً، فإذاً ما المراد من فلسفة التشريع الديني كي نواجه بها شبهات التشريع العصري المدني العلماني الذي تصرّ عليه سيما منظمات الأمم المتحدة أو المنظمات المدنية في العالم، فهذا بالتالي نحن نواجهه، فإذاً ما هو المراد من فلسفة التشريع فهل هو استحسانات أو تخرصات؟ إنَّ هذه الأمور لا يعول عليها، فإذاً ما المراد من فلسفة التشريع بحيث يكون المستند موزون شرعي لا قياس ولا استحسان ولا هلوسة ولا تظني بملاكات الحكم الشرعي سيما على مدرسة أهل البيت عليهم السلام، فما هي فلسفة التشريع حتى نستطيع أن نواجه فيها الشبهات بحيث تكون موزونة معتمدة متينة؟ إنَّ المراد بذلك هو ما تكرر ذكره عند المشهور بعنوان أصول التشريع، والمحقق الحلي عنده هذا التعبير وهو أصول المذهب وقواعده وقد يعبر عنه بالمبادئ الحكامية في أصول الفقه، ولكن في علم الفقه المحقق الحلي أو العلامة أو الطوسي يعبرون عنه بأصول المذهب، والمقصود منه أصول التشريع وأصول التشريع عبارة عن العمومات الفوقية التي هي بمثابة اصول دستورية تنزّلت منها تشريعات أخرى نازلة، وهذا ما كررنا التعبير عنه في لعلم الأصول وهو علم أصول القانون، يعني أنَّ علم الأصول له أصول قانون، وعلم الفقه أيضاً له أصول قانون وكذلك علم الكلام له أصول قانون وعلم الاخلاق له أصول قانون، فكل علم له صاول قانون، ومعنى أصول القانون يعني أنه توجد أصول تشريعية أبرزها الشارع وتفوّه بها الشارع وشرّعها، لا أنه تخرّص واستحسان وقياس ومذاق الشريعة وروح الشريعة، كلا فإنَّ هذه المدرسة وإن كانت هي مدرسة الكثير من علماء الامامية ولكننا لا نعوّل علها كمنهجية وإن كانت تعالج نفس المبحث، ولا مدرسة فقه المقاصد التي راجت عند العامة والتي تعالج نفس المبحث، فهاتين المدرستين سواء من الخاصة أو العامة انضباطها صعب، بخلاف المدرسة عند قدماء المتكلمين الامامية والتي يعبر عنها بأصول المذهب وأصول التشريع فإنها منضبطة، فتوجد أصول تشريعية مثل ( أحل لكم الطيبات ) و ( قل لا أجد فيما أوحي محرماً على طاعم يطعمه .... )[1] أي العمومات والتي يعبر عنها الفقهاء أو الأصوليون بمراتب العموم، سواء كانت مراتب العموم هذه في علم الكلام أو في علم الأخلاق أو في علم التفسير أو في علم الفروع أو في أي علم من العلوم الدينية، إذاً هذه العمومات الفوقية ليست حكمة تشريع - وهذه نكتة مهمة - وليست تخرج ، وإنما هي تشريع ولكنه فوقي ، وكون العمومات ذات مراتب لا يعني أنَّ العمومات الفوقية هي حكمة الحكم أو هي بعض الملاك، فاصلاً نحن لسنا وراء الملاك وإنما وراء أصول التشريع، هذه أصول التشريع هي مبحث طويل عريض كررنا الولوج فيه في علم الأصول في مباحث كثيرة وللأسف لم تبرِ همت البعض في جمعه كي يصير منظومة متكاملة، لأنَّ هذا ليس في علم الصول فقط وإنما في العلم الكلام هكذا وفي علم الاخلاق هكذا وغير ذلك من العلوم.

هذه الأصول بمثابة فلسفة تشريع، وهي ليست فلسفة تخرص وليست فلسفة تضني وليس فلسفة تذوّق واستحسان وحدس ورجم بالغيب، وإنما هي عبارة عن أصول التشريع، لأنَّ طبقات التشريع في كلَّ من العلوم الدينية من الشارع هي كذلك، فلسفة الشيء يعني غايته يعني ما وراءه، ما وراء هذا الما وراء فلسفة وراء فلسفة غاية وراء غاية، فإنَّ معنى الفلسفة باللغة اللاتينية القديمة هي الغاية، فحينما نعبّر بفلسفة التشريع هذا هو معناه، وهذه ليست نكتة ثقافية وإنما هي مؤثرة في الثقافة الدينية نحن الآن نغزى ونمسخ في عقر دارنا، في عقر دار الثقافة الدينية، ولماذا؟ لأنَّ أسود العلم السابقين قد ذهبوا أما الآن فهذا الجيل يجب عليه أن يتحمل المسؤولية، وهي جواب الشبهات المدنية أو العلمانية سيما التي تطرحها الأمم المتحدة، فأنا لا أقول ليس هناك بصمات صحة في تشريع البشر فإنه حتى في قديم الزمان يقولن إن السيرة العقلائية إذا لم يكن مردوعاً عنها فهي حجة، أما إذا كان الردع موجود وأنت ترفع يدك عن العرف وتقول أنا عصرياً لا استطيع أن أقنعهم بأنَّ هذا الردع الشرعي ما هو، فإن ( السارق والسارقة فاقطعوا ايدهما ) هذه الآن لا أستطيع أن أطرحها على البشر، أو أنَّ نظام العقوبات الجنائية الموجودة في القرآن الكريم لا استطيع أن أطرحه على البشر الآن لأنهم سوف يسمّونني متشدداً أو ارهابياً أو متطرفاً، طبعاً هذا يحتاج إلى شغل شاغل، أصلاً نظام الجهاد الموجود عندنا أكثر شيء الباب الذي يتطرق إليه أو الحدود، فالجهاد الموجود عند فقه الامامية غير المذهب الإسلامية الأخرى، حتى الموجود في فقه الامامية وقد ذكرت هذا في كتاب عدالة الصحابة ربما قبل سبعة عشر سنة أنه حتى الجهاد الابتدائي في فقه الامامية لم يقولب جيداً على حسب ثوابت فقه أهل البيت وإنما هو ركب قليلاً بهندسة شبيه للمذاهب الاسلامية الأخرى وهذا خطأ جداً، معادلة الأمة كلها أن فلسفة الجهاد الابتدائي ليست أسلمة العقائد وأنا أصرّ عليها بكلّ الأدلة، وإنما الجهاد الابتدائي عندنا في مذهب أئمة أهل البيت وليس بأدلة ظنية اجتهادية وإنما بأدلة بديهية في فقهنا لا اختلاف فيها غفل عنها الكثر في تركيب باب الجهاد، نحن أدلة الجهاد الابتدائي عندنا تدل على أنه لأجل افشاء العدالة ولأسلمة العدالة لا اسلمة العقيدة للناس، لأنه ( لا إله إلا الله محمد رسول الله ) أن لا يكون هناك ظلم في البشر، مثل شعار المشروع المهدوي وهو اقامة القسط والعدل، الآن الأمم المتحدة تتدخل في كل الشؤون تأتي إلى برلمان دولة ما وتتدخل لأنها تريد أسس العدالة في شعارهم ودعواهم ويقولون إنَّ هذا ليس ارهاباً وليس شيئاً آخر، فنفس الكلام، فأصل فلسفة الجهاد الابتدائي هو هذا، ونحن لا نريد الدخول في أبوب التشريع الكثرة وإنما أريد هذه النكتة الكلية وهي أنَّ فلسفة التشريع منظومة يعني أصول التشريع وإلا سنغزى في عقر دارنا ، الآن التراجعات في الكتابات والخطابات كثيرة وهي شيء عجيب غريب، مسلّمات قرآنية الآن نرفع اليد عنها؟!!، ليست بديهية مذهب وإنما بديهية أصل الدين وأصل المسلمين الآن نرفع اليد عنها أو نتجبجب ولا نقول هي الرائدة في التشريع ؟!! وسببه عدم الشغل العلمي الكبير في بيان وتبيين فلسفة التشريع سواءً في الوسط العلمي لنا أو الايماني فضلاً عما هو أمام الآخرين، وإلا فنحن مرشحون وراء تقهقرات خطيرة جداً ورفع اليد عن ثوابت الدين.

نعم ترجم الثابت الديني بلغة عصرية فهذا أمر جيد وبه ونعمت، كيف تكيف الثابت الديني من دون أن تلغي ورحه بتكييف عصري فهذا أمر مهم، ولكن تبقى روح الثابت الديني من الضروري التمسك بها والتأصّل بها.

إذاً قضية فلسفة التشريع أما الطرح العصري الموجود ضروري جداً وله تكييف من دون أن ترفع اليد عن الثابت الديني ولكن عليك أن تتضلع، والفقهاء ليس من الضروري أنهم إذا تنمر أحدهم في باب أن يتنمر في كل مسائل تلك الباب وإذا تنمر في باب تنمر في الأبواب الأخرى، فنحن نخاطب أنفسنا ونوجه اللوم على أنفسنا لأنَّ كل باب يحتاج إلى جهد وكل مسالة تحتاج إلى جهد عملي كي نحيط بهذه التشريعات العظيمة وكيف نترجمها ونيفها حتى تكون نجاةً للبشر وبيان ما تشوه بشكل سوداوي من قبل أجهزة أجنبية كثيرة، فإذاً هذا منهج كلي في نظرية معرفة التشريع الديني لا مفر منه وهو أنه كيف نفلسف أول التشريع أو التشريعات الدينية أي نرجع إلى العمومات الفوقية التي هي أيضاً تشريع وانحدر منها هذا التشريع، هذه ضابطة منهجية يلزم أن لا نغفل عنها، وبالإحاطة بمجموعة عمومات وليس عموماً واحداً، سلسلة مراتب العموم، فإنه قد تكون عدة سلاسل لمراتب العمومات فهذه يلزم أن نلتفت إليها، ولكن هذا عمل مضني ومجهد ولابد من القيام به ، وبكل صراحة أنَّ الفقيه لا يوفق في كل الأبواب لهذا الأمر، فإذاً هذا يحتاج إلى تظافر جهود، فكل واحد عليه أن يعمل في خندق من الخنادق، لأنَّ العبء كبير ويجب الانبراء له، ومن ضن هذا الكلام لاحظ هذا التعبير تحريم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال ماذا يعني هذا التشريع الديني كلغةٍ عصرية نريد أن نفهمها مقابل القانون المدني والقانون الأممي والمجتمعات المدنية الأممية والدولية؟ معناه أنه عند الشارع أنَّ الانسان مع أنه سوي الخلقة رجولةً أو سوي الخلقة أنوثةً يمكنه بسوء ارادته أن يحرّك هرمونات أنثوية في نفسه، وطبعاً لم نقرأ عليكم الروايات الأخرى الموجودة، فإنَّه يوجد فيها هذا التعبير، وهو أنَّ الرجل بسوء ارادته إذا حرّك جانب الأنوثة وتشهّى جانب الأنوثة ألقى الله عليه شهوة النساء، ومعنى ألقى الله عليه شهوة النساء يعني أنَّ تركيبه الهرموني سوف يتغيّر وهذا حرام، هذا لا أنه في أصل الخلقة ليس بسويّ، وإنما هو اختار أن يكون غير سوي، وكذلك الأنثى، فإنه يوجد عندنا أنَّ الجانب غير المرئي الظلماني في الخلقة وهم الشياطين والأبالسة يسعون إلى تغيير خلقة الله عمّا هي عليه، وهنا يوجد بحث الاستنساخ ونحن لا نريد الخوض فيه، وطبعاً حتى الفاتيكان أقر بهذا، فلاحظ أنَّ هذه تشريعات مشتركة عند المسيحيين وعندنا، فإنَّ خلقة الله لها قوام معين ولا يصح أن نبدل خلقة الله، بل بالعكس الخنثى هي خلقة غير قويمة يجب أن نستصلحها ونعالجها، لذلك لاحظ في تغيير الجنس إذا كانت الخنثى مشكل تذهب إلى الطبيب والطبيب يرجّح أنه إذا كانت تتفعّل عندها الهرمونات الذكورية فسوف تتعالج أكثر وبدنها يتقبّل أكثر أو أن تفعّل فيها الهرمونات الأنثوية لأنَّ قابليتها أكثر، فهذا ليس تغييراً وإنما هو علاج ولا شيء فيه، فهو ليس عبثاً في الخلقة وإنما هو علاج الخلقة المعيبة، ولا يقول أحد إن استصلاح العيب أو العوار في الخلقة لسبب أو لآخر إذا عولج ليس بجائز، بل لم يقل أحد بأنه حرام، فإذا كان خنثى مشكل فسوف تعالج في تغيير الجنس فبلا شك هذا محل جواز لأنه علاج، فإذا استأصل منها العضو الجنسي الفلاني فتعالج، وهذا لا إشكال فيه، لأنه ليس تغييراً في الخلقة ولا تلاعباً ولا عبثاً، أما إذا لم يكن هكذا وإنما كان الانسان ذكر سوي أو أنثى سوية ولكنه يريد أن يغير نفسه ويتشهّى إلى أن يشتد عنده الولع والادمان لتلك الشهوة المناقضة لطبيعة خلقته فهذا حرام، فنفس هذا التشريع يكشف أنَّ هذه ليست طبيعة ذاتية للإنسان ولكن يمكن للإنسان أن يعبث بطبيعته الذاتية ويتغير وهذا حرام، لأنه غير ما خلقه الله، فالله تعالى خلقه ذكراً فأراد أن يتأنث، أو خلقه الله أنثى فأرادت أن تترجّل وتكون ملعونة مطرودة لأنها بخلاف خلقة الله.

فإجمالاً قضية تغيير الجنس لا بأس بذكر بعض الأدلة الاجمالية على حرمتها: - مع أنه يوجد جملة من المعاصرين في المائة سنة الأخيرة أفتوا بالحلّية جوازاً وهم من الكبار.

ولكن هذا موضع تأمل شديد بلحاظ الأدلة:- لأن نفس أدلة حرمة تشبه الذكر بالأنثى والأنثى بالذكر هي أحد الأدلة، فأنت تغير الجنس، فهي حرام لو غيرتها بحركات لا أنك تغيرها بعلاج طبي واستئصال أعضاء وجرع هرمونات فإنَّ حرمته أشد وأشد، لأنه مرّ بنا أن التشبه درجات، وهذا دليل واضح.

وهذا ليس أولويةً وإنما طبيعتها ذات مراتب شديدة وضعيفة إلى أن يصل إلى طريقة قضاء الوطر الجنسي، فإنَّ اللواط والسحاق حرام، أصلاً معنى ضرورة الدين بحرمة اللواط أنه تشبه وهو نوع تغيير في الجنس، فهو ذكر فكيف يجعل نفسه أنثى، وهذا بنفسه دليل، فضلاً عن الذهاب إلى الطبيب ليغير له الجنس ويعطيه هرمونات أنثوية، فنفس أدلة حرمة اللواط هي أدلة كما يقول السيد الخوئي، لذلك يقول السيد الخوئي نعم إنَّ التشبه بمعنى اللواط فضلاً عمّا هو أعظم من اللواط وهو تغيير الأعضاء التناسلية فهذا بلا شك أنه حرام، أو السحاق الكلام فيه نفس الكلام، بل الشارع منع ما قبل اللواط وما قبل السحاق حيث حرّم بيات رجلين عاريين أو امرأتين عاريتين تحت لحاف، فإنَّ مقدماته حرام ويجلدان على ذلك، فكما أنَّ ( لا تقربوا الزنا ) أيضاً لا تقربوا اللواط أيضاً، وفي التعبير عن السحاق أنه الزنا الأكبر، فكما يقول السيد الخوئي ونعم ما قال إنَّ نفس الألة التي هي ضرورة الدين والقرآن الكريم والروايات تمنع من التشبه بهذه الدرجة أو درجات وسطية أو درجات أخرى. هذا هو الدليل الثاني من الأدلة الضرورية.

الدليل الثالث: - وهو آية من سورة النساء وهو الآية السابعة عشر هذه الآية الكريمة واضح فيها أنَّ سياسة الشيطان أنه ( فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيّم ) يعني أنَّ هذه الفطرة لا تغير فيها وإنما هي قويمة فتغييرها لا يجوز.

وبعبارة أخرى: - إنَّ الانسان لا يملك بدنه - وهذا دليل آخر -، والآية الكريمة من سورة النساء الآية المائة والسابعة عشر تقول: - ﴿.... إن يدعون من دونه إلا إناثاً وإن يعون إلا شيطاناً مريداً لعنه الله وقال لاتخذن من عبادك نصيباً مفروضاً ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم فليبتكُن آذان الأنعام ولآمرنهم فليغرن خلق الله﴾[2] ، هذه الآية الكريمة استدل بها حتى لحرمة المثلة، فأيَّ تغيير لخلقة الله هو حرام، حنيفية النبي إبراهيم وما شابه ذلك سميت بذلك لأنها تحافظ على الفطرة القويمة السليمة، فلاحظ أنَّ هذا أصل تشريعي فوقي انحدر منه حرمة اللواط وحرمة السحاق وحرمة المثلة، وهذا ما مرّ بنا قبل قليل، وهو أنَّ عدم الالتفات إلى الأصول التشريعية يسب عدم سيطرة الفقيه على كل منظومة التشريع وهذا الخطاب لنا أوّلاً وكل واحد منا وليس لغيرنا، لأنَّ قضية التضلّع العلمي ضروري جداً، لا أننا نعرف المسألة فقط وإنما يلزم أن نعرف مناسبات وتناسبات هذه المسألة وهذا التشريع مع كم تشريع ، فعلينا أن نعرف أصول هذا التشريع وخلفيته وغاية هذا التشريع الذي هو ليس استحساناً وهلوسةً وإنما نظام أسس تشريعية، فالآية الكريمة إذا قمتم بتتبعها وهي ( ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ) حتى في روايات أنَّ حلق اللحية من تغيير الخلقة، أو أخذ الأظفار وحلق العانة من الحنيفية من الفطرة القويمة، فسنن النبي إبراهيم عليه السلام تحافظ على الفطرة، عكس سنن المحرمات كقوم لوط أو أصحاب الرَّس، فإنَّ صحاب الرَّس عكس قوم لوط، طبعاً قوم لوط سموا قوم لوط وإلا فهم يوجد عندهم السحاق ويوجد عندهم اللواط، وقد ورد في الروايات أنَّ سبب معاجلة العذاب عليهم هو السحاق فإنه أشد من اللواط، وأما أصحاب الرَّس فأيضاً ابتلوا بالسحاق، وهذا سبب مجيء العذاب عليهم من قبل الله عزّ وجل، فلاحظ أنَّ هذه الذنوب أو هذه المفاسد لا يمهل الله تعالى فيها إلى البرزخ ولا إلى القيامة وإنما يعاجل فيها الله عزّ وجل العذاب في دار الدنيا، وهذا العذاب في دار الدنيا باصطلاح الوحي هو اصطلاح أخروي، يعني أنَّ الذي يعذّب بعذاب أخروي ويعاجل له العذاب في الدنيا فسوف لا توجد له فرضة توبة في البرزخ ولا فرصة توبة في الرجعة، بل إلى يوم القيامة، لذلك الذين أهلكوا بالعذاب أمرهم هكذا، وهذا يدل على شدة المفسدة عند الشارع، فإذا التلاعب بالفطرة القويمة ملاكه شديد عند الله، وفي بعض الروايات يهتز العرش، يعني أن منظومة الخلقة عند الله تصير في حالة استنفار، فهل نتراجع عن هذا التشريع أمام الأمم المتحدة؟!!، هذه أصول تشريعية من أصول الدين ومن ثوابت الدين وإلا فلا يصير ديناً، فتغيير الخلقة شيء محرم جداً، نعم الخنثى المشكل ليس تغيير خلقة وإنما هو معالجة وليس تغييراً، بخلاف ما إذا كان رجلاً قويماً وإن تفاوت الرجال في الرجولية أو أنثى قويمة وإن تتفاوت الاناث في الأنوثة ولكن هذا لا يعني التلاعب في الخلقة، ولو أنَّ هذه المسألة ليست محل بحثنا ولكن من باب تتميم المسألة من ذيول بحث تشبه الرجال بالنساء وبالعكس قضية تغيير الجنسين،

ومن أدلة هذه المسألة أيضاً:- أنَّ الانسان ليس مالكاً لبدنه وإنما المالك هو الله عز وجل، بعض الأعلام يستدلون بأنَّ الناس مسلطون على أموالهم فهذا صحيح لكنه ليس مسلطاً على أحكام نفسه، نعم هو مسلط على نفسه في ضمن الأحكام الحلال، والكمباني والنائيني أيضاً قالوا هذا الشيء وهو أن الناس مسلطون على أموالهم وليس على أحكام أموالهم، أو على أنفهم وليس على أحكام أنفسهم فإنَّ أحكام أنفهم هي لمالك الملوك، وإنما ضمن ما أذن به مالك الملوك وهو الله عزّ وجل، نعم الانسان مسلط في المباحات أما في الخطوط الحمراء التي حرمها الشارع فالإنسان ليس مسلط على أحكام وتشريعات نفسه، هذه نكتة مهمة لذلك بحث الأعضاء وغيره أيضاً تنشعب من هذه البحوث، يعني تحت هذه القاعدة.

فإجمالاً انتهينا من هذه المسألة، وفي عرفنا المعاصر أنَّ هذه الألبسة - السراويل - التي يلبسها الشباب وحتى الكهول لا تجوز، لأنه فيه نوع من التزيي بالزيّ الأنثوي والميوعة والتأنّث والتخنّث، فهي حرام ومن الكبائر، ولكن مع ذلك هي ترتكب بشكلٍ شائع، وكذلك حفّ الحواجب واطالة الشعر وكأنه أنثى أو مكياج كمكياج الأنثى، نعم أحد محرمات الماشطة أو الحلاقين إذا صنع زياً للرجل بزيّ الأنثى، وهذا أشد حرمة من حلق اللحية، فهذا أحرى بالحرمة، لأنه يقوم بنشر الفساد في المجتمع، وينشر الأنوثة والميوعة وتغيير الخلق، كذلك حتى بائع السراويل فكل هذه الأمور بيعها وشرائها محل إشكال، لأنها ترويج للفساد، وهي ضمن منظومة الفساد.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo