< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/03/18

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:النوع الرابع ( ما يحرم الاكتساب به لكونه عملاً محرماً ) تشبه الرجال بالنساء وبالعكس- المكاسب المحرمة

كنا في المسألة الثانية من النوع الرابع وهي الأعمال المحرمة وهي تشبه الراجل بالنساء وبالعكس، ومر بنا أنَّ السيد اليزدي وغيره يحتملون عدة فروض في المسألة فتارة أصل بحث التشبه، يعني عنوان التشبه المسألة تدور مداره والأدلة وتارة البحث في فرض المسألة يدور مدار التأنث للرجل أو الترجل للمرأة، وتارة يقال في لبس الرجل لباس المرأة أو بالعكس، وتارة يقال في ارتكاب الفجور الرجل مع الرجل أو المرأة مع المرأة ويلحق بهذا بحث تغيير الجنس وتغيير الجنسية التكوينية للإنسان فإن الذكورة جنسية تكوينية للرجل والأنوثة جنسية تكوينية للمرأة وليست جنسية اعتبارية، ويعبرون عنه في الفقه اصطلاحاً تغيير الجنس أو تغيير الجنسية، فعلى كل تقدير نلاحظ الأدلة الواردة والمشور شهرة عظيمة حمة التشبه ولكن ذكرنا أن التشبه درجات، وليس التشبه فقط هو درجات بل القضية أعم فكل عنوان ورد عليه حكم والعنوان طبيعته فيه شدة وضعف - أي تشكيكي وبالاصطلاح القانوني فيه تفاوت درجات مثل صلة الرحم والعقوق والكذب وعناوين أخرى كثيرة - هذا العنوان افترض أنه الوجوب حينما يكون واجدا للملاك الراجح هذا العنوان تلقائياً حينما يرد عليه الوجوب وهو له مصلحة، فالمصلحة مرتبطة بماهية هذا العنوان إذا كانت هي ذات درجات فمن الواضح أن ملاك الوجوب فيه درجات وليس على درجة واحدة، وبالعكس إذا كان هذا العنوان هو موضوع للحرمة وهو ذو درجات فشيء طبيعي يعني واضح أنَّ المفسدة موجودة في هذه الماهية ولكن هذه الماهية واضح فيها أنَّها ذات درجات، وإذا كانت ذات درات فإذاً المفسدة ذات درجات فلا يمكن أن يكون كل درجاتها بوتيرة واحدة، بل حتماً الدرجات الشديدة قد تبلغ كبيرة من الكبائر والدرجات المتوسطة تكون حرمة وأما الدرجات الخفيفة جداً تكون كراهة، يعني يوجد تناسب، وكيف يكون عنواناً واحداً من دليل واحد له ثلاثة أحكام ؟، نعم هذا يصير لأنه ذو درجات متفاوتة ولا ما منع من ذلك سواء كان من جهة الحرمة وهي المفسدة أو من جانب الوجوب وهو المصلحة، فإنَّ هذا قابل للتصوير وليس ممتنعاً، لذلك سيأتي اشكال السيد الخوئي على الشيخ الأنصاري في المسألة اللاحقة وهو أنه كيف يستدل الشيخ الأنصاري على الزوم بديل كراهة أو دليل استحباب ولكن نقول إنَّ هذا لا مانع منه، سيأتي في المسألة اللاحقة التي هي التشبيب بالمرأة الاجنبية يعني التغزّل فالشيخ الأنصاري في تلك المسألة أو مسائل سبقت يستدل بأدلة استحباب أو كراهة وما ربط هذه الأدلة بهذا الحكم اللزومي؟

إنَّ الربط واضح، فإنه إذا حكم الشارع بدرجة خفيفة من العنوان بالكراهة الشديدة وتشدد بالكراهة فواضح عرفاً أنَّ المرتبة الأوسط أو الأشد لا تصير كراهة شديدة وإنما تصير حرمة، شبيه ما التزم به المشهور حيث ذهب إلى أنَّ تأخير الصلاة اليومية عن كل وقت الفضيلة معصية معفو عنها، تأخيرها عن بدايات الفضيلة كراهة وتأخيرها عن كل المعصية معصية صغيرة معفو عنها أما تأخيرها عن كل الوقت تصير معصية كبيرة، فلاحظ هذا مع أنه في نسق واحد - أي تأخير - وهذا قابل للتصوير وهذه نكتة مهمة نتفع في أبواب عديدة وهي أن العنوان الذي تكون طبيعته ذو درجات متفاوتة شدة وضعفاً كثرة وكماً - فإنَّ التشكيك له أسباب عديدة كما ذكر في المنطق التقدم والتأخر وشدة وضعف وكثرة وقلة، فإنَّ مناشئ التشكيك عديدة ذكروها - فكل عنوان فيه مراتب متفاوتة مشككة لدرجات سواء كان لمصلحة أم كان لمفسدة فلا محالة الحكم يتفاوت هذا ليس شيئاً غريباً ويلزم الالتفات إليه.

الآن هل الأدلة تدل على أي عنوان من العناوين المحرمة فهل كما ذهب إليه المشهور وهو الصحيح أن مطلق التشبه حرام أم ماذا؟

نقرأ الروايات في أوّل الأبواب من أبواب ما يكتسب به وهو الباب السابع والثمانون:- وفي هذه الرواية الراوي الأخير هو جابر بن يزيد الجعفي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام، والراوي عنه عمرو بن شمر، وذكرنا أن عمرو بن شمر حتى العامة في حين أنه يعترفون بأنه شيعي رافضي ولكنهم يقولون هو ناسك عابد، فبالتالي هذا حاله وإن كان هناك إشكال فهو على تحسس المدرسة المعرفية العقائدية لجابر، والروايات سندها صحيح عن الرضا عليه السلام فإنَّ جابر توفي في عهد الصادق عليه السلام ولكنه من تلاميذ الباقر، وذكرت لك أننفس البخاري ومسلم في أول صفحة في أوّل كتاب فضل العلم يذكرون جابر يطرون على جابر وأه نموذج في تعلمه عشرات آلاف الأحاديث عن الباقر عليه السلام وهذا يعني أن شخصية جابر بن يزيد الجعفي شخصية فرضت نفسها شبيه أبان بن تغلب، لذلك كبار فقهائهم رواتهم يكنون ويخافون من قوة شخصية جابر بن يزيد الجعفي، فجابر ليس شخصية محل تلاعب وإنما شخصية كبيرة جداً وأسانيدا عديدة وأن الأئمة عليهم السلام زقوّه علوماً لم يعطوها لغيره، فهذه أسانيد عن الرضا أو عن الجواد أو عن الكاظم عليهم السلام بعد موت جابر وليس الكشي أو النجاشي، والكثير من الرجاليين يخاف أن يتصارع مع جابر فيذهب ويتصارع مع تلاميذ جابر.

ولكن نقول:- إنَّ مدرسة جابر هي هي أما أنك لا تتحمل معانيها، فإنَّ البخاري تحمل ذلك فلماذا لا تتحمل أنت ذلك فالبخاري يرى أنَّ جابر عن الباقر عليه السلام خمسين ألف حديث أو مائة ألف أو تسعين ألف حديث، وهذه نكتة مهمة في علم الرجال، وهي أنه يجب أن يدرس المدارس يعني كل شخصية كبيرة سواء في فقه الفروع او في علم الكلام، ونحن نعرف بأن المعارف لغتها ليس فقط كلام وجدل وإنما توجد معارف نسميها عرفان أو مسلك باطني شهودي ما شئت فعبر، فبالتالي هذه مدرسة من المدارس ومدرسة عقلية وهلم جرا فإنه توجد مدارس متعددة من المعارف، مثلاً سلمان - وهذا ليس محل ترديد - صاحب غيريات، ولا أحد يتردد فيه ولا أحد يستطيع أن يطعن فيه، فالقضية هنا نفس الشيء، وسلمان غير هشام بن الحكم وإنما هو نمط آخر، ورد عند الشيخ الطوسي في التذهيب في زيارة سلمان السلام عليك يا باب علم الوصي السلام عليك يا من أدرك علم الأول والآخر، فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يحكي هذا في وصف سلمان، والكثير من علماء الامامية يذكرون عن سلمان هذا وأنا اذكر هذه المطالب لأجل أن نلتفت إلى تلاميذ الأئمة في المعارف مدارس وليس مدرسة واحدة، ليس كلها لغة اجتماعية أو لغة فقهية وإنما هي لغات وعلوم وهذا يلزم أن نعترف به، وإلا فسلمان ليس شيئاً سهلاً وإنما أدرك علم الأول والآخر، باب علم الوصي، كل علماء الامامية الذين كتبوا في الأئمة الاثني عشر قالوا إنه نائب خاص فإنَّ النيابة الخاصة ليس مخصوصة بالنواب الأربعة في الغيبة الصغرى وإنما أكثر علماء الامامية يبنون على أنَّ كلّ واحد من المعصومين الأحد عشر عليه السلام كان لهم نواب خاصّون، النواب الخاصون يقول في زيارته الشيخ الطوسي الذي هو رئيس الذهب في زيارته للنواب الخاصين الأربعة إنَّ اتصال بالنور، وهذا علم آخر غير الفكر، نعم الدجالين والدجالات والزائفين والزائفات والكذابين والكذابات والمتوهمين والمتوهمات والمتخيلين والمتخيلات والشيطانيين والشيطانات، فهذا باب واسع وحتى في الفكر العلمي يوجد فيه دجل وتقمص، كل العلوم فيها تقمص ففيها مزيغ وفيها اصيل ولكن هذا المزيف لا يدونا إلى أن ننكر الأصيل ولا الأصيل يدعونا إلى أن نكون سذج نقبل كل مزيف وهذا بحث آخر، وحتى في فقه الفروع يوجد مزيف ويوجد أصيل، حتى في العقائد فيها مزيف وفيها أصيل، في كل باب يوجد مزيف ويوجد أصيل، وكذلك في العبّاد والنسّاك والزاهدين يوجد مزيف ويوجد أصيل، وربما يختلط الأصيل مع شيء من المزيف أو المزيف مع شيء من الأصيل ، وهذه درجات مثل التمر، ونحن نركز على هذا المطلب لأجل أن نلتفت إلى أنَّ تلاميذ الأئمة في علم الرجال مدارس وليست مدرسة واحدة ومشارب وليس مشرباً واحداً كما هو الحال الآن في الفقه فواحد عارضته الفقهية قوية والآخر تتبعه الفقهي قوي والآخر عارضته الأدبية كبيرة مع أنه فقه واحد وهم علم الفقه ولكنه مدارس فالأمر هكذا في المعارف توجد مدارس وفي المفسرين توجد مدارس فلا نستوحش من تعدد المدارس فإنَّ هذا موجود، ولا يصح أن نحكّم لون مدرسة واحدة على كل المدارس، وهذا في كل العلوم فإنه في كل العلوم توجد مدارس، ولماذا نذكر هذا المطلب؟ لأنَّ هذا البحث في رواة المعارف يوجد لغط كبير منهم جابر بن يزيد الجعفي ومنهم المفضل بن عمر ومنهم ابن سنان ومنهم الكثيرين هؤلاء الكبار المفيد فبعض كتبه يعترف بأنَّ هؤلاء من الكبار ويعتبرهم أساتذة، ليس فقط هشام بن الحكم من الأساتذة الذي لغته لغة كلامية جدلية رسمية ولكن توجد لغات في المعارف ليس الكل يتحملها، طبعاً المزيف والصحيح موجود في كل باب ولكن هذا لا يدعونا إلى أن نخلط بين الأصيل والحقيقي الواقعين وبين المزيف، فلا المزيف يدعونا إلى إنكار الحقيقي ولا الحقيقي يدعونا إلى أن نكون سذج ونقبل كل مزيف فإنَّ هذا خطأ، وإنما توجد هناك ضوابط لتمييز المزيف، وحتى في الأنبياء ولا يقاس أحد بالأنبياء ولكن الأنبياء فوق كل نبيٍّ نبي يعني بعض الأنبياء حدود نبوتهم خمسين درجة وبعضهم خمسة وسبعين درجة وبعضهم مائة درجة وبعضهم ألف درجة، وهل معنى هذا أن أجعل النبي يونس كسيد الانبياء أو كالنبي ابراهيم عليهم اسلام ؟!! كلا، أو اقبل أن النبي إبراهيم عليه السلام هو من أولي العزم ولكن هل أجعله بدرجة سيد الأنبياء؟ كلا ، ولو أنه لا يقاس بالأنبياء أحد، ولكن حتى الكمال درجات، ليس حينما أقول النبي يونس فهذا يعني أني أعطيه الصلاحية المطلقة، كلا بل يوجد عنده ترك أولى ويوجد عنده لا يعلم مع أنه النبي يونس، فصحيح أنه النبي يونس ولكن ليس معنى ذلك أنه يعلم كل شيء وإنما فوق كل ذي علم عليم، فلا الصح نغالي فيه ونقول هذا صح مطلق وإنما هو صح نسبي ولا الخطأ نقول هو خطأ مطلق وإنما نحدده، وهذه نكات مهم وهذه بحوث في المعارف نضطر إلى ذكرها لأنه صار لغط كثير في عالم الرجال حول المدارس الرجالية، فيجب أن نلتفت إلى هذه الأمور ولا نعمم فإن التعميم في الأحكام خطأ، فلا تعمم في الصح فإنَّ هذا خطأ ويصير افراط ولا تعمم في الخطأ فيصير افراط في التخطئة وإنما الأور دائماً نسبية، النبي يحيى عليه السلام على نبوته وعظمته في النوبة يقول لإبليس انصحني صحيح أن النبي يستطيع أن يميز شيطنة إبليس وبين عبرة الله تعالى في إبليس وليس إبليس نفسه، كما توجد عندنا رواية تقول بأنَّ النبي يحيى والنبي عيسى عليهما السلام أرادا أن يرجما زانياً فقبل أن يرجماه قالا له عِضنا والحال أنَ النبي عيسى نبي من أولي العزم فكيف يطلب منه الموعظة؟! لأنَ هذا الانسان يرى الموت الآن فصار عارفاً، فقال له كذا وكذا ثم مات، وهذه ليست سذاجة وإنما هم يميزون بين الدجل وغير الدجل وليست سذاجة فإن هذا الانسان عند الموت لا يعمل عنده الدجل والكذب والزيف وإنما يعمل عنده الصدق لأنه سوف يموت، فهنا تبدأ قريحة الصدق تتفجر.

أقول: - فحينئذٍ نسبية يلزم الالتفات إليها اجمالاً، ولو قلت لماذا دخلت في هذه البحوث وما هو ربطها بلعم الرجال؟ فأقول: نعم لها ربط، لأنه أصبح كيل ومكاييل، فحينما نقول النجاشي أنعم به وأعظم به في الانسان وفي ضبط الأنساب وضبط الأسماء ولكن تقول لي:- إنَّ النجاشي يعرف عن المدارس والمعارف، فأقول لك صراحةً:- كلّا، وإنما الشيخ الطوسي يعرف ذلك، أما النجاشي فهذا ليس تخصصه، فلا نستطيع أن نحمّل النجاشي ما لا يطيقه، ولا نستطيع أن نحمّل ابن الغضائري ما لا يطيقه، فإنه غير متخصص في هذا المجال، أما الصدوق فهو مطلع أجمالاً، وكذلك الشيخ المفيد مطلع اجمالاً، فصحيح أنَّ رأيه ليس معصوماً ولكنه مطلع، فهناك فرق بين المطلع وبين غير المطلع، وهذه البحوث يلزم أن لا ننساها، الرجالي مؤهلاته تؤثر في رؤيته مهما يكون شئنا ذلك أم أبينا، النجاشي لا يعرف حالة سلمان المحمدي وأبو ذر ، ما معنى الدرجات بين أبو ذر وسلمان، فإن هذه قضايا لا يعرفها فهذه ليست صوبه ولا حتى صوب علم الكلام وإنما هي صوب علوم أخرى في المعارف، وشئنا أم أبينا فهذه الحقائق موجودة.

فعلى أية حال عبد الله بن سنان وهو رجل فقيه جليل يقول بسند صحيح إنَّ الامام الصادق عليه السلام أراني حوض الكوثر، وهذا ليس فكراً وإنما هي مشاهدة، وهذا ليس مورداً ولا موردين، هذا للذي يعتقد بالأمة أما الذي لا يعتقد بهم فهذا كلام آخر، ولكن إذا اعتقدنا بالأئمة فعندهم هذا الجانب، فأقصد أنَّ الأئمة لم يعاملوا الكل بمعاملة واحدة، عمر بن حنظلة الذي اثبتنا أنه من أتراب زرارة ومحمد بن مسلم بن هو متقدم في المرجعية عليهم حسب نص صحيح من محمد بن مسلم يقول بأنَّ المفتي في الكوفي قبل زماني هو عمر بن حنظلة حتى أن بيوتات الشيعة الكبار يرجعون إليه في الفتيا ولا يرجعون لي، وهذا نص بسند صحيح من محمد بن مسلم الثقفي الذ يهو من أصحبا الاجماع، ونفس هذا عمر بن حنظلة الثقة الجليل الذي لم يكن أحد يلتفت إليه بحمد الله وقفنا على ربما اثنا عشر شاهد مسند صحيح على جلالته وزعامته، يصر على الامام الباقر أو الصادق بأنه يريد أن يريه بعض الغيبيات فقال له الامام إنك لا تتحمل ذلك وهذا وارد بسند صحيح إليه فأراه الامام عليه السلام ذلك فلم يتحمل فقال له الامام قلت لك إنك لا تتحمل، فهذه الارهاصات موجودة عن الائمة ولا يصح أن ننكرها نعم لا نفتح الباب لكل دجال ومتوهم ومتخيل، وصحيح أنَّ المتخيلون والمتوهمون كثيرون، فهذا باب خطير لا يفتح لأي شخص ولا يصدق أي شخص وهو من أخطر البواب ومن حق الفقهاء والرجاليين أن يتشددوا في ذلك، لأنه باب إذا فتح فكل من هبَّ ودبَّ ومتخيل ومتوهم وحتى الذي توجد عنده مشاهدات قد يتخيل أمور أخرى لا يعرف كيف يفهمها وهذا صحيح، ولكن لا أننا ننكر أصل وجود الشيء سيما عند الخواص من أصحاب السرّ للأئمة عليهم السلام، فهي أبواب معارف، وإلا فحواريي النبي عيسى عليه السلام هل هم مثل بقية تلاميذ النبي عيسى عليه السلام؟! كلا، وإنما كانت عند الحواريين كرامات وارهاصات بنص القرآن الكريم، فهم يختلفون.

وأنا هذا أشبعت في الكلام لأنه يوجد لغط كثير حول مدارس الرواة وقصدي هو هذا المطلب ومن الضروري التطرق إليه.

إذاً الرواية تنتهي إلى جابر بن يزيد الجعفي الراوي عنه عمرو بن شمر وهو خامس خمسة من تلاميذ جابر الذين طعن فيهم الغضائري والنجاشي ولكن كما ذكرت لكم ان الطعون بالنسبة إلينا منظور فيها للأسباب التي ذكرناها قبل قليل، هنا الكليني يروي وكل الطائفة أيضاً رووا عن جابر وتلاميذ جابر بل كل علماء الطائفة الكبار لا واحد ولا اثنين ولا عشرات بل مئات فهل هؤلاء لا يعرفون والنجاشي هو الذي عرف ذلك فقط؟!! إنَّ هذا غير مقبول فتلك قسمة ضيزى، فهؤلاء أسود في الفراسة والعلم وليس أحداً أو اثنين سواء كانوا علماء الكوفة أو علماء قم أو علماء بغداد المعاصرين للغيبة الصغرى أخذوا هذا التراث وهذا مهم جداً.

فهذه الرواية إذاً تنتهي إلى جابر بن يزيد الجعفي ويرويها عنه عمرو بن شمر الكليني الجهبذ يرويها بثلاث طرق مختلفة إلى عمرو بن شمر، فيحصل وثوق بالصدور، فثلاث طرق كلها تجتمع على عمرو بن شمر لذلك عندنا وثوق بالصدور في هذه الرواية، مع أنه فيهم كبار وأجلاء مثل احمد بن نظر الثقة وأحمد بن يحيى العطاء وعلي بن أبراهيم وأبيه وغيرهم، فإذاً هذه هي الرواية الأولى التي لم يعط السيد الخوئي النظر مليا فيها لا نعتبرها ضعيفة وإنما هي رواية موثوقة الصدور عن أبي جعفر عليه السلام قال:- ( قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في حديث:- لعن الله المحلِّل والمحلَّل له ومن تولى غير مواليه ومن ادعى نسباً لا يعرف )، وهذه معادلات تشريعية أخرى غير مرتبطة بمسألتنا وهذه كلها في موارد الكبائر ، ( والمتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال )، فإذاً أخذ عنوان التشبه، فإذا العنوان - أي عنوان التشبه - الذي يبنى عليه المشهور منصوص، ( ومن أحدث حدثاً في الاسلام أو آوى محدثاً ومن قتل غير قاتله أو ضرب غير ضاربه )[1] فهذه كلها كبائر، الآن هل نستطيع أن نقول إنَّ كل التشبه هو كبيرة بسياق هذه الكبائر المذكورة في الرواية؟ ولكن لما مرَّ بنا من أن التشبه عنوان ذو درجات وليس درجة واحدة نعم واضح أن التشبه قد يصل إلى الكبائر أو أكبر الكبائر.

فهذه الرواية تامة السند.

الرواية الثانية: - وهي يرويها الصدوق عن أبيه عن محمد بن يحي العطار القمي الشعري أستاذ الكليني، فإذاً والد الصدوق في طبقة الكليني ومشايخ الكليني مشتركون مع والد الصدوق عن محمد بن أحمد.

ونذكر نكتة في الرجال في محمد بن أحمد: - وهي أنَّ الرجالي مهما كان متضلعاً ولكن من الصعاب اليومية في علم الرجال هي تمييز المشتركات، والسيد الخوئي من أبرز شيء في دورة السيد الخوئي في علم الرجال أنَّ دورته الرجالية وكل دورة رجالية فيها بعد أو بعدين من أبعاد علم الرجال الرجالي يحاول أن يركز عليها ولكن من الأمور التي تميز بها السيد الخوئي بنجاح نسبي في دورته الرجالية قضية تمييز الطبقات والمشتركات، وهو كان أوصى تلمة الميرزا جواد التبريزي أن يكمل عمله في تمييز الطبقات، ولكن لا نعلم أنَّ كتاب الميرزا جواد التبريزي طبع أو لا، ولكن المقصود كان الميرزا جاد التبريزي في جلسة خاصة كنا في خدمته وكان يقول كان بين كم مدة سنة أو سنتين جاءني السيد الخوئي وقال لي يا فلان أكمل العمل فعنده اصرار على قضية تمييز الطبقات، فإنَّ تمييز الطبقات هو أحد الآليات المهمة لتمييز المشتركات في أسانيد الرجال مع أن السيد الخوئي أصل دورته ركز فيها على هذا الجانب وإنصافاً قدّم جهداً مهماً في الطبقات والتمييز ولكن هذا ليس هو كل شيء، حتى نفس السيد الخوئي مع كتابته لهذه الدورة في موارد عديدة في أبواب الفقه لم يكن عنده مجال في أن يميز المشتركات، فلاحظ أن تمييز المشتركات والطبقات كم هو صعب، مثلاً علي بن عبد الله فإنه يوجد عشرة اسمهم علي بن عبد الله فعليك أن تميز أن طبقة هذا واين طبقة ذاك، طبعاً أصل علم الطبقات في علم الرجال الشيخ محمد علي الأردبيلي صاحب كتاب جامع الرواة وأول من طبعه السيد البروجردي لأنَّ السيد البروجردي أيضاً عنده ولع في علم الطبقات وتمييز المشتركات في علم الرجال لأنه واقعاً مسألة تمييز المشتركات ابتلاء يومي كثير في عشرات الأسانيد، وحتى لو كانت عندك دورة رجالية ولكنك مع لك ستغفل في موارد كثيرة، فإن قضية تمييز المشركات والطبقات أمر صعب من دون أي مجاملة، مثلاً ألاحظ السيد الخوئي هذا الشخص المتضلع في علم الطبقات - وليس في باقي أبواب علم الرجال فإنه في أبواب علم الرجال بل حتى في الطبقات عندي الأغا برزك أعلم ولكن مع ذلك السيد الخوئي ليس سهلاً في هذا الباب من علم الرجال - ولكن مع ذلك تراه يترجل ويضيق الوقت في تمييز الكثير من الأسانيد فيقول أنا الآن لا أميز أن هذا مشترك أو لا، نعم يمكن بل الجهد ولكنه يحتاج إلى وقت كثير، سند واحد يحتاج إلى فحص ساعات، كم شخص موجود في الطبقة وكيف تميزهم، فقضية تمييز المشركات وتمييز طبقات الرواة أمر صعب، وحتى أنَّ السيد الخوئي كتب على دورته الرجالية ( ... في معرفة الرجال وطبقات الرواة ) فبحث طبقات الرواة بحث صعب جداً، وراج في زمن السيد الخوئي والسيد البروجردي هذا التمعّن، فعلى كلَّ قضية تمييز المشتركات ليس بالأمر السهل.

الصدوق عن أبيه عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد وتعال أخرج من هو محمد بن أحمد هنا بقرائن كثيرة هو محمد بن أحمد بن يحيى الأشعري القمي صاحب دبة شبيب، فتمييز المشتركات أمر صعب ويحتاج إلى ممارسة، ومن المروى عنه ومن الراوي عنه، وهذا الاصطلاح يلزم أن نلتفت إليه، فمحمد بن أحمد المروي عنه، والمروي عنه يعني الذي فوقه هو الذي روى عنه، فالذي قبله مفعول به مروي عنه، والذي قبله من جهة ما بعده هو روى عمن فيعبرون عنه ( المروي عنه ) و( من روى عنه ) هنا فاعل، فيوجد عندنا راوي عنه وعندنا مروي عنه، والمروي عنه فوق والراوي عنه تحت، وهذه نكات يلزم الالتفات إليها، وتكملة السند غداً إن شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo