< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/03/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع:قاعدة تبييض الأموال _ النوع الثالث ( بيع ما لا منعة فيه ) المكاسب المحرمة.

وصلنا إلى ابواب الأنفال الباب الرابع الحديث العشرون عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:- ( قد عملت يا رسول الله سيكون بعدك ملك عضوض وجبر فيستولى على خمسي من السبي والغنائم ويبيعونه فلا يحل لمشتريه لأن نصيبي فيه فقد وهلت نصيبي منه لكل من ملك شيئاً من ذلك من شيعتي لتحل لهم منافعهم من مأكل ومشرب ولتطيب مواليدهم ولا يكون أولادهم أولاد حرام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما تصدق أحد افضل من صدقتك وقد تبعت رسول الله في فعلك أحلّ الشيعة كلما كان فيه من غنيمة من نصيبه على واحدٍ من شيعته ولا أحلها أننا ولا أنت لغيرهم )، وتوجد رواية تذكر أنَّ هذا التحليل صدر ابتداءً من فاطمة عليها السلام ثم رسول الله ثم أمير المؤمنين ثم الحسن والحسين عليهم أفضل الصلاة والسلام.

وما ربط هذه الرواية بما نحن فيه وهو بيع مال الغير؟ ذلك باعتبار أنه يوجد في الخمس والآخرين يبيعونه ويشترونه فالمؤمن يتريه ممن لا يخمس وهذا البائع إما أنه لا يعتقد بالخمس أو أنه مؤمن يتبع أهل البيت عليهم السلام ويعتقد بالخمس ولكنه عاصي، فبالتالي هذا الشيعي الذي يشتري يبتلي بمال غير مخمّس هنا جاء التحليل، وأولاً نذكر ما هو التحليل ثم نذكر ربط الحديث بما نحن فيه من بيع أموال الغير.

إذاً أصل المسألة هي مما نحن فيه باعتبار أنَّ الخمس هو ملك لأرباب الخمس وهم الأئمة عليهم السلام والذي لا يخمس يتاجر به فيقع بيد المؤمن، فإذاً البحث مما نحن فيه، أما ما هو حكمه؟ سيأتي، وما معنى التحليل؟ هنا اضح ان معنى التحليل ليس اسقاط الخمس عن المؤمن أو لا يؤديه وإنما معنى التحليل الخمس الذي تعلق بالغير في ماله والغير هو مكلف به سواء كان الغير مخالفاً أو مؤمناً فإن الرواية أعم وإن كان السيد الخوئي أو غيره استظهر في غير المؤمن ولكن نقول الرواية أعم فسواء كان غير مؤمنا أو مؤمناً إذا لم يخمس وهذا المؤمن يأتي ويتعامل معه معاملة مالية فسوف يقع هذا المال غير المخمس في يده من حيث يعلم أو لا يعلم فبالتالي سوف يقع في أكل المال الحرام وهو مال الخمس سيما اربابه أولياء الدين وأئمة الدين فأكله وشربه أولاده والمال الذي يدفعونه كمهر أو شراء جارية سوف يكون منه وهنا توجد روايات في هذا المجال، هنا سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين وبقية الأئمة ولاقي الأئمة هذا التحليل صدر من كل الأربعة عشر معصوم، وهو معلل، فلاحظ أين هو مورده ومؤدّاه ومفاده، فهذا التحليل ليس خاصاً بصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف لتوقيعه وإنما توجد روايات كثرة مستفيضة فيه، أما أن بعض الفقهاء غفل عن حقيقة معناه كصاحب الحدائق فهذا بحث آخر، ولكن المشهور شهرة عظمة من علماء الامامية سواء كانوا اخباريين أو أصوليين لم يغفلوا غفلة صاحب الحدائق وأمثاله، فهو ليس معنى الاسقاط وإنما هذا التحليل إنما هو في مورد خمس تعلق في ذمة الغير وأنت تبتلى به لا أنَّ الخمس تعلق بالمال ومتوجه لك أنت أيها المكلف المؤمن، فكل مورد الروايات هذه هو هنا، هنا الامام عليه السلام يقول إنَّ هذا الخمس الذي هو على ذمة الغير والغير مخاطب به وعصى يصح لك أن تأكل منه ولك المهنأ أيها المؤمن ولكن الوزر على ذك الشخص، لذلك يعبر عنه الفقهاء بتحليل التجارات ولتجارات يعني تتعاوض وتتاجر فأيّ معاملة تتعامل فيها مع طرف لا يخمس فمع ذلك هذا لا يسبب لك إشكال وإنما هذا الخمس الذي وقع بيدك لم تخاطب به بل في أصل خوطب به اولاً هو ذاك الشخص هنا في هذا المورد حلّل للمؤمنين، لا أنَّ الخمس الذي يتعلق بالمؤمن نفسه من أرباح السنة أو من غوص هو يغوصه أو من كنز - ركاز - هو يستخرجه أو من غنيمة يغنمها في حرب فذلك الخمس أسقط وحلّل كلا هذا بل هذا لم يسقط ولم يحلل وإنما كانت سيرة الأربعة عشر معصوم على أخذه بل يهددون وينذرون عليهم السلام بالعقاب الأخروي إذا لم يدفع المؤمنون هذا الخمس، فلا يوجد تناقض فإن التحليل مورد يختلف عن هذا المورد الذي فيه الخمس يكون واجباً، فإذاً هم لم يسقطوا الخمس، كلا بل الخمس الذي يتعلق بالغير أحلّوه، كأن تعرف شخصاً لا يخمس ودعاني إلى طعام فهنا لك حلال أن تأكل أما ذاك فعليه الوزر أما أنت فلا شيء عليك، أنت تأكل حلالاً طيباً وإذا انعقدت نطفة لولد مؤمن تصير طيبة طاهرة وهذا علّل في الروايات فهذا اين واين توهم تحليل واسقاط الخمس بالمرة فإن ذا بعيد كل البعد عن حقيقة روايات الخمس أما أنه كيف غفل صاحب الحدائق عن هذا أو غيره فهذا بحث آخر، ولكن هذا شواهده جلية جداً حيث علل ذلك المعصومون فإن مورده هو الخمس الذي تعلق بذمة الغير لا الخمس الذي تعلق بذمة نفسه والروايات المطلقة ايضاً معللة بنفس هذا التعليل فلا يبقى وهم، ولو اردنا أن نستعرض الروايات توجد فيها قرائن كثيرة على كلام المشهور، وأيضاً السيرة القطعية من الأربعة عشر معصوم على أخذ الخمس، سيرة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم في صحيح البخاري وصحيح مسلم وفي الصحاح العشرة أو الستة فضلاً عن مصادرنا كان يأخذ من القبائل خمس الأرباح غير خمس الغنائم إلى أخر حياته، ولعل البعض يعتقد أن هذا التشريع في خمس الأرباح تشريع هو من الصادق عليه السلام، ولكن نقول كلا بل هو موجود منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وحتى لو قال به الامام الصادق عليه السلام فنحن علينا الطاعة أيضاً ولكن مع ذلك هو في الأصل تشريع منذ زمن النبي صلى اله عليه وآله وسلم، فلاحظ في حين أن البني يجبي أرباح الأخماس وغيرها إلى آخر حياته في حين هو حلل للمؤمنين ومن جملة تلك القبائل هي القبائل اليمينية وغيرها كانت مؤمنة تؤمن بالإيمان وليس فقط بالإسلام، فلذا روايات التحليل لا يبقى لها وهم ولذلك المشكلة كل المشكلة من يخوص في الروايات ليس لديه فقاهة وكأنما يتعاطى مع علوم الوحي ليس علوماً وإنما ألعاب أعوذ بالله كيف أن علوم الوحي أهون من علوم البشر ، هي علوم البشر تحتاج إلى تخصص وتضلع أما علوم الوحي فهي أعظ فكيف لا تحتاج إلى ذلك، هذا بالنسبة إلى مفاد التحليل في الرواية.

وأما بالنسبة إلى صلة الرواية بما نحن فيه: - وهي أنهم عليهم السلام امضوا هذه المعاملة ويتملكها المؤمن مع أن الغير سواء كان مؤمنا أو ليس مؤمنا هو غاصب ولكن مع ذلك هم عليهم السلام أمضوا العامل على الخمس فإنه توجد روايات بهذا اللسان ( لك المهنأ وعليه الوزر )، وكيف عليه الوزر؟ لأنَّ الخمس ينتقل من العين إلى ذمة ذاك الشخص، وكيف يصير عليه الوزر؟ لأنه أتلف فيصير عليه وزراً، ولذلك اعتمدنا رأي السيد الخوئي خلافاً للسيد الكلبايكاني، وقد مرتبنا هذه المسألة أمس، لأنَّ روايات التحليل هذه تشهد لمبنى السيد الخوئي لا لمبنى السيد الكلبايكاني، أما السيد الكلبايكاني لم يبنِ على إمضاء المعاملة ولكن الصحيح أنَّ المعاملة ممضاة وصحيحة ولكن ينتقل الخمس من العين إلى الذمة، وقد ذكرنا ثلاث أقوال قول أن الخمس يبقى في العين لا تمضى المعاملة فيه، ولو أنَّ المقارنة بين الأقوال دقيق فالكثير من مسائل الخمس تعتمد على هذا البحث سيما مسائل التفريعية الكثرة التي فيها ارباح المكاسب فإنه يصير تفريط أو اهمال عند المكلف كأن لم يخمّس عشر سنين فإذا تنبي على مبنى السيد الكلبايكاني الذي هو أحد قولي المشهور فسوف تصير حسابات الخمس شكلاً ما إذا بنيت على مبنى السيد الخوئي تصير حسابات الخمس بشكلٍ آخر وإذا بنيت على القلو الثالث تصير حسابات الخمس شيئاً آخر، لذلك أحد البحوث الحساسة القائم بها باب الخمس هي أرباح المكاسب في هذا المبحث وهو أنَّ المؤمن أو المسلم ثم استبصر أو كافراً ثم استبصر لو مضت عليه سنيناً لم يخمس وصارت عنده ارباحاً من استثمارات كيف يحسب الخمس ظ إن عملية حساب الخمس مرتبطة بهذه الأقوال الثلاثة، فإما أن يقال كما بنى عليه السيد الخوئي وهو الصحيح وهو أحد أقوال المشهور أنَّ المعاملات صحيح ولكن تلف الخمس لأنَّ هذا المال غير مخمس مرت عليه سنة ولكنه رغم ذلك هو يتاجر به فهذا المال فيه أربعة أخماس ملكه والخمس منه ليس ملكه وإنما هو ملك لأرباب الخمس ولكن تعامل معه وتاجر به وذهبت عين المال فالسيد الخوئي يبني على أنَّ المعاملة صحيحة - وهو الصحيح - ويصير تلفاً فينتقل الخمس من العين إلى ذمة من خوطب بالخمس، وهذا له أثر كبير وأثره على مبنى السيد الخوئي أنَّ العين غير المخمسة كأرض باعها أو سيارة باعها وأخذ المال فإذا قلنا ينتقل الخم من العين إلى الذمة فهذا المال يصير صافياً وليس فيه الخمس إلا أرباح سنة جديدة أما الخمس القديم فليس فيه، لأن السيد الخوئي بنى - وهو الصحيح - على أن الخمس السابق انتقل من العين إلى ذمة المكلف أما هذا المال الجديد فهو ربح جديد وله خمس جديد فهذا بحث آخر، فإنه نعم يتعلق به خمس جديد إذا لم يصرفه في المؤونة ولكن ليس فيه خمس الآن لا أنَّ الخمس القديم انتقل من العين إلى الثمن والعوض الذي حصل، هذا هو مسلك السيد الخوئي وهو الصحيح.

وهناك قول آخر في بحث الخمس يقول إنَّ المعاملة في مقدار الخمس ليست صحيحة بل تبقى فاسدة، كأن باع سيارة فأربعة أخماس السيارة البيع فيها صحيح أما الخمس الباقي من السيارة فلا زال باقياً فينتقل، أما الثمن الذي أخذه البائع الذي لم يخمس أربعة أخماسه هي ملكه وأما الخمس الباقي يبقى على ملك المشتري، وتعال فكك حين اختلاط الأموال، هذا هو القول الثاني وقد اختاره جماعة من المشهور، ولكن يلزم أن يلتفت إلى كيفية المحاسبات أين مجهول المالك وأين الخمس واين ملكه وهلم جرا فيلزم التمييز في ذلك أما أصل المعادلة في هذا القول فقد شرحناها ولها آثار في كيفية محاسبات الخمس، وهذا القول بنى عليه السيد الكبايكاني أيضاً، فهو تارة يبني على القول الثاني وتارة يبني على القول الثالث في جملة من فتاواه.

أما القول الثالث في الخمس يقول إنَّ المعاملة صحيحة وليست فاسدة في مقدار الخمس ولو أنه غاصب - لأنه غاصب من حيث يعلم أو لا يعلم لأنه لم يخمس - ولكن المعاملة مع ذلك صحيحة ولكن مقدار الخمس لم يبق في الذمة ولم يبق في العين التي انتقلت إلى المشتري وإنما ينتقل الخمس السابق إلى العوض أي الثمن الذي أخذه البائع سواء أخذ نقدا أو أخذ عيناً أخرى، فتمضى المعاملة برمتها ولكن الخمس ينتقل إلى الثمن، وهذا الثمن الذي أخذه البائع ثمانين بالمائة ملكه وعشرون بالمائة ملك أرباب الخمس هذا الخمس القديم وليس خمساً جديداً أما الثمانين بالمائة منه يصير الآن موضوع لخمس جديد لأنه مال جديد، فالقول الثالث يقول بأن الخمس لا يبقى في العين ولا ينتقل إلى ذمة المكلف وإنما ينتقل الخمس نم العين إلى العوض.

هذه ثلاث أقوال رئيسية في بحث الاتّجار أو التعامل بالخمس يعني لمن يعصي ولا يخمس كيف تصير أمواله ففيه ثلاثة أقوال رئيسية، لاحظوا أنه على القول الثالث واضح أنه مثل ما نحن فيه أن الامضاء يصير والربح يكون لمن؟ افترض أنَّ العين غير المخمسة سيارة كانت قيمتها عشرة آلاف دولار الآن هذه السيارة التي لم تكن مخمسة أصبحت قيمتها عشرون ألف دولار - افترض أنه زاد - فالخمس كان ألفي دولار من عشرة آلاف دولار، الآن هو حينما أخذ عشرون ألف دولار صار الخمس القديم أربعة آلاف دولار وبقيت له ستة عشر ألف دولار فربح ستة آلاف دولار فعليه خمس جديد في الستة آلاف دولار، فلاحظ كيف أن المحاسبة تختلف، فهذه المحاسبات صعبة في الخمس لأجل هذه الجهة، فهذه الأقوال الثلاثة يلزم أن ينقحها الانسان وأن فتوى الفقيه الذي يقلدونه أنه في بحث الخمس أي مبنى عنده في الخمس في حالة ما إذا لم يخمّس واتّجر بالخمس، فهل يبني على القول الأول كما بنى عليه السيد الخوئي وهو الصحيح أو اقلل الثاني الذي اختاره السيد الكلبايكاني في بعض أقواله أو القول الثالث الذي اختاره آخرين وهذا موجود في العروة، عشرات مئات الفروع في بحث الخمس كلها مرتبطة بهذه الأقوال الثلاثة في كيفية المحاسبة، هذا من حيث بحث أصل الخمس.

والآن شاهد على ما نحن فيه أنَّ - وهذا هو بيت القصيد أما هذه فهي بحوث أجنبية من أبواب أخرى ذكرناها لكي تمهد ما صلة هذا بما نحن فيه اضطررنا إلى بحثها ولكنها بحوث مفيدة وممتعة - ربطه بما نحن فيه أنه على القول الأول نلاحظ فيه إمضاء المعاملة أما على القول الثالث ايضاً فيه إمضاء للمعاملة ولكن على القول الثاني فقط لا يوجد إمضاء للمعاملة والصحيح هو إما القول الأول ولو تنزلنا عن القول الأول فالصحيح هو القول الثالث لا الثاني، وهذا القول الأول أو الثالث دال على أن الاتجار بمال الغير وليّه الشارع يمضيه ويكون الربح لأصحاب الخمس على القول الثالث أما على القول الأول يصير في الذمة وهذا بحث آخر تخفيفاً للمؤمن لا غير المؤمن.

وما الدليل على إمضاء المعاملة؟

طبعاً المعاملة لم يمضوها عليه السلام لكل المسلمين أو لكل البشر وغنما أمضوها فقط للمؤمن ولو كانوا عصاة كرامة لإيمانهم، وهذا التعليل موجود وهو ( لشيعته ) فلم يقل شيعته البررة أو الاتقياء أو أصحاب صلاة الليل وإنما كل الشيعة المؤمنين الموالين، فهنا يوجد إمضاء من الشارع، فإذاً في خصوص الخمس توجد عندنا أدلة فنفس أدلة التحليل هي أدلة الامضاء لخصوص المؤمنين ويحمل هذا على القول الأول أو القول الثالث غاية الأمر يوجد فرق بين القول الأول والثالث كما مر بنا.

فإذاً هذه طائفة أخرى من الطوائف الواردة في الاتجار بمال الغير.

وبقيت الروايات الواردة في أبواب زكاة الأنعام الباب الثاني عشر الحديث الأول: - والرواية صحيحة أعلائية وواردة في الزكاة، عن عبد الرحمن بن عبد الله قال: - ( قلت لأبي عبد الله عليه السلام:- رجل لم يزكِّ إبله أو شاءه عامين فباعها، على من اشتراها أن يزكيها لما مضى؟ قال: نعم تأخذ منها زكاتها ويتبع بها البائع أو يؤدي زكاتها البائع )، وهذا يوافق القول الثاني والقول الثاني على مقتضى القاعدة، وحينما قال ( على من اشتراها أن يزكيها لما مضى؟ قال: نعم تؤخذ منها زكاتها )، ولكن غاية الأمر تؤخذ منها يعني إذا علم الوالي أنَّ هذا المال فيه زكاة يستطيع أن يجبر المشتري فيأخذ الزكاة منه ويتبع المشتري البائعَ بهذه الزكاة التي أخذت منه، ( أو يؤدي زكاتها البائع ) فإذا أدى البائع زكاتها تلقائياً يصير البيع صحيحاً، هذه الرواية ليس فيها زيادة على مقتضى القاعدة وربما يوجد شيء أكثر باعتبار أنه حتى لوأداها بعد البيع فهذا البيع الفاسد في مقدار المال الزكوي يصيح ويتملّكه وإذا تملّكه يمضي، فهذه الرواية ظاهرها أن غسيل الأموال غير ممضى، ولكن توجد روايات أخرى تقدمت أنه إذا كان في المعاملة ربحاً يصير الربح للمال الزكوي وينتقل المال الكوي ويصير من قبيل القول الثالث وقد مرت بنا رواية معتبرة السند بهذا الخصوص، والجمع بينهما ممكن فإما أن نحملها على مورد عدم الغبطة للمال الزكوي والغبطة تكون في بقاء الزكاة في المال فيخصص بينما تلك الرواية الواردة في إمضاء المال الزكوي أن يكون هناك ربح فيها كما في مال اليتيم والزكاة حيث مرت رواية معتبرة في الأبواب السابقة قال:- ( إن كان هناك ربح للزكاة وإن توت فأنت ضامن ) فنجمع بين هذه المفادات الواردة في عدة روايات وبين هذا المفاد أنه لا يكون مخالف للقاعدة.

إذاً خلاصة ما ورد في الزكاة لا ينافي ما تقدم من أنه في الأموال المغصوبة إن كان هناك ربح وكان وليه الشرع فالامضاء موجود ولكن الربح لصاحب المال نفسه، والجمع بين الضمان والربح ليس من باب القرض الربوي، وهذا مرّ بنا أنه نفس قاعدة المضاربة، وهذا وجه تخلّصي مثمر في سوق المال عن الربا، لأنَّ صاحب المال يقول أيها التاجر تعال أتاجر بالمال الذي لدي ولكن في المعاملات التي في الواقع فيها أو ليس فيها خسارة أما إذ كانت فيها خسارة فأصلاً ليس لدي إذن لك فتكون يدك ضامنة فمن جهة العامل يضمن المال إذا تلف ومن جهة أخرى لو ربح يصير الربح كله لصاحب المال أو بحسب النسبة التي أتفقا عليها، وهذا لا يقلب عقد المضاربة عن كونها مضاربة كما أوضحناه مفصلاً هذا تمام الكلام في قاعدة تبييض الأموال وغسيلها، وسنرجع إلى جادة البحث التي كنا فيها وهذا كله ببركة قاعدة ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) وهي ابتلائية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo