< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

41/01/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة تبييض الأموال _ النوع الثالث ( بيع ما لا منعة فيه )/ المكاسب المحرمة.

قبل أن نستعرض روايات هذا لباب في بحث قاعدة تبييض الأموال أو عنونها التقليدي الاتجار بالمال الحرام، ومرّ بنا استعراض الباب الخامس من أبواب الدين، الآن نذكر الباب الخامس والسبعون من أبواب ما يكتسب به، وطبعاً أبواب الدين وأبواب ما يكتسب به مجموعة أبواب أدرجها صاحب الوسائل في كتاب التجارة فكتاب التجارة فيها أبواب منها أبواب ما يكتسب به وفي داخل أبواب ما يكتسب به الباب الخامس والسبعون عنوا الباب ( الاتجار بمال اليتيم أو بمال الزكاة أو بمال الخمس )، وبعبارة عصرية إما بالمال العلم أو بمال القصّر، وقبل أن ندخل في روايات هذا الباب يجب أن نلتفت إلى أنَّ روايات هذا الباب لا تفهم إلا إذا أحاط الباحث بالمضاربة والشركة كي يلتفت إلى أنَّ الروايات تشير إلى أي حكم، فمر بنا أنَّ نوعاً من أنواع الشركة والشراكة البحث ليس في كل باب الشركة وإنما البحث في نمط خاص من الشركة وهي شركة الرساميل، والرساميل هي رأس المال تخفّف برسمال، فرساميل هي جمع رأس مال وهي تخفيف، فالكلام في نمط الشركة مع اشتراط الرساميل، يعني مع مالين أو أكثر يشتركون في الاستثمار، ومرّ بنا بحث المضاربة اجمالاً وافتراق باب المضاربة عن القرض، فإنه توجد خمس قواعد أو ضوابط أساسية، فالشراكة أو الشركة الاستثمارية كيف علاقتها مع المضاربة؟ بالقدة الشركة كما مرّ بنا هي نوع من المضاربة من جهة الاستثمار ولكنها مركبة بدلاً من أن تكون مضاربة بسيطة، وقد مرّ بنا أن نفس المضاربة مركبة من ثلاث عقد وكالة وتجارة بيوع واجارة ولكن الأجرة في الاجارة غير مضمونة وهذا الباب يفتح لنا حلولاً كثيرة في الاستثمار والكتيب الذي أصدرنا هو عبارة عن فتاوى وهو ربما ثلاثين مسألة أو خمسين أو أقل او أكثر فيها حلول بديلة في باب الاستثمار بديلة عن الربا ولا يشوبها أي إشكالية وهي متفق عليها حاولنا أن نفعلها، يعني حاولنا أن نفعّل هذه القواعد حتى تكون لها حركة مالية نشطة وجذابة للمستثمرين.

فالشراكة الاستثمارية مع المضاربة، إذاً في هذا البعد سميت شراكة لأنه فيها امتزاج مالين، فأحكام باب الشركة تدخل على الخط وقد مرّ بنا أنَّ المضاربة ثلاثة عقود وكالة وبيع واجارة فإذا دخل على الخط بحث آخر وهو الشركة فتصير أربع عقود فإن الشكة الاستثمارية فيها ثلاث عقود ففيها مضاربة التي هي ثلاث عقود وفيها، فيمكن تصوير هكذا شركة استثمارية في الشراكة الاستثمارية فيها ميزة توسعة لباب المضاربة مثلاً أنَّ صاحبي المال هذه الشراكة الاستثمارية لها صور عديدة جداً، قالب واطار متحرك وليس بجامد وإنما يمكن أن يصور بصور عديدة جداً وهذا مهم في ذهنية الباحث والفقيه أن يلتفت إلى كيفية أنَّ يصور تصاوير وفروقاً عديدة، ومن صور الشراكة الاستثمارية كثيرة وهذه الصورة كثيرة الوقوع بأن يكون اثنان أصحاب مال تجار يتشاركان ويعملان معاً في التجارة ولكن الربح بسبب اشتارك المال يصير مشتركاً وهما متفقان بأن يأخذ كل واحد منهم من الربح بحسب مقدار ماله، مثلاً أحدهما ماله ثلاثون بالمائة واخر سبعين بالمائة فالربح يوزع بحسب رأس المال، وذه صورة كثرة الوقوع، ونحن في صدد شرح فهرسي لهذين البابين حتى نلتفت إلى روايات الباب الخامس والسبعون من أبواب ما يكتسب به وهو الاتجار بمال اليتيم أو بمال الزكاة، هنا في هذه الصوة من الشراكة الاستثمارية وزع الربح بحسب نسبة المال فلم يصر الربح موزعاً بين صاحب رأس المال والعامل، فهما إن أن يتفقا وصروا بذلك أو لم يصرحوا وإنما إذا اشتركوا من دون تحديد نسبة معينة فتلقائياً يكون الربح بقدر رأس المال، فأين صار عامل المضاربة مهنا كلهم عمال مضاربة كلهم أصحاب رساميل ولا مانع من ذلك وهي نوع من المضاربة، وبعبارة أخرى هنا عامل المضاربة يكتفي في أجرته أنه يكون دعماً مالياً امتزاجي شراكي من صاحب المال الآخر، يعني نفس وجود مال صاحب المال الآخر هو نوع فائدة له هذا تاجر وذاك نتاجر وهذا كاسب وذاك كاسب ولكن نفس الاختلاط هو لكل التجارة فيستربح فيكفيه هذا عن أخذ الزائد ولا مانع في ذلك، هذه صورة من الشراكة الاستثمارية وهي الشائعة في السوق.

لذلك الفقهاء بعضهم ذكر باب الشركة بعد باب المضاربة، ونحن نخلط بين البابين او نميز أو نلتفت غلى المشتركات؟! مرّ بنا أنَّ عقد المضاربة ثلاثة عقود أما الشركة الاستثمارية فيها زيادة عقد آخر في المضاربة، وطبعاً ليس كل أنواع الشركة وإنما خصوص الشركة الاستثمارية، هذه الشركة الاستثمارية التي هي نوع من الشراكة وليست كل أنواع الشركة فلاحظ أنه يدخل عقد على عقد آخر فيلزم أن يلتفت الباحث إلى أنه كيف يميز بين هذه البحوث الماهوية، ومرّ بنا أمس أنَّ من أسرار باب المعاملات هو أن يركز البحث مجهريا على تحليل ماهيات المعاملات وهل هي متباينة أو متزاوجة وهلم جرا.

وهناك صورة أخرى من الشركة الاستثمارية أنَّ المالك من أصحاب المال يشترك مع البقية في المال ولكن عامل المضاربة واحد فهذا صاحب المال هو الذي يستثمر وقد يتفقون على أن الربح بحسب نسبة المال وهذا لا إشكال فيه مع أنَّ العامل واحد والبقية لا يعملون ولكن يقولون له بشرط ان يكون الربح بحسب رأس المال، فهذا عامل المضاربة ربحه بحسب نسبة المال؟! نعم لأنه هو الذي يستثمر المال بدعم من أموال أخرى تكون قدرة الاستثمار قوية وهذا هو ربح ولا مانع من ذلك وقد يخصص لعامل المضاربة شيء وقد يقول الآخرين لعامل المضاربة أنت رأس مالك خمسة بالمائة ونحن خمسة وتسعون بالمائة فربحك لا يكون بمقدار كامل وإنما هو بمقدار والبقية لنا وهذا أيضاً لا إشكال فيه، ولا نريد الدخول في تفاصيل كثيرة في الشركة الاستثمارية التي هي نوع من الشركة ولكنها نوع من الشركة متمازج متزاوج مع المضاربة فلاحظ أن نوعاً من أنواع الشركة تزاوج مع المضاربة - وليس كل الشركة - وهذا لا مانع منه، إذاَ توجد فوارق بين باب المضاربة لذلك الانسان يقول لماذا خلط الفقهاء فهم يبحثون المضاربة وأيضاً يبحثون الاستثمار؟، ولكن نقول إنه لا يوجد خلط بل أنت الذي حصل عندك خلط فإنَّ الفقهاء أتقوا التمازج بين الماهيات، الآن حتى في القانون العصري الحديث أصلاً الشركة صارت اسماً بارز للاستثمار وليس لتمازج الأموال، تمازج الأموال هو لغاية الاستثمار وهذا نوع من المضاربة، المضربة أيضا لها عدّة أسماء كالمتاجرة وغير ذلك وهي تدل على الاستثمار ، فهذا فرق أساسي وهو أنه ما هو الفرق بين المضاربة بما يشمل الشركة الاستثمارية، محيط ماهية المضاربة يدخل على الخط عموم وخصوص من وجه في باب الشركة، وهذه نكتة صناعية لطيفة ولك ان تقول الآن إذا سلت ما النسبة من النسبة بالأربعة بين باب المضاربة والاجارة؟ هي العموم والخصوص من وجه، لأنَّ المضاربة جزء من ماهيتها الاجارة، ما هي النسبة بين باب الوكالة وباب المضاربة؟ أيضاً عموم وخصوص من وجه فإن بعض الوكالة مضاربة وبعضها الآخر ليس مضاربة، ما هي النسبة بين باب البيع وباب المضاربة؟ تستطيع أن تقول هي نسبة العموم والخصوص من وجه لأنَّ المضاربة فيها بيع وفيها ما ليس ببيع، فلاحظ أنَّ ماهيات المعاملات عجيبة صناعياً يدخل بعضها على البعض الآخر ولذلك الفقيه الحاذق في ماهيات المعاملات يلتفت إلى أنَّ هذه المعاملة مركبة او بسيطة، من الأبحاث المهمة جداً في باب المعاملات على الباحث أن يركز ويلفت إلى أن المعاملة بسيطة أو مركبة، ومرّ بنا أنه لماذا سمي العقد عقداً وكم عهد موجد في العقد، ولماذا بحث الفقهاء هذا؟ حتى يلتفتون إلا البساطة والتركب في الماهيات، ومرّ بنا أنه حتى في الهبة هناك عقد مع أنَّ الهبة تمليك من طرف فلماذا قالوا هي عقد ؟، فعل كل هذه بحوث متعددة وهذه كلها ترتبط بهذا البحث وهو كيف أن الفقيه في باب المعاملات يحلل الماهية إلى كم ماهية هي ونادراً تصير ماهيات المعاملات بسيطة ولكن غالباً هي مركبة، تتركب وتترامى في التركب فيقال تراكب.

لا بأس أن نذك هذه الفائدة نبه عليها متأخري هذا العصر وهي فائدة مهمة جداً: - وهي العقود الحديثة العصرية هل هي صحيح أو باطلة؟ وهي عقود عصرية وعناوين جديدة فكيف يحرر بحثها الفقهاء في الأبواب والمسائل المستحدثة، هنا لاحظ هذه الضابطة الصناعية الثمين عند الفقهاء يقولون عيك أن تحلل الماهية ولا يغرنك الاسم الجديد ولا تنخدع بالأسماء فإن الاسماء كثيراً ما هي مخادعو بمعنى أنها لا تكشف لك الحقيقة تماماً، فهي قد تكشف لك زاوية من الحقيقة وقد تلبس عليك الحقيقة، فإذاً ما هو الميزان في تحليل الفقيه؟ تنقيحه إلى هذ العقود العصرية الجديدة؟ يقولون اذهب وحلّل ماهوياً وليس اسماءً وتسميات فاذهب وحلل ماهوياً ما الذي يجري في هذه المعاملة وهل يحصل فيها تمليك أو لا وتمليك من لمن وكم تمليك يحصل في البين تمليك مال أو منفعة أو حقوق أو أي شيء كل الزوايا الماهوية التي تقع في هذه المعاملة ارصدها رصداً دقيقاً فإذاً رصدتها رصداً دقيقاً بالتحليل المجهري الفقهي سيتبين أن حقيقة ذه المعاملة مركبة من كم عقد قديم معهود سابق في الفقه، فلاحظ أنَّ هذه الآلية سهلة ولكنها تحتاج إلى تثبت، لذلك لا يستعصي على الفقيه إذا أراد التصحيح لأنه توجد عنده الأدلة لتلك المعاملات القديمة الأصلية لازال حيّة فإنَّ البيع لا زال حياً، كأنما يعتبرون المعاملات المذكورة من بيع وهبة واجارة وصلح عقود أمهات هذه العقود الجديدة العصرية هي مواليد وأجيال مولودة من تزاوج تلك المعاملات الأم، وهذه نكتة صناعية مهمة جداً أكد عليها فقهاء في هذا القرن الأخير ونعم النكتة، فإذاً دخول ماهيات المعاملات على بعضها البعض ودخول يعني تركّب وتألف تآلف توالف ما شئت فسمّ وهذا دائما موجود، حذاقة الفقيه في أن يحلل هذه الماهيات، إذاً المضاربة عندها تزاوج في بعض فصائل الشركة وبعض فصائل المضاربة وهاذ موجود وقابل للتصوير.

ما هي المباينة بين القرض أو القرض الربوي أو الربيات وين المضاربة، فلاحظوا هذ البحوث التحليلية تنفع الباحث في العلوم الدينية حتى في أجوبة شبهات العلمانية والالحادية لأنهم توجد عندهم شبهات حتى على صعيد الاقتصاد حتى على صعيد المال ومرّ بنا ذكر هذا المطلب هو أن الكثير من المنظرين حتى في الوسط الداخلي ممن لا توجد عندهم سيطرة على هذا تراهم ينهزمون بسرعة أمام هذه القضايا، ولا نريد ذكر السماء ولكن هذا موجود، أما الباحث والفقيه حينما يصير متضعاً فسوف يلتفت فيعرف أين الخنادق ومن أين يأتي العدو التحريفي في التشريع، الآن خمسة عشر سنة تقريباً باعتراف كل الاقتصاديين في العامل توجد عاصفة اقتصادية لم تهدأ بدأت من اقصى شرق آسيا وتجول حتى وصلت الآن إلى وول ستريت، فلاحظ أنه القرض الربوي ما هو وغير ذلك ، فيوجد فرق جوهري بين الاستثمار الحقيقي والربا وهذا من معاجز دين الاسلام إذا تضلع الفقيه في ذلك فسوف يلتفت إلى أنَّ القرآن الكريم كيف هو معجز، كم أنَّ باب الاقتصاد معجز في الاسلام باب الحدود في الاسم معجز قطع يد السارق معجز وجلد الزاني معجز تثبيت النكاح وتحريم السفاح معجز في الاسلام، فكل قوانين القرآن معجز لا أن نبعّض بعضاً دون بعض، فعلى كلٍّ ولكن بشرط التضلع، فإذاً ما هي بقية الفروق بين القروض الربوية والمضاربة، فالفرق الأول أنَّ رأس المال في المضاربة غير مضمون على المستثمر بالمال فهو عامل مضاربة بخلاف القرض فإن في القرض المقترض يضمن أصل المال.

ونشرح اصطلاح القروض الاستثمارية:- فإنه توجد قروض استثمارية وتوجد قروض استهلاكية وهذا اصطلاح بنكي واصطلاح فقهي قديم، والقرض الاستهلاكي كأن يأخذ هذا الانسان قرضاً كي يبني بيته أو يشتري أرضاً أو سيارة أو مؤونة فهذا يسمونه قرض استهلاك ، وتارة رجل كاسب يأخذ قرضا كي يتاجر فهذا يسمونه قورضاً استثمارية وهي تختل أنَّ القروض الاستهلاكية، البعض تخيل أن المحرّم في الربا هو القرض الاستهلاكي أما القرض الاستثماري فليس بمحرم وهذا اشتباه كامل أما كيف هذا فلا نريد الدخول فيه، القروض سواء كاتن استثمارية أو استهلاكية تختلف عن المضاربة، والفارق الأساسي الأول فيها وقد شد علي المشهور وكذلك السيد الخوئي وافق المشهور بشدة ونعم ما تشدد به السيد الخوئي وهو أنه في المضاربة الاستثمارية المال ليس مضموناً على المستثمر فهي خلاف القرض الربوي، والفارق الثاني على ضوء هذا الفارق الأول الربح في القرض يكون للمقترض لأنه هو صاحب المال بينما في المضاربة الربح حسب مقتضى القاعدة لصاحب المال إنما يعطى عامل المضاربة قسطاً نسبياً من الربح كأجرة عمل لا أنه يملكها ابتداءً، وهذه النسبة في عالم المضاربة تختلف عن النسبة في القرض الربوي النسبة في القرض الربوي من الربح بحسب مقدار رأس المال أما النسبة في عالم المضاربة تكون بحسب الربح لا بحسب مقدار رأس المال وهذا فارق جوهري ثالث أو رابع مهم، ولذلك يعبرون أنَّ الربح في المضاربة متحرك غير ثابت فليس من المعلوم كم يصير أما الربح في القروض الربوية فهو ثابت لأن مقدار رأس المال ثابت فنسبة الربح دائماً تصير ثابتة، وهذا فارق آخر جوهري بين باب المضاربة الاستثمارية وبين باب القرض الربوي، إذاً هذه جملة من الفروق من الضروري الالتفات إليها بين المضاربة الاستثمارية وبين القرض، فإذاً صار هذا واضحاً سنقرا الروايات فنلاحظ كيف هي عجيبة وأن الاتجار بمال الصبي والاتجار بالمال العام كيف حكمت عليه، لأنَّ بحثنا في الاستثمار والاستثمار يعني التجارة.

ونقول كلمة أخيرة وهي من فوائد أسرار الصناعة وهي مهم جداًولكن نذكرها كفهرست: - وهي أنه هل التجارة تساوي البيع أو أنَّ التجارة أعم من البيع؟ هذا لغز علمي ويترتب عليه ثمرات صناعية كثيرة، في سورة الجمعة يوجد تجارة ويوجد بيع فالتجارة هي البيع أو هي أعم من البيع أو عموم وخصوص من وجه أو ماذا فهذا بحث حساس ينفع حتى في بحث المضاربة وبحوث أخرى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo