< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/11/06

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة_ المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه)، قاعدة غسيل الأموال.

وصل بنا المقام إلى أن الروايات الواردة في القرض أو في المديون مطلقاً كما هو الصحيح حين العقد - عقد القرض أو عقد الدين - بعد هذه الايام التي مرت وجملة من كلمات الأعلام يجب أن يكون واضحاً أن عقد الين ليس المراد منه خصوص عقد القرض، عقد الدين عام يشمل كل عقد معاوضي يتولد منه الدين، عقد الدين أو عقد القرض، فعقد الدين اعم، هذه الروايات الواردة التي جمعها صاحب الوسائل والتي لم نقرأ منها إلا واحدة وسنقرأ البقية، هذه الروايات عنونها صاحب الوسائل ونفس عنونتها هو اجتهاد واستنباط مع أن بعضها ورد في النكاح مع أن بعضها ورد في مورد آخر ، عنونها صاحب الوال بأبواب الدين الباب الخامس يعني فيما يعنيه أن الدين هو عقد أعم من القرض، فلاحظ هذه الصناعة التي فيها تحليل فذلكي جذّاب فمحل الروايات كما مرّ بنا أمس أنه حين عقد الدين - لا خصوص عقد القرض يعني حين العقد الذي يتولد منه الدين - سواء في النكاح أو القرض أو الشراء أو المضاربة أو الاجارة حين العقد الذي ينشأ منه الدين إذا لم يكن من نية المديون تسديد الدين فسوف يكون غاصباً ومنتهباً، لأنه لم قصد أن يملك الدائن في ذمته الدين وإنما يريد أن يصادر ويأكل وهذا تفسير عظيم للآية المباركة ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل )، واللطيف في قبال المعاوضة ( إلا أن تكون تجارة ) يعين معاوضة والمعاوضة فيها التزام وفيها قصد وفاء، فكأنما قاعدة الأكل للمال بالباطل كأنما احد دلالاتها القوي تقول إنَّ الذي لا ينوي الفواء ولا يقصد الالتزام يريد ان ينهب، فأكل بالبال يعني ينهب ويسرق ويصادر فلا تأكلوا يعني لا تصادروا ولا تنهبوا ولا تتحايلوا بالباطل، فالباطل هو الحيلة والتحايل والنصب والخداع، ( إلا أن تكون ) فإن أردت أن تأكل مال غيرك بمعاوضة والتزام فهذا صحيح، ولماذا ( إلا ) يعني تأكل ولكن بمعاوضة تأكل مال الغير في مقابل ان تلتزم له بعوض ( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) فتكون الجملة الثانية التي هي ( إلا أن تكون تجارة عن ترض منكم ) هذه العبارة كل القيود الموجودة فيها من تجارة وتراضٍ وغير ذلك القيود الموجودة فهيا الخلل بأحدها يفسّر معنى الأكل للمال بالباطل، فإذا محصل هذه الروايات تريد أن تقول إن قصد تسديد عقد الدين في عقد الدين - الذي هو أعم - هذا مقوّم للصحة، الآية الكريمة لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض ) متعرضة للصحة وهنا لا يوجد صحة وإنما يوجد فساد، فـ( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) تتعرض للصحة وليس فقط تتعرض للزوم، ( لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ) صحيح ولكن ليس بلازم و( إلا أن تكون تجارة عن تراض ) لازم، كلا هي ليست بصدد اللزوم واللا لزوم، كلا بل هي في صدد الصحة واللا صحة، نعم بتبع الصحة يأتي اللزوم، هذا حينئذٍ يجعل شرطاً هاماً في العقود المعاوضية التي فيها ديون أن يقصد فيها المتعاوض الأداء يعني يقصد فيها القبض الاقباض فالقبض الخارجي وإن لم يكن شرط صحة في بعض العقود وإنما في بعضها ولكن قصد القبض حين أو قصد الإقباض والقبض حين العقد وهو قصد الالتزام هذا مقوّم للالتزام المعاوضي مقوّم للعهدة والتعهد في العهود وإلا لم يكن عهداً والتزاماً، من ثم أصر الوحيد البهبهاني كما يذكر ذلك السيد اليزدي في هذه الصورة الرابعة من عامل المضاربة التزم بأنه إذا قصد العامل أن يسدد من مال وإن قصد في ذمة نفسه لنفسه نهباً ولكنه قصد أيضاً أن يسدد من مال ربّ الال يقول المعاملة تنعقد لصاحب المال ولا تنعقد له، ولماذا لم يقل الوحيد البهبهاني إنَّ المعاملة باطلة وإنما قال هي باطلة للعامل وصحيحة لصاحب المال ؟ عنده دعويان أو دعوة واحدة؟ عنده دعويان دعوى فساد المعاملة للعامل ولكن لماذا يصححها لرب المال؟ هنا نكتة مهمة صناعية وهي ليست موجودة فيعامل المضاربة والكيل والموكل وإنما هي موجودة في كل الاتجار بمال الغير، عندنا طوائف دامغة من الروايات لم نقرأها في هذه القاعدة ومفتى بها، إلا أنَّ استخلاص هذه القاعدة منها مهم ، الاتجار بمال الزكاة قاعدة والكلام فيها نفس الكلام، كيف أنَّ عامل المضاربة تاجر بمال المضاربة بالمال الحرم فهي قاعدة واحدة سيّالة في البواب وستأتي نصوص فيها متينة، وتوجد قاعدة ثالثة أو رابعة وهي الاتجار بمال الخمس وأنه ينعقد لمن، أو الاتجار بالمال العام الزكاة مال عام والخمس مال عام أيضاً، هذا مورد عامل المضاربة والقروض والديون والاتجار بمال الزكاة والاتجار بمال الخمس والاتجار بمال اليتيم، فهنا ثلاث أو أربع أو خمس قواعد منصوصة إلى الآن لم نستعرض رواياتها ولا زلنا في القاعدة الثانية والتي يجمعها قاعدة واحد وهي الاتجار بمال الغير أو المال الحرام، الآن الوحيد البهبهاني لماذا قال تفسد المعاملة للعامل ولم يكتف بالفساد وإنما قال بتصحيح المعاوضة لربّ المال، فمن أين خرّجها، طبعاً نحن لسنا في صدد تفاصيل المضاربة ولكن لأجل نفس البحث وهو مال الغير، الوحيد البهبهاني وجلمة من محشي العروة نظرهم النائيني وافق الوحيد البهبهاني والشيخ عبد الكريم الحائري وافاقاً الوحيد البهبهاني، عكس تلاميذ النائيني والحائري، ومن أين صحح الوحيد البهبهاني وقوع العقد لمال الضاربة أو للزكاة أو لليتيم في هذه الصورة وهي أنه يتعاقد للمعاوضة ويقصد التسديد من مال الغير حين المعاوضة يعين الاتجار بمال الحرام أو بمال الغير لا أقل فيه صورتان فإما أن لا يقصد التسديد من مال الغير وقد فصّلنا فيه أربع صور مالية الذمة أو هذه الصورة الثانية وهو من الأول يقصد التسديد من مال الغير حين العقد هنا الوحيد قال لا تصح المعاملة لهذا الغاصب أو عامل المضاربة لأنه لا يقصد الالتزام وإنما قصد النهب والغصب وهذا ليس قصد معاملة كما مرّ فوجه الفساد صار واضحاً فإنَّ القبض وإن لم يكن شرطاً في صحة كل العقود إلا أنَّ قصد القبض شرط حين العقد، قصد القبض والاقباض شرط في الالتزام مقوم للالتزام، إذا قال الطرف أنا لا ألتزم ولكن انت التزم فكيف تكون معاوضة فكيف تكون ماهية المعاضة الالتزام من طرف واحد؟!! مثلاً اتفاقية معينة تريد أن تلتزم بها فلابد من التزا الطرفين ولا معنى للالتزام من طرف واحد فأنت يا عامل المضاربة إذا أردت أن لا تلتزم فكيف تريد أن تصح لك المعاوضة إنها لا تصح، فهذا الفساد واضح فشرطية قصد القبض دخيل في المعاوضة والعقود، ولماذا تصح لصاحب المال سواء كان صاحب المال في المضارة أو الخمس أو الزكاة أو اليتيم؟ إن وردت نصوص على اننها تصح سنقرؤها، ولماذا تصح بمال المضاربة؟ هنا الوحيد البهبهاني هو من الأول التزم وقصد أن يسدد من مال الغير، فجعل التسديد وجعل الملتزم غيره وليس هو نفسه من حيث لا يشعر، بغض النظر عن وجود الاجازة أو لا، فهذا العقد ينعقد ولو إنشاءً لهذا الغاصب للزكاة أو للخمس؟!!، فحتى لو كان قاصراً بالتالي هو نوع من الغصب أو لمال اليتيم هو هذا أو أنه ينعقد العقد لمن قُصِد أن يلتزم؟

فلماذا ينعقد حسب دعوى الوحيد البهبهاني لصاحب المال؟ إنه ينعقد له لأنه هو قد جُعِل طرف الالتزام ودائماً طرف الالتزام هو المتعاقد فوجه كلام الوحيد هو هذا، ولذلك صاحب مال المضاربة هو من الأول يريد أن تنعقد له العقود، فالمشارك لمال المضاربة في مال المضاربة هو من الأول يريد أن تتم العقود للمال وليس للعامل فإذاً هو راضٍ، فإذاً كلام النائيني والبهبهاني والشيخ عبد الكريم الحائري متين.

وقبل أن نقرأ الروايات توجد جنبة تحليلية مهمة يجب أن نتمّمها حتى حينما نذهب إلى الروايات نرى أن هذه الفذلكات تامة أو ليست بتامة: - بحث أمس بعض القضايا الصناعية لم نستوفها تماماً، أمس وصل بنا البحث إلى أنَّ إنشاء الصحة، فالصحة وإن كانت وجود وإيجاد، ومرّ بنا فرق الصحة واللزوم عند الشارع فاللزوم حكم وضعي والصحة حكم وضعي آخر سابق عند الشارع، إنشاء الصحة وإنشاء اللزوم يختلف عن اللزوم، إنشاء الصحة يختلف عن الصحة، الصحة فعل الشارع أو الزوم وإنشاء الصح وإنشاء اللزوم فعل العاقد والمتعاقد المتعاوض، وهذا مرّ بنا أمس، تفكيك في جعل الشارع أو اعتبار الشارع بين الصحة واللزوم موجود فهو يتعدد، ولكن في إنشاء الصحة مرّ بنا أنه لا يمكن أن ينفك عن إنشاء اللزوم والالتزام، وهذا البحث لم نتمه بَعدُ، إنشاء الصحة أمس مرّ بنا أنَّ ما يصاحب الصحة تارة يكون عهداً وتارة يكون عقداً وتارة يكون معاوضة وتارة يكون أيقاعاً وتارة يكون إذناً، عدة أقسام قد يعبرون عنها بالعقود الإذنية فهي مسامحة يسمونها عقوداً ولكنها إذن، نعم عض العقود فائدتها فائدة الإذن، العقود الاذنين يقول الفقهاء عنها كالوديعة والعارية والوكالة ثلاث ماهيات معاملات أساسية وربما توجد عقود أخرى ولكن هذه ثلاث أساسية لماذا سموها عقوداً إذنية؟ قال الفقهاء إنما أطلقنا عليها عقوداً إذنية لأننها نريد من ذلك أنها يمكن أن نستبدلها بالإذن، فبدل أن تكون عقداً وانعقاد وإيجاب وقبول فالإذن إيقاع ولا يحتاج إلى التعاقد والايجاب والقبول، ولذلك عقد الفقهاء في باب الوكالة فروعاً كثيرة في استبدال الاذن عن عدم صحة الوكالة فيما ّغا كان هناك خللاً في شروط الوكالة، وكذلك عقد الفقهاء في باب الوديعة أو العارية في باب الوديعة فروعاً كثيرة باستبدال الإذن عن عقد الوديعة أو عقد العارية لأن الاذن يسد مسد العقد في هذ العقود الثلاثة غالباً لا كلياً، ما هذا الاستثناء ؟ قالوا نعم توجد موارد افتراق بين عقد الوكالة والإذن، مثلاً إذا كانت إذن حينما يسحب صاحب الاذن إذنه يصير عمل المأذون هباءً منثوراً أما في الوكالة إذا كانت عقداً، فإذا لم يصل خبر سحب الوكالة والعزل إلى الوكيل تبقى الوكالة نافذة، فلو وكّله في النكاح ولكن بعد ذلك عزله ولكن قبل أن يصل خبر العزل إلى الوكيل وزّج الكيل موكّله بامرأة فهنا صارت المرأة في ذمة الموكِّل شاء أم أبى فإما أن يطلّق ويسلّم نصف المهر أو أن يقبل بالنكاح، هذا فرق الاذن عن الوكالة، أو أراد بيعاً أو شراءً فسحب وكالته وعزله فالإعلام بالعزل إذا لم يصل إلى الوكيل فالوكالة نافذة، فهناك فرق بين الوكالة والإذن، ونحن لا نريد الدخول في بحث الوكالة ولكن نريد أن نقول هذا المطلب وهو أنه تارة نبحث الوكالة كإيقاع إذن وتارة نبحثها كعقد، الكلام هو الكلام في الوديعة والإذن، فالوديعة إذن أوهي عقد ؟ الإذن لا يمكن أن يغطي كل مساحة فروع الوديعة بخلاف الوديعة، كذلك في العارية كعقد أو الإذن فإنَّ الإذن لا يمكن أن يغطي كل مساحة عقد العارية، الإذن إيقاع وهذه العقود عقود، فليس عبطاً أن يسمّونها عقوداً مع أنَّ فائدتها هي الإذن، ولكن فيها اختلاف آثار، ما الفرق بين عقد الوكالة والإذن؟ العقد التزام فانت التزمت أن تجعله نائبا مالم يصل خبر العزل إليه فأنت ملزم بالتزامك فهو ليس كالإذن فهو إيقاع وأنت مسلط عليه، فيوجد فرق بين الالتزام بالإذن كوكالة وبين الإذن كإيقاع، نعم هو إذنٌ ومن العقود الإذنية ومن العقود الجائزة القابلة للفسخ وليس من العقد اللزومية مع ذلك يوجد فرق بين عقد الوكالة الإذن في الوكالة، لأنه في عقد الوكالة فيه التزام بالإذن، فلاحظ كيف يدخل الالتزام على الاذن، الإذن يصير جوازاً فحينما يدخل عليه الالتزام عند البعض يصير لزوماً، فمع أنَّ الإذن عقود جائزة ولكن حينما يدخل عليه الالتزام والعقد فيجعل فيه بعض آثار اللزوم، فلاحظ هذا هو منهج التحليل عند الفقهاء وليس منهج صحيح السند وضعيف السند، فإنَّ البحث الفقهي تحليل ماهوي، فارجع إلى القواعد الآن ولاحظ فقد يكون هذا الخبر الضعيف يكون قوياً وقد يكون ذاك الخبر الصحيح السند ضعيف هكذا هو مشي الفقهاء وليس مشي المحدّثين.

إذاً الالتزام يمكن أن يدخل على خط الاذن فإنَّ الاذن أضعف ماهية من الصحة، فكيف إذاً دخل الالتزام على الصحة على وزارة الصحة، الالتزام وزارة عسكرية أو وزارة قضائية فيها إبرام وصرامة هي إذا دخلت على السوق الحرة يصير فيها لزوم فكيف إذا دخل اللزوم والالتزام على الصحة ؟!!، وهذا شاهد لطيف، فالإذن يكتسب نوع من اللزوم فكيف الصحة لا تكتسب نوع من اللزوم؟!! هذا ما أردنا أن نصل إليه ولم نتممه.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo