< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/10/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه).

اليوم نستعرض هذا البحث الذي هو محل ابتلاء في الوكالة والوكلاء في أبواب المعاملات المالية، ومنها عامل المضاربة، عامل المضاربة وكيل في الاستثمار التجاري ضمن ضابط كذا وكذا، ومرّ أنه للأسف في بعض الموارد عامل المضاربة يعطى مالاً طائلاً أنه توجد عنده خبرة في السوق لذلك صاحب المال الكبير اعتمده في أن يوقع الاستثمار فهذا عامل المضاربة يوقع المعاملات لنفسه وليس لصاحب المال ثم يصير نزاع لأن هذا المال سوف يتنامى فيحصل نزاع فيقول العامل أنا أوقعتها لي فأنا ولو أني عصيت تكليفاً ولكن أنا أخذت مالك قرضاً وليس مضاربة، أو لا يقر بالمضاربة وإنما يقول نحن قصدنا القرض ولكنك ادعيت أنه مضاربة فهو يدّعي هكذا فبالتالي بحث أن العامل في المضاربة أو الزكي كيف تتم معاملاته خصوصاً إذا أوقع المعاملة على الكلي في الذمة، وقد مرّ بنا البحث وذكرا فيه أربع صور ، هذه المسالة تعرض إليها الفقهاء في باب المضاربة في كتاب العروة الوثقى للسيد اليزدي ذكر في نهاية المضاربة مألة( المشهور على ما قيل ) ونحن لا نريد أن نبحث هذه المسألة من باب المضاربة وأحكام المضاربة وغير ذلك وإنما نريد فقط الحيثية التي نحن فيها وهي الاتجار بالمال الحرام أو غسيل الأموال أو تبييضها، أو بالتالي ايقاع العقد على الكلي في الذمة والتسديد من مال آخر ، هذه هي الحيثية المشتركة في هذا البحث فنحن فقط نريد أن نحرر هذا المبحث من هذه الزاوية وهذه القاعدة، يقول السيد اليزدي في العروة في هذا البحث واتفاقاً هذا هو قلب باب المضاربة مع أن المضاربة بحث مهم وحساس ومعقد ولكن بحمد الله نحن أخرجنا كتيب من مجموع مسائل فقهية طبعناه أنه كيف تكون البدائل عن الربا الاستثمار التجاري بدلاً من الربا وذلك من خلال قواعد خفية في باب المضاربة متسالم عليها استثمرناها بتخيلنا القاصر هي مفيدة جداً في عالم المال المعاصر وهي بديلة عن الربا وتوفر للطرفين حقوق ما وضمانتهما، اجمالاً فبحث المضاربة حساس ولكن كلامنا من جهة هذه الحيثية، يقول السيد اليزدي المشهور على ما قيل أنه في صورة الاطلاق بين صاحب المال وعامل المضاربة يجب أن يشتري عامل المضاربة بعين المال فلا يجوز الشراء في الذمة، حتى لا تقع المعاملة للعامل وإنما تقع لصاحب المال.

ولكن على الضابطة التي ذكرناها هل ينفع ايقاع المعاملة على المال فهل يفيد في العقود التجارية إذا أوقعها على عين المال فهل يبدل المعاملة من معاملة كلية إلى معاملة شخصية؟ إنه على المبنى الذي ذكرناه لا ينفع، لأن المراد من كلية العوض وشخصيته ليس قضية التشخّص بل واضح أن الانشاء هو من ناحية الجهة الكلية للورق النقدي وليس المراد خصوص هذه أوراق الخاصة حتى لو أعطاها مقدمة لأنه وقع العقد التجاري والعقود التجارية على الفئات النقدية بما هي مثلي لا بما هي قيمي، فإذا كان مثلياً صار كلياً وليس شخصياً، هكذا أشار القدماء حيث قالوا يجب الشراء بعين المال ولا يجوز الشراء في الذمة لأنه إذا لم ين ذلك كان البيع والشراء لعامل المضاربة فلا يكون مضربة، وبعبارة اخرى يجب أن يكون الثمن شخصياً من مال المالك لا كلياً في الذمة، والظاهر من كلامهم أنه يلحق به الكلي في الكعين، وقد ذكرنا في بحث الكلي مقابل الشخصي خصوص الكلي في الذمة في مقابل الشخصي فالشخصي يشمل الكل الشخصي المشاع والشخصي في المعين ويشمل الشخصي المتشخص، فالبحث في المقام منذ أسبوعين أو أكثر أو أقل قائم على الكلي في الذمة لا يقي أقسام الكلي فإنَّ بقية اقسام الكلي المتعلقة بالعين حكمها حكم الشخصي في هذا البحث في هذا الأثر وإن كان الكلي المشاع مع الكلي المعين يختلفان في الأثر مع الشخصي غير الكلي، ولكن في هذا الاثر لا، فيجب أن يلتفت الانسان إلى أن الآثار في العوض في بعض الموارد والأبواب تتفق وفي بعض الأبواب الأخرى تختلف عن بعضها البعض، والزاهر أنه يلحق بالشخصي الكلي في المعين وعلل عند المشهور بأنه القدر المتيقن وأيضاً علل بأنَّ الشراء في الذمة قد يؤدي إلى وجوب دفع غيره فأنت لم تلتزم بدفع هذا وإنما التزمت بدفع مال كلي فإذا لم يتم هذا المال الشخصي فعليك أن تسدده بمال آخر، أما العقد فلا يبطل وإنما هو قائم بعوض كلي فإذا كان قائماً بعوض كلي فصاحب المال لم يلتزم بالاستثمار من كل أمواله بل التزم مع عامل المضاربة الاستثمار في خصوص الأموال التي سلمها إياه فيصير خلاف المضاربة لو كان كلياً في الذمة ، هذا هو استدلال المشهور.

نعيد الدليل الثاني: - ( وأن الشراء في الذمة قد يؤدي إلى وجودب دفع غيره كما إذا تلف رأس المال قبل الوفاء ولعل المالك غير راضٍ بذلك ) وأيضاً يوجد استدلال ثالث عند المشهور ، وأيضاً إذا اشترى كلياً في الذمة لا يصدق على الربح أنَّ ربح مال المضاربة بل هو ربح من تجارة الوكيل بثمن في ذمته فكيف يصير هذا ربح لمال المضاربة يقسّم بينهما - بين صاحب المال والعامل -.

ولكن اليزدي يقول ( ولا يخفى ما في هذه العلل ).

ونحن الآن لسنا بصدد هذه الناحية بل فقط توطئة لما هو محل بحثنا وهو الكلي في الذمة ولكن لتسخين جو المسألة علمياً ذكرنا هذا، وعند السيد اليزدي ( والأقوى كما هو المتعارف من عامل المضاربة في الذمة والدفع من رأس المال )، وكيف يصير هذا فإنه إذا تعامل لنفسه ولكنه دفع من المال كيف يصير هذا العقد لهما ؟ إذا كانت الذمة لشخصية حقوقية فنعم أما إذا كانت الذمة لشخصية حقيقية فكيف يصير هذا؟ لذلك يفصّل السيد اليزدي فيقول ( والأقوى جواز الشراء في الذمة والدفع من رأس المال ) ذمة من ؟، ( ثم إنهم لم يتعرضوا إلى البيع ومقتضى ما ذكروه أن يكون البيع شخصياً لا كلياً ) فتارة عامل المضاربة يشتري وتارة يبيع، يشتري عيناً بثمن كلي أو شخصياً فهو تارة يشتري وتارة يبيع فهم قالوا الشراء بثمن شخصي وهذا المبيع إذا أراد أن يبيعه فإن باعة كلياً في الذمة فهو باع مبيع يملكه هو أن يملكه مالك المال إذا باع كلياً في ذمته ؟ الكلام هو الكلام فتارة يبيع المبيع الشخصي الذي أعطاه إياه مالك المالك فهذا بيع صاحب المال والربح يكون بينهما، الربح بالنسبة بين عامل المضاربة وصاحب المال ومتى يكون الربح بالنسبة بينهما؟ إذا كانت التجارة بمال صاحب المال، تجارة يعني عقود، الاتجار بصاحب المال متى يكون ومتى يكون الاتجار بمال صاحب المال؟ إذا كان في الذمة أو إذا كان شخصياً؟ لذلك المشهور قالوا إذا كان شخصياً، ولكن السيد اليزدي يقول إذا كان كلياً، ولكن نقول كيف إذا صار كلياً ينعقد العقد من مال صاحب المال؟! هذا تساؤل نثيره لكم حتى سخّن الجو العلمي الآن يأتي كلام السد اليزدي، ( ثم إنهم لم يتعرضوا للبيع ) لأنَّ التجارة ليس بيعاً فقط وإنما شراء وبيع ( ثم إن المشهور لم يتعرضا لبيع عامل المضاربة بمال صاحب المال ومقتضى ما ذكروه وحوب كون المبيع شخصيا لا كلياً ثم الدفع من الأجناس التي عنده لا كلياً ثم الدفع من الأجناس التي عنده والأقوى فيه ايضاً جواز كونه كلياً وإن لم في المتعارف في مثل الشراء، ثم إنَّ الشراء في الذمة يتصور على وجوه أحدها أن يشتري العامل بقصد المالك وفي ذمته )، فالكلي في الذمة يقصد به السيد اليزدي الكلي في ذمة العامل أو في ذمة المالك ؟ ذمة مالك المال، أن يشتري العامل بقصد المالك وفي ذمته أي في ذمة المالك من حيث المضاربة، ( الثاني أن يقصد كون الثمن في ذمته - أي ذمة نفس العامل - من يحيث أن عامل ووكيل عن المالك ) يقول اليزدي ( ويرجع هذا إلى الأول ) لأنه لا يتعامل على ذمته الشخصية وإنما يتعامل ذمته كوكيل يعني شخصية اعتبارية الوكالة يعني موكّل توسع ولاية الموكِّل خول الموكِّل الوكيل فصارت الوكيل ذمة بما هو وكيل لا بما هو زيد ب أرقم فتارة عامل المضاربة يتعامل بما هو يد بن أرقم أي ذمته الشخصية وتارة بما هو وكيل فإذا هي ذمة المالك لذلك يقول السيد اليزدي ( وهذا الوجه الثاني يرجع إلى الأول وحكمه الصحة وكون الربح مشتركاً بينهما على ما ذكرنا )، ( الثالث أن يقصد عامل المضاربة ذمة نفسه وكان قصده الشراء لنفسه ولم يقصد الوفاء حين عقد الشراء من مال المضاربة ولكن بعد ذلك دفع من مال المضاربة يقول السيد اليزدي ( الشراء صحيح ولو كان عامل المضاربة غاصباً في دفع مال المضاربة ) هنا الربح كله يصير في جيب العامل حسب كلام السيد اليزدي ويكون غاصباً بدفع مال المضاربة من غير إذن المالك، وهل هذا صحيح أو لا ؟ لا سيأتي الكلام عنه، أو نتكلم فيه الآن فعلى الصور الأربع المتقدمة هل يتم كلام السيد اليزدي؟ كلا لا يتم، لأن عامل المضاربة إذا كانت ذمته الخصية وقدرته أن يدفع هذه الأموال الطائلة الذمة ستكون من المالك لشخصيته الاعتبارية وليست لشخصيته الحقيقية، هذا المال الموجودة في السوق هو الذي ولد ذمته الاعتبارية إن كان من طريق مشروع كوكيل وإن كان من طريق غير مشروع فأصلاً هذه ليست ذمة وإنما هي نهب وليس بيعاً.

فإذاً هذه الصورة الثالثة التي أطلق كل الفقهاء السيد اليزدي والمحشين على العروة بصحة العقود عند عامل المضاربة فيه تأمل عندنا حسب المطابق لتفصيل القانون العقلائي الوضعي الموجود عندنا الآن، لأنه تارةً عنده قدرة أن يدفع من ماله أو مال صاحب المال فنعم صح هذا البيع له الأمر أنه إذا سدد البيع من مال المضاربة فيكون هذا غصباً، ولكنه عنده ذمة مالية وعنده قدرة على أن يدفع من مالة الخاص التي هي الصورة الثالثة أو الرابعة، أما إذا لم تكن عنده قدرة فإما أن يكون هذا البيع باطل إذا كانت القدرة غير مشروعة لأنه نهب لأنه ليس له قدرة مالية أو ذمته المالية من حيث شخصيته الاعتبارية عنده قدرة أما الذمة الشخصية فليس عنده قدرة ولا ذمة مالية.

فإذا الصحيح هو التفصيل ولا سيما في كثير أصحاب عالم المضاربة فإمنه كثيراً ما عالم المضاربة لا توجد عنده مالية، فتارة يكون عامل المضاربة تاجراً فهنا لا بأس ولكن تارة يكون عامل المضاربة ليس تاجراً فهنا لا تكون عنده قدرة لوفاء الديون وإنما جاءت له هذه القدرة بسبب مال مالك المال فالقدرة المالية صاحب المال هو أقدره عليها بشخصيته الاعتبارية كوكيل لا أنه أقدره عليها بشخصيته الحقيقية، وهذه نكتة مهمة وحساسة، طبعاً الذي ذكرناه لا ينحصر فيما إذا لم يكن عنده مال بهذا القدر بل افترض أنَّ هذا تاجر عنده رأس مال في تجاراته يوفيه خمسن بالمائة من قدرته التجارية من ماله الخاص حتى في قدرته في استقراض الديون من معارفه وأصحابه وقد مرّ بنا أنَّ القدرة المالية ليس على القدر الفعلي ففي عرف السوق القدرة على المال في الذمة المالية لا ينحصر بالسيولة الفعلية أو الأعيان الفعلية بل يعتمد على وثاقة الآخرين به حتى لو استقرض منهم، ولكن أياً ما كان هي محدودة فكم هي من هذه المتاجرات التي اوقعها بتحايل على صاحب المال الذي شاركه فيها قدرته أربعين بالمائة أما معاملات بهذه الضخامة فلا توجد عنده قدرة مالية عليها، حينئذٍ تلقائياً ما أوقعه من عقود ستين بالمائة منها للمالك ولا تكون له تماماً، لما مرّ بنا من ضابطة الذمة المالية، وإلا ستين بالمائة من كل عقد عقده من العقود باطل لأنه لا توجد عنده شرعية فنحن إما أن نشرعن قدرته من باب أنه وكيل لا من باب أنه أصيل.

إذاً هذه هي الصورة الثالث التي ربما حكم فيها الفقهاء بالصحة ولكن لنا فيها التفصيل الذي نحن فيه.

الصورة الرابعة وهي محل ابتلاء وهي ليس في خصوص المضاربة وإنما في كل الوكلاء أو الوزراء أو المدراء أو المتولين لمؤسسات أو الأوقاف أو لأي شيء آخر لأن هذا البحث عام وليس خاص بالمضاربة، الرابع أن يوقع المعاملة في ذمة نفسه لنفسه، أي نفس الصورة الثالثة لوكن مع تغيير خفيف، أن يوقع المعاملة لنفسه في ذمة نفسه ولكن يقصد دفع الثمن من مال صاحب المال، عنده نية مبيّتة حين إنشاء العقد أن يدفع الثمن من مال المالك، وقد ذكرنا أن الميرزا هاشم الآملي والسيد الخميني يقولان تلقائياً العقد يصير لمن قصد تسدس المال.

وطبعاً هذا القول أصله للوحيد البهبهاني يشير إليه السد اليزدي وقله جملة من محشي العروة، وهو أن يقصد اجراء المعاملة لنفسه ولكن يقصد الدفع من مال المضاربة من حين الشراء وليس من مال نفسه الخاص حتى يكون الربح له فقصد نفسه حيلةً منه هنا السيد اليزدي يقول يمكن الحكم بصحة الشراء وإن كان عاصياً في التصرف في مال المضاربة من غير إذن المالك وضامناً له بل البائع ضامن لأنه حينما الوفاء بمال الغير لم يسدد له ديناً، هذا قولٌ أنَّ العقود تصير صحيحة والملك يصير له غاية الأمر تبعة مال المضاربة وتبعة تسديد الدين لأنه التسديد بالمال الحرام الدين لا يسدد، تسديد الدين بمال الحرام لا يعتبر تسديداً للدين لأنَّ نفس هذا الدان الذي سدد له المديون بمال حرام هذا الأن الآن ضامن للمال الحرام لأنه وضع يده عليه وإن لم يكن عالماً لأن ( على اليد ما أخذت حتى تؤدي ) مطلقة ولم تقيد بالعلم، فحتى لو لم يكن ملتفتاً وحتى لو كان مخدوعاً فمادام وضع يده على مال الغير فيكون ضامنا والدين هنا لم يسدد فلا الدين سدد ولا مال المالك ارجع إليه، فتبعة مال المالك موجودة وتبعة وفاء الدين موجودة ولكن أصل العقد صحيح، والربح يكون لعامل المضاربة، هذا قول في الصورة الرابعة.

القول الآخر: - وهو مهم يقول السيد اليزدي - ونحن في صورة أن عامل المضاربة عقد البيع لنفسه وفي ذمة نفسه، ما هو تعبير ( عقد البيع في ذمة نفسه لنفسه ) فلماذا يقول السيد اليزدي هذه العبارة فإنَّ ذمة نفسه هي نفسه فلماذا يقول ذمة نفسه لنفسه ؟ لأنه هو نفسه كشخصية حقيقية زيد بن أرقم وتارة بما هو وكيل فإذا كان وكيلاً صارت ذمته اعتبارية للموكل فنفسه لنفسه وليس نفسه لموكّله، الآن الوكيل في النكاح يقول أنكحت موكلي فالوكيل يقول أنكحت أليس هو الفاعل؟! ولكن أنكحت موكلي فهو فاعل ولكن ليست لنفسه ولكننه فاعل للموكّل ووكيل الزوج يقول قبلتُ لا يقول قبلت لنفسي إنما لموكّله، ولكنه يقول قبلت ولكني يقول قبلت لموكّلي، فهذا يقول زوجت موكلتي من موكلك وذاك يقول قبلت لموكّلي، فالوكيل هو الذي قبل وليس الموكّل، فإذاً الوكيل يقول أنكحك وتارة يقول بعت وتارة يقول اشتريت ولكن اشتريت أو بعت لنفسه أو لغيره؟!! فإذاً كلام السيد اليزدي في محلّه، يشتري في ذمة نفسه لنفسه أو يشتري في ذمة نفسه لغيرة وهذا صحيح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo