< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/10/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه).

تحصل مما مرّ بنا مس أنَّ الذمة المالية الخاصة بصاحب الذمة لابد أن تكون ناشئة في رعف العقلاء وإلى يومنا هذا القوانين الوضعية العقلائية على هذا لابد أن تكون ناشئة من قدرة مشروعة على وفاء الذمة، أما إذا كانت ناشئة من قدرة غير مشروعة فلا يحسب لتكل الذمة مالية، وهناك صورة ثالثة وهي أنه إذا كانت ذمة الشخص ليست ناشئة من قدرته وإنما من منشأ مشروع آخر ولكن هذا المنشأ المشروع ليس لنفس الشخص، وإنما للشخصية الحقوقية الاعتبارية لا محالة سوف تكون الذمة هي لتلك الشخصية الحقوقية وليست لنفس الشخص، مثل ما يمكن أن نصوّر والآن سندخل في معمعة بحث والذي يرتبط بهذا البحث، طبعاً نبحثه لا من زاوية ذلك الباب بل فقط من الحيثية التي نريدها لنلاحظ كيف أن قراءة للآيات والروايات لا يقتصر فيها على دلالة الآيات والروايات في المحمول والحكم وموازين اللغة العربية بل لابد فيها من قراءة التقنين العرفي العقلائي القديم والحديث ، ولماذا ؟ لأنَّ الشارع أخذ قوانينه ما لم يمنعها أو يردعها اخذ قوانينه في باب المال والماليات أخذها موضوعات لأحكامه الشريفة بتهذيب وتشذيب فضرورة الاطلاع الثقافي كيف أن الفقيه أو المفسر مضطر أن يطلع على قول اللغويين من باب الرجوع إلى أهل الخبرة كذلك الحال في علم المال وهذا قد نقلناه عن علماء الصول وكذلك نذكره في علم الفقه بعد مرحلة الاستنباط تأتي مرحلة العلوم التخصصية الموضوعية والرجوع إليهم كأهل خبرة فهذا مؤثر جداً في الاستنباط، إنَّ هذا موضوع مرتبط بعلم تخصصي معين أخذه الشارع موضوعاً في باب من الأبواب، اللغوي الذي هو يفيد دلالة أولية خفية بدوية على الموضوع نقول باللزوم الرجوع إليه فكيف بعلماء التخصص، طبعاً كلامنا ليس في اختلافات النظريات التخصصية في التخصص الواحد وإنما لا اقل التسالمات بينهم والمبدّهات بينهم، وهذا هو الذي ذكره علماء الأصول، فهذه بحوث علم الأصول ليست بحوث جوفاء بل لها ثمار علمة، فحينما يذكر علماء الأصول في بداية علم الأصول الوضع اللغوي ثم يذكرون الحقيقة الشرعية في مقابل الحقيقة التكوينية فهذان إشارة إلى هذا الموضوع فبعد وضع اللغة لابد أن تذهب إلى ما هي حقيقة المشتق والصحيح والأعم في المركبات كييف هو يعني هو بحث في الحقائق بحث ما وراء اللفظ وترتيب علم الأصول هكذا.

إذاً في باب المال والمعاملات والعقود أخذ الشارع العناوين التقنينية العقلائية أخذها موضوعات لأحكامه فيجب ان تدرس بشكل دقيق وجيد.

إذاً خلاصة ما استخلصناه وادعيناه وننسبه إلى تشريع العقلاء وتقنينهم سواء القديم أو الحديث لا سيما الحديث ربما يسأل سائل لماذا نراجع العرف العقلائي الجديد؟ طبعاً يلزم أن نراجعه لأنه شبيه بسكة نقدية كانت مالاً يتعامل بها الآن نفس العقلاء أبدلوها إلى سكّة أخرى فهل المال يتبدل لأنَّ المال أخذ موضوعاً لأحكامٍ بيد العقلاء أن يبدلوه لحِكَمٍ عقلائية والشارع لا يردعهم، لأنه ليس من باب الربا فإذا لم تكن تصرفات العقلاء من خلال الغدد السرطانية التي نهى عنها الشارع خمس أو عشر غدد سرطانية في الاقتصاد نهى عنها الشارع كالاحتكار والقمار والربا والنهب السرقة والنصب وغير ذلك فإن لم تكن هذه الغدد السرطانية موجودة فأيها العقلاء اعملوا مازلتم في الضوابط الصحيحة، وحينئذٍ قد تتغير صفة المال، فإنَّ صفة المال التي يوجدها العقلاء في الأصل وهلم جرا والحاجات التكوينية، فإذاً مراجعة العرف الحديث أيضاً ضروري ولا تكفي المعرفة القديمة، لأنَّ جملة من الأبحاث في فقهنا بصراحة ذكرت مصاديق عالم المال القيم أما عالم المال الجديد لأن المالية متحركة وأواني مستطرقة اخرى فيجب مراجعتها والالتفات إليها والالمام بها، فخلاصة ما نسبناه إلى العقلاء في مقابل القديم هو هذا المطلب هو أن الذمة المالية ليست جزافاً وعبثاً وإنما تقدر بتقادير ولابد أن يكون لها منشأ مشروع والمنشأ المشروع حيثية تقييدية، فإذا لم تكن عنده قدرة مشرعة يقولون هذا شرقة وتلاعب وخيانة، فالذمة ليس فرض فضفاض وسيع بلغ ما بلغ كلا بل لابد أن تكون عنده قدرة مشروعة وهذا يحل بحوث كثيرة في أبواب عديدة، أحد الاخوة أمس قال وماذا عن جوائز السلطان الآن في النظام البائد يعي اقاربه جوائز ولكن جوائز السلطان شيء واتخذوا مال الله دولاً شيء آخر، الجائزة هي جويزة وليسن الجائزة مثلا عشر أو ثلث بيت المال فإنَّ هذا ليس بجائزة وإما هاذ من باب اتخذوا مال الله دولاً فيلزم أن نوازن، وقد أشار الشهيد الصدر في كتاب اقتصادنا إلى هذا نقلاً عن جمهور علماء الامامية عند باب احياء الموات، وكذلك في إيران أيام النظام السابق بالنسبة للقاجار حيث أقطع قرى كاملة لإقطاعي معين فهل هذه جائزة؟! كلا، بل هذه ليست جائزة.

فإذاً لابد أن ندقق في العناوين حتى في الأبواب باب ولاية الجائر شيء وبين جائزة الجائر شيء آخر فهناك فرق بين العنوانين والحدود يلزم ان تحدد بقدرها وإلا فهذه قاعدة عظيمة شدد عليها النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل البيت وسيد الشهداء عليهم أفضل الصلاة والسلام أو ( اتخذوا مال الله دولاً )، و ( دول ) أي ولايات، ولو أنَّ هذا ليس مرتبطاً ببحثنا لكنه يرتبط بان موضوعات الأموال يجب أن يكون فيها تدقيق عقلائي فهل تدرجها في الجوائز أو تدخلها في ( اتخذوا مال الله دولا ) وهل تدخلها في الحريت الشخصية أو تدخلها في ( اتخذوا عباد الله خِوَلا )، قانون اجارة في شيء معين فهذه ليست اجارة وإنما صارت اتخذوا عباد الله خولاً ، هذا النظام الرأسمالي مثلا يقول التاجر حرّ يصنع ما يصنع، وهذا عجيب؟! نعم يصنع ما يصنع كإجارة نعم ولكن هذه الاجارة ترسم طابع في طبقات المجتمع فلا تصير هذه اجارة وإنما تصير ولاية، ويوجد منظّر روسي ولو أنهم ضده ولكنهم نفس الشيء صاروا اقطاعيين وكان عضوا استشارياً في البنك الدولي يعني هو منصب رسمي ومتخصص ومعترف به دولياً عنده عبارة ليفة في نفس البحث حيث قال إن الرق الموجود سابقاً بأن يسترق السيد عشرة أو عشرين أو مائة هو غير الرق الموجود الآن عند الاقطاعيين فإنَّ الرق الموجود عند الاقطاعيين جهنمي أكثر، ويوجد عنده كتاب يذكر فيه هذا وحتى توجد مقابلات علمية عنده.

ولا بأس أن نذكر النكتة وقد ذكرها الشيخ محمد علي الآراكي تلميذ الشيخ عبد الكريم الحائري وتلميذ صاحب الكفاية وقد تشرفنا عنده إلى فترة قصيرة جداً، فهو عنده عبارة ممتازة جداً في باب الماليات حيث يقول إنَّ المال إلى حدّ معين نعم هو مال شخصي وتجارة ولكن حينما يتسع المال إلى نطاق ثروات ضخمة فهذا المال ليس بُعدَه شخصية حقيقية وإنما بُعدَه شخصية حقوقية، الآن شخصية حقوقية مزيفة أو لا فذاه شيء آخر ولكن يعني أن له بعد سياسي وولاية.

هذا المطلب نفيس جداً في ابحاث ثيرة في ابواب المال وفي أبواب فقه المال والاقتصاد وفي أبواب السياسة، ولا أقل هذه العبارة يرتب عليها آثار كثيرة مع أنه طريقة قديمة تقليدي ويصرّ على الممشى الموزون بدقة ومن دون تلاعب مع ذلك يقول هذه النكتة النفيسة.

والحاصل أنَّ الذمة كمال ملك للشخص في بُعد شخصيته الحقيقية يشترط أن تكون عنده قدرة مشروعة على السداد، فإن لم تكن لديه قدرة شخصية وكانت قدرته من منصب أو والي وقف أو وزير أو معاون أو وكيل لشخص فهو عنده خبرة في الوكالة لأنه صار وكيلاً لأحد التجار الكبار فهنا لا يأتي بحث المضاربة لأنه في السوق يقولون إن هذه الذمة ليست له لأنه ليست عنده قدرة مشروعة على أن يقترض وسدد بهذا المقدار وبهذا الحجم وإنما هذه هي ذمة التاجر الموكل له أو الدولة الموكلة له أو الوقف أو المؤسسة تلك شخصيته الحقوقية وليست الحقيقية، حتى الوكيل شخصيته حقوقية اعتبارية وكذلك الوزير وكيل وكذلك المدير العام ومتولي الوقف كلهم وكلاء فإنَّ دائرة الوكيل تتوسع وتتضيق فالوكالة شخصية حقوقية اعتبارية وليست شخصية الوكيل الحقيقية، وهذه نكتة مهمة.

فإذاً توجد ثلاث صور، صورة لابد ان تكون عنده قدرة مشروعة إذ كان توفير الذمة المالية من قدر حرام لا مشروعة فأصلاً هذه ذمته لا حقيقية ولا حقوقية وإنما هي لا شيء، بل هذا نصب واحتيال ونهب، هذ هي الصورة الثانية، أما الصورة الأولى هي أن تكون ذمته المالية ناشئة عن قدرة خاصة به بقدرها فنعم هذه مشروعة ، أصلاً هذا البحث الذي نحن فيه لو كتبت فيه رسائل فإنَّ تبييض الأموال هذه المسألة صارت معضلة العصر حتى أنه توجد بلبلة في فتاوى الأعلام ومن الضروري أن يتوسع والاتيان بكلمات وغير ذلك وهذه خطوة من خطوات التوعية الفساد.

فإذاً الصورة الأولى أن يكون ذمته المالية الشخصية ناشئة من قدرة شخصية مشروعة له فهذا لا بأس به، الصورة الثانية أن تكون القدرة المالية له ناشئة من حرام فلا توجد عنده قدرة مشروعة بالوكالة ولا من نفسه أي لا من جهة الشخصية الحقوقية ولا من جهة الشخصية الحقيقية فهنا يصير نصب واحتال وتلصّص، أما الصورة الثالث فهو توجد عنده قدرة مشروعة ولكنها ليست له وإنما من الموكّل سواء كان الموكّل وزارة أو وقف أو تاجر كبير أو مؤسسة وقفية أما هو نفسه فلا توجد عنده قدرة بهذا الحجم فهنا يتعين أن تكون الذمة ليست له.

الصورة الرابعة أن تكون لديه قدرة مشروعة على سداد الدين إما من قدرته الخاصة أو من قدرة شخصيته الحقوقية الاعتبارية كالوكالة سواء كانت وكالة مؤسسة أو وزارة، فهو طبيعته عنده ذمتان، هنا القصد يؤثر فتارة يوقع المعاملة لنفسه فتصير لنفسه وتارة يوقعها للوزارة أو للتاجر الذي هو وكيله أو المؤسسة الوقفية الذي هو وكيلها، وصراحة هذا البحث هو الابتلاء العصري وإذا جدّ أحد في ذلك فسوف يكتب في ذلك، وكل من يكتب فليكتب بنمطٍ خاص وهو مثمر وبأزياء مختلفة لأنه محل حاجة شديدة، وصراحة توجه أسئلة من المسؤولين في الوزارات أو في الأوقاف أو في المؤسسات الخيرية، لأنَّ هذا يبتلي به أي ذي منصب، لأنَّ هذه العقود يوقعها لنفسه ثم يبيعها ثم ....، فكلها محل ابتلاء حتى الدلالين في أي مجال كدلال النفط أو دلال شراء تذاكر السياحة أي دلال سياحي لحملات سياحية وغير ذلك، فكل هذا هو محل ابتلاء، دلال يؤجر فندق في مكة المكرمة أو في المدين المنورة أو في النجف أو كربلاء أو في مشهد ويؤجره على قافلة أخرى فهل هو كان وسيطاً في الشخصية الحقوقية أو في الشخصية الحقيقية هو يوقعه بشخصية حقيقية ثم يؤاجره على الموكّل باسم الشخصية الحقوقية فهل يصح أو لا يصح، ولا نرى فيه كلاماً ولكن إذا دققنا في هذه الصور الأربعة التي نحن فيها وسنستعرض روايات في أبواب عديدة وسنرى أنها تصب في هذا المبحث، فحسم المسألة واسم المسألة هو تبييض الأموال هو العنوان العصري أو غسيل الأموال حكمه وقانونه شرعاً ما هو هذا هو عنوان المسألة العصري، أما عنوانه التقليدي القديم هو التجارة بالمال الحرام وقد ذكره العلماء في كتب الحديث والفقه، قفله عنوان جديد وقديم وهذا محل ابتلاء في باب الوكالة وفي باب الفقه الساسي وفي باب المضاربة والاستثمار التجاري وفي باب الوقف وفي ابواب عديدة، فالبحث واحد موحد من حيث هذه الحيثية، وواقعاً يلزم أن تنبري الأقلام في ذلك، لأنها محل بحث مهم، وهو الذي يعالج الفساد وتوجد ملفات أخرى تدخل على الخط لا نريد ذكرها ولكن هذا كبحث أولي من الضروري الالتفات إليه، فهذا الدلال للحملدار هذا الحملدار كيف وكّله ؟ أخذ عليه عمولة أي أجرة وكالة، وطبعاً أجرة وكالة شيء ونفس الشخصية ثم يبدلها إلى شخصية حقوقية كوكيلٍ هي شيء آخر.

إذاً لاحظ أنَّ قاعدة واحدة سيالة متكررة في أبواب عديدة وقد بحثوها في الخمس ويوجد فيها لغط وفي الزكاة، لأنَّ الذي لا يخمّس يتاجر بمالٍ حرام، والذي لا يزكّي يتاجر بأموالٍ حرام، والذي يرعى أيتام يتاجر بمالٍ حرام، أو صديق أو غير ذلك، فهنا هذا الذي يتاجر بأموال الايتام ماذا يصبح؟ الكلام هو الكلام، كيف هي الصور وكيف هي البحوث المتقدمة تأتي هنا، فهذه كلّها محل ابتلاء، فالبحث سيّال، في باب المضاربة ذكرت لكم أنَّ العامل يقول للصاحب المال أنا أصير لك عامل مضاربة فيأخذ الأموال فيقول في نفسه لماذا أنا أصير عامل مضاربة فلآخذها كقرضٍ وأتاجر بها لنفسي ثم أقول لصاحب المال أنا قصدت القرض منك ولم أقصد المضاربة، فلو طالبه صاحب المال بذلك يقول صحيح أنا آثم ولكني لم أقصد المضاربة، فلاحظ أنَّ هذا محل ابتلاء وللأسف هذا يصير في باب المضاربة، كيف حل هذا الاشكال؟ نفس البحث الذي نحن فيه.

إذاً الصورة الرابعة أن يكون للشخص قدرة مشروعة سواء من ناحية شخصيته الحقيقية ولديه نفس القدرة من ناحية شخصيته الحقوقية كوكيل، ولنعلم أنَّ الوكيل حتى لو كان وكيلاً على مستوى يسير الوكيل شخصية اعتبارية حقوقية وليس شخصية حقيقية.

هذه هي الصور الأربع في المقام وغداً ندخل في معمعة المثال وليس مثالاً فقط بل هو باب، وقد ذكرنا أَّن هذه قاعدة دخلنا فهيا ولست مسألة مثال لهذه القاعدة باب المضاربة لاحظوا العروة عندنا عامل المضاربة كيف يوقع المعاملات وهذ معركة آراء بين الأعلام لتعقيد هذا البحث الذي نحن فيه، وسندخل فيه غداً ونذكر كلمات الأعلام، ونحن ندخل في المضاربة كمضاربة فإنَّ هذا لا يعنينا وإنما الحيثية والقاعدة التي نحن فيها وهي الاتجار بمال حرام أو قل تبييض وغسيل الأموال.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo