< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/10/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه).

كنا في صدد استعراض الروايات الواردة في الباب الثالث من أبواب ما يكتسب به، الذي عنوه صاحب الوسائل ( لا يحل ما يشترى بالمكاسب المحرمة إذا اشترى بعين المال وإلا حلّ ) وقرأنا روايتين من هذا الباب ونقلنا من الباب الرابع أيضاً أي انتقلنا إلى الباب الرابع وكنا في صدد بحث تسديد الدين، تسديد الدين مر بنا أن قولاً من الأقوال أنه بنفسه معاوضة أخرى تختلف عن المعاوضة الأصلية، والقول الآخر أنه إيقاع وليس معاوضة، القول الثالث أن تسديد الدين هو تكميل لمعاوضة السابقة هذا تكميل للمعاوضة السابقة يعني نتائج ما بحثناه دعني أذكره وهو أن نتائج ما بحثناه فيما سبق تعيين الكلي والشخصي في المعاوضات بماذا كما مر بنا، ما هي الضابطة في تعيين الكلي والجزئي؟ مرّ بنا أنَّ الضابطة في تعيين الجزئي والكلي ليس كما بنى عليه المشهور - يعني الأكثر - مثلاً أنه يعيّن الثمن في هذا أو يعطيه ابتداءً ثم يعقد على الكلي لوكن هذا المقدار لا يخرج الثمن عن الكلية، طبعاً الاشكال صغروي وليس كبروياً لأنه إذا أعطى شيئاً مثلياً فالعوض مثلياً أو أن العوض مثلياً سواء كان هو العوض أو المعوّض ولا ينحصر في هذا، ومن ثم لو تبين فساده وفساد يعني فساد العوض أو المعوّض يبقى العقد على حالة ويلزم الطرف أن يسدد عوضاً مثلياً آخر عوضاً عنه، فإذاً الكلي والجزئي ليس بالاشارة والتسديد وما شابه ذلك، هي الكلية والجزئية في الشخصي تدور مدار الصفة المالية في المثلي والقيمي نعم هي في القيمي هو شخصي ولو لم يأت به أولاً، اما في المثلي فهو كلي كما هو الحال في النقود، هذا من جهة تعيين البحث الموضعي أين البحث الكلي واين البحص الشخصي هذا من جانب.

وهناك ملاحظة أخرى مرت بنا سابقاً كتلخيص وحتى نستثمرها وندخل في أبواب وشواهد أخرى لنخرج بنتيجة واستنتاج لهذه الأبحاث محل الخلاف:- وهي أنه في الأبواب سواء كان باب المعاوضات أو باب الخمس والزكاة أو أبواب أخرى العين الشخصية حتى القيمية فيها جهة كلية وفيها جهة شخصية، دائماً كل عين شخصية فيها هذا وهذا ذكره الأعلام حتى المثلي فيه جهة شخصية، مثلاً للو أتلف شخص شيئاً مثلياً فهو لمي تلف الكلي ولكن يضمن للمالك الجهة الكلية في الذمة، فبعض الأحكام كما يقال في الخمس ففي الخمس بخلاف الزكاة في الخمس لا يدور مدار الجهة الشخصية في العين ابداً باب الخمس ليس قائماً على شخصنة وشخصانية العين المملوكة أبداً، طبعاً الملكية قائمة بشخصية العين كما يعبر الكثير من الأعلام مثل الميرزا النائيني وغيره، الآن هو حينما يملك عين شخصية فهم يقولون هو الآن يملك كم مرتبة؟ إنه يملك مرتبة الجهات الشخصية لهذه العين وهناك مرتبة ثانية وهي أنه يملك المرتبة الكلية لهذه العين مثل مالية هذه العين فمالية هذه العين صفة لهذه العين الشخصية ولكن يقولون إن المالية صفة كلية، وما معنى ذلك؟ يملك المالية فهو كما يملك شخصية العين يملك مالية العين، يقولون ألا ترى في المعاوضات التبديل والانتقال للجهة الشخصية في العينين أو في العوضين ولكن يحافظ كل منهما على الجهة الكلية يعين مالية البائع كانت في المبيع نقل البائع ماليته التي يملكها إلى الثمن فهو حافظ على الجهة الكلية وإن كانت هذه المالية فيها اضطراب تصعد وتنزل ولكنه نقلها إلى الثمن، والمشتري أبقى مالية الثمن في المبيع الذي أنتقل إليه، ففي الحقيقية المالك أي مالك سواء كان بائعاً أو مشترياً أو مستأجراً أو مؤجراً أو عاقد صلح أو غير ذلك يملك في العين مراتب مرتبة شخصية ومراتب كلية، المالية كلية والمنفعة يمكن تصويرها كلي في المعين.

وتوجد جملة معترضة لابد من ذكرها في البحث: - وهي أن الكلام في الكلي مقابل الشخصي خصوص الكلي في الذمة اما الكلي المشاع أو الكلي في المعين أو الكلي في المالية هذا الكلي المشاع أو الكلي في المعين ربما يأخذ حكم الشخصي وليس حكم الكلي، وهذه البحوث حساسة وتؤثر على أبواب كثيرة، قد يجعل الشارع وهذا موجود عندنا أن الفقراء بسبب باقي الزكاة أشركهم الله في أموال الأغنياء أو قل بيت المال يصير شريط للأغنياء في أموالهم ولكنه شريك بأيّ معنى، فهل هو شربك في رقبة العين فهل الملكية مشاعة؟ هناك من ذهب إلى هذا الشيء وهو أن الزكاة حق للفقراء يشاركون فيه مال الأغنياء بالنسبة التي جعلها الشارع فهو كلي ماع في رقبة العين والخمس أيضاً هكذا، وهناك من ذهب إلى غير هذا فقال إن الزكاة والخمس ليس كلي مشاع بل هو كلي في المعين، وهناك من ذهب وهو الصحيح لدينا أن الزكاة والخمس ليس شركة في الملكية في رقبة العين بل الشركة لأصحاب الزكاة أو لصاحب الخمس هي شركة في مالية العين، وهل هناك فرق بين الشركة في رقبة العين والشركة في مالية العين؟ نعم يوجد فرق.

فلاحظ هذا البحث الذي نحن فيه منذ كم يوم كيف يثمر في الوصل إلى جذور البحث في أبواب عديدة والذي لا يلتفت إلى هذا البحث في أبواب الخمس والزكاة يجد خلطاً كثيراً فيهما فهذا بحث جذري جداً مهم، هذه الوقفة التأملية في مراتب الملك والعين ومراتب الملكية والمالية تؤثر يشكل كبير في أبواب ترتبط بالماليات والأموال، فإذاً قيل أنَّ الخمس والزكاة حق مشاركي في مالية العين لا في العين ولو كانت العين شخصية فالآثار تختلف المالية صفة كلية إذا باع العين المحقوقة بالخمس أو المحقوقة في الزكاة يصح البيع أو يبطل؟ ينتقل حق الزكاة أو الخمس في العوض أو لا ينتقل؟ فلاحظ هذه الجهات والكنهم أن هذه بحوث كثيرة لا نريد الدخول فيها وإنما فقط نريد أن يستيقظ الباحث من نوم التفكير ويلتفت إلى الجهات وأن الشارع أي موضوع اخذه في باب الخمس، في باب الخمس في أي موضوع، مرّ بنا أنَّ الخمس ليس قائم بشخص المال وإنما قائم بالجهة الكلية في المال، الربح في عالم المال لا يقوم على شخص الأموال وهذا ينفع كثيراً في باب الخمس والزكاة والمعاملات والمعاوضات وباب الربا وغير ذلك، الربح عنوان مالي لا يتقوّم بشخص المال وإنما يتقوّم بالجهة الكلية في المال لذلك انت تلاحظ التجّار يلاحظ أنه ربح أو لم يربح فهو لم يلاحظ شخص المال وإما يلاحظ القيمة المالية التي تسري وتجري وتنتقل من شخص مال إلى شخص مال وأن المعدل المالي صعد أو نزل افترض كانت عنده بضاعه معينة ابدلها ببضاعة اخرى فول سألته هلل ربحت أو لا فهو لا يلاحظ شخص المال وإنما يلاحظ القيمة المالية الموجودة الآن هذا العوض الأخير لأنه إ صعد فهو ربح وإن نزل فهو خسارة وإذا قيل له أين رأس مالك فيقول هو هذا ولو قيل له عن راس مالك كان ذلك الشيء فيقول نعم ولكني أبدلته بهذا، فلاحظ أنَّ رأس المال لا يقوم بشخص المال وإنما يقول بالجهة الكلية في المال، ومن هذا القبيل بحوث عديدة يجب أن يلتفت إليها، كبحث الربح، أو أنَّ الملكية كيف هي وكيف هو حق الرهان وكيف هو حق الشفعة أو حق الزكاة أو حق الخمس وهل هو حق أو ملك أو شراكة وهلم جرا، لذلك عبّر عن الخمس بالحق وكذلك الزكاة ولماذا عبر عنه بالحق وما هو حق السرقفلية وكيف يتعلق بالعين ،فهذه بحوث مهمة وقد مرّ بنا ما هو الفرق بين الحق والملك، فعلى كلٍّ هذه البحوث لها تداخل مع بعضها البعض وتؤثر على النتائج.

وهناك بحث آخر مرّ بنا:- وهو أنَّ الذمة لها مالي أو ليست لها مالية، فهذا البحث بحثناه سابقاً ولكن لم نحسمه ونريد أن نحسمه الآن حتى ندخل في شواهد أبواب أخرى على نفس المطلب، مرّ بنا في بحث المالية عند العقلاء هل المنشأ لمالية الشخص هل هو حيثية تعليلية أو حيثية تقييدية ولكن لم نكمل الكلام ولم نحسمه فيه فعلينا أن نحسمه قبل الدخول في أبواب أخرى وشواهد على ما نريد أن نصل إليه، إجمالاً في عالم المال والقانون الوضعي الموجود الآن لاحظ المشهور ماذا قال في هذه المسألة؟ قالوا إن باع بيعاً كلياً يصح وإن سدد بالحرام وإن باع بيعاً شخصياً فيحرم، وتوجد مؤاخذة على الشخصية مسجلة عليهم أن الشخصية والكلية ليست بأن يعطي أولاً أو يعيّن أوّلاً، كلا بل الشخصية والكلية بلحاظ الجهة المالية الكلية أو الشخصية، هذه مؤاخذة تسجّل على التفصيل ولكن توجد مؤاخذة كبروي قالوا إما كلي أو شخصي ولكن تعال بنا إلى عالم المال فإنَّ عالم المال لماذا الفقير الذي لا قدرة له في سوق المال لا يعتبرون له ذمة مالية؟ مثلاً الآن الشخص الغدّار الخائن هل له ذمة بالوفاء بالعهود السياسة؟ كلا عقلائياً لا ذمة له، أو هو سارق لص محتال دائما يأكل أموال الناس فإذا ذهب شخص وتعاقد معه عقداً تجارياً يقولون إن هذا البائع سفيه لأنه كيف يتعاقد مع هكذا شخص لأنه لا ذمة عنده فماذا يريد العقلاء أو العرف من أنه عديم الذمة؟ واضح أنَّ الذمَّة والعهدة شيء عقلائي عرفي، إذا كن شخصاً لا يفي بتعهداته أصلاً لا يعتبرون له ذمة، صحيح أنَّ الذمة وعاء اعتباري عقلائي ولكن هذا الوعاء العقلائي له ضوابط عقلائية، كذلك نأتي إلى الفقير بلا تشبيه وإنما من باب الاثارة التوضيحية من باب التوضيح، الفقير أو غير الفقير عند العقلاء الذمم المالية مع أن هذا قانون عقلائي يقرر ولكنه صحيح الذمم المالية للأشخاص ليست سواء في المالية إذا كان الشخص عنده قدرة من طريق مشروع على تسديد المال وبظرف معتد به عقلائي يقولون نعم ذمته المالية هذه معتبرة، فالبنك يعيّن القدرات المالية لزبائنه سواء يستعين هذا الزبائن بأصدقائه أو أقاربه يعني وضعه المالي ولو من خلال شبكة علاقاته، قدرته المالية من طريق صحيح على تسدي أي مقدار من الدين يقولون ذمته المالية تكون في هذا القدر وليس من الضروري أنَّ الذمة المالية عند العقلاء يقدرون ويحاسبون المال الواد له الشخص فعلاً، بل حتى ولو ليس متوفراً عنده ولكن يستطيع من طريق مشروع بأن يستدين من أقاربه أو معارفه أو علاقاته أنَّ يوفر هذا المال عن طريق مشروع قدرته على توفير مال مشروع يقال إنَّ ذمته المالية بهذا المقدار كأن تكون خمسمائة مليون أو مائة مليون أو مليار، ليس فقط البنط وإنما حتى الدول مع بعضها البعض فإنَّ الدولة لها ذمة لها قدرة بحسب ثرواتها وبحسب الثروة المخزونة عندها يحددون القدرة المالية، لذلك عندهم الآن مثلاً الدول الغنية في العالم يعني الدول التي عندها قدرة مالية بحسب الظاهر الخداعي في تسديد كذا دين أما الدول الفقيرة ليست عندها قدرة على تسديد الدين إذا دخلت في تعاقد أو تعاوض إلا بقدر محدود، وإلا لو دخل داخل في التعاقد مع دولة أو مع شخصية فوق درته المالية يعتبرون المال الزائد تالفاً ولماذا لأنه أصلاً وعاء الذمة والعهدة من هذا الطرف سواء كان دولة أو شخصاً لا يبلغ هذا المقدار، هذا الآن تفاوت الذمم في المال ناموس في باب الأموال، هذا الناموس أو النظام لا نجد من الشارع تفنيده، وهذا يعني أن الذمم ليست هي أفق واسع بلغ ما بلغ وإنما الذمم التي يستطيع أن يوفر مال مشروع من طريق مشروع تتفاوت.

فما ادّعاه المشهور من أنَّ بيع الكلي بلغ ما بلغ صحيح إذا سدد بالحرام ولكن هذا يفوق قدرته فإنَّ بحثنا قائم على هذا ومحل الكلام له صور وأحد هذه الصور هو أنَّ الذي يتصدى لغسيل الأموال عادةً ليس من قدرته المشروعة ذلك لا بعلاقاته ولا بمعارفه ولا بأقاربه وإنما هو من أموال حرام فكيف نحن نصوّر البيع الكلي هنا صحيح؟!! أصلاً كلي في الذمة ليس موجوداً ولا توجد ذمة فكيف نصوّر هنا أنَّ هذا البيع الكلي صحيح؟!!، كما لو أجرى صفقة تسلّح لدولة تعاقد على كذا أو خارج نطاق عقود الدولة هو تعاقد ثم باع لدولة الذي هو وزير لها، فأولاً هو تعاقد على ذمته بكذا فأي ذمة له؟!!، طبعاً هذا البحث محل جدل قديم عند فقهائنا الآن اترض الاقطاعيين في إيران كانوا مع النظام فذممهم من أين أتت قدرته المالية فهل أتت من نفسه؟ كلا، كذلك ازلام النظام هو نفسه لا قدرة مالية عنده وإنما بتوسط الغطاء المالي بالأموال الحرام أو الأموال العامة، فصار جدل بين الفقهاء حتى في الجمهورية الاسلامية أول نشأتها أن هؤلاء الاقطاعيين اشترا ما اشتروا بالكلي سددوا بالمال العام هذا الاقطاعي هل يملك هذا لو كان نفسه، يبيع قرى ويبيع مساحات آلاف من الدوانم فالبعض استشكل وقال إنَّ هذا لا عنده ذمة فإنَّ ذمته ليست ناشئة من قدرته المشروعة وإنما هي ناشئة من الأموال العامة فكيف نحن نعتبر له ذمة وكيف نعتبر أنَّ هذا كلي يسدَّد بالمال الحرام؟!! فهل التفتم إلى المؤاخذة على المشهور أين تكون؟، إطلاق دعوى المشهور بأنَّ هذا بيع كلي سدد بالحرام ليس في محلة فإن الكلي المالي في الذمة عند العقلاء يختلف، ولا نقول كل الصور وإنما هذه الصورة التي يكون فيها الكلي في الذمة ليس ناشئاً من القدرة المشروعة لدى المتعاقد قطعاً هذا بيع باطل فهو إما وقع للجهة العامة التي أخذ المال منها أو من الأموال الحرام أو أن البيع باطل في نفسه لا أن نقول وقع البيع على ذمته ولكنه سدد بالحرام، ولكن ثبت العرش ثم انقش، أين الكلي؟!، هذا ملك أزلام النظام السابق، اشترى في ذمته والآن يملك نصف النجف ولكن نقول أين أمواله فهو لا توجد عنده ذمة، وإنما لأنه كان من قرية كذا وكذا لأنه من أزلام النظام السابق وعشائره وغير ذلك - ذمته المشروعة -، ولا تقل إنه من أزلام النظام السابق، صحيح أن هذا عقد شخصي ولكن العقد الشخصي أين ذمته وأين الكلي لديه ؟ أصلاً ذمته أنه لا توجد عنده القدرة على أن يوفر ثمن قطعة أو قطعتين صغيرتين من الأرض ولكن الآن يملك في مدن كبيرة وغير ذلك، نعم هو أوقع عقداً شخصياً ولكن من قال هو عقد شخصي، الآن هذا قانونياً محل كلام حسب حتى القانون العقلائي، فهذه مؤاخذة موجودة على مبنى المشهور أنه إذا أوقع الكلي وسدد بالحرام فالعقد صحيح.

إذاً في هذه الصورة التي يكون فيها أصلاً صاحب هذا التعاقد ذمته بحسب المصار المشروعة له لو استقصينا علاقاته المشروعة لا يستطيع أن يوفر واحداً بالمائة من هذا الكلي فكيف يوفر هذا المال بهذه الضخامة فكيف يعتبر العقلاء له ذمة فهل هي ذمته هو أو أنها ذمة المنصب؟!! فإذاً كانت ذمة المنصب فالعقد يقع للمنصب وليس له، فهذه مؤاخذة قوية جداً ومتينة على المشهور في هذه الصورة التي يكون فيها صاحب الذمة قدرته المشروعة لا تتناول هذا المقدار من المال، هذه الصورة هي زبدة البحوث السابقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo