< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/10/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المكاسب المحرمة _ النوع الثالث ( بيع ما لا منفعة فيه).

كنّا في هذا النوع الثالث من المكاسب المحرمة وهو بيع ما لا منفعة فيه ، وقد مرّ بنا أنّ الوجه الأول الذي استند إليه المشهور في فساد هذا البيع أو المعاوضة عليه بأيّ معاوضة حتى ولو غير البيع أنه ليس بمال وأنه ليس بملك وأنه ليس بحق - يعني في بعض الصور حتى ليس بحق - أو ليس بمال والمعاوضات متقومة بالتموّل يعني المالية في العوضين ومتقومة بالملكية يعني في جملة من الموارد ، المالية طبعاً مرّ بنا شرحها سابقاً وهي أقسام وليست نمطاً واحداً فتوجد مالية تكوينية وتوجد مالية اعتبارية وهلم جرا ، وهذه يجب أن نستذكرها ، مثلاً منافع الحرّ يقولون هي تتمول عند ايقاع العقد عليها ، فهي يبذل بإزائها مال ولكن لو غصب غاصب منافع الحر فإنه يوجد كلام بينهم هل يضمن له المال أو لا ولو أنَّ القانون الوضعي الآن أو النظر العقلائي العرفي أن منافع الحر سيما إذا كان ذو مهنة وحرفة ومهارة توجب الضمان ولكن المشهور عند الفقهاء أنه لا يجب الضمان لأنَّ ماليته بعد العقد ، نعم لو كان قد عقد على منافع الحر بإجارة وهذا الغاصب منعه من أداء المنفعة للمستأجر يكون الغاصب ضامناً ، لأنَّ منافع الحرّ هذه أصبحت مالاً بالفعل ، فلاحظ أن باب الغصب يتقوم بالمالية الفعلية ولا يكفي فيه المالية التقديرية ، بغض النظر عن النقاش في الصغرى بين العرفي العقلائي الحاضر ومشهور الفقهاء ولكن الأمر هكذا ، بخلاف المعاوضات كالبيع أو الاجارة يمكن أن توقع الاجارة على منافع الحرّ وإن لم تكن منافع الحر مال بالفعل ، ومال بالفعل يعني ليست مالية فعلية فبعد ايقاع عقد الاجارة عليه بأن يصبغ المنزل أو يصلح الجاز المعين او ينوب في الحج أو ما شابه ذلك منافع الحر تصبح لها مالية بالفعل أما قبل التعاقد على منافع الحر عند المشور ماليتها ليست بالفعل وإنما ماليتها تقديرية ، فلاحظ أنَّ الأموال أو الأشياء التي تتصف بالمالية هي على أنواع وأقسام ، أخذ المالية في أبواب الفقه أيضاً على انحاء ، أخذ المالية في باب الغصب يختلف عن أخذ المالية في باب المعاوضات ، وهذه نكات مهمة يلزم الالتفات إليها تثمر في أبواب فقهية كثيرة ن بعض أنواع المالية - وهذا من باب المثال - مثلاً في الجعالة المالية المأخوذة في الجعالة يقال مثلاً من يقدم على اقراضي سأهديه هدية يقولون هذا ليس قرضاً ربوياً لأنه لم يجعل الزيادة في القرض أو مقابل القرض وإنما جعل الهدية المالية في مقابل الاقدام على إنشاء القرض وليس في داخل ماهية القرض ، من اقرضني فله كذا ، والرهن الموجود الآن هو قرض مثلاً الايجار بشرط الرهن أو القرض ، مثلاً الاقراض من اقدم على بيع العين الفلانية فله كذا ، مثلاً شخص عنده منزل يسوى مائة الف فهذا لا يبيع فحتى يرغبه يقول له إذا بعت بيتك لي فسأبيعك شيئاً آخر أو سأهبك هدية كذا هنا الهدة والمال في مقابل إقدام البائع فهذه الهدية غير داخلة في ماهية البيع وإنما هي خارجة عنه وهي في مقابل إقدامه على البيع ومن هذا القبيل الكثير ، الإقدام على البيع أو على الاجارة أو على الوصية مثلاً الانسان يرغّب الانسان الآخر قبل أن يموت ويقول له إذا أوصيت لي بكذا فلك علي عهد ان ازور عنك كل شهر مثلاً ، إقدام الموصي على الوصية يرغّبه في الإيصاء ، مثل الزوجة تقول للزوج إن طلقتني فسوف ابذل لك المهر ، الخلع بذل المهر أو بذل المال لا بحيث يدخل المال في ماهية الطلاق فإن ماهية الطلا هي ايقاع وليست معاوضة ولكن أنت تعاوض بين الطلاق وبين تمليك مال ، هذه تنكات في أبواب المعاملات المركبة يلزم الالتفات إليها وهي تنفع في أبواب كثيرة ، هنا القرض نفس المال المقروض له مالية عوضه يكون المال الذي في هو في الذمّة كضمان ، هذه هي ماهية القرض أما الاقدام على القرض له مالية منحازة عن مالية المال المقروض هل يمكن تصويره أو لا ؟ ، مثلا البيع كأن هذه العرصة تسوى مائة ألف فالعرضة لها مالية والثمن أيضاً هو مال ، البيع المالية داخلية في عوضي البيع ، الإقدام على البيع له مالية زائدة على عوي البيع كيف يكون تصويره ؟ ، ونحن نكثر الأمثلة حتى نتنبه إلى أن المال والماليات أنواع وألوان وهي مهم في باب المعاوضات الالتفات إلى هذه الزوايا فإنه أمر ضروري ، فأيّ مالية للإقدام على البيع ، إنشاء البيع ، فعندنا في البيع منشأ ويوجد عندنا إنشاء المنشأ هو ماهية البيع تبديل عين بمال هذا هو المنشأ فنفش المنشأ الماهية عوضين لهما مالية هذا واضح أما الانشاء كاستعمال لفظ في المعنى هل هذا أيضاً له مالية وأيّ مالية هذه ؟ ، هنا يجيب الفقهاء ، فلاحظ يوجد وديعة ويجد ايداع ، وما هو الفرق بني الايداع والوديعة ؟ الوديعة هي نفس ماهية الوديعة وأما الايداع هو الاقدام على الوديعة يعني إنشاء الوديعة ، إقراض وقرض ، إقراض هو إقدام على القرض أما القرض فماهيته تختلف ، وهلم جرا ، فهذا الاقدام على المعاملات من أين تصير له مالي وراء ماهية نفس المعاملة برّاني عن ماهية المعاملة ؟

هنا يجيب الفقهاء اجابة صناعة لطيفة يقولون إن الاقدام على المعاوضات أو في الايقاعات مثل الخلع في الزوجة تغري الزوج بأن يقدم على طلاقها وإلا فالطلاق ماهيته لا مال فيها ولا هي معاوضة أصلاً ، فأصلاً الطلاق ماهيته ليست معاوضة ، فبذل عوض الخلع وبذل الخلع غير داخل في ماهية الطلاق وإنما هو داخل في ماهية الخلع ، فهذا المال من اين جاء والمالية هنا إقدام على الطلاق له مالية غير الطلاق ، والاقدام على القرض له مالية غير القرض نفسه ، والاقدام على البيع له مالية ، ومن اين هذا ؟ يقول الفقهاء إنَّ المراد هنا من المالية في هذه الموارد ليس أنَّ هذه الأفعال وهي الاقدام على العقود او الايقاعات الاقدام هذا له مالية له من القسم الأول أو الثاني فلا مالية له تكوينية ولا مالية اعتبارية بالفعل بل له مالية اعتبارية بالتعاقد ، فله قسم ثالث أو رابع وهو أنه له مالية بالتعاقد ، يعيين ّغا عقدت الزوجة مع الزوج عقد الخلع يصير الاقدام على الطلاق له مالية أما قبل أن تعقد الزوجة مع الزوج عقد الخلع لم يكن الاقدام على الطلاق له مالية ، افترض الزوجة خلعت الزوج من دون عقد الخلع فقالت للزوج إذا تقدم على الطلاق واوهمته وخدعته فأقدم على الطلاق فبعدما تمضي العدّة أو يصير الطلاق بائناً هل يحق للزوج أن يقول لها انتِ خدعتِني وعليك أن تدفعي مالية الطلاق ؟ كلا ليس له الحق لأن نفس الطلاق ليس عملاً مالياً بنفسه ولا الإقدام عليه له مالية بنفسه ولكن إذا أوقع عقد الخلع عليه يصير الإقدام على الطلاق له مالية.

إذاً بعض الأشياء أو بعض الأفعال أو بعض الأعمال ماليتها بعد العقد عليها ، وهذا من جديد من المالية ، وهذا البحث طويل عريض لا نريد الدخول فيه وأنَّ المالية هي موضوع للعقود فكيف العقد هو الذي يوحد موضوع نفسه ؟ فهنا يوجد كلام طويل عريض ولكن لا نريد الخوض فيه وهو ليس مجال بحثنا الآن وإنما فقط نشير إلى أنَّ المالية والماليات أنواع وأشكال ونماذج سنخاً مختلفة عن بعضها البعض.

فإجمالاً وجه المشهور في بطلان البيع أو المعاوضة على ما لا منفعة فيه أنه لا مالية فيه أو لا ملكية فهي أو لا حق فيه وإن كان ما لا منفعة فيه أقسام كما مرّ بنا أمس مثل حبة الحنطة أو الشعير ليس لها مالية وليس لها ملكية ولكن له حق السبق بخلاف الحشرات مثلاً فإنها ليس فيها أي منفعة ، أو بعض الأمور لا منفعة لها إلا نادرة النادرة بحيث لا يعتد بها العقلاء فالمهم ما لا منفعة له أيضاً هو أنواع ، هذا الوجه الأول اعتمده المشهور هو أجمالاً وغالباً وأكثرياً هو متين.

الوجه الثاني الذي اعتمده المشور في بطلان المعاوضة او البيع على ما لا منفعة فيه:- هو أنه أكل للمال بالباطل ، كالحشرات والأمور التافهة عند العقلاء التي لا منفعة لها ولا مالية لها إذا بودل الثمن بإزائها فهذا البائع لها أو المعاوض لها الثمن الذي يأخذه باطل وهو أكل لمال الآخرين بالباطل وقد استدلوا بالآية الكريمة.

وهذا الاستدلال أشكل عليه الكثير من الأعلام المعاصرين- والمقصود من المعاصرين يعني القرن الأخير-:- أنه ما هو مفاد الآية الكريمة ؟ ، قد مر بنا في أبحاث سابقة وتناولنا بع الزوايا لهذه الآية الكريمة وهذه الآية الكريمة هي قاعدة عظيمة مهمة ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض ﴾ الآن الاستثناء متصل او منقطع فهذا الكلام ليس فيه ، فكلامنا ليس في ( إلا ) أو ﴿ تجارة عن تراض ﴾ وإنما يأتي هذا في بحث البيع وفيه سجال طويل عند الأعلام ، وإنما الكلام في ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ فإنه ما هو معناه ؟ الكثير من المفسّرين والفقهاء فسورا الآية الكريمة لأنها قاعدة مهمة فهي بدلاً من أن تكون قاعدة امضائية تكون قاعدة رادعة عن الصحة فحتى لو كانت المعاملة عند العقلاء صحيحة فهذه القاعدة تردع ، فكما توجد عندنا أدلة إمضاء توجد عندنا أدلة ردع ، ﴿ أحلّ الله البيع ﴾ أدلة امضاء و ﴿ وحرّم الربا ﴾ ادلة ردع ، النهي عن الميسر ادلة ردع فتوجد عندلة ردع كثيرة فكما توجد عندنا أدلة إمضاء توجد عندنا أدلة ردع ، وأدلة الردع أيضاً يجب أن تدرس وتقولب وتؤطر بضوابط صناعية كما تبط ادلة الامضاء ، لأنها شيء واحد ، لأنها ضوابط فما هي الضوابط للإندراج في هذه الآية الكريمة جملة من المفسّرين والفقهاء فسّروها وقالوا ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ يعني بمعاملة نهى عنها الشرع في رتبة سابقة مثل القمار والربا مثل المنابذة ومثل الكثير من الأمور كنكاح الشغار ومن هذا القبيل ، على هذا القول ما هو محصّل مفاد هذه الآية ؟ هذه الآية مهم يلزم بحثها مرة بعد أخرى وزاوية بعد أخرى لأنها قاعدة مهمة من أدلة الردع فكما أن هناك أهمية لدراسة أدلة الامضاء هذه القاعدة من أدلة الردع ، على هذا القول ما هو محصل الآية الكريمة ؟ محصل الآية الكريمة أن هذه الآية ليست بصدد بطلان المعاملة بل هي بعد الفراغ عن بطلان المعاملة تنهى عن أكل الثمن في تلك المعاملة الباطلة فهي قالت ( لا تأكلوا ) أي لا تتملكوا ، فيه مفاد تكليفي وهي ليست فصدد الإبطال بعد الفراغ عن بطلان المعاملة لا تأكلوا أموالكم بمعاملة بسبب فاسد عند الشرع مثل ﴿ حرّم الربا ﴾ نتيجة التفسير لهذه الآية بهذا المقدار إذاً لا يمكن التمك بالآية الكريمة لإبطال المعاملات وإنما هي بعد الفراغ عن أدلة سابقة دالة على بطلان المعاملة هي تنهى عن عدم الارتداع وعدم تجنب هذه المعاملات وكأنما مثل المؤكدة أو أنها تريد أن تبيّن أنه لا ترتبوا آثاراً صحيحة عليها فلا تتملّكوا الثمن ، هذا على هذا التفسير.

وقال البعض في تفسير ﴿ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ﴾ المراد به عوضٌ باطل حرام ، فإن الباء داخلة على العوض يعني شيء مغصوب وحرام لا تجعله عوضاً في المعاملات فهي تنهى عن غسيل الأموال بالاصطلاح العصري ، لأنَّ تبييض الأموال كيف يكون ؟ هو أن تكون هناك أموالاً مسروقة وأنت تعقد عقوداً صورية حتى تبين أن مصدر الأموال هو من هذه العقود فهذا يسمونه تبييض الأموال هنا يصير ستار يخفي سرقة الأموال ونهبها ، لأنه توجد عندك مصادر استثمار مشروعة لا يستطيع القانون أن يلاحقك فيها ، فـ﴿ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ﴾ يعني هذه الأموال التي جنيتها من الباطل لا تعلها عوضاً ، ولا تجعلها عوضا يعني كبيع شخصي بأن تجعل شخصها ثمناً أو إذا جعلت الثمن كلياً وأنت سددت الثمن الكلّي بهذا فهل الآية الكريمة تتناول هذا أو لا ؟ ، لأنَّ غسيل الأموال يصير في بعض الأحيان بهذه الطريقة فأنت تشتري تجارات كبير بالذمة فالبيع بهذا المقدار صحيح وليس باطلاً ، لأنك جعلت العوض في الذمّة ثم بعد ذلك أنت تسدد هذه البيوعات التي لها ديون كبيرة بأموال محرّمة ، فهنا غالب الفقهاء يقولون بأن المعاوضة والبيع والاجارة أو أي معاوضة فرضتها نفسها صحيحة ، لأنَّ طرف العوض كلّي فنفس المعاوضة تكون صحيحة أما أداء الدين - أي الثمن - من الأموال المحرّمة فليس بصحيح ولم تفرغ ذمتك ، وهذا أكثر الفقهاء ربما يقولون به.

ولكن يوجد قول آخر يقول بأنه لا فرق في ذلك ، فسواء من الأول جعلت المال الحرام عوضاً أو سدد بالمال الحرام فهو شيء واحد ، وتوجد نصوص على هذا القول ، كما توجد نصوص على كلام المشهور.

ويوجد قول ثالث يفصّل:- وإن كنّا لا نريد الدخول في هذه البحوث ولكن نريد أن نفسّر ما هو معنى ﴿ لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل ﴾ البعض فسّر وقال إذا كان من الأول يريد أن يسدد الديون والأثمان من الأول من المال الحرام وكان قصده من الأول هو هذا فهذا يكون أكلاً للمال بالباطل ، فصحيح هو نوى الكلّي ولم يجعل البيع لثمنٍ شخصي أو عوض شخصي ولكن هذا الكلّي هو جعله مرآةً للأموال التي في حوزته ، فمثلاً هو الآن يريد أن يشتري أراضٍ أو مصانع كذا فهذه الأمور من أين هي أمواله فهو لا توجد عنده قدرة مالية إلا من هذه الأموال الحرام ، فبالتالي حتى لو قصد الكلي فهذا الكلي أتى من هذه الأموال الحرام ، فهذا سيان سواء هذه المعاملة أو المعاوضة فيما لو جعل من الأول أن يشتري هذا المصنع أو هذا القطاع بهذا الثمن الخاص سواء في المعاوضة على الثمن الشخصي فواضح أنه باطل لأنه مغصوب ومنهوب ، وإذا جعل الثمن كلياً ولكن هذا الثمن الكلّي هو من الأوّل كان ناوياً أن يسدده منه لأنه لا يوجد عنده دخل آخر بهذا الحجم فهذا باطل أيضاً ، لأنَّ الكلي صار مرآةً لهذا الحرام ، وهذا ما التزم به السيد الخميني وأستاذنا الميرزا هاشم الآملي أيضاً يلتزم بهذا القول ، ولكن هذا خلاف المشهور ، فإنَّ المشهور يفصّلون بين الكلي وبين الشخصي ، أما عقلائياً كيف يكون الأمر في نظرة القانون الوضعي أو العقلائي فهي بالتالي تكشف لنا عن ارتكازات سيما باب المعاملات فغن لها صلة بالعقلاء سيرة العقلاء والماهية عند العقلاء ، فما هي سيرة العقلاء ؟ سيرة العقلاء تقولون - وهذه نكتة لطيفة جداً وشرح هذا المطلب جيد وينفع في مفاد آية ﴿ لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل ﴾ وأيضاً ينفع في بحث الماليات يعني مطالعة القانون الوضعي ضروري وقد يقول قائل نحن علينا بالقانون الشرعي وليس مهماً لنا القانون الوضعي ولكن نقول هذا صحيح ولكن ّغا كان الحكم الشرعي قد رتّب وعلق على عناوين عقلائية فأنت مضطر أن تتابع تواجد هذه العناين العقلائية ، اليس الشارع قال ﴿ أحل الله البيع ﴾ فالبيع متقوم بالمالية العقلائية العرفية أو لا ؟ نعم ، فهذه متابعة من الشارع للعقلاء أو لا ؟ إنها نوعٌ من الامضاء ، فبهذا المقدار وليس بنحو لا محدود ، إذاً دخول اعراف العقلاء في المعاوضات من زاوية الموضع امر يجب أن لا نغفل عنه صناعياً.

ونعيد العبارة بضابطة صناعية:- هي أنَّ أحد الزوايا المهمة التي يتدخل فيها العقلاء والسير العقلائية والأعراف المتجددة - فربما العرف العقلائي الآن يتجدد ويتغير عما كان عليه قبل قرون - فهل يتبدل موضوع الشارع ؟ نعم لأنَّ الشارع علّق حكمه على الموضوع العقلائي فإذا علق حكمه على الموضع العقلائي فهم قد يبدلون جوهر الموضوع أو يصنفونه أو يغيرونه فيتبدل الموضوع ، وهذه نكتة صناعية مهمة وهي أنه كيف يكون للعقلاء والأعراف العقلائية دخل في الأحكام الشرعية في باب المعاملات أو باب الايقاعات ، لأنَّ الشارع أخذ هذا الموضوع وهذا العنوان وهذا الموضوع وجوده اعتباري عند العقلاء وليس وجوده تكويني من ثم قالوا إنَّ دراسة منظومة القوانين العقلائية والأعراف العقلائية في باب المعاملات والايقاعات وباب الأحكام من عبادات ومعاملات وايقاعات وأحكام والمقصود من الأحكام القضاء والشهادات والحدود والديات ، حتى هذا الباب الرابع في تصنيف المحقق الحلي في الشرائع حكمه حكم المعاملات في جملة من الموارد أنَّ الشرع رتّب حكمه على عناوين مأخوذة من العقلاء والأعراف وأعراف العقلاء تتبدل من زمن إلى زمن أو من جغرافية إلى جغرافية بحسب ما يرتئيه العقلاء من مصالح وأغراض وهذا لا يعني تغيير أن الأحكام الشرعية بيد العرف وإنما يعني التبدل من باب ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه أو جريان الحكم من مكان إلى مكان بتنقّل موضوع الحكم ، إذاً دخل الأعراف العقلائية سواء كانت القديمة أو الجديدة متابعتها من الفقيه مهمة في باب المعاملات والايقاعات والحكام من هذه الزاوية وليس من زوايا أخرى ، من زواية العناوين التي أخذها الشارع موضعاً أو قدياً أو متعلقاً أو غير ذلك وهذه نكتة مهمة ، فهذه ضابطة وقاعدة صناعية فقهية معقدة ومهمة وخطيرة وحساسة في كل المعاملات ، وهذا قد ذكرناه سابقاً اجمالاً والآن بسطناها أكثر ولعله إذا جاءت مناسبة أخرى فسوف نبسطها أكثر وأكثر ، لأنه يوجد فيها ثمرة عظيمة وحساسة ، وهي لم يبلورها الفقهاء بشكل صريح معلن ولكنها موجدة ف كلماتهم وهي من أسرار المهن عندهم في الصناعة الفقهية وهي أنه كيف يدخل العقلاء والأعراف العقلائية البشرية على خط التشريع الشرعي في باب المعاملات من أي نافذة ومن أي باب ، فإذا صارت هذه واضحة لندرس الآن في اعراف العقلاء هذا الذي لا يوجد عنده دخل مالي فهذا هو أصلاً كان وضعيته المالية محرومة جداً أما الآن فاعتباره المالي يكون بالمليارات فمن أين جاء إليه هذا الاعتبار المالي ؟ إنه جاء له من الأموال المسروقة المنهوبة ، فهل هذه الذمة والكلّي الذي في ذمته صحيحة أو غير صحيحة عند العقلاء فإن بحثها مهم ؟

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo