< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/08/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع :المكاسب المحرمة _القسم الثالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأناً بيع السلاح من أعداء الدين.

كنا في الرواية الثانية في أبواب ما يكتسب به الباب الثامطن باب تحريم بيع السلاح والسروج لأعداء الدين وكنا في ذيل الحديث الثاني ( فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحملوا ) فلاحظ هذا الحديث الثاني والذي قبله والذي بعده وأبواب أخرى يفرض أن عنوان العدو ينطبق على الطرف الآخر وهذه نكتة مهمة ، يعني في التشريع الديني عنده أن العدو ينطبق على الطرف الآخر ، من أحكام العداوة في القرآن الكريم ، إذا قمنا ببحث في القرآن الكريم ما هي أحكام العدو في القرآن الكريم ؟ ليس من الأحكام العداوة بما هي عداوة استباحة الدماء واستباحة الأموال واستباحة الأعراض ، في منطق القرآن الكريم وفي منطق أهل البيت عليهم السلام ليس من أحكام العداوة ذلك وهذه قاعدة وللأسف نحن لا نكتب القواعد وإنما نكتب التفاصيل وتفاصيل التفاصيل ونبحثها أما القواعد فهي متروكة وهي أهم وأخطر ، أصلاً أنا طوّلت في بحثنا وتريثت فيه لأنَّ فيه قواعد كثيرة خطيرة وحساسة لابتلاء المعيشة المعاصرة بها تنظيرا ًوغير ذلك ، وهي مغفول عنها ، فالقواعد أهم من نفس الفرع ، من القواعد الفقهية المهمة وليست فقط أخلاقية وإنما هي قاعدة فقهية إلزامية أصلية أن العداوة ليس من احكامها استباحة الدماء ، طبعاً الحكم في العداوة حتى الدينية لذلك عنوان الباب أو المسألة عنونها الفقهاء وقد مرّ بنا أن كل كلمة يطلقها الفقهاء هي مأخوذة من عناوين الأدلة ، ناموس علمي تشريعي جذري أساس مهم وليست القضية من دون ضابطة ، بل كلّها عناوين وقوالب مجموعة قواعد متشابكة مندمجة أسست هذا الفرع وفروع أخرى ، هذه القواعد فهمها مهم وهي قواعد فقهية أهم من التفاصيل الجزئية ، فتوجد عداوة دينية وتوجد عداوة دنيوية ، الحكم في العداوة الدينية فضً عن الدنيوية ليس من أحكامها في تشريع القرآن ولا في تشريع أهل البيت عليه السلام استباحة الدماء والأعراض ولا الأموال أبداً ، وسنذكر جملة من الآيات والروايات فضلاً عن العداوة الدنيوية ، وهذه نكتة مهمة وقاعدة مهمة جداً ، وحتى بمناسبة نحن في شرح زيارة عاشوراء قلنا هذه من معجزات عاشوراء زيارة عاشوراء هي منطق خالد بشري فأحد أسماء زيارة عاشوراء المنطق الخالد البشري الدستوري الخالد العصري البشري المستقبلي ، عدّة أسماء لزيارة عاشوراء وقد مرّ بنا ان الزيارات ليست زيارة أو ادهية وإنما هي أصول دستورية إما عقائدية أو فقهية ، خطورة الزيارة أكثر من كونها قصة زيارة أو قصة دعاء عبادي.

فإذاً هذه قاعدة لو يلهج بها انسان ألف مرة حتى نصحح التحريف السقيفي الذي صار في السقيفة استبدلت العداوة الدينية إلى التكفير بمعنى استباحة الدماء والأعراض حروب الرِدَّة قامت على بدعة في الدين اخطر من نفس حرب الرِدَّة ، أصلاً تأكيد علمائنا الأوائل على بدع كذا وبدع كذا لا لأجل قضية تعصب طائفي وإنما لأجل قضية أن المسيرة حرّفت ، وكما تقول الصديقة الطاهرة أنها ستجرّ البشرية إلى ويلات ، انتبهوا فإنَّ هذا خطأ وانحراف لمسيرة الدين ، كل خطوة خطوها غيرت معالم وقواعد هي أمان للبشرية وسبحان الله ، هذه نفس خطورة حروب الردةّ ، وطبعاً حتى أنه يوجد كاتب ومنظّر استراتيجي في نظام الرياض سنة 1417 في جريدة الرياض وهو منظر كبير ولعل اسمه عبد الله غينة ومقالته موجودة على موقع الأنترنيت في جريدة الرياض وهو يميز بين علي بن أبي طالب الرسول بين ذاك الطرف ، فالمهم هو خط علماني ولكنه ليس علمانياً عنوان مقالته وهو بحث قانوني وليس صحفي سياسي معاصر كلا بل هو بحث قانوني بحث نفس القواعد ولكن بلغة عصرية ، عنوان مقالته ( من أوّل من شرّع الارهاب في الاسلام ) ، وعبارته صريحة في ذلك وقد نشروها في جريدة الرياض ، وأنا أتذكر بعد الحج في تلك السنة بعد أن رجعنا من الحج رأينا تلك المقالة وقد صارت لأجلها ضجة على الانترنيت ، فالمهم أنه من هو أوّل من شرع الارهاب في الاسلام ؟ هناك هو يقول إنَّ الفرق بين علي بن أبي طالب والطرف الآخر أنَّ علي بن أبي طالب عدوه يشتمه ولكنه يحفظ له الحرمة المدنية عرضه وماله كالخوارج وغيرهم ، وكذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أمير المؤمنين عليه السلام ، فهو يقول ماداموا لم يشهروا علينا السيوف فلهم ما لنا ولهم من بيت المال ويدخلون مساجدنا وكم حق ذكره أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة ، يقول هذا أصول التشريع التعايش العظيم ، هو نفسه هذا الكاتب يكتب هذا رغم أنه من نظام الرياض ، فهو يقول إنَّ هذا عكس الطرف الآخر فإنه بمجرد أن يعاديهم شخص فحينئذٍ يكفرونه ويقولون هذه ردّة ، الثاني اعترض على الأول وقال له إنَّ هؤلاء ليسوا مرتدّين وإنما هم مسلمين ولكن مع ذلك كفّرهم وحاربهم واستباح دماءهم وأعراضهم وأموالهم ، وهذه نكتة مهمة ، وليس قصة بدعة فلان وفلان ، كلا بل هوية الاسلام غيرت وصارت داعشية وصارت قاعدة وصارت طالبان ، هم شعروا بها وهذا واقعاً من معجزة علي بن أبي طالب فأصل القضية يرجع إلى هنا ، إذا أردنا أن نعالج الارهاب فكرياً هو هذا وهو أنه لا القرآن الكريم ولا سنة النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولا سنة المعصومين عليهم السلام تقتضي أنَّ العدو حتى في الدين تستبيح دمه وعرضة وأمواله ، كلا فإنه هذا لا يجعلك تسبيح ذلك ، فإذاً ماذا تقتضيه القاعدة الفقهية في العدو ؟ إنها تقتضي الحذر ، فلاحظ أن القرآن دائماً يبين ذلك ﴿ إنَّ من أولادكم وأزواجكم عدوّ لكم فاحذروهم ﴾ ، فهو لا يقول عاقبوهم ولم يقل اضربوهم ولم يقل قاصصوهم وإما يقول احذروهم فالحذر شيء آخر ، وتوجد آية أخرى وهي ﴿ هم العدو فاحذرهم ﴾ في سورة المنافقين وهذه عداوة دينية ، وكذلك ﴿ وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة يحسبون كل صيحة عليهم هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون ﴾ ، يعني مثل أنَّ الله يكسر أمرهم ، فهو لم يقل قاتلهم وإنما قال ( فاحذرهم ) ، فلاحظ أن هذه العداوة الدينية حذر وتلك العداوة الدنيوية أيضاً حذر ، حتى بالنسبة إلى إبليس ﴿ ألم أقل لكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين ﴾ لا تتابعه تنقاد له ، ﴿ فاتخذوه عدواً ﴾ ، وهذا حتى في المنطق السياسي البشري العداوة تقتضي اليقظة عن لسع الطرف الآخر لك ، وسمّ الطرف الآخر لك ومكيدة الطرف الآخر لك ، وهذا أصل عظيم رحمة الله على علمائنا وراتنا وما بعدهم من المراحل كتبوا ( بدع الثلاثة ) وبدع يعني واقعاً هذا تحريف ، أصل القاعدة الفقهية أنَّ العداوة تقتضي الحذر لا أنها تقتضي استباحة الدماء والأعراض والأموال ، هذا في العداوة الدينية فضلاً عن الدنيوية ، وهذ نكتة مهمة جداً.

لاحظوا هنا الاستغفال والخداع الذي يجري الآن من الغرب أو من الطرف الأجنبي وهو ثقافة التسامح وعدم الكراهية ، وما معنى عدم الكراهية ؟ معناها أنك لا تعرف عدوك من صديقك وإنما حبّ الكل ، ومعنى ذلك أنك لا تحذر بل كن في نوم وغفلة حمقاء بحيث تؤخذ كل أشياءك وأنت غافل ، وهذا وخطأ ، فهو افراط من ذاك الطرف ، فلا الافراط الداعشي صحيح ، ولا الافراط الخداعي المكري من الطرف الأخر الأجنبي صحيح ، بل لا هذا ولا ذاك فإنَّ القرآن الكريم يقول الأمر وسطاً ، فإذا كان عدواً فاعرفه أنه عدو ، و يقول لك أنت استبح دمه وعرضه وماله ، كلا ولكنه يقول لك احذره ، فهو لا يسوغ لك أن تستورد منه ثقافات خاطئة أو سياسات خاطئة أو تدابير خاطئة ، فلاحظ كم هذه القواعد تركت وهي أهم ، وباعتراف الفقهاء أنَّ هذه القواعد يستنبط منها ألف فرع لا الفرع الذي نحن فيه فقط وهو بيع السلاح وهذه القواعد هي الأساس ، الآن تحريف في افلقه وفي ماهية الفقه وفي ماهية الفقه وإذا لم تصر عندنا خصيلة علمية فسوف ننتهي ، ثقافة السلام والتسامح والمحبة والوردية طبعاً هذا صحيح ولكن ليس مع الذئب ليس مع السبع ليس مع العدو وإنما مع الغزال فهذا صحيح ومع الموجودات الأليفة فنعم أما صقر أو عقاب فلا معنى لذلك ، أنت تذهب إلى البرية فهذا مثال لليقظة ، وقد وقعت هذه الحادثة في أعياد معينة أرسل رجل طفله أو طفلته في البراري في أصفهان فجاء الصقر أخذه فهل هذه وردية كلا بل يلزم الحذر ، وفي نفس الطائف أحد الحجاج جاء وقد نشر ذلك في الصحيفة وكانت معه طفلته تعلم أن جبال الطائف مملوءة بالقرود الوحشية فهذا من باب الوردية والتسامح ترك طفلته عند القرد حتى يصوّر طفلته مع القرد فبمجرد أن ترك الطفلة وأراد أن يصوّر أخذ القرد الطفلة وذهب ، فهنا كيف يكون التسامح ؟!! بل لابد من الحذر ، وأنا أريد أن أقول إنَّ هذا حكم فطري ، فلا معنى للتسامح هنا بل لابد من الحذر ، وهذا حكم فطري ، فهذه الأمثلة هي من باب الحكم الفطري ، فالعدو معه حذر ، لا أنَّ معه محبة وسلام ، الآن يحذر الكثير من مثقفينا وشبابنا وأكاديمينا أنه تسامح ومحبة حتى مع من يرصد لك ويمكر بك الليل والنهار فإنَّ هذا لا معنى له ، فنحن هل نقول تعال افتح معه استباحة الدماء وغير ذلك إذا هو لم يفتح ذلك ؟ كلا ، فلاحظوا أنه في منطق البشر وحتى الروايات فلاحظ الروايات هنا تقسّم الحالات بيننا وبين الأطراف الأخرى إما حالة حرب ساخنة أو حرب باردة أو مكايدة ، أقل شيء هي الهدنة ، دققوا فإنَّ نفس الروايات فيها منطق فقهي عجيب ، في هذا الباب نستخرج هذه اللآلئ التي هي أعظم من هذه المسألة ، هذه الروايات في هذا الباب التي تسالم عليها العلماء لم تقل هذه الروايات أنه في حال الهدنة أنَّ هذا الطرف ليس عدواً وإنما صار صديقاً ، كلا ، الهدنة ليس معناها صداقة ، الصداقة في الأصل ليست الصداقة الدنيوية ولا القومية ولا العرقية والمنصبية و النسبية بل اصل الصداقة هي الصداقة في الدين كل صداقة ليست على الدين مآلها إلى خراب ، ﴿ الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبغضٍ عدو ﴾ ، أصدق الصداقات القائمة على الدين لا على القومية وعلى الوطن لأنَّ هذا ليس وطننا دائماً فأصدق الصداقات القائمة على الدين ، وهذه قواعد فقهية خطرة ، وهي ليست أخلاق وإنما هي قواعد فقهية خطرة جداً ألف مسألة يستنبط منها ، فإذاً يوجد صديق ويوجد عدو وهذا منطق فقهي قبل أن يكون منطقاً اخلاقياً وهو في عمق الدين وأدلة الدين ، أخطر شيء الان يغيب عن وعي من هو شيء فقهي خطير وبصيرة فقهية عظيمة يغيب من أذهان عموم المثقفين والشباب وحتى عموم المعممين ، لأنَّ المستوى العلمي يذهب ، حتى المعممين فإنَّ العلم ليس لباساً وإنما هو حصيلة عليمة أما اللباس فهو زيّ ، فالفرق ليس بالزي وإنما الفرق في الحصيلة العلمية ، الذي يغيب الآن هو معرفة الصديق من العدو وما هي ضابطة الصداقة وما هي ضابطة العداوة ، والعداوة هي كم قسم في رؤية الوحي ، والصداقة أيضاً هي كم قسم وما هي أحكامها الفقهية ، دعنا عن الأخلاقية بل الأحكام الفقهية والعقائدية ؟ ، فهذه جملة من البحوث تغيَّب ، لذلك مرّ بنا في زيارة عاشوراء وزيارة عاشوراء عند علماء الامامية أنها أصول دستورية لم يتلكأ في مضامينها أنها من الأصول الدستورية ، لاحظ في زيارة عاشوراء ( ولي لمن والاكم عدو لمن عاداكم حرب لمن حاربكم ) يقسم ويفرز بين بحث العداوة وبين بحث المحارب وبحث الموالاة ، ( سلم لمن سالمكم ) فهو لم يقل ( ولي ) وإنما قال سلم وهدنة ، ولم يقل هذا ولياً ، فأنت تنظر إلى أي شيء ، فسواء كنت معمَّماً أو غير معمَّم عليك أن تلتفت إلى نفسك لا تبدل المسالم إلى ولي فإنَّ هذا نوع من الخيانة في مفاهيم الدين وهو الحقيقة ، وضع كلّ شيء في غير محلّه يستلزم نوعاً من تغيير الوعي ونوعاً من الاختراق ، فهذه قواعد فقهية مهمة لحماية اصل الدين المجتمع المؤمن ، ( سلم ) ولم يقل لك ( ولي لمن سالمكم ) ، تنقيط الحروف ( سلم لمن سالمكم ) وليس ( ولياً لمن سالمكم ) وهذا شيء عظيم ، وهذه درجات ، فكيف نخلط بينها ؟!! ، الآن تحت ثقافة المحبَّة والتسالم وغير ذلك والودية والمخملية والنعومة وهلم جرا يريد أن يصوّر لك الذئاب هي حيوانات بلبلية وطيور وادعة وهذا خطأ ، والعكس أيضاً خطأ ، أصلاً ( عدو لمن عاداكم ) الحذر ما هو ؟ الحذر هو عنوان للحرب الأمنية والمخابراتية الخفية ، وليست حرباً دموية ساخنة ، فحذر يعني يوجد شيء خفي أنت تعلم به ، ارصد وراقب ، صحيح أنه توجد حرب معلومات وكشف معلومات ، وهل هذه ليست موجودة ؟ كلا بل بالعكس ، فالقاعدة الفقهية التي أمر بها القرآن الكريم وأمر بها تواتر الروايات أنَّ العدو معه الحذر ، الآن الدول العظمي المشكلة اتحاداً فيما بينها بالله عليك هل يحذر بعضها بعضاً ؟ طبعاً ، هل يرصد بعضها بعضاً ؟ نعم ، فهل هي تعيش الوردية والمخملية فضلاً عن تعاملها تجاهنا نحن ؟ ، فإنَّ الحذر شيء آخر.

فالمقصود أنَّ تغيير القواعد الفقهية خطر جداً ، أن نلاحظ هذه الروايات رواية واحدة أو عدة روايات فيها عدة عناوين وعدة قواعد فقهية ، فلا يغشّنا المعصوم ويقول تعال إلى الطرف الآخر فأنت عندك معه مشتركات في كذا وكذا وهذا صحيح فإنَّ المشتركات في محلها يريد أن يراعيها المعصوم عليه السلام ، ولكن في جانب غير المشتركات القضايا فيها حذر ، العداوة خلاف المناصحة ، ( بالغت في النصيحة ) ، فلاحظ هنا ( الصديق من يصدقك ) ينصحك ويؤثرك ، وهذا موجود في العبير ، بالغت في النصيحة هذا خف العدو ، نصح يصدقك يعني يرشدك إلى ما هو صواب لك وهو يعينك ويعاونك ، ناصح في مقابل الناصح بالعكس وهو من يكايدك ، حتى ولو العداوة في الدين لا توجب استباحة في الدماء ولا في الأعراض أما أنه يجب أن تأمن وتطمئن ، وهذا عجيب ، فكيف تثق وتطمئن ؟!! ، عندنا في الروايات أنه من أحمق الحمقى إذا كثرت الخيانة في الزمان يثق بكل أحد ويحمل على الصحة فإنَّ هذا لا معنى له ، وهذه كلّها قواعد فقهية مغيبة للأسف في الفقه وهي أساس هذه الفروع في التفاصيل وهذا يدل على عظمة سيد الأنبياء ، ( احذر الناس على الاطلاق من الناس هو سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فلم يقل أسفك الناس لدماء الناس وإنما قال ( أحذر الناس من الناس سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم ) ، فـ ( أحذر ) نوع تدبير ، فهو يقول اندفع واستبيح دم الآخر واندفع واصنع الارهاب ، طبعاً حتى معنى الارهاب قد غير ، يعني معناه استبيح دم الآخر ، استباحة دماء وأعراض وأبرياء وهذا لا يقول به أحد ، أما الحدر فهو شيء آخر ، لذلك هم نفهم الآن فرقوا بين الرحب الناعمة والحرب الباردة وما الفرق بين الحرب الباردة والناعمة والساخنة ؟ ، هذه تقسيمات تكوينية ، وهي موجودة في لغة عصرية نفس العناوين التي وردت في الروايات ، فعلينا أن نفهم الروايات لا أننا نعيش في العصري في جانب والروايا في جانب آخر وهذا لا فائدة منه بل لابد أن نفهم الروايات بمفاهيمنا العصرية التي نعيش فيها ، فإذاً قاعدة العدو عندنا في الزيارة ( عدو لمن عاداكم سلم لمن سالمكم حرب لمن حاربكم ) ، السلم مقابل الحرب وليس السلم مقابل العداوة ، الولي مقابل العداوة ، وأبداً في منطق الدين ليس الموالاة على ضوء العرق أو القومية وإنما على ضوء الدين.

فعلى أية حال هذه قواعد مهم الآن الكثير يقولون الفقه المدني أو فقه المدينة أو فقه التمدّن ما هو فقواعده هي هذه ، فهنا إذاً في الروايات تذكر حالات متعددة يجب أن نلتفت إليها ، أولاً أنَّ العداوة الدينية تقتصر على درجات العداوة في الدين حسب منطق هذه الروايات ، ليس هذه الروايات في هذا الباب فقط بل في كل أبواب الفقه ، فلاحظ أنَّ هذه قواعد عامة ومصطلحات وحيانية عامة بنى عليها الفقهاء في أبواب عديدة وإلا سوف يتيه الدرب ، وهي مهمة ، ما هي العداوة الدينية ؟ ، جملة من القدماء وأنا لست في صدد ذلك وإنما أريد أن أقول كيف أنَّ هذه قواعد شمولية هيمنية جحفلية ، ففي باب تجهيز الميت لاحظوا فتوى الشيخ الطوسي والمفيد والمرتضى وابن إدريس ونحن وافقناهم ، من الواجب عليه التجهيز ؟ ، فهم أخذوا نفس هذه العناوين التي ذكرت ، وأنا لا أريد أن أبسط البحث كثيراً ، بعض الأحكام في الأبواب الفقهية مرتبطة بعنوان الولي وبعضها مرتبطة بعنوان المسالم وبعضها مرتبطة بعنوان المهادن ، فإذا ًهذا بحث مهم ، هذه البحوث أصلاً غيّبت حتى عند متأخري العصر ، نعم الوحيد البهبهاني عنده هذه البحوث ، أما القدماء من الشيخ المفيد والكليني والمرتضى والطوسي إلى الحلبي وابن البراج وابن زهرة إلى ابن إدريس عندهم هذه المباحث ، وقد ذكرت أنه أصلاً بحث الملل والنحل بلغة الفقهاء هل تابعها أحد في الأبواب أو لا ؟ ، ولماذا ؟ لأنَّ هذا بحث الملل والنحل والذاهب والأديان بلغة الفقهاء دعنا عن لغة المتكلمين ترتب عليها آثار في الأبواب الفقهية ، فهل هناك من بحث هذا بحثاً جامعاً ، وأذكر لكم بصراحة أنه في هذا البحث غاب عن الذهن الشريف للمتأخرين خمسة قرون الأخيرة أو القرنين الأخيرين بالذات غاب عنهم مباني ، لا أنهم يلتزمون بمبناهم ويوافقون مبنى القدماء وإنما غاب عنهم مبنى القدماء ، يعني من الكليني والصدوق والمفيد إلى ابن إدريس فإنهم توجد عندهم مبانٍ في الفِرَق والملل والنحل ، وإنما جعلوا العناوين عناوين وقواعد أخرى وهذه من أحد الغفلات الحاصلة ، ولماذا ؟ لأنَّ الشارع في الأبواب الفقهية والأحكام الفقهية مثلاً الزكاة للولي ، التكافل نعم التكافل بدرجة انسانية عامة نازلة قوت لا يموت فنعم هذا مثلاً لعنوان المسلم أما بدرجة فائقة وكذا وكذا ، الآن من باب تأليف القلوب فهذا بحث آخر فهو للولي ، تجهيز الميت لمن ؟ ، الذباحة لمن ؟ ، الزواج لمن ؟ ، فلاحظ أنَّ هذه أحكام غيبت وهي مهمة ، توجد أحكام بيع وشراء الآن حتى مع من يكون تلتزم بها للمسالم أو للمهادن أو لغير ذلك ، فالمقصود أنَّ الأحكام الفقيه والأبواب الفقهية أخذت فيها هذه العناوين ولكن الآن غيبت عن الوعي والبحث العلمي والحال أنها مذكورة في الروايات ، أصلاً هذا الباب كم عنوان أدرج فيه المعصوم عناوين عديدة ، الآن نحن منذ يومين أو ثلاثة نحن في الروايات فقط نذكر عنواناً عنواناً وكل عنوان هو قواعد فقهية جمّة ، ويستخدمها الشراع في الأبواب العديدة ويستخدمها قدماء الفقهاء لكنها غيّب توضيحها عند المتأخرين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo