< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/08/11

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع : المكاسب المحرمة _القسم الثالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأناً بيع السلاح من أعداء الدين.

كنا في الرواية الثانية تتمتها هكذا ، وهي موثقة إلى ابن رباط ، أما أن أبي سارة وهند السراج فهند السراج ليس بموثق لكن روايات المقام جلّها عند السيد الخوئي ليست تامة سنداً ولكنه بحث فيها بحثاً تفصيلياً لأنَّ مفادها مطابق للقواعد ، وهذا نوع من الوثوق بالصدور بسبب المضمون ، ولذلك السيد الخوئي في المقام عالج دلتها بشكل تفصيلي أو إذا استعصت يقول هي ضعيفة السند ولكن ممشاه عموماً في هذه المسألة الاعتماد على هذه الروايات لمطابقتها للقواعد القرآنية ، ( قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلحك الله إني كنت أحمل السلاح إلى أهل الشام فأبيعه منهم فلما عرفني الله بذلك الأمر ضقت بذلك وقلت لا أحمل لأعداء الله ، فقال لي:- احمل إليهم فإن الله يدفع بهم عدونها وعدوكم - يعني الروم - وبعه فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحمل فمن حمل إلى عدونا سلاحاً يستعينون به علينا فهو مشرك ) ولعله ليس حين الحرب ، هذه الرواية فصّلت في أهل الخلاف بين وجود الحرب وعدم وجود الحرب ، جملة من الأعلام قالوا إنَّ مفاد الرواية ليس التفصيل بين وجود الحرب وعدم وجود الحرب ، الرواية هي بين الحرب وبين الهدنة ولم تتعرض إلى المباينة ، لأنه في عهد الباقر عليه السلام لم يكن هناك نظام سياسي للإيمان بل كان كلا الطرفين تحت ظل النظام الأموي هناك سوغ الامام عليه السلام بيع السلاح لهم وأما إذا كانت حرب ، فالحرب علاوة على الانفصال في النظام السياسي أيضاً وقوع شرارة حرب ، بينما توجد حالة متوسطة وهي المباينة ، فلا هي هدنة ولا هي حرب بل نظامان سياسيان ولكن توجد بينهما مباينة ، وقد مرّ بنا أنَّ المباينة درجات والهدنة درجات والحرب أيضاً درجات ، فالرواية ليست متعرضة للمباينة كي تنافي الروايات السابقة فإنَّ الروايات السابقة أناطت الجواز بالهدنة أما هذه الرواية فهي أناطت الجواز بعدم الحرب ولكن ليس مطلق عدم الحرب بل الهدن أيضاً لأنَّ موردها مورد الهدنة لا المباينة.

ووجد تعليق آخر من جملة من الأعلام على هذه الرواية:- فلاحظ حالة الضوابط والقواعد كيف تتحكم في الروايات ، التي هي الأساس ، يوجد تحليل آخر لجملة من الأعلام لهذه الرواية وهو أن هذه الرواية لم تنيط الجواز على الهدنة فقط بل على ( احمل إليهم فإن الله يدفع بهم عدونا وعدوكم ) ، لأنه في الهدنة هم تقويتهم لأجل التقوية على غير المسلمين لا لأجل دعم كيانهم بل لأجل دفع راية الكفر فهنا لا بأس ، فقيدت الهدنة وإن أمير المؤمنين كان يشير عليهم ، أصلاً هذه التي يسمّونها الفتوحات التي جرت في عهد الأول وفي عهد العسكري وفي عهد الثاني والثالث كلها من مصادرهم هي بتدبير وتخطيط من أمير المؤمنين عليه السلام ، القادسية مثلاً مع النظام الكسروي أهم واقعتين هما القادسية ونهاوند ، ذكرنا في كتاب عدالة الصحابة أنه من مصادرهم العديدة أن مفتاح التدبير للنصر هو علي عليه السلام ولولاه لخزي المسلمون خزياً كبيراً ولوصل جيوش كسرى إلى المدينة المنورة ، فهذه نصوص موجودة في ذلك للأسف الكثير من كتاب التاريخ الأساتذة الجامعيين والمعميين والحوزويين في غفلة من هذه الحقيقية ، وصراحة هذه من بركات التوسل بأمير المؤمنين اكتشفتها وابن أبي الحديد روى رواية عن أمير المؤمنين ليست موجودة في مصادرنا ظاهراً هناك رواية تقول ( أنا صاحب الفتوحات ) ، طبعاً الملف المخزي في الفتوحات يسند إلى أمير المؤمنين عليه السلام فإنهم عربدوا ولعبوا بالنساء وبغير ذلك فهذا بحث آخر أما أصل التخطيط العسكري والتدبير كان مشروع اعاه أمير المؤمنين للأول والثاني ، حتى هذا التخطيط جملة منه من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أوصى به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بشكل عام مبهم وبشكل مفصّل لأمير المؤمنين عليه السلام ، وكذلك أعظم واقعتين كانت بين المسلمين في عهد الثاني مع القياصرة كانت هي جلولاء وقنسرين واليرموك في الثلاث وقائع وخصوصاً واقعة اليرموك لولا تخطيط أمير المؤمنين لخزي المسلمون ، خالد بن الوليد فشل وأبي عبيد بن الجراح فشل فقالوا لنستعين بشبكة علي بن أبي طالب لأنه كان في اليرموك جيش القياصرة أربعين ألف مقايل أو أربعة وأربعين وكان جيش المسلمين أربعة آلاف ، واللطيف أن هند كانت تشعر ضد الاسلام في اليرموك خلف جيش المسلمين مع أبي سفيان ، نفس فعلتها في أحد نفس الشعر كانت تشعر به ضد الاسلام كانت تشعر به يعني كانت تتمنى هزيمة المسلمين ، وهذا من وقائع التاريخ العجيبة ، فالمهم اضطر ابن الوليد - السيف المسلول للسقيفة - فقال له أبو عبيدة يوجد بد جع الأمور بيد شكة علي بن أبي طالب ، دع الأمور بيد مالك الأشتر فإنَّ سيدهم قد أوعز إليهم وهو يعرفون كيف ننتصر ، وفعلاً أوعزوا بتشكيل جيش في اليرموك إلى مالك الأشتر ومالك الأشتر طبق خطة علي بن أبي طالب واصبح نصر كاسح لمسلمين على الكفار ، ونحن نريد الدخول في هذا البحث وجزا الله خيراً جملة من المحققين تابعوا هذا الملف وحصلوا على شواهد كثيرة غير التي وقفت عليها ، فالمهم أنَّ هذه الفتوحات التي يصولون ويجولون بها كلها لعلي بن أبي طالب حتى في عهد الثاني وحتى النزاع بين القبائل لأنَّ حروب الردة لم تكن هي ردّة بل المهم صارت فوضى عسكرية قسم معارضون لحكم أبي بكر وقسم مرتدون وهم قليل ، وقسم في السلطة وهلم جرا حتى هذه الفوضى العسكري ما كانوا ينجوا منها لولا تدبير أمير المؤمنين عليهم السلام بنصوصهم ، يعني الذي أدار الدولة أمنياً وحتى اقتصادياً هو أمير المؤمنين عليه السلام وهذا موجود في نصوص القوم ، فرجل الدولة ورجل الأزمات الذي يديرها هو أمير المؤمنين عليه السلام ، وهذه أنا أعتبرها من أعظم أدوار أمير المؤمنين عليه السلام ، وربما قاول أعظم من بدر وأحد وغير ذلك لأنه يحافظ على الاسلام ولا ينتهي الأمر باسمه ولا أحد يعرف هذا الأمر فكيف هو من اخلاص وصدق نية.

فالمهم أنَّ القضية واضحة ، فأمير المؤمنين عليه السلام هنا حينما شيد فهل هو شيد ملك الأول وملك الثاني وملك الثالث ؟ كلا ، بل هنا رداً تساؤل آخر ليس شيد ودعم عيون هؤلاء وإنما هذا بنيان لسيد الرسل أمير المؤمنين يحافظ عليه وإن انتهى باسم فلان وفلان ، كلا أبداً فهم لا يستطيعون أن يديروا بيتاً لا أنهم يديرون فتوحات أو دولة ، وقد أثبت التاريخ منذ أحد إلى بدر إلى حنين كلهم أبطال الفرار وليسوا أبطال حل الأزمات.

فعلى أيّ حال فمقصود الامام الباقر عليه السلام وإن كان ينتهي الاسم إليهم ولكن واقع الحال هو بلحاظ بنيان الاسلام لا بلحاظ هؤلاء كما تعرضنا أمس إلى صحيحة يونس بن عبد الرحمن اليتي يسأل فيها الامام الرضا عليه السلام أنه لو هجم على ثغر من الثغور - وثغر يعني مدينة دودية بين بلاد المسلمين وبلاد الكفر - فقال أدافع أو لا فقال له لا تدافع عن النظام العباسي وإما دافع عن دروس الاسلام وعن وقوع الدينة تحت ظل الكفر ، فبدلاً من أن تكون مدينة مسلَّمة تكون مدينة كفر فهنا يشرع الجهاد والدفاع ( لأنَّ في دروس الاسلام دروس ذكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم ) ، هذا تعبير الامام الرضا عليه السلام ، لأنَّ الاسلام حقيقته النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان كلام الامام الرضا عين هذه الضرورة المتسالم عليها بين المسلمين أنَّ الاسلام لا يكتفى فيه بالشهاد الأولى بل لابد من الشهادة الثانية والشهادة الثانية هي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، فعلى أية حال الاسلام ولاية الرسول والاسلام هو دولة الرسول وليست دولة بني العباس ولا بني أمية ولا الخلفاء الثلاثة ، الاسلام يعني دولة الرسول ، لذلك الكثير من المحليين يقولون أنه لازالت دولة الرسول قائمة ألف وأربعمائة سنة ، فإذا كانت هوية الاسلام باقية فهذا يعني دولة الرسول ، وهذا له معاني.

فإذاً يقول الامام في هذه الرواية:- ( احمل إليهم فإن الله يدفع بهم عدونا وعدوكم - يعني الروم - ) ، والآن أمثل كيف أن هذه هي دولة الرسول والحال أن خلفاء بني العباس أو السقيفة استلموها مثاله الآن أنه توجد دولة قائمة مركزية ولكن يوجد اقليم أو محافظة متمرد على الدولة المركزية ولكنه لازال في الميزانية يأخذها من الدولة المركزية أو غير ذلك فهو مرتبط بها ، فالاسم هو دولة الرسول أما انه يأتي أحد يأخذ الكرسي ولا يأخذه تبقى الدولة هي دولة الرسول ، بالدقة لو اردت أن تلتفت إلى هذا فالأمر هكذا ، هذا كمحافظ لمدة خمسين سنة عشرين سنة عشر سنوات ولكن سوف ينتهي ويندثر أما الباقية هي دولة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم هذا هو معنى الرضا عليه السلام في هذه الصحيحة التي أفتى بها المشهور الدفاع عن مدن الاسلام تحت راية الدفاع عن الاسلام وليس عن الحكم الخاص ، ولذلك السيد اليزدي صاحب الكفاية وعلماء النجف كما يقول السيد الخوئي في هذا المبحث وهو لم يأت بالأسماء ولكن من يراجع التاريخ يعرف ذلك والسيد الخوئي أشار وقال حتى في شرح هذه الرواية لذلك أفتى جملة من الأعلام في محاربة الكفار في عهد الدولة العثمانية ليس دفاعاً عن الدولة العثمانية ، مثل ثورة العشرين فإنها لم تكن لأجل الدفاع عن الدولة العثمانية التي هي مافيات تسفك دماء المؤمنين ؟ كلا بل لأجل الدفاع عن دولة الاسلام ودولة الاسلام هي دولة الرسول أنَّ هذا محافظ أو رئيس وزراء أو رئيس جمهورية هو متقحّم فهذا بحث آخر أما أصل الدولة فهو للرسول ، مثل مثالنا العصري يحثث يفرقون بين النظام وبين الحكومة ، هذه خلافة السقيفة أو بيني أمية أو بني العباس شبيه الحكومة ، لكن أصل النظام العام من الذي أسسه ومن الذي بناه من الذي يتحكم فيه ؟ هو سيد الرسل صلى الله عليه وآله وسلم ، لذلك لاحظ أنَّ الاسلام هو نظام عام بغضّ النظر عن صيغة الحكم في السقيفة أو صيغة الحكم في بني أمية أو صيغة الحكم في بين العباس أو صيغة الحكم التي قام بها أمير المؤمنين عليه السلام فكلها تحت نظام عام أكبر وهو نظام الاسلام ، فلازالت دولة الرسول قائمة وإن تناوبها كذا وكذا ، فالمقصود هو هذا المطلب فهذه الملفات في أبواب الفقه وموازين الفقه السياسي أو العقائدي يجب أن يبصرها الباحث إلا فسوف لا يميز بين الملفات والحيثيات ، فهذه الرواية نصّ مثل نصّ صحيحة يونس بن عبد الرحمن في أبواب جهاد العدو وسأذكرها لكم وهي محل افتاء حتى السيد الخوئي في منهاج الصالحين في كتاب الجهاد اعتمد عليها ، هنا السيد الخوئي في ذيل هذه الرواية يقول لذلك أفتى جملة من العلماء الأعلام في الدفاع ومحاربة الكفار في ظل الدولة العثمانية لا لأجل الدولة العثمانية وإنما لأجل الاسم ، هنا يذكرها السيد الخوئي في نفس المطلب ، والسيد اليزدي أيضاً هكذا موقفة وصاحب الكفاية أيضاً هكذا والميرزا محمد تقي صاحب ثورة العشرين وهو أيضاً موقفه وفتواه هكذا وباقي الأعم وإن كان السيد اليزدي في أواخر هذا البحث صار عنده سيناريو أذكى ولكن لم يفسح له المجال أكثر في خصوص معالجة هذا الواقع ، فالمهم خلاصة العلاج الذي رآه السيد اليزدي أفضل وأكفأ حيث قال لماذا نحارب تحت راية الدولة العثمانية بل لا تحت راية الدولة العثمانية ولا تحت راية كذا وإنما ندخل في مفاوضات أو حرب معهم باسمنا نحن وليس باسم الدولة العثمانية ، وهذا كلامه وعلاجه كان أذكى ، فالمهم أنَّ أحداث ثورة العشرين فيها أحداث عجيبة وفيها تجارب كثيرة مرتبطة بهذه القواعد التي نحن فيها الآن ، هذه القواعد يوماً ما - مثل داعش - الانسان يصير في محك الحديدة المحماة فيلزم أن يتقنها قبل أن يصير في سدَّة المسؤولية ويبتلى بها ، يعني يجب أن يتقنها الإنسان هذه القاعدة وتلك القاعدة وتلك القاعدة ، والسيد الخوئي أشار إلى ذلك في ذيل هذه الرواية أن تطبيقاتها ، هكذا صار في ثورة العشرين ، فيلزم على انسان أن يلتف إلى أنَّ هذه ليست حكماً فرعياً في فروع الصلاة أو الزكاة بل هذا حكم مرتبط بأصل جود مجتمع الايمان والمؤمنين ، لذلك مرّ بنا هذه المسألة وهي مسألة استراتيجية بالاصطلاح العصري ، أو قل هي مسألة أكبر من بقية الأبواب أي هذا المبحث والقواعد التي فيه.

إذاً هذه الهدنة قيدت أن الهدنة لأجل مصلحة لا أنه جائز مطلقاً في الهدنة الذيل لهذه الرواية أيضاً ، فلاحظ أنَّ الأعلام حينما كانوا متنبهين إلى القواعد التي استندت إليها نصوص هذا الباب مثل الحالة الزئبقية يأطرون الأطر والقاعد بشيء دقيق مجهري في شرح الروايات ، شرح الروايات وقراءتها والاستنباط منها مع ملاحظة القواعد العامة يعطيك عمقاً في قراءة الرواية ، وتقرأ الرواية مقطعاً مقطعاً ، رحمة الله على المحق الحلّي من أول الفقه إلى آخره يقول ( هذا أشبه بأصول المذهب وقواعده ) أو غير هذا التعبير ، يعني لا يغرّه النص الخاص وإنما تجذبه القواعد والأصول ، اجعل دائماً هيمنة ووصاية للقواعد العامة والعمومات الفوقية على النصوص الخاصة ولذلك صار المحقق الحلي كتابه قاموس الفقه عنده هذا الممشى وهذا المسلك وهذا المنهج فهو يقرأ النصوص تحت ظل القواعد العامة.

فلاحظوا كم هي وجهات النظر تعددت في الرواية.

أما الذيل فيقول عليه السلام:- ( فإذا كانت الحرب بيننا فلا تحمله فمن حمل .... ) ، ( فمن حمل ) هذا تفريع على الشق الأخير او أنه تفريع على كل الشقوق ؟ ، ( فمن حمل إلى عدونا سلاحاً يستعينون به علينا فهو مشرك ) ، هذا الذيل مكث فيه الأعلام مكثاً كثيراً لأنه توجد فيه نكات مهمة جداً ، أوّلاً الذيل يشير إلى أنَّ الضابطة هي عدم تقوية العدو ، وهذه ضابطة مهمة وهي تتحكم في كل الشقوق ذللك بعضهم قال ( فلا تحمله فمن حمل .. ) ليس خاصة بالشق الأخير بل تشمل كل الشقوق ، لأنَّ كل الشقوق جوازاً أو غير ذلك مقيدة بكون أن يستعينوا به علينا ، بل يستعينون به على عدونا وعدوكم لا أنهم يستعينون به علينا ، يعني بعد أن فصلت لك صورة الى وثانية وثالثة ورابعة ثم قالت ( فـ ) يعني للصور كلها لا للصورة الأخيرة فقط ، فهذه معينة ولكن حتى تلك الصور لو كان يستخدم السلاح فيها ضدنا فهي مشمولة أيضاً ، مثل البعثيين يستخدمون السلاح لكذا وأيضاً يستخدمونه لضرب المدن المقدسة ، هو في حالة حرب أليس استخدمها ؟!! ، لا فقط ( عدونا وعدوكم ) وإنما استخدمها في ( يستعينوا بها علينا ) وهذا لا يصير ، فلاحظ أنَّ الملفات حينما تختلط هنا الفقيه تصير عنده بصيرة ، بصيرة في التنظير وأيضاً بصيرة في التطبيق ويأخذ الأمور في دراسة البيئة الموضوعية بسذاجة ، بل يأخذها بحذاقة ولو بالاستعانة بالخبراء ، فالبعض جعل الذيل مقيد لكل الصور ونعم ما قالوا ، وهذا يتنافى فنعم انا قلت لك بالجواز ولكن انتبه فإنه جواز مربوط بأنه ( احمل إليهم فإن الله يدفع بهم عدونا وعدوكم ) ، أما إذا كان هذا من جهة يحارب الأجنبي ومن جهة أخرى يفجّر المدن المقدسة فهذا لا يجوز لك أن تقويه ، ( فمن حمل إلى عدونا سلاحاً يستعينون به علينا ) ، أيضاً من الذيل قال الأعلام إنَّ المدار هو على تقوية الأعداء ، وأيضاً من الذيل قالوا هنا كلام ( عدوّنا ) فإنَّ أعداء الدين ليس المراد به غير المسلمين ، بل قد يكون المراد به فئة من المسلمين ، وهل هذا خاص بهذا الباب ؟ كلا ، فأيها بالباحث في الأبواب انتبه فإنَّ هذا شفرة ( لا أنهم يستعينوا ) ؟!! ، فإنَّ كل عنوان هو بحث ، عدونا أو اعداء الدين هل يرد في هذا الباب فقط ؟!! فباب النكاح كيف هو أو باب الذبائح كيف هو أو غير ذلك من الأبواب مثل باب الغيبة وغير ذلك ؟!! ، هذا نصّ من الباقر عليه السلام هنا طبّق ، وهناك نصوص أخرى.

فلاحظ أنَّ هذا مبحث واحد ولكن له شبكية سريانية في أبواب عديدة ، تضلع الفقيه أن يلتفت من مبحث أين يتكرر هذا المبحث من هذه الحيثية في أبواب أخرى ، سيأتي إن شاء الله تعالى صلاة تجهيز الميت العنوان هو نفسه ، فلاحظ هذه بحوث مهمة ، لذلك المبحث الواحد لا تجده في باب واحد وإنما تجده في أبواب عديدة ، إذا صار الانسان غافلاً فالغفلة شِرعَة واسعة ، أما المتضلّع البسيط فهو نبه لوذعي وتوجد عند حصافة ، وهذا أيضاً نستفيده من الذيل.

وأيضاً قوله عليه السلام ( فهو مشرك ) ، فهو لم يقل ( هو عاصٍ ) ، ولم يقل ( قد ارتكب كبيرة ) ، وإنما قال ( فهو مشرك ) ، فأصلاً هو ليس من الدين ، يعني أنَّ المسألة خطيرة جداً ، فهي ليست كبيرة من الكبائر وإنما هذه المسألة ، وهذا المبحث وهذه القواعد التفتوا أيها الفقهاء أنها ليست من مسائل الفروع ، وإنما هي مسائل مرتبطة بأصل بيضة الايمان وبيضة الدين ، وليست مسألة فروع كالخلل في الصلاة أو الخلل في الحج أو الخلل في الصيام أو الخلل في الزكاة وإنما هذه المسألة مرتبطة بأصل بيضة الدين والايمان ( فمن حمل إلى عدونا سلاحاً ... ) ، وتوجد فوائد أخرى في هذا الذيل ذكرها الأعلام سنتممها فميا بعد في شرح الرواية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo