< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/08/08

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القسم الثالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأناً بيع السلاح من أعداء الدين

اجمالاً مرّ بنا التقسيم الرباعي للأحكام الشرعية أو القواعد الفقهية أنَّ بعضها موضوع أولي حكم أولي وبعضها موضوع ثانوي والمحمول والحكم أولي وبعضها موضوع أولي الحكم والمحمول ثانوي وبعضها الموضوع ثانوي والمحمول والحكم أيضاً ثانوي وهذه المراتب ارتكازاً عند الأعلام مختلفة عن بعضها البعض ، حينئذٍ في حسب مبنى السيد الخميني الذي ذكره وتبناه أن الأحكام الأولية الواردة في أبواب لا سيما الفقه السياسي ، وطبعاً هو لم يحصرها فقط في الفقه السياسي ولكن بالذات بشكل غالب أكثري الوارد في وظائف الحكومة هي من قبيل القسم الثاني وليست من قبيل القسم الثالث ، كما مر بنا أنه جملة من تلاميه الكبار كانوا يظنون أن مبناه أنه من القسم الثالث ولكنه كان يخطئهم فهنا كان يصرح بأنها من القسم الثاني ، فهذا القاعدة يجب أن نلتفت إليها.

فالقسم الثاني ما هي طبيعته كي نلم به أكثر ؟ ، القسم الثاني محموله أولي ، ما الفرق بين المحمول الأولي والمحمول الثانوي ، المحمول الأولي أحكام ابتداءً وأولياً يريد الشرع تشييدها واقامتها ، وأين يوجد المحمول الولي ؟ إنه يوجد فقط في القسم الأول والقسم الثاني أما القسم الثالث والرابع محمولها ثانوي ، المحمول الأولي الشارع يريد تشييده لأنها طبيعة أولية لمجموع قضايا فطرة المخلوقات أما في المحمول الثانوي الذي هو في القسم الثالث والرابع هذا المحمول طارئ مسكن لأجل علاج وقتي لا يريد الشارع للحمول الثانوي الديمومة ، وهذ نكتة مهمة جداً ، يعني في سياسة الفقيه في الفتوى او في سياسة الحاك باب الوالي والولاية أو في تدبير القاضي في قضائه يجب أن يلتفت إلى أن أولويات الأحكام والأهم والمهم يلتفت إلى الفارق بين الحكم الأولي والحكم الثانوي ، هذه نكتة.

وتوجد نكتة أخرى:- وهي أنه ما الفرق بين الموضوع الثانوي والموضوع الأولي ؟ الموضوع الأولي فيه جنبة ثبات وفيه جنبة تغير حتى القسم الأول ، ثبات يعني القالب هذا القالب الفرض أن الموضوع أولي أحرزنا أنَّ الموضوع أولي والحكم أولي سواء كان في قاعدة فقهية أو في مسألة فقهية إذا كان كذلك وطبعاً هذا يحتاج إلى فراسة الفقيه واستنباطه وهذا مهم وسنخوض في الأمثلة ، مثلا يأتي من الامام ذكر سجدتي السهو ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) أو الصلاة على النبي أو شيء آخر فهل هذا الذكر بقالبه هو متعين في الذكر ليس فقط في سجدتي السهو بل حتى في السجود في الصلاة فهل اللازم مطلق الذكر مثل سبحان الله ثلاثاً أو سبحان ربي العظيم وبحمده من باب أبرز القوالب ذكرها الشارع أو هي ليست حصرية وإنما مطلق الذكر جائز ، المجيء السبحانية الصغيرة ثلاث مرات أو المجيء بالسبحانية الكبيرة مرة واحد مراد الشارع هو تحديد المقدار للذكر ، فانت غذا جئت بـ ( الحمد لله ) بقدر السبحانيات الصغيرة ثلاث مرات او السبحانية الكبيرة مرة واحدة يكفي ذلك ، وهذه ايضاً فتوى الكثير وهي أحد القولين المشهورين ، فلاحظ هناك مداقة من الفقهاء أو الموضوع في ذكر السجدة هل هو هذه التسبيحات أو الموضوع في السجدة هو ذكر الله فاي منهما هو الموضوع الأولي ، ولماذا ؟ لأنّ تحرير الموضوع الأولي عن الموضوع الثانوي له أهمية ، مثلا الآن في باب الركوع أيضاً نفس الكلام ، أيضاً نأتي إلى التسبيحات الأربع التي هي بدل الحمد في الركعة الثالثة أو في الركعة الرابعة هذا من أي باب ؟ هي هذه التسبيحات هل هي سقف أدنى وسقف أعلى تخيير فقهي ؟ هناك من ذهب حتى من القدماء أن هذه ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) السقف الأدنى مراحل ، وصاحب الرياض قال كلا بل المتعين أن تأتي بالتسبيحات الأربعة ثلاث مرات ولا يجري أن تأتي بها مرتين ، والكثير ذهب إلى هذا ، يعني تقول ( سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ) تكررها مرتين فهذا لا يكتفي به وإنما يوجد عند تخيير فقهي إما أن تأتي بواحدة أو ثلاث ، ومن أين أتى هذا الاستظهار ؟ إنه أتى من أنَّ هذه التسبيحات الأربعة مرة أو الفرد لأنه مستحب في الأذكار استظهروا أنَّ هذا هو الموضوع الأولي ، بينما القدماء وهو الصحيح أن هذا من باب السقف الدنى وهو المرة الواحدة غاية الأمر مثل ألان ثل أذكار السجود أو أذكار الركوع والسجود إما مرة أو ثلاث أو خمس أو سبع ، فلو أتيت بها مرتين فلا شيء فيها ولكن فيها حزازة من جهة الزوج فإنَّ عدد الفرد دائماً أرجح لا أنه توجد خصوصية إما واحدة أو ثلاث ، رسائل كثيرة كتبها الكثير من الأعلام في التسبيحات في الركعتين الأخيرتين ، فلاحظ أن التدقيق في نفس الموضوع شيء مهم وأن هل هو أو الموضوع شيء وراءه ، بعض القدماء كما مرّ بنا قال إنَّ هذا من باب أدنى المراتب فثلاث مراتب هي أقل الفرض وأما المرة الواحدة هي أدنى الواجب كما يوجد عندنا التعبير بنفسه في أذكار السجود أو أذكار الركوع لا أنه منحصر بثلاث بل يمكنك أن تأتي بأربع أو خمس أو عشرون ، ففي صلاة جعفر تأتي بها خمسة عشر مرة ، بل بالعكس هي زيادة في الثواب وهي أيضاً بعنوان جزء مستحب لا بعنوان مطلق الذكر ، أما إذا جاء به بعنوان مطلق الذكر فهو راجح في الصلاة ، بل يأتي به بعنوان أنه مستحب ، فالشارع حينما يأتي ويقول لك الذكر هو هذه الأذكار لا أنَّ هذه خصيصة لصلاة جعفر الطيار وإنما في صلاة جعفر الطيار حد من مراتب الفضل وإلا هو نفسه ، فلاحظ قراءة أنَّ الموضوع الذي أمر به الشارع - وطبعاً الموضوع الأعم من قيود الوجوب أو الواجب - وأخذه الشارع هل هو الموضوع الأولي او الموضوع الأولي هو شيء وراءه فإنَّ هذا مهم جداً ، الأذكار في الصلاة مطلقاً جائزة والدعاء في الصلاة مطلقاً جائز ، والتهليل في الصلاة مطلقا جائز ، التشهد في الصلاة مطلقاً جائز لأنها من الأذكار ، الآن إذا كان كلام آدمي مبطل للصلاة فكلام الآدمي البطل للصلاة ليس مختصاً بالتشهد او الركوع أو السجود أو القراءة بل حتى في القنوت لو اتيت بكلام آدمي فهو مبطل ، ولماذا ؟ لأن كلام الآدمي مبطل للصلاة ، إذا تكلمت مع غير الله فهو باطل فإنه كلام آدمي فالكلام مع غير الله باطل ، فهذا لا يفترق في كون داخل التشهد أو القنوت أو السجود أو القراءة ، وراجعوا فتاوى الكل من طبقات الفقهاء ، فدائماً المدار في الضروري أن يكون في طبقات الفقهاء لا فقط الطبقة المعاصرة فإنَّ هؤلاء طبقة من الطبقات فالمقصود كل الطبقات ، فالإنسان عليه يلم بتاريخ الامامية وإلا يصير غافلاً وفي سبات عن المسار العلمي لكل مسألة ممن مسائل الفقه ، فكلام الآدمي مبطل في اي موقع ؟ ، ومن باب المثال نفس الشيخ المفيد يفتي في المقنعة بأنَّ الشهادة الثالثة تسوغ في القنوت ، فإذا كان هذا كلام آدمي فلا فرق بين القنوت وغيره ، لذلك لا يسوغها الشيخ المفيد ، الصدوق في كتابه الفقيه يسوغ الشهاد الثالثة في قنوت الصلاة ويحمل صحيح الحلبي أأذكر أسماء الأئمة في الصلاة ؟ قال نعم ولك أجمل أذكر جملة اجمالاً مثل وآل محمد وأهل البيت والأئمة المعصومين أي عناوين اجمالي وليس من الضروري أن تأتي بالتفصيل أسماء الاثني عشر كأن تقول مثلاً علي وذريته وأولاده المعصومين ، مع أنَّ نفس الشيخ الصدوق ظاهر كلامه أنه يستشكل في الأذان في الشهادة الثالثة نفسه الصدوق داخل الصلاة تبعاً لصحيح الحلبي يذكر أنه جائز ذكرها في القنوت.

نرجع إلى نفس المنكتة التي نحن فيها وهي أنَّ الموضوع الأولي يجب أن نعرفه ، التشهد ما هي حقيقته فهل التشهد شيء ، أو هل التشهد كلام آدمي أو نجوى مع الله أو نجوى مع الرسول أو هو نجوى مع من ؟ فـ ( أشهد ألا إله إلا الله ) أخاطب بها مَن ؟ ، الصلاة توجد روايات مستفيضة بأن الصلاة عبارة عن مناجاة من العبد مع ربه ، كل الصلاة ، فلاحظ تحليل الموضوع الأصلي الموضوع الأولي في كل باب وفي كل مسألة ضروري أن تعرف أنه من القسم الأول أو من القسم الثاني أو من القسم الثالث ، وهذه من أوليات مهارة الاستنباط والصناعة ، حقيقة التشهد ما هي وهي خطاب مع من فهل في الشهادة الثانية نخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإن كان الفقهاء يجوزون خطاب النبي في الصلاة حتى السيد الخوئي يدعي التسالم ونحن الآن لا نريد التعرض إليه في بحث كلام الآدمي مبطل هناك حتى السيد اليزدي والسيد الخوئي يستثنون الخطاب مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأنا لا أريد الدخول في هذا المطلب لكن هل في التشهد الثاني أنت تخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ إنه لا يصح أن تخاطب النبي ، لا أنَّ الخطاب مع النبي وإنما بهذا المعنى وهو أن تقول أشهد ان محمداً صلى الله عليه وآله رسول الله محمد هنا اسم علم واسم علم غائب يعني هو وأنت لم تخاطبه وإنما تخاطب الله ففي علم البلاغة المجيء باسم العلم يعني المخاطب غائب وليس حاضراً ، مثل قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِيۖ قَالُوا أَقْرَرْنَاۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ ، فهذا أمر من الله تتالى أن تؤدوا إليَّ الشهادة فالذي يأخذ الشهادة هو الله مثل شخص يدخل الاسلام أولاً ، فلاحظ أن تحديد العناوين مهمم جداً ، وهل هذا الموضوع أصلي أو أنَّ الموضوع هو شيء وراءه.

نرجع إلى هذا المطلب وهو أن تمييز القسم الأول عن الثاني عن الثالث عن الرابع مهم ، القسم الأول موضوع أولي والحمول أولي وأنا عمداً أتأخر عن الروايات الخاصة لأنه أن نقرأ ألفاظ الرواية من دون أن تكون لدينا مهارة صناعية في التحليل هذا يسمونه منهج اخباري أما المنهج الأصولي فتعال حلّل وأعط صناعة لا ترسل ارسال مسلات مصادرات بل عليك أن تأتي بالتحليل وبالنكتة ، وإلا فالمنهج الأصولي مع المنهج الفقهي ليس قصة الرجوع إلى الروايات بل الكل يرجع إلى الروايات ولكن كيفية الاستنباط هي منهجة أصولية أو لا ، فتمييز أنَّ الموضوع في القس الأول أولي وفي القسم الثاني الموضع ثانوي وهذا شيء مهم ، وليس من الضروري العنوان الوارد في الروايات والأدلة الخاصة حتى في الآيات ليس من الضروري أن يكون هو الموضوع الأولي وإنما قد يكون هو مصداق ويشير إلى الموضوع الأولي الذي هو وراءه أما هو فليس هو الموضوع الأولي في لسان الدليل فيلزم الالتفات إلى ذلك فإن هذا شيء مهم وحساس لا مفر منه.

إجمالا هذا تمييز الموضوع وتدقيقه مهم ، كما تقيق عنوان المحمول مهم أيضاً ، ﴿ وأحل الله البيع ﴾ فأحلَّ هو محمول - حكم - فأحلّ الله البيع محمول ، فهل هذا الحمول تكليفي أو وضعي أو كليهما أو أحدهما ؟ فمن المهم أن يدقق الانسان في هذا المحمول ، أو ﴿ وحرّم الربا ﴾ فهل حرّم تكليفاً أو وضعاً وهل هو حكم واحد أو أحكام ؟ ، العلامة الحلي نقلنا عنه مراراً وهو ينقل عن مشهور الأعلام أن قوله تعالى ﴿ حرّم عليكم الميتة ﴾ استفاد منها مشهور الفقهاء خمسة أحكام ، حكمين أو ثلاث تكليف وحكمين أو ثلاثة وشعي ، فالتدقيق شيء مهم ، واجمالاً هذه هي توصية الأعلام الكبار في التدقيق في العناوين الواردة في الأدلة أيها موضوع أولي وأيها موضوع ليس أولي وأيها محمول أولي وأيها محمول غير أولي ، فإن هذا شيء مهم.

ما الفارق الموضوعي الصناعي بين القسم الأول والثاني ؟ ، رت بنا هذه المراحل وافترض اننا طريناها الآن ، فما هو الفارق ؟ لا يتخيل أن الموضوع الأولي في القسم الأول لا يتبدل ، كلا بل هو يتبدل وإن كان أولياً ، فنعم صحيح هو ممن حيث التنظير لا يتبدل فإنه تشريع من المعصوم سواء كان من الله تعالى أو من النبي صلى الله ليه وآله وسلم أو الأئمة عليهم السلام ولكن توحد زاوية أخرى للتبدل ، وأي تبدّل فيه ؟ يقول إنَّ التبدل الذي يفرض في القسم الأول هو أن ينعد الموضوع الخارجي ﴿ يسألونك عن الخمر ... وإثمهما أكبر من نفعهما ) يعني حرام فإذا انعدم الموضوع كما لو تبدّل الخمر إلى خل فانعدم الموضوع فيقولون كما ذكر الميرزا النائيني والمظفر تلميذ النائيني ذكر ذلك في أصول الفقه أنَّ القضايا الحقيقة تدور مدار الانوجاد الخارجي لموضوعاتها ، وهذه زاوية تغيّر في الموضوعات حتى في القسم الأول ، تغيّر خارجي وليس تغيراً في التنظير التشريعي ، وهذا جانب متغير من الشريعة أو ما شئت فعبّر عن البحث الذي الآن هو محتدم في فلسفات التشريع وطبعاً هذا صحيح ، فإنَّ انوجد ينوجد وإن ارتفع يرتفع ، فإنَّ انوجد مرة أخرى ينوجد وإن ارتفع مرة أخرى يرتفع ، لأنه مثل ما ذكرنا مثل القضية الشرطية إذا وجد الموضوع وجد المحمول ، هذه هي الزاوية للتبدل والتغير ، وهو في الحقيقة تبدل وتغير في البيئة الخارجية وليست تبدلاً وتغيراً في التنظير في التشريع في القسم الأول ، ولذا الفقيه كما يوصي بذلك الميرزا المجد السيد أبو الحسن الأصفهاني ، هؤلاء الذين عندهم فراسة في القضايا الاجتماعية الفقيه يجب أن يلم بالمصداق الخارجي والبيئة الخارجية لأنه ربما تبدلت ، فلا يصح أن يبني على أن الموضوع لازال موجداً ، بل قد تتبدل البيئة فإذا تبدلت البيئة فسوف يتبدل الموضوع حتى القسم الأول ، وهذا ليس تبدلاً في التنظير ولا في التشريع وإنا هو تبدل في الوجود الخارجي ، أو المصداق ما شئت فعبّر ، وهذه نكتة مهمة والذي لا يلم بالبيئات الخارجية فهو لا يعلم فلابد أن يلم بذلك.

فعلى كلٍّ كانوا يقولون بأن السيد أبو الحسن كان يلم بالأخبار كثيراً وفراسته في البيئات الاجتماعية كانت ثاقبة جداً ، ومسدد موفق وسبب ذلك أن كان يتابع كثيراً ، وطبعاً يلزم ان تلم ولو بشكل معلومات عامة وإلا فسوف لا تلتفت ، فإذاً هذا هو التبدّل الذي يفرض في الموضوع في القسم الأول.

أما في القسم الثاني:- فإنه يزيد على ما فرض في القسم الأول شيئاً آخر ، لأنَّ المفروض في القسم الثاني أنَّ الموضوع في القسم الثاني مثلاً افترض الآن ممارسة شعائرية معينة لم ينص عليها بالخصوص وإنما هي من المتشرعة فهل يصير للمتشرعة أن يدخلون في الدين ما ليس فيه ؟ والذي يشكل هذا الاشكال لا يوجد عنده وعي علمي بالقسم الثاني أبداً ، لأنَّ القسم الثاني هو الموضوع الآن مثلاً يأتي متعاقدان ويفترضنا على أنفسهما شيئاً معيناً ، أو ﴿ يا أيها النبي لم تحرم ما أحلّ الله لك ﴾ يعني لماذا تنذر ، من باب المثال فإن النذر هو من القسم الثاني وكذلك العهد واليمين والشعائر الآن إذا نذر شخص أن يصوم كل الدهر فهل أنه أبدع في الدين ؟ كلا هو لم يبدع في الدين ، بل هو أوجب على نفه واثقل عليها ، ولو أنه قد يقال إن هذا مرجوح فلا ينعقد النذر ولكن هذا بحث آخر من جهة عدم الراجحية وهناك لغط بين الأعلام أنه ينعقد أو لا ، شخصاً مثلاً نذر على نفسه أن يأتي بجميع النوافل اليومية كل العمر بغض النظر عن كون ينعقد أو لا فإنَّ هذا بحث آخر ولكن لماذا توجب على نفسك ما لا يوجب الله عليك وتوجد آيات تشير إلى ذلك ، ولكن هل هذا شرّع ؟ كلا فإنَّ هذا ليس تشريعاً ، بل الشارع هو الذي فتح له باباً ، فلا يقال هو تشريع ، أو يقال إنَّ كل المستحبات التي في مفاتيح الجنان مرة واحدة أأتي بها ، يقولون إنَّ الشيخ عباس القمي لم يطبع كتاب مفاتيح الجنان إلا بعد أن أتى بهذه المستحبات كلها ثم طبع الكتاب حتى لا يصير القائل بشيء غير عامل به ، ولذلك في نفس كتابه من هذه الجهة ، فالمهم أن إنساناً ينذر على نفسه أنَّ كل المستحبات الواردة في مفاتيح الجنان يأتي بها مرة واحدة أو ضياء الصالحين أو اقبال الأعمال أو مصباح المتهجد ، وكنت أذكر للاخوان أنَّ مصباح المتهجد للشيخ الطوسي مثل ضياء الصالحين أو مفاتيح الجنان ، من بعد الشيخ الطوسي إلى زمن العلامة الحلي مصباح المتهجد كتبا يومي للمستحبات وفيه مطالب ليست موجودة لا في مفاتيح الجنان ولا ضياء الصالحين ، ومن الحيف أن يبتعد عنه الانسان ، مصباح المتهجد فيه معالم مذهب وفيه عقائد وفيه هوية ، فهو كتاب عظيم جداً ، فهو حينما يقول روى فلان يعين راجع اسانيد الطوسي في مشيخة التهذيب أو الاستبصار أو الفهرست تجد السند هناك ، فهو كتاب عظيم جداً ، وكذلك زيارة الأربعين موجودة ايضاً فيه وفيها عدة روايات يذكرها الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد ويذكر بداية السند عمّن ، فالمقصود أنا كنا في قضية الايجاد ، فمثلاً أنذر أنَّ كل المستحبات الواردة في مصباح المتهجد أأتي بها وهل هذا تشريع للدين وبدعة ؟ كلا ، بل الشارع هو الذي فتح لي الباب ، أو أني تعاقدت مع شخص على البيع فقال استأجرك على أن تزور أمير المؤمنين يومياً إلى آخر حياتك بهذا المبلغ أو تأتي بزيارة عاشوراء يومياً وهل هذه بدعة في الدين ؟ كلا ليس بدعة وإنما يوجد تشريع ( المؤمنون عند شروطهم ) ، فلا إشكال في ذلك ، كذلك صلاة الاستئجار أو الصوم أو غير ذلك فهذا ليس ادخال في الدين ما ليس فيه.

فالتفت إلى أنَّ هذا بحث صناعي وهو من القسم الثاني ، ومن يعظم شعائر الله أيضاً الشعائر من هذا الباب والشعيرة يعني آلية باللغة العصرية الشعيرة أداة إعلام عن ثقافة دينية ، فهي آلية إعلام معلم ديني هذا هو معنى الشعيرة ، ولا يوجد فيها تعقيد ، فأيّ أدوات اعلامية تصير رمزاً طبعاً مع الترميز وهذه نقطة رابعة وتوجد نقاط كثيرة في الشعيرة لا نريد الدخول فيها ، فهي لغة اعلام مرمّزة قد صار رمزاً تحمل قداسة المعنى الذي تشير إليه ، وهذا ليس ابداعاً في الدين ما ليس فيه ، وكيف أنَّ الشارع يفتح الباب ؟ إنه يفتح الباب بضوابط وبموازين لا أنه يفتحه من دون موازين.

فإذاً ما هو الفرق الموضوعي بين القسم الأول والثاني في الموضوع علاوة على ما مرّ بنا ؟

مرّ بنا أنَّ القسم الثاني فيه تغيير زيادة على الأول ، وزيادة هو هذا مثلاً آلية من الآليات كانت مباحة يطرأ عليها أن تصير رمز للشعيرة الدينية فتصير راجحة ، قد تهجر شيئاً فشيئاً تعود الآلية ليست شعيرة ، بخلاف القسم الأول ، وهذا حتى على صعيد التنظير ، أين الشارع يشير إلى هذا النمط من القسم الثاني في الآيات القرآنية صناعياً ؟ شبيه هذه الآية الكريمة ﴿ خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين ﴾ فأمر بالعوف يعين ماذا وما هي العرف والأعراف ؟ هذا بحث حساس في علم القانون وهو عرفنة الشيء ما هو دور العرف ، فعلى كلٍّ هذا بحث أصولي غامص وحساس ومهم وما هو ربطه بالسيرة وبغير ذلك ، وهو بحث حساس ومهم في علم القانون وعلم أصول الفقه ، يعني يتقيد النبي بالأعراف طبعاً الأعراف الحسنة السليمة وليس الأعراف السقيمة ، فإنَّ بناء الأعراف الطالحة خطير ، وبناء الأعراف الصالحة عظيم ، فلاحظ أن هاتين قاعدتين نبويتين مستفيضتين مرويتين عند الفريقين ( من سنَّ سنّة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ) فهذه القاعدة من أيّ قسم ؟ قد بحثها الفقهاء فهي من القسم الثاني وليس من القسم الأول ، وهي أيضاً تندرج في القسم الأول بمعنىً آخر ، ( من سن سنة سيئة ) ، ما معنى ( من سن سنة حسنة ) يا رسول الله هل تريد أن تفتح باب التشريع للعوام ؟ كلا ليس مراد الرسول هو هذا وانما التشريع لله وللرسول وللأئمة وإنما المقصود يعني عنوان ، مثلاً افترض المشي إلى زيارة عاشوراء أحيا هذه السنَّة أو عرفنها الميرزا النوري كما يقولون ، فهي موجودة قبل ذلك ولكنها تركت ولكن أعاد احيائها الميرزا النوري وقد توفي في هذا الطريق فهو سنَّ سنة حسنة يعني عرفنها ، فمن سنَّ سنة لا أنك تبدع في الدين وإنما شيء قوالبه موجودة أنت توجد له مصاديق ، وتوجد على سبيل التنظير أموراً وهذا من القسم الثاني ، إذاً في القسم الثاني ( من سنّ سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة ) ، فأصل تشريعها موجود فوقي ولكنه عرفنها واجد هذا العنوان الفوقي على عناوين كاعتياد في المجتمعات وإلا فما معنى ( من سنَّ سنة حسنة ) فإنَّ هذا حديث وقاعدة فقهية مسلَّمة عند الفقهاء والعلماء ، فالمقصود أنها من القسم الثاني.

فعلى كلٍّ قد أطلنا في التقسيم الصناعي لأنه ضروري لأنه بصيرة البصائر في البحث الفقهي وإن شاء الله تعالى نلج غداً في الروايات.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo