< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/08/01

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: القسم الثالث ما يحرم لتحريم ما يقصد منه شأناً بيع السلاح من أعداء الدين

وصل بنا المقام إلى استعراض مرة أخرى للروايات بشكل تفصيلي وكيف اجمع بين هذه الروايات الواردة في المسألة مسألة بيع السلاح على أعداء الدين ، السيد اليزدي في حاشيته على المكاسب ربما نقل تسعة أقوال أو ستة اقوال للأصحاب في هذه المسألة ، يعني قول نسبه إلى المشهور من أنَّ حرمة بيع السلاح مختصة بحال الحرب ، وقول آخر نقله السيد اليزدي أيضاً وهو أنَّ الحرمة بالنسبة إلى الكفار مطلقة ، أما بالنسبة إلى المخالفين فالحرمة يفصّل فيها بين الهدنة وبين حال الحرب ، وهذا القول ذهب إليه الشهيد الأول والميرزا علي الايرواني في حاشيته وأيضاً ذهب إليه بنحو الجزم السيد الخوئي ، فالسيد الخوئي بشكل جازم عنده بيع السلاح على غير المسلمين مطلقاً حرام كالشهيد الأول ولا يوجد استثناء ، أما المخالفين فنعم يوجد تفصيل بين حال الهدنة وبين حال غير الهدنة ، ويوجد قول ثالث يفصّل بين المباينة وبين الحرب ، المباينة يعني مثل الحرب ، لأنَّ الهدنة في قبال المباينة ، بينما هذا القول الثاني يفصل بين الحرب وغير الحرب وسواء كان مبايناً أو متقارباً ، يوجد قول أخر يفصّل بين بيع السلاح مثلاً أو بيع آلات الدفاع ، يعني تارة أسلحة قاتلة وتارة قد تسمى أسلحة وإنما هي ليست قاتلة وإنما هي تحمي وتكنّ من القتل كالمضادات أو غير ذلك فهي تسمى أسلحة وهي جزء من الاسلحة لكنها في حقيقتها دفاعية تدفع الآلة القتّالة مثل الصواريخ المضادة فتوجد صواريخ هجومية وتوجد صواريخ مادة للصواريخ الهجومية أو رادارات تكشف الصاروخ الذي يأتي فهذه كلها دفاع ولكنها تسمى أيضاً جزء من الأسلحة ، فالبعض يفصّل بين ما يحمي من القتل من أي أجهزة فهذا يجوز بيعه أما ما يقتل فلا يجوز بيعه ، والبعض فصّل بلحاظ الفتنة وعدم الفتة واليت ستاتي بعض النصوص التي تجعل المدار والميزان على هذا ، والبعض فصّل بلحاظ أنه يسبب تقوية لهم أو لا ، والبعض فصّل أنه إذا كان البيع على المخالفين ليدفع الله بهم عن الدين كقتال الكفار وما شابه ذلك فيجوز ، ومن هذا القبيل تفصيلات متعددة ستة أو سبعة أقوال ، والسيد الخميني عنده هذه الجموع كلها لا يبني عليها وإنما يبني على جمع آخر فيقول هذه كلها ترجع في الحقيقة إلى تطبيقات للقواعد هذه النصوص الشريفة نفسها ليست تعبداً جديداً خاصاً وإنما تطبيقات لقواعد منها حرمة تثوية الكفار ووجوب الاعداد وحرمة استعلاء واعانة وعون الظالمين ، أي هذه القواعد التي مرت بنا أمس ، فمن زمان إلى زمان الأمور تتغير ، وسنشرح قوله الآن ، وطبعاً اجمالاً السيد الخوئي عنده هذا.

والشيخ الأنصاري يشكل على الشهيد الأوّل:- بأنه تحريم الشهيد الأوّل لبيع السلاح على الكفار والمشركين حرمة مطلقة ولا تفصيل فيه يشكل عليه بأنَّ هذا كأنما هو اجتهاد في مقابل النص.

والميرزا علي الايرواني والسيد الخوئي يردان على الشيخ الأنصاري:- بأنَّ فتوى الشهيد الأولى ليس خلاف النص ، وإنما هذه النصوص الواردة في التفصيل كلها في بيع السلاح على المخالفين كما سنقرأ الروايات الآتية ، أما بيع السلاح على الكفار فالروايات الموجودة مطلقة ولا يوجد فيها تفصيل ، بل بالعكس النص مطابق لدعوى الشهيد الأول صاحب الدروس ، والعمدة أنَّ السيد الخوئي في موافقته لكلام الشهيد الأوّل أن يستدل بقاعدة وجوب اعداد القوة ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ ، يقول إنَّ إعداد القوة يعني يحرم تقوية الطرف الآخر ، فهومن هذه القاعدة استفادة حرمة تقوية معسكر الطرف الآخر يعني الكفر والمشركين ، والتقوية لا ربط لها بحالة الحرب وغير حالة الحرب ، حالة هدنة أو غير خالة هدنة بل مطلقاً تقوية معسكر الطرف الآخر لا تجوز والسيد الخوئي يقول إنَّ هذا ثابت بضرورة الدين ، لذلك يقول بيع السلاح مطلقاً عليهم لا يجوز.

وقد مرّت كلمات الفقهاء الأعلام أنَّ الحرمة هنا من الكبائر بل السيد الخوئي والميرزا الايرواني وغيرهما من الأعلام الكثيرون قالوا نعم هي من الكبائر ولكن بعض درجاتها ليست من الكبائر فقط وإنما هي شرك لأنه يوجد عندنا نصّ يقول ( الشرك بالله العظيم عشرة ومنها بيع السلاح على الاعداء ) ، يعني ليس هو كبيرة فقط وإنما هو من كبيرة الكبائر ، فلاحظ أهمية هذه المسألة في كلمات الأعلام أنها ليست مسألة فقهية فقط ومن الكبار بل ليست من الكبائر فقه في كل صورها بل من أكبر الكبائر ، ومن أكبر الكبائر يعني أنَّ الملاك عند الشارع في هذه المسألة ليس مثل الشك بين الثلاث والأربعة مع تقديسنا لكل أحكام الدين ولكن الأهم فالأهم ، لا أنه لا يراعي الانسان في اهتمامه العلمي بالملاكات الأهم عند الشارع ويعتني بالملاكات الأقل أهمية فإنَّ هذا غير صحيح بلا شك ، أصلاً مع الأهمية العظمى أنه حتى في البحث العلمي وفي التوعية العلمي والارشاد العلمي لشرائح المؤمنين في العمل بالأحكام المفروض أن الذي هو أخطر ملاكاً أولى في التعظيم في الملاك ، فيجب الحث على الابتعاد عن أكبر الكبائر وعدم التقرب صوبه والنأي عنه ، فلاحظ هذه المعادلة حساسة وضرورية وإلا فكلام الفقهاء هل هو تنظير أجوف فقط أو هو حقيقة ؟ إنه حقيقية ، وإذا كان حقيقة فمعنى ذلك أن يطبّق في كل الأصعدة التي يكون فيها أولوية ، فلى أي حال هذا تعبير الفقهاء مع اختلاف مشاربهم مع ذلك هذا هو تعبيرهم ، وهذه وظيفة مرتبطة بصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف ، ( ونصرتي لكم مُعدَّة ) ، وهذه المسألة هي عبارة أخرى عن دعاء الندبة فدعاء الندبة هو هذا ، أصلاً نحن الآن ثلاث اسابيع في دعاء الندبة فإنَّ دعاء الندبة ليس دعاء وألفاظ فقط وإنما كيان وبنيان فها هو مشروع دعاء الندبة.

فالمقصود هنا يقول السيد الخوئي من نفس قاعدة ﴿ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ﴾ التي هي من ضروريات الدين وابديات الدين ننتزع حرة تقوية الكفر مع أنها لها أدلة متعددة مرّت بنا في كلمات الأعلام ، حينئذٍ السيد الخوئي يقول لا يمكن أن نرفع اليد حتى عن اطلاق الروايات ، وقد مرّ بنا هذا البحث مراراً وهو أنَّ النصوص الخاصة يجب أن تفسَّر بالقواعد العامة لا العكس ، وأيّ عام يحكّمونه ؟ العام الذي هو من الأصول الثابتة ويس كل عام فإن العمومات طبقات ، العام الذي هو من الأصول الثابتة هو يحكّم على الاطلاقات ، هذا هو منبى السيد الخوئي هنا في المقام ، والسيد الخميني أكثر من السيد الخوئي يقول إنَّ هذه النصوص الخاصة ليست تعبّدات خاصة وإنما كلّها تطبيقات لهذه القواعد - التي مرّت بنا أمس السبعة أو الثمان قواعد التي تعرضنا لها من كلمات الأعلام – وحيث تكون تطبيقات لهذه القواعد ، حينئذٍ يقول بأنه من زمان إلى زمان تختلف ، لأنّ طبعة البيئات دار الايمان ودار الاسلام الخالفين ودار الكفر تتغير يقول لذلك النصوص وسنأتي غلى أحد النصوص الصادق عليه السلام يقول أنتم الان كأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول فالإمام الصادق عليه السلام يشير إلى زمانه لأنهم لا توجد عند المؤمنين دولة ، أما الآن فالمؤمنون عندهم دولة وأولئك عندهم دولة فكيف تبيعه على المخالفين وتجعلهم يقوون على المؤمنين فهذا لا يجوز ، فهو يقول إنَّ تطبيق القواعد الفقهية المرتبطة بالفقه السياسي هو يعبّر عنها أحكام حكومية ، وماذا هو مقصوده ؟ ، وقد ذكرت في جلسات سابقة أنَّ خواص تلاميذه لم يكن يقبل تفسيرهم لمبناه ، ولكن هنا هو أفصح عن مبناه وبمناه يعني الحكم الحكومي ، فهناك أحكام حكومية يعني أحكاماً سياسية ، وما هو مقصوده من الأحكام السياسية مع انه صناعياً لم يبلورها السيد أكثر ، ولكن هذا المقدار من البلورة السيد بين الضابطة الصناعية التي يريدها ، وكما ذكت لكم حتى في قم وحتى في النجف وحتى قبل أن يرجع السيد الخميني إلى ايران هنا كان جدل علمي وصراع علمي شديد في البيئة النجفية وإنه ماذا تريد أنت باعتبار أنه كان يدرّس البيع وهذا المبحث فكان جدلاً قوياً حتى في حوزة النجف ولها رجالاتها وتعلم ان المشارب العلمية تختلف واحد في هذا الطرف وواحد في ذاك الطرف وواحد وسط وواحد وسط الوسط وواحد طرف الطرف كلهم عاصرناهم واطلعنا على هذه الثمرة العلمية ، لأنَّ السجالات تخلق ثمرة عملية وبصيرة عملية ناضجة جداً بغض النظر عن أمور أخرى ، فهو دائماً يتمسك في جملة من الأبواب بأنَّ هذا حكم تدبيري حكم حكومي وليس حكماً تأسيسياً تشريعياً من قبل الأئمة عليهم السلام فما هو مقصوده ؟ ، في لا ضرر وفي أماكن أخرى ، وهذا بحث مهم وجيد يعني في أبواب الفقه المرتبطة بالفقه السياسي فبمجرد أنه يرتبط بالفقه السياسي قال السيد هذه أحكام حكومية والحال أنه توجد نصوص واردة في ذلك ولكنه لا يتعامل معها بأنها تعبدات خاصة ، وما هي النكتة في ذلك ؟

دعونا نشرحها باختصار ولكنها نفيسة جداً ، وهي أنَّ النكتة في كتاب الشعائر الدينية الجزء الأول ، فقديماً يعني أكثر من عشر سنين هناك ذكرت أنَّ هناك ابتكاراً عند الأصوليين المتأخرين من هذا العصر وهو رائع جداً وإن لم يبلوروه رسمياً لكنهم خاضوا فيه ضمنياً وهو أنه توجد عندنا عناوين ثانوية هذه العناوين الثانوية أو الأحكام الثانوية هي بلحاظ المحمل في الحقيقية مثل لا ضرر ورفع ما اضطروا إليه ورفع النسيان - يعني حديث الرفع - ورفع الخطأ والحرج فهذه يسمونها قواعد ثانوية ، الحكم الثانوي والقواعد الثانوية المعروفة كلها بلحاظ المحمول ، يعني أن لا حرج لن تبدّل لك موضوع الحكم الأولي ولا تبدل الحكم الأولي وإنما ترفعه لفترة وجيزة بحالة طوارئ هذه المعروفة سمونها العناوين الثانوية والأحكام الثانوية هذه ليست مراد السيد الخميني وجلّ تلاميذه يفسّرون مبناه بهذا المبنى وهو يخطئهم وهو قد صرّح بهذا وهو لا يريد هذا الشيء ، أما خواص تلاميذه فقد فسّروا مبناه بهذا وهو يردّ عليهم ويقول أنا لا أريد هذا المطلب ، ولماذا ؟ لأنَّ الحكم الثانوي كما شرحناه في الشعائر الجزء الأول أنَّ الحكم الثانوي لا يصير حكماً مستداماً وإنما هو حكم مؤقت طوارئ مسكّن لابد أن يرفع لا أن يجعل مستداماً ، أيها الفقيه وأيها المرجع لا تفتي بأحكام ثانوية ، أخطر شيء على الفضلاء أن يفهموا من فتوى المراجع إذا كانت بحكم ثانوي يفهمون منها أنه حكم أولي ، عليك أن لا تنسخ الشرعية ، بل هذا ربما صدر للتقية او لمداراة الأمم المتحدة أو غير ذلك ، فعليك أن تنتبه لذلك ، فهو ربما يداري طرفاً دولياً معيناً فلا تجعله حكماً أولياً وتنسخ الأحكام الأولية ، بل هذا من باب التقية أو من باب شيء معيّن ، فليزم أن نميّز ، لأنه كما قال الفقهاء أنَّ الحكم الثانوي ليس مستداماً وإنما هو من باب المسكّن ، فإنَّ التقية حكماً ثانوياً إذا صارت التقية مستمرة فهذا غير صحيح ، طبعاً التقية يلزم مراعاتها داماً ولكن هذا ليس معناه أنه في واقع الأمر وبشكلٍ مستمر وفي كلّ الظروف ، كلا لأنه سوف تنسج الأحكام الثانوية ، فالتقية أيضاً يعتبرونها من الأحكام والقواعد الثانوي.

يوجد فرق بين الحكم الثانوي والحكم الأولي ، الحكم الثانوي شيء والحكم الاولي شيء آخر ، السيد أحمد الخوانساري أستاذ السيد الخميني في المكاسب والكفاية ولكنه من تلاميذ الشيخ عبد الكريم الحائري من الجيل الأول وأيضاً من تلاميذ العراقي ولكنه من تلاميذ صاحب الكفاية وقد أدركناه وقد عمّر فوق المائة سنة وهو مشربه ليس سياسياً حاداً ، يعني خلاف مشرب السيد الخميني ولكن مع ذلك كان مبناه أنَّ التقية التي في زمن الأئمة الآن غيرها ، لأنه مع وجود كيان للإيمان والمؤمنين تلك التقية تختلف ، ومقصودي أني أجلب شاهداً على أنَّ التقية في نفسها حكماً ثانوياً وليست حكماً أولياً ، لا أقل بينك وبين نفسك وبينك وبين أسرتك وبينك وبين المؤمنين لا تعرفن الشيء الذي هو تقية فذاك شيء آخر ، طبعاً مع الطرف الفلاني ، أما بينك وبين الكذا فهي سوف تخلّ لك الهوية وهذا لا يجوز تحت عنوان كذا وكذا ، فعليك أن تلتفت ، صحيح أن الكبار لا يستطيعون أن يتكلموا لن الجو كذا ولكن لا يعني أنك تجعله حكماً أوّلياً فيلزم الالتفات إلى ذلك وهذه مكلة كبيرة وهي الميز بين الحكم الثانوي والحكم الأولي الهوية الثانوية والهوية الأولية ، الهوية الأولية شيء آخر سيما الهوية العقائدية.

فإذاً يوجد بحث عند الفقهاء الحكم الثانوي شيء مؤقت شيء مسكن مؤقت طوارئ وليس حكماً ثابتاً ولا أولياً إنما بسب اضطرار أو بسبب وأخر ويسمّونه ثانوياً ، وقد ذكرت لكم أن أكثر أو جلّ تلاميذ السيد الخميني يفسّرون مبناه في الحكم الحكومي بهذا ، فهو يحمل روايات الكثيرة في الحكم السياسي على أنه حكم حكومي ، فهم يفسّرونه بها التفسير وهو يخطئهم ، وتخطئته صحيحة ، فهو لا يريد هذا الشيء ، وإنما يريد شيئاً آخر نحن قد ذكرناه باعتبار تحقيقات الأصوليين وليس مختصاً بالسيد الخميني ولكنه طبقه في باب الفقه السياسي ، فالأصوليون اكتشفوا ونعم الاكتشاف أنه توجد عندنا أحكام أولية وليست ثانوية ، فتوجد أحكام أولية وليست ثانوية مثل الأحكام الثانوية المسكنة بل عندنا أحكام أولية لا هي ثانوية ولا هي طوارئ بل هي أحكام ألية ولكن موضوعها ثانوي يعني موضوعها متغير وليس بثابت ، هذا الحكم الأولي الذي موضوعه ثانوي هو حكم أولي وملاكه أولي ولكن التفت إلى موضوعه ليس بثابت بل قد يتغير ، فهو ثابت ومتغير ، مثل وجوب الوفاء بالشروط ( المؤمنون عند شروطهم ) ( المسلمون عند شروطهم ) ، فكلا النصين واردان ، وليست الشروط هي الشروط المالية المعاملية فقط وإنما الشروط حتى في باب العقود السياسية والمواثيق السياسية والعهود العسكرية والأمنية والعشائرية وغير ذلك ، فالمؤمنون عند شروطهم ، فتتوسع الشروط ، كيف هذه ثانوية الموضوع وليست ثانوية المحمول ؟ ثانوية الموضوع يعني أنَّ البائع والمشتري قبل أن يشترطا لم يكن واجباً وإنما بسب الاشتراط بين البائع والمشتري أو البيعة السياسية والمبايَع صار هنا شرط واشتراط أو المشارطة العسكرية أو غير ذلك ، فبسبب المشارطة فلاحظ أنَّ الموضوع انوجد فانوجد الوجوب ، فإذاً المؤمنون عند شروطهم ليس من الأحكام الثانوية ولو أنه قبل الفقهاء السابقين قبل تحقيقات الأصوليين المتأخرين يعتبرونه حكماً ثانوياً ولكن هذا خطأ فإنَّ هذا ليس حكماً ثانوياً وإنما موضعه ثانوياً وليس محموله ثانوياً ، ومثل وجوب الوفاء بالنذر أو اليمين أو العهد فإنَّ هذه أبواب أوّلية وملاكاتها أولية عنوها الفقهاء كأبواب أولية وجوب الوفاء بالنذر وجوب الوفاء بالعهد وجوب الوفاء باليمين لأنَّ ملاكاتها أولية ولكن موضوعاتها ثانوية ، إذا أقسمت على شيء راجح أو مباح يجب الوفاء به ، فهو في نفسه مباح ولكن بسبب اليمين أو العهد أو القسم هذا الذي كان مباحاً أو مستحباً يصير واجباً فلاحظ أنَّ هذه موضوعها ثانوي وليس محمولها ثانوية وإنما محمولها أولياً ولكن موضعها ثانوياً ، فحينما يكون موضوعها ثانوياً مثلاً موضوعها مقيد بالرجحان تبدل الموضوع من الرجحان إلى مرجوح فتلقائياً يرتفع وجوب الوفاء بالنذر ، فلاحظ أنَّ الموضوع بقي متحركاً متغيراً - ما شئت فعبّر - يعني أنَّ الموضوع مرهون بشيء ، فحينما يتغير الموضوع يرتفع الحكم كطبيعة بقية الأحكام لكن خصوص هذه الموضوعات لهذه الأمثلة هي موضوعاتها سريعة التغيير ، فإذاً يوجد عندنا امثلة وجوب الوفاء بالنذر ووجوب الوفاء بالعهد ووجوب الوفاء باليمين ووجوب الوفاء بالشروط ، تمييز هذا القسم عن القسم السابق يحتاج إلى فراسة صناعية فقهية فحولية ، مثل أمر الوالدين فامر الوالدين راجح ، برّ الوالدين أمر الوالدين حكم أولي موضوعه ثانوي ، يأمرون بشيء يكون راجحاً ، يرضون بشيء رضاهم رضا الله وسخطهم سخط الله ﴿ ولا تقل لهما أفٍ ﴾ ولا تتبرّم منهم فهذا حكم أوّلي ولكن موضوعه ثانوي ، هذا مثال خامس ، وهناك مثال سادس مثل أمر الزوج فالزوج يستطيع أن يحلّ نذر الزوجة حتى لو نذرت قبل الزواج حيث يجعل الراجح مرجوحاً فيحلّه ، كما أن الأب يستطيع أن يجعل نذر الابن مرجوحاً فيقول له لا تفعله فالأب يتصرف في موضوعه والزوج أيضاً هكذا وقد ورد في ذلك ، وكذلك السيد والعبد نفس الكلام ، وكذلك الصلح وهو عنوان سابع نذكره ، فهذا البحث في هذا القسم من الأحكام التي هي أحكام أولية موضوعها ثانوي نفس الشيخ الأنصاري في باب الشروط ذكرت مراراً أنَّ أصعب مبحث في المعاملات ، وقد ترجل فيه أيسود الفقهاء بإقرارهم أنهم عاجزون هو مبحث الشروط ، وأصعب مبحث في الشروط هو هذا وهو تمييز هذا السنخ والقسم من الأحكام صعب وموازينه وضوابطه صعبة أيضاً ، هذا القسم الذي هو حكم أولي موضعه ثانوي في قبال العناوين الثانوية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo