< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/07/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة وجوب دفع المنكر

بعد أن فرغنا من بحث القواعد في مسألة من يبيع العنب أو التمر على من يعلم أنه يصنعه خمراً ، وهذا كنموذج وإلا البحث عام وليس خاصا بخصوص العنب أو التمر وإنما بخصوص أي عين مباحة يعلم البائع أنَّ المشتري ممن يستثمرها في الفساد ، فعنوان المسألة الكلي هو هذا وإلا العنب والتمر مثال ونموذج وليس حصراً ، وليس البحث في البيع فقط وإنما حتى الاجارة المضاربة والهدية وغير ذلك فالبحث هو في مطلق المعاوضة وليس في خصوص البيع ، وفلا ننسى فرض البحث ، وهذا معناه يسمونه فقه المسألة لا حرفية جمود لفظ الرواية أو لفظ فرض المسألة فإنَّ الجمود على اللفظ شيء وفرض المسألة شيء آخر ، فمرت بنا أربع قواعد محصّلها أيضاً مرّ بنا وإنما الآن نتعرض إلى الطوائف الثلاث الخاصة في المسألة حيث بني على تعارضها ، الباب الأول الباب التاسع والثلاثون من أبواب ما يكتسب به والباب الحادي والأربعون والباب التاسع والخمسون وعناوين الأبواب كما عنونها صاحب الوسائل ، وهذا العنوان صحيح ، الباب التاسع والثلاثون ( باب تحريم اجارة المساكن والسفن للمحرمات ) ، والنصوص الواردة في هذا الباب قلنا هي على القاعدة ، لأنه بالدقة مورد الروايات المجيز أو المحرّم ليس متعارضاً ، بل المحرّم إذا جعلت المنفعة خصوص الحصة التي تستثمر أو ينتفع بها في المحرّمات فهذه خارجة عن فرض المسألة ، لأنَّ فرض المسالة العوض يمكن أني ستثمر في الحلال ويمكن أن يستثمر في الحرام مثل بيع السكين ، فإن فرض المسألة هو هذا عوض على مفترق طريق ، أما إذا جعلت المنتفعة في الاجارة وفي كل معاوضة جعل العوض في جهة منفعته المحرمة فهذا خارج عن فرضنا إنما محل الفرض هو العوض الذي فيه منافع محللة وماليته بلحاظ منافعه المحللة وليست ماليته حصراً ناشئة من منافعه المحرمة سواء كان بيع أو اجارة أو مزارعة أو صلح أو هدية أو أيّ شيء تفرضه فإنَّ محل الفرض هو هذا ، أما إذا افترضنا أن العوض كالاجارة مثلاً إذا افترضنا أنَّ الاجارة جعلت المنفعة حصة خاصة من منفعة العين وهي المنفعة للانتفاع بهذا العقار كحانوت فمن الأول العوض حرام لأنه ( إذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه ) فهذا ليس محل فرض البحث ، فالروايات المحرمة في هذا البحث فرضها في موارد العوض المحرم ، طبعاً لأنه استؤجر ليحمل عليه وغير ذلك ، والروايات المجوزة في نفس هذا الباب وهو الباب التاسع والثلاثون ( باب تحريم اجارة المساكن والسفن المحرمة ) المجوزة ، لأنه لم تقيد فهيا المنفعة بأن تكون للمنفعة المحرمة ، فلا يوجد تعارض ، ولا ترتطم الروايات المجوزة في هذا الباب مع حصيلة القواعد التي مرت بنا ، نفس الدكّان يؤجره على من يعلم أنه سينتفع به في المحرّم وعلم بهذا المعنى أي علمٌ بحسب العادة والشأن ولكنه لم يقيّد له ولا يعلم تفصيلاً دقياً أنه سيقع الحرام ولكن هذه صفته طبعه ، وهذا لا يمانع ، وتعبير الفقهاء في هذه المسألة بالدقة هو هذا أنَّ هذه الصفة المشبهة التي لا تستلزم علماً تفصيلياً جزئياً لأنه سيستثمره في الحرام هذا المقدار من الصفة المشبهة لا يوجب قطيعة العامل معه ، هذه هي الطائفة الأولى وهو الباب التاسع والثلاثون من أبواب ما يكتسب به.

أما الباب الثاني الذي هو الطائفة الثانية وهو الباب الحادي والأربعين ، وهو باب عنون صاحب الوسائل ( باب تحريم بيع الخشب ليعمل صليباً ونحوه ) ، فهذا الباب أيضاً قد تعرضنا إلى نصوصه تفصيلاً سابقاً ولاحقاً لأنه في هذا الباب بعض الروايات وأنَّ يبيعه لمن يصنعه آلات موسيقية - يعني لا أنه يعلم علماً تفصيلياً وإنما شأنه هو هذا وهذا المقدار لا يمانع من بيع الخشب - أما إذا علم أنه يوجد فساد عقائدي فالفساد العقائدي عند الشارع أعظم من الفساد الأخلاقي ، وهذه النصوص هي دالة على المطلب ، فإنَّ الفساد العقائدي أخطر عند الشارع من الفساد الأخلاقي ، والأخلاقي أفضل من العملي ، فهذا الباب يدل على هذا المطلب لأنَّ هذا يجوز بيعه ممن يعمله آلات موسيقية ولا يجوز بيعه ممن يعمله صلباناً ، والسبب في ذلك هو أنه في الفساد العقائدي حتى من المقدمات البعيدة الشارع يريد دفع المنكر ، فماده على القاعدة أيضاً ، لأنه كما ثبت الآن في العلوم الانسانية حتى الأكاديمية والعلوم القانونية والعلوم الاجتماعية ثبت برهاناً أنَّ الرؤية العقائدية أو الرؤية الشمولية تؤثر على النظام الاخلاقي للبشر ، وهي الأساس في الممشى والنظام الاخلاقي للمجتمع يؤثر على النظام القانوني العملي ، يعني هذه السلسلة حلقات يهيمن بعضها على بعض حتى في غير نظام الديانات السماوية بل في نظام المدارس البشرية هذه الحلقات الثلاث قوس حلقة عليا ووسطى ودنيا ، وهذه مسلّمة لديهم وليست خاصة ، وهي معجزة ، سيد الحقائق سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم حينما قال إنَّ مركز العلم ( آية محكمة ) و ( وسنَّة قائمة ) يعني أخلاق وروح ، و ( وفريضة عادلة ) يعني القانون العملي ، فهو أشار إلى ثلاثة أمور ، أية محكمة يعني قاعدة أي ايديولوجي ، وسنَّة نظام الاخلاق النظام الروحي ، وفرضية عادلة يعني القانون العملي ، فهم أيضاً يذعنون ، افترض الشيوعية العقائدية غير الشيوعية الأخلاقية غير الشيوعية السياسية والقانونية هذا هو تعبيرهم ، الاشتراكية الفلسفية يعني العقائدية غير الاشتراكية الاخلاقية ، اخلاقه اشتراكي يعني يشارك الآخرين ويشرّك الآخرين وليس رأسمالي اناني ، مثلاً هكذا التعبير عندهم ، يعني هذه النزعة نزعة الحق العام المسؤولية العامة قوية وهلم جرا ، بخلاف بني أمية وغيرهم ، فالمقصود أنَّ تأثير اولوية الفكر الفلسفي والمقصود من الفلسفي يعني العقائدي أو الايديولوجي ما شئت فسمِّ مقدم على المنظومة الأخلاقية ، وهذا بحث في العلوم مقدمة على العلوم الاجتماعية والعلوم الانسانية والعلوم القانونية والعلوم السياسية مسّلم ، وتستطيع أن نقول فقه المقاصد للقوانين العملية المنظومة الأخلاقية ، يعني الأصول التي ينشعب منها مثل البنية الدستورية كما أنَّ فقه المقاصد المنظومة الأخلاقية هي المنظومة العقائدية يعني الأصول الدستورية التي تنحدر منها ، فكأنما العقائد دستور للأخلاق والأخلاق دستور للقانون العملي ، كيف القانون العملي فيه دستور وغير دستور من هذا القبيل ، هذا تقريباً تسالمت عليه المدارس سواء كانت إلحادية أو إلهية أو متألهة سماوية أو وضعية بشرية ، هذه القاعدة يلزم أن نلتفت إليها الفقيه يجب أن يلتفت إليها في أولويات الفقه وفي أولويات الفتيا وفي أولويات تربية المجتمع في تسييس الفتيا فإنَّ الفتيا سياسة من السياسات التربوية ليس سياسة قوى ولكنها سياسة تربية وتنمية للمجتمع المؤمن ، يعني تحتاج إلى ادارة في هذه الادارة لابد للفقيه أن يلحظ لا بمعنى افراط وتفريط ، يعني يركز عبلى الأهم ويترك المهم ، كلا بل في وصبة الامام أكير المؤمنين عليه السلام في عهده لمالك الأشتر يقول صحيح يجب أن يراعى والأولويات يجب ان تراعى ولكن لا بدرجة أن تفرّط بالمهم وما دونه من الأهمية ، لأنّ هذا أيضاً له حصة من الملاك وحصة من الغرض ، ففي حين الصلاة عمود الدين لا يفرّط في الصوم أو يفرط في الزكاة أو الخمس ولا عدم التفريط في الصوم، يعني تساوي الصوم مع الصلاة ، فلا التفاضل بين الانبياء من باب المثال يوجب الكفر بمن هو دون ولا الايمان بمن هو دون يوجب تسويته بمن هو أفضل ، بل هو أمر بين أمرين وفي مجالات عديدة ، لذلك في حين الانسان يرابع الأولويات لأنَّ هذا كله يسبب افراط غلو وتفريط وتقصير ، المغالاة في شيء وتقصير في شيء آخر ، وهذا خطأ بل الموازنة لابد منها ، في حين أنَّ الموازنة لابد منها ، المراتب تحفظ أيضاً ، وكذلك الحال مع الولاية مع الصلاة ، فإن الولاية أعظم ولكن بالمعنى الذي مرّ وهو التوازن.

إذاً هذا الباب الحادي والأربعون يعطينا هذا المفاد ، وهذا كما مرّ بنا نتيجة القواعد التي مرت بنا هي على نفس المنوال ، لا أنها بدرجة واحدة ، فإن دفع المنكر عند اسرع كقاعدة ليست على وتيرة واحدة ، وهذا قد مرّ بنا ، كذلك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر نفس الشيء والأمور الحسبية نفس الشيء ، والاعانة على الحرام نفس الكلام قريبة وبعيدة ودرجة المحرم ما هو ، والتعاون على الاثم والعدوان أيضاً هكذا قد مرّ بنا فهو درجات وليس درجة واحدة.

فإذاً هذا بالباب لا يختلف عن القواعد ولا يوجد فيه تعارض ، وبعضهم قال إنَّ فيه تعارضاً ، حينما يسوّغ البيع على من يصنعه آلات موسيقية ولا يسوّغ البيع على من يصنعه صنماً نكتته واضحة.

وقبل أن نكمل هذا الباب نرجع إلى الباب الثالث ولو فهرسةً:- الباب الثالث هو الباب التاسع والخمسون - وهنا نعنونه اجمالاً ثم بعد ذلك نذهب إليه بالتفصيل في الباب الثاني - الباب التاسع والخمسون من أبواب ما يكتسب به هذا الباب الذ يهو عنوانه نص فيما نحن فيه وقد عنونه صاحب الوسائل ( باب جواز بيع العصير والعنب والتمر ) وصاحب الوسائل حافظ على هذه الألفاظ لأنهم يقولون إن لفظ النص يجب أن يحافظوا عليه ولكن الفقيه لا يسجن فهمه واستنباطه بلفظ النص ، لفظ النص هو بيع العنب ولكن واقع المعنى القالب القانوني الذي يريده الشارع هو المعاوضة وليس خصوص البيع ولا خصوص العنب ، بل واقع العنوان إذاً هو المعاوضة على عوض فيه منفعة محللة ، فلاحظ أن كلمة بيع أين وعموم المعاوضة ين ، ومن أين وصلنا إلى هذا والحال أنه لم يتلفظ بهاذ اللفظ في الرواية ؟! من أين يتخرّص - والعياذ بالله - الفقهاء بهذه الألفاظ فهل أتوا بها من جيبهم ومن الذي سوّغ لهم ذلك ؟ هذا ما يقوله بعض حشوية الاخباريين وحشوية الأصوليين هكذا أيضاً ، فهل هذا استحسان من عند أنفسهم وتحكّم وتشهي ؟ كلا ، فهو ليس تحكماً ولا تشهياً ولا استحساناً ، وإنما هو يحرم الفتوى للمحدث الراوي من دون فهم فلا يسوغ له أن يفتي ، لأنَّ الإذن في الفتوى في القرآن الكريم وفي الروايات الواردة عنهم عليهم السلام اشترط فيه علاوة على أن يكون الفقيه راوياً محدّثاً أن يكون فقيهاً ، لأنه إذا لم يكن راوياً محدّثاً فمن أين يأتي بالحكم بل عليه أن يكون راوياً لأنَّ مصدره الثقلين ، ولكن هذا لا يكفي بل يجب أن تكون هناك ضميمة أخرى وهي أن يكون فقيهاً أي فهيماً وليس فقط سميعاً ، فإذا كان حفّيظ السمع فهذا سميع وهذا لا يكفي وإنما يجب أن يكون سميع عليم أما سميع فقط فلا يجوز له التصدي للفتيا ، وأيضاً فهيم بلا سميع لا يمكن بل لابد أن يكون سميعاً عليم ، ( نفر ) يعني ليسمعوا وليرووا وليحدّثوا ، ثم بعد ذلك تأتي الغاية وهي ( ليتفقهوا ) يعني يعملوا الفهم فيما سمعوه ، ﴿ وتعيها أذن واعية ﴾ فأُذُن يعني سَماع وتعيها يعني تسمعها ، فلاحظ أنه قُرِن الفهم بالسمع ، وفي الروايات أيضاً هكذا ( انظروا إلى رجل روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا ) ونظر يعني التفكر ، فهنا روى ونظر ، كذلك عرف أحكامنا ، يعني لابد أن يعمل قوة الفكر والنظر وقوة المعروفة يعملها فهنا شيئان يسوغ له الفتيا ، لأنَّ الفقيه يصل إلى قوالب ومعادلات في أطر المعنى لا يوصل إليها بمجرد اللفظ ، فإنَّ اللفظ هذه مرحلة التصرف بعد ذلك تأتي مرحلة المعنى الاستعمالي المعنى التفهيمي الدي لذلك يقال تراث أهل البيت عليهم السلام فتراث أهل البيت ليس ألفاظ فقط ، هذا نصّ من الوحي فمدرسة النص ليس كما توهما أبو حنيفة أو الحشوية من الاخبارية أو ربما من الأصوليين الذين يجمدون على اللفظ والقشر ، النص ذكرنا أن الأغا بزرك الطهراني عنده هذا أيضاً ، فالمعنى أيضاً نص ، المعنى الاستعمالي أيضاً نص ، ليس النص معناه اللفظ بل اللفظ يعني كل الوحي ، اللفظ والمعنى التفهيمي والاستعمالي ثم الجدي وقد يأتي بعده جدّي آخر وجدي قد يأتي بعده جدّي آخر فالجدي طبقات أيضاً ، كل هذا هو نص ، ليس النص مقابل الظهور ، مدرسة النص ليس النص مقابل الظهور وهذا اشتباه ، اصطلاحاً يوجد معنيان في النص ، فالنص ليس المراد منه النص مقابل الظهور ، النص يعني الوحي ، مدرسة الوحي ، والوحي لا يقتصر على اللفظ يعني كل هذه طبقات الوحي معنى المعنى ومعنى معنى المعنى ...... كل هذا نص ، والنص يعني مدرسة الوحي وليس مدرسة الرأي ، فهي في مقابل الرأي ، فهذه اصطلاحاً في النص ، لذلك أبو حنيفة كان والعياذ بالله يطعن في الام الصادق عليه السلام فيقول عن الامام عليه السلام ( إنه رجل صحفي ) يعني اخباري ، فهو قال عليه السلام هو لم يفهم الأخبار وتبسّم وقال ( نعم صحف السماء ) ، يعني ليس اللفظ فقط وإنما المعنى ومعنى المعن إلى أنَّ ( طرف منه عنده الله ) فالنص له معنيان اشتبه من اشتبه في ذلك ، فليس معنى مدرسة النص يعني اللفظ ، كلا.

وأنا أذكر هذه الأمور لكي نعرف من هو الاخباري ولو اسمه أصولي ومن هو الصناعي ، لا أننا نعرف فقط وإنما لكي يكون منهجنا منهج فقهاء وليس منهج محدثين ، نعم المحدّثين أكرم بهم وأنعم ولكن كون الانسان محدثاً لا يكفي في الفتيا ، الشيخ الطوسي محدثاً وفقيهاً محدّث ومفسّر فقيه ومتكلم وهلم جرا.

فالمهم نصل إلى الباب التاسع والخمسون ، ماذا قال عنه صاحب الوسائل ، ولماذا أتى صاحب الوسائل بنفس اللفظ ؟ المحدّث أمانة يجب أن يأتي بنفس اللفظ لكن الفقيه لا ينحبس مع لفظ التنزيل أو لفظ الصدور من الأئمة لأنه أمر بأن يعمل سفينة الفهم وجسر الفهم لا يكتفي بآلية السمع وهذا أمر ، فإنَّ ﴿ ليتفقوا ﴾ أمر أي أفهم لا أنك تسمع فقط ولذلك ( حديث تدريه ) يعني تفهمه ، وليس الدراية بمعنى علم الدراية وإنما الدراية بالمعنى اللغوي يعني تفهم ، ( حديث تديريه خير من ألف حديث تروية ) أي تسمع فقط ، قراءة القرى الكريم فإنَّ قراءة ألفاظ القرآن غير قراءة معاني القرآن لكريم ، تدبّر ﴿ أفلا يتدبرون ﴾ فهو من هذ الجهة لأنَّ المعنى دبر اللفظ ومعنى المعنى دبر دبر المعنى وهلم جرا ، فإذاً العنوان هو ( باب جواز بيع العصير والعنب والتمر لمن يعمله خمراً ) ، لذلك كتابة الفقه حتى الفقه يكتب بكتابات أكثر كلية وعمومية ، هو في الحقيقية باب بيع وفي الحقيقية ليس هو بيع وإنما أبدله بالعوض والمعاوضة مطلق المعاوضة والعصير ابدله بمطلق العوض ( المعاوضة على عوض ممن يستثمره في الفساد المحرم ) هذا هو العنوان الأصلي للباب ، فيجب ان نلتفت إلى هذه الأمور.

ونحن كنا في هذا الباب وهو الباب الحادي والأربعون وبقية الروايات لم نكملها الآن:-

الرواية الثانية في الباب:- وهي بإسناد الشيخ الطوسي غلى الحسن بن محبوب ، فلاحظ هنا في الوسائل الرواية الأولى عن الكليني ، وفي ذيل الرواية الأولى صاحب الوسائل ذكر طرق الشيخ الطوسي في التهذيب إلى الرواية الأولى ، وفي الرواية الثانية يقول ( بإسناده ) فالمفروض أن الضمير يرجع إلى الكليني ، ولكن هذا دأب عجيب عند صاحب الوسائل فإنَّ الضمير يرجعه إلى آخر ما تكلّم به في ذيل الرواية السابقة ، فهنا حينما قال ( وبإسناده ) يعني بإسناد الشيخ الطوسي ، وعلى أية حال مع أنَّ هذه هي الرواية الثانية في الباب ، ( وبإسناده عن الحسن بن محبوب عن أبان بن عيسى القمي عن عمرو بن حريث ) ، والحسن محبوب من أصحاب الاجماع وابا بن عيسى القمّي ببالي أنه حسن الحال أو ثقة ، وعمرو بن حريث من البترية الزيدية ولكنهم يستحسن حالهم ، يعني المقصود جملة وجماعة منهم ثقة ، قال:- ( سألت أبا عبد الله عن التوت أبيعه يصنع للصليب والصنم ؟ قال: لا ) ، ونفس الرواية موجودة عند الشيخ الطوسي بطرق أخرى ، والكليني رواها أيضاً ، فلاحظ هنا ردع وأتى بالرواية الثانية وأتى بطريق الكليني ، يعني بدا الرواية الأولى بالكليني ثم عقّب الرواية الأولى بذيل أنه رواها الشيخ الطوسي ثم في الرواية الثانية قال الطوسي فارجع الضمير إلى الذيل في الرواية الأولى ثم رجع إلى طريق الكلين في نفس الرواية الثانية ، وهذا نحو مناورة ترتيبية عند صاحب الوسائل في طرق الحديث ، وطبعاً الرواية الأولى فيها تفصيل بين أن يبيع ممن يعمله آلات موسيقية يجوز أما ممن يعمله صباناً فلا يجوز.

الباب الثالث:- وهو الباب التاسع والخمسون ، وكما مر هذا الباب عنونه صاحب الوسائل بلفظ الحديث ونعم ما يفعل أمانةً ونصّاً ولكن الفقهية حينما يحاول أن يحرر الفرض يحرره بشكل كلي عمومي وهذا لس تصرفاً ولا افتراء على دين الله وهلم جرا وليس فرية ، لأنَّ الشارع يقول إنَّ حقيقة ما أقول ليس ما يقوله الشارع بل معنى ما يقوله الشارع ومعنى معنى ما يقوله الشارع قاله الشارع ، هل القول يسند إلى اللفظ ؟ كلا ، بل المعنى أحق بالقولية من اللفظ ، وليس كذباً ، القول أحق أن يسند إلى المعنى ، الآن مثل شخص يريد أن يكرم شخصاً آخر فيأتي بلفظ كثير الرماد ، فقوله كثيرة حقيقيةً هو أنه كثير الرماد أو أنه كثير الكرم ؟! إذاً المعنى بالإسناد من إسناد اللفظ إلى الشارع ، الآن ألفاظ سريانية محاورات سريانية عبرية وقبطية القرآن الكريم مبأتي بها بالعربية فهل كذب القرآن الكريم في هذا ﴿ قال فرعون ... ﴾ ، ففرعون لم يأتِ بلفظ عربي وإنما جاء بلفظ قبطي أو بلفظ سرياني فكيف يأتي بها القرآن الكريم باللفظ العربي ؟ فإذا صرنا حشويّون جموديون نقول إنَّ هذه اللفظة كذب ، والحال أنَّ هذا غير صحيح ، بل عليك أن تلاحظ المعنى القرآني ، وهذا باب واسع في الاستنباط والفهم والصدق ، بل هذا أصدق وليس ذاك ، وللكلام تتمة.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo