< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/06/28

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة وجوب دفع المنكر.

وصلت النوبة أخيراً إلى أن نرجع إلى طوائف الروايات الثلاث بعد أن استعرضنا جملة من القواعد الفقهية التي تمسك بها الأعلام وهذه القواعد الفقهية مهمة وهي وجوب دفع المنكر وحرمة الاعانة على الاثم أو حرمة التعاون على الاثم والعدوان غير الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، طبعاً الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولكنه قاعدة وباب ، فجملة هذه القواعد الأربع او الأكثر مرّ بنا أنَّ المحصِّل لها مع دفع جملة من الاعتراضات أو الاشكالات المحصِّل منها لا يقتضي تجفيف منابع كل الفساد في المجتمع من القنوات البعيدة وإلا تنشل الحركة الاجتماعية للمجتمع ، وهذا بحث ثبوتي ، وهو شبيه لما ذكره الأصوليون في الجمع بني الحكم الظاهري والواقعي أنَّ الله عزَّ وجلّ لو أراد أن يلزم البشر بواقعيات الأحكام يلزم منها الحرج العظيم فالمصلحة التسهيلية الملزمة تقتضي العمل بالحكم الظاهري وإن فوّت الحكم الظاهري جملة من الواقعيات ، فيدور الأمر بين هذا وبين أن تتلف اكثر الواقعيات الاحتياط أو مراعاة الاحتياط يسبب حرجا عظيماً ويسبب شلل في كل الحياة الاجتماعية ، فكيف ذكروا في الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي شبيهه هنا لو عملوا بهذه القواعد على اطلاقها بلغ ما بلغ ، فإذاً لابد من الموازنة.

وقبل أن نذهب إلى هذه الطوائف الثلاثة الخاصة التي قرأناها وهي ثلاث طوائف ونعود نقرأها بعدسة القواعد الفقهية التي مرّت بنا ، وهذا نوع من تحكيم القواعد الفقهية في قراءة النصوص الخاصة ، فإنَّ الفقيه كل الفقهية لا يقرأ النص الخاص بعيداً عن القاعدة الفقهية والقواعد الفقهية فإنَّ هذا ليس فقاهة وإنما هذا يسمّونه محدّثاً وهو الذي لا يعمل منظومة الفهم وآلية الفهم ، يعني لا يعمل المنهج المنظومي الذي هو منهج الفقاهة والاجتهاد والاستنباط وإنما يجمد على كل نص في مورده بحذافيره من دون أن يعرف ترابط النصوص والدين بعضه مع بعض ، يعني يجعل استدلالات الأبواب كأيادي سبأ مبعثرة ، وهذا ليس بصحيح ، وإنما هو شيء واحد ، فمنظومية الدين الواحدة تقتضي حتى النص الخاص يقرأ بالقواعد الفقهية العامة وكما هو ديدن الكثير من أساطين الفقه كالمحقق الحلي حيث يقول ( هذا أشبه بأصول المذهب وقواعده ) فهو دائماً يراعي القواعد وكأنما القواعد هي حاكم فوقي مراقب ، هذا هو معناه ، وقبل أن نذهب إلى الطوائف الثلاث ونقرأها ونرى أنه فيها تعارض أو لا أيضاً نذكر تتمة لبحث القواعد التي مرت ، أنَّ بحثنا السابق كان في المسؤولية العامة والواجب الكفائي وفرقه عن المسؤولية الفردية والواجب العيني ، وقد مرت بنا البحوث بتفاصيلها وقد نقلنا تلك التفاصيل والزوايا الثمينة عن الأعلام وتبقى نكتة مهمة وهي أنَّ هذا كلّه بالنسبة إلى آحاد الأفراد تلقى عليهم مسؤولية عامة وهذا صحيح ودورهم ووظيفتهم في المسؤولية العامة ، ولكن ماذا عن الوالي ؟ ما هي وظيفة الوالي أو المرجع أو الرئيس السياسي أو الوزير أو رئيس العشيرة أو وجيه الملّة في منطقة فإن هذا يختلف عن آحاد الأفراد في مسؤوليته العامة ، دور الولاة بطبقاتهم حتى وجيه منطقة كبيرة جداً وعنده وجاهة كبيرة جداً فهذا نوع ولاية ولو في تلك المنطقة ولو بحسب النفوذ والسلطة العرفية ولكنها نوع ولاية بحسب طبقات الولاة ودرجاتهم وهلم جرا ، فدور الوالي في المسؤولية العامة - هذه نكتة يلزم أن نلتفت إليها - يختلف عن دور الآحاد في المسؤولية العامة والاختلاف من جهة أنه تزداد المسؤولية العامة شدةً عليه أكثر من غيره ، لأنه بحكم ولايته كما يعبر القانون الحديث الآن الفرد قد يكون له شخصية حقيقية مثل أنه زيد بن أرقم وشخصية أخرى ، كما يعبرون في القانون الحديث الوضعي في الأكاديميات وهذا التعبير والتقسيم أيضاً موجود في فقهنا التقليدي ، وله شخيصة أخرى وهي الشخصية الحقوقية ، يعني وزير أو مرجع أو رئيس منطقة أو وجيه أو من هذا القبيل ، هذا الوجه من الشخصية غير البعد الآخر وإن كان في خصوص المعصومين تندكّ شخصيتهم الحقوقية في شخصيتهم الحقيقية لا ميز بينهما لأنها لا تنفك اما يف غير المعصوم قابلة للانفكاك كما أنها لم تكن ثم حدثت وقد تنسلب مثلاً وبالتالي هما حيثيتان مختلفتان أما في المعصوم فهي حيثية واحدة.

وطبعاً هذا بحث يثمر قضايا فقهية عقائدية كثيرة في المعصومين مثل فدك وفاطمة عليها السلام والخمس وغير ذلك نحن الآن لسنا في صدد الخوض فيه ولكن هذه نكتة مهمة في الفقه وحتى في العقائد والعقائد الفقهية أو الفقهية العقائدية أن نميز بين الشخصية الحقيقية والشخصية الحقوقية ، مثلاً يقولون من باب المثال المسجد مالك لأدواته ، ولكن المسجد هنا شخصية حقوقية يعبرون عنه وهي عنوان واعتبار ، كذلك بيت المال شخصية ليست حقيقية وإنما هو شخصية حقوقية بدون حقيقية ، يعني عنوان يملك ، فبيت مال المسلمين يملك هذه الأمور لا أنها مجهولة المالك فحينما يقال الدولة مالكة هذا مسامحة أو أنها تملك أو لا تملك فهذا مسامحة سواء كانت جائرة أو غير ذلك ، دولة جائرة أو دولة غير جائرة مسامحة هي في الحقيقة بيت المال مثل ما يقال الخزينة الوطنية تملكها وهذه شخصية حقيقية اعتبارية وليست حقيقية ، الأراضي المفتوحة عنوة ملك للمسلمين فعنوان المسلمين شخصية حقوقية وليست حقيقية ، افراد المسلمين الذين ينطبق عليهم عنوا المسلمين هم شخصية حقيقية أما نفس المسلمين كعنوان شخصية حقوقية ، طلاب المدرسة فهذه المدرسة اوقفت على طلاب العلوم الدينية أو أي طلاب هذا العنوان وهلم جرا هو شخصية حقوقية وليست حقيقية ولكن افراده ومصاديقه هو شخيصة حقيقية ، هذا التمييز بين العناوين في أبواب الفقه وفي العقائد موجود في القانون وأيضاً موجود حتى في القانون الشرعي والفقه الشرعي يوجد ميز بين الشخصية الحقيقية والحقوقية وقد تندك وتندمج كما في المعصوم عليه السلام ، طبعاً هذا بحث في نفسه مفيد لقضايا كثيرة ، وطبعاً في ملك الدولة لا بأس أن نذكر هذا المطلب وهو أنه في القانون الوضعي الحديث وفي القانون الشرعي أيضاً هكذا عندنا ، هناك ملك لبيت مال المسلمين وهناك ملك للحكومة ، ليس أفراد الحكومة من الوزراء والرؤساء وإنما عنوان الحكومة كشخصية حقوقية ، ما الفرق بين ملك الدولة في القانون الوضعي وملك الخزينة الوطنية في القانون الوضعي؟ يقولون الفرق هو أنه ما يكون ملك للخزينة الوطنية أو الشعب هذا لا يمكن لحكومة أن تجري فيه أي تصرف في رقبة عينه وغنما يبقى أما منافعه واستثماراته فهذا بحث آخر مثل الأراضي المفتوحة عنوة ، أما إذا كان ملك الدولة او ملك الحكومة أي ملك الشخصية الحقوقية في الحكومة - ونحن الآن ننقل الفقه الوضعي البشري ونظيره موجود عندنا في الشريعة سنبينه - فهنا يسوغ للحكومة أن تتصرف فيه حسب تدابير وبرامج وسياسات الحكومة ، وطبعاً هو أيضاً يصب في المصلحة العامة ولكن تقنين وتبويب لأنواع الأموال التي تتصرف فيها الدولة ، هكذا الوا ، وهو صحيح ، وهذا بعينه موجود عندنا في الفقه الشرعي فقسم منه ملك بيت مال المسلمين مثل الزكاة والأراضي المفتوحة عنوة وغير ذلك ، أصلاً بحث من بحث القواعد الفقهية مصادر ومصارف بيت مال المسلمين وهو بحث مهم يجب أن يلم به الفقيه ويُتصيّد من أبواب عديدة ، هناك أموال عامة هي ملك للإمام عليه السلام ، يعني عنوان الامام عليه السلام ، وهذه تختلف عن ملك بيت كمال المسلمين ، وهو يصرفه أيضاً في مصالح الدين ولكن رقبة عينه بيد الامام ، والفيء أيضاً هكذا بنص آية سورة الحشر لأهل البيت عليهم السلام بما هم ولاة ، وتوجد رواية في باب الخمس أيضاً مروية عن الامام الكاظم أو الرضا أو الصادق عليهم السلام قال ( ما كان لأبي من الامامة فهو لي خاصة دون اخوتي ) وهذا صحيح فإنَّ هذا المقام فقط للائمة ، ( وما كان لأبي من غير الامامة فأنا وأخوتي فيه سواء ) يعني إرث ، فلاحظ هذا بعد الشخصية الفردية الحقيقية غير بعد الشخصية الحقوقية ، هذا نصّ وارد ومعمول به.

فالمقصود إذاً أيضاً في بحث اموال الدولة وملك الدولة هذا ينفعنا يف ابحاث ستأتي كثيراً في المكاس بالمحرمة يجب أن نتعرف عليها ، العناوين هناك شخصية حقيقية وخصية حقوقية وهذا التعبير بالاصطلاح الحديث ، أما التعبير التقليدي الموجود ليدينا بيت مال المسلمين وملك المسلمين أو ملك الامام عليه السلام.

وفقط من باب اثارة فحص علمي ومزيد من التنقيب المعرفي:- فدك لفاطمة عليه السلام مع زهد رسل الله في أيّ بعد ، ومر بنا أن العنوان الحقيقي والحقوقي في أهل البيت لا ينفك ، فهو في غيرهم فهو ينفك ولكن فيهم لا ينفل وهذا بحث لا نريد الخوض فيه ولكنه بحث مهم وحساس ، وربما الكثير من الكبار صار عندهم مثلاً نوع من غفلات في كيفية تصوير البحث في فدك ، لأنَّ البحث معقد وصعب فلا هو فقهي ولا هو عقائدي وغما هو بين بين وزوايا البحث متشابكة.

فعلى كلٍّ توجد عندنا شخصية حقيقية وشخصية حقوقية يلزم أن نلتفت إليها بشكل دقيق ، لماذا هي عليها السلام احتجت بأربع حجج وليس ثلاث كما قد يشبه وإنما هي أربع نحلة وأداء صداق وإرث وهبة ، فما هو الفرق بين هذه العناوين الأربع ؟ ، فالمهم هذه البحوث من المهم الالتفات إليها ، لأنها بعدٌ فقهي وتنعكس على مباحث عقائدية.

كلامنا في هذا المطلب وهو أنَّ الوالي له شخصيتان على اختلاف طبقات الوالي شخصية حقيقية وشخصية حقوقية ، الوالي مسؤولياته ووظائفه بما هو شخصيته الحقوقية تختلف عن وظائفه وشخصيته الحقيقية ، وظائفه بما هو شخصية حقوقية كلها مسؤوليات عامة واشد عليه واشد وتختلف حينئذٍ مسؤوليته عن مسؤوليته بما هو شخصية حقيقية ، هو وإن شارك البقية في تحمل مسؤولية المسؤولية العامة في شخصيته الحقيقية إلا أنَّ يختص أو يشتد عليه المزيد من المسؤولية في جهة شخصيته الحقوقية ، حينئذٍ الموازين والضوابط لمسؤولية الوالي في شخصيته الحقوقية وبأيّ درجة من الولاية سواء كان مديراً عاماً أو مدراء متوسطون كلٌّ بحسبه ( كلكم راع ولككم مسؤول عن رعيته ) أي درجات ، حتى الأب فهو بما هو رب أسرة غير الأب بما هو فرد ، فإنه بما ربّ أسرة له دور ومسؤولية تختلف ، أو رئيس عشيرة أيضاً يختلف ... وهلم جرا ، فلا نخلط بين مسؤوليات الشخصية الحقوقية مع مسؤوليات الشخصية الحقيقية ، الآن أنت معمم رجل دين فأنت كرجل دين ليس أنت زيد بن أرقم وإنما أنت رجل دين ، هذه شخصية حقوقية لها وظائف ولها مسؤولية ولها نظام أخرقي وحت المباحات التي هي مباحات عند الآخرين بالنسبة إلى المعمم تصير مكروهة شديداً إن لم يكن هناك إشكال في ارتكابها مع أنها مباحة في نفسها ولكن بالنسبة إلى المعمم هكذا لأن مسؤوليته في شخصيته الحقوقية وليست الحقيقية فإنه في شخصيته الحقوقية له مسؤولية خاصة ، حتى الخلق المطلوب في الوالي يختلف عن الخلق المطلوب في الفرد بما هو فرد ن الخلق المطلوب في المعمم يختلف عن الخلق المطلوب في الفرد ، نعم هذه جهة وتلك جهة ، المعروف عن الكبار أنه إذا أردت أن تدعو على شخص فقل عسى الله أن يبتليه بمسؤولية ، لأنه إذا أراد أن يكون ورعاً واقياً ويراعي المسؤولية فسوف يذوق مرارتها ، فالمقصود أنَّ الشخصية الحقوقية كرجل دين هي شخصية حقوقية فيجب التفكيك بينها وبين الشخصية الحقيقية فإنه يوجد فرق بينهما ، إمام جماعة كرجل دين يختلف عن رجل دين ليس إمام جماعة ، رجل دين قاضي يختلف عن رجل دين غير قاضي أنه تجتمع فيه شخصيتين حقوقيتين قاضي ورجل دين ، السيد الكلبايكاني رحمة الله عليه يتحد عن نفسه فيقول حينما كذا وكذا رأيت أنه جاءتني قضايا وهدايا ثم بعد التفت أنه وراء هذه الهدايا أغراض فإنه توجد نزاعات مالية ضخمة يريدون أن أفصلها بين وهذه تصير رشوة لي وغير ذلك ، حتى أنه ذكر في بحث القضاء أنه جاءته هدية ضخمة فقال لعياله لا تمسوها لأنه وراءها سر لأنه قبل ذلك لم تأتنا هدية مثلها فلماذا جاءتنا الآن ، ثم بعد ذلك عرف أنَّ هذا الثري عند نزاع مالي ضخم ويريد مثل شبيه الرشوة حتى يميل وينحاز السيد له ولكن السيد كان ورعاً.

فالمقصود أنه تتراكم على الانسان عدّة شخصيات حقوقية ومسؤوليات الشخصية الحقوقية تختلف عن مسؤوليات الشخصية الحقيقية ، وهي تختلف حتى من شخصية حقوقية إلى شخصية حقوقية أخرى مثل الميداليات أو المناصب المسؤولية تشتد وتختلف.

وإذا اتضح هذا البحث وهو مهم جداً وحساس في الأبواب الفقهية حينئذٍ هذه المسؤوليات العامة التي مرت بنا في الواجب الكفائي وفرقها عن الواجب العيني بحثنا أنّ بيع العنب أو غيره ، هذا بالنسبة إلى الوالي إذا أراد أن يدبّر مدينة أو يدبر محافظة أو يريد أن يدبر دولة فهنا لا نقول له أنت لست مسؤولاً عن التجفيف للمنابع من بعيد بطريقة لا تخل بالنشاط الاجتماعي ، بل عليك أن توفّق بين الملاكات.

وأتذكر سؤالاً قد وجه من قبل أحد الأخوة وكان مسؤولاً في اذاعة عن أقسام من الموسيقى أو غير ذلك كيف تبث فأخذ يسألنا ، فقلت له الآن أنت من موقعك ليس ذاك الموقع ، فأنت الآن مثل الوالي ومثل المدبّر قد يكون مكروهاً عند عموم الناس أما أنت بالنسبة لك كوالي فهذا يختلف ، وبعبارة أخرى الوالي هل وظيفته في المكروهات كوظيفته الشخصية الحقيقية الفردية ؟ كلا ، يعني من سياسة الوالي في أولوياته طبعاً إذا كان هناك مجال ولا يتزاحم حتى أنه لا يساعد على ترويج المكروهات في المجتمع في تدبيره وفي ادارته ، طبعاً ليس في شكل تشدد وتقدس حاد يسبب احتقان ويسبب حرج على المجتمع ولكن إذا لم يسبب تداعيات حتى المكروهات فضلاً عن غيرها لا يساعد على ترويجها ، لأنَّ الوالي مسؤوليته ووظيفته تختلف عن المسؤولية الفردية ، وقد مرّ بنا أنَّ المكروه بلحاظ الوظيفة الفردية العينية هو مكروه ولكن بلحاظ الوظيفة والمسؤولية العامة يختلف ، نفس الكلام الذي مرّ بنا أن الزيارة في نفسها في البعد الفردي العيني هي مستحبة عيني فردي مع أنها فيها وجوهاً أخرى ولكن لا نريد الخوض فيها ، ولكن من جهة الواجب الكفائي فتوجد مسؤولية عامة وهي عمارة المراقد المقدسة ولترويج الدين ولإحياء الدين ، كيف أنه مرّ بنا في المستحب أنه فيه جهتان كذلك في المكروه ، فهو في بعد الحكم العيني مكروه ولكن بلحاظ البعد الاجتماعي إذا تفشى ما هو خلاف المروّة أكثر فأكثر يسبب انزلاق المجتمع إلى محرّمات أكيده ، فهذا المكروه في بعده الفردي مكروه عيني ، أما في بعده الكفائي المجتمعي كظاهرة هو محرّم كفائي من مسؤولية الوالي أن يقف أمامه.

فالمقصود نرجع إلى هذا المطلب تتمةً للبحث:- أصلاً الوالي في شخصيته الحقيقية بأي درجة من درجات الولاية ، والولايات درجات ، والولايات بالتعبير الحديث الصلاحيات والمواقع والنفوذ ، الوالي والولاة بحسب اختلاف طبقات درجاتهم في الولاية أصل هذا الموقع وهو الشخصية الحقوقية - التي هي شخصية عامة - ، أصل هذا الموقع هو ذو مسؤوليات ، وبعبارة أخرى هو موضوع في الأصل للمسؤوليات العامة ، وبعبارة أخرى أيضاً المسؤوليات العامة تتوجه أشد إلى الولاة من توجهها إلى الأفراد كشخصية حقيقية ، كلٌّ من موقعه ، لا أنَّ الأفراد غير مسؤولية لأن المسؤولية المفروض أنها عامة ، وصحيح أنها عامة ، مثلاً اقامة الحدود مثلاً ﴿ والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ﴾ ، ﴿ وأقيموا الوزن بالقسط ﴾ وغير ذلك ، فهذه خطابات المسؤولية العامة والكل مسؤول عنها اقامة نظام ديني ومجتمع ديني فالكل مخاطب بها ، ولكن ذوي النفوذ وذوي الصلاحية القدرة أشد في هذا الخطاب لما يتمتعون به من قدرة أكثر ونفوذ أكثر وموقعية أكثر.

هذا تتمة الكلام في الواجب الكفائي والمسؤولية العامة ، يبقى الكلام في الطائف الثلاث سنخوض فيها غداً إن شاء الله تعالى.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo