< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/06/27

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة وجوب دفع المنكر.

كنا في قاعدة وجوب دفع المنكر وهي واجب كفائي ومسؤولية عامة وقد يكون الشيء كما مرّ بنا أمس ولكن نركز عليه اكثر من حيث الحكم العيني مستحب أو مباح مثل الصناعات المختلفة وأنواع الكسب المختلفة كالزراعة ورعاية المواشي وغيرها من الأمور الضرورية للحياة والمجتمع هي من جهة المسؤولية العينية الفردية مستحبة أو مباحة لكنها من جهة المسؤولية العامة الدينية أو المسؤولية العامة لأصل الحياة الاجتماعية والمدنية تكون من اوجب الواجبات ، هذه النقطة للأسف تحصل غفلة عنها كثيراً ، كما حدث ويحدث لغط في الشعائر وفي الزيارة للمراقد الشريفة وهلم جرا ، أو حتى بالعمرة لبيت الله الحرام وهلم جرا ، ينظر الموازنة بين المسؤولية الفردية وأشياء أخرى وهذا خطأ ، عندنا مثلاً في الحج ستقع بعض الحرمات فهل هذا يترك المستحب ، الزيارة مستحبة والصلاة أوّل الوقت واجب هاذ منطق ليس بصحيح ، ولماذا ؟ لأنَّ الزيارة في بعدها الفردي ، نعم هي مسؤولية فردية ولكن في بعدها الآخر واجب كفائي ، وهكذا العزاء ، طبعاً الفقيه كل الفقيه والمؤمن كل المؤمن يتحرّى أن لا يفرّط في أحد الواجبين ولا في فضيلة أحد الواجبين وهذا ضروري ولكن لا أننا ننظر إلى الزيارة مستحب والحجاب واجب ، فهذا صحيح من جهة الحجاب ، وصحيح من جهة الزيارة في المسؤولية الفردية ولكن من قال في المسؤولية العامة الزيارة مستحبة ؟!! أبداً بل حسب روايات مستفيضة صادرة عن الامام الصادق عليه السلام وبقية الأئمة وحتى في زمن الامام الهادي عليه السلام سيما الامام الصادق والهادي عليهما السلام عندهم حث على زيارة سيد الشهداء مع احتمال الموت والقتل ، ولماذا ؟ يحثون مراجع الطائفة الفقهاء من تلاميذهم بأسانيد معتبرة ، فهذا واضح أن مبرره هو أنَّ هذا مسؤولية عامة وواجب كفائي عمارة علم سيد الشهداء علم الطف ، وإلا كيف نبرر هذا ، روايات عديدة جمعنا نبذة منها في رسالة وجيزة علمية طبعت وهي مطبوعة في الشعائر الجزء الثالث ، يقول يا ابن رسول الله هناك مسالح وقد نسجن أو نغرّم أو قد نقتل ؟ فالإمام يقول عكس ذلك ، مثلاً يخاطب أبان بن تغلب ( أتترك زيارة الحسين وأنت من رؤساء الشيعة ؟!! ) ، فالإمام الصادق عليه السلام يشير هنا إلى عدّة جهات في الواجب الكفائي المسؤولية العامة ، إنَّ هذه الأمور من الخطأ دراستها من جهة المسؤولية الفرية فقط ، وكما مرّ بنا في بداية هذا الحديث عن الواجب الكفائي والمسؤولية العامة يعين يوجد مؤاخذة على جملة من تدوين الفقه أنه فقط يلحظ المسؤولية الفردية الفقه الفردي وليس الفقه الاجتماعي أو قل الفقه الديني معالم الدين ، سابقاً الفقهاء باب المزار يذكرونه كابن إدريس والشيخ الطوسي في النهاية والمفيد في المقنعة حتى الشرائع في الجملة فالمهم القدماء ابن إدريس وما قبله يفتحون باب المزار بعد الحج حتى فقه العامة عندهم هذا مثل المغني لابن قدامة وغيره من كتب الدورات المهمة في المذاهب الأربعة ، باب كامل يفتحونه في فقه المزارات فإنَّ فيه مسؤولية عامة وليست مسؤوليات فردية فقط وليس باب مستحبات فقط ، تركت هذه الأبواب بغفلة أنها مسؤولية فردية ومستحبة عينية وتركت المسؤوليات العامة الموجودة فيها وهذا سبب تفريطاً في هذه المسؤوليات العامة ، فالمقصود هذا الحس والانتباه في الاستنباط عند الفقيه ضروري جداً في الأبواب الفقهية وإلا تصير غفلات عجيبة صراحة وبلا مجاملة ، فيلزم أن يصير الانسان في البحث العلمي شفافاً ، الزيارة مستحب والحجاب واجب ، يا أخي التفت ، نفس اليد الخوئي هنا يصير على أنه امثال هذه الشعائر الدينية نعلم بالجملة أنه يحصل بها كذا وكذا ولكن هذه مسؤولية عامة وجوبها أعظم من وقوع محرم فيها ، وكذلك الحج كم محرم سيقع فيه ولكن هذا لا يصارع ولا يستطيع أن يناطح الوجوب الكفائي الموجود في الحج العظيم ، هذه الأمور يلزم أن نلتفت إليها وإذا لم نلتفت إليها فسوف تضيع عندنا الموازين ، أحد الاخوة اثار سؤالاً ونعم السؤال فقال إنه على منبى السيد اليدي الذي أيده جملة من الفحول في تصوير الواجب الكفائي والمسؤولية العامة أنَّ الوجوب ليس مقيداً بالآخرين تركوا أو بادروا فهو ليس معلق ولا مرهون وإنما هو مثل الوجوب العيني ، وأيضاً من جهة الواجب أيضاً هو ليس معقلاً ولا مرهوناً ولا مقيداً بمبادرة الآخرين أو عدم مبادرتهم وإنما هو مطلق ، فإذاً ما الفرق بين الواجب العيني والواجب الكفائي فإنه لم يصير بينهما فرق ، فلا الوجوب مقيد ولا الواجب مقيد بل بالعكس الواجب الكفائي ليس فقط هو يمتثل وإنما يحرض الآخرين على الامتثال فهو فيه زيادة مسؤولية فهو يبعث نفسه ويبعث الآخرين فصار الوجوب الكفائي وجوباً عينياً فلماذا سموه وجوباً كفائياً ؟

والجواب عنه:- صحيح أنه من جهة الوجوب ومن جهة الواجب حسب تقرير السيد اليزدي وجملة من الأعلام من الخطأ أن تفكر أنه ليس مثل الوجوب العيني بل هو مثله ولذلك المسؤولية فيه أسد ولكن الفرق بني الكفائي والعيني ما هو وهو الذي ركزوا عليه ولكن صاغوه بصياغة موهمة مخلة بحقيقة الواجب الكفائي في كتاب الأول ، يعني ليس الكل وإنما الكثير ، الفرق بين الواجب الكفائي والعنيني أوّلاً أنَّ الواجب الكفائي مسؤوليته أشد من مسؤولية الواجب العيني ، وهناك شيئاً ثانياً وهو أن الفرق بين الكفائي والعيني أن العيني لا يسقط بمجيء الآخر به عن المكلف كأن يصلي عنه فهو لا يسقط سواء افترضنا أنَّ الصلاة النيابية مشروعة أو غير مشروعة ولكن في الكفائي يسقط إذا ادّي به الواجب ولكن هذه نكتة صناعية حساسة يلزم أن نلتفت إليها في الكفائي هي التي حصل فيها الإيهام والغفلة وهي ان سقوط الواجب أو الوجوب السقوط عند الأصوليين أو الاسقاط للواجب عند الأصوليين ما هي صياغته الصناعية مع الوجوب أو الواجب وما هو القالب الصناعي له فهل هو قيد أو غاية أو نهاية أو ماذا ؟ قالوا في علم الأصول بأن السقوط أو الاسقاط الذي هو فرق بين الكفائي والعيني وهذا هو الفرق يعني أحد الفروق المهمة ، قالوا السقوط حقيقته ليس قيد الواجب ولا قيد الوجوب ولا حتى غاية ، لأنَّ الغاية أحد القيود ، مثلاً ﴿ أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ﴾ فهذا غاية وهي أيضاً قيد ولو قيد الواجب ، فالسقوط ليس قيد واجب ولو حتى بنحو القيد المتأخر ، فإذاً ما هو ؟ يقولون السقوط عبارة أخرى عن انتفاء الموضوع للوجوب ، الآن مثل ما تقول يحرم شرب الخمر فحينما يتلف الخمر فحرمة شرب الخمر الجزئية لا تبقى وغنما تنتفي ، ولكن هذا سقوط حرمة شرب الخمر نقول هذا السقوط قيد في الوجوب أو الواجب ؟ كلا ليس هو قيد في الوجوب ولا هو قيد في الواجب ، هذا عبارة أخرى عن لزوم بقاء الموضوع ، فإذا انتفى الموضوع انتفى الوجوب وينتفى الواجب ، لا أنه شيء وراء الموضوع كغاية أو قيد وهلم جرا ، سقوط الموضوع ولكنه بالامتثال نفسه ، أما في الكفائي بامتثال غيره يسقط ، فإذاً يوجد فرق بني العيني والكفائي أنه في الكفائي أداء الغير مسقط ويعدم الموضوع ، وأما في العين أداء الغير لا يسقطه ، البعض يتخيّل أنَّ هذا لأهمية العيني بل بالعكس وإنما لأهمية الكفائي لأن الكفائي الغرض فيه إلى درجة هامة قصوى من الأهمية أنه يريده الشارع لا يكترث الشارع أن ايجاده ممن يكون وإنما المهم أنه ينوجد شبيه الأمور الحسبية ، فالمهم أنه هنا خدمات الكهرباء مثلاً تقع ولو على شخص وثني مثلاً فنّي وهندسة كهربائية ولكنه وثني وليكن ذلك فإنَّ هذا الأمر لا دخل له وهلم جرا ، فبعض المصالح أو بعض دفع المفاسد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد عقد صلحاً مع الكفار حول المدينة المنورة في حلف عسكري موحّد ضد الكفار الآخرين وهذا لا مانع منه ، لأنَّ دفع العدوان سواء كان هذا مسلم أو كافر ، فالمهم أن تكون الراية بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وكثيراً لو تدرس سيرة رسول الله صلى الله عيله وآله وسلم دولته.

فلاحظ في بعض الموارد هذا الواجب الكفائي الآن قال الفقهاء أنَّ الجهاد عبادة من العبادات كيف يسهم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الواجب ؟ طبعاً لأنه الواجب يندفع ، شبيه ما قاله الفقهاء أيضاً في الزكاة ، الزكاة هي ضريبة مالية والخمس أيضاً ضريبة مالية ولكن شخص رياءً دفع الزكاة فهو اثم لأنه لم يأت بالعبادة ولكن الزكاة تتحقق وتسقط وإن اثم لأنه لم يأتِ بها عبادياً لوجه الله ، أو أنه دفع الخمس رياءً فهو يسقط لا يجب أن يكرر الدفع بل ذمته تبرأ من جهة الوضع وإن اثم من جهة عدم النية العبادية ، الجهاد أيضاً عبادي فهو ذهب وقاتل ولكن لأجل الشهرة والمنصب والأموال فهو أخل بالعبادة واثم ولكن أسقط الواجب عنه لأنه يندفع العدو ولو بعمل غير عبادي ، فكيف الآن في الزكاة أليست يه واجب عيني فمعناها أنها تسقط بغير الامثال إذا كان قد اتى بها رياءً ، فالمقصود هذا المطلب وهو أن الفرق بين الواجب العيني والواجب الكفائي ليس في الوجوب ولا في الواجب كما قد تخيل في الكثير من التعاريف بل هو نفسه ، بل الفوارق عديدة ولكن من جهة قيود الوجوب وقيد الواجب أبداً لا يوجد فرق وإنما الفرق هو في كيفية السقوط ففي الوجوب الكفائي أداء الغير يسقطه ، مثل الدين الذي على الانسان يأتي شخص ويتبرع بدفعه فيسقط عنه ، وهذا له عدة صور ، فتارة يقول هذا أداء لما في ذمة الغير ، وتارة يقول للدائن أسقِط دينك الذي في ذمت الغير وأنا أعطيك المال وهذا مثل المصالحة ، مع أنَّ وجوب أداء الدين عيني ولكن مع ذلك يسقط بفعل الغير ، فإنه توجد بعض الواجبات العينية تسقط بفعل الغير ، وقالوا ذلك حتى في الزكاة والخمس فإنَّ البعض احتمل أنه يسقط الواجب بالمتبرع ولا نريد الدخول في التفاصيل.

فإذاً حتى في الواجبات العينية يوجد سقوط وهذا لا يعني أنه تعال قيد الوجوب أو الواجب في الوجوب العيني بشيء وإنما هذا السقوط من باب انتفاء الموضوع.

إذاً تحصّل حسب تنقيح السيد اليزدي وجملة من الأعلام أن الوجوب في الوجوب الكفائي والواجب هو مسؤولية عامة وخطيرة وعظيمة نفس الوجوب والواجب في العيني الفارق هو أنَّ المصلحة عزيمة في الواجب الكفائي ومسؤولية عامة وحقيقة الاجب في الواجب الكفائي سواء كان في دفع المنكر أو قواعد وأحكام ومسؤوليات أخرى حقيقة الواجب في الواجب الكفائي هو الإعداد لا نفس الفعل الجماعي المجمعي كما قد يتخيّل بل الإعداد بل وتهيئة وإعداد حتى الآخرين هو على مسؤولية الانسان ، وبأيَّ دليل أنت تقول في الواجب الكفائي يجب عيه علاوة على أنَّ يعدّ نفسه أن يعدّ الآخرين ويهيئهم ؟ إنه بأدلة قرآنية كثيرة تشرح الواجب الكفائي والمسؤولية العامة مثل ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ ، ومثل تحريم عرقلة قيام الآخرين بهذه المسؤولية العامة مثلاً الارجاف الذي عدّ من الكبائر ، والإياس عدّوه من الكبائر ، يعني الخذلان عن نصرة الحق ، هذه عناوين تبيّن حقيقة الواجب الكفائي في المسؤولية العامة.

وبعد أن تم هذا المطلب في قاعدة وجوب دفع المنكر وتم تصويره هل يمكننا أن نلتزم في خصوص هذا المثال ، ويمكن أن تذكر أمثلة كثيرة لقاعدة وجوب دفع المنكر ، وهذا الذي ذكرناه الآن وانتهينا إليه من كلمات الأعلام لا ينافي ما صدّرنا به الكلام في قاعدة دفع المنكر أنَّ وجوب دفع المنكر بدرجة صحيح أنه واجب كفائي وصحيح أنه مسؤولة عامة فكل هذا صحيح ولكن هل وجوب دفع المنكر هو سواء وسواسية في كل الأبواب ؟ إنه لا يمكن القول بذلك بل بعض الأبواب مثل بيضة الدين وبيضة الايمان وحومة الايمان وحومة الدين والدماء في النفوس المحترمة والأموال والأعراض وبعض الأبواب الآن تعاطي المنكرات بدرجة ليست بدرجة منتشرة عظيمة وإنما بدرجة دون المتوسطة فإنَّ المنكر درجات أيضاً أو ظاهرة اجتماعية فساد وفيها معاصي ولكن هي بأيّ درجة فهل هي درجة غالبة أو متوسطة أو دون المتوسطة فبلا ريب هذا الذي ذكرناه في صدر الكلام عن الكثير من الأعلام المخالفين للتمسك بقاعدة وجوب دفع المنكر هنا مع أنها مسؤولية عامة ، ومع أنَّ هذا واجب كفائي وحرر ونقّح الواجب الكفائي وكل هذا صحيح ولكن لا يمكن القول بأنَّ المنكر على درجة واحدة ووجوب دفعه بدرجة واحدة ، كلّه مسؤولية عامة ولكن المسؤولية عامة لكن المسؤولية العامة درجات ، مثلاً توجد خلايا نائمة لداعش وتوجد ثلاث محافظات سقطت وهذا فرقٌ بين الموردين ، فهو من هذا القبيل ، فهنا المنكرين للتمسك بقاعدة وجوب دفع المنكر يصرّون وهذا الاصرار في محلّه وهو أنَّ نفس المنكر ذو درجات ولا يمكن وزنه من جهة المسؤولية العامة والوجوب الكفائي بدرجة واحدة فإذا تبيّن هذا ، فتارةً المجتمع تتفشى فيه ظاهرة تصنيع الخمر مثلاً فهذه حالة ، ومثلاً بعض الظروف والملابسات والمناسبات أو البلد مقدّس أو غير ذلك ، وتارة دع عنك لا ظاهرة عامة متفشّية ولا أنَّ الطرف تعلم به بالخصوص ، صحيح أنَّ الأعلام عنونوا المسألة ( بيع العنب على من يصنعه خمراً ) الكثير فسّر أن ( يعلم ) يعني أنَّ هذا لا يبالي وهو معتاد على هذا الفعل ولكن بالخصوص أنه يأخذ منه العنب ويصنعه خمراً فأحد صور المسألة هو هذا ، وإلا لا يمكن أن يلتزم بـن هذا من باب وجوب دفع المنكر بل حتى أنه مرّ أننا تعرضنا في صورة لخصوص هذه المسألة المعنونة أنه مرّ بنا أن وجوب دفع المنكر أنَّ المنكر درجات والدفع للمنكر أيضاً درجات ، يعني منكر واحد معينة درجة ملاكة وأيضاً طريقة الدفع له هي بدرجات متعددة وفيها درجات ، فتارة تجفيف منابع الارهاب حسب التعبير العصري ، وتارةً عرقلة منابع الارهاب وهذا درجة من دفع المنكر ، وتارة معاوقة المنابع المالية للإرهاب فهذه درجة ثالثة ، ودرجة أخرى وهي تبطئة منابعه الارهاب وهذه أيضاً درجة من دفع المنكر فلاحظ أنَّ نفس المنكر هو درجات والدفع أيضاً هو درجات ، فأنتم أين تتمسكون ؟! ، تساؤل المخالفين بالتمسك بقاعدة وجوب دفع المنكر ، وهذه نكتة لطيفة أنه قد يكون الواجب الواحد من زوايا عديدة في درجات متفاوتة تشكيكية مع أنه في حكم واحد وفي قضية واحدة ، فالمنكر درجات والدفع درجات ، الآن شخص يريد أن يدعي أنَّ دفع المنكر بدل درجات المنكر وبكل درجات الدفع واجب هذه دعوى لا يمكن دعوها ، إذاً مساحة الفتنة والاختيار وما شابه ذلك أين ، لماذا باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بدرجات عينة قيد حينئذٍ يجب الأمر بالمعروف وليس بكل الدرجات ، فلاحظ حتى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لماذا في النهي عن المنكر وردت نصوص بشرائط معين ؟ واضح في أن الدفع يختلف والمنكر أيضاً يختلف ولا يمكن دعوى وجوب النهي عن المنكر بلغ ما بلغ وأيّ منكر وبكل درجة من درجات النهي ، كلا وإنما هي موازنة موجودة عند الشارع ، حدود ، سيقع ، مشارفة أو غير ذلك كما قالوا فنعم هذا القدار يسلك به ، أما من درجات بعيدة ومقدمات بعيدة ومنابع بعيدة للإرهاب هنا أنت تريد أن تجففها فهذا سيسبب حتى تعطيل الحركة البنكية والمصرفية والتجارة في البلد فإنه توجد توازنات في البين ، فهذه الملاحظة في محلها وهي أن قاعدة وجوب دفع المنكر من زوايا عديدة سالمة ولكن تعال لاحظ درجة الدفع بلغ أما بلغ ما بلغ فلا ، لذلك جملة من الأعلام استبشعوا هذه الطوائف الثلاث التي سنقرؤها مرة أخرى لتنقيح المطلب أنه كيف يمكن أن يعقل أنَّ المعصوم يعلم بأنه يبيع العنب ممن يعلم أنه سيصنعه خمراً ، ويعلم يعني أنَّ هذا هو شأنه وسنأتي إلى الصور فتارة الانسان هو خمّار يعني غلته وصنعته هي الحرام فواضح أنَّ هذا عنده علم تفصيلي ، هنا قصد قهري متحقق وقد سلّم المشهور أنه مع القصد لا يجوز ، ومرادهم من القصد هنا في المقام وأمثاله ما هو ؟ إنه غير بحث القصد المعاملي وإنما هنا مثل التواطؤ وهو شبيه التعاون والتعاون يعني الانخراط في سلسلة فعل حلقات ايجاد ظاهرة الفساد وما شباه ذلك ، يعني مثل بعض هذه الصور سلم المشهور بالحرمة لأن من باب وجوب دفع المنكر ، وأيضاً النتيجة هي حرام تكليفي ، سلّم المشهور أنها تكون هنا حرمة تكليفية أما الصور الأخرى شخص من شأنه أو هو مظنة وليس قصة ظاهرة فساد فهنا تقول قاعدة وجوب دفع المنكر فعلية ومنجزة ومحكّمة فهذا محل تأمل عند المشهور ، خلافاً للسيد الخميني أو غيره من الأعلام.

هذا تمام الكلام في قاعدة وجوب دفع المنكر ، وإن شاء الله تعالى قبل أن نغادر هه المسألة نستعرض الطوائف الثلاث ونرى لسانها ووجوه الجمع التي قيلت فيها.

ونذكر نكتة نفيسة كرأس قلم:- وهي أنه توجد ظاهرة صناعية عظيمة عند الفقهاء ، وهي أنهم يجعلون القواعد الفقهية العامة قران مفسرة للروايات الخاصة ، ويجعلونها ضوابط علاج لتعارض الروايات الخاصة وهذه نكتة صناعية فقهية نفيسة جداً وهي من قبيل ما مرّ بنا بصياغة أخرى ولكن هذه صياغة تفصيلية أكثر ، صياغة أخرى سابقاً أنَّ العموم هو الذي يفسّر الخصوص فذاك صياغة عامة ، ولكن بصياغة تفصيلية فقهية أكثر أن القواعد الفقهية يجعلونها محكمة وحاكمة في تفسير النصوص الخاصة ، وهذا مما يكشف ويبرهن على أنَّ منهج الفقه التحليلي ضرورة في الاستنباط ، بخلاف منهج الفقه الظواهري الجمودي الحرفي على ألفاظ النصوص الخاصة الواردة ، وتوجد جديلة بين المدرستين سنتعرّض لها غداً.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo