< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/06/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة وجوب دفع المنكر.

مرّ بنا أنَّ قاعدة وجوب دفع المنكر لهذه المسألة مسألة بيع العنب أو أمثاله لمن يصنعه خمراً ، أو بيع عوض أو سلعة لمن يستثمرها في الفساد المحرم هي في نفسها قابلة للمنافع الحلال وللمنافع الحرام فتمسك الأعلام لحرمة هذا البيع او المعاوضة أو الاجارة أو أي شيء بالحرمة التكليفية أما أنه تصل إلى الحرمة الوضعية أو لا فهذا بحث آخر سيأتي في نهاية المطاف ، فتمسكوا بوجوب دفع المنكر ، ووجوب دفع المنكر لأنه واجب كفائي هنا وقعت إشكالية واعتراض في التمسك بقاعدة وجوب دفع المنكر لتحريم هذا البيع والاشكالية هي أنه إذا لم يصر توافق من قبل المكلفين من الامتناع عن البيع لا يحصل دفع المنكر ، فإذا لم يحصل توافق أعضاء توافق الفراد لن يتحقق هذا الواجب الكفائي ، فإذاً قاعدة وجوب دفع المنكر لا تلزم بحرمة البيع مطلقاً لأجل هذا السبب ، لذلك حملوا الروايات المجوّزة على هذا المطلب وفتوى المشهور أيضاً هكذا ولو الأشهر المشهور فتواهم أنَّ بيع العنب على من يصنعه خمراً أو بيع سلعة على من يريد بها الفساد إنما يحرم تكليفاً على الباع حصراً إذا كان البيع حصري فيه ، فإنه إذا كان البيع حصري فيه صار الواجب الكفائي بالنسبة إليه متعيناً غير موقوف وغير موكول على توافق البقية معه ، هذه هي فتوى المشهور وهي أنه إذا انحصر البيع به لا يجوز البيع وإذا لم ينحصر البيع به فهو غير ملزم بترك البيع ، إذا ًأحد الاشكالات الرئيسية التي سجلها الأعلام في هذه المسألة أنَّ التمسك بقاعدة وجوب دفع المنكر هي قاعدة لحكم كفائي وهذا لا ينفع في الوظيفة الفردية ، أصلاً هنا عقدة البحث وإثارة البحث في حقيقة الواجب الكفائي نشأت عند الأعلام ، واللطيف أنه العنب لمن يصنعه خمراً مثلاً حرمة ومسؤولية افترض أنها فردية ولكن بيع الخمر فالبيع هو نوع توزيع ونشر ، بيع لسلع لاستثمارها للفساد من الاثم والعدوان هنا مسؤولية عامة وليست مسؤولية فردية ، وهذه نكتة لطيفة سواء في قاعدة دفع المنكر أو هذا التفكيك في حكم الخمر فتوجد مسؤولية فردية وتوجد مسؤولية عامة ، هنا أثيرت الحفيظة العلمية عند الكثير من فحول محسي المكاسب كالسيد اليزدي وغيره من الكبار فقالوا أولاً الواجب الكفائي كمسؤولية عامة من قال أنَّ وجوب الواجب الكفائي مقيّد بتوافق البقية ، فأصلاً هم يثبتون بأنَّ هذا ممتنع ومحال أن يكون وجوب الواجب الكفائي مقيداً بتوافق البقية ، مقيّد بأيّ قيد يرتبط بالآخرين فإنَّ هذا خطأ ، أصلاً حقيقة الوجوب الكفائي والمسؤولية العامة حينما يقال عمومية وعامة لا تتوهم أنَّ الوجوب ارتباطي وإنما الواجب ارتباطي فعليكم أن تبدلوا هذا المفهوم فإن الواجب الكفائي وجوبه ليس ارتباطيا وإنما وجوبه فردي وإن كان الواجب مسؤوليته عامة أما أنت المسؤول فرد ، السؤل عنه أمره عمومي ، وهذا تعريف دقيق مهم في الاجب الكفائي ، وهذا تحقيق رشيق وبديع ورائع ومهم جداً ويحل معضلات كثيرة ، أن الواجب الكفائي وجوبه ليس مقيد وإنما الواجب ارتباطي وإذا كان الواجب ارتباطياً عندك مسؤولية فردية في تحقيق الارتباط لس فقط أن فقط تتحرك بل عليك أن تنه الآخرين أيضاً ، ليس مسؤوليتك عن نفسك فقط وإنما مسؤولية نفسك والاخرين ﴿ قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ﴾ هنا المخاطب رب الأشرة وهو مخاطب عن نفسه وعن غيره ، فذها وجوب مستقل ولكن الواجب ارتباطي ، وهذا تعريف مهم في الواجب الكفائي ، فمن قال لك أنَّ المسؤولية عامة نفس الوجوب فيه ارتباط ، كلا الوجوب ليس فيه ارتباط ، أنت تكون معذوراً عند الله وبالتالي أنت تقوم بدورك ومسؤوليتك ولو خالفت الأمة كلها ، أصلاً منطق سيد الشهداء وشهادته في كربلاء لتحقيق هذا المفهوم ، أصلاً قيام سيد الشهداء لأجل هذا ، يا ابن رسول الله لا يوجد نص ، وليكين ذلك فأنا أقوم به بمفردي ( هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً ) ، هنا ليؤكد سيد الشهداء بأنَّ الوجوب في الواجب الكفائي ليس ارتباطياً وإنما هو جوب مستقل ، وتعريف الوجوب الكفائي هذا مهم وطبعاً كل الدين مقام به فهو مسؤولية عامة يريد سيد الشهداء يقول هكذا أما الآخرين كابي الفل العباس وعلي الأكبر وزينب والأنصار يجاهدون فهذا ليس جهاد نصر وليس دفاعاً فالمعادلات واضحة أنه لن يتحقق الدفاع وإما الدفاع مدته ساعات فقط فما فائدته إذاً ؟ هم فلسفتهم هي المواساة وللأسف بحث المواساة للأسف لم يذكره الفقهاء في باب الجهاد نتيجة ترك فقه الزيارات وفقه المزار ، فنُسِي بحث فقه جهاد المواساة ، ما هو فقه المواساة وما هو تعبيره العصري فهذا بحث آخر وقد يوفقنا الله تعالى إلى تأليف رسالة فيه ، جهاد المواساة هو قاعدة فقيه عقائدية مهمة ، هذا بالنسبة إلى أهل البيت عليهم السلام والأنصار ، واللطيف أنَّ سيد الشهداء أطلع أبي الفضل العباس وزينب وعلي الأكبر وكل بني هاشم الموجودين في كربلاء أنهم أهل البيت وهم الدائرة الثانية الاصطفائية وفعلاً توجد نصوص واردة بأن كلهم مصطفون ( ما على وجه الأرض لهم من نظير ) ، عدّة روايات من عدة من الأئمة يصفون كل بني هاشم الموجودون في كبلاء كلهم كانوا مصطفون الدائرة الثانية.

فعلى كلَّ نحن لسنا في هذا الصدد ، فلاحظ أنَّ كل هذه عناوين وجدانية وفيها قضايا عقائدية قبل أن تكون فقهية ، ولكن جهاد سيد الشهداء ما هي فلسفته ؟ ، أصلاً ضرب الفقهاء والمتكلمين ضربوا أخماس بأسداس ما هي حقيقة جهاد سيد الشهداء ، نفس شخص الامام الحسين عليه السلام حقيقة جهاد سيد الشهداء في كربلاء ما هو فإنه معترك كلام بين المؤرخين والمفسّرين والمتكلمين ، أحد الغايات المهمة التي بيّنها سيد الشهداء أنه لا تقل فلان وفلان بل أنت مسؤوليتك ووجوبك في الواجب الكفائي ليس ارتباطياً وإنما الواجب هو ارتباطي أما الوجوب فليس ارتباطياً ، دليل الواجب ارتباطي أن سيد الشهداء دائماً يدعوهم ( ألا من كان باذلاً فينا مهجته ) فهو يجث وينهض الآخرين ولكن في تحمل المسؤولية لا يتوقف على أنَّ الآخرين يتحملون المسؤولية أو لا ، أصلاً رمز عظيم وأحد القمم العظيمة التي أنجزها سيد الشهداء في وعي الأمة ووعي العلماء الفقهاء أنَّ الواجب الكفائي والمسؤولية العامة أو الوجوب ليس ارتباطياً وإنما الواجب ارتباطي ، وهذا بحث مهم جداً ، وطبعاً عاشوراء لا تحصر في فلسفة شرعية واحدة بل عدة عظيمة غايات عظيمة أنجزها سيد الشهداء وهذه احدها وواقعاً تحيى الأمة بها ، ورحمة الله عليه الخواجة نصير الطوسي أمس ذكرناه واليم نذكره في شاهد علمي آخر.

إذاً الواجب الكفائي الوجوب غير مقيد وإنما الواجب مقيد وهذا لا يمنع حينئذٍ الحركة ولا المبادرة ولا تتوقف مبادرته على حركة الآخرين أو لا بل أنت عليك أن تنبري لذلك وإن لم يتحرك الأخرون ، من أوصاف أمير المؤمنين ( نهض حين تتعتع القوم ، ، نهض حين فشلوا ، اقدم حين تراجعوا ) فالمسؤولية هي هذه ، وهذه هي نكتة مهمة وهي أن المسؤولية مع أنها مسؤولية عامة حتى الحواريين الخاصين والعياذ بالله بالدرجة المطلوبة لم يقوموا معه ولكنه لم يترك ذلك ، فهذه نفس القصة وهي أن المسؤولية فردية نعم الواجب جماعي ، ولذلك دار هو والصديقة والحسنين على أربعين رجلاً من المهاجرين والأنصار ليلاً وهذا معروف في المصادر الكثيرة ، ولكن لم ينبرِ أحد لذلك ولكنه هم انبروا عليهم السلام ، نعم الواجب ترابطي ، نعم الواجب معي ، لكن الوجوب ليس معيّاً ، بل الوجوب هو أنَّ مسؤوليتك عليك أن تنهض بغض النظر عن الآخرين أما الآخرين فعليك أن تنهض بهم ، الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ﴿ وحرّض المؤمنين على القتال ﴾ ، ﴿ تبوئ المؤمنين مقاعد للقتال ﴾ فالمسؤولية هي فردية ﴿ لا تكلف إلا نفسك ﴾ ، ولعل أحد تفاسير هذه الآية الكريمة هو هكذا ، الآن بحث فقهي صناعي فقهي حساس في الواجب الكفائي ، ﴿ لا تكلف إلا نفسك ﴾ فهذه الآية الكريمة ما هو معناها فهل هذه من خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم ؟ لاحظ الفقهاء في فقه آيات الأحكام بحثوا فيها يميناً ويساراً ولا يبعد أن أحد معانيها أنَّ أصل المسؤولية أنت تنطلق بها وتحرّضهم ، فلاحظ مرة يقول ﴿ لا تكلف إلا نفسك ﴾ ومرة يقول ﴿ وحرّض المؤمنين ﴾ مما يدل على أن ﴿ لا تكلف إلا نفسك ﴾ أنَّ المسؤولية فردية مخاطب بها في الوجوب وإن كان الواجب هو ﴿ وحرّض المؤمنين على القتال ﴾ ، أنتم لاحظوا هذه الآية موجودة في أبواب الجهاد في آيات الأحكام وأن الكثير قد قيل في هذه الآية الكريمة وربما صحيح ما قيل فيها وايضاً وردت فيها نصوص أن من خصائص النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يجاهد بنفسه حتى ولو بقي وحده وهذا منصوص عليه ، حتى أنه يوم أحد كل المسلمين حينما فرّوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأمير المؤمنين عليه السلام ( لو شئت لحقت بقومك ، فقال: لي بك يا رسول الله أسوة ) ، فعلى كلٍّ هذه لها معنى لماذا رسول الله يحمّل مسؤولية فرار البقية على أمير المؤمنين لها نكتة شرحناها في العقائد لا نريد الدخول فيها ، فنقول يمكن أن ﴿ لا تكلف إلا نفسك ﴾ لها تفسيرات عديدة ولكن يمكن تفسيرها ولا تتنافى التفسيرات المتعددة من آيات الأحكام أن هذا تفسير دقيق للواجب الكفائي وهي الآية الرابعة والثمانون من سورة النساء ﴿ فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك وحرّض المؤمنين ﴾.

هنا أيضاً هذه منظومة ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ وقع جدل فقهي في الفقه السياسي ما معنى أنَّ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ، فهل يعني أنَّ ولاية الحكم بيد الأمة فإذاً هذا خلاف ما يدّعيه مدرسة الامامية بأنَّ ولاية الحكم بيد الامام عليه السلام ؟!! ، فالكثير استدل بهذه الآية الكريمة وقال إنَّ هذا دليل على أنه ليس كما يزعمه الامامية ﴿ إنما وليكم الله ورسوله الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكوة وهم راكعون ﴾ يعني علي بن أبي طالب ، بل هذه الآية الكريمة نغض النظر عنها - إنما وليكم حصراً - وإنما قالوا نأخذ ببعض الكتاب ونترك البعض الآخر فهكذا أفضل ، هكذا قالوا ، وإنما قالوا نحن نقول المؤمنون بعضهم أولياء بعض يعني الولاية للأمة في الحكم بعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وليس الامام منصَّب من قبل الله تعالى ، فآية ﴿ إنما وليكم الله ﴾ نغض النظر عنها أو آيات أخرى في ولاية أمير المؤمنين نغض النظر عنها ونركّز فقط على بعض الآيات ونترك البقية ، فيوجد كلام وجدل فقهي وتفسيري في تفسير آية ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ فهل هذه ولاية حكم أو ولاية أخرى وما هو معنى ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ ؟ ، ولي ومولي وتعرف أنَّ الولي قوّام مثل ﴿ الرجال قوامون على النساء ﴾ وليس العكس ، أما هنا إذا كان المؤمنون بعضهم اولياء بعض فما هو معناها ؟ على أساس نخرج من نفس هذه الآية أنها أصلاً ليست متعرضة لولاية الأمة على الحكم ، البعض استدل به على ولاية الفقيه تأتي في البيع او ولاية الأئمة عليهم السلام هي الأصل وولاية الفقهاء نيابية وهي ولاية الأمة ، الحكومة الاسلامية كيف تكون ونظام الحكم كيف يكون ، فمن احد الآيات الكريمة التي يستدل بها ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ ، فلو كانت هذه الآية الكريمة كما يخيّل هكذا تفسّر فكيف مؤمن ولي لمؤن للثاني والثاني أيضاً ولي الأوّل فهل يوجد توالٍ أو دورٌ أو تدافع أو تناقض أو ماذا ، فهذا نوع من التدافع ؟!! ، فدعونا نفهم مفاد الآية الكريمة ﴿ المؤمنون بعهم أولياء بعض ﴾ إذا فسّرنا الواجب لكفائي بشكل واضح ، الآن بعبارة عصرية سهلة أفسّر الآية الكريمة نذكرها ولكن بعد ذلك ندخل في تفسير صناعي فقهي لها ، معنى ولاية الأمة أي ولايتها في المراقبة والأخذ بمسؤولية معونة ونصرة الامام المنصوب من الله تعالى فلا يوجد تدافع فهي في هذا المقام ، وهذا شيء إجمالي ولكن دعونا الآن بشكل صناعي فقهي تفصيلي ، يعين نرجع إلى نفس الوجوب الكفائي ، هو ﴿ المؤمنون بعضهم اولياء بعض ﴾ يعني أنت مسؤول يعني ان الله تعال أعطاك نوع مساءلة وولاية ، فأنت مسؤول تقوم بهذا ، نفس المسؤولية يعني هو إذن من الله تعالى أن نقوم بهذا العمل ، فهو إذن وترخيص ، إذا لم يسألك ويأمرك بان تقوم وحينما يأمرك أن تأمر بالمعروف ويأمرك أن تنهى عن المنكر فهل أعطاك نوع ولاية أو لا ؟!! تتدخل في شؤون الآخر ، بخلاف الغرب الآن يقولون لا تتدخل في شؤون الآخر ، وطبعاً التدخل المعقول المنظّم المرتّب وليس الحاد ، فحينما يعطيني الله تعالى أمراً بأن أنهى عن المنكر أو أدفع المنكر فهذا معناه أنه نوع ترخيص في أن أتدخل في تصرف الآخر ، وهذه ولاية ، وهي محدودة بموازين وشروط وقيود وهلم جرا ، كما أنه يعطي الآخر كذلك فإذا رآني أفعل المنكر أو غير ذلك فهو ينهاني عنه ، إذا التوالي موجود ولكن من دون تدافع ومن دون تناقض ، نوع من المسؤولية عن الجوّ العام سواء كان سياسياً أو غيره ، فالكيان السياسي نحن مسؤولون عن بعضنا البعض في النظام الذي يقام الأمن العسكري الأمن الاقتصادي الأمن الأخلاقي ، كلنا مسؤولون فلا يصير انفلات ، ( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته ) ، فالمساءلة فردية والخطاب فردي ولكن المسؤول عنه أمرٌ عام ، وهذا بدون تدافع ، وهذا شيء واضح.

فـ ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض ﴾ أيضاً شرح آخر لحقيقة الواجب الكفائي ، وهذا مطلب نفيس قرره السيد اليزدي وبعضٌ آخر من فحول محشي المكاسب.

وأيضا يوجد مطلب آخر نفيس حققه السيد اليزدي في الواجب الكفائي والمسؤولية العامة:- وهو أنه أصلاً - فلاحظوا أنَّ هذه المسألة صميمة جداً وجوهرة كالمطلب الذي سبقه وواقعاً الانسان حينما لا يرى هذه الجهود والتحقيقات من الأعلام يضير منه الكثير من هذه الجواهر والفوائد وذللك صح ما يقال أنَّ الفقه فهم كلمات الفقهاء لأنَّ كلمات الفقهاء هي شروح للآيات والروايات وهي تحليليات وشروح عظيمة ، إياك أيها الباحث أنَّ تبعد نفسك عن طبقات كتب الفقهاء ( من استبد برأيه هلك ) ، انفتح على العلماء وطبقاتهم كلها وليس جيلاً واحداً وإنما كل الأجيال ، وجدت الذين ذكروا الحرمة الأبدية لمن زنى بذات بعل ذكرها تقريباً عشر من الفقهاء القدماء وذكروا دليلها من القرآن الكريم وغفل المعاصرون في عصرنا هذا عن دليلها القرآني ، ولو تؤلف رسالة في هذا ولو اننا في كتابنا ( النكاح ) المطبوع ذكرنا نفس الوجه قبل أن نقف على كلماتهم بعد ذلك اطلعت على كلمات ابن براج ثم رأيت أنَّ القضية ليست عند ابن برتج فقط بل وابن إدريس وغيرهما كلهم ذكروا دليلها القرآني على الحرمة الأبدية لمن زنى بذات بعل ، فلاحظ أنَّ الانسان حينما يتكتَّر عن جهود العلماء تضير منه أدلة كثيرة ، لذلك يقال الفقه هو فهم كلمات العلماء يعني هذه جهود ألف سنة من الجهود لجمهرة من الأسود فلا يصح أن يستبد الانسان برأيه فإنَّ هذه جهود في الفحص عن الروايات وفي جواهر الآيات والروايات فهل تظن أن تستطيع أن تستغني عن الآلاف من العقول النابغة ؟! كلا إنَّ هذا غير صحيح ، فيوجد عشرة من الفقهاء ذكروا دليلاً قرآنياً على حرمة الزنا بذات بعل حرمة أبدية.

فهناك نكتة نفيسة أخرى ذكرها السيد اليزدي وغيره ولكن الذي ذكرها عمدةً هو السيد اليزدي:- وكان تحقيقه الذي سبق هو في حقيقة الوجوب وحقيقة الواجب ، والآن يذكر نكتة نفيسة أخرى فيقول:- إذا دققنا في الوجوب الكفائي محال أن يكون هو نفس ما نتصوره من الواجب الكفائي فإنَّ هذا ليس هو الواجب ، مثلاً الواجب هو دفع العدو داعش عن أراضي الوطن والمقدسات يقول إنَّ هذا ليس هو الواجب ، لا أنه ليس بواجب ولكن ليس هو الواجب الذي نتصوره في الواجب اكفائي ، مثلا رفع الحجر أو عمارة المسجد الحرام فإنَّ هذا لا يتم بشخص واحد ، يقلو نفس هذا الذي تراه وصورة هو الواجب الكفائي بالدقة ليس هو الواجب الكفائي ، بل أصلاً محال أن يكون هذا هو الواجب الكفائي ، لأن هذا بنفسه غير مقدور بالنسبة إلى الفرد ، فبالنسبة إلى الفرد تعال صد كل داعش فهذا غير مقدور له ولا فعل الآخرين مقدور له ، فلا فعل الآخرين مقدور له ولا طاعة الآخرين مقدورة له ولا هو يستطيع ان يقوم بهذا الواجب ، فإذاً دفع داعش عن أرض الوطن وحماية المقدسات أليس هو واجب ؟ يقول نعم هو واجب - عنوانه واجب - ولكن بالدقة ليس هو الواجب وإنما لو دققنا الواجب هو شيء آخر ، فهو يقول بالدقة الواجب ما هو المقدور لهذا الملف وهو إعداد لإنجاز هذا الواجب الجماعي ، الإعداد ﴿ حرّض المؤمنين ﴾ على هذا ، الإعداد هو أنك تقوم ببقية الاعدادات والمقدمات من جهتك وذاك من جهته وذاك من جهته فالمقدور بالدقة في الواجب الكفائي هو مقدمات الواجب الكفائي لا نفسه ، مقدمات وتقديم يعني اعاد وتهيئة.

وهذا التفسير عجيب وخطير ، وهذا عين ﴿ وأعدوا لهم من قوة ﴾ ، فهو لم يقل امتلكوا القوة وإنما قال الباري تعالى أعدوا فالإعداد هو الواجب ، ﴿ وأعدوا لهم منا استطعتم من قوةً ﴾ ، ، والخواجة نصير الدين الطوسي التفت إلى نفس هذا المطلب وصارت عبارته كأنها آية في عقائد الشيعة ، فكلامه صار مثل القاعدة العلمية العجيبة ، فهو يقول عن صاحب العصر وتلزمان عجّل الله تعالى فرجه الشريف ( وغيبته منّا ) أي بسبب تقصيرنا ، يعني عدم قيام دولة العدل لأهل البيت سببها منّا لا نهم عليهم السلام مقصرون وإنما سببها منّا ، فلاحظوا الخواجة نصير الدين الطوسي لا انترنيت موجود ولا طائرة موجودة ودولة المغول لا أيران والعراق وسوريا فقط وإنما هي دولة شرق اوسطية كلّها ماذا صنع الخواجة نصير الدين الطوسي بها ؟ إنه ذهب وغير رأس الحكم من مخالف إلى مؤمن هو وهذا الفحل الثاوي عند رجلي أمير المؤمنين عيله السلام وهو العلامة الحلي ، فهذان الفحلان الفرقدان الاستاذ والتلميذ إلى الآن محل سُبَّة للطرف الآخر وحقد بأنه ما الذي صنعاه ؟!! ، يعني الخواجة نفه كتبها ( وغيبته منّا ) ما الذي هو رآه أن يهيئ الأمر لصاحب العصر والزمان ؟ يذهب إلى قلب النظام ويؤدي ما يستطيع ان يؤديه وقد ادّاه ، وإلى اليوم ما انجزه الخواجة نصير الدين الطوسي في زمانه من دهاء مع تلميذه العلامة الحلي إلى اليوم يولول الطرف الآخر ، فهذه خطوة ، قال ( وغيبته منّا ) اعداد ، فهذا المقار هو قام به وهو كان أعلم العلماء الخواجة نصير الدين الطوسي والعلامة الحلي أعلم العلماء ، فكيف تقول أين أنتم وكيف لكم هذا الكلام ؟!! فنقول أنتم لا تعرفون ما هي المسؤولية فإنَّ المسؤولية هي هذه وهذا العلامة الحلي هذا أستاذه الخواجة نصير الدين الطوسي.

فهنا إذاً يقول السيد اليزدي بأدلة متعددة - سنستعرضها إن شاء الله تعالى - من الأوّل أنت فسرته اشتباهاً وجعلت كل المسؤولية تقع جامدة على الأرض ، من الأصل أصلاً الواجب الكفائي هو الاعداد لا نفس الايجاد ، وهذا بحث عجيب غريب ومهم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo