< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/06/12

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: قاعدة وجوب دفع المنكر.

مرّ بنا أنَّ الأعلام في هذه المسألة ، ورحمة الله عليه السيد اليزدي رأيت عبارة عنده عبارة صناعية جملة ولو أنها ليست في هذه المسألة وإنما هي في المسألة الآتية والمرتبطة بهذه المسألة أيضاً يقول إنما يعنون الفقهاء المسائل بعناوين وأمثلة جزئية - ومقصوده من جزئي ليس الجزئي الحقيقي وإنما جزئي اضافي - مع أنَّ مرادهم ليس تلك المسألة الجزئية وإنما يعنونها بعناوين جزئية تبعاً لكون هذه العناوين الخاصة وردت بها النصوص الشرعية ، وإلا فاستنباطهم - وهذه نكتة صناعية فسها فائدة لطيفة - وتقريرهم لنتيجة الاستنباط ليس خصوص تلك العناوين الجزئية وإما هي جرت مجرى المثل حافظ عليها الفقهاء تنبيهاً على خصوصية ورودها في النصوص يعني مثل كأنما فهرسة أدلة ، لا ان مرادهم واستظهاراتهم من النصوص أنَّ المراد بالأدلة تلك العناوين الخاصة وهذه نكتة مهمة في أن أحد موجبات مدارية العمومات كميزان في الاستنباط مداريته مقدمة على النصوص الخاصة هو أنَّ النصوص الخاصة كثيراً ما تأتي من باب أنَّ المورد لا يخصص الوارد ، فهي كثيراً ما تكون مضرب مثل ، لذلك هذا بحث مهم نستطيع ان نخرج به كصناعة فقهية عظيمة أن الخاص يقرأ ويفسَّر بالعام لا ما يتخيل أنَّ العام يفسَّر بالخاص ، بل الأصل في الاستنباط والموازين أن الخاص يعرف بالعام وإلا لا تعرف حقيقة الخاص إذا لم تفسّره بهذا العام وإذا لم يكن هذا العام فعام ثاني أو ثالث أو مجموع الثلاثة مثلاً ، فهذه نكتة مهمة جداً في قبال المسلك السطحي الجمودي على ألفاظ الآيات أو الأحاديث مسلك الفقهائي أو مسلك الملكة ، الفقيه الذي هو يعمل الفهم في فهم العناوين الخاصة الواردة في الأدلة يفسّرها بالأدلة العامة ، مثل الحديث يفسر بعضه بعضاً والقرآن الكريم يفسّر بعضه بعضها والقرآن يفسّر بالسنَّة الشيفة ، والسنَّة تفسَّر بالقرآن ، يعني مجموع منظومة أجلة واحدة من دون تفكيك معيَّة الثقلين بلا شك ومعيَّة العقل في تعلمه منهم.

فعلى أيّ تقدير هذه نكتة مهمة في الفرق بين مسلكين ، وأنا لا أريد أن أعنّف في التعبير وإن كان هذا التعبير يعبر به الشيخ المفيد والطوسي والمرتضى والقدماء وابن إدريس وحتى المحقق الحلي مسلك سطحي قشري أو مسلك محدّثين من دون أن يكون المراد به الازراء بالمحدثين وإنما المراد به فقط جنبة ألفاظ جمود على ألفاظ ، يوجد تعبير لطيف للسيد اليزدي في حاشيته في المسألة اللاحقة بيع السلاح على أعداء الدين هناك هذا التعبير فهو كما تعرفون عنده تنمر في العارضة الفقهية مع قوة صناعية وهذه جمعها من النوادر جمعها السيد اليزدي في نفسه ، فالمقصود هو هذا المطلب ، وهذه فائدة معترضة ولكنها مهمة وهي تبني الملكة الاجتهادية بدلاً من أن تكون ملكة محدّث او نصوص متوزعة متناثرة متبعثرة عن عضها البعض ، لاحظ أنت إذا فسّرت الخاص بالعام اكتشفت الرباط والارتباط بين الأدلة أما إذا جمدت على الخاص بما هو خاص فقد بترت الأدلة عن بعضها البعض وبعثرت الأدلة عن بعضها البعض ، وهذا هو الفرق بين الفقيه والمحدّث ، الفقيه يلتفت إلى أن المنظومة في الباب كيف هي ، يعني يعمل الفهم نفر ليأخذ الحديث يروي فالنفر يعني الرواية ولكن المهمة ما بعد الرواية هو الفهم ، ليتفهموا في الدين فـ ﴿ ليتفقهوا في الدين ﴾ يعني ليتفهموا في الدين فنظام الفهم مهم بموازين الفهم والثوابت وإلا الجمود على الالفاظ ليس معنى التعبد هو هذا والعجيب أن الكثير يعتقد أن التعبد هو الجمود على الألفاظ ولا تفهمها ولكن ما قال لك أن التعبد هو الجمود على الألفاظ ؟!!، قريباً بعث لي أحد الاساتذة سؤالاً وقد أجبته فهذه البحوث التي يعبر عنها الأصوليون بالتمهيدية فصاحب الكفاية ذكر ثلاثة عشر مقدمة قبل أن يدخل - في الكفاية الجزء الأوّل - في بحث الأوامر ، فأنا ذكرت لهذا الأخ وقلت له أنا في قناعتي القاصرة هذه الثلاث عشر مقدمة هي ليشت مقدمات وإنما هي من صميم علم الأصول ويوجد ابتلاء يومي بها ، ولها ثمرات عظيمة في يوميات الفقه والاجتهاد ، منها لاحظ هنا في بحث الأصول في هذه المقدّمات أنَّ الفقيه لا يجمد على الألفاظ بل لابد أن يعمل الفهم يعني يحلل هذا العنوان الوارد من باب الصحيح والأهم والمعاملات أو العبادات أو الحقيقة الشرعية أو الحقيقة اللغوية فهذه من الأوليات الضرورية لطبخ الاستنباط ولابد من فهمها فإن هذا فهم وليس جموداً على الالفاظ وإلا ففي يجتهد وأين الفقاهة وأين الفهم ؟!! أول شيء يبذله الأصولي بحث الوضع اللغوي ثم الحقيقة الشرعية ثم أنواع الاستعمال ومراتب الدلالة وهذا يسمّونه الآليات الضرورية الأولية لبدايات الاستنباط إذا لم يعرفها كيف يستنبط وكيف يصير فقيهاً وكيف يفهم فهل يجمد على الفظ ؟!! ليس معنى التعبد الجمود على اللفظ ، التعبّد هو كما أراد الشارع من المعنى ، وأيّ معنى الذي اراده الشارع فهل أراد هذا اللفظ او المعنى ثم هل هو المعنى التصوري أو الاستعمالي ، والاستعمالي تصديق او هو تصوري ؟ الاستعمالي تصديقي أما التصوري فهو تصوري ، ولماذا ؟ لكي تقول إنَّ هذا المعنى أرادة ، فأراده يصير جملة وحينما يصير جملة يصير تصديقاً ، أو أراد المعنى الاستعمالي أو أراد المعنى التفهيمي أو أراد المعنى الجدي وهذه كلها في المعنى المطابقي أو الزامي خذ يميناً أو خذ يساراً وهكذا.

فالمقصود أنَّ الاجتهاد له أوليات ضرورية ، يقال التعبّد توقيف ، نعم هو كذلك ، ولكن افهم هو عبدّك بماذا ، فهل عبّدك باللفظ أو عبدك بالمعنى أو بمعنى المعنى ..... ، فإنَّ الكلام في هذا ، ( ربَّ حامل فقهٍ إلى من هو أفقه منه ) يعني الفقه والفهم أنك تفهم الفهم يوصلك إلى المراد فذاك الفهم هو تعبد لا اللفظ هو التعبد ، ولا اللفظ الاستعمالي تعبد ولا المعنى الاستعمالي تعبد ولا المعنى التفهيمي تعبد وتوقيت ، فعلى كلٍّ آليات الفقاهة والاستنباط شيء مهم ، فراجعوا عبارة السيد اليزدي فإنها ثمينة.

فهذا أيضاً مثل ، وهو دائماً يقول التفتوا أيها الباحثون أن العناوين التي عند الفقهاء هي أمثلة ، فأنت خذ الموضوع الكلي وانتبه إلى ذلك ، فهذه عبارة ثمينة جداً من شخص متبحّر في الفقه ذكرها في أول مسألة بيع السلاح على الأعداء فراجعوها ، يريد أن يفتي فتوى لا أنها فتوى فقهية ولا فتوى أصولية بل هي فتوى في منهج الاستنباط فيقول إنَّ أغلب الأمور التي يذكرها الفقهاء هي أمثلة لا أنه مرادهم عين الموضوع بل عين الموضوع ، وهذه نفثة من نفثات الاستنباط ذكرها السيد اليزدي لملكة الاستنباط والاجتهاد ، فأيضاً دعوى السيد اليزدي كمثال وهو بيع العنب أو التمر أو العصير العنبي على من يعلم أنه سيصنعه خمراً.

واللطيف أنَّ السيد اليزي يفرق بين الأمثلة هنا فيقول هنا يوجد فرق بين بيعه على خمّار أي شركة خمور ، أما أنك تبيعه على من تعلم أنه سيصنعه خمراً وهذا كمثال فهو يعبّر عن شركة الخمر بالخمّار والخمّار باصطلاحنا العصري هي شركة خمور وبين أن يبيعها على من يعلم أنه سيصنعه خمراً ، مرّ بنا أنه في هذه المسألة كمثال وليس حصراً بهذا المثال أنه وردت طوائف ثلاثة وهذه الطوائف الثلاثة أنه هل بينها تعارض أو لا أو بينها تفصيل وكيف نجمع بينها فإن هذا محل لغط بين الأعلام بعد أن تحرر المسألة في الملائمة والعلاج بين هذه الطوائف الثلاث لماذا تعالج القواعد العامة ؟ ، مرّت بنا قاعدة حرمة الاعانة وانتهينا إلى نتيجة ولازلنا لم نستثمرها في كيفية الجمع بين الطوائف الثلاثة ، ومنها اثار الأعلام قاعدة وجوب دفع المنكر ، ومن أين استخرجوا هذه القاعدة وبأيّ مدى يلتزمون بها؟ ، وما الفرق الصناعي الفقهي بين موضوعها وبين موضوع حرمة الاعانة على الاثم ؟ مر بنا كأنما يوجد عندنا أربع قواعد وهي حرمة الاعانة على الاثم وحرمة التعاون على الاثم والعدوان ، فهاتان قاعدتان في هذا الجانب ، أما القاعدتان اللتان في ذلك الجانب فهما النهي عن المنكر ودفع المنكر ، وما هي الفوارق في الموضوع بين هذه القواعد الأربع ؟ إنَّ هذا يحتاج إلى حذلقة فقهية حذلقة الصناعة الفقهية والذوق الفقهي والعارضة الفقهية لكي لا يخلط الانسان بين زوايا القواعد التي تتناوش كأنه موضوع متقارب ولكن يوجد بينها فوارق ، وعمداً أنا أرثته واليوم أثيره ولا أجيب عليه حتى تدققون في المطلب.

فعلى أية حال هذه قاعدة وجوب دفع المنكر من أين استخرجها الأعلام وإلى أيّ مدىً يلتزمون بها ؟

هنا نركّز وهو أنَّ جملة من الأعلام في العصر الأخير - أي هذا القرن الأخير - استشكلوا في قاعدة وجوب دفع المنكر أن يلتزم بها بسعتها عين الاشكالات التي مرت في حرمة الاعانة على الاثم إذا التزم بها بسعتها ، من ضمن تلك الاشكالات أنه لو كان الواجب وجوب دفع المنكر بسعته إذاً يجب أن نعطل الكثير من الأنشطة الاجتماعية والمعيشية والدينية بغرض دفع المنكر ، مثل الاحتفال الديني تعلم أنه سيحصل فيه كذا وكذا أو الحج إلى بيت الله الحرام يصير فيه كذا وكذا فأنت تمنع فتقول إنه لا أحد يلتزم بهذا الشيء ، أو تجارة أنت تعلم بأنَّ هذه البضاعة عشرة بالمائة أو عرشين بالمائة منها لو جلتها إلى المجتمع سوف تستخدم في المعاصي ، بل نصف المجتمع سوف يستخدمها في المعاصي فعليك أن لا تجلب هذه البضاعة في التجارة ، وكذلك آليات معينة ، أنت تفتح معهد تعليم وتدريب وأنت تعلم أن نسبة مئوية ممن ينتسب إلى المعهد في التدريب سيستخدم هذه الكفاءة في زعزعة أمن البلاد ويجنّد إلى الخارج وغير ذلك.

وقد أشكل على السيد أبو الحسن الأصفهاني في شيء معين فقال أنا أدري أنَّ الشجرة الكبيرة لا يصل إليها ماء إلا أن يصل إلى الحشائش المضرّة فهنا لا يمكن قطعه عنها.

فالآن هذا مركز تدريب أو تأهيل أو بضاعة تبيعها فهناك مؤمنون يستخدمونها في الطاعات وغير ذلك فهل أنت تريد أن تسد باب دفع المنكر فسوف يتوقف كل العمل الاجتماعي والسلوك الاجتماعي والمعيشة الاجتماعية كلها سوف تثقف ، وايضاً توجد وراية لطيفة وهي ان النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين عليه السلام ايضاً يخاطبان العابي بن بعبد المطلب أو عبد بن عباس ( يا أبا الأملاك ) لأنَّ العباسيين ينشأون من سلالة عبد بن عباس بن عبد المطلب وسيعيثون في الأرض فساداً وسيقتلون ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال هل أهذب اعقم نفسي ؟ فقفال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم:- فقال له كلا بل جرى القلم ، فقضية دفع المنكر ليست بهذه الطريقة ، مع أنه عندنا في قصد الخضر مع النبي موسى عليه السلام قتل الغرم سببه وحكمته أن هذا الغلام سيسبب ممانعة تولّد سبعين نبياً ، وسبعين نبياً هذا حرمان كبير للبشرية فقتل هذا الغلام لأجل هذا الشيء ، وطبعاً هذا ليس حكماً كيف تخريجه الفقهي حيث اعترض النبي موسى على الخضر فقال ﴿ اقتلت نفساً بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا ﴾ ، ﴿ وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغياناً وكفراً ﴾ ، فالمقصود أنَّ هذه الموازين طبعاً ليست موازين ظاهرين وإنما هي موازين خفية.

أيّاً ما كان إذا كان باب وجوب دفع المنكر مع أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للعباس بن عبد لمطلب أو لعبد الله بن عباس أنه جرى القلم لا أنه قصة تعقم نفسك ، فالمقصود هو هذا المطلب وهو أنه مجرّد العلم بتحقق منكر سواء كان منكراً على الصعيد الساسي أو الصعيد الأمني أو على الصعيد الحضاري ، الآن مثال العباسيين هو منكر على صعيد حضارة الدين مع ذلك ليس فيس الشريعة أو الدين يلزم بأنَّ العباس بن عبد المطلب لا يتزوج أو أنَّ عبد الله بن عباس لا يتزوج ، أو عبد الله بن عباس لا يتزوج ، كلا ، فإذاً لم يلتزم بوجوب دفع المنكر بلغ ما بلغ ، أصل القاعدة قبل أن ندخل في تفاصيلها هو مبحث مهم وحساس فقبل أن ندخل في كلمات الأعلام أدلة هذه القاعدة ما هي اجمالاً ؟ أدلة هذه القاعدة ذكر الأعلام أنه أي مورد نهى الشارع عن منكر أو أمر بالنهي عن المنكر لازم أمر الشارع لنا بالنهي عن المنكر ، فإنه كما أنه يوجد أمر بالأمر يوحد أمر بالنهي عن المنكر ، أمر بالأمر بالمعروف من بل الشارع ، أمر بالنهي عن المنكر ، لازم الأمر بالنهي عن المنكر هو وجوب دفع المنكر ، أنَّ المنكر لا ريده الشارع فهو مبغوض له ، وهذا من اقوى الاستدلالات التي استدل بها.

وتوجد استدلالات قريبة من هذا الاستدلال ، وهو أنَّ المنكر بالتالي مبغوض للشارع وعقلاً الشيء المبغوض يجب الحيلولة دون وقوعه هذا استدلال عقلي لقاعدة وجوب دفع المنكر ، قاعدة الحسبة يعني بالتالي لما علمنا بأنَّ المنكر منكر ومبغوض للشارع حسبةً والحسبة ليس فقط في اقامة المعروف بل توجد حسبة في الحيلولة عن ووقع المنكر مثلاً دم محترم أو نفس محترمة أو عرض محترمة أو مال محترم خطير واو مصلحة لعامة المؤمنين أو لنظام البشر حتى المستضعفين منهم وغير ذلك نعلم بأنه في جانب الصلاح ، الحيلولة دون الفساد في النظام الكلام هو الكلام المنكر في النظام الاجتماعي هو الفساد والمعروف في النظام الاجتماعي هو الصلاح ، من ابرز مصاديق المعروف هو الصلاح أو الاصلاح أو السداد ومن ابرز مصاديق المنكر في الطابع الاجتماعي هو الفساد ، فمن هذا القبيل هذه جلمة من الأدلة التي ذكروها ، وتوجد روايات في موارد عديدة ظاهرها نفي المطلب وهو أنه دفع المنكر.

وقبل أن ندخل في معمعة التفاصيل والتجاذبات بين الأعلام أعود وأكرر هذا المطلب كي يصير واضحاً حتى لا يلتبس علينا المجادلات العلمية كيف جرت بين الأعلام يعني تجاذبات مفيدة وقيمة جداً فقبل الخوض فيها نعود للتفرقة بين دفع المنكر بالدقة مع رفع المنكر:- النهي عن المنكر مورده إما تلبّس الفاعل بالمنكر فينهى عن المنكر أو مشارفته على اتقان المنكر وهمّه وأنه أقدم وشارف فينهى عن المنكر هذا هو مورد النهي عن المنكر الآن الغرض من النهي عن المنكر ما هو فبين الفقهاء اختلاف فيه ولا نريد الدخول فيه ، وفي الآية الكريمة ﴿ معذرة إلى ربكم ﴾ يعني ليس الغرض أنه يلزم ان يرتدع المنهي عنه بل الغرض أنه أنت تظهر نوعاً من التبري ونوع من التعقيم للمجتمع لأنَّ ظاهر المجتمع يجب أن يعقّم من عرفنة المنكر ، وعرفنة المنكر يعني استحسان المنكر استحسان القبيح ، ومن أعظم آليات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الإعلام أمس مرّ بنا أنَّ كل الدين يقام بالأمر بالمعروف والنهي عن النكر ، فلاحظ أنَّ الأعلام كم هو مهم وكم تستطيع أنَّ تقوم الحوزة العلمية بدور في الإعلام وسيما الإعلام بآلياته العصرية ، من دون أن يتلوث البث الديني بالفساد العصري وما شابه ذلك ولكن لابد من بحث الإعلام ، فالإعلام شيء مهم جداً في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصلاً في إقامة التربية الصالحة للمجتمع ، من بيده إعلام ستطيع أن يربي المجتمع كيفما يشاء ، وطبعاً الإعلام ليس فقط الصحافة والشاشة وغير ذلك وإنما الاعلام آلياته منظومة كبيرة جداً ، نفس حتى التمثيل والأفلام والحلقات والمسلسلات هي من اعظم أنواع الإعلام ، وابتعاد الحوزة العلمية عن هذه الآليات خطير لأنَّ هذه الآليات هي المؤثرة الآن ، يعني تشكيل جامعة فنون تشكيلية من دون محرّمات في النجف أو في كربلاء أو لا أقل في الكوفة فهي ضرورة لأنه الآن احد آليات الاعلام هي قضية نفس التمثيل والفنّ ولا يحتاج إلى استدلال لا غير ذلك كأنما يرسخ الفكرة الصالحة في النفوس بلا أي استدلال معقد فكري وإنما استدلال فطري.

فعلى كلٍّ النهوض بآليات الإعلام بإشراف من الحوزة العلمية ولو اشرافاً قريباً مهم جداً ، أصلاً أصل تأسيس جامعة الكوفة حسب ما قال الكبار الذين أدركناهم هو ببركة مراجع النجف قديماً حتى تصير اداةً لتأثير الحوزة على الجانب الأكاديمي ، فعلى أية حال الإعلام شيء مهم جداً ، الآن يسوق الإعلام للواط لأجل أنَّ يعرفن اللواط باسم المثليين وحقوق وغير ذلك ، وكذلك السحاق الذي هو من أنكر المنكرات والآن في العالم كقرية واحدة وهلم جرا ، فالمقصود أنَّ من أعظم أنواع الارشاد والتبليغ وبث الدين قضية الإعلام بمنظومته الكبيرة ، وهو أعظم من أي شيء آخر وله آليات كثيرة ، ومرَّ بنا أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي ادارة ، ادارة البث اليدين ادارة التربية الدينية وليس قصة اندفاع.

دعنا ندقق وهو أنَّ ماهية باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأمس ذكرت دليلاً فقهياً فليس هو اندفاع وهو غير قاعدة دفع المنكر ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما صرح بذلك هو باب يقام به بقية أبواب الدين يعني ادارة ، وللأسف نحن نذهب ليس وإدارة الادارة وإنما نذهب وراء شيء آخر والحال أنَّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو ادارة أمور الدين ، كيفية اقامة هوية الدين ومعالم الدين يعني التفكير فيه أهم ، والخطيط فيه أهم من أي شيء آخر ، وللأسف أُخوِيَ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عن أصل ماهيته ، فماهيته هي وزارة تخطيط باب تخطيط ، مأ التنفيذ فهو يأتي في الرتبة في الأهمية في مرحلة لاحقة ، صحيح أنَّ التنفيذ مهم ولكن التنفيذ من دون تخطيط يكون عبثاً ، وقد ذكرنا شواهد عديدة أمس يمكن مراجعتها وهي أنَّ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي ادارة أمور الدين والتخطيط.

فهذه القواعد يلزم أننفهما بحقيقتها ، ما هي الهوية والماهية لقاعدة ألأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو لقاعدة دفع المنكر ، الآن لكي نعرف هاتين القاعدين عنونها الفقهاء قاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذه قاعدة وباب وقاعدة دفع المنكر ، ودفع المنكر هو قاعدة أخرى ويعبرون عنه بأنه باب توأم مع باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، هذا هو تعبير الفقهاء هنا في المقام ، فهل مرادهم المنكر الفردي أو المنكر الاجتماعي ؟ ، وهل مرادهم المنكر الاخلاقي أو المنكر السياسي ؟ ، وهل مرادهم المنكر الأسري أو المنكر الأمني والاقتصادي ؟ ، فهل نترك هذه البحوث أو أنها ليست مرادة لهم ؟ كيف أنها ليست مرادة لهم ، فالكلام هو الكلام ، هذه الأقسام في المعروف والأقسام في المنكر كيف هي ؟ ، وأمس مرّ بنا أنَّ وجوب دفع المنكر أنَّ من أنكر المنكرات هو الخطر المهدد لبيضة دار المؤمنين أو الخطر المهدد لبيضة دار المسلمين ، فهو من أنكر المنكرات ، وهل وجوب دفع المنكر هو شيء استباقي يلزم أن تفعله أنت ؟ ، فالمقصود أنَّ دراسة هوية الأبواب الفقهية أمر مهم جداً ، لا أننا نغوص في التفاصيل وننسى العمود الفقري والنخاع الشوكي الأساسي للباب ، هذا هو الفرق بين المنهج الفقهي وبين منهج المحدثين ، فإنَّ منهج المحدثين هو هذا وهو أنه نصوص مبعثرة مبتورة عن بعضها البعض من دون أن لتفت إلى المنظومة ما هي ، أما الفقاهة عبارة عن فهم نظام المنظومة ، هوية هذا الباب ما هو هويته ، يعني العمومات الحاكمة فيه والأسيس الحاكمة فيه ما هي هنا يصير إحياء لمعالم الدين.

فعلى أية حال لازلنا في الحديث عن حقيقة هوية ماهية قاعدة وجوب دفع المنكر ما هو ، فهل هو المنكر الصغير أو المنكر الكبير ؟ ، ما هو المعروف الكبير أو المعروف الصغير وما هي هويته ؟

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo