< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/06/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الكلام في قاعدة الاعانة.

مرّ بنا البحث في قاعدة حرمة التعاون على الاثم والعدوان في مقابل التعاون على البرّ والتقوى ومرّ أنَّ موضوع هذه القاعدة الصحيح هو في الأفعال التي لها طابع جماعي مجموعي اجتماعي ، لا أننا انطلاقاً من التفاعل بين الطرفين كي يقال استعمل التفاعل في موارد حتى في الفعل من طرف أو أنه من طرفين ولكن بنحو متعاقب زماناً لا أنه متحد زماناً ، وطبعاً هذا صحيح ، تخاصم ، ترافع ، ترافع في القضاء مثلاً وتعبيرات من هذا القبيل ، فصيغة المفاعلة هنا تستخدم ولكن بقرائن وشواهد عديدة في الآية الكريمة مرّت بنا نفس عنوان البر ليس البر فعل فردي وإنما هو فعل اجتماعي وقد مرت في سورة البقرة ، التركيز على أنَّ البر هو طابع اجتماعي ولاء اجتماعي وما شابه ذلك نسيج اجتماعي ظاهرة اجتماعية ، بناء مجتمعي ومن هذا القبيل وليس البرّ بعد الفعل الفردي ، في مقابل الاثم والعدوان ﴿ ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ ، أصلاً العدوان واضح في أنه بيئة وظاهرة اجتماعية ، ونفس ﴿ وتعاونوا ﴾ الواو والتعاون والعون وذكر العدوان فهذه شواهد عديدة تدل على هذا المطلب كما مرّ ، فإذاً قاعدة التعاون حرمة التعاون يعني حرمة أن ينخرط الانسان ويندرج فطابع انحراف وباطل وفساد سواء كان فساداً اخلاقياً أو فساداً اقتصادياً أو فساداً عقائدياً أي فسادٍ من الأمور ، الصحيح أنَّ القاعدة هي هذه ، فيوجد فرق بين فعل معيّن طابعه فردي افترض حتى لو كان ثنائياً وبين فعلٍ يندرج في منظومة وسلسلة حلقات مرتبطة بظاهرة اجتماعية وما شابه ذلك.

فالآية الكريمة موردها هو هذا ، أما أنه هناك أدلة على حرمة الاعانة بنحوٍ أعم فهذا بحث آخر ، وذكرنا شاهد من الشواهد غير الشواهد العديدة في الآية الكريمة في سورة المائدة ، شاهد آخر ذكرناه عن رسالة الامام الباقر عن سعد الخير وقد قرأناها وهي في المجلّد الثامن من الكافي الصفحة الرابعة والخمسون استعمل فيها التعاون وعدم التعاون على الاثم والعدوان في ما هو من المسؤوليات الاجتماعية والظواهر الاجتماعية.

أيضاً من الشواهد:- ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم:- ( وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال لايزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت منهم البركات وسلّط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء ) ، وهذا الحديث هو الثالث والسبعون بعد الثلاث مائة في التهذيب ، فإنه يوجد تسلسلين للحديث في التهذيب تسلسل عام ويوجد تسلسل خاص وظاهراً أنَّ هذا الحديث ذكره الشيخ الطوسي في التهذيب في أبواب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، تسلسله في كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الثاني والعشرون ولكن تسلسله العام في كل أحاديث كتاب التهذيب هو الثالث والسبعون بعد الثلاث مائة ، هذا الحديث وأحاديث أخرة كثيرة سنقرؤها دائماً تقرن بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وقاعدة التعاون - التعاون على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان - وواضح أنَّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بُعد اجتماعي ظاهرة اصلاح اجتماعي وليس بعداً فردياً.

كذلك في أمالي الطوسي:- في الصفحة المائتين والحادية عشر الحديث الثالث والستون بعد الثلاث مائة المجلس الثامن ، - وتوجد موارد كثيرة ولكن هذه نماذج نأتي بها اقتران بين البابين – ومتن الحديث:- ( وإذا جاروا في الحكم تعاونا على الاثم والعدوان ) ، فهذا طابعه نظام سياسي نظام قضائي ، فقضية التعاون على الاثم والعدوان ليست قصّة أنَّ هذا يُعينُ ذاك ، وإنما مثل ما تقول شبكية أو ظاهرة شبكية طابع مسار منهج لبناء فاسد في قبال البناء الصالح ، ولذا مرّ بنا هذا المطلب من الشواهد ، هذا اللسان في سورة المائدة ﴿ وتعاونوا على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ عين ما هو موجود في سورة البراءة ﴿ المؤمنون بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ﴾ فلاحظ هذا يبيَّن أنَّ قضية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هي قضية اجتماعية طابعها اجتماعي ، حق عام وليس قصة حق خاص ، وفيها نفس اللسان ونفس الكلام وسيأتي بحث صناعي دقّي في أنه ما الفرق بين باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبين باب التعاون الفرق الصناعي في الموضوع ما هو ، أما الآن فنحن في البعد اللغوي والاستعمالي.

وأيضا في مصباح المتهجد.

ولا بأس أن نذكر فائدة رجالية عن مصباح المتهجد:- البعض يعتقد أنَّ مصباح المتهجد هو كتاب من قبيل مفاتيح الجنان وأعظم بمفاتيح الجنان ولكن باعتبار أنه ليس فيه أسانيد وإن كانت المصادر قد كرت فيها ولكن لم تذكر المصادر أو من قبيل كتب أدعية أخرى ، كلا بل كتاب مصباح المتهجد يختلف عن بقية الكتب في الأدعية والزيارات وهو أنَّ الشيخ غالباً يصف هذا الكتاب الشريف الذي بقي إلى ست أو سبع قرون إلى الآن ككتاب مفاتيح كيف هو منتشر الآن بالنسبة إلى علماء وعموم الامامية ، فكتاب مصباح المتهجد خلق سيرة ، خاصية هذا الكتاب أنَّ الشيخ الطوسي يذكر غالباً الراوي الذي يروي الدعاء أو الزيارة ، والراوي حينما يذكره الشيخ الطوسي يعني أنه أخرج هذه الزيارة أو هذا الدعاء من كتابه وإذا اخرجه فإنَّ الشيخ الطوسي قد ذكر طرقه إلى الكتب في نهاية التهذيب ونهاية الاستبصار وفي فهرسته ، فهو في ثلاث كتب الشيخ الطوسي ذكر طرقه فلا يوجد ارسال حتى يشكك الانسان في ذلك ، ومن هذا القبيل زيارة الأربعين ، بل زيارة الأربعين ذكر الشيخ الطوسي السند فيها ، فهي مسندة عن الشيخ الطوسي ورجالها معتبرون عند جماعة كثيرة من الأعلام ، يوجد تصريح أنه حينما تذهب وتزور في أول النهار وغير ذلك.

فعلى كلَّ مشكلة الكثير من النقنقات أزمتها عدم التتبع وعدم الالمام بعلم الحديث ، مراراً هذا المطلب سمعناه من فحول كبار وهو أنَّ علم الرجال بدون علم الحديث هو وزير فضائي أو مشاريع فضائية ، يعني هو شيء فضائي وخيال ، علم الرجال من دون علم الحديث هو شيء فرضي خيالي ، لأنَّ الذي يثبت لك أصلاً هذه القضية وهذا السند وهذا المتن وهذا المصدر هو علم الحديث ، والتساهل في علم الحديث عبارة عن صورية خوائية في علم الرجال ، أنت ماذا تريد ان تبحث ؟ من قال لك أن السند هو هاذ ومن قال لك ان المتن هو هذا ؟ ، ومن قال لك أنَّ السند هو هذا فقط ، أو السند غيره ، أو المتن هو هذا ، أو المتن غيره.فعلى كلٍّ التسيّب والتساهل في علم الحديث يجرّ إلى هلوسات كثيرة ، سواء في علم الرجال أو حتى في المصادر ، فالتشدد في عم الحديث ضروري جداً ، والتشدد يعني يجب أن تراعي الموازين ، أكثر ما يقوله علماء الرجال عن الرواة أنه ضعيف وضعيف لأنه أصلاً غير متمرّس في علم الحديث لا أنه ليس متمرساً في علم الرجال ، فهو لا يفهم أنَّ المتن مقطع أو غير مقطّع وأين المصدر ؟ ، هذا التساهل والتسامح الذي يقال هو التساهل والتسامح في علم الحديث ، يعني لا يتثبت ولا يضبط الحديث ولا يضبط المصادر ولا يعلم أن هذا الحديث مقطوع او غير مطوع ، أمس أحد الاخوة قرأ حديثاً فقلت له إنَّ هذا الحديث مقطوع فارجع إليه ، فلاحظ أنَّ الأُنس بكتب الحديث تلتفت إلى أنَّ صاحب الكتاب حتى لوكان كبيراً من الأعلام فالبارحة كان ابن شهر آشوب قطّع الحديث وأصل الحديث موجود في مصدر آخر أقدم من ابن شهر آشوب والحديث كامل إذا لم تفهم الحديث كاملاً فأصلاً حتى ظهور الحديث لا تعرفه ، فأصلاً تشدد الرجاليين أنَّ هذا ضعيف وأنَّ هذا مخلّط هو لا يعرف تثبتات موازين علم الحديث ، الآن أيضا حدّث ولا حرج من السطحية في علم الحديث وعدم التضلع في علم الحديث تسأله هل هذا هو السند أو غيره وهل هذه هي مفردات السند والرواة الموجودين في السند أو غيرهم ، أصلاً لا يعرف أين يراجع المصدر ، وهذه أزمة في عدم الاطلاع على علم الحديث ، أصلاً السيد الخوئي في كتابه هذه الطبقات بالدقة هي علم حديث ، لأنَّ السيد الخوئي رأى خلطاً في المصادر وفي النسخ وكلامه صحيح ، حتى السيد البروجردي ، أصلاً السيد الخوئي كان مشروعه هو كتاب جامع أحاديث الشيعة وليس علم الرجال ، ولكن حينما رأى السيد البروجردي سبقه في الاعلان عدل عن كتابه إلى المعجم ، حتى قيل أنَّ السيد الخوئي راسل السيد البروجردي فقال له السيد البروجردي كلا فإنَّ شاكلة قناعتي غير ذلك وأنا أمشي على مبناي ، فلذلك لاحظ أنَّ السيد الخوئي يقول ( طبعة عين الدولة في الوسائل كذا ) و ( نسخ الوافي كذا ) ، ( هذه الطبقة كذا ) ، طبعاً مراجعات المستندات ، فأنت لا تراجع السندات إلا مع المستندات أين تراجع أيّ شعبة وأي دائرة وكم ملف عندك ؟ ، ونحن لا نريد الدخول في هذا البحث وإلا سوف نخرج من الفقه إلى البحث الرجالي والحديثي ، أصلاً التساهل في علم الحديث يعني أن النتيجة التي تأخذها في علم الرجال لأي شيء هي نتيجة فضائية لا لبَّ فيها ، علم الرجال إنما يثمر إذا كنت متضلعا ًفي علم الحديث وتعرف المتون والسند كم هو وهل نسخ التهذيب المطبوعة واحدة أو غير ذلك ، وكذلك الكافي أنَّ أسلوب منهج الكليني في الكافي ما هو ؟ ، فعليك أن تعرف المصادر جيداً وتنقح المصادر والمستندات جيداً ، يقول شخص: هذه الرواية الواردة في زيارة الأربعين ضعيفة ، ولكن نقول: هل أنت راجعت المصادر ؟ فمن دون أن يراجع المصادر ويلم بها كلها تامة ، يصير اطلاق كلام عشوائي ، وطبعاً من نفس بحوث علم الحديث ومن أحد أبواب علم الحديث المهم هو اعتبار الكتب ، وأن أي كتاب كم هو اعتباره فهل هو صاعد أو نازل أو متوسط وهلم جرا ، فعلى كلٍّ هذا بحث طويل الذيل ، وسبب طعن الكثير من الرجاليين في الرواة مثلاً الفضل بن شاذان لماذا طعن في سند وياد الآذري ؟ إنه طعن فيه لأنه يخلط الاسانيد ، وهذا ليس بحث علم رجال وغنما هو بحث علم حديث ، اعرف هذا السند لهذه الرواية ولتلك الرواية وما هو معنى التعليق في الأسانيد فهذا اصطلاح مرتبط بعلم الحديث وليس مرتبطاً بعلم الرجال ، وغيره وغيره ، أصلاً جل قضية الضعف والطعن هي بلحاظ علم الحديث ، وعلم الحديث من دون أن يمارس الانسان ويطالس كتب الحديث فهارسها وفهرست كل كتاب ومقدمة كل كاتب وأسلوب كل كاتب في كتاب الحديث ، الطوسي ما هو فرق أسلوبه في أماليه عن أسلوبه في التهذيب والاستبصار ؟ ، فهذا منهج عليك أن تراجعه ، ولا يصح أنَّ لا تراجعه ، ما هو فرق الشيخ الطوسي في هذه الكتب الثلاثة عن الكتابة مصباح المتهجّد ، أصلاً لماذا مصباح المتهجد تبويبه هكذا وكم تبويب يوجد فيه وكم فصل فيه ولماذا اعتمد هذا التبويب ؟ ، فيلزم أن تلتفت وإلا فهذا حوالة على مجهول وهو نوع تمويه ، بل عليك أن تعرف ما هو المصباح وغيرة من كتب الحديث للشيخ الطوسي ، وربما الكثير لا يعرف أسماء كتب الحديث من المصادر ، فأنت تستند على ماذا ؟!! تقول لي: هذا كم رواية فيه ، والرواية ما هو طريقها وما هو متنها وما هو ظهورها.

فالمهم أنَّ الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد يقول في خطبة أمير المؤمنين عليه السلام يوم الفتح ( وتعاونا على البر والتقوى ) وفي خطبة ( وتراحموا وتعاطفوا ) ، فلاحظ في العلائق الاجتماعية والنسيج الاجتماعي وطابع المجتمع كعادات اجتماعية.

أيضاً من موارد استعمال لهذه الآية الكريمة أو القاعدة الراوندي في فقه القرآن ، وليس فقط الراوندي بل أكثر القدماء استدلوا على مشروعية عقد الهبة وعقد العارية بقوله تعالى ﴿ ليس البر أن تولوا قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله .... وآتى المال على حبّة .... ﴾ أي الكفالة الاجتماعية وهلم جرا ، فهي تقول الهبة فإنَّ الهبة فيها كفالة اجتماعية وأيضاً العارية فيها كفالة اجتماعية ، فهم استدلوا عليها بهذه الآية الكريمة.

إذاً واضح أنَّ البر والتقوى هنا البر نوع من البناء الصالح الاجتماعي والمسؤولية الاجتماعية وليس قصة المسؤولية الفردية في قبال الاثم والعدوان ، حديث الزنديق معروف رواه في الاحتجاج وهو مروي في كتب أخرى ، الصدوق في التوحيد أيضاً رووه ، وعدّة مصادر أصلية قديمة روت هذا الحديث ، وليس الراوي هو زنديق وإنما هو يسأل أسئلة الزنادقة لكي يستفهم جوابها من الامام عليه السلام ولكن المعروف أنه حديث الزنديق ، وهو حديث طويل من خمس صفحات أو ست صفحات ومراراً مرّ بنا أنَّ هذا الحديث الشريف يشتمل على منظومة قواعد علوم التفسير فهو عظيم وعجيب وتوجد فيه بحوث معارف كثيرة عن النبوات وعن الامامة وعن غير ذلك حتى على المعاد فهو حديث زاخر جداً بالعلوم ، نفس هذا الحديث لو يجعل مقرراً دراسياً في علوم التفسير فهذا ممتاز بتعاليق وشروح ، فيصير دورة مختصرة لعلوم القرآن علوم التفسير ، أصلاً تدريسنا لقواعد علوم التفسير هو انطلاقاً من علوم هذا الحديث وقد بقينا فيه خمس أو ست أو سبع سنين لأنه حتى قبل أن أبدأ التدريس في الحوزة الشريفة في النجف في التبليغ سنتين في شهر رمضان أما أساتذة جامعيين بدأت فيه ، فالمهم هذا الحديث مهم جداً ، فلاحظ هذا بحث العلم بالمصادر ، أصلاً أحاديث سابقاً تصير منافسة أو تشخيص الأعلمية للفقهاء إلمامه بالأحاديث الأمّ الشمولية والمصادر يلم بها هذا الباب وذاك الباب ، أصلاً نهج البلاغة ما هو تبويبه ؟ والصحيفة السجّادية ما هو التبويب فيها ، التبويب المعنوي لا التبويب رقم الصفحات بالطريقة الاكاديمية فإنَّ هذه لا تنفع ، الصحيفة السجادية كم باب يوجد فيها ؟ ، التبويب يحتاج إلى فقاهة واجتهاد ، فهرسته المعنوية ، نهج البلاغة وغيره من كتب الحديث ، ما هو الفرق بين كتاب تحف العقول في منهجية التأليف والمواد عن متاب الاحتجاج ، هذه هي الدروس ، دروس اجتهادية وليست دروس اخبارية أو محدّثيات ، وإنما هذ دروس اجتهاد.

العلامة بجر العلوم هنا في النجف الشرف وزعيم من زعماء على الأصول درسه في الفقه في البحث الخارج كان يدرّس على كتاب الوافي ، ولماذا اختار كتاب الوفي ؟ هو عنده كلمة في التهذيب فيقول حتى نلتفت إلى المصادر وكيف نلتفت إلى المصادر والأبواب وكيف زائدة أو ناقصة ، فالمهم أنَّ هذه نكات من علم الحديث ، وهذا كلام أمير المؤمنين عليه السلام في جوابه لأسئلة الزنديق والآن أكثر العوز وعدم الاطلاع على الأدلة وعلى المصادر بسبب غياب الالمام بعلم الحديث وبكتب الحديث ، بعمره لم يفتحها ، ومراراً ذكرت هذا المطلب وهو أنَّ السيد الميلاني وهو عبقري الأصول والعلامة الطباطبائي وهو عبقري العقليات تباحثا هنا في النجف عند حضورهما الكمباني والنائيني والعراقي تباحثا في الوسائل من الجلد إلى الجلد متناً وسنداً ونسخةً ، والذي يزيد استغرابي بل يزيد اعجابي هو أنه في الحقيقة أنَّ العلامة الطباطبائي مع كونه عقلياً وغير ذلك دار الكتب الاسلامية أو دار كتب أخرى حينما يريدون أن يطبعون كتاب تفسير كتفسير القمي أو تفسير العياشي أو الكافي يراجعون العلامة الطباطبائي في النسخ ، فلاحظ كيف هو اهتمام العلامة الطباطبائي في النسخ والمتون ، حتى أنهم كتبوا إِنّا راجعنا نسخة العلامة الطباطبائي وأشرف عليها ، فلاحظ كيف هو اطلاعهم وكيف هو اطلاعنا فهو بعيد جداً ، فأنت إذا لم تطّلع على المصادر مثل شخص يقول أنا أريد بيع هذا البيت أو أشتري هذا العقار ولكن هل ذهبت ورأيت سند الطابو وهل سند الطابو الذي أعطوه لك حقيقي أو مزيّف ، وهل راجعت دائرة العقار بخصوصه ؟ أيّ سند هو هذا وهل هو منطبق على هذا العقار أو أنه منطبق على عرصة أخرى أو على هذه العرصة قبل أن تُقَسَّم ؟ ، فلاحظ كيف أنَّ هذه القضايا في المستندات فهي بالضبط في كتب الحديث بل هي أعظم ، حتى الآيات الكريمة فهم استدلوا بآية فهل أنت راجعت السورة وفتحت المصحف وطالعتها ؟ وهل السورة نزلت في أي موضع ، فنفس القصَّة ، ( فجمع الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه فيكلم بعضهم بعضاً ويستغفر بعضهم لبعض أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل والاتباع تعاونا على البر والتقوى في دار الدينا ) ، فهذا مبحث معاد وأيضاً هو مبحث في القاعدة ، الموالاة الموجودة على أساس الدين والصلاح والبر تبقى في عالم القيامة ، أما في المقابل ( ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضاً الذين بدت منهم المعاصي في دار الدنيا وتعاونوا على الظلم والعدوان ) ، فلاحظ هنا الاثم فسّره الامام عليه السلام بالظلم ، ( على الظلم والعدوان في دار الدنيا والمستكبرون منهم والمستضعفون يلعن بعضهم بعضاً ويكفّر بعضهم بعضا ).

وتوجد موارد عديدة وقفنا عليها ولكن لم ننقلها كلها استعملت فيها قاعدة ( التعاون على البرّ والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ) في المسؤولية الاجتماعية والعمل الاجتماعي والشاكلة الصالحة في العلاقات الاجتماعية وبناء هيكل المجتمع الصالح في قبال الشاكلة الفاسدة ﴿ ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ ، فعلى مفاد هذه القاعدة فثملاً إذا كان هناك شخص يعمل في شركات لتوليد الخمور أو ينسّق معها فهذه صارت ظاهرة أو مخدّرات أو لسلسة قضايا الفحشاء كالدعارة في النوادي الليلية للمجون والسفه والبطر والتفاهة والإسراف في العمر والإسراف في الدين والإسراف في كلّ شيء والعياذ بالله فنعم هذا يدخل في ﴿ ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ﴾ ، أما خصوص بيع معيّن يعلم أنه يبيعه ممن يجعله خمراً من دون أن يكون هو تنسيق فلا يشمله هذا ، وحتى تعبير مشهور الأعلام يقولون ( إذا قصد ) و ( قصد ) افترض هو اصطلاح قديم ، وإذا أردنا أن نعبّر تعبيراً عصرياً فمعنى ( قصد ) يعني تواطأ وتبانا ، فإذا صار عن تواطؤ فهو يصير ضمن الشرّ وسلسلة من أعوان أهل المعاصي ، فإنه إن لم يكن من أعوان ولاة الجور يصير من أعوان أهل المعاصي.

إذاً مورد القاعدة هو في هذا المجال فإذاً ليس مطلق البيع ، سيما أنت الآن تبيعه في سوق عامة وليس في شبكة معيّن وإنما سوق عامة ضمن مقررات محللة تبيع العنب أو تبيع التمر ولكنك تعلم أنَّ هذا من شانه أنه يصنعه خمراً وليكن ذلك فأنت لست منخرطاً في ذاك الجانب ، وإنما ذاك الطرف يريد أن يستفيد من الموارد المحلّلة أو من الموارد الطبيعية السالمة للدولة في شبكات مدمّرة للمجتمع وأنت لست منخرطاً معه ولكنه هو يستفيد ذلك ، كما يستفيد من موانئ الدولة ومطاراتها لتدمير اقتصاد البلد ولتدمير زراعة البلد ولتدمير ثقافة البلد ولتدمير عفّة الناس ولتدمير الهوية الوطنية فهذا هو الذي ذهب إلى ذلك الجانب ، لا أنَّ الانسان هنا دخل معه في تعاون ، الآن هو يحرم من جهة أخرى فهذا بحثٌ آخر ، أما التعاون على الاثم والعدوان فلا يصدق لو كنا نحن وهذه القاعدة ، ولازال البحث في قاعدة الاعانة ولم ندخل لحدّ الآن في البحوث الصناعية ، وسندخل فيها بشكلٍ مفصّل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo