< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/05/20

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: المسألة الثالثة وهي بيع العنب لمن يعمله خمراً.

الآن نحن في المسألة الثالثة أدلة المسألة الثالثة إذا تمت لا ريب أنها تشمل المسألة الثانية والأولى ، إذا تمت الأدلة سواء في الحرمة التكليفية أو الوضعية أو كليهما فلا ريب انها ستتم في المسألة الثانية والأولى ايضاً ، لأنَّ مقتضيات الحرمة الوضعية أو التكليفية في المسألة الثالثة أضعف منها في المسألة الثانية ومن المسألة الأولى وأشدهن كما مرّ المسألة الأولى وبعدها في الرتبة الثانية المسألة الثانية ، المسألة الأولى أن يشترطا المنفعة المحرمة في البيع أو في الاجارة او في أي معاوضة على ما مرّ من حقيقة الشروط متنوعة ، ولا ننسى أقسام وأنواع الشروط وكما مر هو مبحث غامض معقد وكبير وكثير الفائدة في كل المعاملات بل حتى في الايقاعات بل في موارد عديدة.فالمسألة الأولى فيها تشارط من النوع الثاني ، النوع الثاني لأنه في المنافع في العين التي يقصد منها الحرام ، فالمسألة الأولى إذا تشارطا مع أن لها منفعة محللة ومحرمة ، أما المسألة الثانية أن تكون فيها هيئة أو صفة محرمة توجب الحرمة وإن لم يتشارطا ، فهي فيها منفعة محللة وفيها هيئة أو صفة توجب الفعل الحرام مثل المغنية ، أما المسألة الثالثة أصلاً لا يوجد تشارط في البين ولا هيئة أو صفة توجب الحرام كالعنب أو الخشب أو غيره أو الحديد أو غيره فهذا يمكن فيه الحلال والحرام ولكن يعلم البائع أو المؤجّر أنه سيستخدمه في الحرام ، هذه المسألة الثالثة كما مرّ بنا أمس بعد فرزها عن المسألة الأولى والثانية أيضاً هذه المسألة على صور وليست على صورة واحدة.

وربما ذكرت هذا المطلب بإيجاز واجمال والآن نذكره ببسط أكثر:- قديماً اصلاً عارضة الفقهاء وتضلع الفقيه إنما يعرف بدقته ومداقته وتدقيقه في الفرض الفقهي ، وما هو الفرض الفقهي ؟ يعني قبل ان يبحث عن حكم المسألة ومحمول المسألة يركّز ذهنه في اطار وقالب موضوع المسألة ، وهذه حذاقة مهمة ولوذعية مهمة وألمعية مهمة أنَّ الانسان يدقق في نفس الفرض الفقهي ، نفس فرض المسألة سواء كان في الفقه أو غير الفقه وهذا شيء مؤثر وهم جداً ، أصلاً ينتبه إلى أن اضافة قيد أو عنوان أو حيثية يوجب تعدد المسألة فهذا معناه أنه توجد عنده نباهة ، أحد المناهج الذي ربما ذكرناه وهو ينسى وهو منهج التشقيق المعروف عن الشهيد الثاني ، وما هي فائدة التشقيق ؟ فائدة التشقيق هو أنَّ هذه المسألة التي قد تفرضها وقالب موضوعها واطار موضوعها واحد حينما تدقق تراها موضوعات وصور وليست صورة واحدة ، أما المحقق الكركي فلا جنبة التحليل عنده مثل المحقق الحلي أكثر والعلامة في المعاملات عنده هه الجنبة ، فعلى كلّ التشقيق مهم ، اصلا قبل الوصول إلى حكم المسألة وموضوعها نفس موضوع المسألة دقق فيه ، لذلك هنا نلاحظ أنَّ الأعلام قالوا هنا في المسألة الثالثة التي هي عين فيها منافع محللة ومحرمة يعلم البائع او المؤجر أو المعاوض كعامل مضاربة أو مالك مال مع عامل مضاربة أو أي متعاقد موجب وقابل لقبول العقد فهذا الموجب سواء كان من باب أبرز الأمثلة البيع ، ومراراً مرّ بنا أنَّ البحث هو بحث المكاسب المحرمة وليس بحث البيع ومكاسب محرمة يعني أعم من البيع ولا يتخيل الانسان أن بحث الأعلام في البيع حصري ، كلا أبداً بل من باب أنه أرز المصاديق وإلا قد هذه الضوابط التي يذكرونها في باب البيع إذا اردت تطبيقها في المضاربة والمزارعة والمساقاة أو الشركة أو المشاركة تختلف كيفية التطبيق ، وهذا يلزم أن نلتفت إليه ، لأنَّ بعض القضايا هي خصوصيات بيع يذكرونها ، خصوصيات القرض خصوصيات الهبة هو شيء آخر ، البيع ليس شرطاً في صحته القبض بينما في الصدقة وفي الوقف وفي الهبة مثلاً إذا لم يصر اقباض أصلاً العقد لا قيمة له لأنه بعدُ لم يتم أصل صحة العقد لم يتم ، أصلاً الكثير من الآباء يهبون لأولادهم شيئاً ولكنه لا يضع بيده ولا ينقله باسمه ، فهو يقول لأولاده أنا وهبت هذه الدار لهذا الابن الكبير أو الصغير أو المتوسط تقديراً لجهوده ولكنه لم ينقل الاسم في الطابو ولم يسلمه بيده ، فهذه وصية وليست هبة وبعد ان يموت الب تصير ليست هبة منجّزة ، لأنَّ القبض اساسي فيها ، سيما على ما نبني عليه حالياً من أنَّ القبض ليس أن تعطيه المفاتيح فإنَّ هذا ليس قبضاً.

فعلى كلٍّ هذا على ما نتبناه وليس على قول المعاصرين من الأعلام فهم لا يقولون بذلك ولكن ما نتبناه إذا لم تسجله باسمه في الطابو فهذا ليس قبضاً بل يلزم ان يسجله إذا كان له تسجلاً فحتى لو لم تعطه المفتاح مادام قد سجلته باسمه في الطابو فسوف يصير الزمام بيده وهو يستطيع أن يتصرف حينئذٍ ، فالمهم هذا بحث آخر وهو بحث مصداقي عصري وهو أن القبض في العقارات وفي السيارة بماذا وفي الأشياء التي لها تجيل رسمي،.فالمقصود أنّ الذي يذكره الأعلام في المكاسب المحرمة ويطبقونه في البيع يلزم أن نلتفت إلى أنه توجد خصوصيات في البيع وتوجد خصوصيات في الهبة وتوجد خصوصيات في الوقف ، تمشي خطوة خطوة واطاراً اطارا ، وقالباً قالباً ، نعم توجد أشياء مشتركة في بحث المكاسب المحرمة بين العقود وهذا هو الذي يركز عليه الأعلام كثيراً في المكاسب المحرمة.ففي هذه المسألة الثالثة من النوع الثاني العوض والعين الفروض فيها أنها لها منافع محللة ومنافع مرحة ولا يوجد في البين تشارط ، ليس تشارط لفظي فقط ، بعض الاخوان قال لي إنه تواطأ على هذا ، فتواطأ على هذا يعني شرط متبانىً عليه ، والشرط المتبانى عليه كما هو عند الكثير أو على التفصيل أو كذا أنه بمنزلة الشرط المصرّح به هذا بحثه في الشروط ، أيضاً هذا صار مشروطاً ، إنما كلامنا في أنه لا يوجد في البين تشارط لفظي ولا متبانى عليه ، هذه المسألة الأولى ولا في البين هيئة أو صفة توجب للفعل الحرام كالمغنية في الغناء أو الراقصة أو غير ذلك ، أي عنده صفة احتراف للأفعال المحرمة مثلاً ، فالكلام ليس في هذا ن إنما الكلام في المسألة الثالثة في العنب أو الحديد أو كاليورانيوم يستخدم الأمور الصلحية ويمكن أن يستخدم في الأمور الفاسدة ، انجاز علمي نووي يقوم به اينشتاين ولكن يوظفه لدولة معينة تقوم بصنع القنبلة التي تفني في الملايين من الناس ومن هذا القبيل ، فهناك إذاً عوض يعلم البائع - وهذا والبائع كمثال - أنَّ المشتري سوف يعمله كذا ، الآن حتى في السوق مرّ بنا أنَّ البيع يطلق حتى على تمليك المنافع ، وهذا صحيح بمعنى عام وهو مستعمل حتى في الروايات ، وصحيح لا أن ماهية البيع فيه ولكنه مستعمل توسعاً ، فإذا باع البائع على مشتري ولم يتشرطا ولكن البائع يعلم بأنَّ المشتري سوف يصرفه في الحرام هذا الفرض كمسألة ثالثة على صور ، صورة أن البائع قاصد ولكن المشتري ليس بقاصد ولكن البائع يعلم أنَّ هناك بيئة معينة ستقود هذا المشتري إلى التوظيف في الحرام ولكن حين الشراء المشتري ليس بقاصد وإنما الباع هو القاصد ، وتارة العكس البائع ليس بقاصد ولكن المشتري يكون قاصداً ، وهناك صورة ثالثة وهي أنه لا البائع قاصد ولا المشتري قاصد ولكن مع ذلك هناك أخلّاء سوء أو بيئة سيئة ستؤدي بالمشتري إلى استثمار العين في المنفعة المحرّمة ، فهذه ثلاث صور وربما يفرض صور أكثر ، فنفس البحث في هذه المسألة ذو صور ، مع أن هذه المسألة الثالثة تغاير المسألة الثانية وتغاير المسألة الأولى ، وكلّ هذه المسائل هي في مقسم واحد وهو النوع الثاني.واجمالاً نقرأ الروايات الخاصة بلا تمحيص نهائي لنرى أصل اضطراب الأقوال عند الأعلام وتعدد أقوالهم في هذه الروايات.أولاً نقرأ الروايات الواردة في الاجارة:- وهي واردة في الباب التاسع والثلاثون من ابواب ما يكتسب به.الرواية الأولى:- وقد قرأنا سندها وفي نسخة من سندها ورد ( جابر ) ونسخة أخرى ورد ( صابر ) ، فالمهم توجد أكثر من رواية في البين ، وأن ابن مسكان من أصحاب الاجماع والسند إليه صحيح ، وعلى نسخة صابر حسن أو جابر أيضاً حتى لو كان مشتركاً فابرز من الطبقة هنا قابل للتوثيق ، فالمهم إجمالاً السند قابل للاعتبار إذا أردنا أن ندقق حتى رجالياً ، ( قال:- سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يؤاجر بيته فيباع فهي الخمر ؟ قال:- حرام اجره ) فهو لم يقل اشترط ولم يقل البيت مصمم بشكل حانوت شرب ، فثمن الاجارة حرام وضعاً وتكليفاً ، وبلا شك هو حرام وضعاً لأنه مرتبط بالخمر واضح أنه توجد حرمة تكليفية في البين ، فلاحظ هذا من موارد المسألة الثالثة ، وكييف هو من موارد المسألة الثالثة ولو أنه ليس تمحيصاً نهائياً ولكن تمحيص أولي ، ، فكيف هو من موارد المسألة الثالثة ؟ لأنه لا يوجد تشارط في البين ، هيئة خاص في البيت بحيث تحصر انتفاع المستأجر في البيع للخمر ليس بموجودة ، فإذاً هي من المسألة الثالثة ، بيت يمكن أن ينتفع به في الحلال ويمكن أن ينتفع به في الحرام وهل المشتري علم أو لا علم ؟ وأنا نسيت أن أذكر هذا المطلب فبعضهم شقق في هذه المسـألة الثالثة أن البائع يعلم أو لا يعلم أو يظن أو يشك أ يحتمل ، هذه صور للمسألة الثالثة غير الصور الثلاث التي مرت هذه صور ثلاث أخرى وهي يعلم ويظن ويحتمل ، هل هي سواء أم لا ؟ فلاحظ كم شق موجود في هذه المسألة الثالثة وكلّها محل بحث.فإذاً التشقيق ليس شيئاً عبطاً ، التشقيق هو في موضوع المسألة ، يعني تعدد الحيثيات في الموضوع تعدد أنواع الموضوع يجب للإنسان أن يركز عليه ، مع ذلك لاحظ لفظ الرواية ( عن الرجل يؤاجر بيته يباع فيه الخمر ؟ قال: حرام اجره ) بلا تفصيل سواء كان عالماً أو محتملاً أو ظاناً أو هو قاصد أو ذاك قاصد أو الاثنين ليسا قاصدين لو كنا نحن وهذه الرواية ، ولا تقل هنا منفعة خاصة في نفسها لا ماليتها لها وهي منفعة البيع ، لأنه لم يقيدها بنفعة بيع الخمر ، محل التعاقد في منفعة البيع هي المنفعة المطلقة.ولا بأس أن نذكر هذه الفائدة:- يوجد بين الأعلام منهجان أو أكثر في قراءة الروايات واستنباطها فبعضهم يقول المفروض لأنَّ يقرأ الانسان الروايات قبل أن يذهب إلى أقوال العلماء لأنه حينما يقرأ أقوال العلماء أولاً يصير تلوين لذهن الانسان وينظر بنظارة الأقوال ، فالأفضل أن يقرأ الروايات على الذهن المبتدئ غير المشوب ، أما البعض الآخر فيقول بل بالعكس ، فأنت لو هبت إلى الأقوال والتدقيق فيها والاختلافات فميا بينها هي الأقوال بالدقة كل قول أخذ قيداً وانتزعه من الأدلة ، ففي الحقيقة الأقوال عبارة عن شروح للروايات ، فهي قراءات للنص ، فالتدقيق في الأقوال يكسب الباحث قوة استظهار لا أننا نقرأ الأقوال بعضهم قال حرام وبعضهم قال يجوز وبعضهم فصّل فهذا ليس قراءة للأقوال ، بل عليك أن تفهم القول بالدقة ما هو ، فحرام أين ؟ فهو أخذ الموضوع بأي عنوان ؟ كيف نقرأ الروايات ولو أن أقوال العلماء في فتاواها ليس أنه وحي منزل كالروايات كالمعصوم ، ولكن الفتاوى نقل لمعنى الحدسي ، فهو أيضاً نقل ، فبالتالي أنت ترى هذه الصورة التي انطبعت عنده في فلتر قراءة هذا العالم وذاك العالم وذاك العالم ، في الحقيقة صور الرواية في الأذهان المختلفة ، صور الآية الكريمة في الذهان ، الأذهان مثل المرايا ، هذه صورة فوتوغرافية في ذهن هذا العالم وهذه صورة فوتوغرافية في ذهن ذاك العالم ، فالمهم التدقيق في كلمات الأعلام في علم الفقه وفي غير علم الفقه يعطي الانسان قوة في كيفية الاستظهار ، صحيح قد لا يسلم الانسان من التوين ويكن ذهنه مشوباً ولكن إذا تمرّس أكثر واكثر يستطيع أن يتفادى التلوين ويقوى عليه فتصر عنده دربة وتضلّع.الرواية الثانية:- صحيحة عمر بن أذينة ، يعني من أساتذة ومشايخ ابن أبي عمير هو عمر بن أذينة ، أحداث أصحاب الامام الصادق عليه السلام فكل إمام يقسّم أصحابه أو الرواة عنه إلى ثلاث طبقات ، طبقة المسنّين الذين قد يكون سنهم مثل الامام أو أسنّ منه كأن يكونوا أصحاب أبيه مثلاً ، وطبقة متوسطون الذين سنهم بقدر سنّ الامام عليه السلام أو أقل سنّاً أو بلحاظ فيما بين الرواة ، وتوجد طبقة ثالثة لنفس الامام الواحد المعصوم أحداث السنّ ، فهو تتلمذ بصورة جيدة على المعصوم ولكنه تتلمذ في الطبقة الثالثة زمناً ، جميل بن دراج من الأصحاب للإمام الصادق عليه السلام والآن ليس ببالي أنه روى عن الامام الكاظم أو لا والمفروض أنه يروي ، فأنا لا أنفي وإنما الذي في ذهني هو هذا.هنا الرجاليون وعلماء الحديث يلاحظون الزمن بلحاظ حلقات النقل ، طبعاً قد يصير انسان كبير السن ولكنه قليل التتلمذ على الامام عليه السلام بينما هذا المتوسط اكثر تتلمذا ً وهذا المسن يروي دائماً عن المتوسط وهذا ممكن ، فالمهم أنَّ الانسان يجب أن يميز بين المسنين والمتوسطين والأحداث وهذا ينفع في علم الرجال وفي علم الطبقات كثير جداً ، كما أنه يخرج عن هذا الخط وهذه القاعدة المعمرين فبعض الرواة يعمّر تسعون سنة وتقريباً العبرتائي مر علينا أنه معمّر ، وأبو حمزة من المعمرين ، وهناك راوٍ آخر مهم غاب عن بالي ، فالمهم أن هؤلاء المعمرين لهم دور معين.ابن أبي عمير يروي هنا عن عمر بن أذينة ، وعمر بن أذينة هو من أحداث أصحاب الامام الصادق عليه السلام لا المتوسطين ولا المسنّين ، المسنّين مثل أبان بن تغلب فقد تتلمذه على الباقر وقد روى ثلاثين الف حديث عن الامام الصادق عليه السلام وتوفي في زمن الامام الصادق عليه السلام ، والنجاشي يقول عنه إنه إذا بدأ التدريس في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تتقوّض الحلقات إلا حلقة واحدة وهي حلقة أبان ، لأنه ذو علوم عديدة وكان مفخرة لأهل البيت عليهم السلام ، قال:- ( كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام أساله عن الرجل يؤاجر سفينته ودابته ممن يحمل فيها أو عليها الخمر والخنازير ؟ قال: لا بأس ) ، وهذه الرواية معارضة تماماً ، وهي لا يوجد فيها فرض شرط ، فقوله ( ممن يحمل ) يعني من عادته ذلك ولكنهما لم يشترطا ، فلا شرط ولا صفة محرمة في البين فإذاً موضوعها هو نفس المسألة الثالثة ولكن مع ذلك حكم بالجواز فكيف الجمع بين الروايات.هذه هي الطائفة الأولى ولا نريد الدخول في تمحيصها أكثر وسنأتي إلى وجوه الجمع بينها ، وهي ورادة في الباب التاسع والثلاثين من أبواب ما يكتسب الباب الحادي والأربعين.إذاً في الاجارة توجد روايتان متعارضتان في نفس المسالة.الآن توجد طائفة أخرى من الروايات وهي ليست في الاجارة وإنما في بيع الخشب على من صنعه آلات موسيقية أو آلات عبادة ، والرواية أيضاً هي عن عمر بن أذينة ، وهي صحيحة في الباب الحادي والأربعين من أبواب ما يكتسب به ، قال:- ( كتبت إلى أبي عبد الله عليه السلام ) وسبحان الله حتى في زمن الامام الصادق عليه السلام المكاتبات موجودة ولكنها قليلة ، بخلافه في زمن الامام الحسن العسكري والهادي عليهما السلام لأنَّ الظرف كان عسكرياً وكان عنده استنفار شديد كثرت المكاتبات ، وحتى إلى زمان الامام الكاظم عليه السلام ، فعموماً المكاتبات مع الأئمة عليهم السلام موجودة ، ( قال:- كتب إلى أبي عبد الله عليه السلام أسأله عن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه برابط ؟ فقال: لا بأس به ، وعن رجل له خشب فباعه ممن يتخذه صلباناً ؟ فقال: لا يجوز ) ، إذاً هذه الصحيحة هنا تفصّل بين الخطير في الحرمة ، فإنَّ بيع الأصنام والوثن أو رمز ديني فلاحظ أنَّ الصليب رمز باطل لدعوى باطلة عند النصارى بخلاف الموسيقى فغذاً يوجد فرق بين المعلم الديني الباطل وبين آلات الموسيقى فإنَّ المعنى الديني الباطل أشد حرمة عند الشارع من الفسق في الأخلاق ، ومن أين يستنبط الفقهاء أنه أهم ملاكاً ؟ هو هذا ، فلاحظ أنَّ هذه تعطيك ضابطة وقاعدة ليست في مورد البرابط والصليب وغيرهما ، بل تعطيك قاعدة أنَّ الحكم الشرعي المرتبط بالعقيدة أهم ، وإلا فبيع الصلبان أليس حكماً تكليفياً وفقهاً فرعياً ؟ نعم ولكنه إذا كان مرتبطاً بعقيدة باطلة مثلاً أو عقيدة حقه فالملاك يكون خطيراً ، أما حكماً فقهياً نفسه مرتبط بعملٍ أخلاقي سواء كان محبباً أو مذموماً أهميته عند الشارع تكون أقل ، فإذاً لا يمكن أن نجعل كل الأحكام الفقيهة سواء فإنَّ هذا غير ممكن ، حكم فقيه مرتبط بعقيدة التفت أيها الفقيه فلا تساوي بينهما وحكم فقهي مرتبط بالأخلاق ، وهذا يعطينا سياسة حتى في تربية المجتمع كيف أن رجل الدين في الفتيا أو غيرها ، لأنَّ الشارع عنده أولويات ، وحتى في الفقه ، فصحيح أنه فقه فروع ولكنه إذا كان فقه فروع مرتبط بالعقائد فهذا له أهمية ، أما إذا كان فقه فروع مرتبط بالأخلاق فهذا يأتي بدرجة ثانية ، فقه فروع مرتبط بغير الأخلاق وإنما هو مرتبط بجانب فردي فتصير مرتبته أقل وأقل ، فلا يصح أن نساوي بينهما في الأهمية في التبليغ والارشاد والاصلاح هذ ليس في باب التزاحم فقط ، فلاحظ من رواية واحدة كيف يستنبط الانسان الموازين التي يبني عليها الشارع فإذاً في الصلبان لم يجوّز ، وتوجد روايات أخرى سوف نقرؤها وأيضاً يوجد باب ثالث.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo