< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/22

بسم الله الرحمن الرحيم

مرّ بنا أنَّ الشيخ الأنصاري بدأ حديثه في النوع الثاني من المكاسب المحرمة وهو ما يقصد به الحرام ، وهذا النوع قسّمه الشيخ الأنصاري إلى أقسام ، القسم الأول ما لا يقصد منه حصراً إلا الحرام مثل الآلات الموسيقية التي يه بالفعل هي آلات موسيقية وليست خشباً ، فهذه الآلات الموسيقية أو هياكل العبادة الباطلة هذه إذا بيعت أو جرى عليها البيع حصراً يقصد بها الحرام ، هذا هو القسم الأوّل ، في مقابل الأقسام الأخرى التي ذكرها الشيخ من بيع الأمور التي يمكن أن يقصد بها الحرام ويمكن أن يقصد بها الحلال يعني القسم الثاني ، والقسم الثاني في مقابل القسم الثالث ، القسم الثالث ما يقصد منه الحرام شأناً ، بينما القسم الثاني يمكن أن يقصد منه الحرام فعلاً ولكن مع ذلك فيه منافع محللة ، القسم الثاني الذي هو معركة أراء قسمة الشيخ لثلاث صور ثلاث مسائل ، المسألة الأولى التي هي الصورة الأولى ما التزم المتبايعان أو المتعاقدان لأنَّ كلام الشيخ من بدايته إلى نهايته في المكاسب المحرّمة ليس كلامه عن خصوص البيع المحرّم بل كلامه عن مطلق العقود المحرّمة وهذه نكتة مهمة يعني سواء كان اجارة أو صلح أو هدية أو صدقة ، فهي مكاسب محرّمة فإذاً البحث ليس عن خصوص البيع وهذه نكتة مهمة يلزم أن يلتفت إليها ، مكاسب محرّمة سواء حرمة تكليفية فقط أو تكليفية ووضعية معاً أو وضعية فقط ، أنواع من الحرمة في المكاسب المحرّمة ، فإذاً هو ليس عن خصوص البيع بل يشمل كل بقية العقود يعني هذه المباحث ليست خاصة بالبيع ، بل هي عامة تعم كل المعاوضات المالية ، بل حتى لو لم تكن معاوضات مثل الهدية المجردة ، لذلك كما مرّ بنا في بداية المكاسب المحرّمة هذه البحوث هي بحوث قواعد عامة في باب المعاملات ، اسمها المكاسب المحرّمة ولكنها بالدقة هي قواعد ومباحث عامة في المعاملات ، لذلك بحوث المالية غير مختصة بالبيع بل تعم بقية العقود وهلم جرا ، هذا في المكاسب المحرّمة ، بل ما يذكر في البيع كما سيأتي جملة من مباحثه غير مختص بالبيع وإنما هي قواعد عامة ولكنها أثيرت بنيوياً جذرياً في البيع وإلا هي بحوث عامة مثلاً مقتضى العقد والعقود والتعاقد وما شابه ذلك ، فإذا كان الحال في البيع كذلك فكيف بك بالمكاسب المحرّمة التي هي من الأصل لم يخصص عنوانها بالبيع بل عمّم.

فالقسم الثاني الذي أثاره الشيخ الأنصاري تبعاً لتقسيم الفقهاء:- هو ما يقصد منه الحرام ويقصد منه الحلال ، ويقصد منه بالفعل في مقابل ما يقصد منه الحرام شأناً وهو القسم الثالث ، هذا القسم الثاني فيه ثلاث مسائل الأولى ما يتشارط المتعاقدان على قصد الحرام ، والمسألة الثانية ما يكون في المبيع أو العوض أو الاجارة أو أي شيء من المعاملات وليس خصوص البيع ، فلا يتوهم أن البحث في خصوص البيع ، ما يكون العوض في المعاوضة فيه صفة محرّمة بالفعل وتقصد تلقائياً وينتفع بها مع أنه لا يوجد شرط ضمني ولكن وجود الصفة المحرمة تلقائياً مدعاة للمنفعة المحرّمة ، والمسألة الثالثة لا يشترط كالمسألة الأولى ولا وجود للصفة المحرّمة ولكن يعلم البائع َأنّ هذا المشتري سيرتكب بهذا العوض الحرام ، مثل بيع العنب ممن يعلم بأنه سيصنعه خمراً ، أو بيع العنب ممن يعلم بأنه سوف يغليه ويكون عصيراً عنبياً حراماً فيشربه من دون ذهاب ثلثيه ، فإنَّ ذهاب الثلثين محلل ومطهر للعصير العنبي ، وهلم جرا ، وبيع التمر ممن يصنعه خمراً ، أو بيع الخشب ممن يصنعه آلات محرّمة سواء كانت موسيقية أو غيرها وإن كانت المادة الآن بالفعل التي يعاوض عليها هي ليست فيها صفة محرّمة بالفعل ولا اشترط فيها الفعل المحرّم أيضاً كالمسالة الأولى ولا المسألة الثانية.

فإذاً هذه ثلاث مسائل في القسم الثاني أثارها الشيخ الأنصاري في مقابل القسم الثالث ، وأنا عمداً أعيد الفهرست ، لأنه حينما نخوض في الوجوه والأقوال تختلط الفروض مع بعضها البعض فلابد للإنسان أن يكون نبهاً في التمييز ، لأنه توجد أدلة مشتركة لهذه الأقسام ولهذا الصورة ولكن لا يخفى عليكم أن الأدلة مهما كانت مشتركة تكون أوضح استدلالاً في بعض الأقسام وأخفى في الاستدلال في بعض الأقسام الأخرى ولكن بالتمييز بين الأقسام تضح الوضوح أو الخفاء.

أما القسم الثالث الذي ذكره الشيخ:- هو ما يقصد منه شأناً ، يعني مثل بيع السلاح للأعداء فشاناً قد تقع حرب بيننا وبيهم أما الآن لا توجد حرب ولكنها قد تقع ، واللطيف نلاحظ الفرق الفقهي ، وهو أنَّ العدو مصطلح في الفقه وفي النصوص الدينية يختلف عن المحارب ، فقد يكون عدواً ولكنه غير محارب ، لأنَّ هذا العدو قد يطرأ عليه حال فيصير محارباً ، وهذه نقطة مهمة ، ولذلك في زيارة عاشوراء ( حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم وعدو لمن عاداكم ) ، فقد يكون عدواً ولكنه مسالم ولكنه عدو لأنه في السر عنده قضايا ولكن في العلن مسالم ، وهذه عناوين من الضروري اتقانها حس بالأبواب الفقيه أو الأبواب المعرفية ، لذلك هنا الفقهاء قالوا بيع السلاح على العدو ، أي عندما لا تكون حرب بيننا وبيه ولكنه عدو ، فعنوان العدو يختلف عن عنوان المحارب ، فلا يخلط بينهما ، بعضهم الآن كشعارات عصيرة كل من لم يحارب فإذاً هو صديق ، ولكن هذا غير صحيح فإن البعض لا يحارب ولكنه ليس بصديق وإنما هو عدو ، فعلى كلٍّ هذه العناوين تختلف ، ( ولي لمن والاكم ) في مقابل العدو ، وقد يكون المتخاذل ليس ولياً ، مثلاً في الآية الوارد لعلها في الانفال حول المسلمين الذين كانوا في مكة ولم يهاجروا فتعبير القرآن الكريم أنَّ هؤلاء ليس لهم الحق في أن تقيموا معهم ولاية مدنية سياسية لأنهم أصلاً لم يأتوا تحت راية نظام الاسلام ﴿ ما لكم من ولايتهم من شيء إلا إذا استنصروكم في الدين ﴾ ، لا أنهم استنصروكم في الدنيا وليس استنصروكم في الأموال في البعد المادّي والاجتماعي ، لأنهم من الأول عندهم تجنس مع البيئة الأخرى فهم اخذوا الجنسية التي للبيئة الأخرى ، فلا حق لهم الامتيازات المادية الخدمية ، بينما الذمّي في دولة الاسلام وتحت راية الاسلام له حق الخدمات المدنية ، واجب من ضمن عقد الذمّة أنَّ الذمّي له امتيازات الخدمات المدنية ، ولكن ليس له امتياز الولاء الديني ، فلاحظ أن التفريق دقيق جداً بين هذه العناوين الواردة في الأبواب الفقهية وهي واردة بدقة في زيارة عاشوراء وزيارة الجامعة وبقية زيارات أهل البيت عليهم السلام ، هذه الزيارات ليست هي زيارات فقط وإنما هي مشروع ضخم لأهل البيت عليهم السلام ، لسان يصير محفوظاً من المحفوظات ولكنه هوية يحتاج إلى تحليل كبير فقهي وكلامي وهلم جرا.

نعود:- فالشيخ قد قسم ، والقسم الثالث هو بيع السلاح على الأعداء ، ولم يقل على المحاربين ، ومع ذلك لم يعتبر هذا يقصد منه المنفعة المحرّمة فعلاً وإنما شأناً ، لأنهم قد لا يحاربون وإنما يحتمل أنهم يحصل عندهم إشعال للعداوة أكثر فيشعلون حرباً مع المسلمين ، فلذلك اعتبره الشيخ الأنصاري هو القسم الثالث ، وكذلك الفقهاء عموماً ، وهذه النكات في الموضوعات يجب أن يميزها الإنسان ، فلاحظ أنه حتى هذه المباحث تحتاج إلى وعي في العلوم السياسية والاجتماعية وإلا كيف يحرر الموضوع ، فتحليل الفقهاء نكتة مهمة في موضوعات الأبواب ، موضوع سياسي يجب أن تلم به ،كيف أنَّ اللغوي يراجع إلى اللغويين فإذا كان مضوعاً سياسياً فيجب أن نرجع إلى المصادر في تنظير العلوم السياسية كيف يفرقون بين البواب والعناوين والموضوعات كلغويين ولكن كلغويين متخصصين في هذا الباب ، في هذا المجال ، فالمراجعة ضرورية كمصادر عليمة تنظيرية ، البحث الأمني يجب أن نراجع خبراء الأمن كمصدر.

واتفاقاً أحد الاخوة كان عنده عدة بحوث عن التقية فقلت له من دون أن نراجع المصادر العلمية في علم الأمن والتنظير كيف نعرف اصطلاحات الروايات الواردة لأنه أصلاً باب التقية باب أمني والامام عليه السلام يتكلم في هذا العلم ولو بأحكام شرعية ، فموضوعات هذا العلم إذا لم نلم بها فهذا شبيه بمن يستنبط من دون أن يرجع إلى اللغويين وهذا لا يمكن ، أيضاً المتخصصون في كلّ باب مثل الآن مسألة الهلال من دون أن نراجع الفلكيين فهذا لا يمكن وكذلك مسألة الزوال ، آخر صلاة الليل متى يكون وهي تصير قضاءً منتصف الليل ونصف الليل توجد فيه معركة بين الفقهاء هل نصف الليل هو ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر أو ما بين غروب الشمس إلى طلوع الفجر فمن دون أن أراجع المتخصصين في علم الفلك فهل يصح هذا ؟!! ، نعم أراجعهم كلغويين لا أقل كعناوين يعين كلغة في هذا العلم ، لذلك في كل باب المراجعة العلمية التنظيرية ذك البا لا مفر منه وإلا يصير البحث كاسداً ضعيفاً ، كما لو لم يراجع اللغويين في اللغة فهذا لا يمكن كذلك المتخصصين في كل باب مؤثر ، مادام ذكرنا هذه الفائدة نذكر مثالاً وهو أنه حتى في باب الحدود والقصاص إذا اطلع الانسان على فلسفات العقبات الجنائية في المدارس البشرية غير الديني جداً مؤثر يلتفت إلى اصطلاحات الشارع في باب القصاص والحدود فهي مؤثرة لأنها لغة ، لغة العقوبة الجنائية عقوبة الحق العام والحق الخاص وغير ذلك فهذه وإن كانت هي بحوثهم ولكنها لغة ، كي يلتفت الانسان إلى الاصطلاحات والنكات التي ذكرها الشارع في النصوص الدينية سواء من الآيات أو الروايات ، وهذا مبحث مهم ، وإلا مثلاً أريد أن أبحث مبحث الجهاد ولا ألاحظ العلوم العصرية الدفاعية لا أقل أراجع الخبراء لا أنني اتخصص فلابد أن أرجع إلى أنه كم قسم يوجد عندهم.وكذلك مبحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عملية التربية الاجتماعية التأثير الاجتماعي والآليات ، فإذا لم ألتفت إلى هذا كيف أبحث مبحث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟! ، إنَّ هذا لا يمكن ، إلا أن أعطيه بعداً معّيناً خاصاً ، هذه نكات الرجوع إلى أهل الخبرة التي ذكرها الفقهاء والأصوليين هذا أمر مهم في كلّ باب يعطي أفقاً للباحث شيئاً كبيراً ، لا بمعنى أن الانسان يدرس ويتدارس ويتخصص في تلك العلوم التي لاحد لها ولا حصر ، ولكن بمعنى الرجوع إليهم مثل اللغويين ، فحينما يراجع الإنسان اللغوين ليس معنى ذلك أنه يكلف نفسه التخصص في علم اللغة وإنما هو يراجعهم ويطلع ، هذا المقدار من الاطلاع ضروري في أبواب الفقه لأنه يوقف الإنسان على معاني الماهيات التي أخذها الشارع عناوين في الأبواب.فإذاً الشيخ قسّم هذا المبحث النوع الثاني إلى ثلاثة اقسام وسيأتي إن شاء الله تعالى في القسم الثاني الذي هو مسائل ثلاث لغط كبير بين الأعلام وسببه هو التنبه إلى العلوم المختصة وسنبين كيف هو.فالقسم الأول الذي ذكره الشيخ الأنصاري هو ما يقصد منه المتعاملان المنفعة المحرّمة ، ما لا يقصد من وجوده على نحوه الخاص إلا المنفعة المحرّمة ، والشيخ ذكر عدة نماذج في هذا القسم الأول:-

النموذج الأول:- هياكل العبادة الباطلة ، الآن هو هيكل وليس مادة خشب سيصنع هيكلاً وإنما هو الآن صليب أو صنم أو وثن أو غير ذلك ، فإلى الآن الوثنية لم تنقلع عن ذهن البشر أو عبادة الماسونية وهي موجودة في الخفاء ولهم رموز معينة ، والعياذ بالله في بعض أسواق المؤمنين تنتر باسم الاحراز ، ولكنها ليست احرازاً وإنما هي رموز ماسونية فيها عبادة الشيطان ، فيه تصير وثنية جديدة والمقصودة من الماسونية التوسل بالشياطين والعياذ بالله وينتشر باسم حرز ، الآن موجود في الأسواق للأسف ، أو مثل طلسم وهو سحر ، فهذه هياكل العبادة فيها اصدارات جديدة ، الآن لازالت اصدارات جديدة تصدر في هياكل العابدة إلى الآن لأن مصنع ابليس ومؤسسة ابليس عندنا تحديث كل عصر بأشكال مختلفة.

النموذج الثاني في القسم الثاني:- آلات القمار ، والآن بالفعل هي آلات قمار ، وطبعاً في مبحث القمار سيأتي أنه متى تسمى الآلة آلة قمارية فهل أنه فقط يقامر بها ؟ كلا بل آلة قمار يعني إذا غلب عليها صفة انها لعبة قمارية فتصير هذه آلات قمار.

النموذج الثالث:- هو آلات اللهو وبالذات جاء الشيخ بآلات الموسيقى ، وما الفرق بين الموسيقى وبين اللهو ؟ اللهو جنس للموسيقى ، يعني ليس ماهية نوعية وإنما ماهية بمثابة الجنس للموسيقى وسيأتي تحرير بحث مفصل أنَّ مشهور الفقهاء عندهم ليس خوص الموسيقى يعنى اللهو المجوني وليس الجنوني ، المجوني يؤدي إلى الجنوني ومن علامات المجون هو الجنون والمجون يعين يفقد عقله ، يعني ليس بموازين عقلية ، تقول له هل أنت مجنون ، متفرجون لفريق رياضي واللعب يعني ليس جداً ولكنهم يتشاجرون إلى حدّ القتل وهذه حالة سكرة وتصير بينهم عداوات وتكسير أموال وغير ذلك هذا يعبر عنه الفقهاء مجون ، ولماذا هو مجون لأنه يفقد عقلة ، يفقد الرشاد الأولي الأبجدي العقلي فيسمونه مجوناً ، كل لهوٍ مثل الرياضة التي هي بهذا النمط أو البوبجي تراه ترك دكانه أو المرأة تترك الوظائف المنزلية ويصير مدمناً كالمخدرات فإذا كان بهذه الدرجة فهذا يسمونه مجوناً فإذا وصل إلى هذه الدرجة عند الفقهاء مشهور شهرة عظيمة أنهم يسمونه مجوناً يعني أنت تفقد موازيك العقلية ورشادك العقلي يسمونه مجوناً ، تذهب إلى الصيد عندهم من سافر سفر الصيد يتم لأنه سفر معصية ، ولماذا معصية ؟ المقصود أنه حينما يذهب إلى الصيد يشعل في نفسه الغريزة السبعية فتصير عنده إثارة جنونية أو أنها لم تصل إلى الجنون وإنما إثارة مستعرة للسبعية ، فإذاً لاحظ العنوان عنوان اللهو المجوني عند الفقهاء وقد ذكروه في صلاة المسافر وفي المكاسب المحرّمة وفي أبواب عديدة ، ليس مطلق اللهو عندهم حرام وإنما إذا وصل إلى درجة مجونية يعني درجة مخففة من الجنون أو يشتد إلى الجنون والجنون فنون وهلم جرا ، فكل لهو يوصل الإنسان إلى هذه الدرجة ممنوع ، لأنه يعطّل ويُعطِب نشاط العقل ، ليس الخمر فقط بل حتى هذا اللهو.

النموذج الرابع:- أواني الذهب والفضة ، الآن هي مصنوعة من الذهب والفضة فهذ التزين بها حرام واستعمالها حرام وغير ذلك حرام ، فبالتالي قصد بها وجه الحرام حصراً.

النموذج الخامس:- النقود المغشوشة المزورة ، تبييض الأموال ، والآن جاءني سؤال من أحد الجامعات حول اصدار الدولة نقوداً ليست سويسرية ، وأنتم تعرفون أنَّ مصدر النقد الدولي هو في سويسرا ، فهذا النقد الرسمي واضح ، فبحث المالية الذي مرّ ذكر فيه أنه من اين تنشأ المالية ، هذا الورق النقدية مالية من أين ؟ فهل إلا من البنك الدولي أو مؤسسة النقد الدولي أو لا ؟ هذا بحث هو محل لغط الآن ، وحتماً سمع الاخوان بذلك ، وهذا محل ابتلاء الآن مثل الدولة ايام النظام السابق تصدر ورقاً محلياً وليس سويسرياً فبعض الدول الآن تريد أن تقدم على هذا الشيء فبعض الفقهاء حرّم ذلك ، فما هذا النقد إذا أقدمت الدولة على طباعة نقد دولتها ولكنه ليس صادراً من سويسرا وإنما البنك المركزي لها هو الذي يريد أن يصدر هذه العملة ، فهذا الورق النقدي هل هو ورق مغشوش ، ومغشوش ليس غشاً من ناحية نسبة الذهب أو الفضة أو النحاس وإنما هو غش اعتباري ، فهو مغشوش اعتباري فهل يجوز أو حرام أو هو سرقة من الدولة لأموال الشعب أو ماذا ؟ ، هذا بحثٌ ، فالمغشوش الآن صار اصداره شيء آخر ، فقبلاً كان الغش في نسبة الذهب والفضة أما الآن ففي نسبة الاعتبار ، نعم توجد نسبة اعتبار ولكنها واطئة ، الورق النقدي الصادر من سويسرا كم هي نسبة اعتباره نقول هي كبيرة أما هذا النقد الذي تصدره الدولة من داخل البنك المركزي مثل الاستنساخ نسبة اعتباره واطئة ، فهل هذا مغشوش أو ليس بمغشوش ؟ ، وهذا بحث جديد ، أحد عارضة الفقهاء معرفة المصاديق الجديدة للعناوين القديمة ، أقوى عارضة الفقهاء فراسة الفقهاء وفطنة الفقهاء معرفة المصاديق العصرية ودرجها ونسبتها مع المصاديق القديمة الواردة في الأدلة ، الآن يوجد مبحث ابتلائي جديد وقد سئلنا عنه أيضاً وهو النقد الالكتروني ، فإنه يوجد نقد ذهب وفضة ونحاس ويوجد ورق نقدي ، والآن يوجد نقد جديد وهو النقد الالكتروني مثل البتكوين ، ما هو هذا النقد الالكتروني وما هو اعتباره وهل هو مغشوش أو ليس بمغشوش ؟ ، ومن العجب العجاب هذا الورق النقدي الالكتروني لا تلتزمه جهة رسمية معلنة وهذا عجيب غريب وهم يتعاملون به بملايين الدولارات ، فهل هذا قمار أو هو أكل للمال بالباطل أو هو صحيح ؟

فلاحظ انَّ هذه مباحث جديدة أثارها الشيخ الأنصاري هنا ، النموذج الخامس الذي ذكره الشيخ الأنصاري هو هذا ، يعني الفقيه والبحث الفقهي إذا لم يحرر وينقح المصاديق العصرية الحديثة صار فقهاً جامداً وإماتة للفقه ، حيوية الفقه أن يبصر الانسان الترجمة العصرية لهذه المباحث سيما في بعد الموضوعات وسيما بعد ذلك في بعد الأدلة والشواهد.فإذاً هذه خمسة نماذج ذكرها الشيخ ، فهذه الخمسة نماذج من القسم الأول من الجيد أن يلتفت الإنسان إلى النماذج العصرية الحديثة لها ، وحينئذٍ تصير عنده فراسة فقهية وفطنة فقهية وذوق عرفي خصب ، وهذه ضروري للإنسان ، يقحم نفسه في المباحث القانونية العصرية الحديثة ولو كثقافة وليس كتخصص حتى يلتفت كيف يضبطها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo