< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/16

بسم الله الرحمن الرحيم

اجمالاً في حق الاختصاص الحديث قد تم وفقط نذكر جواب عن التساؤل الذي ربما يرد في ذهن البعض أنه قبل جلستين تم التعرض إلى أقسام المالية مالية تكوينية ومالية اعتبارية ومالية حكمية وغير ذلك فذها لتقسيم مر بنا ولم نستقصه بالكامل ولكن ذكرنا جملة من اقسامه ، ثم أمس تعرضنا إلى بحث الحيثية التعليلية والحيثية التقييدية ولم نكمله ولكن سنعاود إكماله لأنه بحث مهم بغض النظر عن هذ المسألة ، فهو في نفسه هذا البحث الثاني سيما الذي مرّ بنا أمس هو بحث يصاحبنا في أكثر المعاملات وهو مؤثر ومهم ، لكن قبل ان نكمل إجمالاً هذان المقسمان للأقسام في المالية يعني مقسم وتقسيم الأقسام الذي مرّ بنا ، أمس مرّ بنا التقسيم أن المالية بحسب البيع والمالية بحسب الاجارة والمالية بحسب الرهن والمالية بحسب الصلح أو المزارعة أو المضاربة ، وما الفائدة في ذكر هذين المقسمين والتقسيمين للمقسمين والقسام في المقسمين وما صلته بالبحث ؟ صلته بالبحث أنَّ الإنسان حينما يريد أن يفتش عن شيء له مالية لا يظن أن المالية على نمط واحد وعلى منوال واحد ، فقد يكون هو شيء ليس له مالية بحسب قسم أو قسم ثاني أو ثالث ولكن له مالية بحسب قسم رابع ، ليس له مالية بحسب باب البيع ولكن له مالية بحسب باب الصلح ، الآن حق السبق في المسجد مثلاً البع يستشكل فيه من جهة البيع أو الاجارة فلا هو إجارة لأنه ليس بمالك لمنفعة المسجد ولا بيعاً لأنَّ حق السبق لم تثبت ماليته ولكن يصح من باب الصلح يعين اهديك هدية في مقابل ان تتنازل عن حق السبق ، فالمقصود ان الباحث في المكاسب المحرّمة أو في الحقوق إذا أراد أن ينقح مبحث معيّن فلا يظن أنَّ المالية منحصرة بوجهة معينة وبباب معين طبعاً هذه الماليات بينها فوارق وبينها مغايرة في القيود والحيثيات فهذا صحيح فهي ليس مختلطة مع بعضها البعض وإنما لها ضابطة ولها آليات وحيثيات فهذا كله صحيح ولكن إجمالاً أن المالية لا يظن الباحث أنها منحصرة بقسم فإذا لم تكن في هذا القسم تُخرَّج من قسم آخر ، لذلك الكثير من الحيل الشرعية يعني التخريجات الشرعية أو ما شابه ذلك إن مُنِع من باب قد يفتح من باب آخر ، فتخريجاتها هي من هذا الباب ، هذا جاب لتساؤلنا وهو أنه لماذا مر بنا هذا التقسيم.

أيضاً قبل أن نكمل نعاود التذكير بهذا المطلب:- وهو أنه تبين لنا أنَّ المعاوضات بالدقة أنحاء للمالية وأنحاء انتقال خيوط السلطنة على العين بحسبها تعددت ماهيات المعاوضات ، وهذه نظرة فوقية مهمة ، والمقصود من فوقية يعني غائصة في الجنس العالي للمعاوضات لكي يلتفت الانسان للفوارق بين المعاوضات كيف تقرر وكيف تتم ، وتكملة لما تقدم أمس لأجل خطورة مبحث أمس بغض النظر عن المقام وحتى بغض النظر عن المالية بل نفس هذا المبحث حساس ، أوّلاً أصل الحيثية التعليلية والتقييدية أمر حساس سواء في باب المعاملات أو في الأبواب الأخرى هذا من جانب ومن جانب ثانٍ إنه في نفس باب المعاملات والماليات هذا المبحث مهم.

لذلك نعود ونستدرك هذا المطلب:- وهو أنَّ الحيثية التعليلية مغايرتها للحيثية التقييدية أمر مهم وهذا ليس كاصطلاح منطقي معقد وإنما واقع ميزاني موجود وينفع في ابحاث الفقه ، مثلاً الفقهاء ذكروا في باب البيع مثلاً أو بقية المعاملات تارة تقول بيع رز عنبر هذه السنة أو السنة الماضية أو لهذه المنطقة أو من منطقة أخرى هنا يقولون تخلف هذا الشرط لا يبطل البيع أما لو بعته رز عنبر وظهر أنه تايلندي أو غيره فربما ذاك يتعاطون بالمواد الكيمياوية فهنا يقال أصل المبيع لم يسلَّم ، يعني هذا الصوف لهذا العام او لذك العام أو لهذه المنطقة أو لتلك المنطقة ليس من قبيل الحيثية التقييدية ، يعني التقييدية للمعنى ، مثل الحيثية التعليلية تقريباً ولكن كونه تايلندي أو كونه عنبراً فهذه حيثية تقييدية.

وبين قوسين لا بأس ان ننبه على هذا كجملة معترضة:- إنَّ نفس اصطلاح الحيثية التقييدية لها اصطلاحات عديدة لا أن الحيثية التقييدية فقط لها أقسام ، بل لها اصطلاحات مختلفة بين الفقهاء بعضهم مع بعض أو بين الفقهاء والمناطقة أو بين الفقهاء والفلاسفة والمتكلمين يلزم معرفتها والتمييز بينها ،ف إجمالاً هذه نكات يلزم الالتفات إليها مثلاً الشرط في المعاملة هل هو من قبيل الداعي أو من قبيل القيد أيضاً يرتبط ببحث الحيثية التعليلية والحيثية التقييدية ، وأنا لا أريد الخوض في تفصيلاً وإنما إجمالاً فقط أذكر فهرست إلى هذه الأبحاث.

نرجع إلى ما كنّا فيه:- إذاً الحيثية التعليلية هي الحيثية أو الشيء أو العنوان هو قيد بالمعنى العم فإن الحيثية التعليلية هي قيد بالمعنى الأعم هذه الحيثية التعليل التي هي قيد بالمعنى الأعم أو ما شابه ذلك هي توجب طرو المحمول على الموضوع ، فالحيثية هي لا تتصف بالمحمول لا تتصف بالوصف وإنما هي سبب لعروض الصفة وهو المحمول على الموصوف وهو الموضوع من دون أن تتصف هي بذلك وهذه ضابطة مهمة في معنى الحيثية التعليلية ومرّ بنا أنها قد تكون مأخوذة حدوثاً وقد تكون مأخوذة حدوثاً وبقاءً وقد تكون مأخوذة بقاءً ، وهل هي مأخوذة حدوثاً وبقاءً ورغم ذلك ليست تقييدية ؟ نعم هي ليست تقييدية ، لأنها ليست هي المتصفة ، البعض يظن ، معنى الحيثية التقييدية هي تلك الحيثية المأخوذة حدوثاً وبقاءً ، كلا هذا ليس ضرورياً ، فقد تكون الحيثية تعليلية ومع ذلك هي مأخوذة حدوثاً فقط أو حدوثاً وبقاءً أو بقاءً فقط ، ثلاث صور أو أكثر ، لأنها حينما تؤخذ حدوثاً وبقاءً يتوهم الانسان أنها هي الموصوفة والحال أنَّ الموصوف هو الموضوع أما هي فمتكترة وكأنها أجنبية ولكن مع ذلك لها دخالة في الحدوث والبقاء ، هذه الحيثية التعلية ، بخلاف الحيثية التقييدية هي مأخوذة فهي تكون الموصوف سواء كانت مأخوذة حدوثاً أو حدوثاً وبقاءً أو بقاءً أيضاً هذا التقسيم قابل للتصوير في الحيثية التقييدية.

فنأتي للمنافع ودورها في مالية العين ، نلاحظ حسب كلام الفقهاء المنافع في مالية باب الاجارة حيثية تقييدية ، أما المالية في باب البيع حيثيتها تعليلية ، فهذا لابد من الالتفات إليه ، ثم إذا كانت حيثيتها في باب البيع تقييدية ، يعني بالدقة المالية في باب البيع ليست مقابل عوض المنافع وإنما هو عوض العين وليست عوض المنافع ، لذلك في الحقيقة المالية في باب البيع صفة للعين وليست صفة للمنافع ، المنافع حيثية تعليلية ، فإذا كانت المنافع حيثية تعليلية لمالية العين فهل هي حيثية تعليلية حدوثاً او حدوثاً وبقاءً أم ماذا ؟الصحيح أنَّ المنافع وإن كانت حيثية تعليلية في باب البيع لكنها حيثية تعليلية حدوثاً وبقاءً مع انها تعليلية ، فلو انتفت المنافع ولو بقاء مالية العين سوف تذهب.

فإذاً اتضح هذا المطلب والآن لنلخّص خلاصة في حق الاختصاص:- وهي أنَّ حق الاختصاص مادام هو بلحاظ منفعة من منافع العين الضئيلة أو القليلة أو النادرة أو ما ابه ذلك يمكن أن تنمو ولكن جلّ منافع العين غير موجودة فحينئذٍ لا يمكن أن يقرر لحق الاختصاص بلحاظ المنفعة مالية العين كاملة ، وهذا الذي خالفنا فيه صاحب الجواهر ، لأنَّ المنفعة لها دور في المالية كما مرّ هي حيثية تعليلية ، ولها دور حدوثاً وبقاءً ولها دور في تقدير قدر ومقدار المالية ولا يمكن تصويرها عدم ، غاية الأمر تبين لنا أيضاً من التقسيمين للأقسام اللذان ذكرناهما في مالية حق الاختصاص أنَّ المعاوضة على حق الاختصاص لا ينحصر بباب البيع وإنما يمكن أن يدخل أبواب معاوضية أخرى ، وهذه نكتة مهمة ، فإذاً أصل التعاوض على حق الاختصاص غير متوقف على كونه له مالية قبل المعاوضة أو لا ، نعيد هذه العبارة ( التعاوض على حق الاختصاص بالمال لا يتوقف على كون حق الاختصاص ذو مالية قبل المعاوضة ).

نعيد هذا المطلب لتفسيره لأنه ليس خاصاً بحق الاختصاص:- إنه توجد لدينا قاعدة وهي أنّ أكل المال بالباطل حرام ، لأنه إذا كان الشيء لا مالية فأنت تجري التعاوض عليه فهذا اطل لمال بالباطل ، فالمقصود من أنَّ شيئاً إذا لم تكن له مالية إذا اجريت المعاوضة عليه فهذا أكل للمال بالباطل فهل المقصود أنه لا مالية له قبل المعاوضة أو المقصود لا مالية له قبل ومع وبعد المعاوضة ؟ المقصود هو الثاني وهو أنه لا مالية لا قبل ولا مع ولا بعد المعاوضة هذا هو أكل للمال بالباطل ، فالشيء الذي لا مالية له توهم الطرف الآخر او تجري حتى من دون أن توهم الطرف الآخر أو حتى من مع التفات وعلم الطرف الآخر تجري عليه معاوضة هذا يسمونه غسيل أموال وتبييض أموال وهذا تفسير عصري لقاعدة أكل المال بالباطل ، يعني التمويه ، فلا توجد مالية حقيقية وليس هناك معاوضة حقيقية وإنما توجد صورة معاوضة مزيفة ، فهو أكل للمال الباطل ، فهذا أكل المال بالباطل أو التمويه أو غسيل الأموال أو التمويه أو التماهي ما شئت فعبر فهي تفسيرات ولأكل المال بالباطل فهو باطل لا وجود له وإنما هو مموّه ، هذا في المورد الذي لا مالية له لا قبل ولا مع ولا بعد ، أما في الأشياء التي لها مالية ولو بسبب التعاوض فلا مانع من ذلك ، مثلاً عمل الحر ومنافع الحر يقولون لا مالية لها قبل الاجارة ، ولماذا يقولون لا مالية لها ؟ لأنها ليست مملوكة لأحد فحتى لو تلفت فإنه يوجد كلام أنه يضمنها أو لا يضمنها ولكن بالضرورة أنه يستطيع الحر أن يؤجر نفسه ، فمنافع الحر تتصف بالمالية أو تكتسب المالية عند مشهور الفقهاء ، ولو أنَّ القانونيين الوضعيين لا يوافقون الفقهاء في هذا التقرير في خصوص منافع الحر ، القانون الوضعي يدّعي أن منافع الحر لها مالية حتى قبل المعاوضات ، ولكن هذا خلاف مبنائي ، ولكن فقهاء الشريعة حتى في أغلب المذاهب يرون أن منافع الحر أفعال الحر أعمال الحر لا مالية لها قبل الاجارة ، فلو حبس أحدهم حراً لا يضمن له منافع يوم أو يومين التي حبسه بها ، لأنَّ هذه المنافع لا مالية لها حتى يقال من أتلف مال الغير فهو له ضامن ، نعم إذا كان حراً كسوباً وعنده امتياز خاص فيوجد كلام بين الفقهاء أنه هل يضمن من دون معاوضة أو لا ؟ ، لأنَّ منافع الحر لا مالية لها قبل المعاوضة بإجارة أو صلح أو شيء آخر ولكن بعد المعاوضة يكون لها مالية ، طبعاً يدخل الفقهاء في حيص وبيص وإشكال أن المالية في المعاوضات المفروض أنها تكون في رتبة سابقة على المعاوضة ، لأنَّ موضوع المعاوضات هو تبادل الأموال فكيف تصير المالية حادثة بالمعاوضة ، وهذا بحث لا نريد الدخول فيه وإنما سيأتي في محله في بحث البيع أو في محل آخر ، والكلام ليس في هذا ولكن الكلام في أنَّ بعض الأموال ماليتها تحدث بعد المعاوضة عليها ، وهذا أمر مسلم عند الفقهاء ، وإذا كانت منافع الحر بين القانون الوضعي وفقهاء الشريعة فيها اختلاف ، بعض الأفعال مسلَّمة حتى عند القانون الوضعي مثلاً تبذل لشخص مالاً لكي يقدم على اقراضك تقول له أعطيك هذه الهدية لكي تقرضي ولكن ليس من باب الربا ولا من باب المشارطة وإنما تعطيه قبل القرض وقبل كل شيء تقدم له هدية جيدة ، كأن يعطيه قطعة أرض في مقابل أنه يقرضه مائة مليون ، وهذه لا إشكال فيها فهي لا ربا ولا غير ذلك ، أو يصالحه بأن يعقد معه عقد صلح بأن يعطيه هذه قطعة الأرض هدية على تقرضني أو على أن تبيعني القطعة الأخرى من الأرض ، فإقدامه على البيع لا البيع نفسه بل اقدامه على البيع ولربما ليس البيع له بل حتى لو كان البيع لطرف ثالث ، فيصالحه مصالحة أعطيك هذه الهدية أو أملكك هذه القطعة من الأرض على أن تقدم على هذه المعاملة المعينة ، الآن إقدام هذا البائع على البيع فلاحظوا كم فعل الآن موجود هو يريد أن يبيع السيارة المعينة على طرف ثالث السيارة لها مالية فيه مبيع ولها ثمن وهذا الطرف الأول يعطي هدية لمالك السيارة ويقول له اقدم على بيعها للثالث ، هنا هذا المال الذي يعطيه الأول الوسيط هل يعطيه عوض عن السيارة أو يعطيه عوضاً على الاقدام لبيع السيارة ؟ هو يعطيه هذه الهدية أو العوض كصلحٍ على الاقدام على البيع ، الاقدام على البيع ليس نفس فعل البيع ، بل هما فعلان وليس فعلاً واحداً ، ولو من قبيل الايجاد والوجود وليكن ذلك ولكنهما فعلان وليس فعلاً واحداً ، ففي البيع العوض وهو الثمن هو للسيارة وليس عوض الإقدام ، فعادةً في البيع العادي الثمن عوض العين عوض المبيع لا عوض الإقدام على تمليك المبيع ، بل هو عوض العين عوض المبيع نفسه ، فإذاً الثمن في البيع عوض عن العين ، أما هذا المال الذي يعطيه الوسيط الأول ويقول لصاحب السيارة اقدم على بيع هذه العين للثالث ، فهذا المال في مقابل التزامه بالإقدام على البيع ، الإقدام على البيع شيء خارج عن ماهية البيع ، فهل هذا الاقدام له مالية غير مالية السيارة غير مالية العوض ؟ إنه قبل الصلح لا مالية له ، ولكن بتعاقد الصلح تصير لله مالية اصالحك أنا الوسيط على تلتزم لي ببيع السيارة التي هي ملكك للطرف الثالث مقابل كذا مبلغ أو كذا هدية ، هنا إقدامه إذا أقدم على البيع فأنا الوسيط أكون مديوناً له ، أما لو لم أعقد معه عقد صلح افترض وإنما تحايلت عليه أو اغريته أو ما شابه ذلك فقلت له أنت زحماتك سوف لا تذهب هدراً ولكن هذه كلّها كانت وعوداً وهو أقدم على البيع وجاءني وقال أنت قد وعدتني بشيء فهنا الوعد لا يجب الوفاء به ، ولو أنَّ جماعة من الفقهاء يرون أنَّ الوعد واجب الوفاء ن ولكن المشهور لا يرون وجوب الوفاء ، فوضعاً أنا لم أكن مديوناً له ، صحيح أني أتلفت عليه الإقدام ولكن الإقدام على البيع في نفسه لا مالية له بنفسه وإنما تنشأ ماليته فيما إذا تعوقد عليه ، أما قبل العقد على الإقدام فنفسه لا مالية له ، فلاحظ أنَّ الاقدام شيء لا مالية له قبل العقد سواء كان عقد صلح أو أي عقد تفترضه ، الإقدام مال بالعقد وليس مال قبل العقد ، وليس أكلاً للمال بالباطل ، ليس كل شيء لا مالية له قبل العقد التعاوض عليه يكون أكلاً للمال بالباطل ، لأنَّ بعض الأمور لها مالية بعد العقد ، وهذه نكت مهمة يلزم الالتفات غليها وهو أنه بعض الأشياء صحيح في نفسها لا مالية لها لكن يصحح العقلاء والشرع ايضاً أنه يتعاوض عليها بالمال فهذه ماليتها في ظرف التعاوض وليست ماليتها قبل التعاقد ، بخلاف بعض الأشياء ماليتها ثابتة قبل التعاقد ، إذاً ليس كل شيء لا مالية له يمكن التعاوض عليه ، كلا بل يمكن التعاوض عليه وتصير ماليته بالتعاوض ، كما أنَّ ليس كل شيء يمكن التعاوض عليه بالمال إذا تلف قبل التعاوض أو أتلف قبل التعاوض يضمن بالمال لأنه إذا كانت ماليته في ظرف التعاوض لا قبل التعاوض اتلافه قبل التعاوض من متلف ليس له ضمان ، فإنَّ ( من أتلف مال الغير فهو له ضامن ) ، وهذا الشيء قبل التعاوض لا مالية له ، نعم بعد التعاوض إذا اتلف له مالية ، لذلك قال الفقهاء الحر إذا استؤجر وحبسه ثالث يضمن عمل الحر ، مثلاً الحر استؤجر بدون الأجرة كان استؤجر حجَّة النيابة دون قيمتها الحقيقية افترض ربع القيمة ولكن قيمتها في السوق خمسة أو ستة أو سبع ملايين وهذا الشخص حَبَس الحر فهو يضمن القيمة السوقية وليس القيمة المعاوضية ، لأنَّ عمل الحر صارت له مالية بالتعاقد فيضمن ماليته الواقعية وليس ماليته المعاوضية ، فعمل الحر بعد التعاقد له ماليتان مالية واقعية سوقية ومالية معاوضية ، ثم الأجير يضمن للمؤجر ولكن هذا بحث آخر.

فهنا نلاحظ هذه النكات المهمة:- وهي أنَّ بعض الأشياء ماليتها بعد التعاوض لا قبل التعاوض ، فيمكن أن تكتسب مالية كذا وكذا فهذه الأنماط من المالية يلزم الالتفات إليها وهي ليست أكلاً للمال بالباطل ، ونلتفت حينئذٍ أنها تكتسب مالية قد تكون مالية واقعية وقد تكون مالية معاوضية.

وهنا توجد نكتة مهمة:- وهي أنَّ مالية الشيء - وهذا أمر مسلم ذكروه في باب الغصب وباب الضمانات وأيضاً باب البيع والاجارة وغيرها - قد تكون مالية معاوضية مسمّاة وهذا واضح وسنوضحه ، وقد يكون للشيء مالية واقعية ، المالية المعاوضية المسمّاة هي بحسب ما تعاوضا عليه ، فلو تعاوضا على اثنين أو على خمسة أو على ثلاثة فهو يعتمد على التوافق الشخصي الجزئي الشخصي الموجود بين المتعاقدين ، وهذه يعبرون عنها بالمالية المعاوضية المسمّاة ، وقد تكون المالية واقعية سواء في القيمي أو في المثلي ، يعني مالية منضبطة لهذه الأشياء في السوق يعبرون عنها بالمالية الواقعية ، فإذاً توجد مالية واقعية ومالية مسمّاة.

هذه أنواع من بحث المال ، ونكتفي بهذا القدر ، وإن شاء الله تعالى سندخل في مسألة جديدة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo