< قائمة الدروس

الأستاذ الشيخ محمد السند

بحث الفقه

40/04/10

بسم الله الرحمن الرحيم

كنّا في حق الاختصاص بعد النقاط العديدة بشكل فهرسي لا بشكل تفصيلي مرت بنا ، لأنّ البحث فيه يعتمد على نقاط عددية بوية في حقيقة الحقوق في مقابل الملك وفي مقابل الحكم الشرعي كما مر ، وأذكر لكم خلاصة المدعة والأقوال بشكل موجز ، يعني من المهم في أي بحث فقهي واستنباط فقهي أن يلتفت الباحث إلى مقدمات الاستدلال الدخيلة في النتيجة ، خارطة المقدمات للاستنتاج للاستنباط في هذه المسألة بالذات أي مسألة يريد أن يخوض فيها معرفة خارطة العناصر ومجموع العناصر المؤثر في الاستنباط في هذه المسألة هذه كفاءة صناعية في الملكة الاجتهادية ، نفس الوعي بغض النظر عن القدرة على تنقيح عنصر عنصر ومقدمة مقدمة في الاستنباط في مسألة ما ، يعني نفيس هذه معرفة خارطة المؤثرات في الاستنباط في تلك المعينة التي يريد أن يخوض الباحث فيها الوعي لكل العناصر المؤثرة وخارطتها نفسه قوام أركان الملكة الاجتهادية في الاستنباط ، فليس من الضروري في البحوث أن نستعرض تنقيح كل النقاط وكل العناصر وكل المقدمات بقدر ما هو تنقيح بعضها المهم أو بعضها المناسب للبحث والمهم هو معرفة فهرسة تلك النقاط والمقدمات ، فبعد أن مرّ بنا أمس نوع من الفهرست والتي هي خارطة البحث في حق الاختصاص تذكر الآن نتيجةً الأقوال للأعلام ونذكر المختار بشكل موجز والوجه فيه.

فجملة من الأعلام قالوا أنه في موارد تحريم الشارع لشيء ما مثل الخمر مثلاً والخنزير والميتة وآلات القمار ( إذا حرم الله شيئاً حرّم ثمنه ) ، قالوا ليس فقط هو يعدم المالية وإنما يعدم الملكية ، وهذا أيضاً مسلّم ، إذا حرّم الله شيئاً حرّم ثمنه يعني ماليته وحرّم ملكيته ، وحرّم ملكيته يعني ليس تحريماً تكليفياً وإنما تحريم وضعي ، نعم الحرمة الوضعية لها معاني كثيرة ، أجلكم الله النجاسة في اصطلاح الفقهاء حرمة وضعية وليست تكليفية ، أحد أنواع الحرمة الوضعية هي النجاسة ، أحد معاني الصحة الوضعية هي الطهارة ، فهذا اطلاح ، وهو اصطلاح ورد في الشرع أي ورد في الروايات وأيضاً ورد عند الفقهاء ، وأيضاً أحد معاني الحرمة الوضعية عند الفقهاء ، وهذا الاصطلاحات يجب أن نعرفها وهي موجودة في استعمالات القرآن الكريم واستعمالات الروايات ، أحد معاني الحرمة الوضعية عدم المالية ، وهذا معنى من معاني الحرمة الوضعية ، كما أنه عكسه وهو الصحة الوضعية هو أنه له مالية وهذا معنى ثانٍ ، ويوجد معنى ثالث وهو أن أحد معاني الحرمة الوضعية هو عدم الملك فإن الخنزير لا يملك أو غير ذلك هذا معنى من معاني الحرمة الوضعية وفي قباله الصحة الوضعية يعني يملك ، ومن حد معاني الحرمة الوضعية والصحة الوضعية هو تمامية العقد فساده يعين نقص العقد ، تمامية الصلاة ونقص الصلاة ، وهذا مرّ وذكره الأصوليون في باب الصحيح والأعم ، باب الصحيح والأعم مرّ في بداية المكاسب المحرمة ، باب الصحيح والأعم في علم أصول الفقه الذي قال عنه الكثير من الأعلام أنه بحث زائد ومن تضخم علم الأصول ولكن في تخيلنا القاصر هو بالعكس ، بل من مهام علم الأصول وله تأثير بنيوي كبير في باب كل المعاملات والتوسع فيه مفيد جداً للمعاملات ، الاغا ضياء الدين العراقي عنده نظريات في الصحيح والأعم وكذلك الكمباني والشيخ الانصاري والآخوند والسيد الخوئي وغيرهم فهو مهم ، فكلما تتوسعون في باب الصحيح والأعم فهو يعطي عارضة قوية في باب المعاملات والايقاعات ، لأنَّ بحثهم أصلاً هو صحيح وفاسد وصحيح وفاسد ولذلك ذكروا خمس معاني للصحة وخمس معاني للفاسد أو أكثر ، وما معنى الصحة العقلائية وربطها بالصحة الوضعية وربطها بالصحة الوضعية الشرعية ، ثم تعال صحة وضعية عقلائية وصحة وضعية شرعية ، فكلّ هذا مؤثر وهلم جرا ، بحوث ممتعة مهمة جداً في بحوث المكاسب والمعاملات ما ذكره الأصوليون في الصحيح والأعم.

فالمهم من معاني الصحة والفساد أيضاً التي ذكروها الفساد نوعان مثلاً في العقود فساد يعني في الحرمة الوضعية وفساد مثل الغرر في العقود أو في البيع ، فهذا العقد غير قابل للإصلاح إلا أن تعيد العقد مرة ثانية لأنه يوجد غرر بخلاف الفساد في العقد بسبب عدم اجازة أحد الطرفين الأصليين في العقد - أي المالكَين - يعني العقد فصولي فهذا قابل للتصحيح ، يعني إذاً بعض الفساد في العقود من باب النقص قابل للترميم والترقيع والاصلاح بقاءً أما بعض أنواع الفساد فهو مبتلى بمانع وغير قابل للتصحيح ، فالمقصود هذان معنيان للفساد أو قل للحرمة الوضعية ، في معنى أصلاً المقتضى غير موجود كما في الغرر وفي البعض أن المقتضي موجود ولكن يوجد نقص في بعض الشرائط ، كما أنه الصحة قالوا توجد صحة تأهلية سواء في العقد أو في الصلاة في العبادات وتوجد صحة فعلية يعني بالفعل الآن صحيح ، الصحة التأهلية يعني إذا انضمت بقية الأجزاء وكذا يصير صحيحاً بالفعل ، وتوجد صحة اقتضائية وتوجد صحة ملاكية ، وأقسام ذكروها كل هذه ينطبق عليها الفساد حرمة وضعية في مقابل الحلية الوضعية يعني الصحة معاني ، فالصحة ﴿ أحل الله البيع ﴾ ليس فقط معناها الحلية التكليفية ، نعم الحلية التكليفية مرادة في الآية الكريمة ، ولكن ليس فقط هي الحلية التكليفية ، بل هنا المراد الحلية الوضعية ، الحلية الوضعية تساوي الصحة الوضعية والصحة الوضعية عشرة أقسام أو عشرين قسماً الله أعلم إذا أراد أحد أن يستقصي أبواب الفقه ، كما أنَّ ﴿ وحرّم الربا ﴾ فحرّم الربا حرمة تكليفية بلا شك وهي حرمة غليظة وأيضاً حرمة وضعية ، والحرمة الوضعية تساوي الفساد الوضعي والفساد الوضعي عشرة أقسام أو عشرين قسماً ، فهذه اصطلاحات موجودة في الآيات والروايات وقد بنى عليها الفقهاء يجب أن نلتفت إليها.

نعود إلى ( إنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) ، وحرّم ثمنه يعني حرمة وضعية ، حرّم ثمنه يعني فساد يعني يعتبر المالية كالعدم ، هنا الفقهاء أيضاً بنوا على أنَّ هذه القاعدة الشريفة التي مرّ الاستدلال عليها وأنها تامة ومتينة في كل أبواب المعاملات بلازمها في الحقيقية هكذا ( إنَّ الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) بالتالي حرّم ثمنه ، فحتى الملكية حرمها وليس بحثاً آخر ،فهي ليست ملكاً ، وطبعاً في بداية المكاسب المحرمة مرَّ هذا البحث وهو أنَّ الملكية شيء والمالية شيء آخر ، صفة المالية ، افترض مال الغير مثلاً فهو له مالية ولكن ليست له صفة الملكية تربطني به ، أو المباحات فإنها لها مالية ولكنها ليست مملوكة أو كما يقولون حبة الحنطة أو الرز أو من أي شيء آخر فهذه ليس لها مالية ولكنها مملوكة ، فالملك شيء والمالية شيء آخر ، وهما صفتان تعرضان على الشيء ، ولكن بلا شك ( إذا حرّم الله شيئاً حرّم ثمنه ) ، يعني إذا حرّم ماليته حرّم ملكيته.

هنا وقع الكلام عند الفقهاء في هذا البحث والذي أثاره الشيخ الأنصاري في نهاية القسم الأوّل قبل أن نواصل القسم الثاني ، باعتبار أنه حرّم ثمن الأعيان النجسة في المنافع المحرّمة أو المتنجسات وغير ذلك هنا وقع الكلام عند الفقهاء أنَّ ( إذا حرم اله شيئاً حرّم ثمنه ) هل إذا حرّم الله شيئاً وأعدم ملكيته هل يعدم حق الاختصاص أيضاً أو أنه يعدم الملكية فقط ؟ ، وحق الاختصاص أو الحق كما مرّ بنا هو سلطنة ضعيفة ، بينما الملك سلطنة قوية ، رحمة الله على السيد اليزدي يصوّر الملك هكذا وهو أنَّ الملك خيوط السلطنة تجتمع فتصير ملكاً ، فتصير ملكية ، كيف أن الكابل توجد فيه اسلاك متعددة ، هذه الأسلاك كل سلك منها هو سلطنة فهذه السلطنات تجتمع فتصير ملكاً ، أما الحق فكأنما في تعريف السيد اليزدي هو سلك ، وهذا المبنى متين ونحن نتبناه في تعريف السيد اليزدي وغيره من الأعلام قبله وبعده ، هذا التعريف أنَّ الملكية هي مجموعة سلطنات.

وهذا مبحث عويص في المعاملات إذا لم تنقحه فسوف لا تتنقح عندك مباحث كثيرة حتى في الخمس والزكاة ، ما هو ربط الخمس والزكاة بالمعاملات فإنَّ هذه عبادات فكيف ترتبط بالمعاملات ؟ يرتبط الخمس والزكاة بالمعاملات من جهة المالية من جهة أنه ملك أو حق مالي لذلك له نسب مع بعض المعاملات ، الزكاة والخمس له نسبٌ قانوني بالمعاملات من هذا اللحاظ - أي لحاظ المالية - ، وكذلك الديات لها نسب بالمعاملات لأنها مال بحث الديات المالي فكل شيء له مالية يصير له نسب مع المعاملات ، يعني يوجد جانب ممترك مع المعاملات ، فمالية وملكية وحق أو عقود لاحظ هذه الجينة الوراثية لباب المعاملات عدة عناصر تشتبك مع أبواب عديدة في أبواب الفقه فيلزم الالتفات إليها ، حتى البحث الوضعي الحكم الوضعي الصحة كم لها من معاني الصحة الوضعية والحلية الوضعية ، فإذاً الحِل لم يستخدم في الشرع بمعنى الحلية التكليفية فقط وإنما استخدم واستعمل الحِل بمعنى الحلية الوضعية يحلّ لك أن تدخل الصلاة وغير ذلك ، هذه إذاً نقاط اشتراك بين باب المعاملات وأبواب أخرى.

فوقع الكلام كما مرّ بنا قبل قليل عند الفقهاء أنه ( إذا حرم الله شيئاً حرّم ثمنه ) بالتالي حرّم ملكيته ، فهل يحرّم الحقوق أيضاً التي هي ملكية ضعيفة ؟ ، صحيح أن الكابل قد انقطع فخيط الملكية قد انقطع ولكن هل انقطع بكامله أو بقي منه سلك أو سلكان ؟ وقع الكلام عند الأعلام في ذلك ، وبالتالي إذا بقي سلك أو سلكين من حزمة أسلاك السلطنة وأسلاك الملكية هل تبقى درجة من المالية أو لا ؟ لأنَّ المالية للملكية هي مجموع ماليات ، ملكية هذا السلك وملكية هذا السلك وملكية هذا السلك.

ومادام قد شرحنا هذا المطلب لا بأس أن نذكر هذا لأنه ينفع في المسائل المستحدثة والأبواب الجديدة في المعاملات:-

لاحظوا أنَّ المالك لأنه يملك حزمة الأسلاك - وهذا ذكرناه في كتاب ( فقه المصارف ) المطبوع - فالمالك لأنه عنده حرمة مع السلطنات مع الشيء نفس المالك يستطيع أن يفصل بين هذه السلاك فيقول أنا هذا الحق أبيعه لزيد وهذا الحق الثاني أبيع لفلان ، فإذاً هذه الملكية يستطيع المالك أن يفككها فيبقي منها بعض الأسلاك ويبيع منها بعض الأسلاك ، فلاحظوا هذا التصوير هو تصوري لتوليد الحقوق المستجدة ، أحد مناشئ ومصادر تثوير الحقوق الجديدة مثل حق السرقفلية وإن استطاع الفقهاء أنه حق قديم موجود ولكن حتى لم يكن موجوداً فما المانع منه بأن يقال حق السرقفلية هو خيط وسلك من خيوط السلطنة لأنَّ السلطنات تجتمع فتصر ملكية ، هذه نكتة لطيفة في تصوير كيف أنَّ المملك يمكن أن يتوزّع إلى حقوقٍ ينقلها المالك وهلم جرا.

ونذكر فائدة صناعية تنفع في المسائل المستحدثة والعقود المستجدة:- كذلك لاحظوا المشاركة في الملية ، فيوجد عندنا إشاعة أو كلّي في المعيّن أو غير ذلك ، كلا ، بل يمكن تشكيل صياغات مختلفة للمشاركة ، وهي الآن موجودة في عرف السوق العقلائي للبشر ، وهي مشاركات عجيبة وتحدّها ضوابط غير المشاعة وغير الكلّي في المعيّن وغير الكلّي في الذمّة وغير الرابع أي هذه الأربعة التي ذكرها الشيخ الأنصاري في البيع ، كلا بل لا أربعة ولا أربعين بل إلى ما شاء الله تعالى ، لأنَّ هذه حزمة الملكية والأسلاك أنت تستطيع أن تشكلّها وتنقلها إلى شريك آخر كيفما تشاء ، وهذا على القاعدة ولا يحتاج إلى دليل أصلاً فـ ( الناس مسلطون على أموالهم ) ، فلاحظ كل هذه المباحث ببركة تصوير حقيقة الملك ، هذه هي الصناعة الفقهية ، وهذه غير العارضة الفقهية وغير الذوق الفقهي وغير التتبع وإنما هذه يسمونها التحليل الصناعي الرياضي في الفقه وهي مهمة ، المحقق الحلي أكثر ما امتاز به هو هذا - أي في الصناعة الفقهية - فهل لاحظت أن المحقق الحلي عنده كتاب استدلالي يستعرض فيه روايات كل الأبواب ؟ كلا لا يوجد عنده ذلك ، ولكن يوجد عنده نكت النهاية ، وما هي نكت النهاية ؟ ، فلاحظ أسلوبه في مناهج الفقه حتى الانسان تصيد هذا المطلب المناهج والمشارب ، المحقق الحلي في نكات النهاية هل يستعرض رواية رواية أو دلالة دلالة ؟ حاولوا أن تشخصوا روية وشاكلة المحقق الحلي ما هي ، كلّه وراء التحليل الصناعي الفقهي ، وهذه مرحلة من مراحل الاستنباط وليست كل المراحل فإن مراحل الاستنباط كما ذكروا ثمان مراحل رئيسية ولكن أحد مراحلها الصناعة الفقهية المحقق الحلي كان دؤوباً ، شبيه المحقق الكركي ، فلهذا سمّوا كلّ واحد منهما محققاً ، فالمحقق الكركي تراه يستعرض لك ويقول ( والوارد في المسألة ثمان روايات الأولى .... ) ، ولا نقول هذا ليس بجيّد ، بل هذا ضروري ، ولكن نريد أن نتعرّف على المسلك الفقهي والمنهج الفقهي للمحقق الحلي والمحقق الكركي ، لا أنَّ هذه المراحل ليست مهمة ، كلا بل هي ضرورية ، ولكن نقصد أننا نشخّص تفوت وتغاير المسالك والمناهج ، فأنت تلاحظ جامع المقاصد لا يعني نفسه أكثر ، يعني كثير تمركزاً وقوته في هذا الجانب ولا أقول هذا هو كلّ شيء في الاستنباط ولكنه أحد المراحل العصيبة في الاستنباط ، وهذه ميزة يفتقدها الاخباريون ، ليس كلّهم فإنَّ المجلسي لا يفتقدها ، لأنه ليس الاستنباط أن تلّم بكلّ الأقوال والروايات فهذه مرحلة مهمة وضرورية ولكنها مرحلة.

فلاحظوا كلّ هذه المباحث هي شيئاً ما وراء الأدلة شيء ما وراء الأبواب شيء ما وراء تجميع الروايات وأعظِم من الروايات وأعظِم ولكن ( حديث تدريه ) يعني تُخبِر باطنه يعني ما وراءه ( خير من ألف حديث ترويه ) قصة أن السند ضعيف أو صحيح فهذا طبعاً مهم ولكنه ليس هو كل الفقه عمدة الفقه قلب الفقه هو الصناعة الفقهية ، والعلوم الأخرى أيضاً نفس الشيء فيها صناعة ، صناعة كلامية صاعة في التفسير صناعة في الكلام ، ترى شخصاً فطحل في الواد الرجالية ولكن صناعة رجالية ليست موجودة عنده ، والصناعة الرجالية غي الواد الرجالية ، وكلاهما ضوريان ولكن لا أن يكتفي أحد بأحدهما دون الآخر.

نعود:- فلاحظ أنت الآن هنا تصوير الملكية كيف اثر في الأبواب المعاملية كلها ، بحث واحد معترك آراء في أوائل البيع بين السيد اليزدي والانصاري والآخوند والنائيني وميرزا علي الايرواني وهلم جرا من هؤلاء الأفذاذ الكبار فها يلزم الالتفات إليه.

نرجع إلى الجادة التي نحن فيها:- فقالوا ( إذا حرم الله شيئاً حرم ثمنه ) - وهذا أثاره الشيخ الأنصاري في نهاية القسم الأول - أي ثمن هو ؟ وهل الشي له أثمان ؟ نعم له أثمان له ماليات له مراتب من المالية وله أنماط من المالية ، أنت تبيع حق السرقفلية فانت لم تبعه بأكمله وإنما بعت مالية من مالياته وخيوط من السلطنة بعتها فأنت تستطيع أن تجزء المالية وتجزئها وتبعثرها وتكثرها ، فكما تبعثر السلطنة والملكية تبعثر وتجزئ المالية وهذا ليس استحساناً وإنما هذا تحليل ضروري لفهم القواعد ، هذا ليس تخرّصات ولا استذواقات والذي لا يخوص في غور هذه المعاني فليس فقيهاً ، وهذا ليس استحساناً وإنما قد خاض فيه الفقهاء ، البعض يعتقد أن هذا استذواق واستحسان كلا بل الفقه معاني والأدلة معاني والمعاني جنسها وفصلها وجنس جنسها وفصل فصلها وطبقات المعاني الموجودة في المعنى الواحد الا تريد أن تفككها وتحللها ، وإلا يصير البحث عشوائياً ، فـ﴿ ليتفقهوا ﴾ يعني ليتفهّموا يعني تفهم يعني تغوص في المعنى وليس استحساناً إنما الاستحسان إذا كتاب سطحياً قشرياً.

وهل يمكن تجزئة المالية ؟ نعم يمكن تجزئتها فهي مراتب كما تتجزأ الملكية ، تتجزأ الملكية إلى حقوق أو إلى ملكيات شراكات وتوجد أنماط في الشركة مختلفة ومن باب المثال أبيعك هذه الشقة في الشهر الأول من السنة فقط وأبيع المشتري الثاني الشقة الشهر الثاني من السنة وأبيع الشقة من المشتري الثالث الشهر الثالث من السنة ، فهذا بيت واحد أو شقة واحدة يباع على شركاء ولكن مشاركتهم زمانية وهذا موجود في السوق العقلائية العصرية ويمكن وجود أشكال إلى ما شاء الله من الشراكة فكل هذه قابلة للتصور ، فإذاً استطيع الملكية التي لها حزمة سلطنات أن أفككها إلى ملكيات ضعيفة واستطيع أن أفكّكها إلى حقوق يعني أضعف من الملكيات كما يستطيع الإنسان أن يفككها إلى ماليات فكل هذه قابلة للتصوير وهي مهمة جداً وتفتح أبواب عجيبة في المسائل المستحدثة وفي العقود المستحدثة والمسائل الجديدة العصرية وهي قاعدية قوالب خذها من الأعلام وسر عليها ، فحينئذٍ بحث الأعلام ( إذا حرّم الله شيئاً ) أين حرّم الباري تعالى ؟ ، فلاحظ كيف هو تدقيق الأعلام المجهري ، فهو بأيّ قدر حرّم وأعدم ، حرمة وضعية ، حرم ثمنه حرّم ملكيته فهل حرّم كل الملكية أو جلّها وأغلبها ويبقي البعض ، صار بحث لدى الأعلام أنه يبقي بعض المالية ، فلاحظ كيف يستنطقون هذه الرواية الواردة عند الفريقين ( إن الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) ولو بألفاظ أخرى كما مرّ بنا البحث فيها ، حرّم ثمنها ليس معناه أنه حرم كل ثمنها وإنما حرّم جلّ ثمنها ، أما إذا كان الثمن بلحاظ منافع محللة تبقى المالية لأنَّ الملكية درجات ، الملكية تنعدم ولكن يبقى بعض خيوطها باسم الحق ، أصل تصوير البحث هو هذا ، هنا أقوال لدى الأعلام منهم من ذهب إلى أنَّ ( إذا حرم الله شيئا حرم ثمنه ) لا المالية يبقى منها شيء ولا المالكية يبقى منها شيئاً ، والكثير من متأخري الأعصار ذهبوا إلى ( إن الله إذا حرّم شيئاً حرّم ثمنه ) ، يعني افترض أن ثمنه مائة دينار فهو حرّم الملكية الكاملة ولكن عشرون ديناراً أو عشرة دنانير للحقوق التي تبقى فيه فإذاً هو لا عدم كل خيوط الملكية لأنَّ الملكية مرّ بنا أنها حزمة خيوط وأسلاك فبعض تلك الأسلاك والخيوط تبقى فبعض المالية تبقى ، وهناك قول ثالث وهو يقول ليس فقط نقول تبقى المالية بل تبقى لمالية مائة بالمائة ولا مانع من ذلك ولكن بلحاظ الخيوط الباقية وقد ذهب إلى ذلك صاحب الجواهر وأعلام آخرين ، مثل ما مرَّ بنا مثال أمس إنه في بع الموارد حق التحجير لأنَّ المكان نفيس يساوي مالية الملكية لقطعة مجاورة لهذه قطعة الأرض ، فهذا لا توجد عنده ملكية لأنه لم يحي الأرض وإنما حجّرها فقط ولكن مع ذلك يشترونها منه بنفس ثمن الملك ، مثل الآن الأراضي الموقوفة التي يبعها الواقف في موارد جواب بيع الوقف بيع حق السرقفلية في الرض الموقوفة مع مصلحة الوقف وغير ذلك هذه القضايا في مدن كثيرة في البلدان الاسلامية أو الايمانية موجودة هذه الظاهر فأنت ترى قيمة هذه الأرض الوقفية مع قيمة هذه الأرض نفس الشيء ولا فرق بينهما ، وصاحب الجواهر يقول أيضاً هنا لا يوجد مانع من ذلك ، حتى حق التحجير تصير ماليته مثل مالية الملكية ولا مانع من ذلك ، هنا أيضاً هكذا ، وتوجد أقوال أخرى سوف نتابعها.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo